المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[508] باب التلازم بين الظاهر والباطن - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٤

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كتابالإسلام والإيمان

- ‌جماع مقدمات في مسمى الإيمان والإسلام والفرق بينهما وبعض المسائل المتعلقة بالإيمان

- ‌[474] باب تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه

- ‌[475] باب معنى «الدين الحنيف»

- ‌[476] باب الإسلام نسخ ما قبله من شرائع

- ‌[477] باب هل تسمى اليهودية والنصرانية وغيرها بالديانات

- ‌[478] باب هل يقبل الله تعالى من الناس ديناً غير الإسلام

- ‌[479] باب مسمى الإيمان غير مسمى الإسلام

- ‌[480] باب منه

- ‌[481] باب منه

- ‌[482] باب هل حب الوطن من الإيمان

- ‌[483] باب منه

- ‌[484] باب المؤمن كلما كان أقوى إيماناً ازداد ابتلاءً

- ‌[485] باب الفرق بين العقيدة والإيمان

- ‌[486] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌جماع أبواب أركان الإيمان

- ‌[487] باب قول القلب وعمله ركن في الإيمانوالرد على غلاة المرجئة في ذلك

- ‌[488] باب العمل سبب لابد منه لدخول الجنة

- ‌[489] باب الإيمان بدون عمل لا يفيد

- ‌[490] باب لا يمكن تصور صلاح القلوب إلا بصلاح الأعمال، وبيان أن تفاضل العباد في الدرجات في الجنة إنما هو بالنسبة للأعمال الصالحة كثرةً وقلة

- ‌[491] باب العمل الصالح سبب لدخول الجنة

- ‌[492] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريديةحقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[493] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[494] باب الاعتقاد بأن الإيمان مجرد التصديقدون الأعمال من أقبح الغلط وأعظمه

- ‌[495] باب الإيمان الذي وقر في القلبلا بد من أن يظهر على البدن والجوارح

- ‌[496] باب أهمية العمل وخطر التواكل

- ‌[497] باب التفاضل يكون بالإيمان والعمل الصالح

- ‌[498] باب المدح والقدح للإنسانإنما يكونان على العمل الصالح

- ‌[499] باب العمل على قدر العلم بالله

- ‌[500] باب بيان أن العمل الصالح من الإيمان

- ‌[501] باب أحوال العمل مع الإيمان

- ‌[502] باب هل الأعمال الواجبة شرط صحة في الإيمان

- ‌[503] باب الإيمان الكامل يستلزم العمل

- ‌[504] باب الشهادة لا يبطلها الإخلال بشيء من أعمال الجوارح الواجبة

- ‌[505] باب بيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال

- ‌[506] باب حكم ترك الأعمال

- ‌(جماع أبواب الكلام حول تلازم الظاهر والباطن)

- ‌[507] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[508] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[509] باب منه

- ‌[510] باب منه

- ‌[511] باب منه

- ‌[512] باب منه

- ‌[513] باب منه

- ‌[514] باب منه

- ‌[515] باب منه

- ‌[516] باب منه

- ‌[517] باب الإيمان يزيد وينقص

- ‌[518] باب منه

- ‌[519] باب منه

- ‌[520] باب منه

- ‌[521] باب منه

- ‌[522] باب رد قول من أنكر أن الإيمان يزيد وينقص

- ‌[523] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[524] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[525] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[526] باب نقاش حول زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌[527] باب جواز الاستثناء في الإيمان وذكر من أنكر ذلك

- ‌[528] باب منه

- ‌[529] باب منه

- ‌[530] باب منه

- ‌جماع أبوابالرد على المرجئة والأحناف في مسائل الإيمان

- ‌[531] باب تعريف المرجئة

- ‌[532] باب ذكر بعض طوائف المرجئة وبيان بطلان مذهبهم

- ‌[533] باب بدعة الشهادة من بدع المرجئة

- ‌[534] باب رد قول المرجئة:لا يضر مع الإيمان ذنب، وبيان خطورة قولهم

- ‌[535] باب رد قول المرجئةأن الإيمان واحد وأهله في أصله سواء

- ‌[536] باب بيان بطلان عقيدة الأحناف في الإيمان

- ‌[537] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريدية حقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[538] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[539] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[540] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[541] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[542] باب التحذير من أحاديث موضوعة تشهد لبدعة الإرجاء

- ‌[543] باب ما كل حديث تُحَدَّثُ به العامةكأن يكون ظاهر الحديث يقوي بدعة الإرجاء

- ‌[544] باب منه

- ‌[545] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌[546] باب الرد على غلاة المرجئة الذين لا يشترطون العمل القلبي في الإيمان

- ‌[547] باب الرد على من حصر الإيمان في المعرفة

- ‌(جماع أبوابالرد على من اتهم الشيخ وأهل السنة بالإرجاء)

- ‌[548] باب الرد على بعض من غمز الشيخ بالإرجاء

- ‌[549] باب منه

- ‌[550] باب الرد على من اتهم أهل السنة بالإرجاء

- ‌[551] باب التحرير لأصول التكفير وفيه كلمة حول موقع العمل من الإيمان [مجلس مع الأستاذ خالد العنبري]

- ‌كتابالكفر والتكفير والنفاق

- ‌جماع أبواب مقدمات هامة في تعريف الكفر، والكلام على التكفير وشروطه وموانعه، وخطورة الخوض فيه بغير علم، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بالموضوع

- ‌[552] باب الشرك هو الكفر

- ‌[553] باب كل كفر شرك

- ‌[554] باب هل بين الكفر والشرك فرق

- ‌[555] باب كلمة حول الفرق بين الكفر والشرك

- ‌[556] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر والشرك

- ‌[557] باب هل كان الناس على الإيمان أم الكفر

- ‌[558] باب هل يفسر الكفر بالجحود فقط

- ‌[559] باب لا يُكَفَّر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله

- ‌[560] باب منه

- ‌[561] باب منه

- ‌[562] باب حد الكبيرة

- ‌[563] باب لا يُشهد لأحد من أهل القبلة بجنة ولا بنار إلا من شُهد له، وحكم قول بعضهم عن الميت: «المغفور له» وما شابهه

- ‌[564] هل يدخل الكافر كفراً اعتقاديّاً الجنة

- ‌[565] باب الكافر هل يجازى على عمله الصالح

- ‌[566] باب منه

- ‌[567] باب منه

- ‌[568] باب منه

- ‌[569] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر»

- ‌[570] باب تعريف الإسلام، وبيان ما يُخرجُ المرء منه

- ‌[571] باب متى يخرج المسلم من إسلامه

- ‌[572] باب ذكر الحد الفاصل بين الإسلام والكفر

- ‌[573] باب هل وضع العلماء شروطًا للتكفير

- ‌[574] باب من لم يوف بالميثاق

- ‌[575] باب لا ينجِّي العمل الصالح مع الكفر ولو في الجاهلية

- ‌[576] باب لِمَن يكون الحكم على المعين بالتكفير؟وما هي شروط ذلك وضوابطه

- ‌[577] باب أهمية التفريق بين الحكم على عملٍ ما بأنه كفر، وبين الحكم على من تلبس به بأنه كافر

- ‌[578] باب الفرق بين لفظة كافر وكفر

- ‌[579] باب حول فتنة التكفير

- ‌[580] باب حكم تكفير المعين

- ‌[581] باب خطورة الخوض في التكفير بغير علم

- ‌[582] باب بيان خطأ التكفير بالجملة

- ‌[583] باب كلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[584] باب خطورة الخوض في التكفير بدون علم

- ‌[585] باب الرد على غلاة التكفير

- ‌[586] باب من ضلال فرق التكفير

- ‌[587] باب في الرد على الخوارج المكفرين

- ‌[588] باب قاعدة التفريق بين " كفر دون كفر

- ‌[589] باب هل يلزم إيقاع الوعيد

- ‌[590] باب قبول توبة الكافروإزلة إشكالات حول ذلك

- ‌[591] باب منه

- ‌[592] باب الفرق بين الإقرار والاستحلال، وهل يكفر المقر والمستحل وبيان الفرق بين الكفر العلمي والاعتقادي

- ‌[593] باب تعريف الإلحاد وبيان حُكْمِهِ

- ‌[594] باب تعريف دار الكفر ودار الإسلام

- ‌[595] باب في مصطلح «جاهلية القرن العشرين»

- ‌[596] باب قد تطلق الجاهلية ويراد النسبية

- ‌[597] باب كيف الجمع بين قوله تعالى: «لا إكراه في الدين» وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس

- ‌[598] باب تعريف المنافق وعلامات نفاقه

- ‌[599] باب هل يحكم على أعيان الناس الذين لا يشهدون صلاة الفجر أو العصر في جماعة بالنفاق

- ‌[600] باب الغناء ينبت النفاق في القلب

- ‌[601] باب هل صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رأس المنافقين

- ‌جماع أبواب الكلام على حكم تارك الصلاة-غير ما تقدم

- ‌[602] باب حديثُ الشفاعةوأنَّها تشملُ تاركي الصلاةِ منَ المسلمين

- ‌[603] باب منه

- ‌[604] باب منه

- ‌[605] باب منه

- ‌[606] باب منه

- ‌[607] باب منه

- ‌[608] باب منه

- ‌[609] باب منه

- ‌[610] باب حكم من ترك الصلاة عنادًا واستكبارًا

- ‌[611] باب نقاش حول حكم تارك الصلاة

- ‌[612] باب تحقيق أقوال بعض الصحابةومن بعدهم في حكم ترك الصلاة

- ‌[613] باب توجيه كلام عبد الله بن شقيق في تارك الصلاة

- ‌[614] باب هل يحكم على من لا يصلي بالكفر وبالتالي مقاطعته؟، وبيان متى تكون المقاطعة وسيلة تأديبية

- ‌[615] باب خطورة القول بتكفير تارك الصلاة

- ‌[616] باب مناقشة بعض أدلة مكفري تارك الصلاة

- ‌[617] باب الرد على من استدل بتعريف كلمة الكفر في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بين المرء وبين الكفر .. » على أن المراد الكفر الكبر

- ‌[618] باب رد شبهة حول الاستدلالبحديث الشفاعة على عدم تكفير تارك الصلاة

- ‌[619] باب بيان ضعف أحد أدلة كفر تارك الصلاة

- ‌[620] باب خطورة ما وقع فيه الحكام والمحكومين من استباحة المعاصي وأثر ذلك في مصاب المسلمين

- ‌[621] باب هل الحكم بغير ما أنزل الله كفر

- ‌[622] باب سبب نزول ومن لم يحكم بما أنزل اللهوأن الكفر العملي غير الاعتقادي وأمثلة ذلك

- ‌[623] باب في تفسير آيات {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ

- ‌[624] باب منه

- ‌[625] باب منه

- ‌[626] باب رد فهم مغلوط لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ

- ‌[627] باب الرد على من تأول قول ابن عباس: كفر دون كفر، بأنه أراد بذلك تغيير نظام الحكم لا استبدال الشرع

- ‌[628] باب الرد على من أدعى أن تبديل الشرع كفرٌ مطلقاً

- ‌[629] باب هل استبدال الشرع كفر؟ وبيان أقسام الكفر، ونقاش بين الشيخ محمد إبراهيم شقرة! وبعض المخالفين حول حكم تارك جنس العمل

- ‌[630] باب ما المقصود بالكفر البواح

- ‌[631] باب معنى الكفر البواح

- ‌[632] باب هل تطبيق أنظمة الكفر السياسيةوالاقتصادية يعد كفراً بواحاً

- ‌[633] باب الفرق بين التولي والولاية وهل يكفر من وقع فيهما

- ‌[634] باب حكم التحاكم إلى المحاكمالتي تحكم بالقوانين الوضعية

- ‌[635] باب لماذا لم يحكُم النجاشي بعد إسلامه بالإسلام؟ والربط بين ذلك وبين من لم يحكم بما أنزل الله من حكام زماننا

الفصل: ‌[508] باب التلازم بين الظاهر والباطن

فهو عليه الصلاة والسلام يجعل اختلاف الناس بالصف الواحد تقدماً وتأخراً سبب لفساد القلوب، والعكس بالعكس، تسوية الصفوف سبب شرعي لإصلاح ما في القلوب، لهذا ينبغي الاهتمام كل الاهتمام بإصلاح الظواهر ومنها عند القيام إلى الصلاة بتسوية الصفوف كما كان رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم يسويها، ويأمر بتسويتها، هذه كلمة بين يدي تلك الحلقة التي كانت متباعدة، والآن إن شاء الله كما اقتربنا، أو اقترب بعضنا إلى بعض بالأبدان، فنرجوا أن يكون من ثمرة ذلك أن ترتبط قلوبنا بعضنا مع بعض إن شاء الله تبارك وتعالى.

"الهدى والنور"(201/ 57: 00: 00)

[508] باب التلازم بين الظاهر والباطن

[قال الإمام]:

أقول: حينما يكون الجمع جمعاً كثيراً مباركاً ويكونون متفرقين ومبتعدين عن مجلس الشيخ المزعوم (1) أنه شيخ قد يكون حقاً وقد يكون كذباً، فأنا أقول بهذه المناسبة أن هذا التفرق وهذا التوسيع لدائرة الحلقة خلاف السنة، أما من حيث التفرق فقد جاء في صحيح مسلم أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم دخل المسجد يوماً فرآهم متفرقين فقال لهم:«مالي أراكم عزين» بالعين والزاي أي متفرقين، وقد وصل اهتمام الرسول عليه السلام بالنهي عن التفرق في المكان وعن ابتعاد الناس بعضهم عن بعض إلى درجة أنه نهاهم عن ذلك حتى في الصحراء، حتى في السفر فقد روى الإمام أحمد في مسنده بإسناد قوي عن أبي ثعلبة الخشني قال: كنا إذا

(1) كان العلامة الألباني كثيراً ما يُطلق هذا اللقب "الشيخ المزعوم" على نفسه، فتأمَّل

ولا تعليق!!!

ص: 63

سافرنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم نزلنا في الوديان والشعاب فقال لنا يوماً: «إنما تفرقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان» قال أبو ثعلبة: «فكنا بعد ذلك إذا نزلنا في مكان اجتمعنا، أي انضم بعضنا إلى بعض حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا» ، ولذلك التقارب في الجلوس وعدم ابتعاد الناس بعضهم عن بعض هو اقتراب من الجنة بسبب تعاطي الأسباب التي تؤدي إلى الجنة، أنا أقتبس هذا من مثل قوله عليه السلام:«من سلك طريقاً يلتمس فيه علماً سلك الله به طريقاً إلى الجنة» (1) ومن قوله عليه السلام وهو حديث عجيب قال صلى الله عليه وآله وسلم: «إن ربك ليعجب من أقوام يُجرون إلى الجنة في السلاسل» (2).

يقول أهل العلم: يعني رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بهذا الحديث الأسرى الذين يقعون في أيدي المسلمين فيجرونهم مغللين في السلاسل إلى بلاد الإسلام، وهناك يوزعون حسب التقسيم الشرعي للمكاسب والغنائم على الغارمين، فيدخلون بيوت المسلمين وهم بعد أن كانوا مغللين يصبحون شبه أحرار، أقول: شبه؛ لأنهم في الواقع من حيث حرية العمل حتى بقاء أحدهم على دينه الباطل كانوا أحراراً لكنهم لا يزالون أرقاء، إلا أن الله عز وجل بما أوحى إلى نبيه صلى الله عليه وآله وسلم من الأحكام التي وجهها إلى أتباعه عليه السلام من العناية والوصاية الطيبة بالأسرى وبالعبيد صار هؤلاء العبيد كأنهم أحرار، وحسبكم في هذا الصدد دلالة قوله عليه السلام:«أطعموهم مما تأكلون، واكسوهم مما تلبسون» (3) إلى آخر الحديث الذي لا أذكره الآن بتمامه (4) ، الشاهد أن هؤلاء الأسرى دخلوا حياة جديدة غير الحياة التي كانوا

(1) صحيح الجامع (رقم6297).

(2)

البخاري (رقم2848).

(3)

مسلم (رقم4403).

(4)

تمامه: «ولا تكلفوهم ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم» .

ص: 64

يحيونها وهم أحرار دخلوا حياة جديدة وهم عبيد، ولكنهم في حياتهم خير مما كانوا عليه وهم كانوا أحراراً، ذلك لأنهم تداخلوا مع المسلمين في بيوتهم، في أسواقهم، في مساجدهم .. فعرفوهم وعرفوا أخلاقهم، وعرفوا تأثير دينهم في تربيتهم عن كثب وعن قرب، فتجلى لهم عملياً ما هو الدين الحق فآمنوا غير مكرهين، وآمنوا بقلوبهم بوازع من شخصهم، وليس كأولئك الذين يؤمنون رغم أنوفهم إما خلاصاً من القتل إذا ما وقفوا أمام الدعوة الإسلامية، أو خلاصاً من دفع الجزية عن يد وهم صاغرون .. ، أما هؤلاء قد أسلموا طواعية وبإخلاص من قلوبهم ودخلوا في الإسلام، ولا شك أن من دخل في الإسلام دخل الجنة بسلام إلى هذه الحقيقة التي لو أراد الإنسان أن يشرحها شرحاً مبسطاً موسعاً لكان من ذلك كتاب إلى هذه الحقيقة أشار عليه السلام في الحديث السابق:{إن ربك ليعجب من أقوام يُجرون إلى الجنة في السلاسل} فإذاً الأسباب التي تكون مشروعة فهي تؤدي إلى الجنة، ومن هذه الأسباب طلب العلم ومن وسائل طلب العلم هو طلبه مع الجماعة، وهذه الجماعة ينبغي عليهم حسب ما عرفتم أن يكونوا متقاربين في أبدانهم كما يجب عليهم أن يكونوا متقاربين متوادين متحابين في قلوبهم ..

فكثير من الناس لا ينتبه وقد لا يعلم مطلقاً تأثير الظاهر على الباطن، قد لا يعلم أن الأمور الظاهرة لها أكبر تأثير في القلوب الباطنة المكنونة في الصدور سواء كانت هذه الأمور الظاهرة حسنة خيرة أو كانت باطلة سيئة، فكل من النوعين يؤثر في القلب إن خيراً فخير، وإن شراً فشر، وهذه حقيقة شرعية قبل أن تُصبح حقيقة علمية نفسية؛ ذلك لأن الإسلام سبق كل العلوم التي قد تصل مع الزمن القصير أو المديد إلى حقائق كان الناس عنها غافلين، سابقهم الإسلام إلى هذه الحقائق قبلهم بسنين وبكثير من الأيام، قلت: إن تأثير الظاهر على الباطن هذه حقيقة علمية شرعية قبل أن تصبح حقيقة علمية تجربية، وقد حرص النبي صلى الله عليه وآله وسلم -

ص: 65

أشد الحرص على غرس هذه الحقيقة في قلوب أتباعه بمناسبات شتى فقد كان عليه السلام يقول كما قد تسمعون أحياناً قليلاً هذا التوجيه النبوي الكريم من بعض أئمة المساجد المهتمين باتباع سنة سيد المرسلين، تسمعون من هذا البعض حينما يقوم إلى الصلاة لا يباشر الصلاة فوراً بعد انتهاء المقيم من الإقامة لا يقول: الله أكبر كما يفعل الجهلة، وكما يفعل أولئك الأئمة الذين لا يهتمون بإحياء السنة ونشرها بين الأمة إنما يفعل هذا الذي ألمحنا إليه آنفاً بعض الحريصين على اتباع السنة حينما يقف في المقام الذي يصلي فيه ولا أقول في المحراب لأنني لو قلت إذا أقام في المحراب أقررت المحراب وهو بدعة في المساجد لم تكن في مسجد الرسول عليه السلام ولا في المساجد التي كانت في زمنه صلى الله عليه وآله وسلم، فإذا قام الإمام في مقام الإمام لا يباشر الصلاة وتكبيرة الإحرام وإنما يلتفت يمنةً ويسرةً ويأمرهم بتسوية الصفوف ويقول لهم ما كان الرسول عليه السلام يقول لأصحابه «سووا صفوفكم، أو .. » وهنا الشاهد «ليخالفن الله بين وجوهكم» وفي رواية «بين قلوبكم» الشاهد هنا أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد ربط تسوية الصف وهي التسوية عمل ظاهري بدني، لكنه قد رتب على ذلك إما اتفاق القلوب إذا ما تحققت التسوية أو اختلاف القلوب إذا ما اختلفت الصفوف ولم تحقق التسوية فقال عليه السلام:«لتسون صفوفكم أو ليخالفن الله بين وجوهكم» ، فهنا إذاً ربط بين الظاهر والباطن الذي هو القلوب، وكان الربط في الحالتين حالتا تسوية الصفوف أو الإخلال بهذه التسوية، فهدد عليه الصلاة والسلام الذين لا يسوون الصفوف ويجعلونها مضطربةً متقدمةً ومتأخرةً بأن ذلك وسيلة شرعية للاضطراب في القلوب والاختلاف فيها، وقد أشار إلى هذه الحقيقة بجملة نبوية هامة حين قال في الحديث المشهور وهو في الصحيحين البخاري ومسلم من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما الابن والأب صحابيان ..

النعمان صحابي وأبوه بشير

ص: 66

صحابي قال النعمان بن بشير: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الحلال بيّن والحرام بيّن وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس فمن اتقى الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه ألا وإن لكل ملك حمى ألا وإن حمى الله ما حرمه، ألا ومن حام حول الحمى يوشك أن يقع فيه» قال عليه السلام في تمام هذا الحديث وهو الشاهد: «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد كله ألا وهي القلب» أنتم ترون معي أن النبي صلى الله عليه وآله وسلم ربط صلاح القلب بصلاح البدن ويجب أن نعلم أن هذا الصلاح المذكور في الحديث هنا ليس صلاحاً مادياً طبياً وإن كان الأمر كذلك طبياً لكنه عليه السلام هنا أراد الصلاح إذا صح تعبيرنا بالصلاح الروحي المعنوي الإيماني «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله» أي صلحت أعمال الجسد الصادرة منه كلها، «وإذا فسدت» هذه المضغة فسدت أعمال الجسد كله؛ ما هي؟ قال عليه السلام:«ألا وهي القلب» إذاً هذا يؤكد بأن الظواهر مرتبطة بالبواطن، فمهما كان القلب صالحاً كان ما يخرج من جسد هذا القلب الصالح صالحاً والعكس بالعكس تماماً «ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد القلب كله ألا وهي القلب» .

لذلك - والبحث في هذا طويل وطويل جداً - على المسلمين أن لا يغتروا بقول بعض القائلين أن العبرة بما في القلب تمويهاً على الناس نحن نقول معهم العبرة بما في القلب ولكننا نزيد عليهم فنقول: لا يمكن أن يكون ما في القلب صلاح ثم يظهر من الجسد طلاح، والعكس بالعكس .. لا يمكن أن يكون ما في القلب طلاح ويظهر من الجسد صلاح هذا أمر غير سليم وغير صحيح إطلاقاً شأن ذلك شأن القلب مع الجسد من الناحية الطبية إذا كان القلب سليماً لا يمكن أن يكون القلب مريضاً، والعكس أيضاً بالعكس إذا كان القلب مريضاً من الناحية الطبية لا يمكن أن يكون الجسد سليماً، أمر مضطرد سلباً وإيجاباً، طباً بدنياً وطباً

ص: 67