المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌(من أحكام مس المصحف) - تيسير البيان لأحكام القرآن - جـ ٤

[ابن نور الدين]

فهرس الكتاب

- ‌سُوْرَةُ الحَجِّ

- ‌(من أحكام البيت الحرام)

- ‌(من أحكام الحج)

- ‌سُوْرَةُ النُّورِ

- ‌(من أحكام الحدود)

- ‌(من أحكام السلام والاستئذان)

- ‌(من أحكام النظر)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام الاستئذان)

- ‌سُورَةُ القَصَصِ

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌سُورَةُ الأَحْزَابِ

- ‌(من أحكام المواريث والولاية)

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام الاستئذان)

- ‌(من أحكام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(من أحكام اللباس)

- ‌سُورَةُ ص

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌سُورَةُ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌سُورَةُ الفَتْحِ

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌سورة الحجرات

- ‌(من أحكام الأضحية)

- ‌(من أحكام الردة)

- ‌(من أحكام الشهادات)

- ‌(من أحكام البغاة)

- ‌(آداب وفضائل)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌سورة النجم

- ‌(من أحكام النيابة في العبادات)

- ‌سورة الواقعة

- ‌(من أحكام مس المصحف)

- ‌سورة المجادلة

- ‌(من أحكام الظهار)

- ‌(من أحكام الزكاة)

- ‌سورة الحشر

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌سورة الممتحنة

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌سورة الجمعة

- ‌(من أحكام صلاة الجمعة)

- ‌سورة الطلاق

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌سورة التحريم

- ‌(من أحكام الأيمان)

- ‌سورة المزمل

- ‌(من أحكام قيام الليل)

- ‌تراجم الأعيان في تيسير البيان

الفصل: ‌(من أحكام مس المصحف)

(من أحكام مس المصحف)

239 -

240 (1 - 3) قوله جل جلاله: {إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ (77) فِي كِتَابٍ مَكْنُونٍ (78) لَا يَمَسُّهُ إِلَّا الْمُطَهَّرُونَ} [الواقعة: 77 - 79].

* هذه الآيةُ اختلفَ فيها أهلُ التَّفْسيرِ: فقالَ ابنُ عباسِ، وأَنَسٌ، ومجاهِدٌ: المُطَهَّرونَ: هُمُ الملائكةُ المُطَهَّرونَ من الذّنوبِ، والكتابُ المَكْنونُ هو الَّذي في السَّماءِ (1)، وبهذا احتجَّ أهلُ الظاهرِ، فَجَوَّزوا للمُحدِثِ مَسَّ المُصحَفِ (2).

وقال قومٌ: المُطَهَّرونَ أي: المُتَطَهِّرونَ بالماءِ (3).

قَالَ سَلْمانُ الفارِسيُّ لقومٍ سألوهُ عَنْ آيِ القرآنِ، وأرادوا منهُ الوُضوءَ؛ لكونه حينئذٍ مُحدِثاً: سَلُوا؛ فإني لا أَمَسُّهُ، وإنه لا يَمَسّهُ إلا المُطَهَّرونَ (4).

وإلى هذا ذهبَ جماعةٌ من الفُقهاء؛ كمالِكٍ، وأبي حنيفةَ، والشافعيِّ (5).

(1) انظر: "تفسير الطبري"(27/ 205)، و "أحكام القرآن" للجصاص (5/ 300).

(2)

انظر: "المحلى" لابن حزم (1/ 77)، و "بداية المجتهد" لابن رشد (1/ 30).

(3)

انظر: "الكشاف" للزمخشري (4/ 467)، و "المجموع" للنووي (2/ 90).

(4)

رواه ابن أبي شيبة في "المصنف"(1100)، والدارقطني في "سننه"(1/ 124)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 90).

(5)

انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (5/ 300)، و "الحاوي الكبير" للماوردي (1/ 384)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (2/ 472).

ص: 187

قَالَ عبدُ الرَّحمنِ بنُ أبي الزنادِ، عن أبيهِ، عَمَّنْ أدركَ من فُقهاء أهل (1) المدينةِ الذين ينتهى إلى قولهم قال: وكانوا يقولونَ: لا يمسُّ القرآن إلا طاهرٌ (2).

ويدلُّ على هذا فِعلُ (3) أختِ عمرَ بنِ الخَطاب -رضي الله تعالى عنهما- لما دخلَ عليها، ومنعتْهُ أن يمسَّ القرآنَ حَتَّى يتطهرَ؛ كما هو مشهورٌ في قصةِ إسلامِ عمرَ -رضيَ اللهُ تعالى عنه - (4).

ويدلُّ عليه -وإنْ كانَ إطلاق (5) لفظُ المَكْنونِ على ما في السَّماءِ، والمُطهَّرونَ على المُطّهرينَ من الذنوب، أظهر- ما رَوى الزهريُّ عن أبي بكرِ بنِ محمدِ بنِ عمرِو بنِ حَزْمٍ، عن أبيهِ، عن جدهِ: أنَّ في الكِتابِ الذي كتبَهُ رسولُ اللهِ صلى الله عليه وسلم لِعَمْرِو بنِ حَزْمٍ: أَنَّهُ لا يَمسُّ القرآن إلا طاهِرٌ (6).

ورواه أيضًا سليمانُ بنُ موسى، عن سالمٍ، عن أبيهِ، عنِ النبي صلى الله عليه وسلم (7).

(1)"أهل" ليس في "أ".

(2)

رواه البيهقي في "معرفة السنن والآثار"(1/ 185).

(3)

"فعل": ليس في "أ".

(4)

انظر: "سنن الدارقطني"(1/ 123)، و "تلخيص الحبير" لابن حجر (1/ 132).

(5)

"إطلاق" ليس في "أ".

(6)

رواه الإمام مالك في "الموطأ"(1/ 199)، وعبد الرزاق في "المصنف"(1328)، والدارمي في "سننه"(2266)، وأبو داود في "المراسيل"(93)، والدارقطني في "سننه"(1/ 122)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 309)، وفي "شعب الإيمان"(2111).

(7)

رواه الدارقطني في "سننه"(1/ 121)، والطبراني في "المعجم الكبير"(13217)، وفي "المعجم الصغير"(1162)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 88).

ص: 188

وكذلك أمرَ النبيُّ صلى الله عليه وسلم بحفظِه وكَنِّه، فنهانا أن نسافرَ بالقرآنِ إلى أرضِ العدوِّ (1).

والواجبُ على كُلِّ أحدٍ أَلَّا يمسَّ القُرآنَ إلا مُتَطَهِّراً من الحَدَثِ والخَبَثِ؛ تعظيماً لحرمتِه، وتشريفاً وتكريماً لكرامتِه؛ فإنَّ الله جل جلاله وَصَفَهُ بأنهُ قرآنٌ كريمٌ، وأنه في كتابٍ مكنونٍ، وأنه لا يمُّسه إلا المُطَهَّرونَ، ثم أنزلَه على نَبيِّنا صلى الله عليه وسلم، وجعلَه بين ظَهْرانينا، فكرمُه باقٍ عندَنا، وكنُّه واجبٌ علينا، ولا يمسُّه إلا المُطَهَّرون مِنَّا، فحرمتُه وكرامتُه باقيةٌ لا تزولُ.

ولا حُجَّةَ لِمَنْ أباحَ مَسَّهُ للمُحدِثِ؛ فإنَّ الله سبحانَهُ أعلمَنا أنَّه لا يمسُّه إلا المطهرونَ، فهلْ قال: ويمسُّه غيرُهم؟ فالآيةُ حجَّةٌ عليهم، لا لَهُم.

فإن قالوا: معنى الآيةِ الخبرُ، لا النهيُ كما هو لفظُها، وهذا لا يقتضي التَّحريمَ، فيرجعُ إلى الأصلِ، وهو الإباحةُ وبراءةُ الذمة.

قلنا: لفظُ الآيةِ الخبرُ، ومعناها النهيُ؛ بدليلِ قراءةِ مَنْ قرأَ:(لا يمسَّهُ) بفتح السين.

فإن قالوا: ذلكَ الكتابُ لا تنالُه غيرُ أيديهم.

قلنا: المرادُ بالكِتابِ هناكَ هو ما دلَّ على هذا القرآنِ المكتوبِ عندَنا، فالمكنونُ في ذاتِه شيءٌ واحدٌ، فالذي في السَّماءِ هوَ الذي في الأرض، ولا يجوزُ أن يكونَ مُحتَرَماً مكرَّماً في السَّماءِ، غيرَ محترَمٍ ولا مكرَّمٍ في الأرض (2).

(1) رواه البخاري (2828)، كتاب: الجهاد، باب: كراهية السفر بالمصاحف إلى أرض العدو، ومسلم (1869)، كتاب: الإمارة، باب: النهي أن يسافر بالمصحف إلى أرض الكفار، عن ابن عمر: أن رسول الله صلى الله عليه وسلم نهى أن يسافر بالقرآن إلى أرض العدو.

(2)

انظر: "المجموع" للنووي (2/ 89).

ص: 189

وبتحريمِ مَسِّهِ على المُحدِثِ أخذَ أبو عبدِ اللهِ الشافعي رحمه الله (1) - حتى قال كثيرٌ من أصحابه: يجبُ أَلَّا يمسَّه الصبي المُمَيِّزُ إلا مُتَطَهِّراً (2)، وحتى قَالَ بعضُ أصحابه: يجبُ أَلَّا يمسَهُ (3) إلا مَنْ كان متطهِّرًا مِنَ الخَبَثِ في جميعِ بَدَنِه، ولو كانَ العضوُ الماسُّ للقرآنِ طاهرًا، والنجاسةُ في سائرِ بدنهِ (4). وحَتى قال بعضُهم: لا يجوزُ لمنْ تنَجَّسَ فوهُ أن يقرأَ القرآنَ حَتَّى يطهِّرَه.

وقد منعَ النبي صلى الله عليه وسلم الجنبَ والحائضَ من قراءةِ القُرآنِ (5).

وكُلَّ ذلكَ أختارُ وأدينُ اللهَ تبارك وتعالى به، ولهذا كرهَ مالِكٌ

(1) انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (1/ 384)، و "روضة الطالبين" للنووي (1/ 80).

(2)

في المسألة عند الشافعية وجهان، الراجح منهما: أنه لا يجب للمشقة. انظر: "الشرح الكبير" للرافعي (2/ 107)، و "التبيان في آداب حملة القرآن" للنووي (ص:101).

(3)

في "أ": "يمسكه".

(4)

نُقل هذا القول عن القاضي أبي القاسم الصيمري، والمذهب خلافه. انظر:"المهذب" للشيرازي (1/ 25)، و "التبيان في آداب حملة القرآن" للنووي (ص:100).

(5)

رواه الترمذي (131)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في الجنب والحائض أنهما لا يقرأان القرآن، وابن ماجه (595)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، والطحاوي في "شرح معاني الآثار"(1/ 88)، وابن عدي في "الكامل في الضعفاء"(1/ 298)، والبيهقي في "السنن الكبرى"(1/ 89)، وفي "شعب الإيمان"(2110)، والخطيب البغدادي في "تاريخ بغداد"(2/ 145)، عن عبد الله بن عمر، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: "لا يقرأ الجنب ولا الحائض شيئًا من القرآن".

ص: 190

رحمَهُ اللهُ- قراءةَ القرآن في الأَسواقِ والطُّرقاتِ (1).

وإنَّما قلْنا: يجوزُ قراءةُ القرآن للمحدِثِ؛ لقولِ عَلِيُّ -رضيَ اللهُ تعالى عنه -: إنَّ النبي صلى الله عليه وسلم كانَ لا يَحجُزُهُ شيءٌ عن قراءةِ القرآن إلا الجنابةُ (2).

* ويؤخذُ من الآيةِ أنَّ من تهاوَنَ بالقرآنِ بأنْ ألقاهُ على قارعَةِ الطريقِ (3)، أو قاذورةٍ، أو مزبلةٍ، أو استخفَّ به في كلامِه: أَنَّه كافِرٌ، نَعوذُ باللهِ العظيمِ من الاسْتِخفاف بهِ، أو بكتبه، أو بآياتِه (4).

(1) انظر: "المدخل" لابن الحاج (2/ 88)، و"الاعتصام" للشاطبي (2/ 30).

(2)

رواه ابن ماجه (594)، كتاب: الطهارة، باب: ما جاء في قراءة القرآن على غير طهارة، وأبو يعلى الموصلي في "مسنده"(579)، والطبراني في "المعجم الأوسط"(6697)، والحاكم في "المستدرك"(7083).

(3)

"قارعة الطريق" ليس في "ب".

(4)

انظر: "الشفا" للقاضي عياض (2/ 250)، و"المجموع"(2/ 193)، و"التبيان في آداب حملة القرآن" كلاهما للنووي (ص: 101).

ص: 191