الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[529] باب منه
[روي عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال]:
«اتقوا زلة العالم وانتظروا فيئته» .
(ضعيف جداً).
[قال الإمام]:
رواه ابن عدي (274/ 1) والبيهقي في " السنن الكبرى "(10/ 211) والديلمي في " المسند "(1/ 1/43) عن كثير بن عبد الله عن أبيه عن جده مرفوعاً، وقال:" كثير هذا عامة أحاديثه لا يتابع عليها ".
قلت: وهو ضعيف جدّاً، وفي " الضعفاء " للذهبي:" قال الشافعي: ركن من أركان الكذب".
وقال ابن حبان: له عن أبيه عن جده نسخة موضوعة. وقال آخرون: ضعيف". ومن طريقه رواه الحلواني أيضا، كما في " الجامع الصغير "، وقال شارحه المناوي: " سكت عليه، فلم يرمز له بضعف وغيره، ومن قال: إنه رمز لضعفه، فقد وهم، فقد وقفت على نسخته بخطه، ولا رمز فيها، إن سلم عدم وضعه، فقد علمت القول في كثير، وقال الزين العراقي: رواه ابن عدي من حديث عمرو بن عوف هذا وضعفه. انتهى. فعزو المصنف الحديث لابن عدي وسكوته عما أعله به غير مرضي، ولعله اكتفى بإفصاحه بكثير ".
قلت: وسكت عنه المناوي أيضا في " التيسير "، أفلا يقال فيه ما قاله هو في السيوطي؟!
هذا، ولعل أصل الحديث موقوف، فرفعه كثير عمدا أوخطأ، فقد رأيت
الشطر الأول منه من قول معاذ بن جبل رضي الله عنه، في مناقشة هادئة رائعة بين ابن مسعود وأبي مسلم الخولاني التابعي الجليل، لا بأس من ذكرها لما فيها من علم وخلق كريم، ما أحوجنا إليه في مناظراتنا ومجادلاتنا، وأن المنصف لا يضيق ذرعاً مهما علا وسما إذا وجه إليه سؤال أو أكثر في سبيل بيان الحق، فأخرج الطبراني في " مسند الشاميين " (ص 298) بسند جيد عن الخولاني: أنه قدم العراق فجلس إلى رفقة فيها ابن مسعود، فتذاكروا الإيمان، فقلت: أنا مؤمن. فقال ابن مسعود: أتشهد أنك في الجنة؟ فقلت: لا أدري مما يحدث الليل والنهار.
فقال ابن مسعود: لو شهدت أني مؤمن لشهدت أني في الجنة. قال أبو مسلم: فقلت: يا ابن مسعود! ألم تعلم أن الناس كانوا على عهد رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم على ثلاثة أصناف: مؤمن السريرة مؤمن العلانية، كافر السريرة كافر العلانية، مؤمن العلانية كافر السريرة؟ قال: نعم. قلت: فمن أيهم أنت؟ قال: أنا مؤمن السريرة مؤمن العلانية. قال أبو مسلم: قلت: وقد أنزل الله عز وجل: " هو الذي خلقكم فمنكم كافر ومنكم مؤمن "، فمن أي الصنفين أنت؟ قال: أنا مؤمن. قلت: صلى الله على معاذ. قال: وما له؟ قلت: كان يقول: " اتقوا زلة الحكيم ". وهذه منك زلة يا ابن مسعود! فقال: أستغفر الله.
وأقول: رضي الله عن ابن مسعود ما أجمل إنصافه، وأشد تواضعه، لكن يبدو لي أنه لا خلاف بينهما في الحقيقة، فابن مسعود نظر إلى المآل، ولذلك وافقه عليه أبو مسلم، وهذا نظر إلى الحال، ولهذا وافقه ابن مسعود، وأما استغفاره، فالظاهر أنه نظر إلى استنكاره على أبي مسلم كان عاما فيما يبدو من ظاهر كلامه. والله أعلم.
"الضعيفة"(4/ 193 - 194).