الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وتسعين وثلثمائة
في شهر ربيع الأول تزايد أمر الدراهم القطع المتزايدة، فبلغت أربعة وثلاثين درهما بدينار؛ ونزع السعر واضطربت أمور الناس. فرفعت هذه الدراهم، وأنزل من بيت المال بعشرين صندوقا فيها الدراهم الجدد لتفرق على الصيارفة. وقرئ سجل يرفع تلك الدراهم والمنع من المعاملة بها؛ وأنظر من في يده منها شيء ثلاثة أيام، وأمر الناس بحمل ما كان مها إلى دار الضرب؛ فقلق الناس، وبلغ كل درهم من الجدد أربعة دراهم من القطع. وبيع الخبز كل ثلاثة أرطال بدرهم، فنودي أن يكون الخبز كل اثني عشر رطلا بدرهم جديد، واللحم رطلين بدرهم؛ وسعر أكثر الأشياء؛ واستقر كل دينار بثمانين درهماً من الجدد. وسكن أمر الناس بعد ما ضرب كثير من الباعة بالسياط وشهروا. وقبض على جماعة من أصحاب الفقاع والسماكين، وكبست الحمامات، وضرب جماعة لمخالفتهم ما نهو عنه وشهروا.
وفي تاسع ربيع الآخر أمر الحاكم بمحو ما هو مكتوب على المساجد والأبواب وغيرها من سب السلف، فمحي بأسره، وطاف متولي الشرطة حتى أزال سائر ما كان منه.
وقرئ سجل بترك الخوض فيما لا يعنى، واشتغال كل أحد بمعيشته عن الخوض في أعمال أمير المؤمنين وأوامره.
وجرى الأمر في الفطر على السماط ليالي رمضان، وفي صلاة الحاكم بالناس يوم الجمعة على ما تقدم.
وركب الحاكم لفتح الخليج في ذي القعدة والماء على أربعة عشر ذراعا وأصابع، وهو تاسع توت، فانتهى بعد فتح الخليج ماء النيل إلى ستة عشر أصبعا من خمسة عشر ذراعا، ثم نقص، فتحرك السعر وازدحم الناس على شراء الغلال وابتدأت الشدة.
وفيها مات يعقوب بن نسطاس النصراني، طبيب الحاكم، سكران في بركة ماء، فحمل إلى الكنيسة في تابوت، وشق به البلد، ثم أعيد إلى داره فدفن بها، وسائر أهل الدولة في جنازته ومعه شموع كثيرة تتقد، ومداخن عدة فيها بخور. وكان طبيب وقته، عارفا بالطب، آية في الحفظ، ما يغنى له قط صوت إلا حفظه. ولو غناه مائة مغن في مجلس واحد لحفظ سائر ما غنوه به وتكلم على ألحانها وأشعارها. وكانت له يد في الموسيقا، وانفرد بخدمة الحاكم في الطب فأثرى، وترك زيادة على عشرين ألف دينار عينا، سوى الثياب وغيرها.
وتوفى الأمير منجوتكين لأربع خلون من ذي الحجة، فصلى عليه الحاكم.