المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[626] باب رد فهم مغلوط لقوله تعالى:{ومن لم يحكم بما أنزل الله - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٤

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كتابالإسلام والإيمان

- ‌جماع مقدمات في مسمى الإيمان والإسلام والفرق بينهما وبعض المسائل المتعلقة بالإيمان

- ‌[474] باب تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه

- ‌[475] باب معنى «الدين الحنيف»

- ‌[476] باب الإسلام نسخ ما قبله من شرائع

- ‌[477] باب هل تسمى اليهودية والنصرانية وغيرها بالديانات

- ‌[478] باب هل يقبل الله تعالى من الناس ديناً غير الإسلام

- ‌[479] باب مسمى الإيمان غير مسمى الإسلام

- ‌[480] باب منه

- ‌[481] باب منه

- ‌[482] باب هل حب الوطن من الإيمان

- ‌[483] باب منه

- ‌[484] باب المؤمن كلما كان أقوى إيماناً ازداد ابتلاءً

- ‌[485] باب الفرق بين العقيدة والإيمان

- ‌[486] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌جماع أبواب أركان الإيمان

- ‌[487] باب قول القلب وعمله ركن في الإيمانوالرد على غلاة المرجئة في ذلك

- ‌[488] باب العمل سبب لابد منه لدخول الجنة

- ‌[489] باب الإيمان بدون عمل لا يفيد

- ‌[490] باب لا يمكن تصور صلاح القلوب إلا بصلاح الأعمال، وبيان أن تفاضل العباد في الدرجات في الجنة إنما هو بالنسبة للأعمال الصالحة كثرةً وقلة

- ‌[491] باب العمل الصالح سبب لدخول الجنة

- ‌[492] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريديةحقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[493] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[494] باب الاعتقاد بأن الإيمان مجرد التصديقدون الأعمال من أقبح الغلط وأعظمه

- ‌[495] باب الإيمان الذي وقر في القلبلا بد من أن يظهر على البدن والجوارح

- ‌[496] باب أهمية العمل وخطر التواكل

- ‌[497] باب التفاضل يكون بالإيمان والعمل الصالح

- ‌[498] باب المدح والقدح للإنسانإنما يكونان على العمل الصالح

- ‌[499] باب العمل على قدر العلم بالله

- ‌[500] باب بيان أن العمل الصالح من الإيمان

- ‌[501] باب أحوال العمل مع الإيمان

- ‌[502] باب هل الأعمال الواجبة شرط صحة في الإيمان

- ‌[503] باب الإيمان الكامل يستلزم العمل

- ‌[504] باب الشهادة لا يبطلها الإخلال بشيء من أعمال الجوارح الواجبة

- ‌[505] باب بيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال

- ‌[506] باب حكم ترك الأعمال

- ‌(جماع أبواب الكلام حول تلازم الظاهر والباطن)

- ‌[507] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[508] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[509] باب منه

- ‌[510] باب منه

- ‌[511] باب منه

- ‌[512] باب منه

- ‌[513] باب منه

- ‌[514] باب منه

- ‌[515] باب منه

- ‌[516] باب منه

- ‌[517] باب الإيمان يزيد وينقص

- ‌[518] باب منه

- ‌[519] باب منه

- ‌[520] باب منه

- ‌[521] باب منه

- ‌[522] باب رد قول من أنكر أن الإيمان يزيد وينقص

- ‌[523] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[524] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[525] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[526] باب نقاش حول زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌[527] باب جواز الاستثناء في الإيمان وذكر من أنكر ذلك

- ‌[528] باب منه

- ‌[529] باب منه

- ‌[530] باب منه

- ‌جماع أبوابالرد على المرجئة والأحناف في مسائل الإيمان

- ‌[531] باب تعريف المرجئة

- ‌[532] باب ذكر بعض طوائف المرجئة وبيان بطلان مذهبهم

- ‌[533] باب بدعة الشهادة من بدع المرجئة

- ‌[534] باب رد قول المرجئة:لا يضر مع الإيمان ذنب، وبيان خطورة قولهم

- ‌[535] باب رد قول المرجئةأن الإيمان واحد وأهله في أصله سواء

- ‌[536] باب بيان بطلان عقيدة الأحناف في الإيمان

- ‌[537] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريدية حقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[538] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[539] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[540] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[541] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[542] باب التحذير من أحاديث موضوعة تشهد لبدعة الإرجاء

- ‌[543] باب ما كل حديث تُحَدَّثُ به العامةكأن يكون ظاهر الحديث يقوي بدعة الإرجاء

- ‌[544] باب منه

- ‌[545] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌[546] باب الرد على غلاة المرجئة الذين لا يشترطون العمل القلبي في الإيمان

- ‌[547] باب الرد على من حصر الإيمان في المعرفة

- ‌(جماع أبوابالرد على من اتهم الشيخ وأهل السنة بالإرجاء)

- ‌[548] باب الرد على بعض من غمز الشيخ بالإرجاء

- ‌[549] باب منه

- ‌[550] باب الرد على من اتهم أهل السنة بالإرجاء

- ‌[551] باب التحرير لأصول التكفير وفيه كلمة حول موقع العمل من الإيمان [مجلس مع الأستاذ خالد العنبري]

- ‌كتابالكفر والتكفير والنفاق

- ‌جماع أبواب مقدمات هامة في تعريف الكفر، والكلام على التكفير وشروطه وموانعه، وخطورة الخوض فيه بغير علم، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بالموضوع

- ‌[552] باب الشرك هو الكفر

- ‌[553] باب كل كفر شرك

- ‌[554] باب هل بين الكفر والشرك فرق

- ‌[555] باب كلمة حول الفرق بين الكفر والشرك

- ‌[556] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر والشرك

- ‌[557] باب هل كان الناس على الإيمان أم الكفر

- ‌[558] باب هل يفسر الكفر بالجحود فقط

- ‌[559] باب لا يُكَفَّر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله

- ‌[560] باب منه

- ‌[561] باب منه

- ‌[562] باب حد الكبيرة

- ‌[563] باب لا يُشهد لأحد من أهل القبلة بجنة ولا بنار إلا من شُهد له، وحكم قول بعضهم عن الميت: «المغفور له» وما شابهه

- ‌[564] هل يدخل الكافر كفراً اعتقاديّاً الجنة

- ‌[565] باب الكافر هل يجازى على عمله الصالح

- ‌[566] باب منه

- ‌[567] باب منه

- ‌[568] باب منه

- ‌[569] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر»

- ‌[570] باب تعريف الإسلام، وبيان ما يُخرجُ المرء منه

- ‌[571] باب متى يخرج المسلم من إسلامه

- ‌[572] باب ذكر الحد الفاصل بين الإسلام والكفر

- ‌[573] باب هل وضع العلماء شروطًا للتكفير

- ‌[574] باب من لم يوف بالميثاق

- ‌[575] باب لا ينجِّي العمل الصالح مع الكفر ولو في الجاهلية

- ‌[576] باب لِمَن يكون الحكم على المعين بالتكفير؟وما هي شروط ذلك وضوابطه

- ‌[577] باب أهمية التفريق بين الحكم على عملٍ ما بأنه كفر، وبين الحكم على من تلبس به بأنه كافر

- ‌[578] باب الفرق بين لفظة كافر وكفر

- ‌[579] باب حول فتنة التكفير

- ‌[580] باب حكم تكفير المعين

- ‌[581] باب خطورة الخوض في التكفير بغير علم

- ‌[582] باب بيان خطأ التكفير بالجملة

- ‌[583] باب كلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[584] باب خطورة الخوض في التكفير بدون علم

- ‌[585] باب الرد على غلاة التكفير

- ‌[586] باب من ضلال فرق التكفير

- ‌[587] باب في الرد على الخوارج المكفرين

- ‌[588] باب قاعدة التفريق بين " كفر دون كفر

- ‌[589] باب هل يلزم إيقاع الوعيد

- ‌[590] باب قبول توبة الكافروإزلة إشكالات حول ذلك

- ‌[591] باب منه

- ‌[592] باب الفرق بين الإقرار والاستحلال، وهل يكفر المقر والمستحل وبيان الفرق بين الكفر العلمي والاعتقادي

- ‌[593] باب تعريف الإلحاد وبيان حُكْمِهِ

- ‌[594] باب تعريف دار الكفر ودار الإسلام

- ‌[595] باب في مصطلح «جاهلية القرن العشرين»

- ‌[596] باب قد تطلق الجاهلية ويراد النسبية

- ‌[597] باب كيف الجمع بين قوله تعالى: «لا إكراه في الدين» وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس

- ‌[598] باب تعريف المنافق وعلامات نفاقه

- ‌[599] باب هل يحكم على أعيان الناس الذين لا يشهدون صلاة الفجر أو العصر في جماعة بالنفاق

- ‌[600] باب الغناء ينبت النفاق في القلب

- ‌[601] باب هل صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رأس المنافقين

- ‌جماع أبواب الكلام على حكم تارك الصلاة-غير ما تقدم

- ‌[602] باب حديثُ الشفاعةوأنَّها تشملُ تاركي الصلاةِ منَ المسلمين

- ‌[603] باب منه

- ‌[604] باب منه

- ‌[605] باب منه

- ‌[606] باب منه

- ‌[607] باب منه

- ‌[608] باب منه

- ‌[609] باب منه

- ‌[610] باب حكم من ترك الصلاة عنادًا واستكبارًا

- ‌[611] باب نقاش حول حكم تارك الصلاة

- ‌[612] باب تحقيق أقوال بعض الصحابةومن بعدهم في حكم ترك الصلاة

- ‌[613] باب توجيه كلام عبد الله بن شقيق في تارك الصلاة

- ‌[614] باب هل يحكم على من لا يصلي بالكفر وبالتالي مقاطعته؟، وبيان متى تكون المقاطعة وسيلة تأديبية

- ‌[615] باب خطورة القول بتكفير تارك الصلاة

- ‌[616] باب مناقشة بعض أدلة مكفري تارك الصلاة

- ‌[617] باب الرد على من استدل بتعريف كلمة الكفر في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بين المرء وبين الكفر .. » على أن المراد الكفر الكبر

- ‌[618] باب رد شبهة حول الاستدلالبحديث الشفاعة على عدم تكفير تارك الصلاة

- ‌[619] باب بيان ضعف أحد أدلة كفر تارك الصلاة

- ‌[620] باب خطورة ما وقع فيه الحكام والمحكومين من استباحة المعاصي وأثر ذلك في مصاب المسلمين

- ‌[621] باب هل الحكم بغير ما أنزل الله كفر

- ‌[622] باب سبب نزول ومن لم يحكم بما أنزل اللهوأن الكفر العملي غير الاعتقادي وأمثلة ذلك

- ‌[623] باب في تفسير آيات {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ

- ‌[624] باب منه

- ‌[625] باب منه

- ‌[626] باب رد فهم مغلوط لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ

- ‌[627] باب الرد على من تأول قول ابن عباس: كفر دون كفر، بأنه أراد بذلك تغيير نظام الحكم لا استبدال الشرع

- ‌[628] باب الرد على من أدعى أن تبديل الشرع كفرٌ مطلقاً

- ‌[629] باب هل استبدال الشرع كفر؟ وبيان أقسام الكفر، ونقاش بين الشيخ محمد إبراهيم شقرة! وبعض المخالفين حول حكم تارك جنس العمل

- ‌[630] باب ما المقصود بالكفر البواح

- ‌[631] باب معنى الكفر البواح

- ‌[632] باب هل تطبيق أنظمة الكفر السياسيةوالاقتصادية يعد كفراً بواحاً

- ‌[633] باب الفرق بين التولي والولاية وهل يكفر من وقع فيهما

- ‌[634] باب حكم التحاكم إلى المحاكمالتي تحكم بالقوانين الوضعية

- ‌[635] باب لماذا لم يحكُم النجاشي بعد إسلامه بالإسلام؟ والربط بين ذلك وبين من لم يحكم بما أنزل الله من حكام زماننا

الفصل: ‌[626] باب رد فهم مغلوط لقوله تعالى:{ومن لم يحكم بما أنزل الله

يعمل بما يؤمن به، من هنا قال أهل العلم: بأن الإيمان يزيد، وينقص وزيادته الطاعة، ونقصانه المعصية.

"الهدى والنور"(218/ 01: 28: 00)

[626] باب رد فهم مغلوط لقوله تعالى:

{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ

.. }

سؤال: يا شيخنا بارك الله فيكم، بعض أفراد الجماعات الإسلامية كحزب التحرير مثلاً، يؤولون قول الله جل جلاله:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:44)، وهناك آيات أخرى مشابهة لهذا التكفير: كالظالمون، والفاسقون مثلاً، يؤولون هذا التأويل على أن هذه الآيات بين قوسين يكون معناها للحاكم فقط دون غيره ممن يصنع ما يصنع الحاكم من الفسوق والعصيان، فأرجو بيان ذلك بارك الله فيكم. جزاكم الله خير؟

الشيخ: عفواً يبدو لي توضيح: هل يعنون بالحاكم مطلق حاكم، أم يعنون بالحاكم يعني الملك أو الخليفة؟

مداخلة: هو كذلك يعني الملك أو الخليفة أو الرئيس الدولة.

الشيخ: رئيس الدولة؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: يعني مثلاً: واحد مثلي أنا ابتلي بأن يتصدر هذا المكان فسئل عن حكم الله عز وجل في مسألة ما، فخالف حكم الله وهو يعلم، لا ينطبق عليه الآية السابقة فيما تنقل عنهم؟

ص: 435

مداخلة: فيما أنقل عنهم لا ينطبق.

الشيخ: لا ينطبق بس؟

مداخلة: نعم.

الشيخ: هذا الذي أردت استيضاحه.

لا شك أن قصر الآية أو قصر دلالة الآية على الملوك والرؤساء وحكام الشعوب والدول الذين يحكمون بغير ما أنزل الله، لا شك أن في هذا القصر للآية شطب وضرب للقسم الأكبر من معناها، ذلك أن الآية أولاً من حيث دلالتها تشمل كل حاكم، سواء كان رئيساً أو كان مرؤوساً، سواء كان والياً على المسلمين ولاه المسلمون أو كان والياً من طرف هذا الملك أو هذا الإمام الأعلى، كما هو شأن مثلاً القضاة في كل زمان ومكان هم يأتمرون بأمر الحاكم الأعلى من البشر أو الرئيس أو الملك أو الخليفة، فقوله تبارك وتعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} (المائدة:44) يشمل كل هؤلاء الحكام، سواء الأعلى أو الأدنى، أولاً: لعموم الدلالة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ} (المائدة:44)، وهناك ما هو أقوى في الدلالة أيضاً من عموم النص ألا وهو سبب ورود النص، هناك مقولة للفقهاء تعتبر قاعدة علمية فقهية ينبغي على طلاب العلم أن يكونوا أولاً على معرفة بها، وثانياً: على التزام منهم لها، وهي: قولهم: العبرة بعموم اللفظ لا بخصوص السبب، فهنا عموم اللفظ يشمل كل حاكم، ولو كان السبب ورد بالنسبة للحاكم الأعلى لقلنا: العبرة بعموم اللفظ وليس بخصوص السبب، لكن الواقع هنا على العكس تماماً، أي: أن سبب ورود هذه الآية ليس بالنسبة للرئيس الأعلى الحاكم الأعلى، وإنما هو بالنسبة لبعض أفراد الشعب، ذلك أنه جاء في سبب ورود هذه الآية: أن اليهود

ص: 436

كانوا طائفتين: طائفة تنظر إلى نفسها أنها طائفة عليا، وطائفة أخرى ينظر إليها من الطائفة الأولى بأنها طائفة دنيا، يعني: أشبه ما يكون بالأحرار والعبيد لكن كلهم أحرار، إلا أنهم كانوا ينظرون إلى طائفة نظرة أرستقراطية كما يقولون اليوم، والأخرى نظرة شعبية، يعني: دون أولئك، وترتب من وراء هذا التمايز بين هذه الطائفة وتلك بعض الأحكام في القصاص، فلو أن الطائفة العليا قتلت قتيلاً من الطائفة الدنيا فلا يؤخذ بثأر هذا القتيل، وبالعكس يؤخذ، عاش اليهود ما شاء الله وهم على هاتين القسمتين، إلى أن بعث الله محمداً صلى الله عليه وآله وسلم رحمة للعالمين، فوقع في اليهود مشكلة من هذه النوعية، فتنازعت الطائفتان، فبعد أن تناقشوا في الموضوع وتدابروا وتباغضوا اتفقوا على أن يحكموا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، وهذا من خبثهم وضلالهم؛ لأنهم أولاً: كما قال تعالى: {يَعْرِفُونَهُ كَمَا يَعْرِفُونَ أَبْنَاءَهُمْ} (البقرة:146)، ومع ذلك لم يؤمنوا به، وثانياً: مع كفرهم به أرادوا أن يحكموه فما وقع بينهم الخلاف، ولكن فيما بينهم ماذا قالوا؟ هنا الشاهد: قالوا: إن حكم لنا قبلنا حكمه، وإن حكم علينا رفضناه، فأنزل الله عز وجل:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:44).

إذاً: الآية بدلالتيها: بدلالة عموم اللفظ، ودلالة سبب الورود، تدل أنه ليس المقصود بها فقط الملوك والرؤساء، وإنما كل من يحكم بغير ما أنزل الله؛ لأن هؤلاء لما لجؤوا إلى رئيسهم، فالرئيس قال: نحكم محمداً فإن حَكَمَ لنا قبلنا وإلا رفضنا، لا هي الطائفة التي ترى نفسها أعلم من الأخرى هي التي قالت

هكذا. نعم.

مداخلة: يشمل هذا بارك الله فيكم أرباب الأسر وأرباب العمل مثلاً؟

ص: 437

الشيخ: بلا شك، لكن أنا أريد أن أقول: المسألة هي خاصة من ناحية وهي عامة من ناحية أخرى، هي خاصة في الحكم في .. الحكم، ليست خاصة في التطبيق، فمن حكم .. مثلاً: المعروف، ماذا يسمونه هؤلاء البدو لما يصطلحوا بين بعضهم البعض على ..

مداخلة: عشائري.

الشيخ: نعم؟

مداخلة: صلح عشائري.

الشيخ: صلح عشائري، فهؤلاء يصطلحون على أحكام ما أنزل الله بها من سلطان، هؤلاء بلا شك تشملهم الآية، لكن مثلاً الذي يسرق .. الذي ينهب .. والذي يفعل كل ما يخالف الشرع هذا لا يقال فيه: حكم بغير ما أنزل الله، ..

مداخلة: مثلاً: رب الأسرة يطلب من بناته أن يتزين وأن يلبسن القصير، وأنه ينبذ المتحجبات ويقول لبناته: هذا لباس قبيح، فيأمرهم بالمنكر، يعني هذه صورة من الصور يا شيخنا بارك الله فيك هل يشمل هذا؟

الشيخ: لا لا، هذا ما يدخل في الحكم، هذا يدخل في ..

مداخلة: القضاء.

الشيخ: لا، في اتباع الهوى، يدخل في اتباع الهوى، الحكم كما قلنا هو القضاء كما قال يعني؛ ولذلك قال عليه السلام في الحديث الذي في البخاري:«إذا شهد الحاكم فأصاب فله أجران، وإن أخطأ فله أجر واحد» (1)، هذا له علاقة

(1) صحيح الجامع (رقم493) بلفظ: «إذا حكم» .

ص: 438

في الحكم وهو القضاء.

مداخلة: نعم.

الشيخ: أما أن يعرف الإنسان حكم الله وشريعة الله ثم يتبع هواه مخالفاً لشريعة الله، هنا تأخذ المسألة طوراً آخر كما تعرفون من تقسيم الكفر: إلى كفر اعتقادي، وكفر عملي، فإذا كان هذا الشخص الذي أشرت إليه بأنه يقبح الحجاب الشرعي، ويزين التبرج للنساء .. وما شابه ذلك، هو في قرارة قلبه يرى هذا، فهذا مرتد عن دينه، أما إذا كان يقول: لا حول ولا قوة إلا بالله، والله هذا يريد جهاد ويريد صبر وو .. إلى آخره.

مداخلة: والبنات تتأخر حتى يتزوجوا مثلاً.

الشيخ: إلى آخره، فهذا يكون كفره كفراً عملياً وليس كفراً اعتقادياً.

مداخلة: نعم.

الشيخ: خلاصة المثال الأخير الذي طرحته لا يدخل فيما نحن في صدده، إنما الذي يجب أن نفهمه هو ما ذكرته آنفاً وخلاصته، وأذيل عليه بشيء آخر، الخلاصة: أن هذه الآية الكريمة: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُونَ} (المائدة:44) تشمل كل حاكم، سواء كان رئيساً أو مرؤوساً، ما دام أنه يخالف شرع الله وهو يعلم.

أما التذييل الذي أشرت إليه فهو: أننا وجدنا في زمن أصبنا فيه بمختلف الفتن التي ما كان المسلمون الأولون على ما كان بينهم من خلافات وفتن يعرفون هذه الأنواع من الفتن.

ص: 439

لا شك أنكم تعلمون أن المسلمين اختلفوا منذ القرن الأول من الخوارج ومن دونهم وتفرقوا في دينهم شيعاً وأحزاباً، لكن المصيبة اليوم تضخمت جداً بحيث أن المسلمين بالإضافة إلى ما توارثوه من مذهب وطرق مختلفة ومتدابرة ومتباغضة، وكل حزب بما لديهم يفرحون، فقد تجدد فيهم التحزب وتكتل جديد اقترن به أنه أصبح كل فرد ينتمي إلى حزب يتبنى أفكاراً معينة، ليس لأنه على علم بالكتاب والسنة، وإنما بأن حزبه الذي هو ينتمي إليه يرى هذا الرأي.

فأنا أردت أن أذيل بهذا التذييل بناء على ما سمعت آنفاً من السؤال، حزب التحرير يتبنى رأياً مثلاً، أو جماعة التبليغ أو الإخوان المسلمين .. إلى آخره، هذا التحزب وهذا التكتل الذي طرأ على الجماعات الإسلامية اليوم هو توسيع لدائرة التفرق الذي ورثناه خلفاً عن سلف، فأصبح الفرد الواحد الذي ينتمي إلى حزب قد يعد الألوف بل الملايين يتبنى رأي الرئيس الذي أسس هذه الجماعة أو رئس على هذه الجماعة دون أن يكون على علم من كتاب الله ومن حديث رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، والأمثلة كثيرة، ولا أريد الخوض إنما أردت التذكير، فالمثال بين أيديكم الآن، الآية مطلقة لكن الحزب الفلاني قصر معناها على الحاكم الرئيس الأعلى؛ لماذا؟ لأن هذا الحزب أو ذاك نصب نفسه لمحاربة الحاكم الذي يحكم بغير ما أنزل الله، ثم نسي أن الحكم بغير ما أنزل الله لا ينكر فقط على هذا الرئيس، وإنما ينكر أيضاً على كل من له حكم على طائفة أو جماعة، لنقل: رئيس الحزب الفلاني، فهو أيضاً يصدق عليه مثل تلك الآية إذا ما حكم بغير ما أنزل الله عز وجل، فهذا الفرد من أفراد الحزب تبنى فهم الآية على خلاف ما عليه علماء المسلمين كما ذكرت لكم آنفاً، عموم النص يدل على أن من لم يحكم بما أنزل الله يشمل كل حاكم، وسبب ورود النص كذلك يشمل من هو دون الحاكم الأعلى.

ص: 440