الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ولشرف بضع الْمَرْأَة حَالَة ثُبُوته تَعْظِيمًا لَهُ احْتِرَازًا عَن ملكه مجَّانا للنسل (لَا للتقوّم المالي) وَفِي تَهْذِيب الْبَغَوِيّ الْقَاتِل لَا يضمن الدِّيَة كمذهبنا.
الْقسم الثَّانِي
(كَون الْوَقْت سَببا للْوُجُوب مُسَاوِيا للْوَاجِب) بِأَن يُوجد بِإِزَاءِ كل جُزْء من الْوَقْت جُزْء من الْوَاجِب (وكل مُؤَقّت فالوقت شَرط أَدَائِهِ) إِذْ لَا يتَحَقَّق بِدُونِهِ وَهُوَ غير مُؤثر فِي وجوده. وَكَانَ مُقْتَضى الظَّاهِر أَن يذكر هَذَا عِنْد تَقْسِيم الْوَاجِب إِلَى الموقت وَغَيره، وَكَأَنَّهُ أَرَادَ بَيَان كَون هَذَا الْقسم جَامعا للأوصاف الثَّلَاثَة (ويسمونه) أَي الْحَنَفِيَّة هَذَا الْوَقْت (معيارا) لتقديره الْوَاجِب إِذْ يزْدَاد بِزِيَادَتِهِ وَينْقص بنقصه فَيعلم بِهِ مِقْدَاره كَمَا يعرف مقادير الموزونات بالمعيار (وَهُوَ رَمَضَان عين شرعا لفرض الصَّوْم، فَانْتفى شَرْعِيَّة غَيره من الصّيام فِيهِ فَلم يشرطوا) أَي الْحَنَفِيَّة (نِيَّة التَّعْيِين) أَي تعْيين كَونه الصَّوْم الْفَرْض عِنْد الْعَزْم على أَدَائِهِ (فأصيب) صَوْم رَمَضَان (بنية مباينة) لنِيَّة صَوْم رَمَضَان ومباينتها بِاعْتِبَار متعلقها وَهُوَ المنويّ (كالنذر وَالْكَفَّارَة بِنَاء على لَغْو الْجِهَة) الَّتِي عينهَا الناوي لِأَن تعْيين الشَّارِع الْوَقْت لرمضان لَا يخلي لما عينه العَبْد اعْتِبَارا فَيلْغُو (فيقى) الصَّوْم (الْمُطلق) بعد طرح خُصُوصِيَّة النفلية وَالْكَفَّارَة (وَبِه) أَي بالمطلق (يصاب) الصَّوْم الْفَرْض الرمضاني أَدَاء (كالأخص) مثل (زيد يصاب بالأعم) مثل (إِنْسَان) وَمعنى مصابية زيد بالإنسان أَنه إِذا قَالَ الْمُتَكَلّم رَأَيْت إنْسَانا مثلا وَفِي نفس الْأَمر نِيَّة زيد يكون مصداق هَذَا الحكم وَمحله خُصُوصِيَّة زيد. وَإِن كَانَ آلَة مُلَاحظَة مُتَعَلق الرُّؤْيَة ذَلِك الْمَفْهُوم الْكُلِّي، وَلَا شكّ أَن الْكُلِّي من حَيْثُ هُوَ كلي لَا يصلح لِأَن يصير طرفا لنسبة خارجية فالمتكلم والمخاطب يعلمَانِ إِجْمَالا أَن طرفها فِي نفس الْأَمر فَرد مِنْهُ. وَإِذا انحصر تحَققه بِاعْتِبَار تِلْكَ النِّسْبَة فِي خُصُوص فَرد يصير ذَلِك الْكُلِّي فِي نفس الْأَمر عبارَة عَنهُ ضَرُورَة، وَلذَلِك تحكم بِأَنَّهُ رَأْي زيدا إِذا لم يكن هُنَاكَ غَيره (وَالْجُمْهُور على نَفْيه) أَي نفي وُقُوعه عَن رَمَضَان بِهَذِهِ النِّيَّة (وَهُوَ) أَي نفي وُقُوعه عَنهُ (الْحق، لِأَن نفي شَرْعِيَّة غَيره) أَي غير صَوْم رَمَضَان (إِنَّمَا يُوجب نفي صِحَّته) أَي الْغَيْر (إِذا نَوَاه وَنفى صِحَة مَا نَوَاه من الْغَيْر لَا يُوجب وجود نِيَّة مَا يَصح) أَن يَنْوِي، يَعْنِي فرض رَمَضَان (وَهُوَ) أَي وَالْحَال أَن الناوي (يُنَادي) وَيَقُول (لم أرده) لِأَن تعين غَيره فِي النِّيَّة تنصيص على نفي إِرَادَته (بل لَو ثَبت) وُقُوعه عَن فرض رَمَضَان بِهَذِهِ النِّيَّة (كَانَ) وُقُوعه (جبرا) وَهُوَ يُنَافِي الصِّحَّة إِذْ لَا بدّ من أَدَاء الْفَرْض من الِاخْتِيَار. وَلَيْسَ إِصَابَة الْأَخَص بالأعم بمجرّد إِرَادَة الْأَعَمّ، لِأَن الْمَطْلُوب
إِصَابَة الْأَخَص من حَيْثُ هُوَ أخص بِاعْتِبَار النِّيَّة وَالْقَصْد وَلم يحصل. وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (وإصابة الْأَخَص بالأعم) إِنَّمَا يكون (بإرادته) أَي الْأَخَص (بِهِ) أَي بالأعم (ونقول لَو أَرَادَ نِيَّة صَوْم الْفَرْض للصَّوْم) أَي لَو قصد نِيَّة الصَّوْم الْمُطلق فِي الذّكر نِيَّة صَوْم الْفَرْض (صَحَّ) صَوْمه عَن رَمَضَان (لِأَنَّهُ) أَي الناوي (أَرَادَهُ) أَي نَوَاه لِأَن الْمُعْتَبر فِي النِّيَّة قصد الْقلب. وَقد تحقق (وارتفع الْخلاف، وَأما كَون التَّعْيِين) أَي تعْيين الْوَقْت الَّذِي هُوَ رَمَضَان لصومه شرعا (يُوجب الْإِصَابَة) أَي إِصَابَة فرض رَمَضَان بالإمساك (بِلَا نِيَّة) أَي بِلَا إِرَادَة صَوْم (كَرِوَايَة عَن زفر) أَي كَمَا روى عَنهُ. قَالَ الشَّارِح وَذكره النَّوَوِيّ عَن عَطاء وَمُجاهد أَيْضا (فَعجب) لِأَن ذَلِك إِنَّمَا يتَّجه لَو لم يكن الِاخْتِيَار شرطا لصِحَّة الْفِعْل الْمَطْلُوب من الْمُكَلف شرعا، لكنه شَرط بِالنَّصِّ وَالْإِجْمَاع، وَأنكر الْكَرْخِي حِكَايَة هَذَا عَن زفر. وَقَالَ: إِنَّمَا قَالَ زفر أَنه يجوز بنية وَاحِدَة (وَاسْتثنى أَبُو حنيفَة) من وُقُوع نِيَّة غير رَمَضَان عَن رَمَضَان (نِيَّة الْمُسَافِر غَيره) أَي غير رَمَضَان فِي رَمَضَان بِأَن يَنْوِي وَاجِبا آخر من نذر أَو كَفَّارَة أَو قَضَاء فَقَالَ (يَقع) ذَلِك المنويّ (عَن الْغَيْر) بانفاق الرِّوَايَات عَنهُ ذكره فِي الْأَجْنَاس (لإِثْبَات الشَّارِع التَّرَخُّص لَهُ) أَي الْمُسَافِر بترك الصَّوْم فِي وقته الْمعِين لَهُ تَخْفِيفًا لمَشَقَّة السّفر (وَهُوَ) أَي التَّرَخُّص إِنَّمَا يتَحَقَّق (فِي الْميل إِلَى الأخف) عِنْده من مَشْرُوع الْوَقْت وَغَيره من الْوَاجِبَات، وَمن الْفطر (وَهُوَ) أَي الأخف (صَوْم الْوَاجِب المغاير) لمشروع الْوَقْت فَإِنَّهُ إِذا اخْتَارَهُ بِنَاء على أَن إِسْقَاطه من ذمَّته أهمّ عِنْده لِأَنَّهُ لَو لم يدْرك عدّة من أَيَّام أخر لم يُؤَاخذ بِفَرْض الْوَقْت ويؤاخذ بذلك الْوَاجِب، ومصلحة الدّين أهم من مصلحَة الْبدن: يَعْنِي كَونه أخف (وعَلى هَذَا) التَّوْجِيه (يَقع) المنويّ (بنية النَّفْل عَن رَمَضَان) إِذْ لَا ترخص لَهُ فِيهِ، لِأَن الْفَائِدَة الْمَطْلُوبَة وَهُوَ الثَّوَاب فِي الْفَرْض أَكثر فَكَانَ هَذَا ميلًا إِلَى الأثقل فَيلْغُو وصف النفلية وَيبقى مُطلق الصَّوْم فَيَقَع عَن فرض الْوَقْت (وَهُوَ رِوَايَة) لِابْنِ سَمَّاعَة (عَنهُ) أَي أبي حنيفَة. وَفِي الْكَشْف وَغَيره وَهُوَ الْأَصَح، وَفِي نَوَادِر أبي يُوسُف رِوَايَة عَن ابْن سَمَّاعَة يكون عَن التطوّع. وَكَذَا فِي مُخْتَصر الْكَرْخِي (وَلِأَن انْتِفَاء غَيره) أَي غير فرض الْوَقْت لَيْسَ حكم الْوُجُوب، فَإِن الْوُجُوب مَوْجُود فِي الْوَاجِب الموسع بل هُوَ (حكم التَّعْيِين) أَي تعْيين هَذَا الزَّمَان لأَدَاء الْفَرْض (وَلَا تعْيين عَلَيْهِ) أَي الْمُسَافِر فَصَارَ هَذَا الْوَقْت فِي حَقه (كشعبان فَيصح نفله) كَمَا يَصح وَاجِب آخر عَلَيْهِ كَمَا فِي شعْبَان، وَقَوله وَلِأَن إِلَى آخِره مَعْطُوف على قَوْله لإِثْبَات الشَّارِع فَهُوَ تَعْلِيل آخر لوُقُوع مَا نَوَاه الْمُسَافِر من غير رَمَضَان، وَإِن اخْتلفَا بِاعْتِبَار مَا يتَفَرَّع عَلَيْهِمَا من وُقُوع مَا نَوَاه بِوَصْف النفلية عَن رَمَضَان أَو النَّفْل (وَهُوَ رِوَايَة) لِلْحسنِ عَن أبي حنيفَة أَيْضا (وَهُوَ
أَي هَذَا التَّوْجِيه (مغلطة لِأَن التَّعْيِين عَلَيْهِ) أَي الْمُكَلف: يَعْنِي التَّعْيِين الَّذِي نَفَاهُ عَن الْمُسَافِر بقوله وَلَا تعْيين عَلَيْهِ كشعبان (لَيْسَ تعْيين الْوَقْت) على مَا سنفسره (ليندرج) تعْيين الْوَقْت (فِيهِ) أَي فِي نفي مَا نفيناه: يَعْنِي لَو كَانَ تعْيين الْوَقْت مِمَّا نفيناه لَكَانَ يَشْمَلهُ النَّفْي (وينتفي بانتفائه) لكنه لَيْسَ مِنْهُ، ثمَّ فسرهما على وَجه يُمَيّز أَحدهمَا عَن الآخر بقوله (بل مَعْنَاهُ) أَي التَّعْيِين الَّذِي أَثْبَتْنَاهُ (فِي حَقه) أَي الْمُكَلف إِن لم يكن مُسَافِرًا، ونفيناه عَنهُ إِن كَانَ مُسَافِرًا (إِلْزَامه صَوْم الْوَقْت) على وَجه لَا مخلص لَهُ عَنهُ إِن لم يكن مُسَافِرًا أَو مَرِيضا (وَعَدَمه) أَي عدم إِلْزَامه إِيَّاه الَّذِي شرع فِي حَقه عِنْد السّفر (يصدق بتجويز الْفطر) يَعْنِي عدم الْإِلْزَام الْمَذْكُور يتَحَقَّق بِمُجَرَّد تجويزنا لَهُ الْفطر من غير أَن نجوز لَهُ صوما آخر (وَتَعْيِين الْوَقْت) أَي نَفينَا عَن التَّعْيِين الْمَذْكُور مَعْنَاهُ (أَن لَا يَصح فِيهِ) أَي فِي الْوَقْت (صَوْم آخر) وَلَا شكّ أَن إِلْزَام صَوْم الْوَقْت مُسْتَلْزم عدم صِحَة صَوْم آخر من غير عكس: إِذْ يجوز أَن لَا يجوز فِي الْوَقْت صَوْم آخر وَيجوز الْفطر، وَإِلَيْهِ أَشَارَ بقوله (فَجَاز اجْتِمَاع عدم التَّعْيِين) بِمَعْنى الْإِلْزَام الْمَذْكُور (عَلَيْهِ بتجويز الْفطر مَعَ) وجود (تعْيين الْوَقْت بِأَن لَا يَصح فِيهِ) أَي فِي الْوَقْت (صَوْم غَيره) أَي غير فرض الْوَقْت (لَو صَامَهُ) أَي لَو نوى صِيَام ذَلِك الْغَيْر (فَلم يلْزم من نفي التَّعْيِين عَلَيْهِ) بِمَعْنى الْإِلْزَام (نفي تعْيين الْوَقْت) بِالْمَعْنَى الْمَذْكُور (وحقق فِي الْمَرِيض تَفْصِيل بَين أَن يضرّه) الصَّوْم ككون مَرضه حمى مطبقة، أَو وجع الرَّأْس، أَو الْعين: كَذَا ذكره الشَّارِح (فَتعلق الرُّخْصَة) بتجويز الْفطر فِي حَقه (بخوف الزِّيَادَة) للمرض (فكالمسافر) فَهَذَا الْمَرِيض كالمسافر فِي تعلق الرُّخْصَة فِي حَقه بعجز مُقَدّر لَا بِحَقِيقَة الْعَجز، وَفِي قوع صَوْمه عَمَّا نَوَاه. قَالَ الشَّارِح: وعَلى هَذَا يحمل مَا مَشى عَلَيْهِ صَاحب الْهِدَايَة وَأكْثر مَشَايِخ بُخَارى من أَن الْمَرِيض إِذا نوى وَاجِبا آخر أَو النَّفْل يَقع عَمَّا نَوَاه كَمَا هُوَ رِوَايَة الْحسن عَن أبي حنيفَة (و) بَين (أَن لَا) يضرّهُ الصَّوْم (كفساد الهضم) والأمراض الرطوبية (فبحقيقتها) أَي فَتعلق الرُّخْصَة بِحَقِيقَة الْمَشَقَّة الَّتِي هِيَ الْعَجز (فَيَقَع) مَا نَوَاه هَذَا الْمَرِيض من الْغَيْر (عَن فرض الْوَقْت) إِذْ لم يهْلك بِهِ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ يظْهر أَنه لم يكن عَاجِزا فَلم يثبت لَهُ التَّرَخُّص فَكَانَ كَالصَّحِيحِ، هَذَا وَنقل الشَّارِح إِجْمَاع من يعتدّ بإجماعه على أَن الْمَرَض الْمُبِيح للفطر مَا يضر بِسَبَبِهِ الصَّوْم على اخْتِلَاف فِيهِ، وَأَدْنَاهُ الازدياد والامتداد، وَأَعلاهُ الْهَلَاك، فَالَّذِي لَا يضرّ بِسَبَبِهِ الصَّوْم لَا يُبِيح الْفطر إِجْمَاعًا.