الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
انضم بعضنا إلى بعض حتى لو جلسنا إلى بساط لوسعنا، فإذاً: الانضمام الظاهري يؤثر في الانضمام القلبي، وهذه حقيقة شرعية ربما يعبر عنها بعض علماء الكلام أو الفلسفة في آخر الزمان بأنها فلسفة شرعية وهي حقيقة شرعية، ارتباط الظاهر بالباطن وهذا له أمثلة كثيرة وكثيرة جداً.
"الهدى والنور"(290/ 00:00:44)
[510] باب منه
[قال الإمام موجهاً كلامه للحاضرين في حلقته]:
[أرجو] الانضمام وعدم التفرق، فمن شاء أن يستمع للعلم فلينضم إلى الحلقة، فقد جاء في السنة في مسند الإمام أحمد رحمه الله من حديث أبي ثعلبة الخشني رضي الله عنه قال:«كنا إذا سافرنا مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم، فنزلنا منزلاً تفرقنا في الوديان والشعاب، فقال لنا ذات يوم: ألا إن تفرقكم هذا في الوديان والشعاب من عمل الشيطان، قال: فكنا إذا سافرنا بعد ذلك ونزلنا منزلاً اجتمعنا حتى لو جلسنا على بساط لوسعنا» .
جمع غفير يمشون في الصحراء، فإذا نزلوا منزلاً حضهم الرسول عليه الصلاة والسلام على أن لا يتفرقوا فيه، وعلى أن يجتمعوا، وأن يتضاموا؛ لأن الاجتماع بالأبدان والأجساد له تأثير بتجميع القلوب وفي إصلاحها، وذلك مما جاء التصريح به عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم في الحديث الذي أخرجه الشيخان في صحيحيهما من حديث النعمان بن بشير رضي الله عنهما، قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: «إن الحلال بين وإن الحرام بين، وبينهما أمور مشتبهات لا يعلمهن كثير من الناس، فمن اتق الشبهات فقد استبرأ لدينه وعرضه، ألا وإن لكل ملك حمى يوشك أن
يقع فيه، ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي القلب».
والشاهد من هذا الحديث إنما هو الفقرة الأخيرة منه، ألا وهو قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«ألا وإن في الجسد مضغة إذا صلحت صلح الجسد كله، وإذا فسدت فسد الجسد كله، ألا وهي والقلب» .
ففي هذا الحديث تصريح بأن الظاهر مربوط بالباطن، صلاحاً وطلاحاً، إذا صلح القلب صلح الجسد، وإذا فسد القلب فسد الجسد، ومن هنا نأخذ مبدأًً هاماً جداً، يغفل أو يتغافل عنه كثير من المسلمين المعاصرين اليوم الذين لم يتلقوا شيئاً من العلم الشرعي، وإنما شرعهم عقولهم، وأهواءهم، فإذا ما قلت لأحد: لماذا
لا تصلي مثلاً؟ يقول: العبرة ليست بالصلاة، وإنما العبرة بصلاح الباطن،
فهو يتجاهل هذه الحقيقة، أنه لو كان باطنه أي قلبه صالحاً، لنضح صلاحاً، والعكس بالعكس.
ولذلك فينبغي على كل مسلم أن يهتم بإصلاح ظاهره وألَّا يغتر بأن الأمر بما وقر في قلبه؛ لأن الظاهر عنوان الباطن، هذا ليس كلام علماء وفقهاء فقط، بل ذلك ما يدل عليه هذا الحديث الصحيح الذي أنا في صدد التعليق عليه أولاً، ثم الحديث الأول، حديث أبي ثعلبة الخشني بأن النبي صلى الله عليه وآله وسلم قد أمرهم بأن يجتمعوا وألا يتفرقوا في المنزل، ولو في الصحراء الواسعة الأطراف، أمرهم أن يجتمعوا؛ لأن هذا الاجتماع بالأجساد يقرب القلوب بعضها إلى بعض، ولعلكم ما نسيتم ما ذكرتكم به أثناء الاصطفاف لصلاة الظهر في هذا اليوم مما ذكرته ساعتئذ من قوله صلى الله عليه وآله وسلم:«لتسون الصفوف أو ليخالفن الله بين الوجوه» ، فتسوية الصفوف أمر ظاهر