المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[583] باب كلمة حول خطورة التوسع في التكفير - جامع تراث العلامة الألباني في العقيدة = موسوعة العقيدة - جـ ٤

[ناصر الدين الألباني]

فهرس الكتاب

- ‌كتابالإسلام والإيمان

- ‌جماع مقدمات في مسمى الإيمان والإسلام والفرق بينهما وبعض المسائل المتعلقة بالإيمان

- ‌[474] باب تعريف الإسلام وبيان ما يخرج المرء منه

- ‌[475] باب معنى «الدين الحنيف»

- ‌[476] باب الإسلام نسخ ما قبله من شرائع

- ‌[477] باب هل تسمى اليهودية والنصرانية وغيرها بالديانات

- ‌[478] باب هل يقبل الله تعالى من الناس ديناً غير الإسلام

- ‌[479] باب مسمى الإيمان غير مسمى الإسلام

- ‌[480] باب منه

- ‌[481] باب منه

- ‌[482] باب هل حب الوطن من الإيمان

- ‌[483] باب منه

- ‌[484] باب المؤمن كلما كان أقوى إيماناً ازداد ابتلاءً

- ‌[485] باب الفرق بين العقيدة والإيمان

- ‌[486] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌جماع أبواب أركان الإيمان

- ‌[487] باب قول القلب وعمله ركن في الإيمانوالرد على غلاة المرجئة في ذلك

- ‌[488] باب العمل سبب لابد منه لدخول الجنة

- ‌[489] باب الإيمان بدون عمل لا يفيد

- ‌[490] باب لا يمكن تصور صلاح القلوب إلا بصلاح الأعمال، وبيان أن تفاضل العباد في الدرجات في الجنة إنما هو بالنسبة للأعمال الصالحة كثرةً وقلة

- ‌[491] باب العمل الصالح سبب لدخول الجنة

- ‌[492] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريديةحقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[493] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[494] باب الاعتقاد بأن الإيمان مجرد التصديقدون الأعمال من أقبح الغلط وأعظمه

- ‌[495] باب الإيمان الذي وقر في القلبلا بد من أن يظهر على البدن والجوارح

- ‌[496] باب أهمية العمل وخطر التواكل

- ‌[497] باب التفاضل يكون بالإيمان والعمل الصالح

- ‌[498] باب المدح والقدح للإنسانإنما يكونان على العمل الصالح

- ‌[499] باب العمل على قدر العلم بالله

- ‌[500] باب بيان أن العمل الصالح من الإيمان

- ‌[501] باب أحوال العمل مع الإيمان

- ‌[502] باب هل الأعمال الواجبة شرط صحة في الإيمان

- ‌[503] باب الإيمان الكامل يستلزم العمل

- ‌[504] باب الشهادة لا يبطلها الإخلال بشيء من أعمال الجوارح الواجبة

- ‌[505] باب بيان أن الموحِّد لا يخلد في النار مهما كان فعله مخالفاً لما يسلتزمه الإيمان ويوجبه من الأعمال

- ‌[506] باب حكم ترك الأعمال

- ‌(جماع أبواب الكلام حول تلازم الظاهر والباطن)

- ‌[507] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[508] باب التلازم بين الظاهر والباطن

- ‌[509] باب منه

- ‌[510] باب منه

- ‌[511] باب منه

- ‌[512] باب منه

- ‌[513] باب منه

- ‌[514] باب منه

- ‌[515] باب منه

- ‌[516] باب منه

- ‌[517] باب الإيمان يزيد وينقص

- ‌[518] باب منه

- ‌[519] باب منه

- ‌[520] باب منه

- ‌[521] باب منه

- ‌[522] باب رد قول من أنكر أن الإيمان يزيد وينقص

- ‌[523] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[524] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[525] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[526] باب نقاش حول زيادة الإيمان ونقصانه

- ‌[527] باب جواز الاستثناء في الإيمان وذكر من أنكر ذلك

- ‌[528] باب منه

- ‌[529] باب منه

- ‌[530] باب منه

- ‌جماع أبوابالرد على المرجئة والأحناف في مسائل الإيمان

- ‌[531] باب تعريف المرجئة

- ‌[532] باب ذكر بعض طوائف المرجئة وبيان بطلان مذهبهم

- ‌[533] باب بدعة الشهادة من بدع المرجئة

- ‌[534] باب رد قول المرجئة:لا يضر مع الإيمان ذنب، وبيان خطورة قولهم

- ‌[535] باب رد قول المرجئةأن الإيمان واحد وأهله في أصله سواء

- ‌[536] باب بيان بطلان عقيدة الأحناف في الإيمان

- ‌[537] باب الرد على من أخرج العمل من مسمى الإيمانوبيان أن الخلاف بين أهل السنة وبين الحنفية والماتريدية حقيقيًّا لا صورياًّ

- ‌[538] باب رد قول من أخرج الأعمال من الإيمان

- ‌[539] باب الرد على قول الحنفية بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[540] باب القول بأن الإيمان لا يزيد ولا ينقصمخالف للكتاب والسنة وأقوال السلف

- ‌[541] باب ضلال من يعتقد أن الإيمان لا يزيد ولا ينقص

- ‌[542] باب التحذير من أحاديث موضوعة تشهد لبدعة الإرجاء

- ‌[543] باب ما كل حديث تُحَدَّثُ به العامةكأن يكون ظاهر الحديث يقوي بدعة الإرجاء

- ‌[544] باب منه

- ‌[545] باب الإيمان: تصديق بالجنان وإقرار باللسان وعمل بالأركان وهو يزيد وينقص والرد على من أنكر ذلك

- ‌[546] باب الرد على غلاة المرجئة الذين لا يشترطون العمل القلبي في الإيمان

- ‌[547] باب الرد على من حصر الإيمان في المعرفة

- ‌(جماع أبوابالرد على من اتهم الشيخ وأهل السنة بالإرجاء)

- ‌[548] باب الرد على بعض من غمز الشيخ بالإرجاء

- ‌[549] باب منه

- ‌[550] باب الرد على من اتهم أهل السنة بالإرجاء

- ‌[551] باب التحرير لأصول التكفير وفيه كلمة حول موقع العمل من الإيمان [مجلس مع الأستاذ خالد العنبري]

- ‌كتابالكفر والتكفير والنفاق

- ‌جماع أبواب مقدمات هامة في تعريف الكفر، والكلام على التكفير وشروطه وموانعه، وخطورة الخوض فيه بغير علم، وغير ذلك من المسائل المتعلقة بالموضوع

- ‌[552] باب الشرك هو الكفر

- ‌[553] باب كل كفر شرك

- ‌[554] باب هل بين الكفر والشرك فرق

- ‌[555] باب كلمة حول الفرق بين الكفر والشرك

- ‌[556] باب بيان خطأ مقولة: الخطأ مغفور في الفروع دون الأصول، والتعرض لمسألة التفريق بين الكفر والشرك

- ‌[557] باب هل كان الناس على الإيمان أم الكفر

- ‌[558] باب هل يفسر الكفر بالجحود فقط

- ‌[559] باب لا يُكَفَّر أحد من أهل القبلة بذنب ما لم يستحله

- ‌[560] باب منه

- ‌[561] باب منه

- ‌[562] باب حد الكبيرة

- ‌[563] باب لا يُشهد لأحد من أهل القبلة بجنة ولا بنار إلا من شُهد له، وحكم قول بعضهم عن الميت: «المغفور له» وما شابهه

- ‌[564] هل يدخل الكافر كفراً اعتقاديّاً الجنة

- ‌[565] باب الكافر هل يجازى على عمله الصالح

- ‌[566] باب منه

- ‌[567] باب منه

- ‌[568] باب منه

- ‌[569] باب معنى قول النبي صلى الله عليه وآله وسلم:«ومن أساء في الإسلام أخذ بالأول والآخر»

- ‌[570] باب تعريف الإسلام، وبيان ما يُخرجُ المرء منه

- ‌[571] باب متى يخرج المسلم من إسلامه

- ‌[572] باب ذكر الحد الفاصل بين الإسلام والكفر

- ‌[573] باب هل وضع العلماء شروطًا للتكفير

- ‌[574] باب من لم يوف بالميثاق

- ‌[575] باب لا ينجِّي العمل الصالح مع الكفر ولو في الجاهلية

- ‌[576] باب لِمَن يكون الحكم على المعين بالتكفير؟وما هي شروط ذلك وضوابطه

- ‌[577] باب أهمية التفريق بين الحكم على عملٍ ما بأنه كفر، وبين الحكم على من تلبس به بأنه كافر

- ‌[578] باب الفرق بين لفظة كافر وكفر

- ‌[579] باب حول فتنة التكفير

- ‌[580] باب حكم تكفير المعين

- ‌[581] باب خطورة الخوض في التكفير بغير علم

- ‌[582] باب بيان خطأ التكفير بالجملة

- ‌[583] باب كلمة حول خطورة التوسع في التكفير

- ‌[584] باب خطورة الخوض في التكفير بدون علم

- ‌[585] باب الرد على غلاة التكفير

- ‌[586] باب من ضلال فرق التكفير

- ‌[587] باب في الرد على الخوارج المكفرين

- ‌[588] باب قاعدة التفريق بين " كفر دون كفر

- ‌[589] باب هل يلزم إيقاع الوعيد

- ‌[590] باب قبول توبة الكافروإزلة إشكالات حول ذلك

- ‌[591] باب منه

- ‌[592] باب الفرق بين الإقرار والاستحلال، وهل يكفر المقر والمستحل وبيان الفرق بين الكفر العلمي والاعتقادي

- ‌[593] باب تعريف الإلحاد وبيان حُكْمِهِ

- ‌[594] باب تعريف دار الكفر ودار الإسلام

- ‌[595] باب في مصطلح «جاهلية القرن العشرين»

- ‌[596] باب قد تطلق الجاهلية ويراد النسبية

- ‌[597] باب كيف الجمع بين قوله تعالى: «لا إكراه في الدين» وقول النبي صلى الله عليه وآله وسلم: «أمرت أن أقاتل الناس

- ‌[598] باب تعريف المنافق وعلامات نفاقه

- ‌[599] باب هل يحكم على أعيان الناس الذين لا يشهدون صلاة الفجر أو العصر في جماعة بالنفاق

- ‌[600] باب الغناء ينبت النفاق في القلب

- ‌[601] باب هل صلى النبي صلى الله عليه وآله وسلم على رأس المنافقين

- ‌جماع أبواب الكلام على حكم تارك الصلاة-غير ما تقدم

- ‌[602] باب حديثُ الشفاعةوأنَّها تشملُ تاركي الصلاةِ منَ المسلمين

- ‌[603] باب منه

- ‌[604] باب منه

- ‌[605] باب منه

- ‌[606] باب منه

- ‌[607] باب منه

- ‌[608] باب منه

- ‌[609] باب منه

- ‌[610] باب حكم من ترك الصلاة عنادًا واستكبارًا

- ‌[611] باب نقاش حول حكم تارك الصلاة

- ‌[612] باب تحقيق أقوال بعض الصحابةومن بعدهم في حكم ترك الصلاة

- ‌[613] باب توجيه كلام عبد الله بن شقيق في تارك الصلاة

- ‌[614] باب هل يحكم على من لا يصلي بالكفر وبالتالي مقاطعته؟، وبيان متى تكون المقاطعة وسيلة تأديبية

- ‌[615] باب خطورة القول بتكفير تارك الصلاة

- ‌[616] باب مناقشة بعض أدلة مكفري تارك الصلاة

- ‌[617] باب الرد على من استدل بتعريف كلمة الكفر في قوله صلى الله عليه وآله وسلم: «بين المرء وبين الكفر .. » على أن المراد الكفر الكبر

- ‌[618] باب رد شبهة حول الاستدلالبحديث الشفاعة على عدم تكفير تارك الصلاة

- ‌[619] باب بيان ضعف أحد أدلة كفر تارك الصلاة

- ‌[620] باب خطورة ما وقع فيه الحكام والمحكومين من استباحة المعاصي وأثر ذلك في مصاب المسلمين

- ‌[621] باب هل الحكم بغير ما أنزل الله كفر

- ‌[622] باب سبب نزول ومن لم يحكم بما أنزل اللهوأن الكفر العملي غير الاعتقادي وأمثلة ذلك

- ‌[623] باب في تفسير آيات {وَمَن لَّمْ يَحْكُم بِمَا أَنزَلَ اللهُ

- ‌[624] باب منه

- ‌[625] باب منه

- ‌[626] باب رد فهم مغلوط لقوله تعالى:{وَمَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِمَا أَنزَلَ اللَّهُ

- ‌[627] باب الرد على من تأول قول ابن عباس: كفر دون كفر، بأنه أراد بذلك تغيير نظام الحكم لا استبدال الشرع

- ‌[628] باب الرد على من أدعى أن تبديل الشرع كفرٌ مطلقاً

- ‌[629] باب هل استبدال الشرع كفر؟ وبيان أقسام الكفر، ونقاش بين الشيخ محمد إبراهيم شقرة! وبعض المخالفين حول حكم تارك جنس العمل

- ‌[630] باب ما المقصود بالكفر البواح

- ‌[631] باب معنى الكفر البواح

- ‌[632] باب هل تطبيق أنظمة الكفر السياسيةوالاقتصادية يعد كفراً بواحاً

- ‌[633] باب الفرق بين التولي والولاية وهل يكفر من وقع فيهما

- ‌[634] باب حكم التحاكم إلى المحاكمالتي تحكم بالقوانين الوضعية

- ‌[635] باب لماذا لم يحكُم النجاشي بعد إسلامه بالإسلام؟ والربط بين ذلك وبين من لم يحكم بما أنزل الله من حكام زماننا

الفصل: ‌[583] باب كلمة حول خطورة التوسع في التكفير

لأنهم يؤمنون ببقاء النبوة بعد النبي عليه الصلاة والسلام، أما الآخرون يقولون: لا؛ ولذلك أولاً بمعرفتي بالفقه الإسلامي أولاً، وتجربتي ثانياً، هو الذي يمنعني أن أنصح المسلمين جميعاً ألا يكفروا من يستحق التكفير بالكوم وإنما بالتفصيل، من اعتقد كذا وكذا فهو كافر، أما الشيعة فيهم وفيهم، أما القاديانيين ففيهم وفيهم، أما البهائيين فكلهم كفار.

مداخلة: كفار؟

الشيخ: البهائية كلهم كفار؛ لأنهم لا يدينون بالإسلام.

"الهدى والنور"(728/ 21: 36: 00)

[583] باب كلمة حول خطورة التوسع في التكفير

سؤال: شيخنا! أيضاً وردت بعض الآثار عند بعض الأئمة وعن بعض الصحابة كخالد بن الوليد، وبعض الأئمة كالإمام أحمد بكفر شاتم الله أو الرسول واعتبروه كفر ردة فهل هذا على إطلاقه؟ نرجو الإفادة.

الشيخ: ما نرى ذلك على الإطلاق، فقد يكون السب والشتم ناتجاً عن الجهل وعن سوء التربية، وقد يكون عن غفلة، وأخيراً: قد يكون عن قصد ومعرفة، فإذا كان بهذه الصورة عن قصد ومعرفة فهو الردة الذي لا إشكال فيه، أما إذا احتمل وجه من الوجوه الأخرى التي أشرت إليها فالاحتياط في عدم التكفير أهم إسلامياً من المسارعة إلى التكفير.

ويعجبني بهذه المناسبة أن لبعض الفقهاء قول: إذا اتفق تسع وتسعون عالماً على القول بتكفير شخص بسببٍ ما بدر منه من مكفر، وواحد في المائة قال هذا

ص: 285

ليس كفراً فإنما هو الفسق، قال: لا يكفر هذا حتى يجمع على تكفيره من

المائة مائة، هذا هو الحيطة والحذر الذي يستفاد من مثل قوله عليه الصلاة والسلام:«من كفر مسلم فقد حار الكفر على أحدهما» والعبارة الأشهر: من كفر مسلماً فقد كفر.

فلذلك ينبغي التحفظ والاحتياط من إطلاق الكفر على مسلم يشهد أن لا إله إلا الله وأن محمد رسول الله، وبهذه المناسبة أذكِّر بالحديث الصحيح المعروف بأن رجلاً من أصحاب الرسول عليه السلام لقي مشركاً وبَدَءَا بالمبارزة والمقاتلة، فلما صار المشرك تحت ضربة سيف المسلم قال: أشهد أن لا إله إلا الله، فما بالاه بل قتله، فلما بلغ خبره النبي صلى الله عليه وآله وسلم غضب غضباً شديداً وأنكر على الرجل المسلم الصحابي الذي قتل ذلك المشرك حينما سمع منه تلك الكلمة الطيبة: لا إله إلا الله، قال: يا رسول الله! ما قالها إلا فراراً من القتل، قال:«هلا شققت عن قلبه» هنا الشاهد «هلا شققت عن قلبه» ظاهر هذا المشرك الذي كان يقاتل المسلم على دينه في تلك اللحظة التي شعر بأنه أصبح تحت ضربة سيف الصحابي قال: أشهد أن لا إله إلا الله الظاهر أنه ما قالها إلا تقية، لكن مع ذلك اعتد عليه الصلاة والسلام بهذه الكلمة الطيبة ونهى ذلك الصحابي عن فعلته التي فعلها.

إذاً: التكفير أمر صعب جداً، ثم أنا أرى وهذا يوصلنا بطبيعة البحث إلى لفت النظر إلى ما عليه كثير من الشباب المتحمس اليوم من أن يضيع وقته في إطلاق كلمة الكفر على كثير إن لم نقل على كل حكام المسلمين، أنهم هؤلاء كلهم كفار، فشغلوا أنفسهم بإطلاق هذه الكلمة فنحن نقول: إن هؤلاء الذين يُكَفَّرُون قد يكون فيهم من يصلي مثلاً وقد يكون فيهم من يصوم ومن يحج إلى آخره، فهناك ظواهر تدل على إسلامهم، وهناك ظواهر أخرى قد تدل على كفرهم، فما ينبغي

ص: 286

نحن أن نسارع إلى تغليب الكفر على الإسلام بخطورة التكفير كما ذكرنا آنفاً، هذا من جهة، من جهة أخرى: ما الذي نستفيده نحن اليوم من تشهير سلاح التكفير على الحكام أو على بعض أتباع الحكام ما دام أننا لا نستطيع أن نعمل شيئاً مما أباحه الرسول عليه السلام في مثل الحديث المعروف حينما قالوا: أفلا نقاتلهم؟ قال: «لا ما صلوا» وفي الحديث الآخر: «ما لم تروا كفراً بواحاً» فإذا رأينا الكفر الصريح ونحن لا نستطيع أن نقاتلهم فما الفائدة من إثارة هذا الموضوع سوى تشغيل أنفسنا أولاً بما ليس هو الأهم بالنسبة إلينا كطلبة علمٍ وفِقْهٍ، وثانياً: بما قد يضرنا في حياتنا الإسلامية ثانياً.

إذاً: نحن يجب أن نتورع في استعمال كلمة: «تكفير» ، ومن أجل التحذير من فعلة هؤلاء الذين يريد أولئك أن ينزلوا عليهم أحكام الكفر نكتفي بأنهم ضالون، وأنهم قد حادوا عن أحكام الشريعة في كثير منها وفي قليل، فهذا يكفينا أن

نقول أن هذا هو الضلال المبين، أما فلان كافر وفلان كافر .. ومن قال كذا فقد كفر إلى آخره.

على هذا نحن نقول بالنسبة لذاك السؤال، أما من صدر منه كلمة الكفر فهو معروف عند المسلمين أنه يستتاب فإن تاب فهذا يدل على أنه لم يكن قاصداً لكلمة كفر، وإن أصر على ذلك قُتل قتل ردة وكفر ولا يدفن في مقابر المسلمين.

مسألة الكفر حقيقة مسألة خطيرة جداً وهنا أذكر بالحديث وأنهي الجواب عن هذا السؤال .. الحديث الذي رواه الإمام البخاري في صحيحة عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: «كان فيمن قبلكم رجل قتل تسعة وتسعين نفساً» ..

عفواً هذا لا يهمنا الآن: «كان فيمن قبلكم رجل لم يعمل خيراً قط فلما

ص: 287

حضرته الوفاة جمع بنيه حوله فقال لهم: أي أب كنت لكم؟ قالوا: خير أب، قال: - وهنا الشاهد - فلئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً» هذا هو الكفر شك في قدرة الله عز وجل أن يتمكن من تعذيب هذا المجرم الذي لم يعمل في حياته خيراً قط: «قال: ولئن قدر الله علي ليعذبني عذاباً شديداً» ولتكملة هذه الكفرية ماذا أوصى: «قال: فإذا أنا مت فحرقوني بالنار، ثم ذروا الرماد نصفه في البحر ونصفه في الريح» لماذا؟ في زعمه ليضل عن ربه، الشاهد: فلما مات حرقوه بالنار وأخذوا الرماد نصفه في الريح الهائج والنصف الثاني في البحر المائج، فقال الله تعالى لذراته هذه:«كوني فلاناًَ فكان فلان، أي عبدي! ما حملك على ما فعلت؟ قال: خشيتك قال: فقد غفرت لك» هنا الآن نأتي إلى قوله تعالى: {إِنَّ اللَّهَ لا يَغْفِرُ أَنْ يُشْرَكَ بِهِ وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:48).

هذا أشرك، وقد يقول بعضكم: لا هذا ما أشرك هذا كفر، فأقول بمثل هذه المناسبة: أن الشرك والكفر في لغة الشرع لفظان مترادفان، فكل من كفر فقد أشرك ومن أشرك فقد كفر، وهذا له بحث آخر ولا نخوض فيه الآن، الشاهد: أن هذا الرجل حينما ظهر منه أقول: حينما ظهر منه أنه ينكر قدرة الله على جمعه وعلى بعثه ثم على تعذيبه بناء على أنه لم يعمل خيراً قط لما ظهر منه هذا: هذا كفر، إذاً: ما جوابنا عن قوله تعالى: {وَيَغْفِرُ مَا دُونَ ذَلِكَ لِمَنْ يَشَاءُ} (النساء:48) هذا كُفْرٌ، ومع ذلك قد غفر؟ الجواب: إنه كُفْرٌ لم يكن مقصوداً بالقلب، لم يكن معقوداً في القلب وإنما من خوفه من ربه تبارك وتعالى على ما جنت يداه من المعاصي والآثام أوصى بمثل هذه الوصية الجائرة التي ربما لم تقع مثلها في تاريخ هذه الدنيا كلها، ثم أوصى بتلك الوصية إنها كفر وإنها ضلال لكننا نقول: ليس كل من وقع في الكفر وقع الكفر عليه، هذه حقيقة يجب أن نستحضرها حتى ما نكون من

ص: 288