المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

النَّهْي بِدَلِيل يدل عَلَيْهِ، فالقطع يَنْفِي الْمعْصِيَة عَنهُ إِذا خرج - تيسير التحرير شرح كتاب التحرير في أصول الفقه - جـ ٢

[أمير باد شاه]

فهرس الكتاب

- ‌الْفَصْل الْخَامِس

- ‌مسئلة

- ‌تَتِمَّة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌المعرفات للمجاز

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌مسَائِل الْحُرُوف

- ‌حُرُوف الْعَطف

- ‌مسئلة

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌حُرُوف الْجَرّ: مسئلة

- ‌(مسئلة)

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌أدوات الشَّرْط

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الظروف

- ‌‌‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْمقَالة الثَّانِيَة: فِي أَحْوَال الْمَوْضُوع

- ‌الْبَاب الأول

- ‌الْفَصْل الأول

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌الْفَصْل الثَّانِي

- ‌الْفَصْل الثَّالِث

- ‌(تَقْسِيم)

- ‌للْوَاجِب بِاعْتِبَار تقيده بِوَقْت يفوت بفواته، وَعدم تقيده بذلك

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌تذنيب

- ‌الْقسم الثَّانِي

- ‌الْقسم الثَّالِث

- ‌الْقسم الرَّابِع

- ‌مَبْحَث الْوَاجِب الْمُخَير

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌ مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

- ‌مَبْحَث الرُّخْصَة والعزيمة

- ‌(تَتِمَّة)

- ‌الْفَصْل الرَّابِع فِي الْمَحْكُوم عَلَيْهِ

- ‌مسئلة

- ‌مسئلة

الفصل: النَّهْي بِدَلِيل يدل عَلَيْهِ، فالقطع يَنْفِي الْمعْصِيَة عَنهُ إِذا خرج

النَّهْي بِدَلِيل يدل عَلَيْهِ، فالقطع يَنْفِي الْمعْصِيَة عَنهُ إِذا خرج بِمَا هُوَ شَرطه فِي الْخُرُوج من السرعة والسلوك لأَقْرَب الطّرق وأقلها ضَرَرا: إِذْ لَا مَعْصِيّة بإيقاع الْمَأْمُور بِهِ الَّذِي لَا نهي عَنهُ. قَالَ الإِمَام باستصحاب حكم الْمعْصِيَة عَلَيْهِ مَعَ إِيجَاب الْخُرُوج وَهُوَ بعيد: إِذْ لَا مَعْصِيّة إِلَّا بِفعل مَنْهِيّ أَو ترك مَأْمُور بِهِ، وَقد سلم انْتِفَاء تعلق النَّهْي بِهِ فانتهض الدَّلِيل عَلَيْهِ فَإِن قيل فِيهِ الجهتان، فَيتَعَلَّق الْأَمر بإفراغ ملك الْغَيْر، وَالنَّهْي بِالْغَصْبِ كَالصَّلَاةِ فِي الدَّار الْمَغْصُوبَة سَوَاء قُلْنَا غلط، لِأَنَّهُ لَا يُمكن الِامْتِثَال فَيلْزم تَكْلِيف الْمحَال، بِخِلَاف صَلَاة الْغَصْب فَإِنَّهُ يُمكن الِامْتِثَال، وَإِنَّمَا جَاءَ الِاتِّحَاد بِاخْتِيَار الْمُكَلف انْتهى، فالمستبعد ابْن الْحَاجِب وَغَيره، والمستصحب إِمَام الْحَرَمَيْنِ، واستصحاب الْمعْصِيَة عبارَة عَن إبْقَاء حكمهَا عَلَيْهِ مَعَ إِيجَاب الْخُرُوج بِنَاء على أَن الِاسْتِيلَاء على ملك الْغَيْر بِالدُّخُولِ لم يزل مَا لم يتم الْخُرُوج، وَوجه الاستبعاد مَا أَشَارَ بقوله (إِذْ لَا نهي عَنهُ) أَي عَن الْخُرُوج بتوبة وَلَا مَعْصِيّة إِلَّا بِفعل نهي أوترك مَأْمُور بِهِ، وَقد اعْترف بِانْتِفَاء تعلق النَّهْي بِالْخرُوجِ (وثبوتها) أَي الْمعْصِيَة (بِلَا نهي) أَي فعل مَنْهِيّ عَنهُ أَو ترك مَأْمُور بِهِ (كَقَوْلِه) أَي إِمَام الْحَرَمَيْنِ (مَمْنُوع) قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: وَإِنَّمَا حكمُوا بالاستبعاد دون الاستحالة، لِأَن الإِمَام لَا يسلم أَن دوَام الْمعْصِيَة لَا يكون إِلَّا بِفعل مَنْهِيّ عَنهُ أَو ترك مَأْمُور بِهِ: بل ذَاك فِي ابتدائها خَاصَّة. وَقَالَ الْأَبْهَرِيّ: وَإِذا عصى الْمُكَلف بِفعل شخص آخر هُوَ مسبب عَن فعله على مَا قَالَ صلى الله عليه وسلم " من سنّ سنة سَيِّئَة فَعَلَيهِ وزرها ووزر من عمل بهَا " لم يستبعد مَعْصِيَته لفعل لَهُ غير مُكَلّف بِهِ هُوَ مسبب عَن فعله الِاخْتِيَارِيّ، وَأَشَارَ إِلَى وَجه قَول أبي هَاشم، ورده بقوله (وادعاء جهتي التَّفْرِيع) لملك الْغَيْر بِالْخرُوجِ (وَالْغَصْب) بمروره فِي ملك الْغَيْر (فيتعلقان) أَي الْأَمر وَالنَّهْي (بِهِ) أَي بِالْخرُوجِ، وَقَوله فيتعلقان مَعْطُوف على ادِّعَاء إِمَّا بِتَأْوِيل فِي جَانب الْمَعْطُوف عَلَيْهِ كَأَنَّهُ قَالَ مُخْتَلف الْجِهَتَيْنِ فيتعلقان، أَو فِي جَانب الْمَعْطُوف: أَي فتعلقهما بِهِ، وَخبر الْمُبْتَدَأ (يلْزمه) أَي الادعاء المستعقب للتعلق (عدم إِمْكَان الِامْتِثَال) لِلْأَمْرِ وَالنَّهْي، لِأَن جِهَة التَّفْرِيع لَا تنفك عَن جِهَة الْغَصْب، وَحِينَئِذٍ (فتكليف بالمحال) إِذْ مَعْنَاهُ طلب الْخُرُوج وَعَدَمه (بِخِلَاف صَلَاة الْغَصْب فَإِنَّهُ يُمكن) الِامْتِثَال لِلْأَمْرِ وَالنَّهْي فِيهَا لِإِمْكَان انفكاك جهتيهما فِيهَا كَمَا تقدم.

‌مسئلة

(اخْتلف فِي لفظ الْمَأْمُور بِهِ فِي الْمَنْدُوب) أَي فِي أَن تَسْمِيَته بِهِ حَقِيقَة أَو مجَاز (قيل) كَمَا فِي الشَّرْح العضدي نقلا (عَن الْمُحَقِّقين) أَن تَسْمِيَته بِهِ (حَقِيقَة، و) قَالَ (الْحَنَفِيَّة وَجمع من الشَّافِعِيَّة مجَاز، وَيجب كَون مُرَاد الْمُثبت) للْحَقِيقَة (أَن الصِّيغَة) أَي صِيغَة الْأَمر (فِي النّدب يُطلق

ص: 222

عَلَيْهَا لفظ أَمر حَقِيقَة بِنَاء على عرف النُّحَاة فِي أَن الْأَمر) يَعْنِي أَمر اسْم (للصيغة الْمُقَابلَة لصيغة الْمَاضِي وأخيه) أَي وَصِيغَة الْمُضَارع حَال كَون الصِّيغَة الْمَذْكُورَة صفة لمتعلقه (مستعملة فِي الْإِيجَاب أَو غَيره) كالندب وَالْإِبَاحَة (فتعلقه) أَي مُتَعَلق الْأَمر الَّذِي هُوَ إِبَاحَة عَن الصِّيغَة الْمَذْكُورَة (الْمَنْدُوب) صفة لمتعلقه وَخَبره (مَأْمُور بِهِ حَقِيقَة) إِذْ قد عرفت أَن مبدأ الِاشْتِقَاق وَهُوَ الْأَمر حَقِيقَة فِي الصِّيغَة المستعملة فِي النّدب، فالندب أَمر وَمن ضَرُورَته كَون الْفِعْل الْمَنْدُوب مَأْمُورا بِهِ حَقِيقَة فَإِن قلت لَا نسلم أَنه يلْزم من كَون صِيغَة النّدب مُسَمّى بِلَفْظ أَمر كَون مُتَعَلق مَدْلُول الصِّيغَة مَأْمُورا بِهِ فَالْجَوَاب أَن المُرَاد بالمأمور بِهِ مَا تعلق بِهِ مَدْلُول الْأَمر بِهِ بِحَسب الِاصْطِلَاح (والنافي) للحنفية بنى نَفْيه (على مَا ثَبت) من (أَن الْأَمر خَاص فِي الْوُجُوب وَالْمرَاد بِهِ) أَي بِالْأَمر الْمَحْكُوم عَلَيْهِ بِأَنَّهُ خَاص (فِي الصِّيغَة) كافعل ونظائره فَإِن قلت إِذا لَا خلاف إِذا مُرَاد الْمُثبت أَن لفظ الْأَمر حَقِيقَة فِي النّدب وَغَيره على عرف النُّحَاة، وَمُرَاد النَّافِي أَن صِيغَة افْعَل كصم وصل حَقِيقَة فِي الْوُجُوب مجَاز فِي النّدب لَا أَن لفظ الْأَمر مجَاز فِي صِيغَة النّدب، وَقَوله (وَهُوَ) أَي نفي الْحَنَفِيَّة (أوجه) يدل على الْخلاف كَمَا أَن قَوْله اخْتلف الخ صَرِيح فِيهِ قلت الَّذِي يَقُول أَن صِيغَة افْعَل خَاص فِي الْوُجُوب يَقُول أَن لفظ أَمر أَيْضا مَخْصُوص بالصيغة الْمَخْصُوصَة بِالْوُجُوب وَلَا يُطلق عِنْده لفظ الْأَمر على الصِّيغَة المستعملة فِي النّدب حَقِيقَة فَلَيْسَ الْمَنْدُوب عِنْده مَأْمُورا بِهِ ثمَّ بَين كَونه أوجبه بقوله (لابتنائه) أَي النَّفْي على الأَصْل (الثَّابِت لُغَة) وَهُوَ أَن لفظ الْأَمر خَاص بالصيغة المستعملة فِي الْوُجُوب، ومدار الْأَحْكَام المستنبطة من الْكتاب وَالسّنة على اللُّغَة (وابتناء الأول) وَهُوَ أَن الْمَنْدُوب مَأْمُور بِهِ حَقِيقَة (على الِاصْطِلَاح) للنحاة وَهُوَ أَن الصِّيغَة لما هُوَ أَعم من الْوُجُوب (واستدلال الْمُثبت بِإِجْمَاع أهل اللُّغَة على انقسام الْأَمر إِلَى أَمر إِيجَاب وَأمر ندب) لَا يَصح على إِرَادَة ظَاهره (إِنَّمَا يَصح على إِرَادَة أهل الِاصْطِلَاح من النُّحَاة) لأهل اللُّغَة لما بَينهمَا من الْمُنَاسبَة (لِأَن مَا ثَبت من أَن الْأَمر خَاص فِي الْوُجُوب) على مَا مر من قبل النَّافِي (حكم اللُّغَة) فَكيف يتَصَوَّر إِجْمَاع أَهلهَا على خِلَافه، ثمَّ استدلالهم الْمَذْكُور بِاعْتِبَار ابتنائه على الِاصْطِلَاح (كاستدلالهم بِأَن فعله) أَي الْمَنْدُوب (طَاعَة وَهِي) أَي الطَّاعَة (فعل الْمَأْمُور بِهِ) وَفسّر الطَّاعَة فِي الْمَأْمُور بِهِ بقوله (أَي) فعل (مَا يُطلق عَلَيْهِ الْمَأْمُور) بِهِ (فِي الِاصْطِلَاح) النَّحْوِيّ فَقَوله فعل مصدر مَبْنِيّ للْفَاعِل وَمَا يُطلق عَلَيْهِ عبارَة عَن الْحَاصِل بِالْمَصْدَرِ كَسَائِر أَفعَال الْمُكَلّفين مِمَّا يَفْعَلُونَهُ لقصد الْقرْبَة (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن مُرَادهم ذَلِك بل مَا يُطلق عَلَيْهِ فِي للغة (فعين النزاع) أى فَالْمُرَاد حِينَئِذٍ عين المنازع، إِذْ الْخصم لَا يسْتَلْزم أَن كل طَاعَة يُطلق عَلَيْهَا لفظ الْمَأْمُور بِهِ حَقِيقَة بل يُطلق على الْوَاجِبَة فَقَط (مَعَ أَنه) أَي هَذَا الِاسْتِدْلَال إِنَّمَا يتمشى (على تَقْدِير

ص: 223

اصْطِلَاح فِي الطَّاعَة) وَهُوَ أَن الطَّاعَة فعل الْمَأْمُور بِهِ مُطلقًا (وَهُوَ) أَي هَذَا الِاصْطِلَاح فِيهَا (مُنْتَفٍ للْقطع بِعَدَمِ تَسْمِيَة فعل المهدد عَلَيْهِ طَاعَة لأحد) أَي لَا يُقَال للْفِعْل الَّذِي تعلق بِهِ افْعَل على سَبِيل التهديد أَنه طَاعَة إِذا فعله المهدد عَلَيْهِ بل وَلَا يُقَال أَنه مَأْمُور بِهِ وَلَا أَنه أَمر بذلك الْفِعْل مَعَ صدق الْأَمر اصْطِلَاحا نحويا على صيغته وَاللَّازِم بَاطِل، وَقَوله لأحد إِمَّا صلَة طَاعَة وَإِمَّا مُتَعَلق بِتَسْمِيَة (وَإِلَّا) رُجُوع إِلَى أول الْبَحْث، وَالْمعْنَى وَإِن لم يكن مُرَاد الْمُثبت أَن الصِّيغَة فِي النّدب يُطلق عَلَيْهَا لفظ أَمر حَقِيقَة بِنَاء على عرف النُّحَاة بل على اللُّغَة (فَإِنَّمَا يَصح) كَونه مَأْمُورا بِهِ حَقِيقَة بِحَسب اللُّغَة بِنَاء (على أَن الصِّيغَة) الَّتِي هِيَ مُسَمّى لفظ أَمر (حَقِيقَة فِي النّدب مُشْتَركا) بَينه وَبَين الْإِيجَاب (أَو خَاصّا) للنَّدْب كَمَا هُوَ قَول الْبَعْض (وهم) أَي المثبتون (ينفونه) أَي كَونهَا مُشْتَركَة أَو خَاصَّة فِيهِ ويجعلونها حَقِيقَة فِي الْوُجُوب خَاصَّة فَلَا يكون الْمَنْدُوب مَأْمُورا بِهِ حَقِيقَة، وَحِينَئِذٍ (فاستدلال النَّافِي بِأَنَّهُ) أَي الْمَنْدُوب (لَو كَانَ مَأْمُورا) بِهِ (أَي حَقِيقَة لَكَانَ تَركه مَعْصِيّة) لما ثَبت أَن تَارِك الْمَأْمُور بِهِ عَاص (وَلما صَحَّ) قَوْله صلى الله عليه وسلم " (لَوْلَا أَن أشق على أمتِي لأمرتهم بِالسِّوَاكِ) عِنْد كل وضوء " كَمَا فِي صَحِيح ابْن خُزَيْمَة أَو عِنْد كل صَلَاة كَمَا فِي الصَّحِيحَيْنِ لِأَن النَّبِي صلى الله عليه وسلم ندبهم إِلَى السِّوَاك، ثمَّ قَوْله اسْتِدْلَال النَّافِي مُبْتَدأ خبر (زِيَادَة) مِنْهُ غَيره مُحْتَاج إِلَيْهَا لتَمام الْمَطْلُوب بِمَا تقدم (وتأويله) لفظ الْأَمر فِي الحَدِيث وَمَا قبله (بِحمْلِهِ) أَي الْأَمر (على قسم خَاص هُوَ أَمر الْإِيجَاب) كَمَا ذكره ابْن الْحَاجِب وَغَيره مُخَالفَة للظَّاهِر (بِلَا دَلِيل، وَقَوْلهمْ) أَي المثبتين أَنه يُصَار إِلَى التَّأْوِيل الْمَذْكُور (لدليلنا) مَدْفُوع لِأَنَّهُ (ظهر أَنه) أَي دليلهم (لم يتم) حِينَئِذٍ فأخف الْأَمريْنِ على المثلين جعل الْخلاف لفظيا فالمثبت: يَعْنِي الِاصْطِلَاح النَّحْوِيّ وَلَا يُنكره النَّافِي، والنافي: يَعْنِي اللُّغَة وَلَا يَنْفِيه الْمُثبت، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وَمثل هَذِه) الخلافية (فِي اللفظية) أَي فِي كَونهَا لفظية (الْخلاف فِي أَن الْمَنْدُوب مُكَلّف بِهِ، وَالصَّحِيح) الَّذِي عَلَيْهِ الْجُمْهُور (عَدمه) أَي عدم كَونه مُكَلّفا بِهِ (خلافًا للأستاذ) أبي إِسْحَاق الاسفرايني وَالْقَاضِي، وَإِنَّمَا جعلنَا الْخلاف لفظيا (لدفع بعده) أَي بعد جعله معنويا: إِذْ يبعد من الْأُسْتَاذ وَغَيره اعْتِبَار التَّكْلِيف فِيهِ: إِذْ التَّكْلِيف إِلْزَام مَا فِيهِ مشقة وكلفة فيؤول كَلَامه (بِأَن المُرَاد) بقوله النّدب تَكْلِيف (إِيجَاب اعْتِقَاده) أَي اعْتِقَاد كَونه مَنْدُوبًا، وَإِن كَانَ التَّأْوِيل أَيْضا بَعيدا، لِأَن النّدب حكم وَوُجُوب الِاعْتِقَاد حكم آخر لكنه أخف من الأول، وَقيل كَون الْخلاف لفظيا بِاعْتِبَار تَفْسِير التَّكْلِيف، فَمن فسره بالإلزام الْمَذْكُور نَفَاهُ عَن الْمَنْدُوب، وَمن فسره بِطَلَب مَا فِيهِ كلفه أثْبته لَهُ وَالْمُصَنّف ذهب إِلَى الأول فَلَزِمَهُ كَون الْمُبَاح أَيْضا مُكَلّفا بِهِ من حَيْثُ الِاعْتِقَاد، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (إِلَّا أَن الْمُبَاح حِينَئِذٍ) أَي حِين يُرَاد بِكَوْنِهِ تكليفا إِيجَاب اعْتِقَاد ندبيته (تَكْلِيف) أَيْضا

ص: 224

لوُجُوب اعْتِقَاد إِبَاحَته (وَبِه) أَي بِكَوْن الْإِبَاحَة تكليفا (قَالَ) الْأُسْتَاذ (أَيْضا) وَمن سواهُ على أَنه لَيْسَ بتكليف (وَمثلهمَا) أَي الْمَنْدُوب والمباح من حَيْثُ الْخلاف فِي تعلق الْأَمر حَقِيقَة أَو مجَازًا وَفِي التَّكْلِيف، وَفِي كَون الْخلاف لفظيا (الْمَكْرُوه) فَهُوَ (مَنْهِيّ) عَنهُ (أَي اصْطِلَاحا) نحويا (وَحَقِيقَة مجَازًا لُغَة) لِأَن النَّهْي فِي الِاصْطِلَاح يُقَال على لَا تفعل استعلاء سَوَاء كَانَ على سَبِيل الحتم أَولا أما فِي اللُّغَة فَلَا يُقَال حَقِيقَة نهي عَن كَذَا إِلَّا إِذا منع عَنهُ، فالقائل حَقِيقَة يُرِيد الِاصْطِلَاح، وَالْقَائِل مجَاز يُرِيد اللُّغَة (وَأَنه) أَي الْمَكْرُوه (لَيْسَ تكليفا) عِنْد الْجُمْهُور لِأَنَّهُ لَيْسَ إِلْزَام مَا فِيهِ كلفة وتكليف عِنْد الْأُسْتَاذ (وَفِيهِمَا) أَي فِي مسئلتي الْمَكْرُوه هَاتين (مَا فيهمَا) أَي فِي مسئلتي الْمَنْدُوب مَأْمُور بِهِ وَالْمَنْدُوب والمباح يُكَلف بهما (وَالْمرَاد) بالمكروه الْمَكْرُوه (تَنْزِيها) لِأَن الْمَكْرُوه تَحْرِيمًا لَا خلاف فِي أَنه تَكْلِيف (وَيُطلق) الْمَكْرُوه (على الْحَرَام و) على (خلاف الأولى مِمَّا لَا صِيغَة) نهى (فِيهِ) كَتَرْكِ الضُّحَى، وَهَذَا إِذا فرق بَين التنزيهية وَخلاف الأولى (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يفرق بَينهمَا نظر إِلَى الْمَآل (فالتنزيهية مرجعها إِلَيْهِ) أَي إِلَى خلاف الأولى، إِذْ حاصلها مَا تَركه أولى، والتفرقة مُجَرّد اصْطِلَاح (وَكَذَا يُطلق الْمُبَاح على مُتَعَلق) الْإِبَاحَة (الْأَصْلِيَّة) الَّتِي هِيَ عدم الْمُؤَاخَذَة بِالْفِعْلِ وَالتّرْك لما هُوَ من الْمَنَافِع لعدم ظُهُور تعلق الْخطاب (كَمَا) يُطلق الْمُبَاح أَيْضا (على مُتَعَلق خطاب الشَّارِع تخييرا، وَكِلَاهُمَا) أَي المتعلقين إِنَّمَا يعرفان (بعد الشَّرْع على مَا تقدم) فِي آخر المسئلة الثَّانِيَة من مسئلتي التنزل (أما الْمُعْتَزلَة فأعم من ذَلِك) أَي فالمباح عِنْدهم يُطلق على مَا هُوَ أَعم من مُتَعَلق الْأَصْلِيَّة والشرعية (والعقلية) إِذْ متعلقها عِنْدهم الْأَفْعَال الاخيتارية الَّتِي يدْرك الْعقل عدم اشتمالها على الْمصلحَة والمفسدة وَلم يتَعَلَّق بهَا خطاب لحكم الْعقل بِعَدَمِ الْحَرج فِي فعلهَا وَتركهَا (وَأما من جعله) أَي جَوَاز إِطْلَاق الْمُبَاح شرعا على مُتَعَلق غير الشَّرْعِيَّة وَهُوَ انْتِفَاء الْحَرج فِي الْفِعْل وَالتّرْك وَعدم جَوَاز ذَلِك (خلافًا فِي أَن لفظ الْمُبَاح هَل يُطلق فِي لِسَان الشَّرْع على غير ذَلِك) أَي غير مُتَعَلق خطاب الشَّارِع تخييرا. قَالَ الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ: الْكَلَام فِي أَن الْمُبَاح عِنْد بعض الْمُعْتَزلَة مَا انْتَفَى الْحَرج فِي فعله وَتَركه، وَعِنْدنَا مَا تعلق خطاب الشَّارِع بذلك بِهِ (فَلَا حَاصِل لَهُ لِأَنَّهُ إِن أَرَادَ الشَّارِع فَلَا يعرف لَهُ) أَي الشَّارِع (اصْطِلَاح فِي الْمُبَاح أَو) أَرَادَ (أهل الِاصْطِلَاح الفقهي فَلَا خلاف برهانيا) بل هُوَ حِينَئِذٍ لَفْظِي مَبْنِيّ على الاصلاحى (ويرادف الْمُبَاح الْجَائِز وَيزِيد) عَلَيْهِ فِي الْإِطْلَاق (بِإِطْلَاقِهِ) أَي الْجَائِز (على مَا لَا يمْتَنع شرعا وَلَو) كَانَ ذَلِك (وَاجِبا ومكروها) أَي أَو مَكْرُوها فيطلق على الْمَنْدُوب والمباح بطرِيق أولى (و) على مَا لَا يمْتَنع (عقلا) وَهُوَ الْمُمكن الْعَام سَوَاء كَانَ (وَاجِبا أَو راجحا أَو قسيميه) أَي الرَّاجِح وهما الْمَرْجُوح

ص: 225