الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لم يعْتَبر فِي شَيْء مِنْهَا تحقق الْمَشِيئَة بل يَكْفِي فَرضهَا، والمكلف الَّذِي لَا شُعُور لَهُ بالمنهي عَنهُ، وبعدمه يصدق عَلَيْهِ إِن شَاءَ فعل وَإِن شَاءَ ترك بِالنِّسْبَةِ إِلَى الِاسْتِمْرَار الْمَذْكُور وَالْفِعْل وَالتّرْك ملحوظ بِالنِّسْبَةِ إِلَى مُتَعَلق الْعَدَم المستمر فَتدبر.
مسئلة
(الْقُدْرَة شَرط التَّكْلِيف بِالْعقلِ) أَي بِالدَّلِيلِ الْعقلِيّ (عِنْد الْحَنَفِيَّة والمعتزلة لقبح التَّكْلِيف بِمَا لَا يُطَاق) مثلا (عقلا واستحالة نِسْبَة الْقَبِيح) اللَّازِمَة للتكليف بِمَا لَا يُطَاق (إِلَيْهِ تَعَالَى) وَهَذَا الدَّلِيل يُفِيد كَونهَا شَرط جَوَاز التَّكْلِيف، وَيلْزم مِنْهُ كَونهَا شَرط وُقُوعه بِالطَّرِيقِ الأولي، (و) شَرطه (بِالشَّرْعِ) أَي بِالدَّلِيلِ السمعي عِنْد الأشاعرة، وَالدَّلِيل (للأشاعرة) قَوْله تَعَالَى {لَا يُكَلف الله} الْآيَة) أَي نفسا إِلَّا وسعهَا وَلَا يخفى أَنه يُفِيد كَونهَا شرطا للوقوع: إِذْ مَدْلُول قَوْله تَعَالَى - {لَا يُكَلف الله} - عدم وُقُوع التَّكْلِيف، لَا عدم جَوَازه، وسيشير إِلَيْهِ (فِي الْمُمكن) لذاته ظرف لاشْتِرَاط الْقُدْرَة بِالشَّرْعِ عِنْد الأشاعرة: إِذْ فِي اشْتِرَاطهَا بِالشَّرْعِ فِي غير الْمُمكن لذاته خلاف كَمَا سَيذكرُهُ (كحمل جبل) بدل من الْمُمكن، أَو مُبْتَدأ خَبره مَحْذُوف لَا يُكَلف بِهِ عقلا عِنْد الْأَوَّلين، وَشرعا عِنْد الأشاعرة: يَعْنِي لم يَقع التَّكْلِيف بِهِ (وَلَو كلف بِهِ حسن) عِنْد الأشاعرة (وَهِي) أَي هَذِه المسئلة فرع (مسئلة التحسين والتقبيح) فَمن جَعلهمَا عقليين حكم بِعَدَمِ جَوَاز التَّكْلِيف بِمثل حمل الْجَبَل: إِذْ الْعقل يحكم بقبحه، وَمن لم يجعلهما عقليين حسن عِنْده ذَلِك لقَوْله تَعَالَى - {يفعل الله مَا يَشَاء} -، ونظائره (وَاخْتلفُوا) أَي الأشاعرة (فِي الْمحَال لذاته) كالجمع بَين النقيضين (فَقيل عدم جَوَازه) أَي التَّكْلِيف بالمحال لذاته (شَرْعِي لِلْآيَةِ) الْمَذْكُورَة (فَلَو كلف الْجمع بَين الضدين) كالحركة والسكون فِي زمَان وَاحِد لجسم وَاحِد (جَازَ). قَالَ الشَّارِح عقلا، وَيرد عَلَيْهِ أَن الْعقل لَا يحكم بِالْجَوَازِ وَعَدَمه عِنْد الْأَشْعَرِيّ فَالظَّاهِر أَن المُرَاد شرعا، إِذْ على تَقْدِير فرض التَّكْلِيف - {لَا يسئل عَمَّا يفعل} -، وكل مَا يَفْعَله حسن شرعا: اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يكون مُرَاده بِالْجَوَازِ عقلا أَن الْعقل لَا يحكم بقبحه: إِذْ لَا حكم لَهُ فِي التحسين والتقبيح (وَنسب) هَذَا القَوْل (للأشعري) أَي إِلَيْهِ (وَقيل) عدم جَوَازه (عَقْلِي لملزومية الطّلب تصور الْمَطْلُوب) يَعْنِي أَن التَّكْلِيف بِفعل طلب لَهُ، وَطلب الْفِعْل يسْتَلْزم أَن يتَصَوَّر الطَّالِب وُقُوعه لَا يُقَال لَا حجر فِي التَّصَوُّر، فَيجوز أَن يتَصَوَّر وُقُوع الْمحَال لِأَن المُرَاد تصَوره، على وَجه يجوز وُقُوعه فِي الْخَارِج لَا على سَبِيل فرض الْمحَال كَمَا سيشير إِلَيْهِ (على وَجه المطلوبية) أَي تصورا على وَجه تعلق الطّلب بِهِ على ذَلِك الْوَجْه (فيتصور) الْمَطْلُوب للطَّالِب
(مثبتا) إِذْ هُوَ مَطْلُوبه من حَيْثُ الثُّبُوت والوقوع (وَهُوَ) أَي تصور الْمحَال مثبتا (تصور الْمَلْزُوم ملزوما لنقيض اللَّازِم) فَإِنَّهُ إِذا فرض أَرْبَعَة مَوْصُوفَة بنقيض لازمها الَّذِي هُوَ الزَّوْجِيَّة تحقق تصور الْمَلْزُوم الَّذِي هُوَ الْأَرْبَعَة مَوْصُوفا لكَونه ملزوما لنقيض اللَّازِم: أما ملزوميتها فبحسب نفس الْأَمر، وَأما ملزوميتها للنقيض فبمقتضى الْفَرْض، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وتصور أَرْبَعَة لَيْسَ زوجا) فِي الْمَآل (تصور أَرْبَعَة لَيست أَرْبَعَة) إِذْ الزَّوْجِيَّة لَازِمَة لَهَا، وَانْتِفَاء اللَّازِم يسْتَلْزم انْتِفَاء الْمَلْزُوم (ونوقض) هَذَا الدَّلِيل (بِلُزُوم امْتنَاع الحكم بامتناعه) أَي الْمُمْتَنع صلَة للْحكم (خَارِجا) ظرف للامتناع: يَعْنِي كَمَا أَن تصور الْمحَال مثبتا مُسْتَلْزم لما ذكرْتُمْ كَذَلِك الحكم بامتناع الْمُمْتَنع فِي الْخَارِج مُسْتَلْزم لَهُ (لِأَنَّهُ) أى الحكم بامتناع خَارِجا (فرع تصَوره) أى الْمُمْتَنع (خَارِجا) فالممتنع لَازمه عدم التحقق فِي الْخَارِج، وَإِذا تصورته مثبتا لزم تصور وُقُوعه فِيهِ، والوقوع فِيهِ نقيض اللاوقوع فِيهِ فَلَزِمَ تصور الْمَلْزُوم ملزوما لنقيض اللَّازِم (أُجِيب) عَن النَّقْض الْمَذْكُور (بِأَن اللَّازِم) للْحكم بالامتناع على الْمُمْتَنع (تصَوره) أَي تصور الْمُمْتَنع الْمَحْكُوم عَلَيْهِ مُطلقًا (لَا) تصَوره (بِقَيْد إثْبَاته) بِأَن يجوز الْعقل ثُبُوته فِي الْخَارِج ملزوما للوازمه كَمَا يلْزم عِنْد طلب الْفِعْل (وَهُوَ) أَي تصَوره بِقَيْد الْإِثْبَات (الْمُمْتَنع) لَا تصَوره مُطلقًا (فيتصور) الْحَاكِم (الْجمع بَين المختلفات) الْغَيْر المتضادة كالحلاوة وَالْبَيَاض فِي الحكم بِأَن الضدين لَا يَجْتَمِعَانِ (وبنفيه) أَي الِاجْتِمَاع (عَنْهُمَا) أَي الضدين وَالْحَاصِل أَن الَّذِي لَا وجود لَهُ فِي الْخَارِج، وَأَنت قصدت الحكم عَلَيْهِ بِنَفْي الْوُجُود مثلا لَا يحْتَاج إِلَى تصور مورد النَّفْي على وَجه يجوز ثُبُوته فِي الْخَارِج بل يَكْفِيك تصَوره على وَجه الْفَرْض، فَإِذا قصدت أَن تحكم على الضدين بِنَفْي الِاجْتِمَاع تتَصَوَّر لَهما اجتماعا كاجتماع المختلفات الْغَيْر المتضادة، ثمَّ تنفيه (وَهُوَ) أَي تصور الْجمع بَينهمَا على الْوَجْه الْمَذْكُور (كَاف) فِي الحكم الْمَذْكُور (بِخِلَاف مَا) أَي تصور (يستدعيه طلب إثْبَاته) أَي الْفِعْل (فِي الْخَارِج) فَإِنَّهُ لَا بُد فِيهِ من تصَوره بِقَيْد الْإِثْبَات، وَقد عرفت مَعْنَاهُ: هَذَا كَلَام الْقَوْم فِي هَذَا الْمقَام، ثمَّ أَفَادَ مَا هُوَ التَّحْقِيق عِنْده بقوله (وَالْحق أَنا نعلم بِالضَّرُورَةِ إِمْكَان كلفتك الْجمع بَينهمَا) أَي الضدين: يَعْنِي أَن كَلَامهم يَسْتَدْعِي عدم إِمْكَان التَّكْلِيف بالمحال لملزومية الطّلب إِلَى آخِره، وَالْعلم الضَّرُورِيّ يحكم بإمكانه فاستدلالهم هَذَا مصادم للْعلم الضَّرُورِيّ فَلَا يعْتَبر (وَهُوَ) أَي وُقُوع مُتَعَلق هَذَا الْإِمْكَان (أما فرع قَوْله) تَعَالَى (النَّفْسِيّ ذَلِك) أَي معنى كلفتك الْجمع بَينهمَا على رَأْي من يثبت الْكَلَام النَّفس لَهُ (أَو) فرع (الْعلم) بِمَعْنى هَذَا على رَأْي من لم يثنه (فَإِن استدعى) هَذَا التَّكْلِيف (قدرا من التعقل) للطَّالِب أَو للمكلف: يَعْنِي تصور الْمَطْلُوب على وَجه المطلوبية مثبتا وَإِلَّا فَأصل التحقق
لَا شُبْهَة فِيهِ فَلَا يُنَاسب كلمة الشَّك، وَحِينَئِذٍ قَوْله (فقد تحقق) لَك الْقدر غير مُسْتَقِيم: إِذْ تَجْوِيز وُقُوع الْمحَال محَال، وَقد يُجَاب عَنهُ بِأَن الحكم بالتحقق على تَقْدِير الاستدعاء يسْتَلْزم الحكم بِهِ مُطلقًا غير أَنه لَا يَسْتَقِيم حِينَئِذٍ قَوْله (وَلَا حَاجَة لنا إِلَى تَحْقِيقه) أَي تصَوره مثبتا بِحَيْثُ يجوز الْعقل وُقُوعه وَلَا مخلص إِلَّا بِالْتِزَام حمله كلمة الشَّك على خلاف الظَّاهِر، وَإِرَادَة قدر مَا من التعقل وَالله أعلم (وَأَيْضًا يُمكن تصور الثُّبُوت بَين الخلافين فيكلف بِهِ) أَي بالثبوت (بَين الضدين) مَعْطُوف على قَوْله وَالْحق وَحَاصِله أَي الْمَنْع توقف التَّكْلِيف بِالْجمعِ بَين الضدين على تصَوره وَاقعا، بل يَكْفِي فِيهِ تصور الِاجْتِمَاع كَمَا يَكْفِي فِي الحكم على مَا ذكر (وَحَدِيث تصور المستحيل) الْمَدْلُول عَلَيْهِ بقوله وَهُوَ تصور الْمَلْزُوم ملزوما لنقيض اللَّازِم إِلَى آخِره (بِمَا فِيهِ) أَي مَعَ مَا فِيهِ من الْبَحْث المفاد بقوله وَأجِيب إِلَى آخِره (لَا وُقُوع لَهُ بعد مَا ذكرنَا) من أَنا نعلم بِالضَّرُورَةِ إِمْكَان كلفتك الْجمع بَينهمَا (وَلَا خلاف فِي وُقُوع التَّكْلِيف بالمحال لغيره كَمَا) أَي كالفعل الَّذِي (علم) الله (سُبْحَانَهُ عدم كَونه) أَي تحَققه فِي الْخَارِج، وَمَعَ هَذَا كلف بِهِ، وَلما استدلوا بِهَذَا التَّكْلِيف على جَوَاز التَّكْلِيف بالمحال لذاته وَكَانَ ذَلِك غير موجه أَشَارَ إِلَيْهِ بقوله (وَالْوَجْه أَنه) أَي مَا علم الله سُبْحَانَهُ عدم كَونه (لم يَتَّصِف بالاستحالة) الَّتِي هِيَ مَحل النزاع (لذَلِك) أَي لعلمه سُبْحَانَهُ بِعَدَمِ كَونه (لِاسْتِحَالَة اجتماعه) أَي اجْتِمَاع كَونه محالا (مَعَ الْإِمْكَان) الثَّانِي الْمَوْجُود فِيهِ اتِّفَاقًا (بل هُوَ) أَي مَا علم سُبْحَانَهُ عدم كَونه (مُمكن مَقْطُوع بِعَدَمِ وُقُوعه فاستدل الْمُجِيز) لوُقُوع التَّكْلِيف بالمستحيل لذاته (بِهِ) أَي بِوُقُوع التَّكْلِيف بالممكن الْمَقْطُوع بِعَدَمِ وُقُوعه كَلَام وَقع (فِي غير مَحل النزاع، و) مَعَ كَونه كلَاما فِي غير مَحل النزاع (يَقْتَضِي وُقُوع تَكْلِيف المستحيل لنَفسِهِ اتِّفَاقًا) فَلَا وَجه لجعله دَلِيلا على جَوَاز وُقُوع التَّكْلِيف بالمحال لذاته وَذَلِكَ لِأَنَّهُ إِذا لم يفرق بَين الْمحَال لغيره والمحال لذاته ويجعله محالا لذاته، وَمَا علم سُبْحَانَهُ عدم كَونه قد كلف بِهِ اتِّفَاقًا لزم من هَذَا الِاتِّفَاق على وُقُوع التَّكْلِيف بالمستحيل لذاته (والاتفاق) بَين الأشاعرة (على نَفْيه) أَي وُقُوع التَّكْلِيف بالمستحيل لذاته كغيرهم (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الِاتِّفَاق مِنْهُم على نَفْيه (ناقضوا الْآيَة) أَي لَا يُكَلف الله نفسا إِلَّا وسعهَا لدلالته على نفي الْوُقُوع صَرِيحًا (وَالْخلاف فِي جَوَازه) لَا غير (وَكَذَا استدلالهم) على جَوَاز التَّكْلِيف بالمحال لذاته (بِأَن الْقُدْرَة مَعَ الْفِعْل) فَقبل الْفِعْل لَا قدرَة لَهُ وصدور الْفِعْل من غير قدرَة محَال، وَقد كلف بِالْفِعْلِ قبله اتِّفَاقًا كَلَام فِي غير مَحل النزاع وَيَقْتَضِي الِاتِّفَاق على وُقُوع التَّكْلِيف بالمحال وَقَوله (وَهُوَ مَخْلُوق لَهُ تَعَالَى) لإِفَادَة أَن الْمَعِيَّة لَا تضر لكَون الْفِعْل يُوجد بتأثير قدرَة الْخَالِق من غير تَأْثِير لقدرة الْمَخْلُوق وَمن غير مدخلية لَهَا فَلَيْسَتْ من أَجزَاء الْعلَّة فليزم تقدمها غير أَنه لَو فرض مدخليتها أَيْضا لم يلْزم
تقدمها زَمَانا، وَالْمرَاد معيتها زَمَانا، فَالْوَجْه أَن يَجْعَل دَلِيلا مُسْتقِلّا كَمَا فِي الشَّرْح العضدي، وَأما فَائِدَة إِثْبَات هَذِه الْقُدْرَة فَسَيَأْتِي بَيَانهَا (وَمِنْه) أَي وَمِمَّا ذكر من أَن الْقُدْرَة مَعَ الْفِعْل وَأَن الْفِعْل مَخْلُوق لَهُ تَعَالَى، وَمن هَذَا الِاسْتِدْلَال (ألزم الْأَشْعَرِيّ القَوْل بِهِ) أَي بتكليف الْمحَال وَإِلَّا فَهُوَ لم يُصَرح بِهِ (وَيلْزم) أَيْضا من هَذَا الِاسْتِدْلَال (كَون كل مَا كلف بِهِ محَال لذاته) قَالَ الشَّارِح: أَي فَهُوَ محَال لذاته، وَالْوَجْه الظَّاهِر محالا انْتهى وَلَا يخفى سماجة هَذَا التَّأْوِيل فَالْوَجْه أَن يُقَال سقط الْألف عَن الْقَلَم سَهوا، وَإِنَّمَا يلْزم ذَلِك لِأَن كَون الْقُدْرَة مَعَ الْفِعْل مُوجب للاستحالة الذاتية على رَأْيه، وَهَذَا مَوْجُود فِي كل تَكْلِيف (وَقَوْلهمْ) أَي المجيزين لوُقُوع التَّكْلِيف بالمحال لذاته (وَقع) التَّكْلِيف بِهِ إِذا (كلف أَبُو لَهب) أَي كلفه الله تَعَالَى (بالتصديق بِمَا أخبر) بِهِ النَّبِي صلى الله عليه وسلم إِجْمَاعًا (وَأخْبر) أَي أخبرهُ الله تَعَالَى وَالنَّبِيّ صلى الله عليه وسلم (أَنه) أَي أَبَا لَهب (لَا يصدقهُ) التزاما لإخباره بِأَنَّهُ من أهل النَّار بقوله - {سيصلى نَارا ذَات لَهب} - (وَهُوَ) أَي تَكْلِيفه بالتصديق بِمَا أخبر على الْعُمُوم لَا بِخُصُوص هَذَا الْأَخْبَار (تَكْلِيف بِأَن يصدقهُ فِي أَنه لَا يصدقهُ وَهُوَ) أَي تَصْدِيقه فِي أَنه لَا يصدقهُ (محَال لنَفسِهِ) لِأَن تحَققه يسْتَلْزم عدم تحَققه إِذْ مُتَعَلّقه عدم التَّصْدِيق الْمُطلق الَّذِي هُوَ من أَفْرَاده، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لاستلزام تَصْدِيقه عدم تَصْدِيقه) وَكَانَ مُقْتَضى الظَّاهِر الْإِضْمَار بِأَن يَقُول عَدمه، لَكِن لما كَانَ لُزُوم عَدمه فِي ضمن عدم التَّصْدِيق مُطلقًا أَشَارَ إِلَيْهِ بِوَضْع الْمظهر مَوضِع الْمُضمر بِأَن يَقُول عَدمه
وَيرد عَلَيْهِ أَن المستلزم لعدم التَّصْدِيق وَتحقّق مَضْمُون مُتَعَلّقه فِي الْخَارِج، لَا فِي ذهن الْمُصدق والتصديق الْمَذْكُور إِنَّمَا يسْتَلْزم تحقق الْمَضْمُون فِي الذِّهْن لَا فِي الْخَارِج، فغاية الْأَمر لُزُوم كَون التَّصْدِيق لما فِي نفس الْأَمر وَيُجَاب بِأَن الْمُكَلف بِهِ التَّصْدِيق اليقيني الْمُطلق لما فِي نفس الْأَمر قطعا، وَأَيْضًا كَيفَ يصدق بِعَدَمِ تَصْدِيقه إِيَّاه مُطلقًا حَال كَونه مُصدقا إِيَّاه فِي أَنه لَا يصدقهُ، اللَّهُمَّ إِلَّا أَن يُقَال يجوز أَن لَا يكون عَالما بِعِلْمِهِ (غلط) خبر الْمُبْتَدَأ: أَعنِي قَوْلهم، لم يُصَرح بِوَجْه الْغَلَط لِكَثْرَة وجوهه مَعَ الِاعْتِمَاد على مَا يفهم بطرِيق الْإِشَارَة: مِنْهَا أَنه مَبْنِيّ على أَنه تَعَالَى أخبر بِأَنَّهُ لَا يصدق وَجعل هَذَا الْخَبَر بِخُصُوصِهِ مُتَعَلق إيمَانه وَلم يثبت شَيْء مِنْهُمَا، أما الأول فَلِأَن صلية النَّار يحْتَمل أَن يكون بالارتداد بعد التَّصْدِيق فَلَا ينتهض حجَّة، وَأما الثَّانِي فَلِأَنَّهُ لَا يجب أَن يكون كل مَا أخبر بِهِ مُطلقًا للْإيمَان تَفْصِيلًا، وَمِنْهَا أَنه لَو سلم تَكْلِيفه بالتصديق الْمَذْكُور لم يكن محالا لذاته إِذْ لَا يسْتَلْزم تحَققه عدم تحَققه إِلَّا بِشُبْهَة كَونه مطابقا للْوَاقِع، وَهَذَا الْكَوْن خَارج عَن ذَاته فَلَا يسْتَلْزم تحَققه لذاته عدم تحَققه فَلَا يكون محالا لذاته (بل هُوَ) أَي تَكْلِيف أبي لَهب بالتصديق تَكْلِيف (بِمَا علم الله عدم وُقُوعه فَهُوَ) محَال (لغيره) وَهُوَ تعلق الْعلم