الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْحَقِيقَة هَهُنَا (للاستحالة فِي الْأَكْبَر مِنْهُ وَصِحَّة رُجُوعه) عَن كَونهَا بنته (فِي الممكنة) أَي فِي الْأَصْغَر مِنْهُ سنا (وَتَكْذيب الشَّرْع) لَهُ فِي هَذَا الْإِقْرَار لكَونه مُبْطلًا حق الْغَيْر (بدله) أَي قَائِم مقَام رُجُوعه لِأَن تَكْذِيب الشَّرْع لَا يكون أدنى من تَكْذِيب نَفسه (فَكَأَنَّهُ رَجَعَ وَالرُّجُوع عَن الْإِقْرَار بِالنّسَبِ صَحِيح) وَعند الرُّجُوع لَا يبْقى الْإِقْرَار فَلَا يثبت النّسَب مُطلقًا وَلَا فِي حق نَفسه (بِخِلَافِهِ) أَي الْإِقْرَار بِالنُّبُوَّةِ (فِي عَبده الْمُمكن) كَونه مِنْهُ من حَيْثُ السن الثَّابِت نسبه من الْغَيْر لِأَنَّهُ لَيْسَ فِيهِ إِقْرَار على الْغَيْر لِأَنَّهُ صَار مجَازًا عَن الْحُرِّيَّة، وَالْعَبْد وَالْأَب لَا يتصوران بهَا، وَذَلِكَ بِنَاء على مَا هُوَ الأَصْل من أَن الْكَلَام إِذا كَانَ لَهُ حَقِيقَة وَلها حكم يُصَار إِلَى إِثْبَات حكم تِلْكَ الْحَقِيقَة مجَازًا عِنْد تعذر الْحَقِيقَة، وَحَيْثُ لزم أَن يكون المُرَاد بِهِ دلك لَا يَصح رُجُوعه عَنهُ، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (لعدم صِحَة الرُّجُوع عَن الْإِقْرَار بِالْعِتْقِ وَلِأَن ثُبُوته) أَي التَّحْرِيم الَّذِي هُوَ الْمَعْنى الْمجَازِي لهَذِهِ بِنْتي (إِمَّا حكما للنسب وَهُوَ) أَي النّسَب قد ثَبت (من الْغَيْر) فَيثبت للْغَيْر، لَا لَهُ (أَو بِالِاسْتِعْمَالِ) لهَذِهِ بِنْتي (فِيهِ) أَي فِي التَّحْرِيم (وَهُوَ) أَن التَّحْرِيم الَّذِي هُوَ حكم النّسَب: أَعنِي الأبدي (منَاف لسبق الْملك) بِالنِّكَاحِ لانْتِفَاء صِحَة نِكَاح الْمُحرمَات (لَا أَنه) أَي التَّحْرِيم الْمَذْكُور (من حُقُوقه) أَي حُقُوق ملك النِّكَاح (وَالَّذِي من حُقُوقه) أَي التَّحْرِيم الَّذِي من حُقُوق ملك النِّكَاح وَهُوَ إنْشَاء التَّحْرِيم الْكَائِن بِالطَّلَاق (لَيْسَ اللَّازِم) للمعنى الْحَقِيقِيّ (ليتجوز بِهِ) أَي بِهَذِهِ بِنْتي (فِيهِ) أَي فِي التَّحْرِيم الْكَائِن بِالطَّلَاق.
مسئلة
(الْحَقِيقَة المستعملة أولى من الْمجَاز الْمُتَعَارف الأسبق) إِلَى الْفَهم (مِنْهَا) أَي من الْحَقِيقَة المستعملة (عِنْده) أَي أبي حنيفَة (وَعِنْدَهُمَا، وَالْجُمْهُور قلبه) أَي الْمجَاز الْمُتَعَارف الأسبق أولى من الْحَقِيقَة المستعملة (وَتَفْسِير التعارف بالتفاهم) كَمَا قَالَ مَشَايِخ الْعرَاق بِأَن يكون الْمَعْنى الْمجَازِي مَشْهُورا فِي إطلاقات اللَّفْظ، فالتعارف بِاعْتِبَار تفاهم النَّاس عِنْد الاستعمالات (أولى مِنْهُ) أَي من تَفْسِيره (بالتعامل) كَمَا قَالَ مَشَايِخ بَلخ: أَن يكون الْمُتَعَارف هُوَ الْعَمَل بِالْمَعْنَى الْمجَازِي لَا الْحَقِيقِيّ كَمَا سيشير إِلَيْهِ (لِأَنَّهُ) أَي التَّعَامُل (فِي غير مَحَله) أَي الْمجَاز، أَو مَحَله مواقع الِاسْتِعْمَال والتفاهم، ثمَّ بَين كَونه فِي غير مَحَله بقوله (لِأَنَّهُ) أَي التَّعَامُل هُوَ (كَون الْمَعْنى الْمجَازِي مُتَعَلق عَمَلهم) أَي أهل الْعَرَب، تَفْسِير باللازم: إِذْ حَقِيقَته مَا يَقع فِيمَا بَينهم من الْعَمَل الْمُتَعَلّق بِالْمَعْنَى الْمجَازِي (وَهَذَا) أَي عَمَلهم على هَذَا الْوَجْه (سَببه) أَي سَبَب التفاهم، لِأَن الأذهان عِنْد سَماع اللَّفْظ تنْتَقل إِلَى مَا هُوَ المتداول فِيمَا بَينهم من حَيْثُ الْعَمَل، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (إِذْ بِهِ) أَي بالتعامل (يصير)
الْمجَاز (أسبق) إِلَى الْفَهم. قَالَ الشَّارِح هَهُنَا فَمحل التَّعَامُل الْمَعْنى، وَمحل الِاسْتِعْمَال والحقيقة وَالْمجَاز اللَّفْظ انْتهى: فَعلم أَنه فهم أَن المُرَاد أَوْلَوِيَّة التَّفْسِير الأول على الثَّانِي بِاعْتِبَار أَن الأول يتَعَلَّق بِاللَّفْظِ، وَالثَّانِي بِالْمَعْنَى، وَلَا يخفى ضعفه (ثمَّ هَذَا) التَّقْرِير فِي وضع المسئلة بِنَاء (على تَسْمِيَة الْمَعْنى بهما) أَي بِالْحَقِيقَةِ وَالْمجَاز، وإطلاقهما عَلَيْهِ مُسَامَحَة لإِجْمَاع أهل اللُّغَة على أَنَّهُمَا من أَوْصَاف اللَّفْظ، وَهَذَا بِنَاء على الظَّاهِر: إِذْ يبعد أَن يُرَاد بِالْحَقِيقَةِ المستعملة اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي الْمَوْضُوع لَهُ، وَالْمجَاز الْمُتَعَارف اللَّفْظ الْمُسْتَعْمل فِي الْمجَازِي الْمُتَعَارف، وَيكون الْمَعْنى: حمل اللَّفْظ على الْحَقِيقِيّ الَّذِي قد يسْتَعْمل فِيهِ أولى من حمله على الْمجَازِي الْمُتَعَارف (والتحرير) أَي تَقْرِير الْمحل على وَجه التَّحْقِيق (أَنه) أَي الْمجَاز الْمُتَعَارف هُوَ (الْأَكْثَر اسْتِعْمَالا فِي الْمجَازِي مِنْهُ فِي الْحَقِيقِيّ) أَي اللَّفْظ الَّذِي اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى الْمجَازِي أَكثر من اسْتِعْمَاله فِي الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ وَمَا يُقَابله ظَاهر فمدار الْمجَاز الْمُتَعَارف على أكثرية اسْتِعْمَاله فِي الْمجَازِي، ومدار مُقَابِله على عدمهَا الْمُتَعَارف بالتفاهم والتعامل، وَبَيَان الْأَوْلَوِيَّة حِينَئِذٍ على الْوَجْه الَّذِي ذكر آنِفا لَا يتَّجه (وَمَا قيل) على مَا روى عَن مَشَايِخ مَا وَرَاء النَّهر من قَوْلهم (الثَّانِي) وَهُوَ التَّفْسِير بالتعامل (قَوْلهمَا وَالْأول) وَهُوَ التَّفْسِير بالتفاهم (قَوْله للحنث عِنْده بِأَكْل آدَمِيّ وخنزير) إِذا حلف لَا يَأْكُل لَحْمًا لِأَن التفاهم يَقع عَلَيْهِ: إِذْ الْمُتَبَادر مِنْهُ مَا يُطلق عَلَيْهِ اللَّحْم وَعدم الْحِنْث عِنْدهمَا: لِأَن التَّعَامُل لَا يَقع عَلَيْهِ لِأَنَّهُ لَا يُؤْكَل عَادَة (غير لَازم: بل) الْحِنْث عِنْده فيهمَا (لاستعمال اللَّحْم فيهمَا) أَي فِي لحم الْآدَمِيّ وَالْخِنْزِير فَهُوَ يعْمل بِأَصْلِهِ، وَهُوَ الْحمل على الْحَقِيقَة عِنْد تَحْقِيق الِاسْتِعْمَال نعم لَو لم يسْتَعْمل فيهمَا وَكَانَ الْمصير إِلَى الْمجَاز لَكَانَ للتَّعْلِيل وَجه (فَيقدم) الِاعْتِبَار للْحَقِيقَة وَعدم الْحِنْث عِنْدهمَا كَمَا أَفَادَ بقوله (ولأسبقية مَا سواهُمَا) أَي مَا سوى لحم الْآدَمِيّ وَالْخِنْزِير إِلَى الأفهام عِنْد الْإِطْلَاق (عِنْدهمَا، وَيشكل عَلَيْهِ) أَي على أبي حنيفَة (مَا تقدم من التَّخْصِيص بِالْعَادَةِ بِلَا خلاف) فَإِنَّهُ يَقْتَضِي اقْتِصَار الْحِنْث على مَا اُعْتِيدَ أكله من اللحوم، فَإِذا كَانَ الْحَالِف مُسلما كَانَ فِي حَقه الْمُتَعَارف عدم أكلهما، ومبني الْأَيْمَان على الْعرف، فِي العتابي هُوَ الصَّحِيح، وَفِي الْكَافِي وَعَلِيهِ الْفَتْوَى (وَكَون هَذِه) المسئلة (فرع جِهَة الخلفية فرجح) أَبُو حنيفَة (التَّكَلُّم بهَا) أَي بِالْحَقِيقَةِ على التَّكَلُّم بالمجاز (ورجحا الحكم بأعميته) أَي بِسَبَب أعمية حكم الْمجَاز وشموله (لحكمهما) أَي لحكم الْحَقِيقَة وَغَيره فتكثر فَائِدَته، فَفِيهِ عمل بِالْحَقِيقَةِ من وَجه لدخولها فِيهِ وَلَا يخفى عَلَيْك أَن فرعية هَذِه المسئلة لمسئلة الخلفية لَا يُنَاسب القَوْل بترجيح أبي حنيفَة التَّكَلُّم وترجيحهما الحكم، لِأَن التَّرْجِيح إِنَّمَا يعْتَبر إِذا كَانَ كل من المتخاصمين يجوز كلا من الْأَمريْنِ: اعْتِبَار التَّكَلُّم، وَاعْتِبَار الحكم وفرعيتها لجِهَة
الخلفية ملزمة لاعْتِبَار التَّكَلُّم بِالنِّسْبَةِ إِلَى أبي حنيفَة وَاعْتِبَار الحكم بِالنِّسْبَةِ إِلَيْهِمَا: إِذْ كل مِنْهُمَا برهن على مَا ذهب إِلَيْهِ فِي الأَصْل، وَالْفرع يتبع الأَصْل.
وَأَنت خَبِير بِأَن مُقْتَضى ذَلِك الْمَعْنى الْحَقِيقِيّ إِذا أمكن إِرَادَته لَا يُصَار إِلَى الْمجَازِي بِلَا مُرَجّح وَهَهُنَا يُمكن: إِذْ الْمَفْرُوض أَن الْحَقِيقَة مستعملة وَلَا مُرَجّح: إِذْ الأعمية مُعَارضَة بأصالة الْحَقِيقَة فَكيف تكون هَذِه فرعا لتِلْك (لَا يتم) خبر الْمُبْتَدَأ: أعنى قَوْله كَون هَذِه (إِذْ الْغَرَض يتَعَلَّق بالخصوص كضده) أَي كَمَا يتَعَلَّق بِالْعُمُومِ (والمعين) لمتعلق الْغَرَض مِنْهُمَا (الدَّلِيل) مَعَ أَن حكم الْمجَاز الْمُتَعَارف قد لَا يعم حكم الْحَقِيقَة (فالمبنى) لهَذِهِ المسئلة (صلوح غَلَبَة الِاسْتِعْمَال) فِي الْمَعْنى الْمجَازِي لِأَن يكون (دَلِيلا) على رُجْحَان إِرَادَته على الْحَقِيقِيّ (فأثبتاه) أَي أَبُو يُوسُف وَمُحَمّد الصلوح الْمَذْكُور (ونفاه) أَي أَبُو حنيفَة إِيَّاه محتجا (بِأَن الْعلَّة لَا ترجح بِالزِّيَادَةِ من جِنْسهَا) يَعْنِي أَن أصل الِاسْتِعْمَال الْوَاقِع على قانون الْعَرَبيَّة غَلَبَة إِرَادَة الْمَعْنى الْمجَازِي، وَغَلَبَة الِاسْتِعْمَال زِيَادَة من جنس الِاسْتِعْمَال، وَقد تقرر أَن إِحْدَى العلتين الكائنتين من جنس وَاحِد لَا ترجح على الْأُخْرَى بِالزِّيَادَةِ من ذَلِك الْجِنْس (فتكافآ) أَي فتساوي الْحَقِيقِيَّة وَالْمجَاز فِي الِاعْتِبَار (ثمَّ تترجح) الْحَقِيقَة عِنْده لرجحانها لذاتها عَلَيْهِ (لَا ذَلِك) أَي لَا أَن الرجحان بِسَبَب كَون حكم الْمجَاز أَعم كَمَا ذكر (وَإِلَّا) أَي وَإِن لم يكن الْمَبْنِيّ على مَا ذكرنَا، وَكَانَ سَبَب التَّرْجِيح الأعمية (اطرد) التَّرْجِيح بِالْعُمُومِ عِنْدهمَا (فرجحا) الْمجَاز (الْمسَاوِي) للْحَقِيقَة فِي التبادر إِلَى الْفَهم (إِذا عَم) حكم الْحَقِيقَة، وَقد يُقَال: يجوز أَن يكون مُرَاد من رجح بالأعمية أَن الْمُرَجح مَجْمُوع الْأَمريْنِ التبادر مَعَ الأعمية غير أَنه ترك ذكر التبادرلظهوره فَتَأمل (وَقَالا العقد) الْمَذْكُور فِي - {عقدتم} - (الْعَزْم لعمومه) أَي الْعَزْم (الْغمُوس) والمنعقدة. قَوْله: وَقَالا مَعْطُوف على قَوْله رجحا إِذْ هُوَ أَيْضا يتَفَرَّع على الاطراد الْمَذْكُور، وهما مَعَ أبي حنيفَة فِي الْحمل على المنعقدة، لَا الْعَزْم (ونظائره) مِمَّا يَقْتَضِيهِ الاطراد (كثير وَلَيْسَ) شَيْء مِنْهَا كَذَلِك (و) الْمجَاز (الْمسَاوِي) للْحَقِيقَة فِي التبادر (اتِّفَاق) أَي مَحل اتِّفَاق بَين الْأَئِمَّة فَإِنَّهُم أَجمعُوا على تَقْدِيم الْحَقِيقَة عَلَيْهِ (وفرعها) أَي هَذِه المسئلة حلف (لَا يشرب من الْفُرَات) بِالتَّاءِ الممدودة فِي الْخط فِي حالتي الْوَصْل، وَالْوَقْف: النَّهر الْمَعْرُوف بَين الشَّام والجزيرة، وَرُبمَا قيل بَين الشَّام وَالْعراق حلف (لَا يَأْكُل الْحِنْطَة) وَلَا نِيَّة لَهُ (انْصَرف) الْحلف (عِنْده إِلَى الكرع) فِي الشّرْب من الْفُرَات (وَإِلَى عينهَا) أَي إِلَى كل عين الْحِنْطَة (وَإِلَى مَا يتَّخذ مِنْهَا) أَي من الْحِنْطَة (ومائه) أَي الْفُرَات (عِنْدهمَا، و) يرد (على) مسئلة (الْحِنْطَة التَّخْصِيص بِالْعَادَةِ) بِلَا خلاف كَمَا مر آنِفا: فَإِن مُقْتَضَاهُ اقْتِصَار الْحِنْث على مَا يتَّخذ مِنْهَا