المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌سُوْرَةُ الحَجِّ

- ‌(من أحكام البيت الحرام)

- ‌(من أحكام الحج)

- ‌سُوْرَةُ النُّورِ

- ‌(من أحكام الحدود)

- ‌(من أحكام السلام والاستئذان)

- ‌(من أحكام النظر)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام الاستئذان)

- ‌سُورَةُ القَصَصِ

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌سُورَةُ الأَحْزَابِ

- ‌(من أحكام المواريث والولاية)

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام الاستئذان)

- ‌(من أحكام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(من أحكام اللباس)

- ‌سُورَةُ ص

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌سُورَةُ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌سُورَةُ الفَتْحِ

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌سورة الحجرات

- ‌(من أحكام الأضحية)

- ‌(من أحكام الردة)

- ‌(من أحكام الشهادات)

- ‌(من أحكام البغاة)

- ‌(آداب وفضائل)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌سورة النجم

- ‌(من أحكام النيابة في العبادات)

- ‌سورة الواقعة

- ‌(من أحكام مس المصحف)

- ‌سورة المجادلة

- ‌(من أحكام الظهار)

- ‌(من أحكام الزكاة)

- ‌سورة الحشر

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌سورة الممتحنة

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌سورة الجمعة

- ‌(من أحكام صلاة الجمعة)

- ‌سورة الطلاق

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌سورة التحريم

- ‌(من أحكام الأيمان)

- ‌سورة المزمل

- ‌(من أحكام قيام الليل)

- ‌تراجم الأعيان في تيسير البيان

الفصل: ‌(من أحكام الطلاق)

(من أحكام الطلاق)

219 -

(3) قولُه تعالى: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ إِنْ كُنْتُنَّ تُرِدْنَ الْحَيَاةَ الدُّنْيَا وَزِينَتَهَا فَتَعَالَيْنَ أُمَتِّعْكُنَّ وَأُسَرِّحْكُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 28].

أقول (1): هذا الحكمُ خاصٌّ بالنبي صلى الله عليه وسلم، أَوْجَبَ اللهُ سبحانَهُ عليه تخييرَ نِسائه بينَ اخْتِيارِه، وبينَ اختيارِ زينةِ الحياة (2) الدنيا؛ تشريفاً لهُ صلى الله عليه وسلم أن يتبرأ من منصبه العَلِيِّ، فإنْ أردْنَ الحياةَ الدنيا، وجبَ عليهِ طلاقُهُنَّ، وإن اختَرنه، فَلا يُطلَّقْنَ، بل يجب عليه إمساكُهن (3)؛ كما سيأتي -إن شاء الله تعالى- عند قوله:{لَا يَحِلُّ لَكَ النِّسَاءُ مِنْ بَعْدُ} [الأحزاب: 52].

وحكيَ وجهٌ ضعيفٌ لبعضِ الشافعية: أنه مستحَبٌّ (4)، وأن طلاقَ مَنْ كَرِهَتْ نِكاحَهُ تَكرُّمٌ (5).

وقد خَيَّرَهُنَّ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كما أمرَهُ اللهُ تعالى.

قالت عائشةُ -رضيَ اللهُ تعالى عنها-: جاءني رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم

(1)"أقول" ليس في "ب".

(2)

"الحياة" ليس في "أ".

(3)

انظر: "روضة الطالبين" للنووي (7/ 4).

(4)

الضمير في قوله: (أنه مستحب) راجع إلى التخيير، وهذا الوجه حكاه الحناطي كما نقله النووي في "روضة الطالبين"(7/ 4).

(5)

انظر: "روضة الطالبين" للنووي (7/ 6).

ص: 116

أمرَهُ اللهُ أن يُخَيِّرَ أزواجَهُ، فبدأَ بي رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فقال:"إنِّي ذاكِرٌ لَكِ أَمْراً، فلا عَلَيْكِ أَنْ تَسْتعْجِلي حَتَّى تَسْتأمِرِي أبوَيْكِ"، وقد عَلِمَ أَنَّ أَبَوَيَّ لم يكونا يأمُراني بِفراقِه، قالت: ثم قال: "إنَّ الله تبارك وتعالى قال: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ} [الأحزاب: 28] "، إلى تمام الآيتين، فقلتُ: ففي أيَ شيءٍ أَستأْمِرُ أَبَوَيَّ؟ فما في أريدُ الله ورسولَهُ والدارَ الآخر (1).

ولم يكنِ التخييرُ منه صلى الله عليه وسلم طلاقاً مُعَلَّقاً باختيارِهِنَّ (2).

وهذا الحكمُ في النبيِّ صلى الله عليه وسلم وأَمّا غيرُه فإنْ خَيَّرَ أَحدٌ منَ الناسِ زوجتَه، فقد اختلفَ السَّلَفُ فيه اخْتِلافاً كَثيراً (3).

فذهبَ عمرُ، وابنُ عباسٍ، وابنُ مسعودٍ، وعائشةُ -رضيَ اللهُ تَعالى عنهم-: إلى أنها إنِ اختارتْ نفسَها، فواحدةٌ، كان اختارتْ زوجَها، فلا شيءَ.

قالت عائشةُ -رضيَ اللهُ تَعالى عنها-: خَيَّرَنا رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم، فاخترناه، أفكانَ ذلكَ طلاقاً (4)، وبهذا قال الشافعيُّ.

وذهبَ زيدُ بنُ ثابت إلى أنها إنِ اختارَتْ نَفْسَها، فثلاث، وإنِ اختارتْ زوجَها، فواحدةٌ، وهو أَحَقُّ بها، وجَعَلَ الطَّلاقَ مُعَلَّقاً باختيارِها، فإنِ

(1) رواه البخاري (4507)، كتاب: التفسير، باب: قوله: {يَاأَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِأَزْوَاجِكَ

} ومسلم (1475)، كتاب: الطلاق، باب: بيان أن تخيير امرأته لا تكون طلاقًا إلا بالنية.

(2)

انظر: "الأم" للشافعي (5/ 140)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (5/ 212).

(3)

انظر: هذا الاختلاف في "الأم" للشافعي (7/ 157)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (6/ 72)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (10/ 173)، و"المحلى" لابن حزم (10/ 118).

(4)

رواه مسلم (1477)، كتاب: الطلاق، باب: بيان أن تخيير امرأته لا يكون طلاقًا إلا بالنية.

ص: 117

اختارَتْهُ، بقيتِ الرجعةُ عليها من أجلِ اختيارِها له، وإن اختارَتْ نفسَها، فقد اختارَتْ حالةً لا سبيل لَهُ عليها، وهو قد جَعَل الخِيَرَةَ إليها، وهذهِ الحالةُ الثانيةُ التي تتمُّ بها اختيارَ نَفْسِها.

ورويَ عنهُ: أَنَّها إنِ اختارَتْ نفسَها، فواحدةٌ أيضًا، وهو أحقُّ بها.

وقالَ عَلِيٌّ: إنِ اختارَتْ زوجَها، فواحدةٌ، وهو أحق بها، وإن اختارَتْ نفسَها، فواحدةٌ بائِنَةٌ.

ورويَ عنه: أَنَّها إنِ اختارَتْ نفسَها، فواحدةٌ بائنةٌ، وإن اختارَتْ زوجَها، فلا شيءَ، وكأنه لم يَجْعَلِ التخييرَ طلاقاً.

ورُوي عنهُ مثلُ قولِ عمرَ وعائشة (1).

* وقد ذكرتُ فبما تَقَدَّمَ اختلافَ الناسِ في وجوبِ المتعةِ للمَدخولِ بِها، ولا شَكَّ في أَنَّ أزواجَ النبى صلى الله عليه وسلم اللَّاتي خَيرَهُن رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم كُنَّ مدخولاً بِهِنَّ، فيحتملُ أن يحملَ هذا الأمرُ على الاستِحبابِ، والظاهرُ أنه للوجوبِ؛ لأنَّ الله سبحانه أمرَهُ بالتخييرِ، وهو واجِبٌ، وأمرَهُ أن يُخَيرَهُنَّ بأنَّ ذلكَ جَزاؤُهُنَّ إنْ أَردنَ الحياةَ الدنيا.

ثم يحتملُ أن يكونَ وجوبُ المتعةِ هُنا خاصّا به؛ لاقْتِرانها بخصائِصِه صلى الله عليه وسلم.

ويحتملُ أن يكونَ الوجوبُ عامًّا لَهُ ولسائرِ الأُمَّةِ؛ لأنَّ الله تَعالى قد أوجَبَها في غيرِ هذا المقامِ على المُطَلقين، وهو الراجِحُ (2).

(1) انظر الآثار التي ذكرها المؤلف في: "سنن سعيد بن منصور"(1/ 426)، و"سنن الترمذي"(3/ 483)، و "المصنف" لابن أبي شيبة (4/ 88)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (7/ 345)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (2/ 54 - 55).

(2)

"وهو الراجح" ليس في "ب".

ص: 118

220 -

(4) قوله جل جلاله: {يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا نَكَحْتُمُ الْمُؤْمِنَاتِ ثُمَّ طَلَّقْتُمُوهُنَّ مِنْ قَبْلِ أَنْ تَمَسُّوهُنَّ فَمَا لَكُمْ عَلَيْهِنَّ مِنْ عِدَّةٍ تَعْتَدُّونَهَا فَمَتِّعُوهُنَّ وَسَرِّحُوهُنَّ سَرَاحًا جَمِيلًا} [الأحزاب: 49].

* أقولُ: قد (1) شرعَ اللهُ سبحانَه في هذهِ الآيةِ في المرأةِ غيرِ الممْسوسَةِ ثلاثَةَ أحكامٍ، فأوقعَ عليها الطلاقَ، ولم يوجِبْ عليها العِدَّةَ، وأوجَبَ لها المُتْعَةَ.

* أما الطلاقُ، فقد أجمعَ المسلمون على وقُوعِ الطلاقِ عليها إذا قالَ لها: أنتِ طالقٌ، فتطلُقُ واحدةً، وإذا قالَ: أنتِ طالقٌ ثلاثاً، فتقع ثلاثٌ عندَ من أوقعَ الثَّلاثَ. لما روي أن محمدَ بنَ إياسِ بنِ البُكَيْر جاءَ إلى عبدِ اللهِ بنِ الزبيرِ وعاصمِ بنِ عمرَ، فقالَ: إن رَجُلاً من أهلِ الباديةِ طَلَّقَ امرأتَهُ ثلاثاً قبلَ أن يَدخُلَ بها، فماذا تريان؟ فقالَ ابنُ الزبيرِ: إن هذا الأمرَ ما لَنا فيهِ قولٌ، اذهبْ إلى ابنِ عباسٍ وأبي هريرةَ، فإني تَرَكْتُهما عندَ عائشةَ، فاسألْهما، ثم ائْتِنا فأَخْبِرْنا، فذهبَ فسألَهما، فقالَ ابنُ عباسٍ لأبي هُريرةَ؛ أَفْتِهِ يا أبا هريرة: فقد جاءَتْكَ مُعضِلَةٌ، فقالَ أبو هريرة: الواحدةُ تبُينها، والثلاثُ تُحَرِّمُها حتى تنكحَ زَوْجاً غيره، وقالَ ابنُ عباس مثلَ ذلكَ، وفي راويةٍ: وتابَعَتْهُما عائشةُ (2).

ورويَ أيضًا عنْ علي، وزيدٍ، وابنِ مسعودٍ، وعبدِ اللهِ بنِ

(1)"قد" ليس في "أ".

(2)

رواه الإمام مالك في "الموطأ"(2/ 571)، ومن طريقه الإمام الشافعي في "المسند"(271)، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(3/ 57)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 335).

ص: 119

عَمرِو بنِ العاص، ولم أعلم لهمْ مُخالفاً (1).

وأما إذا قالَ: أنتِ طالِقٌ، أنتِ طالِق، أنتِ طالِق، ثلاثاً، فقال قومٌ: تبينُ بالأُولى، ولا تلحقُها غيرُها، ويروى عن عُمَرَ، وعَليٍّ، وزيدٍ، وابنِ مسعودٍ، وابنِ عباسٍ (2).

وقد قدمتُ في "سورةِ البقرةِ" أَنَّ عمرَ قال: أَجيزُوهُن عليهنَّ، يعني: الثلاثَ (3).

* وأما العدَّةُ منَ الطَّلاقِ، فلا تجبُ عليها، بإجماعِ المسلمين.

وأَمَّا عِدَّةُ الوَفاةِ، فقد مَضَى بيانُها في "سورةِ البقرة".

* وأما المُتْعَةُ، فقد تقدَّمَ أمرُ (4) بيانِها في "سورةِ البقرةِ".

* ثمَّ استنبطَ ابنُ عباسٍ من هذهِ الآيةِ أنَّ الرجلَ إذا قالَ: إنْ تزوجْتُ فُلانةً، فهي طالِق، ثم تزوَّجَها، أَنَّها لا تَطْلُقُ، سواءٌ وَقَتَ وَقْتاً، أو لا، فقال: يرحمُ الله أبا عبدِ الرحمن -يعني: ابنَ مَسعودٍ- لو كانَ كَما قالَ، لقالَ: إذا طلقتُم النساءَ ثم نَكَحْتُموهُن.

وفي روايةٍ عنهُ: إن يكنْ قالَها، فَزَلَّةٌ من عالم (5).

وبمِثْل فَتْوى ابنِ عباسٍ قالَ علِيٌّ، وعائشةُ، وابنُ المسيِّبِ، والقاسمُ، وعُرْوَةُ، وأبو بَكْرِ بنُ عبدِ الرحمنِ، وعُبَيْدُ اللهِ بنُ عبدِ اللهِ بنِ عُتْبَةَ،

(1) انظر: "معرفة السنن والآثار" للبيهقي (5/ 491490).

(2)

انظر: "الأم" للشافعي (7/ 158)، و"المحلى" لابن حزم (10/ 175).

(3)

رواه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 338)، و"معرفة السنن والآثار"(5/ 467)، وابن الهمام في "شرح فتح القدير"(3/ 469).

(4)

في "ب": "أيضًا" بدل "أمر".

(5)

رواه الحاكم في "المستدرك"(2821)، ومن طريقه البيهقي في "السنن الكبرى"(7/ 320).

ص: 120

وأبانُ بنُ عُثمان، وشُريحٌ، وسعيدُ بنُ جُبَيْرِ، وطاوسٌ، والحَسَنُ، وعَطاءٌ، ومالِكٌ، والشافعيُّ.

وقال الكوفيون: يقعُ طلاقُه؛ كما قالَ ابنُ مسعودٍ -رضيَ اللهُ تعالى عنه (1).

(1) انظر: "معالم التنزيل" للبغوي (3/ 535)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (5/ 449447)، و"الحاوي الكبير" للماوردي (10/ 25).

ص: 121