المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

فهرس الكتاب

- ‌سُوْرَةُ الحَجِّ

- ‌(من أحكام البيت الحرام)

- ‌(من أحكام الحج)

- ‌سُوْرَةُ النُّورِ

- ‌(من أحكام الحدود)

- ‌(من أحكام السلام والاستئذان)

- ‌(من أحكام النظر)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام الاستئذان)

- ‌سُورَةُ القَصَصِ

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌سُورَةُ الأَحْزَابِ

- ‌(من أحكام المواريث والولاية)

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌(من أحكام الاستئذان)

- ‌(من أحكام الصلاة على النبي صلى الله عليه وسلم

- ‌(من أحكام اللباس)

- ‌سُورَةُ ص

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌سُورَةُ مُحَمَّد صلى الله عليه وسلم

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌سُورَةُ الفَتْحِ

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌سورة الحجرات

- ‌(من أحكام الأضحية)

- ‌(من أحكام الردة)

- ‌(من أحكام الشهادات)

- ‌(من أحكام البغاة)

- ‌(آداب وفضائل)

- ‌(من أحكام النكاح)

- ‌سورة النجم

- ‌(من أحكام النيابة في العبادات)

- ‌سورة الواقعة

- ‌(من أحكام مس المصحف)

- ‌سورة المجادلة

- ‌(من أحكام الظهار)

- ‌(من أحكام الزكاة)

- ‌سورة الحشر

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌سورة الممتحنة

- ‌(من أحكام الجهاد)

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌سورة الجمعة

- ‌(من أحكام صلاة الجمعة)

- ‌سورة الطلاق

- ‌(من أحكام الطلاق)

- ‌سورة التحريم

- ‌(من أحكام الأيمان)

- ‌سورة المزمل

- ‌(من أحكام قيام الليل)

- ‌تراجم الأعيان في تيسير البيان

الفصل: ‌(من أحكام الطلاق)

(من أحكام الطلاق)

252 -

(5) ثم حَرَّمَ اللهُ على المسلمين استدامَةَ نِكاح الكَوافِرِ، فقال:{يَاأَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذَا جَاءَكُمُ الْمُؤْمِنَاتُ مُهَاجِرَاتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمَانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِنَاتٍ فَلَا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَآتُوهُمْ مَا أَنْفَقُوا وَلَا جُنَاحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذَا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَلَا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوَافِرِ وَاسْأَلُوا مَا أَنْفَقْتُمْ وَلْيَسْأَلُوا مَا أَنْفَقُوا ذَلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَاللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10)} [الممتحنة: 10].

* المُرادُ بهِ الكوافِرُ من نِساء مكةَ وما أَشْبَهَهُن من غيرِ أهلِ الكِتاب، فقيل: نزلتْ في عمرَ بنِ الخَطَّابِ، كانتْ له امرأتانِ بمكَّةَ، فطلقَهما يومئذٍ -يعني: حين نزلتْ هذه الآية-، وتزوجَ إحداهما معاويةُ، والأخرى صفوانُ بنُ أُمَيّة (1).

فإن قلتَ: فمقتضى إطلاقِ النهي عنِ الإمساكِ أنَّ المرأةَ إذا كانتْ كافرة أن تقعَ فرقتُها على الفورِ كَما هو (2) مُقْتضى النهي، وأنها لا تقعُ فرقتُها بالكفرِ، وإنما تقعُ بالتسريح كما فعل عمرُ -رضيَ اللهُ تعالى عنه -، فما الحكمُ في ذلكَ عندَ أهلِ العلم؟

قلتُ: أما الفورُ، فهو معتبر بالإجماع في حَق من لم يدخلْ بها، فمتى

(1) انظر: "صحيح البخاري"(2581)، و "تفسير الطبري"(26/ 100).

(2)

في "ب": "ذلك".

ص: 234

ما أسلمَ زوجُ المرأةِ التي لم يدخُلْ بها زوجُها، أو ارتدَّتْ، تعجلَتِ الفرقةُ اتفاقاً، ولا يفتقرُ إلى طلاقٍ (1).

وفي اشتراطِ عرضِ الإِسلامِ عليها قَوْلان للمالكية (2).

وأَمَّا المدخولُ بها:

فقال مالكٌ: إن لحقتْهُ في الإِسلامِ، دامَ نِكاحُها، وإن عرضَ عليها وأَبَتْ، وقعتِ الفرقةُ بينهما (3).

وقال الشافعيُّ: تقفُ الفرقةُ على انقضاءِ العِدَّةِ (4)، وخَصَّصَ العُمومَ، واستدلَّ بأنَّ أبا سفيان بنَ حربٍ أسلمَ بِمَرِّ الظَّهرانِ، ورجعَ إلى مكةَ، وهندٌ بنتُ عتبةَ مقيمةٌ على الكُفر، فأخذتْ بلحيتِه، وقالَت: اقتُلوا الشيخَ الضالَّ، ثم أسلمتْ هندٌ بعدَ إسلامِ أبي سفيانَ بأيامٍ كثيرةٍ (5).

وكذا إذا ارتدَّت وكانَتْ مَدْخولاً بها، وقَّتَ الفرقةَ على انقضاءِ العِدَّةِ، وأخذَ اعتبارَ العِدَّةِ من دَلالةِ السنَّةِ، على عكسِ هذا الأصلِ، وهو إذا أسلمَتْ قبلَهُ، فإنْ كانَ قبلَ الدُّخولِ، تَعَجَّلَتِ الفرقةُ بينَهما، وإن كانَ بعد الدخولِ، وقفت الفرقَةُ على انقضاء العِدَّة؛ لِما روى أهلُ العِلْم بالمغازي أَن ابنةَ الوليدِ بنِ المُغيرةِ أسلمَتْ قبلَ زوجِها صفوانَ بنِ أميةَ.

(1) انظر: "أحكام القرآن" للجصاص (5/ 329)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (2/ 38)، و"شرح فتح القدير" لابن الهمام (3/ 428).

(2)

انظر: "الذخيرة" للقرافي (4/ 329).

(3)

انظر: "الموطأ" للإمام مالك (2/ 545)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 519).

(4)

انظر: "الأم" للإمام الشافعي (5/ 153)، (7/ 218).

(5)

انظر: "الأم" للإمام الشافعي (5/ 44) ، و"السنن الكبرى" للبيهقي (7/ 186)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 519)، و"بداية المجتهد" لابن رشد (2/ 37).

ص: 235

قال ابنُ شهابٍ: وهربَ صفوانُ من الإِسلام، ثم جاءَ إلى النبيِّ صلى الله عليه وسلم، وشهدَ حُنينًا والطائفَ مُشْرِكًا.

قال: وكان بينَ إسلامِ صفوانَ وبينَ امرأتِه نحو من شَهْرٍ (1).

وكذلكَ أسلمَتْ أُمُّ حكيمٍ بنتُ الحارثِ بنِ هشامٍ، وكانتْ تحتَ عِكْرمَةَ بنِ أبي جَهْلٍ، وهربَ من بلادِ الإِسلام، ثم أتى النبي صلى الله عليه وسلم، فبايَعهُ، فثبتا على ذلك النكاحِ (2).

وكذلك حكيمُ بنُ حِزامٍ سبقتْهُ امرأته بالإِسلام. وغيرُهم (3).

قال ابنُ شهابٍ: ولم يبلغْنا أن امرأةً هاجرتْ إلى اللهِ ورسولهِ وزوجُها كافرٌ مقيم بدارِ الكفرِ إلا فَرَّقَتْ هجرتُها بينَها وبينَ زوجِها، إلا أن يقدمَ زوجُها مُهاجِراً قبلَ أن تنقضيَ عِدَّتُها (4).

وبهذا قال مالكٌ، وأبو حنيفةَ، والشافعيُّ (5).

* وقد عُلِمَ بهذا أنَّ الفرقةَ لا تقفُ على الطلاقِ، وإنما هذا فسخٌ للنكاح، فلا يجتمعُ مسلم وكافرةٌ على نِكاح إلا ما أحلَّه اللهُ تعالى وخصَّه من نِكَاحِ أهل الكتاب، فالنهيُ معناهُ الإعلامُ بحُرْمتِهنَّ، وقمعُ النفوسِ عن التعلُّق بنكاحهنَّ؛ بدليلِ قوله تعالى:{لَا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلَا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ} [الممتحنة: 10].

(1) انظر: "الموطأ" للإمام مالك (2/ 544)، و "الأم" للإمام الشافعي (7/ 218).

(2)

انظر: "الموطأ" للإمام مالك (2/ 545)، و "مصنف عبد الرزاق"(12646).

(3)

انظر: "الأم" للإمام الشافعي (5/ 152)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 519).

(4)

انظْر: "الموطأ" للإمام مالك (2/ 544)، و "السنن الكبرى" للبيهقي (7/ 187).

(5)

انظر: "المدونة الكبرى"(4/ 302)، و"الاستذكار" لابن عبد البر (5/ 517)، و"معرفة السنن والآثار" للبيهقي (5/ 319)، و "الهداية" للمرغيناني (1/ 220).

ص: 236

* وأوجب اللهُ سبحانَهُ على المسلمينَ أن يؤتوا المشركينَ ما أَنْفقوا من مُهورِ النساء، وجعلَ ذلكَ للمسلمينَ على المُشركين، كَما للمشركينَ على المسلمين، وجَعَلَ (1) ذلك حُكْمًا بينهم.

قال الشافعيُّ -رحمَهُ الله تعالى-: وحكمَ لهم في مثل هذا المعنى حُكمًا ثابتاً، فقال:{وَإِنْ فَاتَكُمْ شَيْءٌ مِنْ أَزْوَاجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعَاقَبْتُمْ} ، كأنه -واللهُ أعلمُ- يريدُ: فلم يَعْفوا عنهم إذا لم يعفوا عنكم مهور نسائكم، {فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْوَاجُهُمْ مِثْلَ مَا أَنْفَقُوا} [الممتحنة: 11] يعني: من مهورهن، إذا فاتت امرأةٌ مشركةٌ أتتنا مسلمة قدْ أعطاها مئةً من مَهْرها، وفاتت امرأة مسلمة إلى الكُفَّارِ، وقد أعطاها مئة، حُسِبَتْ مئةُ المسلمِ بمئةِ المُشركِ، فقيل: تلك العقوبة، ونكتبُ بذلك إلى أصحابِ عهودِ المشركين، حَتىّ يعطيَ المشركُ ما قَصَصْناهُ من مَهْرِ امرأتِه بالمُسْلِمِ الذي فاتتهُ امرأتُهُ إليهم، ليسَ له غيرُ ذلك (2).

واختلف قولُ الشافعيِّ هَلْ هذا الحكمُ عامٌّ أو خاصّ بصلحِ الحُدَيبية، فجعله في أَحَدِ قوليه عامّا؛ فإذا جاءتنا امرأة من دارِ الحربِ مهاجرةً قَدْ سَلَّمَ لها زوجُها مَهْرَها، وجبَ على الإمامِ أن يؤتيَ زوجَها ما أنفقَ إذا جاءنا طالباً ما أنفقَ.

وجعلَه في القولِ الثاني خاصًّا بصلحِ الحُدَيبية؛ فإن الله سبحانَه جعلَه عِوَضاً لِما شُرِطَ من رَدِّ النِّساء، فلما رَدَّ اللهُ سبحانَهُ هذا، أوجب رَدَّ ما أَنْفَقوا في مهورهن (3).

(1) في "ب": "وكان".

(2)

انظر: "الأم"(4/ 194).

(3)

انظر: "الحاوي الكبير" للماوردي (14/ 362)، و"روضة الطالبين" للنووي (10/ 341).

ص: 237

وأما في زمانِنا، فلا يجبُ أن يُدْفَعَ إليهم شيءٌ، ولا يجبُ عليهم أن يَدْفعوا إلينا شيئًا، وهذا ما اختارهُ المزني (1)، وقال به مالكٌ (2) - رحمَهُما اللهُ تعالى-

* * *

(1) انظر: "المهذب" للشيرازي (2/ 261).

(2)

انظر: "أحكام القرآن" لابن العربي (4/ 231).

ص: 238