الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(مُنْتَفٍ بِالدّينِ) إِن استغرق الدّين النّصاب (أَو يقدر) الْغَنِيّ (بِقَدرِهِ) أَي الدّين إِن لم يسْتَغْرق (وَالْكَفَّارَة) إِنَّمَا شرعت (للزجر) للْحَالِف عَن هتك حُرْمَة اسْم الله تَعَالَى (والستر) لجنايته عَلَيْهِ لما فِيهَا من معنى الْعِبَادَة (والإغناء غير مَقْصُود بهَا) أَي الْكَفَّارَة بِالذَّاتِ (وَلذَا) أَي لما ذكر من الزّجر والستر الخ (تأدت) أَي الْكَفَّارَة (بِالْعِتْقِ وَالصَّوْم) لوُجُود الزّجر والستر فيهمَا وَالله أعلم.
مسئلة
(قيل) وَالْقَائِل الْآمِدِيّ وَابْن الْحَاجِب وَغَيرهمَا (حُصُول الشَّرْط الشَّرْعِيّ) لفعل الْمُكَلف (لَيْسَ شرطا للتكليف بِهِ) فَيجوز التَّكْلِيف بِهِ وَإِن لم يحصل شَرطه، وَالشّرط على مَا اخْتَارَهُ ابْن الْحَاجِب مَا استلزم نَفْيه نفي أَمر على غير جِهَة السَّبَبِيَّة، فَإِن كَانَ ذَلِك بِحكم الْعقل فعقلي، أَو الشَّرْع فشرعي، أَو اللُّغَة فلغوي، وَالْمرَاد شَرط صِحَة الْفِعْل كالإيمان للطاعات وَالطَّهَارَة للصَّلَاة (خلافًا للحنفية، وَفرض الْكَلَام فِي بعض جزئيات مَحل النزاع) يَعْنِي أَن النزاع فِي مُطلق صِحَة التَّكْلِيف بِدُونِ حُصُول الشَّرْط وتصوير المسئلة فِي بعض الصُّور الجزئيات كَمَا هُوَ دأب أهل الْعلم من فرض الْمسَائِل الْكُلية فِي بعض الصُّور الْجُزْئِيَّة تَقْرِيبًا للفهم وتسهيلا للمناظرة (وَهُوَ) أَي الْبَعْض الْمَذْكُور (تَكْلِيف الْكفَّار بالفروع) كَالصَّلَاةِ وَالزَّكَاة وَالْحج (وَلَا يحسن) كَون الْخلاف على هَذَا النمط من الْإِطْلَاق وَلَا يَلِيق (بعاقل) مُخَالفَة هَذَا الأَصْل الْكُلِّي على صرافته فضلا على الْأَئِمَّة الْمُحَقِّقين، أَو الْمَعْنى لَا يحسن أَن يظنّ بعاقل مثل ذَلِك، على أَن كتبهمْ الْمَشْهُورَة لَيْسَ فِيهَا ذَلِك، وعزى أَيْضا إِلَى أبي حَامِد الإسفرايني من الشَّافِعِيَّة وَبَعض أَئِمَّة الْمَالِكِيَّة وَعبد الْجَبَّار وَأبي هَاشم من الْمُتَكَلِّمين (بل هِيَ) أَي مسئلة تَكْلِيف الْكفَّار بالفروع (تَمام مَحَله) أَي النزاع (وَالْخلاف) بَين الْحَنَفِيَّة وَالشَّافِعِيَّة (فِيهَا) أَي المسئلة الْمَذْكُورَة (غير مَبْنِيّ على ذَلِك) الأَصْل الْكُلِّي (المستلزم عدم جَوَاز التَّكْلِيف بِالصَّلَاةِ حَال الْحَدث) وَمَا أشبه ذَلِك، فَإِنَّهُ لَا يحسن أَن ينْسب إِلَى عَاقل كَمَا قَالَه المُصَنّف، لله دره (بل) الْخلاف وَاقع (ابْتِدَاء فِي جَوَاز التَّكْلِيف بِمَا شَرط فِي صِحَّته الْإِيمَان حَال عَدمه) أَي الْإِيمَان، لَا بِنَاء على عُمُوم الأَصْل الْمَذْكُور ليَكُون من فروعه هَذَا، وَيحْتَمل أَن يكون قَوْله ابْتِدَاء مَرْفُوعا على أَن يكون الْمَعْنى بل الْخلاف مُبْتَدأ فِيمَا ذكر (فمشايخ سَمَرْقَنْد) مِنْهُم أَبُو زيد وشمس الْأَئِمَّة وفخر الْإِسْلَام يَقُولُونَ لَا يجوز التَّكْلِيف جَوَازًا وقوعيا بِمَا شَرط فِيهِ الْإِيمَان قبله (لخصوصية فِيهِ) أَي الْإِيمَان (لَا لجِهَة عُمُومه) أَي الْإِيمَان (وَهُوَ) أَي عُمُومه (كَونه شرطا وَهِي) أَي الخصوصية فِيهِ (أَنه أعظم
الْعِبَادَات فَلَا يَجْعَل شرطا تَابعا فِي التَّكْلِيف) لما دونه، لما فِيهِ من قلب الْأُصُول وَعكس الْمَعْقُول، وَفِيه أَن هَذَا إِنَّمَا يتم إِن اكْتفى فِي إِيجَابه بِمَا يعلم ضمنا، وَأما إِذا أفرد بِإِيجَاب مُسْتَقل قصد بِهِ الذَّات فَلَا نسلم أَنه غير لَائِق، غَايَة الْأَمر أَن يكون لَهُ دليلان: ضمني وصريح (وَمن عداهم) أَي مَشَايِخ سَمَرْقَنْد (متفقون على تكليفهم) أَي الْكفَّار (بهَا) أَي الْفُرُوع (وَإِنَّمَا اخْتلفُوا فِي أَنه) أَي التَّكْلِيف (فِي حق الْأَدَاء كاعتقاد) أَي طلب مِنْهُم فِي تِلْكَ الْمرتبَة أَدَاء الصَّلَاة امتثالا كَمَا طلب مِنْهُم الِاعْتِقَاد بحقيقتها ووجوبها (أَو) فِي حق (الِاعْتِقَاد، فالعراقيون) قَالُوا الْكفَّار مخاطبون (بِالْأولِ) أَي الْأَدَاء والاعتقاد (كالشافعية فيعاقبون) أَي الْكفَّار على قَوْلهم (على تَركهمَا) أَي الْأَدَاء والاعتقاد (والبخاريون) قَالُوا مخاطبون (بِالثَّانِي) أَي بالاعتقاد فَقَط (فَعَلَيهِ فَقَط) أَي فيعاقبون على ترك الِاعْتِقَاد فَقَط لَا على ترك الْأَدَاء (وَلَيْسَ) جَوَاب هَذِه المسئلة (مَحْفُوظًا عَن أبي حنيفَة وَأَصْحَابه) نصا (بل أَخذهَا) أَي هَذِه الْمقَالة: وَهِي أَن الْكفَّار غير مخاطبين بالعبادات فِي حق الْأَدَاء (هَؤُلَاءِ) البخاريون (من قَول مُحَمَّد) فِي الْمَبْسُوط (فِيمَن نذر صَوْم شهر فَارْتَد ثمَّ أسلم لم يلْزمه) الْمَنْذُور (فَعلم أَن الْكفْر يبطل وجوب أَدَاء الْعِبَادَات) لعدم الْفرق بَين الْوَاجِب بِالنذرِ وَسَائِر الْوَاجِبَات فِي الْوُجُوب (بِخِلَاف الِاسْتِدْلَال بِسُقُوط الصَّلَاة أَيَّام الرِّدَّة) على عدم تَكْلِيف الْكَافِر بِمَا شَرط فِيهِ الْإِيمَان (لجَوَاز سُقُوطه) أَي وجوب الْقَضَاء (بِالْإِسْلَامِ) بعد الْكفْر الْعَارِض (كالإسلام) أَي كسقوطه بِالْإِسْلَامِ (بعد) الْكفْر (الْأَصْلِيّ) بقوله تَعَالَى - {إِن ينْتَهوا يغْفر لَهُم مَا قد سلف} - وَيدل عَلَيْهِ السّنة وَالْإِجْمَاع (وَلَو قيل الرِّدَّة تبطل الْقرب) لعدم أَهْلِيَّة الْكَافِر للقربة (والتزام الْقرْبَة فِي الذِّمَّة قربَة فَيبْطل) الِالْتِزَام الْمَذْكُور وَهُوَ وجوب الْمَنْذُور، و (لم يلْزم ذَلِك) جَوَاب لَو: أَي لَو قيل مَا ذكر لقيل فِي جَوَابه لم يلْزم الِاسْتِدْلَال على الْمَطْلُوب بمسئلة النّذر لوُجُود مسَائِل أُخْرَى يسْتَدلّ بهَا وَلَا يرد عَلَيْهَا شَيْء، وَقد ذكر فِي الشَّرْح عدَّة: مِنْهَا دُخُول الْكَافِر مَكَّة ثمَّ إِسْلَامه ثمَّ إِحْرَامه فَإِنَّهُ لَا يجب عَلَيْهِ دم لِأَنَّهُ لم يجب عَلَيْهِ الدُّخُول محرما إِلَى غير ذَلِك، وَفِيه مَا فِيهِ (وَظَاهر) قَوْله تَعَالَى وويل للْمُشْرِكين (الَّذين لَا يُؤْتونَ الزَّكَاة) وَقَوله تَعَالَى حِكَايَة عَن الْكفَّار قَالُوا (لم نك من الْمُصَلِّين) دَلِيل (للعراقيين) لدلالتهما على أَن ترك الصَّلَاة وَالزَّكَاة صَار سَببا لتعذيبهم، وَلَا يتَصَوَّر ذَلِك إِلَّا بكونهما واجبتين عَلَيْهِم (وخلافه) أَي وَخلاف ظَاهر كل مِنْهُمَا كَأَن يكون المُرَاد بِالْأولَى عدم فعل مَا يُزكي أنفسهم: وَهُوَ الْإِيمَان وَالطَّاعَة، وبالثانية عدم كَونهم من الْمُؤمنِينَ كَقَوْلِه صلى الله عليه وسلم " نهيت عَن قتل الْمُصَلِّين " إِذْ المُرَاد بِهِ المعتقدون فَرضِيَّة الصَّلَاة (تَأْوِيل) بعيد لم يُعينهُ دَلِيل (وترتيب الدعْوَة فِي حَدِيث معَاذ) لما بَعثه النَّبِي صلى الله عليه وسلم وَقَالَ لَهُ " ادعهم إِلَى شَهَادَة أَن لَا إِلَه إِلَّا الله وَأَنِّي