الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
سنة سبع وأربعين وأربعمائة
فيها سير المستنصر إلى كنيسة قمامة، فأحتاط بجميع ما فيها. وذلك أن القاضي أبا عبد الله القضاعي كان قد توجه من عند الخليفة برسالة إلى متملك الروم، فقدم وهو بالقسطنطينية رسول السلطان طغرلبك بن سلجوق يلتمس من الملكة تيودورا أن تمكن رسوله من الصلاة في جامع قسطنطينية، فأذنت له في ذلك؛ فدخل إليه وصلى به، وخطب للخليفة القائم بأمر الله العباسي. فبعث القضاعي بذلك إلى المستنصر، فأحاط بما في قمامة وأخذه، وأخرج البطرك منها إلى دار مفردة؛ وأغلق أبواب كنائس مصر والشام، وطالب الرهبان بالجزية لأربع سنين، وزاد على النصارى في الجزية. وكان هذا ابتداء فساد ما بين الروم والمصريين.
وفيها تجمع كثير من التركمان بحلب وغيرها، وأفسدوا في أعمال الشام.
وفيها تزايد الغلاء، وكثر الوباء، وعم الموتان بديار مصر.
وفيها سار مكين الدولة الحسن بن علي بن ملهم من القاهرة بالعساكر؛ ونودي في بلاد الشام بالغزو والجهاد. واستدعى راشد بن عليان بن سنان إلى القاهرة، وقرر معه أن يسير في قومه الكلبيين مع ابن ملهم، ثم قبض عليه. وعقدت إمارة الكلبيين لنبهان، وقيل لسنان، فنزل ابن ملهم أفامية، ثم سار إلى حسن قسطول فحصره عشرين يوما حتى أخذه
بالأمان، في ثامن ربيع الأول سنة سبع وأربعين. وعاد إلى أفامية فحصرها ورماها بالمجانيق، فطلبوا الأمان على أن يرحل عنهم؛ فلما رحل أحرقوا القلعة وانهزموا، فلحقهم وقتلهم، وأطفأ النار من القلعة، وأغار على البلاد؛ فلم يكن بأنطاكية من يذب عنها، وجمع كل طامع في النهب بحجة ابن ملهم. وتوسط ثمال بن صالح للصلح، فلم يتم. وسيرت الملكة تيودورا أسطولا إلى أنطاكية، فوصل اللاذقية ثمانون قطعة، وخرج دوقس أنطاكية وبطركها في جماعة، فظفروا بشينيين للمسلمين معهما الغنائم؛ فسار ابن مهلم نحوهم، وكشف الروم إلى طرف أنطاكية، واستنقذ الأسرى منهم وقتل منهم خلقا كثيرا. فدار الأسطول إلى طرابلس وقاتلوا أهلها، فقتل من الفريقين خلائق. وعاد الأسطول الرومي إلى اللاذقية، فماتت الملكة تيودورا بعد سبع سنين من ملكها وتسعة أشهر واثنتي عشرة ليلة؛ وملك بعدها ميخائيل.