المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[622] باب سبب نزول ومن لم يحكم بما أنزل اللهوأن الكفر العملي غير الاعتقادي وأمثلة ذلك - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٤

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كتابالإسلام والإيمان

- ‌جماع مقدمات في مسمى الإيمان والإسلام والفرق بينهما وبعض المسائل المتعلقة بالإيمان

- ‌[474] باب تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه

- ‌[475] باب معنى «الدين الحنيف»

- ‌[476] باب الإسلام نسخ ما قبله من شرائع

- ‌[477] باب هل تسمى اليهودية والنصرانية وغيرها بالديانات

- ‌[478] باب هل يقبل الله تعالى من الناس ديناً غير الإسلام

- ‌[479] باب مسمى الإيمان غير مسمى الإسلام

- ‌[480] باب منه

- ‌[481] باب منه

- ‌[482] باب هل حب الوطن من الإيمان

- ‌[483] باب منه

- ‌[484] باب المؤمن كلما كان أقوى إيماناً ازداد ابتلاءً

- ‌[485] باب الفرق بين العقيدة والإيمان

- ‌[486] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌جماع أبواب أركان الإيمان

- ‌[487] باب قول القلب وعمله ركن في الإيمانوالرد على غلاة المرجئة في ذلك

- ‌[488] باب العمل سبب لابد منه لدخول الجنة

- ‌[489] باب الإيمان بدون عمل لا يفيد

- ‌[490] باب لا يمكن تصور صلاح القلوب إلا بصلاح الأعمال، وبيان أن تفاضل العباد في الدرجات في الجنة إنما هو بالنسبة للأعمال الصالحة كثرةً وقلة

- ‌[491] باب العمل الصالح سبب لدخول الجنة

- ‌[492] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريديةحقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[493] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[494] باب الاعتقاد بأن الإيمان مجرد التصديقدون الأعمال من أقبح الغلط وأعظمه

- ‌[495] باب الإيمان الذي وقر في القلبلا بد من أن يظهر على البدن والجوارح

- ‌[496] باب أهمية العمل وخطر التواكل

- ‌[497] باب التفاضل يكون بالإيمان والعمل الصالح

- ‌[498] باب المدح والقدح للإنسانإنما يكونان على العمل الصالح

- ‌[499] باب العمل على قدر العلم بالله

- ‌[500] باب بيان أن العمل الصالح من الإيمان

- ‌[501] باب أحوال العمل مع الإيمان

- ‌[502] باب هل الأعمال الواجبة شرط صحة في الإيمان

- ‌[503] باب الإيمان الكامل يستلزم العمل

- ‌[504] باب الشهادة لا يبطلها الإخلال بشيء من أعمال الجوارح الواجبة

- ‌[505] باب بيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال

- ‌[506] باب حكم ترك الأعمال

- ‌(جماع أبواب الكلام حول تلازم الظاهر والباطن)

- ‌[507] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[508] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[509] باب منه

- ‌[510] باب منه

- ‌[511] باب منه

- ‌[512] باب منه

- ‌[513] باب منه

- ‌[514] باب منه

- ‌[515] باب منه

- ‌[516] باب منه

- ‌[517] باب الإيمان يزيد وينقص

- ‌[518] باب منه

- ‌[519] باب منه

- ‌[520] باب منه

- ‌[521] باب منه

- ‌[522] باب رد قول من أنكر أن الإيمان يزيد وينقص

- ‌[523] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[524] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[525] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[526] باب نقاش حول زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌[527] باب جواز الاستثناء في الإيمان وذكر من أنكر ذلك

- ‌[528] باب منه

- ‌[529] باب منه

- ‌[530] باب منه

- ‌جماع أبوابالرد على المرجئة والأحناف في مسائل الإيمان

- ‌[531] باب تعريف المرجئة

- ‌[532] باب ذكر بعض طوائف المرجئة وبيان بطلان مذهبهم

- ‌[533] باب بدعة الشهادة من بدع المرجئة

- ‌[534] باب رد قول المرجئة:لا يضر مع الإيمان ذنب، وبيان خطورة قولهم

- ‌[535] باب رد قول المرجئةأن الإيمان واحد وأهله في أصله سواء

- ‌[536] باب بيان بطلان عقيدة الأحناف في الإيمان

- ‌[537] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريدية حقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[538] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[539] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[540] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[541] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[542] باب التحذير من أحاديث موضوعة تشهد لبدعة الإرجاء

- ‌[543] باب ما كل حديث تُحَدَّثُ به العامةكأن يكون ظاهر الحديث يقوي بدعة الإرجاء

- ‌[544] باب منه

- ‌[545] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌[546] باب الرد على غلاة المرجئة الذين لا يشترطون العمل القلبي في الإيمان

- ‌[547] باب الرد على من حصر الإيمان في المعرفة

- ‌(جماع أبوابالرد على من اتهم الشيخ وأهل السنة بالإرجاء)

- ‌[548] باب الرد على بعض من غمز الشيخ بالإرجاء

- ‌[549] باب منه

- ‌[550] باب الرد على من اتهم أهل السنة بالإرجاء

- ‌[551] باب التحرير لأصول التكفير وفيه كلمة حول موقع العمل من الإيمان [مجلس مع الأستاذ خالد العنبري]

- ‌كتابالكفر والتكفير والنفاق

- ‌جماع أبواب مقدمات هامة في تعريف الكفر، والكلام على التكفير وشروطه وموانعه، وخطورة الخوض فيه بغير علم، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بالموضوع

- ‌[552] باب الشرك هو الكفر

- ‌[553] باب كل كفر شرك

- ‌[554] باب هل بين الكفر والشرك فرق

- ‌[555] باب كلمة حول الفرق بين الكفر والشرك

- ‌[556] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر والشرك

- ‌[557] باب هل كان الناس على الإيمان أم الكفر

- ‌[558] باب هل يفسر الكفر بالجحود فقط

- ‌[559] باب لا يُكَفَّر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله

- ‌[560] باب منه

- ‌[561] باب منه

- ‌[562] باب حد الكبيرة

- ‌[563] باب لا يُشهد لأحد من أهل القبلة بجنة ولا بنار إلا من شُهد له، وحكم قول بعضهم عن الميت: «المغفور له» وما شابهه

- ‌[564] هل يدخل الكافر كفراً اعتقاديّاً الجنة

- ‌[565] باب الكافر هل يجازى على عمله الصالح

- ‌[566] باب منه

- ‌[567] باب منه

- ‌[568] باب منه

- ‌[569] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر»

- ‌[570] باب تعريف الإسلام، وبيان ما يُخرجُ المرء منه

- ‌[571] باب متى يخرج المسلم من إسلامه

- ‌[572] باب ذكر الحد الفاصل بين الإسلام والكفر

- ‌[573] باب هل وضع العلماء شروطًا للتكفير

- ‌[574] باب من لم يوف بالميثاق

- ‌[575] باب لا ينجِّي العمل الصالح مع الكفر ولو في الجاهلية

- ‌[576] باب لِمَن يكون الحكم على المعين بالتكفير؟وما هي شروط ذلك وضوابطه

- ‌[577] باب أهمية التفريق بين الحكم على عملٍ ما بأنه كفر، وبين الحكم على من تلبس به بأنه كافر

- ‌[578] باب الفرق بين لفظة كافر وكفر

- ‌[579] باب حول فتنة التكفير

- ‌[580] باب حكم تكفير المعين

- ‌[581] باب خطورة الخوض في التكفير بغير علم

- ‌[582] باب بيان خطأ التكفير بالجملة

- ‌[583] باب كلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[584] باب خطورة الخوض في التكفير بدون علم

- ‌[585] باب الرد على غلاة التكفير

- ‌[586] باب من ضلال فرق التكفير

- ‌[587] باب في الرد على الخوارج المكفرين

- ‌[588] باب قاعدة التفريق بين " كفر دون كفر

- ‌[589] باب هل يلزم إيقاع الوعيد

- ‌[590] باب قبول توبة الكافروإزلة إشكالات حول ذلك

- ‌[591] باب منه

- ‌[592] باب الفرق بين الإقرار والاستحلال، وهل يكفر المقر والمستحل وبيان الفرق بين الكفر العلمي والاعتقادي

- ‌[593] باب تعريف الإلحاد وبيان حُكْمِهِ

- ‌[594] باب تعريف دار الكفر ودار الإسلام

- ‌[595] باب في مصطلح «جاهلية القرن العشرين»

- ‌[596] باب قد تطلق الجاهلية ويراد النسبية

- ‌[597] باب كيف الجمع بين قوله تعالى: «لا إكراه في الدين» وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس

- ‌[598] باب تعريف المنافق وعلامات نفاقه

- ‌[599] باب هل يحكم على أعيان الناس الذين لا يشهدون صلاة الفجر أو العصر في جماعة بالنفاق

- ‌[600] باب الغناء ينبت النفاق في القلب

- ‌[601] باب هل صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رأس المنافقين

- ‌جماع أبواب الكلام على حكم تارك الصلاة-غير ما تقدم

- ‌[602] باب حديثُ الشفاعةوأنَّها تشملُ تاركي الصلاةِ منَ المسلمين

- ‌[603] باب منه

- ‌[604] باب منه

- ‌[605] باب منه

- ‌[606] باب منه

- ‌[607] باب منه

- ‌[608] باب منه

- ‌[609] باب منه

- ‌[610] باب حكم من ترك الصلاة عنادًا واستكبارًا

- ‌[611] باب نقاش حول حكم تارك الصلاة

- ‌[612] باب تحقيق أقوال بعض الصحابةومن بعدهم في حكم ترك الصلاة

- ‌[613] باب توجيه كلام عبد الله بن شقيق في تارك الصلاة

- ‌[614] باب هل يحكم على من لا يصلي بالكفر وبالتالي مقاطعته؟، وبيان متى تكون المقاطعة وسيلة تأديبية

- ‌[615] باب خطورة القول بتكفير تارك الصلاة

- ‌[616] باب مناقشة بعض أدلة مكفري تارك الصلاة

- ‌[617] باب الرد على من استدل بتعريف كلمة الكفر في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بين المرء وبين الكفر .. » على أن المراد الكفر الكبر

- ‌[618] باب رد شبهة حول الاستدلالبحديث الشفاعة على عدم تكفير تارك الصلاة

- ‌[619] باب بيان ضعف أحد أدلة كفر تارك الصلاة

- ‌[620] باب خطورة ما وقع فيه الحكام والمحكومين من استباحة المعاصي وأثر ذلك في مصاب المسلمين

- ‌[621] باب هل الحكم بغير ما أنزل الله كفر

- ‌[622] باب سبب نزول ومن لم يحكم بما أنزل اللهوأن الكفر العملي غير الاعتقادي وأمثلة ذلك

- ‌[623] باب في تفسير آيات {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ

- ‌[624] باب منه

- ‌[625] باب منه

- ‌[626] باب رد فهم مغلوط لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ

- ‌[627] باب الرد على من تأول قول ابن عباس: كفر دون كفر، بأنه أراد بذلك تغيير نظام الحكم لا استبدال الشرع

- ‌[628] باب الرد على من أدعى أن تبديل الشرع كفرٌ مطلقاً

- ‌[629] باب هل استبدال الشرع كفر؟ وبيان أقسام الكفر، ونقاش بين الشيخ محمد إبراهيم شقرة! وبعض المخالفين حول حكم تارك جنس العمل

- ‌[630] باب ما المقصود بالكفر البواح

- ‌[631] باب معنى الكفر البواح

- ‌[632] باب هل تطبيق أنظمة الكفر السياسيةوالاقتصادية يعد كفراً بواحاً

- ‌[633] باب الفرق بين التولي والولاية وهل يكفر من وقع فيهما

- ‌[634] باب حكم التحاكم إلى المحاكمالتي تحكم بالقوانين الوضعية

- ‌[635] باب لماذا لم يحكُم النجاشي بعد إسلامه بالإسلام؟ والربط بين ذلك وبين من لم يحكم بما أنزل الله من حكام زماننا

الفصل: ‌[622] باب سبب نزول ومن لم يحكم بما أنزل اللهوأن الكفر العملي غير الاعتقادي وأمثلة ذلك

يستطيع أن يثبت عليه إلا بأن يحكم هذا القانون الذي وجده وتلقاه من قبله إما كافراً متحكماً في البلاد الإسلامية أو ممن خلفه من بعده ممن يعدون أنفسهم مسلمين، فالمهم أن هذا الاستبدال إما أن يكون عن عقيدة فهو كفر ليخرج به صاحبة عن الملة وإما أن يكون ليس عن عقيدة وإنما يعمل عمل الكفار أن يحكم بغير ما أنزل الله وهذا مما انطبع عليه الكفار حين قال:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} {فأولئك هم الظالمون} {فأولئك هم الفاسقون} ولذلك ذكر علماء التفسير أن هذه الآيات هي نزلت في حق اليهود الذين كانوا يدسون بعض أفرادهم ليسألوا الرسول فإن كان جوابه موافقاً لهواهم تبنوه، وإلا قالوا نحن لا نؤمن بهذا الكلام، فالجواب هو نفس الجواب الحقيقة لكن في لفت نظر هو تلاعب بالألفاظ.

"الهدى والنور"(563/ 41: 00: 00)

[622] باب سبب نزول ومن لم يحكم بما أنزل الله

وأن الكفر العملي غير الاعتقادي وأمثلة ذلك

-" إن الله عز وجل أنزل: {وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنْزَلَ اللهُ فَأُولَئِكَ هُمُ الكَافِرُونَ} و {أولئك هم الظالمون} و {فأولئك هم الفاسقون} .

قال ابن عباس: أنزلها الله في الطائفتين من اليهود، وكانت إحداهما قد قهرت الأخرى في الجاهلية حتى ارتضوا واصطلحوا على أن كل قتيل قتله (العزيزة) من (الذليلة) فديته خمسون وسقا، وكل قتيل قتله (الذليلة) من (العزيزة) فديته مائة وسق، فكانوا على ذلك، حتى قدم النبي صلى الله عليه وآله وسلم المدينة، فذلت الطائفتان كلتاهما لمقدم رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، ويؤمئذ لم يظهر ولم يوطئهما عليه وهو في الصلح، فقتلت

ص: 422

الذليلة من العزيزة قتيلاً، فأرسلت (العزيزة) إلى (الذليلة) أن ابعثوا إلينا بمائة وسق، فقالت (الذليلة): وهل كان هذا في حيين قط دينهما واحد، ونسبهما واحد، وبلدهما واحد، دية بعضهم نصف دية بعض؟! إنا إنما أعطيناكم هذا ضيما منكم لنا، وفرقاً منكم، فأما إذ قدم محمد فلا نعطيكم ذلك، فكادت الحرب تهيج بينهما، ثم ارتضوا على أن يجعلوا رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بينهما، ثم ذكرت (العزيزة) فقالت: والله ما محمد بمعطيكم منهم ضعف ما يعطيهم منكم، ولقد صدقوا، ما أعطونا هذا إلا ضيماً منا وقهرا لهم، فدسوا إلى محمد من يخبر لكم رأيه، إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه. فدسوا إلى رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ناسا من المنافقين ليخبروا لهم رأي رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم، فلما جاء رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم أخبر الله رسوله بأمرهم كله وما أرادوا، فأنزل الله عز وجل: {يَا أَيُّهَا الرَّسُولُ لَا يَحْزُنكَ الَّذِينَ يُسَارِعُونَ في الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قَالُواْ آمَنَّا

} إلى قوله: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون} ، ثم قال: فيهما والله نزلت، وإياهما عنى الله عز وجل ".

[قال الإمام]:

(فائدة هامة): إذا علمت أن الآيات الثلاث: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون} ، {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون} ، {فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون} نزلت في اليهود وقولهم في حكمه صلى الله عليه وآله وسلم:" إن أعطاكم ما تريدون حكمتموه، وإن لم يعطكم حذرتم فلم تحكموه "، وقد أشار القرآن إلى قولهم هذا قبل هذه الآيات فقال:{يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هَذَا فَخُذُوهُ وَإِن لَّمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُواْ} ، إذا عرفت هذا، فلا يجوز حمل هذه الآيات على بعض الحكام المسلمين وقضاتهم الذين يحكمون بغير ما أنزل الله من القوانين الأرضية، أقول: لا يجوز تكفيرهم بذلك،

ص: 423

وإخراجهم من الملة إذا كانوا مؤمنين بالله ورسوله، وإن كانوا مجرمين بحكمهم بغير ما أنزل الله، لا يجوز ذلك، لأنهم وإن كانوا كاليهود من جهة حكمهم المذكور، فهم مخالفون لهم من جهة أخرى، ألا وهي إيمانهم وتصديقهم بما أنزل الله، بخلاف اليهود الكفار، فإنهم كانوا جاحدين له كما يدل عليه قولهم المتقدم: "

وإن لم يعطكم حذرتموه فلم تحكموه "، بالإضافة إلى أنهم ليسوا مسلمين أصلاً، وسر هذا أن الكفر قسمان: اعتقادي وعملي، فالاعتقادي مقره القلب، والعملي محله الجوارح، فمن كان عمله كفراً لمخالفته للشرع، وكان مطابقا لما وقر في قلبه من الكفر به، فهو الكفر الاعتقادي، وهو الكفر الذي لا يغفره الله، ويخلد صاحبه في النار أبداً، وأما إذا كان مخالفا لما وقر في قلبه، فهو مؤمن بحكم ربه، ولكنه يخالفه بعمله، فكفره كفر عملي فقط، وليس كفراً اعتقادياً، فهو تحت مشيئة الله تعالى إن شاء عذبه، وإن شاء غفر له، وعلى هذا النوع من الكفر تحمل الأحاديث التي فيها إطلاق الكفر على من فعل شيئاً من المعاصي من المسلمين، ولا بأس من ذكر بعضها:

1 -

«اثنتان في الناس هما بهم كفر، الطعن في الأنساب والنياحة على الميت» . رواه مسلم (1).

2 -

«الجدال في القرآن كفر» (2).

3 -

«سباب المسلم فسوق، وقتاله كفر» . رواه مسلم (3).

(1)"تخريج الطحاوية"(ص 298).

(2)

"صحيح الجامع الصغير"(3/ 83/3101).

(3)

تخريج " الإيمان " لأبي عبيد (ص 86)، وتخريج " الحلال "(رقم 341).

ص: 424

4 -

كفر بالله تبرؤ من نسب وإن دق (1).

5 -

«التحدث بنعمة الله شكر، وتركها كفر» (2).

6 -

لا ترجعوا بعدي كفارا، يضرب بعضكم رقاب بعض. متفق عليه (3).

إلى غير ذلك من الأحاديث الكثيرة التي لا مجال الآن لاستقصائها. فمن قام من المسلمين بشيء من هذه المعاصي، فكفره كفر عملي، أي إنه يعمل عمل الكفار، إلا أن يستحلها، ولا يرى كونها معصية فهو حينئذ كافر حلال الدم، لأنه شارك الكفار في عقيدتهم أيضاً، والحكم بغير ما أنزل الله، لا يخرج عن هذه القاعدة أبداً، وقد جاء عن السلف ما يدعمها، وهو قولهم في تفسير الآية:" كفر دون كفر "، صح ذلك عن ترجمان القرآن عبد الله بن عباس رضي الله عنه، ثم تلقاه عنه بعض التابعين وغيرهم، ولابد من ذكر ما تيسر لي عنهم لعل في ذلك إنارة للسبيل أمام من ضل اليوم في هذه المسألة الخطيرة، ونحا نحو الخوارج الذين يكفرون المسلمين بارتكابهم المعاصي، وإن كانوا يصلون ويصومون!

1 -

روى ابن جرير الطبري (10/ 355/12053) بإسناد صحيح عن ابن عباس: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْكَافِرُون} قال: هي به كفر، وليس كفرا بالله وملائكته وكتبه ورسله.

2 -

وفي رواية عنه في هذه الآية: إنه ليس بالكفر الذي يذهبون إليه (4)، إنه

(1)"الروض النضير"(رقم 587).

(2)

"الأحاديث الصحيحة "(رقم 667).

(3)

"الروض النضير"(رقم 797)، و" الأحاديث الصحيحة " رقم (1974).

(4)

كأنه يشير إلى الخوارج الذين خرجوا على علي رضي الله عنه. [منه].

ص: 425

ليس كفراً ينقل عن الملة، كفر دون كفر. أخرجه الحاكم (2/ 313) وقال:"صحيح الإسناد". ووافقه الذهبي، وحقهما أن يقولا: على شرط الشيخين، فإن إسناده كذلك، ثم رأيت الحافظ ابن كثير نقل في "تفسيره" (6/ 163) عن الحاكم أنه قال:"صحيح على شرط الشيخين"، فالظاهر أن في نسخة "المستدرك" المطبوعة سقطاً، وعزاه ابن كثير لابن أبي حاتم أيضا ببعض اختصار.

3 -

وفي أخرى عنه من رواية علي بن أبي طلحة عن ابن عباس قال: من جحد ما أنزل الله فقد كفر، ومن أقر به ولم يحكم فهو ظالم فاسق. أخرجه ابن جرير (12063). قلت: وابن أبي طلحة لم يسمع من ابن عباس، لكنه جيد

في الشواهد.

4 -

ثم روى (12047 - 12051) عن عطاء بن أبي رباح قوله:

(وذكر الآيات الثلاث): كفر دون كفر، وفسق دون فسق، وظلم دون ظلم.

وإسناده صحيح.

5 -

ثم روى (12052) عن سعيد المكي عن طاووس (وذكر الآية) قال: ليس بكفر ينقل عن الملة. وإسناده صحيح، وسعيد هذا هو ابن زياد الشيباني المكي، وثقه ابن معين والعجلي وابن حبان وغيرهم، وروى عنه جمع.

6 -

وروى (12025 و12026) من طريقين عن عمران بن حدير قال: أتى أبا مجلز (1) ناس من بني عمرو بن سدوس (وفي الطريق الأخرى: نفر من الإباضية)(2) فقالوا: أرأيت قول الله: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ

(1) من كبار ثقات التابعين واسمه لاحق بن حميد البصري. [منه].

(2)

طائفة من الخوارج. [منه].

ص: 426

الْكَافِرُون} أحق هو؟ قال: نعم. قالوا: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الظَّالِمُون} أحق هو؟ قال: نعم. قالوا: {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ فَأُوْلَئِكَ هُمُ الْفَاسِقُون} أحق هو؟ قال: نعم.

قال: فقالوا: يا أبا مجلز فيحكم هؤلاء بما أنزل الله؟ قال: هو دينهم الذي يدينون به، وبه يقولون وإليه يدعون -[يعني الأمراء]- فإن هم تركوا شيئاً منه عرفوا أنهم أصابوا ذنباً. فقالوا: لا والله، ولكنك تفرق (1). قال: أنتم أولى بهذا مني! لا أرى، وإنكم أنتم ترون هذا ولا تحرجون، ولكنها أنزلت في اليهود والنصارى وأهل الشرك، أو نحواً من هذا، وإسناده صحيح.

وقد اختلف العلماء في تفسير الكفر في الآية الأولى على خمسة أقوال ساقها ابن جرير (10/ 346 - 357) بأسانيده إلى قائليها، ثم ختم ذلك بقوله (10/ 358): " وأولى هذه الأقوال عندي بالصواب قول من قال: نزلت هذه الآيات في كفار أهل الكتاب، لأن ما قبلها وما بعدها من الآيات ففيهم نزلت، وهم المعنيون بها، وهذه الآيات سياق الخبر عنهم، فكونها خبراً عنهم أولى.

فإن قال قائل: فإن الله تعالى ذكره قد عم بالخبر بذلك عن جميع من لم يحكم بما أنزل الله، فكيف جعلته خاصاًّ؟ قيل: إن الله تعالى عم بالخبر بذلك عن قوم كانوا بحكم الله الذي حكم به في كتابه جاحدين، فأخبر عنهم أنهم بتركهم الحكم - على سبيل ما تركوه - كافرون، وكذلك القول في كل من لم يحكم بما أنزل الله جاحداً به هو بالله كافر، كما قال ابن عباس؛ لأنه بجحوده حكم الله بعد علمه أنه أنزله في كتابه، نظير جحوده نبوة نبيه بعد علمه أنه نبي "، وجملة القول أن الآية

(1) أي: تجزع وتخاف. [منه].

ص: 427