الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مداخلة: أما مسألة كفره هذا لا.
الشيخ: لا أبداً أعوذ بالله.
"الهدى والنور"(14/ 46: 45: 00)
[572] باب ذكر الحد الفاصل بين الإسلام والكفر
سؤال: ما الحد الفاصل بين الإسلام والكفر؟
الشيخ: الحد الفاصل هو من أنكر من الإسلام ما هو معلوم بالدين بالضرورة فهو كافر، ومع ذلك فهذه الجملة إنما تطبق في المجتمع الإسلامي، واضح؟ لماذا؟ المعلوم من الدين بالضرورة ماذا يعنون [به]؟ يعني: يكون الحكم المعلوم من الدين بالضرورة شائعاً بين المسلمين، لا فرق بين عالمهم وجاهلهم، بين قارئهم وأميهم، كلهم يشتركون في معرفة كون هذا الشيء هو مثلاً فرض أو هو حرام، نضرب مثالاً مثلاً: هل تتصورون مسلماً يجهل تحريم الخمر؟ أنا أقول: لا أتصور، لكني سأقول: أتصور، لكن قبل أن أقول كيف أتصور، هل تتصورون مسلماً يجهل تحريم الدخان؟ هنا سَتُسْألون ستقولون: نعم، أكثر الناس لا يعلمون أن الدخان حرام، فإذا واحد استحل الدخان ما نكفره، لكن إذا واحد استحل الخمر قال: لا، الخمر حلال، وهذا شراب طيب إلخ، هذا نكفره.
أرجع إلى كلمتي السابقة وهو أنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة، نقول: هذا يكفر، وأحيانا ًلا يكفر، لأنه شرط تكفير من أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة أن يكون عائشاً في جو إسلامي، في جو إسلامي هذا الجو يعبق برائحة العلم، على الأقل بهذه الأمور التي نقول: إنها معلومة من الدين بالضرورة.
نتصور الآن مجتمع أمريكي زنجي دخل في الإسلام أفواجاً، لكن هل تتصورون أنه بمجرد دخولهم في الإسلام أفواجاً أنهم عرفوا الحلال والحرام والمحرم .. إلخ، لا، هؤلاء بدهم زمن طويل حتى يعيشوا مع أهل العلم وتنتقل معلوماتهم من هؤلاء إلى صدور أولئك الأقوام الذين دخلوا في دين الله أفواجاً، بحيث أنه يتكون جو جديد بالنسبة لهؤلاء الأقوام الذين دخلوا في الإسلام جديداً، فممكن نحن نتصور رجلاً أسلم في أي بلد من البلاد غير الإسلام، قرأ يمكن ترجمة من تراجم القرآن، فدخل الإيمان في قلبه وآمن بالله ورسوله، لكن لسه ما يعرف أن الخمر محرم بالقرآن، ما فهم هذا، فنحن ما بنقوله: أنت كفرت لأنك تشرب خمر وتقول ما في شيء.
على العكس من ذلك، لما يكون المسلم عايش في مجتمع إسلامي، وهذا المجتمع الإسلامي يشع فيه العلم الصحيح فحينئذٍ من أنكر فرضاً من هذا المجتمع أنكر شيئاً معلوماًَ من الدين بالضرورة يتوارثه الأب عن أبيه والأب عن جده وهكذا، حينئذٍ يكفر لأنه أنكر معلوماً من الدين بالضرورة ..
وأنا أضرب الآن لكم مثلاً في بلاد الإسلام: أنتم تعلمون مع الأسف أن كثيراً من المسلمين الذين يشهدون معنا أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلون ويصومون وإلخ، لكنهم ما فهموا التوحيد بعد، ما فهموا التوحيد إيجابيا وسلبياً، ما عرفوا أن التوحيد حينما يفهمه المسلم ويؤمن به حقاً يستلزم أن يكفر بما سواه، أن يشهد أن لا إله إلا الله، وأن يكفر بما سوى الله عز وجل، فنجد كثيراً من المسلمين اليوم يطوفون حول القبور، وينذرون لها النذور، ويستغيثون بها من دون الله عز وجل، ويستشفون يطلبون الشفاء منهم لمرضاهم، هذا معروف في كثير من البلاد الإسلامية، خاصة مصر، فتجد كبار العلماء يتأولون هذه الضلالات كلها،
ويسمونها بغير اسمها، يسمونها: توسلاً إلى الله وتقرباً إلى الله إلخ، وهي الشرك بعينه، فالعامة هؤلاء الذين عاشوا في مجتمع كبار الشيوخ يبررون لهم هذه الأعمال، وليس عندهم من ينبئهم بأن هذا هو الشرك الذي الله بعث محمداً صلى الله عليه وآله وسلم، وحارب المشركين من أجله، أولئك المشركين الذين قالوا:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ مَا نَعْبُدُهُمْ إِلَّا لِيُقَرِّبُونَا إِلَى اللَّهِ زُلْفَى} (الزمر:3) أصبح كثير من المسلمين اليوم يعيدون كلام المشركين الأولين،
…
؟ نحن نتقرب إلى الله، الفرق بين جهلة المسلمين اليوم والمشركين في ذاك الزمان أن المشركين - هنا سيظهر شيئاً من فضل العرب طبيعة، مش ديانةً-، المشركون كانوا يعرفوا أن ما يفعلونه من دعائهم لأصنام أنه عبادة لغير الله عز وجل، كانوا يعرفون هذه الحقيقة ويعترفون بها، كما حكى الله عز وجل عنهم في الآية السابقة:{وَالَّذِينَ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِهِ أَوْلِيَاءَ} (الزمر:3)(يوجد) طيّ هنا في الكلام، وهذا من بلاغة القرآن، إذا قيل لهم: لماذا تعبدونهم من دون الله عز وجل؟ قالوا: ما نعبدهم لذاتهم، ما نعبدهم إلا ليقربونا إلى الله زلفى، .. الآن شيخ الأزهر يقول لك: نحن ما نعبدهم؛
…
لأنهم ما فهموا اللغة العربية كما فهمها الأولون، ثم كفروا عن بصيرة عن علم، ولذلك قال تعالى في أمثالهم:{وَجَحَدُوا بِهَا وَاسْتَيْقَنَتْهَا أَنْفُسُهُمْ} (النمل:14).
أما المسلمون اليوم الذين يعيشون في هذه البلاد، ولا يجدون الأصوات العالية التي تبين لهم كما قال تعالى في القرآن:{إِنَّكُمْ وَمَا تَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ حَصَبُ جَهَنَّمَ أَنْتُمْ لَهَا وَارِدُونَ} (الأنبياء:98)،بل يجدون من يتأول لهم أقوالهم وأفعالهم وشركهم وضلالهم، هؤلاء نحن نقول: وقعوا في الكفر، لكننا لا نكفرهم، لأن حجة الله لم تقم عليهم، فهم أنكروا شيئاً معلوماً من الدين بالضرورة، لكن في أي وقت؟ في وقت كان الدين الحق الكتاب والسنة كان
منتشراً بين الناس، ثم خَلَفَ من بعدهم خَلْفٌ أضاعوا العلم وأضاعوا العبادة على وجهها وصرفوها لغير الله تبارك وتعالى.
لعلي أوضحت الجملة التي تقال وليست على إطلاقها، الفرق هو أن من أنكر ما هو معلوم من الدين بالضرورة فهو الكفر، أما إذا أنكر أشياء يختص بمعرفتها الفقهاء والعلماء فهذا لا يكفر، ولكنه يرشد ويهدى إلى الصواب.
سؤال: [نريد] التعريف الجامع المانع للإسلام، الذي فيه يدخل مثل هذا الجواب أصلاً؟
الشيخ: يا أخي الإسلام غير، هو يسأل بماذا يكفر.
مداخلة: من حيث النقض، قصدي: أن أصل الإسلام إذا عرفناه يعني: ألا ينتقض معه، هذا الجواب أو المسألة الأخرى.
الشيخ: يمكن يحتاج إلى التوضيح سؤالك، لأن الإسلام معروف يعني: أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، تقيم الصلاة وتؤتي الزكاة .. إلخ. والشهادة لله بالوحدانية تستلزم ما تعلم، والشهادة للرسول عليه السلام تستلزم ما تعلم، فإذاً وضح السؤال.
السؤال: أستاذي لما نحن عرفنا هذا أن تشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله وإيتاء الزكاة وكذا، هذا قد لا يكون جامعاً مانعاً، لأن من ترك الصلاة عندنا لا يكفر، وبالتالي هو داخل دائرة الإسلام، فهذا لا يعد تعريفاً جامعاً لأنه أدخل الشيء، يعني: ليس من أصل الإسلام بمعنى أنه إذا تركه لا يكون كافراً.
الشيخ: يعني: كأنك تريد تقول من حيث العقيدة؟
السؤال: يعني: هل الإسلام إذا قلنا: هو الاعتقاد فقط، وبالتالي الأعمال
الأخرى هي متممة لهذا الإسلام ومدخلة لصاحبه في الإيمان مثلاً؟
الشيخ: تعرف أنت الإسلام هو شيء ظاهر، والإيمان هو شيء متعلق بالقلب، فحتى أي شخص يعيش في الدولة المسلمة فإذا أراد أن يكون له حقوق المسلمين فيجب أن يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ثم يلتزم أحكام الإسلام كلاًّ أو بعضاً على حسب التفصيل المعروف، لكن قد يسلم هذا ظاهراً ويكفر باطناً كما هو شأن المنافقين، فإسلامه هذا لا يفيده شيئاً.
فإذاً: الموضوع إذا كان قضية كفر وإيمان، فالقضية لها علاقة بالإيمان وليس لها علاقة بالإسلام، ولذلك فمن أنكر بقلبه ما هو من الإسلام فهو كافر، لكن قد يصلي وقد يصوم، فنحن نقول: هو من حيث الظاهر فهو مسلم، لكن حينما يبدو لنا أنه أنكر شيئاً فعندنا فيه تفاصيل معروفة في كتب العلم، إذا كان (يوجد) حكم إسلامي يؤتى بهذا الإنسان الذي أنكر هذا الشيء الذي يستحق به الكفر، ويستتاب فإن تاب وإلا قتل، إذاً: هنا شيئان: إسلام ظاهري وإيمان قلبي، هذا الإيمان القلبي هو الذي يجزئ عند الله عز وجل، أما الإسلام الظاهري فهو ينجي من السيف في الدنيا فقط، لكن ما ينجي من عذاب الخلد في الآخرة، ما دام أنه كان يكتم كفره ويظهر إسلامه.
على كل حال أنت تدندن حول كلمة: جامع، هذه كلمة جامع التي أنت تسأل عنها حول أي نقطة، لأن كل واحد له سؤاله؟
السؤال: يعني: لفظ الإسلام إذا سئلنا عن لفظ الإسلام، وهذا اللفظ لا ينتقض مع الدلائل الشرعية الأخرى له، وأنا أقول هذا لأني متأثر في أجواء نقاش رسائل الكفر والإيمان وما شابه ذلك، فهم عندما يريدون أن يعرفوا الإسلام يقولون: الإسلام هو الإتيان بجميع الفرائض والانتهاء عن جميع المحرمات،
يقولون هكذا يعني: هذا هو الإسلام، [و] أيُّ نَقْضٍ يُخْرِجُ من الإسلام، فأنا أريد تعريف للإسلام أي نقض له يخرج منه، هل هذا السؤال هكذا دقيق؟
الشيخ: السؤال الآن وضح، لكن يرجع الجواب نفسه السابق.
مداخلة: إن الإسلام فقط أنه لا يعني نقض الإيمان، لأن الإسلام ربط بين الأعمال الظاهرة التي هي ....
الشيخ: يعني: يرجع السؤال نفس الجواب السابق، من أنكر بقلبه ما هو معلوم من الدين بالضرورة فهذا هو الكفر، هذا هو الخروج عن الإسلام، أما واحد ما حج وواحد ما زكى إلخ، فنرى عقيدته، هل يؤمن بهذه الفرائض كشرع من الله، نعم يقر بذلك، فهذا لا يكفر، لكنه قصر، وقد يقتل، وقد يعرض للسيف كما هو معلوم، لكن هذا العرض متى؟
لما يكون فيه حكم بالإسلام، فأنت كما تعلم من محاضرات عديدة جداً جداً أن الكفر كفران، كفر عملي وكفر اعتقادي، الذي يخرج من الملة هو الكفر الاعتقادي، فإذاً: هذا الإسلام الذي هو أحكام شرعية إذا أنكر شيء منها بقلبه فقد كفر مهما كان هذا الشيء، لكن يشترط أن يعلم أن هذا من الإسلام، لذلك نشترط المعلوم من الدين بالضرورة، لأن إذا واحد قال: الدخان ليس حرام عندي، وأنا على يقين عندي حرام، لكن لا أقدر أقول: أنه يكابر وأنه يستحل ما حرم الله، بعكس ما لو قال أن الخمر حلال أو حرام، فهنا عندي مجال لتكفيره.
فإذاً: الذي أنت تدندن حوله وتسميه إسلاماً هو ليس إسلامًا، هو إيمان، الأمر يتعلق بالجنان وهو بالقلب، لأن الإسلام يتعلق بالأعمال التي قد يفعلها غير المسلم أيضاً كما كانوا من قبل يصلون، والحقيقة يراؤون الناس بصلاتهم، فالكفر