الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَصح الْكل فِي مَادَّة) وَاحِدَة (وَقد لَا) يَصح الْكل فِي مَادَّة وَاحِدَة: بل يَصح الْبَعْض دون الْبَعْض (فَلَا حجر) فِي اعْتِبَارهَا عِنْد وجود مَا يصحح ذَلِك، وَمن ثمَّة اعْتبر صَاحب الْكَشَّاف التَّجَوُّز فِي قَوْله تَعَالَى - {ختم الله على قُلُوبهم} - من أَرْبَعَة أوجه.
مسئلة
(لَا خلاف أَن) الْأَسْمَاء (المستعملة لأهل الشَّرْع من نَحْو الصَّلَاة وَالزَّكَاة) فِي غير مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّة (حقائق شَرْعِيَّة يتَبَادَر مِنْهَا مَا علم) لَهَا من مَعَانِيهَا الشَّرْعِيَّة (بِلَا قرينَة) سَوَاء كَانَ ذَلِك لمناسبة بَين الشَّرْعِيّ واللغوي فَيكون مَنْقُولًا، أَو لَا فَيكون مَوْضُوعا مُبْتَدأ (بل) الْخلاف (فِي أَنَّهَا) أَي الْأَسْمَاء المستعملة لأهل الشَّرْع فِي مَعَانِيهَا حَقِيقَة (عرفية للفقهاء) بسب وضعهم إِيَّاهَا لتِلْك الْمعَانِي، فَهِيَ فِي تخاطبهم تدل عَلَيْهَا بِلَا قرينَة، وَأما الشَّارِع فَإِنَّمَا استعملها فِيهَا مجَازًا عَن مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّة بمعونة الْقَرَائِن فَلَا تحمل عَلَيْهَا إِلَّا بِقَرِينَة (أَو) حَقِيقَة شَرْعِيَّة (بِوَضْع الشَّارِع) حَتَّى تدل فِي كَلَامه على تِلْكَ الْمعَانِي بِلَا قرينَة (فالجمهور) أَي قَالَ جُمْهُور الْأُصُولِيِّينَ الْوَاقِع هُوَ (الثَّانِي) وَهُوَ أَنَّهَا حَقِيقَة شَرْعِيَّة بِوَضْع الشَّارِع (فَعَلَيهِ) أَي فعلى الْمَعْنى الشَّرْعِيّ (يحمل كَلَامه) أَي الشَّارِع إِذا وَقعت مُجَرّدَة عَن الْقَرَائِن (وَالْقَاضِي أَبُو بكر) الْوَاقِع هُوَ (الأول) أَي أَنَّهَا حَقِيقَة عرفية للفقهاء لَا للشارع (فعلى اللّغَوِيّ) يحمل كَلَام الشَّارِع إِذا لم يكن صَارف عَنهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (إِلَّا بِقَرِينَة) صارفة عَن اللّغَوِيّ إِلَى الشَّرْعِيّ. قَالَ الشَّارِح: قَالَ المُصَنّف فَإِن قلت كَيفَ يتَفَرَّع الْحمل على الْمَعْنى اللّغَوِيّ الْحَقِيقِيّ على كَونهَا مجازات قُلْنَا: مَعْنَاهُ أَنَّهَا مجازات عِنْد وجود الْقَرَائِن، وَيحمل على اللّغَوِيّ عِنْد عَدمه انْتهى قلت بَيَان الْمَتْن مغن عَن هَذَا الإطناب، وَقيل مُرَاده أَنَّهَا تسْتَعْمل فِي الدُّعَاء، ثمَّ شَرط فِيهِ الْأَفْعَال الرُّكُوع وَالسُّجُود وَغَيرهمَا فَتكون خَارِجَة عَن الصَّلَاة شرطا وَلَا يخفى بعده (وَفِيه) أَي فِيمَا ذهب إِلَيْهِ القَاضِي (نظر لِأَن كَونهَا) أَي الصَّلَاة مثلا مَوْضُوعَة (للأفعال) الْمَعْلُومَة شرعا (فِي عهد رَسُول الله صلى الله عليه وسلم لَا يقبل التشكيك، وَأشهر) مَعْطُوف على قَوْله لَا يقبل فَهُوَ خبر أَن: يَعْنِي أَن أحد الْأَمريْنِ مُتَحَقق بِلَا شُبْهَة: أما الْعلم بِكَوْنِهَا للصَّلَاة بِوَضْع الشَّارِع، وَإِمَّا بِكَوْنِهَا مجَازًا فِي الْأَفْعَال أشهر من الْحَقِيقَة فِي زَمَنه صلى الله عليه وسلم (وهم) أَي القَاضِي وَالْجُمْهُور (يقدمونه) أَي الْمجَاز الْأَشْهر من الْحَقِيقَة (على الْحَقِيقَة) فَكيف يحمل على اللّغَوِيّ فِي كَلَام الشَّارِع عِنْد الْقَرِينَة (فَمَا قيل) قَائِله الْبَيْضَاوِيّ (الْحق أَنَّهَا مجازات) لغوية (اشتهرت يَعْنِي فِي لفظ الشَّارِع) لَا مَوْضُوعَات مُبتَدأَة لَيْسَ قولا
آخر: بل هُوَ (مَذْهَب القَاضِي) بِعَيْنِه كَمَا ذكره الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: إِذْ لَا شكّ فِي حُصُول الاشتهار بعد تَجْوِيز الشَّارِع (وَقَول فَخر الْإِسْلَام) وَالْقَاضِي ابي زيد وشمس الْأَئِمَّة السَّرخسِيّ (بِأَنَّهَا) أَي الصَّلَاة (اسْم للدُّعَاء، سمي بهَا عبَادَة مَعْلُومَة) مجَازًا (لما أَنَّهَا) أَي الصَّلَاة (شرعت للذّكر) أَي لذكر الله تَعَالَى بنعوت جَلَاله وصفات كَمَاله قَالَ الله تَعَالَى - {أقِم الصَّلَاة لذكري} - أَي لتذكرني فِيهَا لاشتمالها على الْأَذْكَار الْوَارِدَة فِي أَرْكَانهَا فسميت الْعِبَادَة الْمَعْلُومَة بهَا مجَازًا من إِطْلَاق اسْم الْجُزْء على الْكل (يُرِيد) كَونهَا (مجَازًا لغويا هجرت حقائقها: أَي مَعَانِيهَا الْحَقِيقِيَّة لُغَة) فَلَيْسَ مذهبا آخر كالبديع) أَي كَمَا يدل عَلَيْهِ كَلَام صَاحب البديع (لنا) على أَنَّهَا حَقِيقَة شَرْعِيَّة بِوَضْع الشَّارِع (الْقطع بفهم الصَّحَابَة قبل حُدُوث الاصطلاحات فِي زَمَنه صلى الله عليه وسلم ظرف لفهم الصَّحَابَة ومفعوله (ذَلِك) أَي الْمَعْنى الشَّرْعِيّ لَهَا (وَهُوَ) أَي فهمهم ذَلِك (فَرعه) أَي فرع الْوَضع لَهَا (نعم لَا بُد أَولا) أَي فِي أول خطاب الشَّارِع لمن هُوَ عَالم بِالْوَضْعِ اللّغَوِيّ دون الشَّرْعِيّ (من نصب قرينَة النَّقْل) عَن الْمَعْنى اللّغَوِيّ إِلَى الشَّرْعِيّ دفعا لتبادر اللّغَوِيّ (فمدار التَّوْجِيه) فِي مَحل الِاشْتِبَاه (على أَنه إِذا لزم تَقْدِير قرينَة غير اللّغَوِيّ) على تَقْدِير النَّقْل وَتَقْدِير قرينَة الْمجَاز على تَقْدِير عدم النَّقْل، فَإِنَّهُ لَا بُد من وجود الْقَرِينَة على الْوَجْهَيْنِ (فَهَل الأولى) فِي هَذِه الْقَرِينَة (تقديرها) واعتبارها (قرينَة تَعْرِيف النَّقْل) وتثبيته (أَو) تقديرها قرينَة تَعْرِيف (الْمجَاز) وتعيينه (وَالْأَوْجه الأول) أَي تقديرها قرينَة النَّقْل على اللّغَوِيّ إِلَى الشَّرْعِيّ كَمَا هُوَ قَول الْجُمْهُور (إِذْ علم استمراره) أَي الشَّارِع (على قَصده) أَي الشَّرْعِيّ (من اللَّفْظ أبدا إِلَّا لدَلِيل) وقرينة صارفة عَن الشَّرْعِيّ إِلَى غَيره، واستمرار الْقَصْد الْمَذْكُور أَمارَة نسخ إِرَادَة الأول: وَهُوَ معنى النَّقْل (وَالِاسْتِدْلَال) للمختار كَمَا فِي الْمُخْتَصر والبديع (بِالْقطعِ بِأَنَّهَا) فِي الشَّرْع مَوْضُوعَة (للركعات وَهُوَ) أَي الْقطع بِأَنَّهَا لَهَا فِي الشَّرْع هُوَ (الْحَقِيقَة) أَي دَلِيل الْحَقِيقَة الشَّرْعِيَّة (لَا يُفِيد) الْمَطْلُوب (لجَوَاز) كَونهَا فِي الأَصْل مجَازًا فِيهَا، ثمَّ (طروه) أَي الْقطع بذلك (بالشهرة) أَي بشهرة التَّجَوُّز بهَا للشرعي، فَإِن الْمجَاز إِذا شاع يصير الْمَعْنى الْمجَازِي بِحَيْثُ يفهم بِلَا قرينَة فَيصير حَقِيقَة (أَو بِوَضْع أهل الشَّرْع) وهم الْفُقَهَاء إِيَّاهَا لَهَا (قَالُوا) أَي القَاضِي وموافقوه اذا أمكن عدم النَّقْل تعين وَأمكن) عدم النَّقْل هَهُنَا (باعبارها) أى الصَّلَاة مثلا بَاقِيَة (فِي اللُّغَوِيَّة والزيادات) الَّتِي جَاءَت من قبل الشَّرْع على اللُّغَوِيَّة (شُرُوط اعْتِبَار الْمَعْنى شرعا وَهَذَا) الدَّلِيل جَار (على غير مَا حررنا عَنهُ) أَي القَاضِي من أَنَّهَا مجَاز أشهر من الْحَقِيقَة اللُّغَوِيَّة (مخترع باختراع أَنه) أَي القَاضِي (قَائِل بِأَنَّهَا) مستعملة (فِي حقائقها اللُّغَوِيَّة) وَتقدم النّظر فِيهِ وَذكر الْأَبْهَرِيّ أَن للْقَاضِي قَوْلَيْنِ: أَحدهمَا مَا حَرَّره المُصَنّف، وَالْآخر هَذَا وَعَن الإِمَام أَنه
قَالَ: وَأما القَاضِي فاستمر على لجاج ظَاهر فَقَالَ: الصَّلَاة الدُّعَاء والمسمى بهَا فِي الشَّرْع هُوَ الدُّعَاء لَكِن إِنَّمَا يعْتَبر عِنْد وُقُوع أَفعَال وأحوال، وطرد ذَلِك فِي الْأَلْفَاظ الَّتِي فِيهَا الْكَلَام (وَأجِيب باستلزامه) أَي هَذَا القَوْل (عدم السُّقُوط) للصَّلَاة الْمَفْرُوضَة عَن الْمُكَلف (بِلَا) قرينَة (دُعَاء لافتراضه) أَي الدُّعَاء (بِالذَّاتِ و) باستلزامه (السُّقُوط) بهَا عَن الذِّمَّة (بِفعل الشَّرْط) أَي بِمُجَرَّد أَن يفعل الشَّرْط من غير فعل الرُّكْن (مطردا) أَي دَائِما (فِي) حق (الْأَخْرَس الْمُنْفَرد) لصِحَّة صلَاته مَعَ انْتِفَاء الْمَشْرُوط الَّذِي هُوَ الدُّعَاء وَإِنَّمَا قيد بالمنفرد، لِأَنَّهُ إِذا كَانَ لَهُ إِمَام فدعاء الإِمَام دُعَاء لَهُ وَمنع السُّبْكِيّ هَذَا بِأَن الدُّعَاء هُوَ الطّلب الْقَائِم بِالنَّفسِ وَهُوَ يُوجد من الْأَخْرَس وَفِيه نظر، إِذْ مُجَرّد الطّلب إِذا قَامَ بِنَفس شخص لم يصدر عَنهُ مَا يدل عَلَيْهِ لَا يُقَال أَنه دُعَاء (ثمَّ لَا يَتَأَتَّى) هَذَا التَّوْجِيه (فِي بَعْضهَا) أَي فِي بعض الْأَسْمَاء الشَّرْعِيَّة كَالزَّكَاةِ، فَإِنَّهُ لُغَة النَّمَاء وَالزِّيَادَة، وَشرعا تمْلِيك قدر مَخْصُوص من مَال مَخْصُوص لشخص مَخْصُوص، وَلَا يُمكن أَن تحمل الزَّكَاة على النَّمَاء وَيجْعَل الْمَذْكُور شرطا كَمَا لَا يخفى (قَالُوا) أَيْضا (لَو نقلهَا) أَي الشَّارِع الْأَسْمَاء عَن الْمعَانِي اللُّغَوِيَّة إِلَى الشَّرْعِيَّة (فهمها) أَي الْمعَانِي المنقولة (لَهُم) أَي الصَّحَابَة لأَنهم كلفوا بهَا، والفهم شَرط التَّكْلِيف (وَلَو وَقع) التفهيم (نقل) إِلَيْنَا لأننا مكلفون بهَا أَيْضا (وَلزِمَ تواتره) أَي النَّقْل (عَادَة) لتوفر الدَّوَاعِي عَلَيْهِ وَلم يُوجد وَإِلَّا لما وَقع الْخلاف فِي النَّقْل (وَالْجَوَاب الْقطع بفهمهم) أَي الصَّحَابَة الْمعَانِي الشَّرْعِيَّة من الْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة (كَمَا ذكرنَا وفهمنا) أَي وَالْقطع يفهمنا تِلْكَ الْمعَانِي الشَّرْعِيَّة أَيْضا مِنْهَا (وَبعد حُصُول الْمَقْصُود) وَهُوَ الْفَهم (لَا يلْزم تعْيين طَرِيقه) أَي طَرِيق الْمَقْصُود من التفهيم قصدا بالعبارة وَنَحْوهَا (وَلَو التزمناه) أَي تعْيين طَرِيقه (جَازَ) أَن يكون ذَلِك التفهيم (بالترديد) أَي بطرِيق التّكْرَار (بالقرائن) عِنْد سَماع تِلْكَ الْأَسْمَاء لَهُم: أَي للصحابة ثمَّ لنا مِنْهُم (كالأطفال) يتعلمون اللُّغَات من غير تَصْرِيح لَهُم بِوَضْع اللَّفْظ لمسماه، بل إِذا ردد اللَّفْظ وَكرر يفهمون مَعْنَاهُ بِالْقَرِينَةِ ويحفظونه (أَو) أَن يكون (أَصله) أَي أصل التفهيم (بإخباره) أَي الشَّارِع (ثمَّ اسْتغنى عَن إخبارهم) أَي أَخْبَار الصَّحَابَة (لمن يليهم) مِمَّن تلقى عَنْهُم (أَنه) أَي الشَّارِع (أخْبرهُم) أَي الصَّحَابَة فَقَوله ثمَّ اسْتغنى على صِيغَة الْمَجْهُول، وَقَوله عَن أخبارهم قَائِم مقَام فَاعله، وَقَوله من يليهم مفعول أَولا لأخبارهم، وَقَوله أَنه أخْبرهُم مَفْعُوله الثَّانِي: يَعْنِي لَا يلْزم على الصَّحَابَة أَن يخبروا من يليهم أَنه أخبرنَا الشَّارِع بِوَضْع الْأَسْمَاء الْمَذْكُورَة لمعانيها الشَّرْعِيَّة، وَذَلِكَ لِأَن من يليهم فَهموا من استعمالاتهم وَضعهَا كَمَا يفهم الْأَطْفَال من غير أَن يُقَال لَهُم هَذَا مَوْضُوع لذا أَو بأخبارهم بِالْوَضْعِ
من غير أَن يَقُولُوا أخبرنَا الشَّارِع بِهِ، وَيُمكن أَن يناقش فِيهِ بِأَن شَأْن الصَّحَابَة يَقْتَضِي أَن لَا يسكتوا عَن أَخْبَار الشَّارِع إيَّاهُم فِي مثله، وَفِي قَوْله (لحُصُول الْقَصْد) إِشَارَة إِلَى دَفعه: يَعْنِي أَن الْمَقْصد معرفَة الْوَضع سَوَاء حصلت بالأخبار أَو بالقرائن كالأطفال (قَالُوا) أَي القَاضِي وَمن تبعه ثَالِثا (لَو نقلت) الْأَسْمَاء عَن مَعَانِيهَا اللُّغَوِيَّة إِلَى الشَّرْعِيَّة (كَانَت) الْأَسْمَاء المنقولة إِلَيْهَا (غير عَرَبِيَّة لأَنهم) أَي الْعَرَب (لم يضعوها) على ذَلِك التَّقْدِير، بل الشَّارِع (وَيلْزم أَن لَا يكون الْقُرْآن عَرَبيا) لاشْتِمَاله على غير الْعَرَبِيّ، فَإِن الْمركب من الْعَرَبِيّ وَغَيره لَيْسَ بعربي، وَقد قَالَ الله تَعَالَى - {إِنَّا أَنزَلْنَاهُ قُرْآنًا عَرَبيا} - (أُجِيب بِأَنَّهَا) أَي الْأَسْمَاء المنقولة (عَرَبِيَّة إِذْ وضع الشَّارِع لَهَا ينزلها) ويصيرها (مجازات لغوية) إِذا كَانَ التخاطب بلغَة الْعَرَب فَإِن العلاقة بَين الْمَعْنى اللّغَوِيّ والشرعي مَوْجُودَة: لِأَن النَّقْل يقتضيها (وَيَكْفِي فِي الْعَرَبيَّة كَون اللَّفْظ مِنْهَا) أَي من الْأَلْفَاظ الْمَوْضُوعَة للْعَرَب (و) كَون (الِاسْتِعْمَال على شَرطهَا) أَي شَرط الْعَرَبيَّة بِأَن يكون الْمُسْتَعْمل فِيهِ إِمَّا عين الْمَوْضُوع لَهُ، أَو مَا بَينه وَبَين الْمَوْضُوع لَهُ نوع من العلاقات الْمُعْتَبرَة مَعَ وجود الْقَرِينَة الصارفة والمعينة (وَلَو سلم) أَنه لَا يَكْفِي ذَلِك فِي كَونهَا عَرَبِيَّة (لم يخل) كَونهَا غير عَرَبِيَّة (بعربيته) أَي الْقُرْآن (إِمَّا لكَون الضَّمِير) فِي قَوْله إِنَّا أَنزَلْنَاهُ (لَهُ) أَي لِلْقُرْآنِ (وَهُوَ) أَي الْقُرْآن (مِمَّا يصدق الِاسْم) أَي اسْمه (على بعضه) أَي بعض الْقُرْآن (ككله) أَي كَمَا يصدق على كُله (كالعسل) فَإِنَّهُ يصدق على القلل مِنْهُ وَالْكثير حَتَّى لَو حلف لَا يقْرَأ الْقُرْآن فَقَرَأَ جُزْء مِنْهُ حنث، فَيجوز أَن يُرَاد بالضمير بعض الْقُرْآن، وَلَا ريب فِي عربيته (بِخِلَاف) نَحْو (الْمِائَة والرغيف) مِمَّا لَا يُشَارك الْجُزْء الْكل فِي الْحَقِيقَة وَالِاسْم: فَلَا تطلق الْمِائَة والرغيف على بعض مِنْهَا (أَو) لكَون الضَّمِير (للسورة) بِاعْتِبَار الْمنزل، أَو الْمَذْكُور، وَهَذَا إِنَّمَا يتم إِذا لم يكن فِي تِلْكَ السُّورَة اسْم شَرْعِي (وَاعْلَم أَن الْمُعْتَزلَة سموا قسما من) الْحَقَائِق (الشَّرْعِيَّة) حَقِيقَة (دينية وَهُوَ مَا دلّ على الصِّفَات الْمُعْتَبرَة فِي الدّين وَعَدَمه) أَي عدم الدّين (اتِّفَاقًا) أَي اعْتِبَار اتّفق عَلَيْهِ الْمذَاهب (كالإيمان، وَالْكفْر، وَالْمُؤمن) وَالْكَافِر (بِخِلَاف الْأَفْعَال) أَي مَا هِيَ من فروع الدّين كَمَا يتَعَلَّق بالجوارح فَإِن فِي اعْتِبَارهَا فِي الدّين خلافًا (كَالصَّلَاةِ والمصلى وَلَا مشاحة) فِي الِاصْطِلَاح (وَوجه الْمُنَاسبَة) فِي تَسْمِيَة مَا ذكر دينية (أَن الْإِيمَان) على قَوْلهم (الدّين لِأَنَّهُ) أَي الدّين اسْم (لمجموع التَّصْدِيق الْخَاص) بِكُل مَا علم مَجِيئه صلى الله عليه وسلم بِهِ من عِنْد الله ضَرُورَة (مَعَ المأمورات والمنهيات لقَوْله تَعَالَى - {وَذَلِكَ دين الْقيمَة} - بعد ذكر الْأَعْمَال) أَي قَوْله تَعَالَى - {ويقيموا الصَّلَاة ويؤتوا الزَّكَاة} - بعد قَوْله - {وَمَا أمروا إِلَّا ليعبدوا الله مُخلصين} -