الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
بِعَيْنِه كَيفَ وَلَو كَانَ مأخوذا بِشَرْط الْإِبْهَام لما كَانَ لَهُ تحقق فِي الْخَارِج لما علم من أَن الْمَاهِيّة بِشَرْط عدم التَّعْيِين لَا يُمكن تحققها، بل الْمُعْتَبر إِنَّمَا هِيَ الْمَاهِيّة لَا بِشَرْط شَيْء (فَلِذَا) أَي لكَون الْمُعْتَبر الْمَاهِيّة الْمُطلقَة لَا بِشَرْط الْإِبْهَام (سقط) الْوَاجِب عَن ذمَّة الْمُكَلف (بالمعين) بالإتيان بِوَاحِد مِنْهَا بِعَيْنِه: إِذْ الْمُطلق فِي ضمن الْفَرد الْخَاص (لتَضَمّنه) أَي الْمعِين (مَفْهُوم الْوَاحِد) الْمُبْهم، ثمَّ على قَول الْجُمْهُور إِذا كَانَ فِي الْكل مَا هُوَ أَعلَى ثَوابًا وَفعل الْكل فَقيل المثاب عَلَيْهِ الْأَعْلَى سَوَاء فعله مُرَتبا أَو مَعًا، وَإِن ترك الْكل عُوقِبَ على أدناها، وَقيل غير ذَلِك أطنب فِيهِ الشَّرْح، وطويناه لعدم الْحَاجة إِلَيْهِ فِي الْبَحْث.
مسئلة
(الْوَاجِب على) سَبِيل (الْكِفَايَة) وَهُوَ مُهِمّ متحتم قصد حُصُوله من غير نظر إِلَى فَاعله: أما ديني كَصَلَاة الْجِنَازَة، وَأما دُنْيَوِيّ كالصنائع الْمُحْتَاج إِلَيْهَا، فَخرج الْمسنون لِأَنَّهُ غير متحتم، وَفرض الْعين لِأَن فَاعله مَنْظُور أما خُصُوص شخصه كالمفروض على النَّبِي صلى الله عليه وسلم دون أمته أَو كل وَاحِد وَاحِد من الْمُكَلّفين (على الْكل، وَيسْقط) الْوُجُوب عَنْهُم (بِفعل الْبَعْض) وَهَذَا قَول الْجُمْهُور، وَالْمرَاد الْكل الإفرادي، وَقيل المجموعي: إِذْ لَو تعين على كل وَاحِد كَانَ سُقُوطه عَن البَاقِينَ بعد تحَققه نسخا، وَلَا نسخ اتِّفَاقًا، بِخِلَاف الْإِيجَاب على الْمَجْمُوع من حَيْثُ هُوَ فَإِنَّهُ لَا يسْتَلْزم الْإِيجَاب على وَاحِد، وَيكون التأثيم على الْجَمِيع بِالذَّاتِ، وعَلى كل وَاحِد بِالْعرضِ وَأجِيب بِمَنْع لُزُوم النّسخ، إِذْ قد يسْقط بعد التحقق بِانْتِفَاء عِلّة الْوُجُوب، فحصول الْمَقْصُود هَهُنَا على أَنه يلْزم النّسخ على هَذَا الْقَائِل أَيْضا، لِأَن فعل الْبَعْض لَيْسَ فعل الْمَجْمُوع قطعا، وَقد سقط عَن الْمَجْمُوع من غير أَن يَقع مِنْهُم الْفِعْل: هَذَا وَنحن لَا نفهم طلب الْفِعْل من الْمَجْمُوع من حَيْثُ هُوَ إِلَّا فِي مثل حمل جسم عَظِيم لَا يقدر الْبَعْض على حمله، وَمَعَ ذَلِك يلْزم على كل وَاحِد الْمُشَاركَة فِي الْحمل لَا الِاسْتِقْلَال (وَقيل) وَاجِب (على الْبَعْض) وَهُوَ قَول الإِمَام الرَّازِيّ، وَاخْتَارَهُ السُّبْكِيّ ثمَّ الْمُخْتَار على هَذَا أَي بعض كَانَ، إِذْ لَا معِين، فَمن قَامَ بِهِ سقط الْوُجُوب بِفِعْلِهِ وبفعل غَيره كَمَا يسْقط الدّين بأَدَاء غَيره عَنهُ (لنا) على الْمُخْتَار (إِثْم الْكل بِتَرْكِهِ) اتِّفَاقًا، وَلَو لم يجب على كل وَاحِد لما أَثم (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ بِأَنَّهُ على الْبَعْض (سقط) الْوُجُوب (بِفعل الْبَعْض) وَلَو كَانَ على الْكل لما سقط: إِذْ لَا يسْقط عَن شخص بِفعل غَيره (قُلْنَا) لَا يستبعد هَذَا (لِأَن الْمَقْصُود وجود الْفِعْل لَا ابتلاء كل مُكَلّف) كَمَا فِي فرض الْعين، وَقد وجد (كسقوط مَا على زيد) من الدّين (بِفعل عَمْرو) لحُصُول الْغَرَض بِهِ، وَقيد الشَّارِح بِمَا إِذا كَانَ زيد ضَامِنا عَنهُ عَمْرو فِيهِ
لِأَن فِيهِ أَدَاء مَا فِي ذمَّة الْمُؤَدِّي، وَإِسْقَاط مَا فِي ذمَّة غَيره كَمَا فِي مَحل النزاع.
وَأَنت خَبِير بِأَن الاستبعاد، إِنَّمَا جَاءَ من قبل إِسْقَاط مَا فِي ذمَّة شخص بِفعل غَيره، فَمَا ذكره المُصَنّف كَاف فِي الْمَقْصُود من غير هَذَا الْقَيْد (قَالُوا) أَي الْقَائِلُونَ المذكورون لإِثْبَات صِحَة (أَمر وَاحِد مُبْهَم كبواحد مُبْهَم) أَي كالأمر بِوَاحِد مُبْهَم من الْخِصَال الْمَذْكُورَة فَكَمَا جَازَ ذَلِك جَازَ هَذَا (أُجِيب بِأَن الْفرق بِأَن إِثْم) مُكَلّف (مُبْهَم غير مَعْقُول) بِخِلَاف إِثْم الْمُكَلف بترك أحد أُمُور مُعينَة مُبْهما فَإِنَّهُ مَعْقُول: إِذْ ترك الْمُبْهم بترك جَمِيع مَا يتَحَقَّق فِيهِ من الْأُمُور الْمعينَة (قيل) وَالْقَائِل الْمُحَقق التَّفْتَازَانِيّ وَهَذَا إِنَّمَا يَصح لَو لم يكن (مَذْهَبهم) أَي الْقَائِلين بِالْوُجُوب على الْبَعْض أَن مُوجب عدم قيام بعض (إِثْم الْكل) بِسَبَب ترك الْبَعْض (لَكِن قَول قَائِله) أَي الْوُجُوب على الْبَعْض (أَنه) أَي الْإِثْم (يتَعَلَّق بِمن غلب على ظَنّه أَنه) أَي الْوَاجِب (لن يَفْعَله غَيره فَإِن ظَنّه) أَي عدم الْفِعْل (الْكل عمهم) الْإِثْم (وَإِن خص) ظن عدم الْفِعْل الْبَعْض (خصّه) أَي ذَلِك الْبَعْض الظَّان (الْإِثْم) على تَقْدِير التّرْك، وَحِينَئِذٍ (فَالْمَعْنى) الْمُكَلف بِالْوُجُوب بعض (غير معِين وَقت الْخطاب لِأَنَّهُ) أَي الْمُكَلف (لَا يتَعَيَّن) للْوُجُوب عَلَيْهِ (إِلَّا بذلك الظَّن) وَهُوَ ظن أَن لن يَفْعَله غَيره (وَلَو لم يظنّ) هَذَا الظَّن أحد (لَا يَأْثَم أحد، وَيشكل) هَذَا حِينَئِذٍ (بِبُطْلَان معنى الْوُجُوب) فَإِن لَازمه الْإِثْم على تَقْدِير التّرْك، فَإِذا انْتَفَى انْتَفَى الْمَلْزُوم (وَقد يُقَال) فِي الْجَواب عَن هَذَا (إِنَّمَا يبطل) الْوُجُوب (لَو كلف) الْمُكَلف بِالْوَاجِبِ الْمَذْكُور (مُطلقًا) أَي سَوَاء ظن أَن لَا يَفْعَله غَيره أَو لَا (أما) لَو كلف (الظَّان) أَن لن يَفْعَله غَيره فَقَط (فَلَا) يبطل معنى الْوُجُوب: إِذْ لَا تَكْلِيف حِينَئِذٍ فَلَا وجوب (وَالْحق أَنه) أَي القَوْل بِوُجُوبِهِ على الْبَعْض (عدُول عَن مُقْتَضى الدَّلِيل) الدَّال على وُجُوبه على الْكل (كقاتلوا الَّذين لَا يُؤمنُونَ وَنَحْوه) لعُمُوم الْخطاب على من يَتَأَتَّى مِنْهُ الْقِتَال (بِلَا ملجئ) للعدول عَنهُ (لما حققناه) من أَنه مَا يتَوَهَّم كَونه صارفا من السُّقُوط بِفعل الْبَعْض لَيْسَ بصارف: إِذْ لَا مَحْذُور فِيهِ (قَالُوا) ثَالِثا (قَالَ تَعَالَى {فلولا نفر من كل فرقة مِنْهُم طَائِفَة} فَإِن تَحْصِيل الْعُلُوم الدِّينِيَّة فَوق مَا يحْتَاج إِلَيْهِ كل أحد مِمَّا يتَعَلَّق بِالْعَمَلِ الْوَاجِب عَلَيْهِ عينا وَاجِب على الْكِفَايَة، وَقد صرح بِوُجُوبِهِ على طَائِفَة غير مُعينَة من كل فرقة من الْمُسلمين بلولا الدَّاخِلَة على الْمَاضِي الدَّالَّة على التنديم واللوم الَّذِي لَا يكون إِلَّا عِنْد ترك الْوَاجِب (قُلْنَا) هَذَا مؤول (بالسقوط بِفِعْلِهَا) أَي الطَّائِفَة من الْفرْقَة: يَعْنِي لما كَانَ قيام الْبَعْض بذلك مسْقطًا عَن الْكل نسب اللوم إِلَى الْبَعْض نظرا إِلَى ذَلِك وَإِن كَانَ الْكل مُسْتَحقّا لَهُ، وَفِي الْعرف يسْتَعْمل فِي توبيخ أهل الْبَلَد جَمِيعًا لم يقم بَعْضكُم بِهَذَا الْأَمر وَيفهم مِنْهُ عرفا لوم الْكل، وَإِنَّمَا صرنا إِلَى التَّأْوِيل (جمعا بَين الدَّلِيلَيْنِ). وَفِي نُسْخَة جمعا للدليلين: يَعْنِي