الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(من أحكام الجهاد)
230 -
* دفعَ اللهُ سبحانَهُ القِتالَ والقَتْلَ عن المشركينَ لأجلِ المسلمينَ المَجْهولينَ الذينَ بَيْنَ ظَهْرانَيْهم، وأَمّا لو لمْ يكنْ فيهم مسلمونَ، لجازَ قتلُهم وقِتالُهم بما يَعُمُّ منْ آلةِ الحَربِ، إذْ لا مَعَرَّة (1) ولا كَفّارَةَ في قَتْلِ نَسائِهم وذَراريّهِم إذا وقعَ خَطَأً؛ فقدْ نصبَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم على أهلِ الطائفِ مَنْجَنيقًا، أو عَرّادَةً (2)، ونحن نعلمُ أن فيهم النساءَ والصِّبيان (3) والوِلْدانَ (4)، ونصبَ عَمْرُو بنُ العاصِ المَنْجَنيقَ على أهلِ الإسْكَنْدَرِيَّةِ (5).
(1) المعرَّة: الأمر القبيح المكره، وهو الأذى، وهي مَفْعَلة من العَرِّ. "لسان العرب" (مادة: عرب).
(2)
العرّادة: شبه المنجنيق، صغيرة، والجمع: العَرَّادات. "لسان العرب"(مادة: عرد).
(3)
"والصبيان" ليس في "ب".
(4)
انظر: "الأم" للإمام الشافعي (4/ 243)، و"السنن الكبرى" للبيهقي (9/ 84).
(5)
انظر: "السنن الكبرى" للبيهقي (9/ 84)، و"المغني" لابن قدامة (9/ 230).
* وقد استنبطَ الأوزاعيُّ من هذهِ الآيةِ وجوبَ كَفِّ القتالِ عن العَدُوُّ فيما إذا عَلَوُا الحُصونَ، وتَتَرَّسوا بالمُسلمين.
وقالَ الأوزاعيُّ: يكفُّ المسلمونَ عَنْ رَمْيِهِم، وإن بَرَزَ واحدٌ منهم رَمَوْهُ؛ فإنَّ اللهَ تَعالى يقول:{وَلَوْلَا رِجَالٌ مُؤْمِنُونَ وَنِسَاءٌ مُؤْمِنَاتٌ لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أَنْ تَطَئُوهُمْ} [الفتح: 25] حتى فرغ الآية، فكيفَ يرمي المسلمونَ مَنْ لا يرميهم من المشركين؟ (1)
قال الشافعيُّ: والذي تأَوَّلَ الأوزاعيُّ يحتملُ ما تَأَوَّلَهُ عليه، ويحتملُ أن يكونَ كَفُّهُ عنهم لِما سبق في عِلْمِه منْ أنَّه سَيُسْلِمُ منهم طائفةٌ، والذي قَالَ الأوزاعيُّ أَحَبَّ إلينا إذا لم يكنْ بنا ضرورةٌ إلى قِتالِ أهلِ الحِصنِ، ولكن لو اضْطُرِرنا إلى قِتالهم بأنْ نخافَهُم على أنفسِنا إنْ كَفَفْنا عن حَربِهم، قاتلناهم، ولم نتَعَمَّد قتلَ المسلمِ، فإن أَصَبْناه (2)، كَفرنا (3).
(1) انظر: "الأم" للإمام الشافعي (7/ 349)، و"أحكام القرآن" للجصاص (5/ 274)، و "الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 26).
(2)
في "أ": "أصبنا".
(3)
انظر: "الأم" للإمام الشافعي (7/ 349 - 350)، و "الرد على سير الأوزاعي" لأبي يوسف (66).