المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[556] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر والشرك - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٤

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كتابالإسلام والإيمان

- ‌جماع مقدمات في مسمى الإيمان والإسلام والفرق بينهما وبعض المسائل المتعلقة بالإيمان

- ‌[474] باب تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه

- ‌[475] باب معنى «الدين الحنيف»

- ‌[476] باب الإسلام نسخ ما قبله من شرائع

- ‌[477] باب هل تسمى اليهودية والنصرانية وغيرها بالديانات

- ‌[478] باب هل يقبل الله تعالى من الناس ديناً غير الإسلام

- ‌[479] باب مسمى الإيمان غير مسمى الإسلام

- ‌[480] باب منه

- ‌[481] باب منه

- ‌[482] باب هل حب الوطن من الإيمان

- ‌[483] باب منه

- ‌[484] باب المؤمن كلما كان أقوى إيماناً ازداد ابتلاءً

- ‌[485] باب الفرق بين العقيدة والإيمان

- ‌[486] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌جماع أبواب أركان الإيمان

- ‌[487] باب قول القلب وعمله ركن في الإيمانوالرد على غلاة المرجئة في ذلك

- ‌[488] باب العمل سبب لابد منه لدخول الجنة

- ‌[489] باب الإيمان بدون عمل لا يفيد

- ‌[490] باب لا يمكن تصور صلاح القلوب إلا بصلاح الأعمال، وبيان أن تفاضل العباد في الدرجات في الجنة إنما هو بالنسبة للأعمال الصالحة كثرةً وقلة

- ‌[491] باب العمل الصالح سبب لدخول الجنة

- ‌[492] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريديةحقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[493] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[494] باب الاعتقاد بأن الإيمان مجرد التصديقدون الأعمال من أقبح الغلط وأعظمه

- ‌[495] باب الإيمان الذي وقر في القلبلا بد من أن يظهر على البدن والجوارح

- ‌[496] باب أهمية العمل وخطر التواكل

- ‌[497] باب التفاضل يكون بالإيمان والعمل الصالح

- ‌[498] باب المدح والقدح للإنسانإنما يكونان على العمل الصالح

- ‌[499] باب العمل على قدر العلم بالله

- ‌[500] باب بيان أن العمل الصالح من الإيمان

- ‌[501] باب أحوال العمل مع الإيمان

- ‌[502] باب هل الأعمال الواجبة شرط صحة في الإيمان

- ‌[503] باب الإيمان الكامل يستلزم العمل

- ‌[504] باب الشهادة لا يبطلها الإخلال بشيء من أعمال الجوارح الواجبة

- ‌[505] باب بيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال

- ‌[506] باب حكم ترك الأعمال

- ‌(جماع أبواب الكلام حول تلازم الظاهر والباطن)

- ‌[507] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[508] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[509] باب منه

- ‌[510] باب منه

- ‌[511] باب منه

- ‌[512] باب منه

- ‌[513] باب منه

- ‌[514] باب منه

- ‌[515] باب منه

- ‌[516] باب منه

- ‌[517] باب الإيمان يزيد وينقص

- ‌[518] باب منه

- ‌[519] باب منه

- ‌[520] باب منه

- ‌[521] باب منه

- ‌[522] باب رد قول من أنكر أن الإيمان يزيد وينقص

- ‌[523] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[524] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[525] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[526] باب نقاش حول زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌[527] باب جواز الاستثناء في الإيمان وذكر من أنكر ذلك

- ‌[528] باب منه

- ‌[529] باب منه

- ‌[530] باب منه

- ‌جماع أبوابالرد على المرجئة والأحناف في مسائل الإيمان

- ‌[531] باب تعريف المرجئة

- ‌[532] باب ذكر بعض طوائف المرجئة وبيان بطلان مذهبهم

- ‌[533] باب بدعة الشهادة من بدع المرجئة

- ‌[534] باب رد قول المرجئة:لا يضر مع الإيمان ذنب، وبيان خطورة قولهم

- ‌[535] باب رد قول المرجئةأن الإيمان واحد وأهله في أصله سواء

- ‌[536] باب بيان بطلان عقيدة الأحناف في الإيمان

- ‌[537] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريدية حقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[538] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[539] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[540] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[541] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[542] باب التحذير من أحاديث موضوعة تشهد لبدعة الإرجاء

- ‌[543] باب ما كل حديث تُحَدَّثُ به العامةكأن يكون ظاهر الحديث يقوي بدعة الإرجاء

- ‌[544] باب منه

- ‌[545] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌[546] باب الرد على غلاة المرجئة الذين لا يشترطون العمل القلبي في الإيمان

- ‌[547] باب الرد على من حصر الإيمان في المعرفة

- ‌(جماع أبوابالرد على من اتهم الشيخ وأهل السنة بالإرجاء)

- ‌[548] باب الرد على بعض من غمز الشيخ بالإرجاء

- ‌[549] باب منه

- ‌[550] باب الرد على من اتهم أهل السنة بالإرجاء

- ‌[551] باب التحرير لأصول التكفير وفيه كلمة حول موقع العمل من الإيمان [مجلس مع الأستاذ خالد العنبري]

- ‌كتابالكفر والتكفير والنفاق

- ‌جماع أبواب مقدمات هامة في تعريف الكفر، والكلام على التكفير وشروطه وموانعه، وخطورة الخوض فيه بغير علم، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بالموضوع

- ‌[552] باب الشرك هو الكفر

- ‌[553] باب كل كفر شرك

- ‌[554] باب هل بين الكفر والشرك فرق

- ‌[555] باب كلمة حول الفرق بين الكفر والشرك

- ‌[556] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر والشرك

- ‌[557] باب هل كان الناس على الإيمان أم الكفر

- ‌[558] باب هل يفسر الكفر بالجحود فقط

- ‌[559] باب لا يُكَفَّر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله

- ‌[560] باب منه

- ‌[561] باب منه

- ‌[562] باب حد الكبيرة

- ‌[563] باب لا يُشهد لأحد من أهل القبلة بجنة ولا بنار إلا من شُهد له، وحكم قول بعضهم عن الميت: «المغفور له» وما شابهه

- ‌[564] هل يدخل الكافر كفراً اعتقاديّاً الجنة

- ‌[565] باب الكافر هل يجازى على عمله الصالح

- ‌[566] باب منه

- ‌[567] باب منه

- ‌[568] باب منه

- ‌[569] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر»

- ‌[570] باب تعريف الإسلام، وبيان ما يُخرجُ المرء منه

- ‌[571] باب متى يخرج المسلم من إسلامه

- ‌[572] باب ذكر الحد الفاصل بين الإسلام والكفر

- ‌[573] باب هل وضع العلماء شروطًا للتكفير

- ‌[574] باب من لم يوف بالميثاق

- ‌[575] باب لا ينجِّي العمل الصالح مع الكفر ولو في الجاهلية

- ‌[576] باب لِمَن يكون الحكم على المعين بالتكفير؟وما هي شروط ذلك وضوابطه

- ‌[577] باب أهمية التفريق بين الحكم على عملٍ ما بأنه كفر، وبين الحكم على من تلبس به بأنه كافر

- ‌[578] باب الفرق بين لفظة كافر وكفر

- ‌[579] باب حول فتنة التكفير

- ‌[580] باب حكم تكفير المعين

- ‌[581] باب خطورة الخوض في التكفير بغير علم

- ‌[582] باب بيان خطأ التكفير بالجملة

- ‌[583] باب كلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[584] باب خطورة الخوض في التكفير بدون علم

- ‌[585] باب الرد على غلاة التكفير

- ‌[586] باب من ضلال فرق التكفير

- ‌[587] باب في الرد على الخوارج المكفرين

- ‌[588] باب قاعدة التفريق بين " كفر دون كفر

- ‌[589] باب هل يلزم إيقاع الوعيد

- ‌[590] باب قبول توبة الكافروإزلة إشكالات حول ذلك

- ‌[591] باب منه

- ‌[592] باب الفرق بين الإقرار والاستحلال، وهل يكفر المقر والمستحل وبيان الفرق بين الكفر العلمي والاعتقادي

- ‌[593] باب تعريف الإلحاد وبيان حُكْمِهِ

- ‌[594] باب تعريف دار الكفر ودار الإسلام

- ‌[595] باب في مصطلح «جاهلية القرن العشرين»

- ‌[596] باب قد تطلق الجاهلية ويراد النسبية

- ‌[597] باب كيف الجمع بين قوله تعالى: «لا إكراه في الدين» وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس

- ‌[598] باب تعريف المنافق وعلامات نفاقه

- ‌[599] باب هل يحكم على أعيان الناس الذين لا يشهدون صلاة الفجر أو العصر في جماعة بالنفاق

- ‌[600] باب الغناء ينبت النفاق في القلب

- ‌[601] باب هل صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رأس المنافقين

- ‌جماع أبواب الكلام على حكم تارك الصلاة-غير ما تقدم

- ‌[602] باب حديثُ الشفاعةوأنَّها تشملُ تاركي الصلاةِ منَ المسلمين

- ‌[603] باب منه

- ‌[604] باب منه

- ‌[605] باب منه

- ‌[606] باب منه

- ‌[607] باب منه

- ‌[608] باب منه

- ‌[609] باب منه

- ‌[610] باب حكم من ترك الصلاة عنادًا واستكبارًا

- ‌[611] باب نقاش حول حكم تارك الصلاة

- ‌[612] باب تحقيق أقوال بعض الصحابةومن بعدهم في حكم ترك الصلاة

- ‌[613] باب توجيه كلام عبد الله بن شقيق في تارك الصلاة

- ‌[614] باب هل يحكم على من لا يصلي بالكفر وبالتالي مقاطعته؟، وبيان متى تكون المقاطعة وسيلة تأديبية

- ‌[615] باب خطورة القول بتكفير تارك الصلاة

- ‌[616] باب مناقشة بعض أدلة مكفري تارك الصلاة

- ‌[617] باب الرد على من استدل بتعريف كلمة الكفر في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بين المرء وبين الكفر .. » على أن المراد الكفر الكبر

- ‌[618] باب رد شبهة حول الاستدلالبحديث الشفاعة على عدم تكفير تارك الصلاة

- ‌[619] باب بيان ضعف أحد أدلة كفر تارك الصلاة

- ‌[620] باب خطورة ما وقع فيه الحكام والمحكومين من استباحة المعاصي وأثر ذلك في مصاب المسلمين

- ‌[621] باب هل الحكم بغير ما أنزل الله كفر

- ‌[622] باب سبب نزول ومن لم يحكم بما أنزل اللهوأن الكفر العملي غير الاعتقادي وأمثلة ذلك

- ‌[623] باب في تفسير آيات {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ

- ‌[624] باب منه

- ‌[625] باب منه

- ‌[626] باب رد فهم مغلوط لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ

- ‌[627] باب الرد على من تأول قول ابن عباس: كفر دون كفر، بأنه أراد بذلك تغيير نظام الحكم لا استبدال الشرع

- ‌[628] باب الرد على من أدعى أن تبديل الشرع كفرٌ مطلقاً

- ‌[629] باب هل استبدال الشرع كفر؟ وبيان أقسام الكفر، ونقاش بين الشيخ محمد إبراهيم شقرة! وبعض المخالفين حول حكم تارك جنس العمل

- ‌[630] باب ما المقصود بالكفر البواح

- ‌[631] باب معنى الكفر البواح

- ‌[632] باب هل تطبيق أنظمة الكفر السياسيةوالاقتصادية يعد كفراً بواحاً

- ‌[633] باب الفرق بين التولي والولاية وهل يكفر من وقع فيهما

- ‌[634] باب حكم التحاكم إلى المحاكمالتي تحكم بالقوانين الوضعية

- ‌[635] باب لماذا لم يحكُم النجاشي بعد إسلامه بالإسلام؟ والربط بين ذلك وبين من لم يحكم بما أنزل الله من حكام زماننا

الفصل: ‌[556] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر والشرك

إذاً شركه كان شكه في البعث والنشور، إذاً: الشرع -وقدمت آنفاً التعليل- يعتبر كل كفر شركاً، فهكذا أهل الكتاب هم مشركون، ولو وجد هناك موحدون يعتقدون بأن عيسى ليس ابناً لله، فهو مشرك؛ لأنه ما آمن بالله ورسوله، واضح أظن القصد.

مداخلة: هو مشرك لأنه كافر.

الشيخ: هذا هو، كل كافر مشرك.

"الهدى والنور"(626/ 29: 03: 00) و (626/ 34: 13: 00)

[556] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر والشرك

سؤال: يا شيخنا طبعاً ذكرتم أن المنهج الصحيح موجود في القرآن والسنة، وقواعد المنهج معلومة لدينا فهما الكتاب والسنة على فهم الصحابة وما إلى ذلك، فيعني وكلنا يعلم أنكم قد بذلتم جهدكم في يعني سبيل إقامة قواعد هذا المنهج، ولست أنا أشهد أو غيري، ولكن السلسلة الصحيحة تشهد والسلسلة الضعيفة وإرواء الغليل .. وما إلى ذلك من الكتب التي كان هدفها تصفية الدين مما علق به من الشوائب من بدع ومنكرات وأحاديث ضعيفة ومنكرة، فالسؤال يا شيخنا يعني طبعاً على سبيل ضرب المثل الإمام ابن حجر في كتابه «فتح الباري في شرح أحاديث صحيح البخاري» كانت له بعض الزلات في مجال العقيدة، ونبه عليها شيخنا عبد العزيز بن باز في تعليقاته، فالسؤال: طبعاً هو في زلاته هذه يعني

خفق في فهم الصحابة، فكانت له زلات في مجال العقيدة، فسؤالي: هل يخرج

من المنهج أو زلاته في الاعتقاد تنفي عنه كونه على المنهج الصحيح. هذا السؤال يا شيخ؟

ص: 214

الشيخ: إذا كنا متذكرين جميعاً أن كل بني آدم خطاء، وأن خير الخطائين التوابون، وأن العصمة ليست لأحد بعد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلا غرابة في أن يخطئ من كان إماماً في دعوة الحق، فإذا أخطأ في مسألة أو أخرى في مسألتين أو ثلاث أو أكثر، فذلك لا يخرجه عن دعوة الحق إذا تبناها، فالحافظ ابن حجر كالإمام النووي وغيره ممن أخطؤوا في بعض المسائل العقدية، كما يقولون اليوم، فذلك لا يخرجهم عن كونهم من أهل السنة والجماعة؛ لأن العبرة بما يغلب على الإنسان من فكر صحيح أو عمل صالح، متى يكون المسلم صالحاً؟ هل يشترط في أن يكون صالحاً: ألا يقع منه أي ذنب أو معصية؟

الجواب: لا، بل من طبيعة الإنسان أن يقع منه الذنب والمعصية مراراً وتكراراً، فمتى يكون العبد صالحاً؟

إذا غلب خيره شره، وصلاحه على ضلاله .. وهكذا، كذلك تماماً يقال في المسائل العلمية سواء كانت هذه المسائل العلمية مسائل عقدية أو فقهية، فإذا كان هذا العالم يغلب عليه العلم الصحيح فهو الناجي، أما أن له زلة أو زلات في الفقه أو في العقيدة فهذا لا يخرجه عن ما غلب عليه من العقيدة الصحيحة، فابن حجر ما ذكرت من له تلك الزلات فلا يعني ذلك أنه لا ينبغي أن نستفيد من كتابه، وألا نترحم عليه، وألا نحشره في زمرة علماء المسلمين المتمسكين بالكتاب والسنة.

كل إنسان يخطئ، ولا مجال من الخطأ؛ لأن الله عز وجل حينما خلق ملائكة وخلق بشراً فقد قدر على هؤلاء البشر أن يخطئوا رغم أنوفهم، كما قال عليه الصلاة والسلام، حديثان مهمان جداً، ولكن حذاري أن يفهم فهماً خاطئاً:

الحديث الأول: قال عليه الصلاة والسلام: «كتب على ابن آدم حظه من الزنا

ص: 215

فهو مدركه لا محالة، فالعين تزني وزناها النظر، والأذن تزني وزناها السمع، واليد تزني وزناها البطش، والرجل تزني وزناها المشي، والفرج يصدق ذلك كله أو يكذبه» (1)، الشاهد من هذا الحديث:«فهو مدركه لا محالة» ، أي: لا يمكن أن يتخلص، لماذا؟ لأنه إنسان ليس مَلَكاً.

الحديث الآخر وهو الأهم، قال عليه الصلاة والسلام:«لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم» (2)، لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يحلون محلكم ويذنبون بخلافكم، فهل أنتم لا تذنبون؟ فهذا قضاء الله قدره، لا بد لجنس البشر من أن يقع في الخطأ الذي لا يحبه الله، لكن هذا الخطأ قد يكون من الصغائر من اللمم وقد يكون من الكبائر، فسواء كان هذا أو هذا، هذا أمر لا بد منه، ولكن هل معنى الحديث:«لو لم تذنبوا لذهب الله بكم ولجاء بقوم يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم» ، هل معنى الحديث ومغزى الحديث: الحض على الذنوب وارتكاب المعاصي؟

الجواب: لا، المقصود من الحديث تماماً عاقبته، يذنبون فيستغفرون الله فيغفر لهم، ومعنى هذا حينئذ: يا معشر البشر .. كما قال تعالى في الحديث القدسي: «كلكم ضال إلا من هديته فاستهدوني أهدكم

» إلى آخر الحديث، الشاهد: أن حديث: «لو لم تذنبوا» ، الهدف منه: أيها البشر ما دام أنكم فطرتم على المعصية فلا تتكلوا عليها، وإنما أتبعوها بالمغفرة بالاستغفار؛ حتى تعقبها المغفرة؛ لأن الله عز وجل يقول:{إِنَّ الْحَسَنَاتِ يُذْهِبْنَ السَّيِّئَاتِ ذَلِكَ ذِكْرَى لِلذَّاكِرِينَ} (هود:114)، إذا كان إذاً هذه طبيعة البشر أن يخطئوا في مخالفة النص

(1) صحيح الجامع (رقم1797).

(2)

مسلم (رقم7141).

ص: 216

قصداً وهي الذنوب، وأن يخطئوا في مخالفة النص لا قصداً وإنما لسوء فهم فلا مؤاخذة في ذلك، المؤاخذة متى تكون؟ إذا أقيمت الحجة على إنسان، سواء كانت الحجة في مسألة عقدية فكرية أو كانت الحجة في مسألة فقهية، ثم عاند وأصر على خطئه فهنا تكون المؤاخذة، والعكس لا، أي: إذا إنسان وقع في خطأ عقدي لكنه هو كان حريصاً على معرفة الصواب في تلك العقيدة لكنه لم يوفق إلى ذلك، ولو أقيمت الحجة عليه لرجع إلى الصواب فلا مؤاخذة عليه.

لذلك هذا الكلام في الحقيقة يجرنا إلى مسألة من تلك المسائل المنهجية التي يجب أن نعرفها، فإن بعض العلماء، وبخاصة الكتاب اليوم، يخطئون في هذه المسألة، كثيراً ما تقرءون أو تسمعون: أن الخطأ في الفهم يغتفر في الفروع وليس في الأصول، هذا خطأ، الخطأ يغتفر مطلقاً، سواء كان في الفروع أو كان في الأصول؛ لأنه عدم المؤاخذة من الله عز وجل لعباده هو لعدم وجود قصد المخالفة من هذا العبد لربه، فإذا وجدت المخالفة، سواء كانت المخالفة في العقيدة أو في الحكم في الفقه ولم يكن القصد هو العناد والمكابرة والجحد فلا مؤاخذة في ذلك، فالتفريق بين الأصول والفروع، بين العقيدة والفقه في مسألة عدم المؤاخذة بالخطأ في الفروع والمؤاخذة في الأصول، هذا التفريق لا أصل له، فهذا التفريق يشبه تماماً التفريق البدعي الآخر وهو: أنه يجب الأخذ بحديث الآحاد في الفروع ولا يؤخذ بحديث الآحاد في الأصول، هذا خطأ وهذا خطأ.

أروي لكم الآن حديثاً من الأحاديث الصحيحة التي أخرجها الشيخان في صحيحهما من حديث أبي سعيد الخدري رضي الله تعالى عنه ومن حديث حذيفة بن اليمان أيضاً رضي الله تعالى عنه: أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قال: «كان في من قبلكم رجل لم يعمل خيراً قط، فلما حضره الموت جمع بنيه حوله فقال لهم: أي أب لكم؟ قالوا:

ص: 217

خير أب، قال: فإني مذنب مع ربي، ولئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً» هل ترونه مؤمناً وهو يقول:(إن قدر الله علي)؟ هذا شك في قدرة الله عز وجل، إذاً نستطيع أن نقول: هل أخطأ في الفرع أم أخطأ في أصل الأصول في الله عز وجل الذي ذكر في خاتمة سورة يس: {وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (يس:78)؟ هذا الإنسان هو هذا الذي عناه الله عز وجل في هذا المثال، قال هذا الرجل:«ولئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً» يعترف بأنه كان مخطئاً مع ربه، وأن الله عز وجل إذا عذبه يكون عادلاً؛ لأنه كان مخطئاً معه، فللخلاص من عذابه دار في ذهنه مخرج مخلص، فأوصى بوصية في علمه وفي اعتقاده لم يقع مثلها في الدنيا من غير هذا الإنسان، «قال: فإذا أنا مت فحرقوني بالنار، ثم خذوا رمادي فذروا نصفه في البحر ونصفه في الريح» أحرقوه بالنار وأخذوا رماده والريح يهوج فذروه في الريح، والنصف الثاني في البحر، لماذا فعل هذا الرجل هذه الفعلة؟ ظن أنه يضل عن ربه، وأن الله عز وجل ليس بقادر على أن يقول له: كن بشراً سوياً، لكن الله عز وجل فعل ذلك به، فلما مات وذروا رماده في الريح وفي البحر قال الله له: كن فلاناً، فكان بشراً سوياً، قال له .. هنا الشاهد:«قال له: أي عبدي ما حملك على ما فعلت؟ قال: يا رب خشيتك -أنا خفت منك- قال: اذهب فقد غفرت لك» .

هذا الحديث وقد عرفتم أنه من صحاح الأحاديث في البخاري ومسلم وعن صحابيين جليلين: أبي سعيد الخدري وحذيفة بن اليمان، هذا الحديث من مخصصات عموم قوله تعالى:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:48)، في هذا الحديث قد غفر الله لهذا الجاني على نفسه بوصيته الجائرة.

لكن هنا لا بد لي من وقفة، وهذا من العلم الذي نحن بحاجة إليه باعتبارنا

ص: 218

أننا ندعو الناس إلى الكتاب والسنة: هذا الذي أوصى بهذه الوصية الجائرة هل هو كافر أم مشرك؟ الآن أنا أوجه هذا السؤال وما أريد أن أسمع صوتاً، لكن أرى يداً رفعت، من كان عنده الجواب عن هذا السؤال يرفع يده، هذا الذي أوصى بهذه الوصية الجائرة هل هو كافر أم مشرك؟ تفضل.

مداخلة: كافر.

الشيخ: كافر، تفضل.

مداخلة: لا كافر ولا مشرك.

الشيخ: تفضل.

مداخلة: ليس بكافر ولا مشرك؛ لأن الله عز وجل لا يغفر الشرك، والله عز وجل غفر له.

الشيخ: هاه، مع الأسف ما سمعنا جواباً صحيحاً، الذي أنكر قدرة الله عز وجل على إعادته بشراً كما كان هذا كافر بلا شك؛ لأن هذا هو الذي ذكرناكم بخاتمة سورة يس:{وَضَرَبَ لَنَا مَثَلًا وَنَسِيَ خَلْقَهُ قَالَ مَنْ يُحْيِ الْعِظَامَ وَهِيَ رَمِيمٌ} (يس:78)، هو جعل نفسه رميماً سلفاً، يعني: ما صبر حتى يدفن ويصير جسمه رميماً تراباً، وإنما عجل على نفسه بتلك الوصية الجائرة فجعل نفسه رماداً، لا شك أن هذا كفر.

لكن كنت أتمنى أن أسمع الجواب الصحيح، ومن أجل هذا أنا وقفت هذه الوقفة معكم من باب التذكير أو التعليم: هذا الرجل كفر وهذا الرجل أشرك، ولولا أنه أشرك ما جاز لي أن أقول: إن آية: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (النساء:48)، قلنا: إن هذه الآية مخصصة بمثل هذه الحادثة، أي: أن بعض

ص: 219

الشرك يغفر، هذا معنى الآية:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ} (النساء:48) ليست الآية على عمومها وشمولها، فبعض الشرك يغفر، وأنا الآن ذكرت لكم نوعاً، أذكر لكم نوعاً آخر، وهذا ستعرفونه، لأنكم تسمعون بأن أهل الفترة غير معذبين، أليس كذلك؟ طيب، هل تقولون: أنهم كانوا غير مشركين؟ كانوا مشركين، لكنهم لا يعذبون، لماذا؟ لأن حجة الله لم تقم عليهم، أي: لم تبلغهم دعوة الرسول، وأنا أتكلم بصورة عامة عن أهل الفترة لا أعني الذين بعث إليهم الرسول لكن بقاعدة عامة: أهل الفترة الذين لم تبلغهم دعوة الرسول ولو كانوا مشركين فهم لا يعذبون على شركهم، لماذا؟ لأن الحجة لم تصلهم.

فهنا في هذه القصة هذا الرجل بالنسبة للفكرة القائمة: أن الشرك أخص من الكفر، والكفر أعم من الشرك، بمعنى: كل من أشرك فقد كفر، وليس كل من كفر أشرك، هذا هو الفقه القائم في أذهان الناس إلا قليلاً منهم.

أوضح ذلك بمثال: رجل يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمداً رسول الله، ويصلي ويصوم .. إلى آخره، لكنه أنكر آية من القرآن، هذا كفر أم لم يكفر؟

مداخلة: كفر.

الشيخ: كفر، هل أشرك؟

مداخلة: ما أشرك.

الشيخ: ما أشرك، لا الصواب أشرك، كل كافر مشرك وكل مشرك كافر، لا فرق بين اللفظين إطلاقاً، هذه الحقيقة التي جرني إلى بيانها حديث ذلك الجائر في وصيته، إنه أشرك، كل من كفر فقد أشرك، ومن أشرك فقد كفر، لا إشكال في ذلك، والدليل على ذلك: لو تذكرنا محاورة المؤمن والكافر في سورة الكهف:

ص: 220

{وَاضْرِبْ لَهُمْ مَثَلًا رَجُلَيْنِ جَعَلْنَا لِأَحَدِهِمَا جَنَّتَيْنِ مِنْ أَعْنَابٍ وَحَفَفْنَاهُمَا بِنَخْلٍ وَجَعَلْنَا بَيْنَهُمَا زَرْعًا، كِلْتَا الْجَنَّتَيْنِ آتَتْ أُكُلَهَا وَلَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئًا وَفَجَّرْنَا خِلالَهُمَا نَهَرًا، وَكَانَ لَهُ ثَمَرٌ فَقَالَ لِصَاحِبِهِ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ أَنَا أَكْثَرُ مِنْكَ مَالًا وَأَعَزُّ نَفَرًا، وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ} (الكهف:32 - 35) انتبهوا الآن: {وَدَخَلَ جَنَّتَهُ وَهُوَ ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ قَالَ مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا، وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً} (الكهف:35، 36) بمفهومكم السابق هذا كفر أم أشرك؟

مداخلة: أشرك.

الشيخ: كفر.

مداخلة: أشرك.

مداخلة: كفر.

الشيخ: مفهومكم السابق مفهومكم الخطأ هذا كفر وما أشرك، أنكر البعث والنشور، {مَا أَظُنُّ أَنْ تَبِيدَ هَذِهِ أَبَدًا} (الكهف:35) {وَمَا أَظُنُّ السَّاعَةَ قَائِمَةً وَلَئِنْ رُدِدْتُ إِلَى رَبِّي لَأَجِدَنَّ خَيْرًا مِنْهَا مُنقَلَبًا} (الكهف:36){قَالَ لَهُ صَاحِبُهُ وَهُوَ يُحَاوِرُهُ} (الكهف:37)، {إِنْ تُرَنِ أَنَا أَقَلَّ مِنْكَ مَالًا وَوَلَدًا} (الكهف:39) {فَعَسَى رَبِّي أَنْ يُؤْتِيَنِ خَيْرًا مِنْ جَنَّتِكَ وَيُرْسِلَ عَلَيْهَا حُسْبَانًا مِنَ السَّمَاءِ فَتُصْبِحَ صَعِيدًا زَلَقًا، أَوْ يُصْبِحَ مَاؤُهَا غَوْرًا فَلَنْ تَسْتَطِيعَ لَهُ طَلَبًا، وَأُحِيطَ بِثَمَرِهِ فَأَصْبَحَ يُقَلِّبُ كَفَّيْهِ عَلَى مَا أَنفَقَ فِيهَا وَهِيَ خَاوِيَةٌ عَلَى عُرُوشِهَا وَيَقُولُ يَا لَيْتَنِي لَمْ أُشْرِكْ بِرَبِّي أَحَدًا} (الكهف:40 - 42]، إذاً: هو لما أنكر البعث والنشور أشرك مع الله، فكل من كفر بشيء جاء في الكتاب أو في السنة فهو في حالة كفره مشرك، هذا هو من ناحية النص القرآني، فما هو الوجه الفكري والعقلي؟

ص: 221

الجواب: قال تعالى: {أَفَرَأَيْتَ مَنِ اتَّخَذَ إِلَهَهُ هَوَاهُ} (الجاثية:23)، فإذاً كل من كفر بكفرية ما يكون مشركاً مع الله؛ لأنه جعل عقل نفسه شريكاً مع ربه تبارك وتعالى؛ ولذلك لا تفرقوا بين الكفر والشرك، إذا عرفتم هذه الحقيقة فيزول إشكال قد يعرج أحياناً في البال لبعض من يسمع حديث الرسول عليه السلام بروايته:«من ترك الصلاة فقد كفر» ، «من ترك الصلاة فقد أشرك» ، كيف هذا؟

الذي يفرق بين الكفر والشرك يشكل عليه لفظة: (أشرك)، لا، الصواب أن يقال: كفر، كذلك الحديث الآخر:«من حلف بغير الله فقد كفر» ، «من حلف بغير الله فقد أشرك» ، كفر أشرك، أشرك كفر، لا فرق بين اللفظين من حيث الاصطلاح الشرعي، من حيث الاصطلاح اللغوي في فرق بلا شك، لكن الشرع فتح بصائرنا وأفكارنا وأفهمنا لماذا كل من كفر بالله عز وجل أي نوع من الكفر يكون مشركاً؛ لأنه شرَّك عقله مع ربه عز وجل فجعله شريك فيما يصدر منه من قرار ومن حكم.

إذا عرفنا هذا نعود إلى وصية ذلك الرجل: «غفر الله له» ، لماذا؟

هنا كان بيت القصيد من الاستدلال بالحديث؛ لأن الكفر لم يعقد في قلبه، إنما عرض له لشبهة طرأت له من هول تصوره لعذاب ربه له فيما إذا تمكن منه، فليتخلص من هذا العذاب الذي هو يستحقه أوصى بتلك الوصية الجائرة، فإذا أصابت مسلماً يشهد أن لا إله إلا الله محمداً رسول الله يؤمن بكتاب الله وبحديث رسول الله فتأول نصاً من كتاب الله، إن كان تأوله وهو يعلم أنه مبطل فهو كافر، أما إن كان شُبِّه له فلا مؤاخذة عليه.

وهذا هو نهاية الجواب عن ذلك السؤال.

"الهدى والنور"(724/ 55: 00: 00)

ص: 222