الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْفِعْل لوُجُوب الاجتناب من الْكل، وَلَا بِالنِّسْبَةِ إِلَى الرجس بِأَن يُقَال: بعض الْأَوْثَان رِجْس إِذْ الْكل رِجْس بِخِلَاف أَن يُقَال: الْأَوْثَان بعض الرجس، فَإِن فِي إدخالها فِي دَائِرَة الرجس مُبَالغَة فِي ذمها: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال: الْمَعْنى على الْقلب.
مسئلة
(إِلَى: للغاية أَي دَالَّة على أَن مَا بعْدهَا مُنْتَهى حكم مَا قبلهَا، وَقَوله لانْتِهَاء الْغَايَة تساهل) لَا من حَيْثُ أَن الْغَايَة لَا امتداد لَهَا لما ذكر من أَنَّهَا قد تطلق على ذِي الْغَايَة وَلما سَيذكرُ (وَكَذَا) التساهل مَوْجُود وَلم يرْتَفع (بِإِرَادَة المبدأ) بالغاية تحملا بِمَا أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (إِذْ تطلق) الْغَايَة (بالاشتراك عرفا بَين مَا ذكرنَا) وَهُوَ الْمُنْتَهى (وَنِهَايَة الشَّيْء من طَرفَيْهِ) بَيَان لنهايته وهما أَوله وَآخره (وَمِنْه) أَي من هَذَا الِاشْتِرَاك الْعرفِيّ نَشأ قَوْلهم (لَا تدخل الغايتان) فِي قَوْله عَليّ من دِرْهَم إِلَى عشرَة حَتَّى تلْزم ثَمَانِيَة كَمَا هُوَ قَول زفر، وَإِنَّمَا لم يحمل على التغليب لِأَنَّهُ مجَاز، ثمَّ علل التساهل بقوله (لِأَن الدّلَالَة بهَا) أَي بإلى (على انْتِهَاء حكمه) أَي حكم مَا قبلهَا (لَا) على (انتهائه) أَي مَا قبلهَا نَفسه فَفِي قَوْلك أكلت السَّمَكَة إِلَى رَأسهَا نصفهَا يظْهر مَا قُلْنَا (وَفِي دُخُوله) أَي مَا بعْدهَا فِي حكم مَا قبلهَا. أَرْبَعَة مَذَاهِب. يدْخل مُطلقًا. لَا يدْخل مُطلقًا. يدْخل أَن كَانَ من جنس مَا قبلهَا. وَلَا يدْخل إِن لم يكن. والاشتراك: أَي يدْخل حَقِيقَة وَلَا يدْخل حَقِيقَة، كَذَا ذكره صدر الشَّرِيعَة (كحتى) أَرَادَ أَن الرَّابِع فِي حَتَّى الِاشْتِرَاك فتعقبه بقوله (وَنقل مَذْهَب الِاشْتِرَاك فِي إِلَى غير مَعْرُوف، وَمذهب يدْخل) بِالْقَرِينَةِ (وَلَا يدْخل بِالْقَرِينَةِ غَيره) أَي غير مَذْهَب الِاشْتِرَاك وَسَيَجِيءُ بَيَانه، فَلَمَّا أَفَادَ أَن الِاشْتِرَاك فِي حَتَّى من حَيْثُ النَّقْل ثَابت دون إِلَى أَرَادَ أَن يبين أَن المرضي عِنْده عدم ثُبُوته فِي شَيْء مِنْهُمَا بِحَسب نفس الْأَمر ومنشأ ذَلِك النَّقْل التباس فَقَالَ (فَلَعَلَّهُ) أَي مَذْهَب يدْخل وَلَا يدْخل بِالْقَرِينَةِ (الْتبس بِهِ) أَي بِمذهب الِاشْتِرَاك فَوضع مَوْضِعه مَذْهَب الِاشْتِرَاك (فَلَا يُفِيد حَتَّى وَإِلَى سوى) شَيْء (أَن مَا بعْدهَا مُنْتَهى الحكم) أَي حكم مَا قبل كل مِنْهُمَا (ودخوله) أَي مَا بعد كل مِنْهُمَا فِي حكم مَا قبله (وَعَدَمه) أَي عدم دُخُول مَا بعد كل فِي حكم مَا قبله إِنَّمَا هُوَ (بِالدَّلِيلِ) على ذَلِك بِحَسب الْمَوَارِد (وَإِلَيْهِ) أَي وَإِلَى هَذَا الْمَذْهَب (أذهب فيهمَا) أَي فِي حَتَّى وَالِي (وَلَا يُنَافِي) هَذَا الْمَذْهَب (إِلْزَام الدُّخُول فِي حَتَّى) عِنْد عدم الْقَرِينَة كَمَا هُوَ قَول أَكثر الْمُحَقِّقين (وَعَدَمه) أَي عدم الدُّخُول (فِي إِلَى) عِنْد عدم الْقَرِينَة كَمَا هُوَ قَول أَكثر الْمُحَقِّقين أَيْضا (لِأَنَّهُ) أَي إِلْزَام الدُّخُول وَعَدَمه، أَو الضَّمِير للشأن (إِيجَاب الْحمل) أَي حمل حَتَّى وَإِلَى على الدُّخُول وَعَدَمه (عِنْد
عدم القرنية) الْمعينَة للدخول أَو عَدمه، فعلى الأول قَوْله إِيجَاب الْحمل خبر إِن، وعَلى الثَّانِي مُبْتَدأ خَبره (للأكثرية فيهمَا) يَعْنِي إِذا لم يكن حَتَّى وَإِلَى مَوْضُوعَيْنِ للدخول وَعَدَمه وَلم تكن الْقَرِينَة الْمعينَة وَالْحمل على مَا هُوَ الْأَكْثَر فِي الِاسْتِعْمَال مُتَعَيّن (حملا على) الِاحْتِمَال (الْأَغْلَب) احْتِرَازًا عَن تَرْجِيح المغلوب الْمَرْجُوح (لَا) إِيجَاب حملهَا على الدُّخُول وَعَدَمه حَال كَونهمَا (مدلولا لَهما) أَي حَتَّى وَإِلَى حَتَّى يُنَافِي الْمَذْهَب الْمُخْتَار (وَالتَّفْصِيل) بَين بِالْفرقِ بَين أَن يكون مَا بعْدهَا من جنس مَا قبلهَا فَيدْخل، وَأَن لَا يكون فَلَا يدْخل (بِلَا دَلِيل) وَأَشَارَ إِلَى نفي مَا يخال دَلِيلا عَلَيْهِ بقوله (وَلَيْسَ يلْزم الْجُزْئِيَّة) أَي كَون مَا بعْدهَا من جنس مَا قبلهَا (الدُّخُول) بِالرَّفْع فَاعِلا ليلزم: أَي لَيْسَ الدُّخُول من لَوَازِم الْجُزْئِيَّة وَلَا عدم الدُّخُول من لَوَازِم عدمهَا، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَلَا) يلْزم (عدمهَا) أَي الْجُزْئِيَّة (عَدمه) أَي الدُّخُول (إِلَّا أَن يثبت استقراؤه) أَي استقراء الدُّخُول وَعَدَمه فِي موارد الِاسْتِعْمَال فَوجه (كَذَلِك) أَي على التَّفْصِيل الْمَذْكُور (فَيحمل) حَتَّى وَإِلَى عَلَيْهِمَا (كَمَا قُلْنَا وَكَذَا) بِلَا دَلِيل (تَفْصِيل، فَخر الْإِسْلَام إِن كَانَت) الْغَايَة (قَائِمَة: أَي مَوْجُودَة قبل التَّكَلُّم غير مفتقرة) فِي الْوُجُود (إِلَى المغيا: أَي مُتَعَلق الْفِعْل) الَّذِي تعلّقت بِهِ من الزَّمَان وَالْمَكَان (لَا الْفِعْل لم تدخل) الْغَايَة فِي حكم المغيا (كإلى هَذَا الْحَائِط) فِي قَوْله: بعنا أَو أجرت من هَذَا الْحَائِط إِلَى هَذَا الْحَائِط (وَاللَّيْل فِي الصَّوْم) أَي فِي - {أَتموا الصّيام إِلَى اللَّيْل} - فالحائط لَا تدخل فِي حكم البيع وَالْإِجَارَة وَكَذَا اللَّيْل أَي لَا يدْخل فِي الصَّوْم (إِلَّا أَن تنَاولهَا) أَي الْغَايَة (الصَّدْر كالمرافق) فِي - {وَأَيْدِيكُمْ إِلَى الْمرَافِق} - لِأَن الْيَد اسْم تنَاول الْجَارِحَة من رُءُوس الْأَصَابِع إِلَى الْإِبِط، فَتدخل الْمرَافِق فِي حكم الْغسْل (فَأدْخل) فَخر الْإِسْلَام (فِي) الْغَايَة (الْقَائِمَة الْجُزْء مُطلقًا) أَي سَوَاء كَانَ آخرا أَولا (و) كَذَا أَدخل فِيهَا (اللَّيْل) الْمَذْكُور فِي الْآيَة، وَذَلِكَ لِأَنَّهُ اسْتثْنى من الْقَائِمَة بِنَفسِهَا مَا يتَنَاوَلهُ الصَّدْر والجزء مِمَّا يتَنَاوَلهُ آخرا كَانَ أَولا، والمستنثى دَاخل فِي الْمُسْتَثْنى مِنْهُ لَا محَالة. وَقد صرح فِي التَّمْثِيل بِدُخُول اللَّيْل فِيهَا (وَغَيره) أَي غير فَخر الْإِسْلَام كصاحب الْمنَار وَصدر الشَّرِيعَة قَالَ (إِن قَامَت) الْغَايَة (لَا) تدخل (كرأس السَّمَكَة وَإِلَّا) أَي وَإِن لم تقم (فَإِن تنَاولهَا) الصَّدْر (كالمرافق دخلت) الْغَايَة فِي حكم المغيا (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يَتَنَاوَلهَا الصَّدْر (لَا) تدخل (كالليل) لِأَن مُطلق الصَّوْم ينْصَرف إِلَى الْإِمْسَاك سَاعَة بِدَلِيل مسئلة الْحلف (فأخرجوهما) أَي أخرج غير فَخر الْإِسْلَام الْمرَافِق، وَاللَّيْل عَن الْقَائِمَة لادخالهما فِيمَا يُقَابل الْقَائِمَة، وَلم يذكر المُصَنّف فِي تَفْصِيل فَخر الاسلام حكم مَا يُقَابل الْقَائِمَة اكْتِفَاء بِذكرِهِ فِي تَفْصِيل غَيره: إِذْ لَا خلاف بَينهم فِي أَن غير الْقَائِمَة أَن تنَاوله الصَّدْر دخل وَإِلَّا فَلَا، وَإِنَّمَا الْخلاف بَينهم فِي الْقَائِمَة، فَغير فَخر الْإِسْلَام
حكم بِعَدَمِ دُخُول الْقَائِمَة مُطلقًا. وَهُوَ اسْتثْنى مِنْهَا مَا تنَاوله الصَّدْر (قيل مبناه) أَي مَبْنِيّ قَول غير فَخر الْإِسْلَام (على تَفْسِيره الْقَائِمَة بِكَوْنِهَا غَايَة قبل التَّكَلُّم) أَي (غَايَة بذاتها لَا يَجْعَلهَا) غَايَة (بِإِدْخَال إِلَى عِنْدهم) أَي غير فَخر الْإِسْلَام ظرف للتفسير، وَلَا شكّ فِي عدم صدق الْقَائِمَة بِهَذَا الْمَعْنى على الْمرَافِق وَاللَّيْل: إِذْ لَا يتَحَقَّق فيهمَا معنى الْغَايَة إِلَّا بجعلهما مَدْخُول إِلَى، بِخِلَاف مَا فسر بِهِ فَخر الْإِسْلَام من كَونهَا مَوْجُودا غير مفتقر إِلَى المغيا فَإِنَّهُ يصدق عَلَيْهِمَا (وَلَا يخفى أَنه) أَي تفسيرهم بِمَا ذكر (مَبْنِيّ على إِرَادَة مُنْتَهى الشَّيْء) الَّذِي هُوَ مُتَعَلق الْفِعْل على مَا مر (لَا) مُنْتَهى (الحكم) إِذْ مُنْتَهى الشَّيْء هُوَ الَّذِي يَنْقَسِم إِلَى قسمَيْنِ: أَعنِي الْغَايَة بذاتها والغاية بالجعل، وَأما مُنْتَهى الحكم فَلَا يكون إِلَّا بالجعل (فَخرج اللَّيْل والجزء) الَّذِي هُوَ (غير الْمُنْتَهى) من الْقَائِمَة كالمرافق فَإِنَّهُ لَيْسَ بغاية مَعَ قطع النّظر عَن الْجعل كَمَا أَن اللَّيْل لَيْسَ بغاية للصَّوْم الْمُطلق الصَّادِق على إمْسَاك سَاعَة (واختص) كَونهَا قَائِمَة على تفسيرهم (بِنَحْوِ إِلَى الْحَائِط، وَرَأس السَّمَكَة) مِمَّا هُوَ غَايَة فِي حد ذَاتهَا مَعَ قطع النّظر عَن جعل الْجَاعِل (و) اخْتصَّ كَونهَا قَائِمَة (بالمجموع) أَي بِمَجْمُوع كَونهَا مَوْجُودَة قبل التَّكَلُّم غير مفتقرة إِلَى المغيا (عِنْده) أَي فَخر الْإِسْلَام (فدخلا) أَي الْمرَافِق وَاللَّيْل فِي الْقَائِمَة كَذَا قيل (وَفِيه) أى فِي اخْتِصَاص كَونهَا قَائِمَة بالمجموع (نظر لِأَنَّهُ) أى فَخر الاسلام (أَدخل الْمرَافِق) فِي الْقَائِمَة (مَعَ انْتِفَاء صدق الْمَجْمُوع عَلَيْهَا) أى الْمرَافِق فِي أَنَّهَا مفتقرة إِلَى الْيَد (وَالْحق أَن الِاعْتِبَار) فِي الدُّخُول وَعَدَمه (بالتناول) أَي بتناول صدر الْكَلَام للمغيا والغاية مَعًا (وَعَدَمه) أَي التَّنَاوُل (فَيرجع) الِاعْتِبَار الْمَذْكُور (إِلَى التَّفْصِيل النَّحْوِيّ) إِلَى أَن مَا بعْدهَا إِن كَانَ جُزْءا مِمَّا قبلهَا دخل وَإِلَّا فَلَا، وَهَذَا لَا يُنَافِي مَا سبق من أَن التَّفْصِيل بِلَا دَلِيل، لِأَن المُرَاد ثمَّة نفي كَون إِلَى مَوْضُوعَة للدخول فِي صُورَة التَّنَاوُل وللخروج فِي غَيرهَا، وَاعْتِبَار التَّنَاوُل هَهُنَا لَيْسَ مَعْنَاهُ أَن الدُّخُول وَالْخُرُوج يَأْتِي من قبل وَاضع وضع إِلَى بِسَبَب أَنه إِذا كَانَ متناولا فَالظَّاهِر ثُبُوت الحكم لجَمِيع مَا تنَاوله الصَّدْر وَإِلَّا فَالْأَصْل عدم الحكم فِيمَا بعد إِلَى (وَلذَا خطئَ من أَدخل الرَّأْس) من السَّمَكَة (فِي الْقَائِمَة وَحكم بِعَدَمِ دُخُول الْقَائِمَة مُطلقًا) فِي حكم المغيا، وَهُوَ صدر الشَّرِيعَة (وَلم يزدْ التَّفْصِيل إِلَى الْقَائِمَة وَغَيرهَا سوى الشغب) فِي المُرَاد بالقائمة، وَمِمَّا يَقْتَضِيهِ تَفْسِير كل من الْفَرِيقَيْنِ، وَهُوَ بالتسكين تهييج الشَّرّ فِي الأَصْل، وَالْمرَاد هُنَا كَثْرَة القيل والقال (فَعدم دُخُول الْعَاشِر عِنْده) أَي أبي حنيفَة (فِي لَهُ) عَليّ (من دِرْهَم إِلَى عشرَة لعدم تنَاوله) أَي الدِّرْهَم الَّذِي هُوَ صدر الْكَلَام (إِيَّاه) أَي الْعَاشِر فَلَزِمَهُ تِسْعَة (وأدخلاه) أَي الْعَاشِر (بادعاء الضَّرُورَة: إِذْ لَا يقوم) الْعَاشِر غَايَة (بِنَفسِهَا) لعدم وجوده بِدُونِ تِسْعَة قبله فَلم يكن لَهُ
وجود قبل هَذَا الْكَلَام (فَلَا يكون) الْعَاشِر (إِلَّا مَوْجُودَة وَهُوَ) أَي وجودهَا (بِوُجُوبِهَا) فِي الذِّمَّة فَيجب (وَصَارَ) الْعَاشِر (كالمبدأ) وَهُوَ الدِّرْهَم الأول فِي الدُّخُول ضَرُورَة فَلَزِمَهُ عشرَة. (وَقَالَ) أَبُو حنيفَة (المبدأ) أَي دُخُوله (بِالْعرْفِ وَالْإِثْبَات) للْأولِ (لمعروض الثانوية) أَي لأجل إِثْبَات الثَّالِث بِوَصْف الثالثية وهلم جرا (إِلَى العاشرية) وَذَلِكَ لِأَنَّهُ لَا يُمكن إِثْبَات الثَّانِي مثلا من حَيْثُ هُوَ ثَان فِي الذِّمَّة إِلَّا بِإِثْبَات الأول فِيهَا أَيْضا وَإِلَّا لَكَانَ الثَّابِت فِيهَا وَاحِدًا لَا ثَانِيًا وَهُوَ ظَاهر، وَقَوله وَالْإِثْبَات مُبْتَدأ خَبره (لَا يثبت الْعَاشِر) لعدم احْتِيَاج إِثْبَات التاسعية للتاسع إِلَى العاشرية (ووجوده) أَي الْعَاشِر فِي الْعقل إِنَّمَا هُوَ (لكَونه غَايَة فِي التعقل لتحديد الثَّابِت) أَي لتحديد مَا قصد إثْبَاته فِي الذِّمَّة مِمَّا هُوَ (دونه) أَي دون الْعَاشِرَة وَهُوَ التَّاسِع (وَإِضَافَة كل مَا) أَي عدد كَائِن (قبله) أَي الْعَاشِر (من الثَّانِي إِلَى التَّاسِع يستدعى) ثُبُوت (مَا) أَي عدد كَائِن (قبلهَا) أَي قبل تِلْكَ الْإِضَافَة فالثانوية مثلا مَفْهُوم إضافي إِذا ثَبت معروضها استدعى ثُبُوت الأول، والثالثية تستدعى ثُبُوت الأول وَالثَّانِي، وعَلى هَذَا الْقيَاس (لَا) يستدعى ثُبُوت (مَا بعْدهَا كالعاشر وَلَو استدعاه) أَي لَو فرض أَن الثَّانِي مثلا يستدعى الثَّالِث (كَانَ) ذَلِك الاستدعاء (فِي الْوُجُود) بِحَسب التعقل (لَا فِي ثُبُوت حكمه) أَي حكم الْعدَد الْمُتَقَدّم كالثبوت فِي الذِّمَّة (لَهُ) أَي لما بعده بِأَن يثبت الآخر فِي الذِّمَّة (لِأَنَّهُ) أَي الحكم بِشَيْء (على معروض وصف مضايف) لوصف آخر بِأَن يكون تعقل كل مِنْهُمَا يسْتَلْزم تعقل الآخر (لَا يُوجِبهُ) أَي الحكم بذلك الشَّيْء (على معروض) الْوَصْف (الآخر وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن كَذَلِك بِأَن أوجبه (وَجب قيام الابْن للْحكم بِهِ) أَي بِالْقيامِ (على الْأَب) فَإِن الْأُبُوَّة وصف مضايق للبنوة. وَقد فرض أَن الحكم عل معروض أحد المتضايقين بِشَيْء يُوجب الحكم بِهِ على معروض الآخر، فَيجب أَن يحكم بِكَوْن الابْن قَائِما أَيْضا (وَلذَا) أَي وَلأَجل أَن الحكم على معروض أحد المتضايفين لَا يُوجب الحكم على معروض الآخر (لم يَقع بطالق ثَانِيَة غير وَاحِدَة) وَإِن كَانَت الثَّانِيَة لَا تتَحَقَّق بِدُونِ وُقُوع الأول لَكِن يُمكن الحكم على ذَات معروض أحد المتضايقين من غير اعْتِبَار اتصافه بِالْوَصْفِ بِدُونِ الحكم على معروض الآخر، وَلَا شكّ أَن الْمَقْصد هَهُنَا إِيقَاع ذَات الطَّلَاق من غير اعْتِبَار وصف الثانوية لعدم إِمْكَان اعْتِبَاره لِأَنَّهُ فرع سبق طَلَاق وَلم يسْبق مِنْهُ لفظ إِطْلَاق، قيل وَلَا يَقع الطَّلَاق إِلَّا بِاللَّفْظِ (ووقوعهما) أَي الطلقتين عِنْد أبي حنفية (فِي) أَنْت طَالِق (من وَاحِدَة إِلَى ثَلَاث بِوُقُوع الأولى للْعُرْف لَا لذَلِك) أَي التضايق بَينهَا وَبَين الثَّانِيَة (وَلَا لجَرَيَان ذكرهَا) أَي الأولى (لِأَن مجرده) أَي ذكرهَا (لَا يُوجِبهُ) أَي وُقُوعهَا
(إِذا لم تقتضه) أَي وُقُوعهَا (اللُّغَة وَبِهَذَا) الَّذِي يكون مُجَرّد ذكر الشَّيْء لَا يقتضى وُقُوعه: إِذا لم تقتضه اللُّغَة (بعد قَوْلهمَا فِي إِيقَاع الثَّالِثَة) أَي بإيقاع (وَمثله) أَي هَذَا (الْخلاف) الْخلاف (فِي دُخُول الْغَد) حَال كَونه (غَايَة للخيار وَالْيَمِين) فِي: بِعْتُك هَذَا بِكَذَا على أَنِّي بِالْخِيَارِ إِلَى غَد، وَوَاللَّه لَا أُكَلِّمك إِلَى غَد (فِي رِوَايَة الْحسن) بن زِيَاد عَن أبي حنيفَة (عِنْده) أَي أبي حنيفَة (للتناول) أَي تنَاول صدر الْكَلَام الْغَايَة (لِأَن مطلقه) أَي مُطلق كل وَاحِد من ثُبُوت الْخِيَار، وَنفي الْكَلَام بِأَن لَا يتَقَيَّد بغاية مُعينَة (يُوجب الْأَبَد) إِذا أَرَادَ بعض الْأَزْمِنَة دون بعض تَرْجِيح بِلَا مُرَجّح فيستغرق أَوْقَات الْعُمر (فَهِيَ) أَي الْغَايَة فيهمَا (لإِسْقَاط مَا بعْدهَا) فَيدْخل الْغَد فِي الْخِيَار وَالْيَمِين فَإِن قلت كَونهَا للإسقاط مُسلم، لِأَن مد الحكم إِلَى مَا بعْدهَا حَاصِل بِدُونِ ذكرهَا، وَلَا يظْهر لذكرها فَائِدَة إِلَّا الْإِسْقَاط، غير أَنه لَا يسْتَلْزم دُخُول مَا بعْدهَا لجَوَاز أَن يَجْعَل دَاخِلا فِي الْإِسْقَاط قُلْنَا أصل التَّنَاوُل لَهَا كَانَ مَعْلُوما بِدُونِ ذكرهَا، فَعِنْدَ الذّكر وَقع التَّرَدُّد فِي بَقَائِهَا على مَا كَانَ وَفِي سُقُوطهَا، وَالْأَصْل هُوَ الْبَقَاء فَتدبر (وَمَا وَقع) فِي نسخ من أصُول فَخر الْإِسْلَام، وَكَذَلِكَ (فِي الْآجَال والأثمان) فِي رِوَايَة الْحسن عَنهُ (غلط لِاتِّفَاق الرِّوَايَة) وَفِي نُسْخَة الشَّارِح الروَاة بدل الرِّوَايَة وَهُوَ الْأَظْهر (على عَدمه) أَي دُخُول الْغَايَة (فِي أجل الدّين وَالثمن وَالْإِجَارَة) كاشتريت هَذَا بِأَلف إِلَى شهر كَذَا، وأجرتك هَذِه الدَّار بِمِائَة إِلَى كَذَا فَلَا يدْخل ذَلِك الشَّهْر فِي الْأَجَل (وَهُوَ) أَي عدم الدُّخُول هُوَ (الظَّاهِر فِي الْيَمين فَلَزِمَهُ) أَي أَبَا حنيفَة (الْفرق) بَين هَذِه وَبَين الْيَمين (فَقيل) فِي الْفرق بَينهمَا ذكر الْغَايَة (فِي الْأَوَّلين) أَي الدّين وَالثمن هُوَ (للترفيه) أَي التَّخْفِيف والتوسعة (وَيصدق) الترفيه (بِالْأَقَلِّ زَمَانا فَلم يَتَنَاوَلهَا) أَي الْكَلَام الْغَايَة (فَهِيَ) أَي الْغَايَة فيهمَا (للمد) أَي لمد الحكم إِلَيْهَا (وَالْإِجَارَة تمْلِيك مَنْفَعَة) بعوض مَالِي (وَيصدق) تمليكها (كَذَلِك) أَي بِالْأَقَلِّ زَمَانا (وَهُوَ) أَي تمليكها كَذَلِك (غير مُرَاد) لِأَن الْمَقْصد من شرعيتها دفع الْحَاجة وَهِي لَا تحصل بِهَذَا الْإِطْلَاق فَيجب أَن يكون المُرَاد مِقْدَارًا معينا وَهُوَ غير مَعْلُوم (فَكَانَ) المُرَاد مِنْهَا (مَجْهُولا) بِاعْتِبَار الْمدَّة (فَهِيَ) أَي الْغَايَة فِيهَا (لمده) أَي الحكم (إِلَيْهَا) أَي الْغَايَة (بَيَانا لقدر) مَجْهُول فَلم يدْخل لعدم مَا يقتضى دُخُوله تَحت الحكم (وَقَول شمس الْأَئِمَّة فِي وَجه: الظَّاهِر) فِي عدم دُخُول الْغَد فِي الْيَمين (فِي حُرْمَة الْكَلَام) وَوُجُوب الْكَفَّارَة بِهِ (فِي مَوضِع الْغَايَة شكّ) مقول قَوْله، وَذَلِكَ لِأَن الأَصْل عدم الْحُرْمَة للنَّهْي عَن هجران الْمُسلم وَعدم وجوب الْكَفَّارَة بِكَلَامِهِ (وَمَا نسب إِلَيْهِمَا) أَي الصاحبين من أَن الْغَايَة (لَا تدخل) فِي المغيا
(إِلَّا بِدَلِيل، وَلذَا) أَي وَلعدم دُخُولهَا فِيهِ (سيمت غَايَة لِأَن الحكم يَنْتَهِي إِلَيْهَا، وَإِنَّمَا دخلت الْمرَافِق بِالسنةِ) فعلا، على مَا روى الدَّارَقُطْنِيّ وَالْبَيْهَقِيّ عَن جَابر قَالَ: رَأَيْت رَسُول الله صلى الله عليه وسلم يُدِير المَاء على الْمرْفق (وَبحث القَاضِي) وَهُوَ أَنه (إِذا قرن الْكَلَام بغاية أَو اسْتثِْنَاء أَو شَرط لَا يعْتَبر بالمطلق) الْمَذْكُور فِي صدر الْكَلَام بِأَن يحمل على إِطْلَاقه أَولا (لم يخرج) من إِطْلَاقه (بالقيد) أَي الْغَايَة وَالِاسْتِثْنَاء وَالشّرط مَا يَقْتَضِي إِخْرَاجه أحد هَذِه الْمَذْكُورَات (بل) يعْتَبر الْكَلَام (بجملته) ابْتِدَاء يَعْنِي يُؤَخر الحكم إِلَى آخر الْكَلَام فيلاحظ بعد ذكر الْغَايَة وَمَا عطف عَلَيْهِ مَا يبْقى من إِطْلَاقه فَيحكم عَلَيْهِ ابْتِدَاء (فالفعل مَعَ الْغَايَة كَلَام وَاحِد) سيق (للْإِيجَاب) وَإِثْبَات الحكم للمغيا (إِلَيْهَا) أَي الْغَايَة (لَا للْإِيجَاب) أَي لإثباته للمغيا والغاية أَولا (والإسقاط) ثَانِيًا بِأَن يخرج الْغَايَة عَن الحكم بعد دُخُولهَا (فِيهِ فَإِنَّهُ مُنَاقض (وَيجب أَن لَا اعْتِبَار بذلك التَّفْصِيل) الرَّاجِع إِلَى التَّفْصِيل النَّحْوِيّ، فَقَوله وَقَول شمس الْأَئِمَّة مُبْتَدأ عطف عَلَيْهِ كل من قَوْله مَا نسب إِلَيْهَا إِلَى آخِره، وَمن قَوْله: وَبحث القَاضِي إِلَى آخِره، وَقَوله يُوجب إِلَى آخِره خَبره: إِذْ حَاصِل التَّفْصِيل إِدْخَال الْغَايَة فِي بعض الصُّور وإخراجها فِي الْبَعْض وَحَاصِل هَذِه عدم الإدخال مُطلقًا بِنَفس الْكَلَام (بل الإدخال) للغاية مُطلقًا فِي حكم المغيا (بِالدَّلِيلِ) ثمَّ بَين الدَّلِيل بقوله (من وجوب احْتِيَاط) إِذا كَانَ الِاحْتِيَاط فِي الإدخال احْتِرَاز عَن إهمال الحكم الشَّرْعِيّ وَذَلِكَ إِذا لم يكن الأَصْل فِيهِ الْحَظْر (أَو قرينَة) دَالَّة على دُخُولهَا فِي الحكم (وَهُوَ) أَي الدَّلِيل على الإدخال (فِي الْخِيَار كَونه) أَي الْخِيَار شرع (للتروي، وَقد ضرب الشَّرْع لَهُ) أَي للتروي (ثَلَاثَة) من الْأَيَّام بلياليها (حَيْثُ ثَبت) التروي (كَالْبيع) فِي الْمُسْتَدْرك عَن ابْن عمر أَنه قَالَ كَانَ حبَان بن منقذ رجلا ضَعِيفا، وَكَانَ قد أَصَابَته فِي رَأسه مأمومة فَجعل لَهُ رَسُول الله صلى الله عليه وسلم الْخِيَار إِلَى ثَلَاثَة أَيَّام فِيمَا اشْتَرَاهُ، وَعنهُ غير هَذَا الحَدِيث فِي هَذَا الْمَعْنى (وَالرِّدَّة) فِي الْمُوَطَّأ عَن عمر أَن رجلا أَتَاهُ من قبل أبي مُوسَى قَالَ رجل ارْتَدَّ عَن الْإِسْلَام فقلناه، فَقَالَ: هلا حبستموه فِي بَيت ثَلَاثَة أَيَّام وأطعمتموه كل يَوْم رغيفا لَعَلَّه يَتُوب، ثمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إِنِّي لم أحضر وَلم آمُر وَلم أَرض (لِأَنَّهَا) أَي الثَّلَاثَة (مَظَنَّة إتقانه) أَي التروي إتقانا (تَاما، فَالظَّاهِر إِدْخَال مَا عين غَايَة) للتروي (دونهَا) أَي ثَلَاثَة أَيَّام: يَعْنِي إِذا كَانَ مَا عين غَايَة للتروي مَعَ مغياها ثَلَاثَة أَيَّام أَو أقل مِنْهَا كَانَ دَاخِلا فِي حكمه فبالضرورة يكون مَا قبل الْغَايَة حِينَئِذٍ دون الثَّلَاثَة (وعَلى هَذَا) التَّحْقِيق (انْتَفَى بِنَاء إِيجَاب) غسل (الْمرَافِق عَلَيْهِ) أَي على تنَاول الصَّدْر إِيَّاهَا: إِذْ لَا تَأْثِير لَهُ فِي الإدخال، وَإِنَّمَا التَّأْثِير للدليل على مَا تبين (وَمَا قيل) أَي وانتفى أَيْضا مَا قَالَه بعض الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة من ابتناء
وجوب غسل الْمرَافِق (على اسْتِعْمَالهَا) أَي إِلَى (للمعية) كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {وَلَا تَأْكُلُوا أَمْوَالهم إِلَى أَمْوَالكُم} - (بعد قَوْلهم: الْيَد) من رُءُوس الْأَصَابِع (إِلَى الْمنْكب) وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ) أَي هَذَا القَوْل إِن صَحَّ (يُوجب الْكل) أَي غسل الْأَيْدِي إِلَى الْمنْكب حِينَئِذٍ (لِأَنَّهُ كاغسل الْقَمِيص وكمه وغايته) أَي غَايَة، ذكر الْمرَافِق حِينَئِذٍ (كأفراد فَرد من الْعَالم) بِحكم الْعَام (إِذْ هُوَ) أَي ذكر الْمرَافِق (تنصيص على بعض مُتَعَلق الحكم) وَهُوَ الْيَد (بتعليق عين ذَلِك الحكم) بذلك الْبَعْض (وَذَلِكَ) أَي وإفراد فَرد من الْعَام بِحكم الْعَام (لَا يخرج غَيره) أَي غير ذَلِك الْفَرد عَن حكم الْعَام فَكَذَا التَّنْصِيص على الْمرَافِق لَا يخرج مَا وَرَاءَهَا عَن وجوب الْغسْل الْمُتَعَلّق بِالْأَيْدِي (وَلَو أخرج) التَّنْصِيص على الْفَرد مِنْهُ غَيره عَن حكمه (كَانَ) إخراجا (بِمَفْهُوم اللقب) وَقد مر تَفْسِيره فِي أَوَائِل الْمقَالة وَهُوَ مَرْدُود فَكَذَا هُنَا (وَمَا قيل) وانتفى أَيْضا مَا ذكره صَاحب الْمُحِيط فِي تَوْجِيه افتراض غسل الْمرَافِق من أَنه (لضَرُورَة غسل الْيَد، إِذْ لَا يتم) غسلهَا (دونه) أَي دون غسل الْمرْفق (لتشابك عظمى الذِّرَاع والعضد) وَعدم إِمْكَان التَّمْيِيز بَينهمَا فَتعين لِلْخُرُوجِ من عُهْدَة افتراض غسل الذِّرَاع بتعين غسل الْمرَافِق، وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ لم يتَعَلَّق الْأَمر بِغسْل الذِّرَاع ليجب غسل مَا لَازمه) وَهُوَ طرف عظم الْعَضُد (بل) تعلق وجوب الْغسْل (بِالْيَدِ إِلَى الْمرْفق وَمَا بعد إِلَى لما لم يدْخل) على مَا هُوَ الْمَفْرُوض (لم يدْخل جزآهما) أَي الذِّرَاع والعضد (الملتقيان) فِي الْمرْفق (وَمَا قيل) أَي وانتفى أَيْضا مَا قيل فِي تَوْجِيه افتراض غسله من أَنه افْترض لاشتباه المُرَاد بِغسْل الْيَد إِلَى الْمرَافِق (للاجمال وغسله) عليه السلام أى الْمرْفق (فالتحق) غسله (بِهِ) أى بِالنَّصِّ الْمُجْمل الْمَذْكُور (بَيَانا) لما هُوَ المُرَاد مِنْهُ، وانما انْتَفَى (لِأَن عدم دلَالَة اللَّفْظ) يعْنى وَأَيْدِيكُمْ الى الْمرَافِق على دُخُول الْمرْفق فِي الْغسْل (لَا يُوجب الْإِجْمَال) فِيمَا هُوَ المُرَاد إِذْ وجوب غسل الْيَد إِلَى الْمرْفق مَنْطُوق والمرفق مسكوت عَنهُ وبالسكوت لَا يلْزم عدم الْوُجُوب كَمَا لَا يلْزم الْوُجُوب، فَالْمُرَاد وجوب غسل مَا فَوق الْمرْفق، وَلَا إِجْمَال فِي هَذَا المُرَاد، وَلَا سِيمَا (وَالْأَصْل الْبَرَاءَة) أَي بَرَاءَة ذمَّة الْمُكَلف عَن الْوُجُوب فَيُؤْخَذ عدم وجوب غسل الْمرَافِق بالاستصحاب (بل) الَّذِي يُوجب الْإِجْمَال (الدّلَالَة المشتبهة) بِأَن يكون الْمَدْلُول مُحْتملا لوجوه شَتَّى وَلم يتَعَيَّن أَحدهَا بِحَيْثُ لَا يدْرك إِلَّا بِبَيَان من قبل الْمُتَكَلّم وَهِي مَقْصُودَة هَهُنَا، وَإِن كَانَ الْأَمر على هَذَا (فَبَقيَ مُجَرّد فعله) صلى الله عليه وسلم (دَلِيل السّنة) أَي يدل على مسنونية غسله كَقَوْلِه زفر (وَمَا قيل) أَي وانتفى أَيْضا مَا قيل فِي تَوْجِيه افتراضه من أَن الْغَايَة (تدخل) تَارَة كَمَا فِي حفظت الْقُرْآن من أَوله إِلَى آخِره (وَلَا) تدخل أُخْرَى كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى - {فنظرة إِلَى ميسرَة} - (فَتدخل) من الإدخال بِقَرِينَة قَوْله (احْتِيَاطًا)
هَهُنَا لِأَن الحَدِيث مُتَيَقن فَلَا يَزُول بِالشَّكِّ، وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَن الحكم إِذا توقف على الدَّلِيل لَا يجب) أَي لَا يثبت (مَعَ عَدمه) أَي عدم الدَّلِيل لِامْتِنَاع ثُبُوت الْمَوْقُوف بِدُونِ الْمَوْقُوف عَلَيْهِ وَمن الْمَعْلُوم توقفه والمفروض عدم الدَّلِيل هَهُنَا (وَالِاحْتِيَاط) إِنَّمَا هُوَ (الْعَمَل بأقوى الدَّلِيلَيْنِ وَهُوَ) أَي الْعَمَل بأفواهما (فرع تجاذبهما) بِأَن يتَحَقَّق دَلِيل يجذب الحكم إِلَيْهِ وَدَلِيل آخر يجذب نقيضه إِلَيْهِ جذب الْمُقْتَضى للمقتضى (وَهُوَ) أَي تجاذبهما (مُنْتَفٍ) لعدم وجودهما (وَمَا قيل) أَي وانتفى أَيْضا مَا قيل فِي تَوْجِيهه من أَن قَوْله إِلَى الْمرَافِق غَايَة (لمسقطين مُقَدّر) صفة مسقطين لِأَنَّهُ لم يرد بِهِ خُصُوصِيَّة لفظ مسقطين، بل مَا يعمه وَمَا فِي مَعْنَاهُ، فَكَأَنَّهُ قَالَ فَاغْسِلُوا أَيْدِيكُم حَال كونكم مسقطين الْمنْكب إِلَى الْمرْفق، وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ خلاف الظَّاهِر بِلَا ملجئ) إِلَيْهِ، إِذْ الظَّاهِر تعلقه بِالْفِعْلِ الْمَذْكُور (وَمَا قيل) أَي وانتفى أَيْضا مَا قيل من أَن قَوْله إِلَى الْمرَافِق (مُتَعَلق باغسلوا مَعَ أَن الْمَقْصُود مِنْهُ) أَي من اغسلوا (الْإِسْقَاط) فَهُوَ غَايَة لاغسلوا، لَكِن لأجل إِسْقَاط مَا وَرَاء الْمرَافِق عِنْد حكم الْغسْل، وَإِنَّمَا انْتَفَى (لِأَنَّهُ) أَي اللَّفْظ (لَا يُوجِبهُ) أَي لَا يُوجب كَون الْمَقْصد مِنْهُ الْإِسْقَاط مَعَ تعلقه باغسلوا (وَكَونه مُتَعَلقا باغسلوا مَعَ أَن الْمَقْصُود مِنْهُ الْإِسْقَاط) على تَقْدِير تَسْلِيمه (لَا يُوجِبهُ) أَي الْإِسْقَاط (عَمَّا وَرَاء الْمرْفق بل) إِنَّمَا يُوجب الْإِسْقَاط (عَمَّا قبله) أَي الْمرْفق تَوْضِيحه أَن الْإِسْقَاط الَّذِي يتضمنه الْغسْل إِنَّمَا هُوَ إِسْقَاط الْوَاجِب فِي الذِّمَّة بأَدَاء الْمَأْمُور بِهِ وَلَا يتَحَقَّق ذَلِك إِلَّا فِيمَا قبل الْمرْفق لَا الْإِسْقَاط بِمَعْنى عدم وجوب الْغسْل ابْتِدَاء ليتَحَقَّق فِيمَا فَوْقه (بِاللَّفْظِ مَعَ أَنه) أَي هَذَا التَّوْجِيه (بِلَا قَاعِدَة) أَي لَا ينْدَرج تَحت قَاعِدَة من قَوَاعِد الْعَرَبيَّة (وَالْأَقْرَب) من الْكل أَن يُقَال أَن الحكم بِوُجُوب غسل إِنَّمَا هُوَ (الِاحْتِيَاط لثُبُوت الدُّخُول) أَي دُخُول الْغَايَة فِي حكم المغيا (وَعَدَمه) أَي الدُّخُول (كثيرا وَلم يرو عَنهُ صلى الله عليه وسلم قطّ تَركه) أَي غسل الْمرَافِق (فَقَامَتْ قرينَة إِرَادَته) أَي الدُّخُول (من النَّص ظنا فَأوجب) هَذَا الْمَجْمُوع: أَعنِي كَثْرَة الدُّخُول وَعَدَمه مَعَ الْقَرِينَة الْمَذْكُورَة (للِاحْتِيَاط) بِالْغسْلِ كَأَنَّهُ يُشِير إِلَى أَن كل وَاحِد من الكثرتين بِمَنْزِلَة دَلِيل، وَكَثْرَة الدُّخُول مَعَ الْقَرِينَة الْمَذْكُورَة أقوى الدَّلِيلَيْنِ فيطابق مَا سبق أَن الِاحْتِيَاط الْعَمَل بأقوى الدَّلِيلَيْنِ (إِلَّا أَن مُقْتَضَاهُ) أَي هَذَا الدَّلِيل (وجوب إدخالهما) أَي الْمرْفقين فِي غسل الْيَدَيْنِ (على أصلهم) أَي الْحَنَفِيَّة، لِأَنَّهُ ثَبت بِدَلِيل ظَنِّي لَا افتراض دخولهما وَلَكِن كَلَامهم صَرِيح فِي الافتراض وَإِن أطلق بَعضهم الْوُجُوب عَلَيْهِ، وَيُؤَيّد الْوُجُوب عدم تكفيرهم الْمُخَالف فِي ذَلِك (أَو يثبت) من الْإِثْبَات على صِيغَة الْمَجْهُول أقيم مقَام فَاعله (استقراء التَّفْصِيل) بَين أَن يكون جُزْءا فَيدْخل وَبَين أَن لَا يكون فَلَا (فَتحمل) الْغَايَة (عَلَيْهِ) أَي على التَّفْصِيل (عِنْد عدم الْقَرِينَة