الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
مقرونًا بالعمل الصالح؛ لأننا لا نتصور إيمانًا بدون عمل صالح، إلا أن نتخيله تخيلاً، آمن من هنا، قال: أشهد ألا إله إلا الله ومحمد رسول الله، ومات من هنا، هذا نستطيع أن نتصوره، لكن إنسان يقول: لا إله إلا الله محمد رسول الله ويعيش دهره مما شاء الله ولا يعمل صالحاً؛ فعدم عمله الصالح هو دليل أنه يقولها بلسانه، ولم يدخل الإيمان إلى قلبه؛ فذكر الأعمال الصالحة بعد الإيمان ليدل على أن الإيمان النافع هو الذي يكون مقرونًا بالعمل الصالح.
"شرح الأدب المفرد، الشريط السادس، الوجه الأول"بواسطة"الإيمان عند السلف"
[490] باب لا يمكن تصور صلاح القلوب إلا بصلاح الأعمال، وبيان أن تفاضل العباد في الدرجات في الجنة إنما هو بالنسبة للأعمال الصالحة كثرةً وقلة
[قال الإمام في مقدمة تحقيقه على رياض الصالحين تحت عنوان "فوائد متفرقة"]:
الحديث (8) "وعن أبى هريرة
…
إن الله لا ينظر إلى أجسادكم ولا إلى صوركم ،ولكن ينظر إلى قلوبكم. رواه مسلم "
قلت: وزاد مسلم وغيره في رواية:"وأعمالكم "، وهو مخرج في " غاية المرام في تخريج الحلال والحرام "(410).وهذه الزيادة هامة جدًّا؛ لأن كثيرًا من الناس يفهمون الحديث بدونها فهمًا خاطئًا، فإذا أنت أمرتهم بما أمرهم به الشرع الحكيم من مثل إعفاء اللحية، وترك التشبه بالكفار، ونحو ذلك من التكاليف الشرعية، أجابوك بأن العمدة على ما في القلب، واحتجوا على زعمهم بهذا الحديث، دون أن يعلموا بهذه الزيادة الصحيحة الدالة على أن الله تبارك
وتعالى ينظر أيضًا إلى أعمالهم، فإن كانت صالحة قبلها وإلا ردها عليهم كما تدل على ذلك عديد من النصوص كقوله صلى الله عليه وسلم:"من أحدث في أمرنا هذا ما ليس منه فهو رد"
والحقيقة أنه لا يمكن تصور صلاح القلوب إلا بصلاح الأعمال، ولا صلاح الأعمال إلا بصلاح القلوب. وقد بين ذلك رسول الله صلى الله عليه وسلم أجمل بيان في حديث النعمان بن بشير:" .... ألا إن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، إذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهى القلب "(الحديث593). وحديثه الآخر:" لتسوُّنَّ صفوفكم أوليخالفن الله بين وجوهكم".أي قلوبكم (الحديث1096). وقوله صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال". وهو وارد في الجمال المادي المشروع خلافا لظن الكثيرين ..
وإذا عرفت هذا ، فمن أفحش الخطأ الذي رأيته في هذا الكتاب:"الرياض" في جميع نسخه المخطوطة والمطبوعة التي وقفت عليها، أن الزيادة المذكورة قد استدركها المصنف - رحمه الله تعالى- في الحديث (1578) لكن قلمه أو قلم كاتبه انحرف بها فوضعها في مكان مفسد للمعنى. فوقعت فيه هكذا:" .... ولا إلى صوركم وأعمالكم ، ولكن ينظر
…
" وانطلى ذلك على جميع الطابعين والمصححين والمعلقين، ولا أستثنى من ذلك مصححي الطبعة المنيرية ولا غيرها. بل لقد انطلى أمرها على الشارح ابن علان نفسه ، فشرح الحديث على القلب! فقال: (4/ 406): "أي أنه تعالى لا يرتب الثواب على كبر الجسم ، وحسن الصورة، وكثرة العمل"! وهذا الشرح مما لايخفى بطلانه لأنه مع منافاته للحديث في نصه الصحيح ، معارض للنصوص الكثيرة من الكتاب والسنة الدالة على أن تفاضل العباد في الدرجات في الجنة إنما هو بالنسبة للأعمال الصالحة