الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
لا يشهدون لأحد مات من المسلمين بجنة ولا نار إلا من شهد له رسول الله وأخبر عنه بذلك، ولكنهم يرجون للمحسن، ويخافون على المسيء، وبهذا تعلم ما عليه كثير من الناس إذا ذكروا عالماً أو أميراً أو ملكاً أو غيرهم قالوا: المغفور له، أو ساكن الجنان، وأنكى من ذلك قولهم: نقل إلى الرفيق الأعلى، ولا شك أن هذا قول على الله بلا علم، والقول على الله بلا علم عديل الشرك كما قال تعالى:{وأن تشركوا بالله ما لم ينزل به سلطانا وأن تقولوا على الله ما لا تعلمون} (الأعراف: 33) وأما المشرك فنشهد له بالنار لأن الله قال: {إنه من يشرك بالله فقد حرم الله عليه الجنة ومأواه النار وما للظالمين من أنصار} (المائدة: 72).
"التعليق على متن الطحاوية"(ص64 - 65).
[564] هل يدخل الكافر كفراً اعتقاديّاً الجنة
؟
السائل: الكافر كفر اعتقادي هل هناك يعني إمكانية في دخوله الجنة؟
الشيخ: لا، إنها محرمه على الكافرين، بنص القرآن الكريم.
"الهدى والنور"(428/ 25: 24: 00)
[565] باب الكافر هل يجازى على عمله الصالح
؟
[قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم]:
«إن الله عز وجل لا يقبل من العمل إلا ما كان له خالصاً، وابتغي به وجهه» .
[قال رسول صلى الله عليه وآله وسلم]:
فهذا الحديث وغيره يدل على أن المؤمن لا يقبل منه عمله الصالح إذا لم يقصد به وجه الله عز وجل، وفي ذلك يقول تعالى: ٍ {فمن كان يرجو لقاء ربه
فليعمل عملا صالحا، ولا يشرك بعبادة ربه أحدا} فإذا كان هذا شأن المؤمن فماذا يكون حال الكافر بربه إذا لم يخلص له في عمله؟ الجواب في قول الله تبارك وتعالى:{وقدمنا إلى ما عملوا من عمل فجعلناه هباء منثورا} .
وعلى افتراض أن بعض الكفار يقصدون بعملهم الصالح وجه الله على كفرهم، فإن الله تعالى لا يضيع ذلك عليهم، بل يجازيهم عليها في الدنيا، وبذلك جاء النص الصحيح الصريح عن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم وهو:«إن الله لا يظلم مؤمنا حسنته، يعطى بها (وفي رواية: يثاب عليها الرزق في الدنيا) ويجزى بها في الآخرة، وأما الكافر فيطعم بحسنات ما عمل بها لله في الدنيا، حتى إذا أفضى إلى الآخرة لم يكن له حسنة يجزى بها»
…
تلك هي القاعدة في هذه المسألة: أن الكافر يجازى على عمله الصالح شرعاً في الدنيا، فلا تنفعه حسناته في الآخرة، ولا يخفف عنه العذاب بسببها فضلاً عن أن ينجو منه.
تنبيه: هذا في حسنات الكافر الذي يموت على كفره كما هو ظاهر الحديث وأما إذا أسلم فإن الله تبارك وتعالى يكتب له كل حسناته التي عمل بها في كفره، ويجازيه بها في الآخرة وفي ذلك أحاديث كثيرة كقوله صلى الله عليه وآله وسلم:«إذا أسلم العبد فحسن إسلامه كتب الله له كل حسنة كان أزلفها» الحديث.
هذا وقد يظن بعض الناس أن في السنة ما ينافي القاعدة المذكورة من مثل الحديث الآتي:
عن أبي سعيد الخدري أن رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ذكر عنده عمه أبو طالب، فقال:
«لعله تنفعه شفاعتي يوم القيامة فيجعل في ضحضاح من نار، يبلغ
كعبيه، يغلي منه دماغه»
…
وجوابنا على ذلك من وجهين أيضاً:
الأول: أننا لا نجد في الحديث ما يعارض القاعدة المشار إليها، إذ ليس فيه أن عمل أبي طالب هو السبب في تخفيف العذاب عنه، بل السبب شفاعته صلى الله عليه وآله وسلم، فهي التي تنفعه، ويؤيد هذا، الحديث التالي: عن العباس بن عبد المطلب أنه قال: يا رسول الله، هل نفعت أبا طالب بشيء، فإنه كان يحوطك ويغضب لك؟ قال:«نعم، هو في ضحضاح من نار، ولولا أنا (أي شفاعته) لكان في الدرك الأسفل من النار»
…
فهذا الحديث نص في أن السبب في التخفيف إنما هو النبي عليه السلام، أي شفاعته - كما في الحديث قبله - وليس هو عمل أبي طالب، فلا تعارض حينئذ بين الحديث وبين القاعدة السابقة، ويعود أمر الحديث أخيراً إلى أنه خصوصية للرسول صلى الله عليه وآله وسلم، وكرامة أكرمه الله تبارك وتعالى بها حيث قبل شفاعته في عمه وقد مات على الشرك، مع أن القاعدة في المشركين أنهم كما قال عز وجل:{فما تنفعهم شفاعة الشافعين} ، ولكن الله تبارك وتعالى يخص بتفضله من شاء، ومن أحق بذلك من رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم سيد الأنبياء؟ عليهم جميعاً صلوات الله.
والجواب الثاني: أننا لو سلمنا جدلاً أن سبب تخفيف العذاب عن أبي طالب هو انتصاره للنبي صلى الله عليه وآله وسلم مع كفره به، فذلك مستثنى من القاعدة، ولا يجوز ضربها بهذا الحديث كما هو مقرر في علم أصول الفقه، ولكن الذي نعتمده في الجواب إنما هو الأول لوضوحه. والله أعلم.
"الصحيحة"(1/ 1/118 - 121).