الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فهو مرتد عن دينه، لكن من ترك صلاة واحدة مؤمناً بها معترفاً بتقصيره مع الله تبارك وتعالى فهو عاصي ومجرم وأمره إلى الله عز وجل إن شاء عذبه وإن شاء عفى عنه؛ لأنه هذا عمل والله عز وجل يقول:{إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:48) وما أدري ليش المشائخ هناك يظلون يكررون هذه المسألة على العالم الإسلامي دون - كما يقال اليوم- وضع النقاط على الحروف أن يقولوا: صلاة واحدة بتكفر، لا، صلاة واحدة ما بتكفر، خمس صلوات، وحينما يدخلون في هذا التفصيل وهذا التحديد يتبين ضعف مذهبهم، لأنه لا سبيل لوضع تحديد، وبالتالي إذا وضعوا حداً سقط الكلام النظري الذي قرأته علينا آنفاً.
"الهدى والنور"(140/ 31: 09: 00)
[617] باب الرد على من استدل بتعريف كلمة الكفر في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بين المرء وبين الكفر .. » على أن المراد الكفر الكبر
سؤال: آخر سؤال يا شيخ عندي: هو ذكرت اليوم الصبح في نقاش عن قضية تارك الصلاة في حديث صحيح مسلم عن جابر: «بين المرء والكفر ترك الصلاة» ، وذكرت أن هناك أحاديث جاءت فيها: كسباب المسلم فسوق وقتاله كفر وغيره من الأحاديث، لكن لم يرد لفظ الكفر بأل التعريف إلا في قضية الصلاة في
هذا الحديث.
الشيخ: نعم.
مداخلة: فعلى معاني "أل" في اللغة سواء كانت الاستغراق أم العهد على ماذا نخرجه؟ أليس الكفر العهدي الذي هو الكفر الخروج من الملة، أو
الاستغراق فإن هذا أشد في الحجة، فكيف يرد على المستدل بهذا الحديث على أن الكفر المقصود به هو الكفر الأكبر؟
الشيخ: والحديث ماذا يقول؟
مداخلة: «بين المرء والكفر والشرك ترك الصلاة» .
الشيخ: وأين التعريف؟ الاستغراق والشمول أين؟
مداخلة: «بين الكفر والشرك» هذا في كلمة الكفر والشرك، هذا ليس
فيه استغراق؟
الشيخ: لو كان كفرًا .. لو أراد كفرًا عمليًا ما يختلف التعبير.
مداخلة: لكن جزاك الله خيرًا سمعت لك في كلام قديم أنه دائمًا يؤخذ بالحكم بالأعلى فالأعلى، يعني: إذا كان مثلًا .. فهنا عندنا الآن فقد كفر هذا ممكن يحمل على العملي، لكن أسأل الآن الكفر والشرك، علمًا بأنه ليس هناك حديث نص عليه الرسول صلى الله عليه وآله وسلم أنه الكفر أو الشرك إلا في قضية ترك الصلاة، فألا يمكن الاستدلال به على كفر تارك الصلاة كفرًا اعتقاديًا؟
الشيخ: أظنك تعلم أن إذا كان الحديث له دلالة ظاهرة ينصرف الذهن إليها، ولكن إذا قام مانع شرعي يمنع من أن ينصرف الذهن إلى هذه الدلالة الظاهرة فهنا يأتي ما يسمى بالتأويل والتوفيق بين الأحاديث، يعني: مثلًا قوله عليه الصلاة والسلام: «لا إيمان لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له» فإذا نظرنا إلى هذا الإطلاق أليس يعني ذلك أنه كافر؛ لأنه نفى مطلق الإيمان؟
مداخلة: الإيمان هنا نكرة.
الشيخ: نعم، نكرة ألا تفيد الشمول؟
مداخلة: تفيد الشمول بلى.
الشيخ: فإذًا! فنفى الإيمان مطلقًا، لا إيمان مطلقًا لمن لا أمانة له، ولا دين لمن لا عهد له،
…
الشيء الكثير النصوص الشرعية، ولكن لما الإنسان يجمع بين هذا النص وبين نص آخر، يضطر أن يقول: لا إيمان كاملًا، لا دين كاملًا، وعلى هذا تؤولت كثير من الأحاديث، كمثل قوله صلى الله عليه وآله وسلم عند جمهور الأئمة:«من سمع النداء فلم يجب فلا صلاة له إلا من عذر» (1) فلا صلاة له، هذا نفي للصلاة، أي: تكون الصلاة باطلة، لكن الذين يقولون بأن هذه الصلاة مع الجماعة فريضة لكن ليست شرطًا أو ركنًا من أركان الصلاة، يضطرون أن يفسروا هذا الحديث على ضوء الأحاديث الأخرى، صلاة الجماعة تفضل صلاة الفرد بسبع وعشرين درجة، وليس القصد الآن هنا تحرير القول بمثل هذا الحديث، وإنما المقصود التذكير بأساليب العلماء في سبيل التوفيق بين حديث يدل بظاهره على شيء ثم لما يضمون إليه الأحاديث الأخرى يضطرون أن يخرجوا عن هذه الدلالة الظاهرة ويفهموا أن دلالة الحديث على ضوء الأحاديث الأخرى.
وما أكثر الأحاديث بهذا الصدد، مثلًا:«لا يدخل الجنة قتات» ما الذي يتبادر للذهن؟ لا يدخل أبدًا، لكن عندما تأتي للأحاديث التي تفيد عدم خلود المسلم مهما كان عاصيًا في النار، ويذكر مثلًا حديث الشفاعة ونحو ذلك: «وأخرجوا من النار من كان في
…
» كل هذه الأحاديث لما تجمع مع مثل حديث: «لا يدخل الجنة قتات» أو نمام أو ديوث أو .. إلى آخره، يضطر أن يفهم الحديث على غير
(1) صحيح الترغيب والترهيب (رقم426).