الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(تعريف الإيمان)
[486] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك
[وصف أبوغدة شارحَ الطحاوية أبن أبي العز بالإمامة، فأراد الإمام الألباني إلزامه ببعض أهم المسائل العقدية التي قررها الشارح في عقيدته والتي يعلم الشيخ الألباني إنكار أبي غدة أو شيخه الكوثري لها فقال الإمام:]
قلت: فإذا كان أبو غدة مؤمناً حقاً بهذه الإمامة الملموسة المشهورة فأنا أختار له من كلام هذا الإمام سبع مسائل، فإن أجاب عنها بما يوافق ما ذهب إليه هذا الإمام المشهور من قلبٍ مخلصٍ فذلك ما نرجوه، وأعتذر إليه من إساءة الظن به، وإن كانت الأخرى فذلك مما يؤيد - مع الأسف- ما رميته به من المداراة.
[فذكر أربع مسائل ثم قال:]
المسألة الخامسة: يقول "الإمام"[أي: أبن أبي العز] تبعاً للأئمة مالك والشافعي وأحمد والأوزاعي وإسحاق بن راهوية وسائر أهل الحديث وأهل المدينة:
إن الإيمان هو تصديق بالجنان، وإقرار باللسان، وعمل بالأركان. وقالوا: يزيد وينقص.
وشيخك تعصباً لأبي حنيفة يخالفهم مع صراحة الأدلة التي تؤيدهم من
الكتاب والسنة وآثار السلف الصالح رضي الله عنهم، بل ويغمز منهم جميعاً مشيراً إليهم بقوله في "التأنيب"(ص 44 - 45) إلى "أناس صالحون" يشير أنهم لا علم عندهم فيما ذهبوا إليه ولا فقه، وإنما الفقه عند أبي حنيفة دونهم، ثم يقول: إنه الإيمان والكلمة، وإنه الحق والصراح. وعليه فالسلف وأولئك الأئمة الصالحون (!) هم عنده على الباطل في قولهم: بأن الأعمال من الإيمان، وأنه يزيد وينقص. وقد نقل أبو غدة كلام شيخه الذي نقلنا موضوع الشاهد منه، نقله بحرفه، في التعليق على "الرفع والتكميل"(ص 67 - 69)، ثم أشار إليه في مكان آخر منه ممجداً به ومكبراً له بقوله (ص 218):
وانظر لزاماً ما سبق نقله تعليقاً فإنك لا تظفر بمثله في كتاب ثم أعاد الإشارة إليه (ص 223) مع بالغ إعجابه به. وظني به أنه يجهل - أن هذا التعريف للإيمان الذي زعم شيخه أنه الحق الصراح - مع ما فيه من المخالفة لما عليه السلف كما عرفت، مخالف لما عليه المحققون من علماء الحنفية أنفسهم الذين ذهبوا إلى:
أن الإيمان هو التصديق فقط ليس معه الإقرار! كما في "البحر الرائق" لابن نجيم الحنفي (5/ 129) ، والكوثري في كلمته المشار إليها يحاول فيها أن يصور للقارئ أن الخلاف بين السلف والحنفية في الإيمان لفظي، يشير بذلك إلى أن الأعمال ليست ركناً أصلياً، ثم يتناسى أنهم يقولون بأنه يزيد وينقص، وهذا ما لا يقول به الحنفية إطلاقاً، بل إنهم قالوا في صدد بيان الألفاظ المكفرة عندهم: وبقوله: الإيمان يزيد وينقص كما في "البحر الرائق" - "باب أحكام المرتدين"! فالسلف على هذا كفار عندهم مرتدون!! راجع شرح الطحاوية (ص 338 - 360) و"التنكيل"(2/ 362 - 373) الذي كشف عن مراوغة الكوثري في هذه المسألة.
وليعلم القارئ الكريم أن أقل ما يقال في الخلاف المذكور في المسألة أن الحنفية يتجاهلون أن قول أحدهم - ولو كان فاسقاً فاجراً -: أنا مؤمن حقاً، ينافي مهما تكلفوا في التأويل - التأدب مع القرآن ولو من الناحية اللفظية على الأقل الذي يقول:{إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ إِذَا ذُكِرَ اللهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ وَإِذَا تُلِيَتْ عَلَيْهِمْ آيَاتُهُ زَادَتْهُمْ إِيمَانًا وَعَلَى رَبِّهِمْ يَتَوَكَّلُونَ، الَّذِينَ يُقِيمُونَ الصَّلَاةَ وَمِمَّا رَزَقْنَاهُمْ يُنفِقُونَ، أُوْلَئِكَ هُمُ الْمُؤْمِنُونَ حَقًّا} .
فليتأمل المؤمن الذي عافاه الله تعالى مما ابتلى به هؤلاء المتعصبة، من هو المؤمن حقاً عند الله تعالى، ومن هو المؤمن حقاً عند هؤلاء؟!
"تحقيق شرح العقيدة الطحاوية"(ص 57 - 58)