المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فصل في البئر - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ١

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌أَرْكَانُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَنُ الْوُضُوء]

- ‌فَرْضُ الْغُسْلِ)

- ‌[فُرُوعٌ فِي الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْلِ]

- ‌بَابُ الْمِيَاهِ

- ‌[الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[فَرْعٌ مُحْدِثٍ انْغَمَسَ فِي بِئْرٍ لِدَلْوٍ وَلَا نَجَسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْوِ وَلَمْ يَتَدَلَّكْ]

- ‌[فَرْعٌ] مَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَسِنْجَابٍ إنْ عَلِمَ دَبْغَهُ بِطَاهِرٍ

- ‌[فُرُوعٌ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْبِئْرِ

- ‌[فَرْعٌ] وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ مَنِيًّا أَوْ بَوْلًا أَوْ دَمًا

- ‌[فَرْعٌ الْبُعْدُ الْمَانِعُ مِنْ وُصُولِ نَجَاسَةِ الْبَالُوعَةِ إلَى الْبِئْرِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم وَشُرُوطه]

- ‌[سُنَنُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فُرُوعٌ] صَلَّى الْمَحْبُوسُ بِالتَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ نَوَاقِضُ الْمَسْحِ]

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمَعْذُورِ]

- ‌بَابُ الْأَنْجَاسِ

- ‌فَصْلُ الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الِاسْتِبْرَاء]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ الْأَذَانِ

- ‌[فَائِدَةٌ] التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْأَذَانِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّيَّةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[مَطْلَبٌ قَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الرُّكْنَ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ]

- ‌[وَاجِبَات الصَّلَاة]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان تَأْلِيف الصَّلَاة إلَى انتهائها]

- ‌[فُرُوعٌ] كَبَّرَ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَكْبِيرِ إمَامِهِ

- ‌[فُرُوعٌ] قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَة]

- ‌فُرُوعٌ] يَجِبُ الِاسْتِمَاعُ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا

- ‌بَابُ الْإِمَامَةِ

- ‌[فُرُوعٌ اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَمَنْ يَرَى الْوِتْرَ وَاجِبًا بِمَنْ يَرَاهُ سُنَّةً]

- ‌بَابُ الِاسْتِخْلَافِ

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا

- ‌[فُرُوعٌ سَمِعَ المصلي اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جل جلاله أَوْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فُرُوعٌ مَشَى المصلي مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاته]

- ‌[فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِتَكْلِيمِ الْمُصَلِّي وَإِجَابَتِهِ بِرَأْسِهِ

- ‌فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ الْمِسْبَحَةِ لِغَيْرِ رِيَاءٍ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتِمَالُ الصَّلَاة عَلَى الصَّمَّاءِ وَالِاعْتِجَارُ وَالتَّلَثُّمُ وَالتَّنَخُّمُ وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[فُرُوعٌ]أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ

الفصل: ‌فصل في البئر

‌فَصْلٌ فِي الْبِئْرِ

(إذَا وَقَعَتْ نَجَاسَةٌ) لَيْسَتْ بِحَيَوَانٍ وَلَوْ مُخَفَّفَةً أَوْ قَطْرَةَ بَوْلٍ أَوْ دَمٍ أَوْ ذَنَبَ فَأْرَةٍ لَمْ يُشَمَّعْ، فَلَوْ شُمِّعَ فَفِيهِ مَا فِي الْفَأْرَةِ (فِي بِئْرٍ دُونَ الْقَدْرِ الْكَثِيرِ) عَلَى مَا مَرَّ، وَلَا عِبْرَةَ لِلْعُمْقِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ (أَوْ مَاتَ فِيهَا) أَوْ خَارِجَهَا وَأُلْقِيَ فِيهَا وَلَوْ فَأْرَةً يَابِسَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ إلَّا الشَّهِيدَ النَّظِيفَ وَالْمُسْلِمَ الْمَغْسُولَ، أَمَّا الْكَافِرُ فَيُنَجِّسُهَا

ــ

[رد المحتار]

[فَصْلٌ فِي الْبِئْرِ]

لَمَّا ذَكَرَ تَنَجُّسَ الْمَاءِ الْقَلِيلِ بِوُقُوعِ نَجِسٍ فِيهِ حَتَّى يُرَاقَ كُلَّهُ أَرْدَفَهُ بِبَيَانِ مَسَائِلِ الْآبَارِ؛ لِأَنَّ مِنْهَا مَا يُخَالِفُ ذَلِكَ لِابْتِنَائِهَا عَلَى مُتَابَعَةِ الْآثَارِ دُونَ الْقِيَاسِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنَّ الْقِيَاسَ إمَّا أَنْ لَا تَطْهُرَ أَصْلًا كَمَا قَالَ شر لِعَدَمِ الْإِمْكَانِ لِاخْتِلَاطِ النَّجَاسَةِ بِالْأَوْحَالِ وَالْجُدْرَانِ وَالْمَاءُ يَنْبُعُ شَيْئًا فَشَيْئًا، وَإِمَّا أَنْ لَا تَتَنَجَّسَ حَيْثُ تَعَذَّرَ الِاحْتِرَازُ أَوْ التَّطْهِيرُ، كَمَا نُقِلَ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ قَالَ: اجْتَمَعَ رَأْيِي وَرَأْيِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ مَاءَ الْبِئْرِ فِي حُكْمِ الْجَارِي؛ لِأَنَّهُ يَنْبُعُ مِنْ أَسْفَلَ وَيُؤْخَذُ مِنْ أَعْلَاهُ فَلَا يُنَجَّسُ كَحَوْضِ الْحَمَّامِ.

قُلْنَا: وَمَا عَلَيْنَا أَنْ نَنْزَحَ مِنْهَا دِلَاءً أَخْذًا بِالْآثَارِ، وَمِنْ الطَّرِيقِ أَنْ يَكُونَ الْإِنْسَانُ فِي يَدِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَأَصْحَابِهِ رضي الله عنهم كَالْأَعْمَى فِي يَدِ الْقَائِدِ. اهـ ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَهُ الْآثَارَ الْوَارِدَةَ بِأَسَانِيدِهَا فَرَاجِعْهُ. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ النَّوَوِيِّ: الْبِئْرُ مُؤَنَّثَةٌ مَهْمُوزَةٌ، وَيَجُوزُ تَخْفِيفُهَا مِنْ بَأَرْت أَيْ حَفَرْت وَجَمْعُهَا فِي الْقِلَّةِ أَبْؤُرٌ وَأَبْآرٌ بِهَمْزَةٍ بَعْدَ الْبَاءِ فِيهِمَا، وَمِنْ الْعَرَبِ مَنْ يَقْلِبُ الْهَمْزَةَ فِي أَبْآرٍ وَيَنْقُلُهَا فَيَقُولُ آبَارٌ وَجَمْعُهَا فِي الْكَثْرَةِ بِئْرٌ بِكَسْرٍ فَهَمْزَةٌ.

(قَوْلُهُ لَيْسَتْ بِحَيَوَانٍ) قَيَّدَ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُصَنِّفَ بَيَّنَ أَحْكَامَ الْحَيَوَانِ بِخُصُوصِهِ وَفَصَّلَهَا (قَوْلُهُ وَلَوْ مُخَفَّفَةً) ؛ لِأَنَّ أَثَرَ التَّخْفِيفِ وَهُوَ الْعَفْوُ عَمَّا دُونَ الرُّبُعِ لَا يَظْهَرُ فِي الْمَاءِ، وَأَفَادَ ط أَنَّهُ لَوْ أَصَابَ هَذَا الْمَاءُ ثَوْبًا فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا تُعْتَبَرُ هَذِهِ النَّجَاسَةُ بِالْمُخَفَّفَةِ (قَوْلُهُ أَوْ قَطْرَةَ بَوْلٍ) أَيْ وَلَوْ بَوْلَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ كَمَا مَرَّ وَسَيَأْتِي اسْتِثْنَاءُ مَا لَا يُمْكِنُ الِاحْتِرَازُ عَنْهُ كَبَوْلِ الْفَأْرَةِ (قَوْلُهُ لَمْ يُشَمَّعْ) أَيْ لَمْ يُجْعَلْ فِي مَحَلِّ الْقَطْعِ مِنْهُ الَّذِي لَا يَنْفَكُّ عَنْ بِلَّةٍ نَجِسَةٍ مَا يَمْنَعُ إصَابَةَ الْمَاءِ كَشَمْعٍ وَنَحْوِهِ.

(قَوْلُهُ فَفِيهِ مَا فِي الْفَأْرَةِ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ، أَيْ فَالْوَاجِبُ فِيهِ نَزْحُ عِشْرِينَ دَلْوًا مَا لَمْ يَنْتَفِخْ أَوْ يَتَفَسَّخْ (قَوْلُهُ عَلَى مَا مَرَّ) أَيْ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ فِيهِ أَكْبَرُ رَأْيِ الْمُبْتَلَى بِهِ أَوْ مَا كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ (قَوْلُهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ) مُقَابِلُهُ مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عُمْقُهَا عَشَرَةً فِي عَشَرَةٍ فَهِيَ فِي حُكْمِ الْكَثِيرِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ تَصْحِيحَ هَذَا الْقَوْلِ غَرِيبٌ مُخَالِفٌ لِمَا أَطْلَقَهُ الْجُمْهُورُ، وَلِذَا قَالَ فِي الْبَحْرِ: لَا يَخْفَى أَنَّ هَذَا التَّصْحِيحَ لَوْ ثَبَتَ لَانْهَدَمَتْ مَسَائِلُ أَصْحَابِنَا الْمَذْكُورَةُ فِي كُتُبِهِمْ. .

اهـ وَمَا قَوَّاهُ بِهِ الْمَقْدِسِيَّ رَدَّهُ نُوحٌ أَفَنْدِي (قَوْلُهُ وَلَوْ فَأْرَةً يَابِسَةً عَلَى الْمُعْتَمَدِ) وَمَا فِي خِزَانَةِ الْفَتَاوَى مِنْ أَنَّهَا لَا تُنَجِّسُ الْبِئْرَ؛ لِأَنَّ الْيُبْسَ دِبَاغَةٌ ضَعِيفٌ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَأَوْضَحَهُ فِي الْحِلْيَةِ (قَوْلُهُ النَّظِيفَ) أَيْ مِنْ نَجَاسَةٍ وَدَمٍ سَائِلٍ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَسَيَأْتِي فِي النَّجَاسَاتِ أَنَّهُ يُعْفَى عَنْ دَمِ الشَّهِيدِ مَادَامَ عَلَيْهِ، وَمُفَادُهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ دَمٌ لَا يُنَجِّسُ الْمَاءَ، وَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَلَوْ وَقَعَ الشَّهِيدُ فِي الْمَاءِ الْقَلِيلِ لَا يُفْسِدُهُ إلَّا إذَا سَالَ مِنْهُ الدَّمُ. .

اهـ. لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَوْ خَرَجَ مِنْهُ دَمٌ سَائِلٌ يُنَجِّسُ الْمَاءَ احْتِرَازًا عَمَّا إذَا كَانَ مَا خَرَجَ مِنْهُ لَيْسَ فِيهِ قُوَّةُ السَّيَلَانِ، وَلَيْسَ مَعْنَاهُ أَنَّهُ سَالَ مِنْهُ الدَّمُ فِي الْمَاءِ تَأَمَّلْ، نَعَمْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُ التَّنْجِيسِ بِمَا عَلَيْهِ مِمَّا فِيهِ قُوَّةُ السَّيَلَانِ بِمَا إذَا تَحَلَّلَ فِي الْمَاءِ، أَمَّا لَوْ لَمْ يَنْفَصِلْ عَنْهُ فَلَا يُنَجِّسُ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْمُسْلِمَ الْمَغْسُولَ) أَمَّا قَبْلَ غَسْلِهِ فَنَصُّوا عَلَى أَنَّهُ يُفْسِدُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ وَلَا تَصِحُّ صَلَاةُ حَامِلِهِ، وَبِذَلِكَ اسْتَدَلَّ فِي الْمُحِيطِ عَلَى أَنَّ نَجَاسَةَ الْمَيِّتِ نَجَاسَةُ خَبَثٍ؛ لِأَنَّهُ حَيَوَانٌ دَمَوِيٌّ فَيُنَجِّسُ بِالْمَوْتِ كَغَيْرِهِ مِنْ الْحَيَوَانَاتِ لَا نَجَاسَةُ حَدَثٍ وَصَحَّحَهُ فِي الْكَافِي، وَنَسَبَهُ فِي الْبَدَائِعِ إلَى عَامَّةِ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي جَنَائِزٍ الْبَحْرُ.

أَقُولُ: وَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا حَمَلْنَا عَلَيْهِ كَلَامَ مُحَمَّدٍ فِي الْأَصْلِ مِنْ أَنَّ غُسَالَةَ الْمَيِّتِ نَجِسَةٌ؛ وَيُضَعِّفُ مَا مَرَّ مِنْ تَصْحِيحٍ

ص: 211

مُطْلَقًا كَسُقْطِ (حَيَوَانٍ دَمَوِيٍّ) غَيْرِ مَائِيٍّ لِمَا مَرَّ (وَانْتَفَخَ) أَوْ تَمَعَّطَ (أَوْ تَفَسَّخَ) وَلَوْ تَفَسُّخُهُ خَارِجَهَا ثُمَّ وَقَعَ فِيهَا ذَكَرَهُ الْوَالِي (يُنْزَحُ كُلُّ مَائِهَا) الَّذِي كَانَ فِيهَا وَقْتَ الْوُقُوعِ ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ (بَعْدَ إخْرَاجِهِ) لَا إذَا تَعَذَّرَ كَخَشَبَةٍ أَوْ خِرْقَةٍ مُتَنَجِّسَةٍ فَبِنَزْحِ الْمَاءِ إلَى حَدٍّ لَا يَمْلَأُ نِصْفَ الدَّلْوِ يَطْهُرُ الْكُلُّ تَبَعًا؛ وَلَوْ نَزَحَ بَعْضَهُ ثُمَّ زَادَ فِي الْغَدِ نَزَحَ قَدْرَ الْبَاقِي

ــ

[رد المحتار]

أَنَّهَا مُسْتَعْمَلَةٌ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ غُسِّلَ أَوْ لَا. وَفِي جَنَائِزِ الْبَحْرِ: وَاتَّفَقُوا عَلَى أَنَّ الْكَافِرَ لَا يَطْهُرُ بِالْغَسْلِ، أَنَّهُ لَا تَصِحُّ صَلَاةُ حَامِلِهِ بَعْدَهُ. اهـ.

أَقُولُ: وَهَذَا مُؤَيِّدٌ أَيْضًا لِلْقَوْلِ بِأَنَّ نَجَاسَةَ الْمَيِّتِ لِلْخَبَثِ لَا لِلْحَدَثِ، وَمُؤَيِّدٌ لِمَا قُلْنَاهُ آنِفًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ كَسُقْطٍ) أَطْلَقَهُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ. وَقَيَّدَهُ فِي الْخَانِيَّةِ بِمَا إذَا لَمْ يَسْتَهِلَّ قَالَ: فَإِنَّهُ يُفْسِدُ الْمَاءَ الْقَلِيلَ وَإِنْ غُسِّلَ، أَمَّا إذَا اسْتَهَلَّ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْكَبِيرِ إنْ وَقَعَ بَعْدَمَا غُسِّلَ لَا يُفْسِدُ اهـ وَعَلَى هَذَا حُكْمُ صَلَاةِ حَامِلِهِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَيْضًا، وَفِيهَا أَيْضًا الْبَيْضَةُ الرَّطْبَةُ أَوْ السَّخْلَةُ إذَا وَقَعَتْ مِنْ الدَّجَاجَةِ أَوْ الشَّاةِ فِي الْمَاءِ لَا تُفْسِدُهُ. اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ فِي بَابِ الْمِيَاهِ مِنْ أَنَّ غَيْرَ الدَّمَوِيِّ كَزُنْبُورٍ وَعَقْرَبٍ لَا يُفْسِدُ الْمَاءَ وَكَذَا مَائِيُّ الْمَوْلِدِ كَسَمَكٍ وَسَرَطَانٍ فَهُوَ تَعْلِيلٌ لِلْقَيْدَيْنِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَانْتَفَخَ) أَيْ تَوَرَّمَ وَتَغَيَّرَ عَنْ صِفَةِ الْحَيَوَانِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَقَوْلُهُ أَوْ تَمَعَّطَ: أَيْ سَقَطَ شَعْرُهُ، وَقَوْلُهُ أَوْ تَفَسَّخَ: أَيْ تَفَرَّقَتْ أَعْضَاؤُهُ عُضْوًا عُضْوًا، وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ كَالْفَأْرَةِ وَالْآدَمِيِّ وَالْفِيلِ؛ لِأَنَّهُ تَنْفَصِلُ بِلَّتُهُ وَهِيَ نَجِسَةٌ مَائِعَةٌ، فَصَارَتْ كَقَطْرَةِ خَمْرٍ، وَلِهَذَا لَوْ وَقَعَ ذَنَبُ فَأْرَةٍ يُنْزَحُ الْمَاءُ كُلُّهُ بَحْرٌ، وَبِهِ ظَهَرَ أَنَّهُ لَوْ جُرِحَ الْحَيَوَانُ بِلَا تَفَسُّخٍ وَنَحْوِهِ يُنْزَحُ الْجَمِيعُ كَمَا فِي الْفَتْحِ وَإِنْ قِطْعَةً مِنْهُ كَتَفَسُّخِهِ، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: قِطْعَةٌ مِنْ لَحْمِ الْمَيْتَةِ تُفْسِدُهُ (قَوْلُهُ يُنْزَحُ كُلُّ مَائِهَا) أَيْ دُونَ الطِّينِ لِوُرُودِ الْآثَارِ بِنَزْحِ الْمَاءِ، لَكِنْ لَا يُطَيَّنُ الْمَسْجِدُ بِطِينِهَا احْتِيَاطًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ الَّذِي كَانَ فِيهَا وَقْتَ الْوُقُوعِ) فَلَوْ زَادَ بَعْدَهُ قَبْلَ النَّزْحِ لَا يَجِبُ نَزْحُ الزَّائِدِ وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْنِ وَسَيَأْتِي اعْتِبَارُ وَقْتِ النَّزْحِ، وَعَلَيْهِ فَيَجِبُ نَزْحُ الزَّائِدِ وَيَأْتِي تَمَامُهُ.

بَقِيَ لَوْ لَمْ يَكُنْ فِيهِ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ وَقْتَ الْوُقُوعِ ثُمَّ زَادَ وَبَلَغَهُ هَلْ يُعْتَبَرُ وَقْتُ الْوُقُوعِ أَيْضًا؟ ظَاهِرُ كَلَامِهِ نَعَمْ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ بَلَغَهُ بَعْدَ النَّزْحِ لَا يُنْزَحُ مِنْهُ شَيْءٌ (قَوْلُهُ بَعْدَ إخْرَاجِهِ) إذْ النَّزْحُ قَبْلَهُ لَا يُفِيدُ؛ لِأَنَّ الْوَاقِعَ سَبَبٌ لِلنَّجَاسَةِ وَمَعَ بَقَائِهِ لَا يُمْكِنُ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ إلَّا إذَا تَعَذَّرَ إلَخْ) كَذَا فِي السِّرَاجِ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ هَذَا إنَّمَا يَسْتَقِيمُ فِيمَا إذَا كَانَتْ الْبِئْرُ مَعِينًا لَا تُنْزَحُ وَأَخْرَجَ مِنْهَا الْمِقْدَارَ الْمَعْرُوفَ، أَمَّا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مَعِينٍ فَإِنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِهَا لِوُجُوبِ نَزْحِ جَمِيعِ الْمَاءِ. اهـ

أَقُولُ: قَدْ يَتَعَذَّرُ الْإِخْرَاجُ وَإِنْ كَانَ الْوَاجِبُ نَزْحَ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ الْإِخْرَاجُ قَبْلَ النَّزْحِ لَا بَعْدَهُ كَمَا عَلِمْته (قَوْلُهُ مُتَنَجِّسَةٍ) نَعْتٌ لِكُلٍّ مِنْ الْخَشَبَةِ وَالْخِرْقَةِ، وَإِنَّمَا أَفْرَدَهُ لِلْعَطْفِ بِأَوْ الَّتِي هِيَ لِأَحَدِ الشَّيْئَيْنِ، وَأَشَارَ بِقَوْلِهِ مُتَنَجِّسَةٍ إلَى أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ إخْرَاجِ عَيْنِ النَّجَاسَةِ كَلَحْمِ مَيْتَةٍ وَخِنْزِيرٍ. اهـ ح. قُلْت: فَلَوْ تَعَذَّرَ أَيْضًا فَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْجَوَاهِرِ: لَوْ وَقَعَ عُصْفُورٌ فِيهَا فَعَجَزُوا عَنْ إخْرَاجِهِ فَمَادَامَ فِيهَا فَنَجِسَةٌ فَتُتْرَكُ مُدَّةً يُعْلَمُ أَنَّهُ اسْتَحَالَ وَصَارَ حَمْأَةً، وَقَبْلَ مُدَّةِ سِتَّةِ أَشْهُرٍ. اهـ (قَوْلُهُ فَبِنَزْحِ) بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ مُتَعَلِّقٌ بِيَطْهُرُ بَعْدَهُ ط (قَوْلُهُ يَطْهُرُ الْكُلُّ) أَيْ مِنْ الدَّلْوِ وَالرِّشَاءِ وَالْبَكَرَةِ وَيَدِ الْمُسْتَقِي تَبَعًا؛ لِأَنَّ نَجَاسَةَ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ بِنَجَاسَةِ الْبِئْرِ فَتَطْهُرُ بِطَهَارَتِهَا لِلْحَرَجِ كَدَنِّ الْخَمْرِ يَطْهُرُ تَبَعًا إذَا صَارَ خَلًّا وَكَيَدِ الْمُسْتَنْجِي تَطْهُرُ بِطَهَارَةِ الْمَحَلِّ وَكَعُرْوَةِ الْإِبْرِيقِ إذَا كَانَ فِي يَدِ الْمُسْتَنْجِي نَجَاسَةٌ رَطْبَةٌ

ص: 212

فِي الصَّحِيحِ خُلَاصَةٌ، قَيَّدَ بِالْمَوْتِ؛ لِأَنَّهُ لَوْ أَخْرَجَ حَيًّا وَلَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ وَلَا بِهِ حَدَثٌ أَوْ خَبَثٌ لَمْ يُنْزَحْ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَدْخُلَ فَمَهُ الْمَاءُ فَيُعْتَبَرُ بِسُؤْرِهِ، فَإِنْ نَجِسًا نُزِحَ الْكُلُّ وَإِلَّا لَا هُوَ الصَّحِيحُ، نَعَمْ يُنْدَبُ عَشَرَةٌ مِنْ الْمَشْكُوكِ لِأَجْلِ الطَّهُورِيَّةِ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، زَادَ التَّتَارْخَانِيَّة: وَعِشْرِينَ فِي الْفَأْرَةِ، وَأَرْبَعِينَ فِي سِنَّوْرٍ وَدَجَاجَةٍ مُخَلَّاةٍ كَآدَمِيٍّ مُحْدِثٍ،

ــ

[رد المحتار]

فَجَعَلَ يَدَهُ عَلَيْهَا كُلَّمَا صَبَّ عَلَى الْيَدِ فَإِذَا غَسَلَ الْيَدَ ثَلَاثًا طَهُرَتْ الْعُرْوَةُ بِطَهَارَةِ الْيَدِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ خُلَاصَةٌ) وَمِثْلُهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَهُوَ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ التَّوَالِي وَهُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ بِنَجِسِ الْعَيْنِ إلَخْ) أَيْ بِخِلَافِ الْخِنْزِيرِ، وَكَذَا الْكَلْبُ عَلَى الْقَوْلِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ الْبِئْرَ مُطْلَقًا، وَبِخِلَافِ الْمُحْدِثِ فَإِنَّهُ يُنْدَبُ فِيهِ نَزْحُ أَرْبَعِينَ كَمَا يَذْكُرُهُ، وَبِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ عَلَى الْحَيَوَانِ خَبَثٌ أَيْ نَجَاسَةٌ وَعَلِمَ بِهَا فَإِنَّهُ يُنَجِّسُ مُطْلَقًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَقَيَّدْنَا بِالْعِلْمِ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا فِي الْبَقَرِ وَنَحْوِهِ يَخْرُجُ حَيًّا لَا يَجِبُ نَزْحُ شَيْءٍ وَإِنْ كَانَ الظَّاهِرُ اشْتِمَالَ بَوْلِهَا عَلَى أَفْخَاذِهَا، لَكِنْ يُحْتَمَلُ طَهَارَتُهَا بِأَنْ سَقَطَتْ عَقِبَ دُخُولِهَا مَاءٌ كَثِيرٌ مَعَ أَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ. اهـ.

وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ لَمْ يُنْزَحْ شَيْءٌ) أَيْ وُجُوبًا؛ لِمَا فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ وَقَعَتْ الشَّاةُ وَخَرَجَتْ حَيَّةٌ يُنْزَحُ عِشْرُونَ دَلْوًا لِتَسْكِينِ الْقَلْبِ لَا لِلتَّطْهِيرِ، حَتَّى لَوْ لَمْ يُنْزَحْ وَتَوَضَّأَ جَازَ، وَكَذَا الْحِمَارُ وَالْبَغْلُ لَوْ خَرَجَ حَيًّا وَلَمْ يُصِبْ فَمُهُ الْمَاءَ، وَكَذَا مَا يُؤْكَلُ لَحْمُهُ مِنْ الْإِبِلِ وَالْبَقَرِ وَالْغَنَمِ وَالطُّيُورِ وَالدَّجَاجَةِ الْمَحْبُوسَةِ اهـ وَمِثْلُهُ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ (قَوْلُهُ كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ) أَقُولُ: لَمْ أَرَهُ فِي الْخَانِيَّةِ، وَإِنَّمَا الَّذِي فِيهَا أَنَّهُ يُنْزَحُ فِي الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ جَمِيعُ الْمَاءِ إذَا أَصَابَ فَمُهُ الْمَاءَ، وَكَذَا فِي الْبَحْرِ مَعْزِيًّا إلَيْهَا وَإِلَى غَيْرِهَا؛ وَمِثْلُهُ فِي الدُّرَرِ، وَعَزَاهُ شَارِحُهَا إلَى الْمُبْتَغَى، وَكَذَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ وَالْإِمْدَادِ وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّ وَمُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا.

وَقَالَ فِي الْمُنْيَةِ: كَذَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ، وَقَالَ شَارِحُهَا الْحَلَبِيُّ: وَلَمْ يُرْوَ عَنْ غَيْرِهِ خِلَافُهُ. اهـ. وَفِي الْفَتْحِ: وَإِنْ أَدْخَلَ فَمَهُ الْمَاءَ نُزِحَ الْكُلُّ فِي النَّجِسِ، وَكَذَا تَظَافَرَ كَلَامُهُمْ فِي الْمَشْكُوكِ. اهـ. وَفِي الْجَوْهَرَةِ: وَكَذَا كُلُّ مَا سُؤْرُهُ نَجِسٌ أَوْ مَشْكُوكٌ يَجِبُ نَزْحُ الْكُلِّ. وَفِي السِّرَاجِ: وَسُؤْرُ الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ يُنْزَحُ كُلُّ الْمَاءِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ طَهُورًا، وَكَذَا عَلَّلَهُ فِي الْحِلْيَةِ بِقَوْلِهِ لِصَيْرُورَةِ الْمَاءِ مَشْكُوكًا، وَهُوَ غَيْرُ مَحْكُومٍ بِطَهُورِيَّتِهِ عَلَى مَا هُوَ الْأَصَحُّ، بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ فَإِنَّهُ غَيْرُ مَسْلُوبِ الطَّهُورِيَّةِ.

وَمِثْلُهُ فِي الْفَتْحِ، لَكِنْ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ وَقَعَ سُؤْرُ الْحِمَارِ فِي الْمَاءِ يَجُوزُ التَّوَضُّؤُ بِهِ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ طَاهِرٌ غَيْرُ طَهُورٍ كَالْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ عِنْدَ مُحَمَّدٍ. اهـ. قُلْت: لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا تَظَافَرَ عَلَيْهِ كَلَامُهُمْ كَمَا عَلِمْت وَإِنْ مَشَى عَلَيْهِ الشَّارِحُ فِيمَا سَيَأْتِي فِي الْأَسْآرِ وَسَنُنَبِّهُ عَلَيْهِ. وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ إذَا أَصَابَ فَمُ الْحِمَارِ الْمَاءَ صَارَ مَشْكُوكًا فَيُنْزَحُ الْكُلُّ كَاَلَّذِي سُؤْرُهُ نَجِسٌ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِاشْتِرَاكِهِمَا فِي عَدَمِ الطَّهُورِيَّةِ وَإِنْ افْتَرَقَا مِنْ حَيْثُ الطَّهَارَةُ، فَإِذَا لَمْ يُنْزَحْ رُبَّمَا يَتَطَهَّرُ بِهِ أَحَدٌ، وَالصَّلَاةُ بِهِ وَحْدَهُ غَيْرُ مُجْزِئَةٍ فَيُنْزَحُ كُلُّهُ. اهـ.

قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا لَمْ يُصِبْ فَمُهُ الْمَاءَ، فَإِنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ الْمَاءُ مَشْكُوكًا فِيهِ كَمَا فِي التُّحْفَةِ، وَإِنَّمَا يُنْزَحُ مِنْهُ عِشْرُونَ دَلْوًا كَالشَّاةِ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ.

أَقُولُ: وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ قَوْلَ النَّهْرِ لَكِنْ فِي الْخَانِيَّةِ الصَّحِيحُ أَنَّهُ فِي الْبَغْلِ وَالْحِمَارِ لَا يَصِيرُ مَشْكُوكًا، فَلَا يَجِبُ نَزْحُ شَيْءٍ، نَعَمْ يُنْدَبُ نَزْحُ عَشَرَةٍ، وَقِيلَ نَزْحُ عِشْرِينَ مَنْشَؤُهُ اشْتِبَاهُ حَالَةِ وُصُولِ فَمِهِ الْمَاءَ بِحَالَةِ عَدَمِ الْوُصُولِ، وَتَبِعَهُ الشَّارِحُ فَتَنَبَّهْ، ثُمَّ رَأَيْت شَيْخَ مَشَايِخِنَا الرَّحْمَتِيَّ نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ كَمَا ذَكَرْته.

(قَوْلُهُ كَآدَمِيٍّ مُحْدِثٍ) أَيْ أَنَّهُ يُنْزَحُ فِيهِ أَرْبَعُونَ كَمَا عَزَاهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى فَتَاوَى الْحُجَّةِ، ثُمَّ عَزَا إلَى الْغِيَاثِيَّةِ أَنَّهُ يُنْزَحُ فِيهِ الْجَمِيعُ. وَفِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ: وَالتَّحْقِيقُ النَّزْحُ لِلْجَمِيعِ عِنْدَ الْإِمَامِ، وَالثَّانِي عَلَى الْقَوْلِ بِنَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ؛ وَقِيلَ أَرْبَعُونَ عِنْدَهُ. وَمَذْهَبُ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ يَسْلُبُهُ الطَّهُورِيَّةَ، وَهُوَ الصَّحِيحُ عِنْد الشَّيْخَيْنِ، فَيُنْزَحُ مِنْهُ عِشْرُونَ لِيَصِيرَ طَهُورًا، وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَالْمُرَادُ بِالْمُحْدِثِ مَا يَشْمَلُ الْجُنُبَ.

ص: 213

ثُمَّ هَذَا إنْ لَمْ تَكُنْ الْفَأْرَةُ هَارِبَةً مِنْ هِرٍّ، وَلَا الْهِرُّ هَارِبًا مِنْ كَلْبٍ، وَلَا الشَّاةُ مِنْ سَبُعٍ، فَإِنْ كَانَ نُزِحَ كُلُّهُ مُطْلَقًا كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، لَكِنْ فِي النَّهْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى الْفَتْوَى عَلَى خِلَافِهِ؛ لِأَنَّ فِي بَوْلِهَا شَكًّا (وَإِنْ تَعَذَّرَ) نُزِحَ كُلُّهَا لِكَوْنِهَا مَعِينًا (فَبِقَدْرِ مَا فِيهَا) وَقْتَ ابْتِدَاءِ النَّزْحِ قَالَهُ الْحَلَبِيُّ (يُؤْخَذُ ذَلِكَ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ عَدْلَيْنِ لَهُمَا بَصَارَةٌ بِالْمَاءِ) بِهِ يُفْتَى،

ــ

[رد المحتار]

وَاسْتَشْكَلَ فِي الْبَدَائِعِ نَزْحَ الْعِشْرِينَ بِأَنَّ الْمَاءَ الْمُسْتَعْمَلَ طَاهِرٌ فَلَمْ يَضُرَّ مَا لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الْمُطْلَقِ كَسَائِرِ الْمَائِعَاتِ، ثُمَّ قَالَ: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُقَالَ طَهَارَتُهُ غَيْرُ مَقْطُوعٍ بِهَا لِلْخِلَافِ فِيهَا، بِخِلَافِ سَائِرِ الْمَائِعَاتِ فَيُنْزَحُ أَدْنَى مَا وَرَدَ بِهِ الشَّرْعُ وَذَلِكَ عِشْرُونَ احْتِيَاطًا. اهـ.

قُلْت: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تُؤَيِّدُ الْقَوْلَ بِعَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُلْقِي وَالْمُلَاقِي فِي الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ مَا لَاقَى الْأَعْضَاءَ فَقَطْ وَلَا يَشِيعُ فِي جَمِيعِ مَاءِ الْبِئْرِ، وَإِلَّا لَوَجَبَ نَزْحُ الْجَمِيعِ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَجَبَ نَزْحُهُ فِي الْمَشْكُوكِ فِي طَهُورِيَّتِهِ فَفِي الْمُسْتَعْمَلِ الْمُحَقَّقُ عَدَمُ طَهُورِيَّتِهِ بِالْأَوْلَى، وَتُؤَيِّدُ مَا قَالَهُ صَاحِبُ الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ الْفُرُوعَ الَّتِي اسْتَدَلَّ بِهَا الْقَائِلُونَ بِاسْتِعْمَالِ كُلِّ الْمَاءِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى رِوَايَةِ نَجَاسَةِ الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

[تَتِمَّةٌ] نَقَلَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ كِتَابِ الصَّلَاةِ لِلْحَسَنِ أَنَّ الْكَافِرَ إذَا وَقَعَ فِي الْبِئْرِ وَهُوَ حَيٌّ نُزِحَ الْمَاءُ. وَفِي الْبَدَائِعِ أَنَّهُ رِوَايَةٌ عَنْ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَخْلُو مِنْ نَجَاسَةٍ حَقِيقِيَّةٍ أَوْ حُكْمِيَّةٍ، حَتَّى لَوْ اغْتَسَلَ فَوَقَعَ فِيهَا مِنْ سَاعَتِهِ لَا يُنْزَحُ مِنْهَا شَيْءٌ: أَقُولُ: وَلَعَلَّ نَزْحَهَا لِلِاحْتِيَاطِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ فِي بَوْلِهَا شَكًّا) وَقَدْ مَرَّ أَنَّهُمْ لَمْ يَعْتَبِرُوا احْتِمَالَ النَّجَاسَةِ فِي الشَّاةِ وَنَحْوِهَا، ثُمَّ هَذَا الْجَوَابُ بِنَاءً عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ بَوْلَ الْهِرَّةِ وَالْفَأْرَةِ يُنَجِّسُ الْبِئْرَ، وَفِيهِ كَلَامٌ يَأْتِي (قَوْلُهُ وَإِنْ تَعَذَّرَ) كَذَا عَبَّرَ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا. وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: أَيْ بِحَيْثُ لَا يُمْكِنُ إلَّا بِحَرَجٍ عَظِيمٍ اهـ فَالْمُرَادُ بِهِ التَّعَسُّرُ، وَبِهِ عَبَّرَ فِي الدُّرَرِ (قَوْلُهُ لِكَوْنِهَا مَعِينًا) الْقِيَاسُ مَعِينَةٌ؛ لِأَنَّ الْبِئْرَ مُؤَنَّثٌ سَمَاعِيٌّ إلَّا أَنَّهُمْ ذَكَّرُوهَا حَمْلًا عَلَى اللَّفْظِ، أَوْ؛ لِأَنَّ فَعِيلًا بِمَعْنَى مَفْعُولٍ يَسْتَوِي فِيهِ الْمُذَكَّرُ وَالْمُؤَنَّثُ.

أَوْ عَلَى تَقْدِيرِ ذَاتِ مَعِينٍ وَهُوَ الْمَاءُ يَجْرِي عَلَى وَجْهِ الْأَرْضِ. اهـ حِلْيَةٌ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهَا جَارِيَةٌ لِمَا يَأْتِي، بَلْ كَمَا قَالَ فِي الْبَحْرِ إنَّهُمْ كُلَّمَا نَزَحُوا نَبَعَ مِنْهَا مِثْلُ مَا نَزَحُوا أَوْ أَكْثَرُ (قَوْلُهُ وَقْتَ ابْتِدَاءِ النَّزْحِ قَالَهُ الْحَلَبِيُّ) أَيْ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مَعْزِيًّا إلَى الْكَافِي، وَقِيلَ وَقْتَ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ وَهُوَ مَا قَدَّمَهُ الشَّارِحُ عَنْ ابْنِ الْكَمَالِ، وَعَلَيْهِ جَرَى ابْنُ الْكَمَالِ هُنَا أَيْضًا وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ وَيُشِيرُ إلَيْهِ قَوْلُ الْهِدَايَةِ يُنْزَحُ مِقْدَارُ مَا كَانَ فِيهَا.

وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ زَادَ قَبْلَ النَّزْحِ، فَقِيلَ يُنْزَحُ مِقْدَارُ مَا كَانَ فِيهَا وَقْتَ الْوُقُوعِ، وَقِيلَ وَقْتَ النَّزْحِ: قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَثَمَرَةُ ذَلِكَ فِيمَا إذَا نَزَحَ الْبَعْضَ ثُمَّ وَجَدَهُ فِي الْغَدِ أَكْثَرَ مِمَّا تَرَكَ، فَقِيلَ يَنْزِحُ الْكُلَّ، وَقِيلَ مِقْدَارَ مَا بَقِيَ عِنْدَ التَّرْكِ هُوَ الصَّحِيحُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: هَذِهِ الثَّمَرَةُ بِنَاءً عَلَى اعْتِبَارِ وَقْتِ النَّزْحِ لَا وَقْتِ الْوُقُوعِ، فَعُلِمَ أَنَّ الصَّحِيحَ مَا فِي الْكَافِي. اهـ.

أَقُولُ: فِيهِ بَحْثٌ، بَلْ الثَّمَرَةُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهَا ثَمَرَةُ الْخِلَافِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ تَصْحِيحٌ لِلْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الْوُقُوعِ؛ لِأَنَّ حَاصِلَ الْخِلَافِ أَنَّهُ هَلْ يَجِبُ نَزْحُ الزَّائِدِ عَلَى مَا كَانَ وَقْتَ الْوُقُوعِ أَوْ لَا، فَالْقَائِلُ بِأَنَّ الْمُعْتَبَرَ وَقْتُ النَّزْحِ أَرَادَ أَنَّهُ يَجِبُ نَزْحُ مَا زَادَ سَوَاءٌ كَانَتْ الزِّيَادَةُ قَبْلَ ابْتِدَاءِ النَّزْحِ أَوْ قَبْلَ انْتِهَائِهِ فَنَبَّهَ فِي الْخَانِيَّةِ عَلَى صُورَةِ الزِّيَادَةِ قَبْلَ انْتِهَاءِ النَّزْحِ لِخَفَائِهَا، وَصَرَّحَ بِأَنَّ الصَّحِيحَ نَزْحُ مِقْدَارِ مَا بَقِيَ وَقْتَ التَّرْكِ: أَيْ فَلَا يَجِبُ نَزْحُ الزَّائِدِ، فَهَذَا تَصْحِيحٌ لِلْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ وَقْتِ الْوُقُوعِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ نَزْحُ مَا زَادَ بَعْدَهُ، فَعُلِمَ أَنَّهُ تَصْحِيحٌ لِخِلَافِ مَا فِي الْكَافِي.

هَذَا مَا ظَهَرَ لِي فَتَدَبَّرْهُ (قَوْلُهُ بِقَوْلِ رَجُلَيْنِ إلَخْ) فَإِنْ قَالَا إنَّ مَا فِيهَا أَلْفُ دَلْوٍ مَثَلًا نُزِحَ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ بِهِ يُفْتَى) وَهُوَ الْأَصَحُّ كَافِي وَدُرَرٌ، وَهُوَ الصَّحِيحُ؛ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. ابْنُ كَمَالٍ: وَهُوَ الْمُخْتَارُ مِعْرَاجٌ،

ص: 214

وَقِيلَ يُفْتَى بِمِائَةٍ إلَى ثَلَثِمِائَةٍ وَهَذَا أَيْسَرُ، وَذَاكَ أَحْوَطُ.

(فَإِنْ أُخْرِجَ الْحَيَوَانُ غَيْرَ مُنْتَفِخٍ وَلَا مُتَفَسِّخٍ) وَلَا مُتَمَعِّطٍ (فَإِنْ) كَانَ (كَآدَمِيٍّ) وَكَذَا سَقْطٌ

ــ

[رد المحتار]

وَهُوَ الْأَشْبَهُ بِالْفِقْهِ هِدَايَةٌ، أَيْ الْأَشْبَهُ بِالْمَعْنَى الْمُسْتَنْبَطِ مِنْ الْكِتَابِ وَالسُّنَّةِ؛ لِأَنَّ الْأَخْذَ بِقَوْلِ الْغَيْرِ فِيمَا لَمْ يُشْتَهَرْ مِنْ الشَّرْعِ فِيهِ تَقْدِيرٌ: قَالَ تَعَالَى {فَاسْأَلُوا أَهْلَ الذِّكْرِ إِنْ كُنْتُمْ لا تَعْلَمُونَ} [النحل: 43] كَمَا فِي أَجْزَاءِ الصَّيْدِ وَالشَّهَادَةِ عِنَايَةٌ.

(قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ) جَزَمَ بِهِ فِي الْكَنْزِ وَالْمُلْتَقَى، وَهُوَ مَرْوِيٌّ عَنْ مُحَمَّدٍ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى خُلَاصَةٌ وتتارخانية عَنْ النِّصَابِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ مِعْرَاجٌ عَنْ الْعَتَّابِيَّةِ، وَجَعَلَهُ فِي الْعِنَايَةِ رِوَايَةً عَنْ الْإِمَامِ وَهُوَ الْمُخْتَارُ وَالْأَيْسَرُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَأَفَادَ فِي النَّهْرِ أَنَّ الْمِائَتَيْنِ وَاجِبَتَانِ وَالْمِائَةَ الثَّالِثَةَ مَنْدُوبَةٌ، فَقَدْ اخْتَلَفَ التَّصْحِيحُ وَالْفَتْوَى. وَضُعِّفَ هَذَا الْقَوْلَ فِي الْحِلْيَةِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ إذَا كَانَ الْحُكْمُ الشَّرْعِيُّ نَزْحَ الْجَمِيعِ فَالِاقْتِصَارُ عَلَى عَدَدٍ مَخْصُوصٍ يَتَوَقَّفُ عَلَى دَلِيلٍ سَمْعِيٍّ يُفِيدُهُ.

وَأَيْنَ ذَلِكَ بَلْ الْمَأْثُورُ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ وَابْنِ الزُّبَيْرِ خِلَافُهُ حِينَ أَفْتَيَا بِنَزْحِ الْمَاءِ كُلِّهِ حِينَ مَاتَ زِنْجِيٌّ فِي بِئْرِ زَمْزَمَ وَأَسَانِيدُ ذَلِكَ الْأَثَرِ مَعَ دَفْعِ مَا أُورِدَ عَلَيْهَا مَبْسُوطَةٌ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَكَأَنَّ الْمَشَايِخَ إنَّمَا اخْتَارُوا مَا عَنْ مُحَمَّدٍ لِانْضِبَاطِهِ كَالْعُشْرِ تَيْسِيرًا كَمَا مَرَّ. اهـ. قُلْت: لَكِنَّ مَرْوِيَّاتِي أَنَّ مَسَائِلَ الْآبَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اتِّبَاعِ الْآثَارِ، عَلَى أَنَّهُمْ قَالُوا: إنَّ مُحَمَّدًا أَفْتَى بِمَا شَاهَدَ فِي آبَارِ بَغْدَادَ فَإِنَّهَا كَثِيرَةُ الْمَاءِ وَكَذَا مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ مِنْ نَزْحِ مَائِهِ فِي مِثْلِ آبَارِ الْكُوفَةِ لِقِلَّةِ مَائِهَا فَيُرْجَعُ إلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ تَقْدِيرٌ مِمَّنْ لَهُ بَصَارَةٌ وَخِبْرَةٌ بِالْمَاءِ فِي تِلْكَ النَّوَاحِي لَا لِكَوْنِ ذَلِكَ لَازِمًا فِي آبَارِ كُلِّ جِهَةٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(قَوْلُهُ وَذَاكَ) أَيْ مَا فِي الْمَتْنِ أَحْوَطُ لِلْخُرُوجِ عَنْ الْخِلَافِ وَلِمُوَافَقَتِهِ لِلْآثَارِ (قَوْلُهُ طَهُرَتْ) أَيْ إذَا لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ النَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي قَوْلِهِ وَيَجُوزُ بِجَارٍ وَقَعَتْ فِيهِ نَجَاسَةٌ (قَوْلُهُ وَسَيَجِيءُ) أَيْ بَعْدَ أَسْطُرٍ.

(قَوْلُهُ فَإِنْ أَخْرَجَ الْحَيَوَانَ) أَيْ الْمَيِّتَ (قَوْلُهُ كَآدَمِيٍّ) أَيْ مِمَّا عَادَلَهُ فِي الْجُثَّةِ كَالشَّاةِ وَالْكَلْبِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَكَذَا سَقَطَ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ مَا ذَكَرُوا فِيهِ نَزْحًا مُقَدَّرًا لَا فَرْقَ بَيْنَ كَبِيرَةٍ وَصَغِيرَةٍ، لَكِنْ قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: وَأَمَّا وَلَدُ الشَّاةِ إذَا كَانَ صَغِيرًا فَكَالسِّنَّوْرِ كَمَا تُشْعِرُ بِهِ عِبَارَاتُهُمْ كَمَا فِي الْبُرْجَنْدِيِّ. اهـ وَكَذَا قَالَ وَلَدُهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ. الظَّاهِرُ أَنَّ الْآدَمِيَّ إذَا خَرَجَ مِنْ أَمَةٍ صَغِيرًا أَوْ كَانَ سُقْطًا فَهُوَ كَالسِّنَّوْرِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ بِالْمِقْدَارِ فِي الْجُثَّةِ لَا فِي الِاسْمِ. اهـ. قُلْت: لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ السَّقْطَ إنْ اسْتَهَلَّ فَحُكْمُهُ كَالْكَبِيرِ إنْ وَقَعَ فِي الْمَاءِ بَعْدَمَا غُسِّلَ لَا يُفْسِدُهُ، وَإِنْ لَمْ يَسْتَهِلَّ أَفْسَدَ وَإِنْ غُسِّلَ، وَتَقَدَّمَ أَيْضًا أَنَّ ذَنَبَ الْفَأْرَةِ لَوْ شُمِّعَ فَفِيهِ مَا فِي الْفَأْرَةِ، ثُمَّ رَأَيْت فِي الْقُهُسْتَانِيِّ قَالَ: فَلَوْ وَقَعَ فِيهَا سُقْطٌ يُنْزَحُ كُلُّ الْمَاءِ. وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّ الْجَدْيَ كَالشَّاةِ. وَعَنْهُ أَنَّهُ وَالسَّخْلَةَ كَالدَّجَاجَةِ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ.

فَعُلِمَ أَنَّ فِي الْجَدْيِ رِوَايَتَيْنِ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ مِثْلَهُ السَّخْلَةُ وَهِيَ وَلَدُ الشَّاةِ، وَإِلْحَاقُ السَّقْطِ بِالْكَبِيرِ يُؤَيِّدُ الْأُولَى مِنْهُمَا، وَتَقْيِيدُ الشَّارِحِ الْإِوَزَّ بِالْكَبِيرِ تَبَعًا لِلْخُلَاصَةِ وَقَالَ فِيهَا: أَمَّا الصَّغِيرُ فَكَالْحَمَامَةِ يُؤَيِّدُ الثَّانِيَةَ. وَفِي السِّرَاجِ أَنَّ الْإِوَزَّةَ عِنْدَ الْإِمَامِ كَالشَّاةِ فِي رِوَايَةٍ وَكَالسِّنَّوْرِ فِي أُخْرَى. اهـ.

أَقُولُ: وَهَذَا الْمَقَامُ يَحْتَاجُ إلَى تَحْرِيرٍ وَتَدَبُّرٍ، فَاعْلَمْ أَنَّ الْمَأْثُورَ كَمَا ذَكَرَهُ أَئِمَّتُنَا هُوَ نَزْحُ الْكُلِّ فِي الْآدَمِيِّ وَالْأَرْبَعِينَ فِي الدَّجَاجَةِ وَالْعِشْرِينَ فِي الْفَأْرَةِ فَلِذَا كَانَتْ الْمَرَاتِبُ ثَلَاثَةً كَمَا سَنَذْكُرُهُ. وَعَنْ هَذَا أَوْرَدَ فِي الْمُسْتَصْفَى أَنَّ مَسَائِلَ الْآبَارِ مَبْنِيَّةٌ عَلَى اتِّبَاعِ الْآثَارِ، وَالنَّصُّ وَرَدَ فِي الْفَأْرَةِ وَالدَّجَاجَةِ وَالْآدَمِيِّ فَكَيْفَ يُقَاسُ مَا عَدَلَهَا بِهَا، ثُمَّ أَجَابَ بِأَنَّهُ بَعْدَمَا اسْتَحْكَمَ هَذَا الْأَصْلُ صَارَ كَاَلَّذِي ثَبَتَ عَلَى وَفْقِ الْقِيَاسِ فِي حَقِّ التَّفْرِيعِ عَلَيْهِ. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ ظَاهِرٌ

ص: 215

وَسَخْلَةٌ وَجَدْيٌ وَإِوَزٌّ كَبِيرٌ (نُزِحَ كُلُّهُ، وَإِنْ) كَانَ (كَحَمَامَةٍ) وَهِرَّةٍ (نُزِحَ أَرْبَعُونَ مِنْ الدِّلَاءِ) وُجُوبًا إلَى سِتِّينَ نَدْبًا (وَإِنْ) كَانَ (كَعُصْفُورٍ) وَفَأْرَةٍ (فَعِشْرُونَ) إلَى ثَلَاثِينَ كَمَا مَرَّ، وَهَذَا يَعُمُّ الْمَعِينَ وَغَيْرَهَا، بِخِلَافِ نَحْوِ صِهْرِيجٍ وَحُبٍّ حَيْثُ يُهْرَاقُ الْمَاءُ كُلُّهُ لِتَخْصِيصِ الْآبَارِ بِالْآثَارِ بَحْرٌ وَنَهْرٌ. قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى الْكَنْزِ: وَنَحْوُهُ فِي النُّتَفِ؛ وَنُقِلَ عَنْ الْقُنْيَةِ أَنَّ حُكْمَ الرَّكِيَّةِ كَالْبِئْرِ. وَعَنْ الْفَوَائِدِ أَنَّ الْحُبَّ الْمَطْمُورَ أَكْثَرُهُ فِي الْأَرْضِ كَالْبِئْرِ،

ــ

[رد المحتار]

فِي أَنَّ فِيهِ لِلرَّأْيِ مَدْخَلًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ. وَقَالَ: فَالْأَوْلَى أَنْ يُقَالَ إنَّهُ إلْحَاقٌ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ لَا بِالْقِيَاسِ كَمَا اخْتَارَهُ فِي الْمِعْرَاجِ. اهـ.

إذَا عَلِمْت ذَلِكَ ظَهَرَ لَك أَنَّ مَا وَرَدَ بِالنَّصِّ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَذْكُورَةِ لَمْ يُفَرِّقْ بَيْنَ صَغِيرِهِ وَكَبِيرِهِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ وُقُوفًا مَعَ النَّصِّ، وَلِهَذَا لَمْ يَخْتَلِفُوا فِي السَّقْطِ بِخِلَافِ مَا أُلْحِقَ بِذَلِكَ كَالشَّاةِ وَالْإِوَزَّةِ، فَإِنَّهُ قَدْ يُقَالُ إنَّ صَغِيرَهُ كَكَبِيرِهِ أَيْضًا تَبَعًا لِلْمُلْحَقِ بِهِ: وَقَدْ يُقَالُ بِالْفَرْقِ اعْتِبَارًا لِلْجُثَّةِ، فَلِذَا وَقَعَ فِيهِ الِاخْتِلَافُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي مِنْ فَيْضِ الْفَتَّاحِ الْعَلِيمِ فَاغْتَنِمْهُ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ بِأَنْ يُقَالَ الْعِشْرُونَ لِلْوُجُوبِ وَالزَّائِدُ لِلنَّدْبِ. [تَنْبِيهٌ]

ظَاهِرُ اقْتِصَارِ الْمُصَنِّفِ عَلَى مَا ذَكَرَهُ يُفِيدُ أَنَّ الْمَرَاتِبَ ثَلَاثٌ؛ لِأَنَّهَا الْوَارِدَةُ فِي النَّصِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ. وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّ فِي الْقُرَادِ الْكَبِيرِ وَالْفَأْرَةِ الصَّغِيرَةِ عَشْرَ دِلَاءٍ، وَأَنَّ فِي الْحَمَامَةِ ثَلَاثِينَ بِخِلَافِ الْهِرَّةِ فَالْمَرَاتِبُ خَمْسٌ، لَكِنَّ الَّذِي فِي الْمُتُونِ هُوَ الْأَوَّلُ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ نَزْحُ الْأَرْبَعِينَ أَوْ الْعِشْرِينَ لِتَطْهِيرِ الْبِئْرِ (قَوْلُهُ بِخِلَافِ نَحْوِ صِهْرِيجٍ وَحُبٍّ إلَخْ) الصِّهْرِيجُ: الْحَوْضُ الْكَبِيرُ يَجْتَمِعُ فِيهِ الْمَاءُ قَامُوسٌ. وَالْحُبُّ: أَيْ بِضَمِّ الْحَاءِ الْمُهْمَلَةِ الْخَابِيَةُ الْكَبِيرَةُ صِحَاحٌ، وَأَرَادَ بِذَلِكَ الرَّدَّ عَلَى مَنْ أَفْتَى بِنَزْحِ عِشْرِينَ فِي فَأْرَةٍ وَقَعَتْ فِي صِهْرِيجٍ، كَمَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ عَنْ بَعْضِ أَهْلِ عَصْرِهِ مُتَمَسِّكًا بِمَا اقْتَضَاهُ إطْلَاقُهُمْ مِنْ عَدَمِ الْفَرْقِ بَيْنَ الْمَعِينِ وَغَيْرِهَا: وَرَدَّهُ فِي النَّهْرِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ بِمَا فِي الْبَدَائِعِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا مِنْ أَنَّ الْفَأْرَةَ لَوْ وَقَعَتْ فِي الْحُبِّ يُهْرَاقُ الْمَاءُ كُلُّهُ. قَالَ: وَوَجْهُهُ أَنَّ الِاكْتِفَاءَ بِنَزْحِ الْبَعْضِ فِي الْآبَارِ عَلَى خِلَافِ الْقِيَاسِ بِالْآثَارِ فَلَا يَلْحَقُ بِهَا غَيْرُهَا، ثُمَّ قَالَ: وَهَذَا الرَّدُّ إنَّمَا يَتِمُّ بِنَاءً عَلَى أَنَّ الصِّهْرِيجَ لَيْسَ مِنْ مُسَمَّى الْبِئْرِ فِي شَيْءٍ اهـ أَيْ فَإِذَا ادَّعَى دُخُولَهُ فِي مُسَمَّى الْبِئْرِ لَا يَكُونُ مُخَالِفًا لِلْآثَارِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْبِئْرَ مُشْتَقَّةٌ مِنْ بَأَرْت: أَيْ حَفَرْت. وَالصِّهْرِيجُ: حُفْرَةٌ فِي الْأَرْضِ لَا تَصِلُ الْيَدُ إلَى مَائِهَا، بِخِلَافِ الْعَيْنِ وَالْحُبِّ وَالْحَوْضِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ فَقَالَ: مَا اسْتَدَلَّ بِهِ فِي الْبَحْرِ لَا يَخْفَى بَعْدَهُ، وَأَيْنَ الْحُبُّ مِنْ الصِّهْرِيجِ لَا سِيَّمَا الَّذِي يَسَعُ أُلُوفًا مِنْ الدِّلَاءِ. اهـ. لَكِنَّهُ خِلَافُ مَا فِي النُّتَفِ (قَوْلُهُ يُهْرَاقُ الْمَاءُ كُلُّهُ) أَقُولُ: وَهَلْ يَطْهُرُ بِمُجَرَّدِ ذَلِكَ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ غَسْلِهِ بَعْدَهُ ثَلَاثًا: وَالظَّاهِرُ الثَّانِي، ثُمَّ رَأَيْته فِي التَّتَارْخَانِيَّة قَالَ مَا نَصُّهُ: وَفِي فَتَاوَى الْحُجَّةِ سُئِلَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْمُبَارَكِ عَنْ الْحُبِّ الْمُرَكَّبِ فِي الْأَرْضِ تَنَجَّسَ، قَالَ: يُغْسَلُ ثَلَاثًا، وَيُخْرَجُ الْمَاءُ مِنْهُ كُلَّ مَرَّةٍ فَيَطْهُرُ، وَلَا يُقْلَعُ الْحُبُّ. اهـ (قَوْلُهُ وَنَحْوُهُ فِي النُّتَفِ) مَقُولُ الْقَوْلِ: أَيْ نَحْوُ مَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ. قَالَ ابْنُ عَبْدِ الرَّزَّاقِ: وَلَمْ أَرَهُ فِي كِتَابِ النُّتَفِ. اهـ. أَقُولُ: رَأَيْت فِي النُّتَفِ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا الْبِئْرُ فَهِيَ الَّتِي لَهَا مَوَادُّ مِنْ أَسْفَلِهَا. اهـ أَيْ لَهَا مِيَاهٌ تُمِدُّهَا وَتَنْبُعُ مِنْ أَسْفَلِهَا، وَلَا يَخْفَى أَنَّهُ عَلَى هَذَا التَّعْرِيفِ يَخْرُجُ الصِّهْرِيجُ وَالْحُبُّ وَالْآبَارُ الَّتِي تُمْلَأُ مِنْ الْمَطَرِ أَوْ مِنْ الْأَنْهَارِ، فَهُوَ مِثْلُ مَا فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ.

(قَوْلُهُ وَنَقَلَ) أَيْ الْمُصَنِّفُ، وَهُوَ تَأْيِيدٌ لِمَا أَفْتَى بِهِ ذَلِكَ الْعَصْرِيُّ (قَوْلُهُ أَنَّ حُكْمَ الرَّكِيَّةِ إلَخْ) الرَّكِيَّةُ عَلَى وَزْنِ عَطِيَّةٍ قَالَ ح: هِيَ الْبِئْرُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، لَكِنْ فِي الْعُرْفِ هِيَ بِئْرٌ يَجْتَمِعُ مَاؤُهَا مِنْ الْمَطَرِ. اهـ: أَيْ

ص: 216

وَعَلَيْهِ فَالصِّهْرِيجُ وَالزِّيرُ الْكَبِيرُ يُنْزَحُ مِنْهُ كَالْبِئْرِ فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ. اهـ (بِدَلْوٍ وَسَطٍ) وَهُوَ دَلْوُ تِلْكَ الْبِئْرِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَمَا يَسَعُ صَاعًا وَغَيْرُهُ تُحْتَسَبُ بِهِ وَيَكْفِي مِلْءُ أَكْثَرِ الدَّلْوِ وَنَزْحُ مَا وُجِدَ وَإِنْ قَلَّ وَجَرَيَانُ بَعْضِهِ وَغَوَرَانُ قَدْرِ الْوَاجِبِ

(وَمَا بَيْنَ حَمَامَةٍ وَفَأْرَةٍ) فِي الْجُثَّةِ (كَفَأْرَةٍ) فِي الْحُكْمِ (كَمَا أَنَّ مَا بَيْنَ دَجَاجَةٍ وَشَاةٍ كَدَجَاجَةٍ) فَأُلْحِقَ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ بِالْأَصْغَرِ كَمَا أُدْخِلَ الْأَقَلُّ فِي الْأَكْثَرِ كَفَأْرَةٍ مَعَ هِرَّةٍ، وَنَحْوُ الْهِرَّتَيْنِ كَشَاةٍ اتِّفَاقًا وَنَحْوُ الْفَأْرَتَيْنِ كَفَأْرَةٍ، وَالثَّلَاثُ إلَى الْخَمْسِ كَهِرَّةٍ، وَالسِّتُّ كَشَاةٍ عَلَى الظَّاهِرِ.

ــ

[رد المحتار]

فَهِيَ بِمَعْنَى الصِّهْرِيجِ (قَوْلُهُ عَلَيْهِ) أَيْ وَبِنَاءً عَلَى مَا نَقَلَهُ عَنْ الْقُنْيَةِ وَالْفَوَائِدِ (قَوْلُهُ وَالزِّيرُ الْكَبِيرُ) أَيْ الَّذِي هُوَ بِمَعْنَى الْحُبِّ الْمَذْكُورِ فِي الْفَوَائِدِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: الزِّيرُ بِالْكَسْرِ الدَّنُّ. وَالدَّنُّ بِالْفَتْحِ: الرَّاقُودُ الْعَظِيمُ أَوْ أَطْوَلُ مِنْ الْحُبِّ أَوْ أَصْغَرُ، لَهُ عُسْعُسٌ أَيْ ذَنَبٌ لَا يَقْعُدُ إلَّا أَنْ يُحْفَرَ لَهُ (قَوْلُهُ يُنْزَحُ، مِنْهُ كَالْبِئْرِ) أَيْ فَيُقْتَصَرُ فِي الْحَمَامَةِ عَلَى أَرْبَعِينَ، وَفِي الْفَأْرَةِ عَلَى عِشْرِينَ.

أَقُولُ: وَهَذَا مُسَلَّمٌ فِي الصِّهْرِيجِ دُونَ الزِّيرِ لِخُرُوجِهِ عَنْ مُسَمَّى الْبِئْرِ، وَكَوْنِ أَكْثَرِهِ مَطْمُورًا: أَيْ مَدْفُونًا فِي الْأَرْضِ لَا يُدْخِلُهُ فِيهِ لَا عُرْفًا وَلَا لُغَةً كَمَا قَدَّمْنَاهُ؛ وَمَا فِي الْفَوَائِدِ مُعَارَضٌ بِإِطْلَاقِ مَا مَرَّ عَنْ الْبَدَائِعِ وَالْكَافِي وَغَيْرِهِمَا، وَفَرْقٌ ظَاهِرٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الصِّهْرِيجِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْمَقْدِسِيَّ فَافْهَمْ. وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي مَنْظُومَتِهِ [تُحْفَةِ الْأَقْرَانِ] :

مَطْمُورَةٌ أَكْثَرُهَا فِي الْأَرْضِ

كَالْبِئْرِ فِي النَّزْحِ وَهَذَا مَرْضِي

قَالَ بِهِ بَعْضُ أُولِي الْأَبْصَارِ

وَلَيْسَ مَرْضِيًّا لَدَى الْكِبَارِ

فَإِنَّ نَزْحَ الْبَعْضِ مَخْصُوصٌ بِمَا

فِي الْبِئْرِ عِنْدَ جَمْعِ جُلِّ الْعُلَمَا

(قَوْلُهُ وَهُوَ دَلْوُ تِلْكَ الْبِئْرِ) هَذَا هُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَقَيَّدَهُ مُحَشِّيهِ الرَّمْلِيُّ بِمَا إذَا لَمْ يَكُنْ دَلْوُهَا الْمُعْتَادُ كَبِيرًا جِدًّا فَلَا يَجِبُ الْعَدَدُ الْمَذْكُورُ.

قَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَقْتَضِيهِ نَظَرُ الْفَقِيهِ. اهـ ثُمَّ إنَّ الشَّارِحَ قَدْ تَبِعَ صَاحِبَ الْبَحْرِ فِي تَفْسِيرِهِ الْوَسَطِ بِذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ قَوْلٌ آخَرُ وَبِهِ يُشْعِرُ كَلَامُ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ. وَفِي الْبَدَائِعِ: اُخْتُلِفَ فِي الدَّلْوِ، فَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ دَلْوُ كُلِّ بِئْرٍ يَسْتَقِي بِهِ مِنْهَا صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا، وَرُوِيَ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ قَدْرُ صَاعٍ، وَقِيلَ الْمُعْتَبَرُ هُوَ الْمُتَوَسِّطُ بَيْنَ الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ. اهـ. وَقَوْلُهُ صَغِيرًا كَانَ أَوْ كَبِيرًا رُبَّمَا يُخَالِفُ مَا بَحَثَهُ الرَّمْلِيُّ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ إلَخْ) أَيْ هَذَا إنْ كَانَ لَهَا دَلْوٌ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ فَالْمُعْتَبَرُ دَلْوٌ يَسَعُ صَاعًا، وَهَذَا التَّفْصِيلُ اسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَحْرِ.

وَقَالَ هُوَ ظَاهِرُ مَا فِي الْخُلَاصَةِ وَشَرْحِ الطَّحَاوِيِّ وَالسِّرَاجِ (قَوْلُهُ وَغَيْرُهُ) أَيْ غَيْرُ الدَّلْوِ الْمَذْكُورِ بِأَنْ كَانَ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ يُحْتَسَبُ بِهِ، فَلَوْ نُزِحَ الْقَدْرُ الْوَاجِبُ بِدَلْوٍ وَاحِدٍ كَبِيرٍ أَجْزَأَ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَيَكْفِي مِلْءُ أَكْثَرِ الدَّلْوِ) فَلَوْ كَانَ مُنْحَرِفًا، فَإِنْ كَانَ يَبْقَى أَكْثَرُ مَا فِيهِ كَفَى وَإِلَّا لَا بَزَّازِيَّةٌ وَقُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ وَنَزْحُ مَا وُجِدَ) أَيْ وَيَكْفِي أَيْضًا نَزْحُ مَا وُجِدَ فِيهَا وَهُوَ دُونَ الْقَدْرِ الْوَاجِبِ، حَتَّى لَوْ زَادَ بَعْدَ النَّزْحِ لَا يَجِبُ نَزْحُ شَيْءٍ؛ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ وَجَرَيَانُ بَعْضِهِ) أَيْ يَكْفِي أَيْضًا بِأَنْ حُفِرَ لَهَا مَنْفَذٌ يَخْرُجُ مِنْهُ بَعْضُ الْمَاءِ كَمَا فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ وَغَوَرَانُ قَدْرِ الْوَاجِبِ) وَإِذَا عَادَ لَا يَعُودُ نَجِسًا إنْ جَفَّ أَسْفَلُهُ فِي الْأَصَحِّ، وَإِلَّا عَادَ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ (قَوْلُهُ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ) أَيْ دَلَالَةِ النَّصِّ، وَهِيَ دَلَالَةُ مَنْطُوقِهِ عَلَى مَا سُكِتَ عَنْهُ بِالْأَوْلَى أَوْ بِالْمُسَاوَاةِ كَدَلَالَةِ حُرْمَةِ التَّأْفِيفِ وَأَكْلِ مَالِ الْيَتِيمِ عَلَى حُرْمَةِ الضَّرْبِ وَالْإِتْلَافِ كَمَا أَوْضَحْنَاهُ فِي حَوَاشِينَا عَلَى شَرْحِ الْمَنَارِ لِلشَّارِحِ، وَأَشَارَ بِذَلِكَ إلَى الْجَوَابِ عَمَّا قَدَّمْنَاهُ عَلَى الْمُسْتَصْفَى.

(قَوْلُهُ كَفَأْرَةٍ مَعَ هِرَّةٍ) أَيْ فَإِنْ مَاتَتَا نُزِحَ أَرْبَعُونَ وَإِلَّا فَلَا نَزْحَ، وَإِنْ مَاتَتْ الْفَأْرَةُ فَقَطْ أَوْ جُرِحَتْ أَوْ بَالَتْ فِيهِ نُزِحَ الْكُلُّ سِرَاجٌ، وَبَقِيَ مِنْ الْأَقْسَامِ مَوْتُ الْهِرَّةِ فَقَطْ، وَلَا شَكَّ أَنَّ فِيهِ أَرْبَعِينَ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ الْهِرَّتَيْنِ) أَيْ مَا كَانَ مِقْدَارَهُمَا فِي الْجُثَّةِ (قَوْلُهُ وَنَحْوُ الْفَأْرَتَيْنِ) أَيْ لَوْ كَانَتَا كَهَيْئَةِ الدَّجَاجَةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّ فِيهِمَا حِينَئِذٍ أَرْبَعِينَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ عَلَى الظَّاهِرِ) أَيْ

ص: 217

(وَيُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهَا) مُغَلَّظَةً (مِنْ وَقْتِ الْوُقُوعِ إنْ عُلِمَ، وَإِلَّا فَمُذْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إنْ لَمْ يَنْتَفِخْ وَلَمْ يَتَفَسَّخْ) وَهَذَا (فِي حَقِّ الْوُضُوءِ) وَالْغُسْلِ؛ وَمَا عُجِنَ بِهِ فَيُطْعَمُ لِلْكِلَابِ؛ وَقِيلَ يُبَاعُ مِنْ شَافِعِيٍّ، أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ كَغَسْلِ ثَوْبٍ فَيُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ فِي الْحَالِ

ــ

[رد المحتار]

ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ. وَعِنْدَ أَبِي يُوسُفَ: الْخَمْسُ إلَى التِّسْعِ كَهِرَّةٍ، وَالْعَشْرُ كَشَاةٍ، وَجَزَمَ فِي الْمَوَاهِبِ بِقَوْلِ مُحَمَّدٍ وَنَفَى الثَّانِي فَأَفَادَ ضَعْفَهُ.

(قَوْلُهُ مُغَلَّظَةً) بَيَانٌ لِصِفَةِ النَّجَاسَةِ، وَقَدْ مَرَّ أَنَّ التَّخْفِيفَ لَا يَظْهَرُ أَثَرُهُ فِي الْمَاءِ (قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ الْوُقُوعِ) أَيْ وُقُوعِ مَا مَاتَ فِيهَا (قَوْلُهُ إنْ عُلِمَ) أَيْ الْوَقْتُ أَوْ غَلَبَ عَلَى الظَّنِّ قُهُسْتَانِيٌّ، وَمِنْهُ مَا إذَا شَهِدَ رَجُلَانِ بِوُقُوعِهَا يَوْمَ كَذَا كَمَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ لَمْ يُعْلَمْ أَوْ لَمْ يَغْلِبْ عَلَى الظَّنِّ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ الْحُكْمُ بِنَجَاسَةِ الْبِئْرِ يَوْمًا وَلَيْلَةً ط (قَوْلُهُ فِي حَقِّ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ) أَيْ مِنْ حَيْثُ إعَادَةُ الصَّلَاةِ يَعْنِي الْمَكْتُوبَةَ وَالْمَنْذُورَةَ وَالْوَاجِبَةَ وَسُنَّةَ الْفَجْرِ. اهـ حِلْيَةٌ وَسَيَأْتِي أَنَّ سُنَّةَ الْفَجْرِ إنَّمَا تُقْضَى إذَا فَاتَتْ مَعَ الْفَرْضِ فِي يَوْمِهَا قَبْلَ الزَّوَالِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَمَا عُجِنَ بِهِ) مَعْطُوفٌ عَلَى الْوُضُوءِ (قَوْلُهُ فَيُطْعَمُ لِلْكِلَابِ) ؛ لِأَنَّ مَا تَنَجَّسَ بِاخْتِلَاطِ النَّجَاسَةِ بِهِ وَالنَّجَاسَةُ مَغْلُوبَةٌ لَا يُبَاحُ أَكْلُهُ وَيُبَاحُ الِانْتِفَاعُ بِهِ فِيمَا وَرَاءَ الْأَكْلِ كَالدُّهْنِ النَّجِسِ يَسْتَصْبِحُ بِهِ إذَا كَانَ الطَّاهِرُ غَالِبًا فَكَذَا هَذَا حِلْيَةٌ عَنْ الْبَدَائِعِ، وَيُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّ الْعَجِينَ لَيْسَ بِقَيْدٍ فَغَيْرُهُ مِنْ الطَّعَامِ وَالشَّرَابِ مِثْلُهُ، تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَقِيلَ يُبَاعُ مِنْ شَافِعِيٍّ) ؛ لِأَنَّهُ يَرَى أَنَّ الْمَاءَ لَا يُنَجَّسُ إذَا بَلَغَ قُلَّتَيْنِ، لَكِنْ فِي الذَّخِيرَةِ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ لَا يُطْعَمُ بَنِي آدَمَ. اهـ. وَلِهَذَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِقِيلَ وَجَزَمَ بِالْأَوَّلِ كَصَاحِبِ الْبَدَائِعِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ فِي اعْتِقَادِ الْحَنَفِيِّ نَجِسٌ، وَلَا يُنْظَرُ إلَى اعْتِقَادِ غَيْرِهِ، وَلِذَا لَوْ اسْتَفْتَاهُ عَنْهُ لَا يُفْتِيهِ إلَّا بِمَا يَعْتَقِدُهُ (قَوْلُهُ أَمَّا فِي حَقِّ غَيْرِهِ) أَيْ غَيْرِ مَا ذَكَرَ مِنْ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَالْعَجِينِ (قَوْلُهُ فَيُحْكَمُ بِنَجَاسَتِهِ) الْأَوْلَى بِنَجَاسَتِهَا أَيْ الْبِئْرِ كَمَا عَبَّرَ فِي الْبَحْرِ وَقَوْلُهُ فِي الْحَالِ: أَيْ حَالِ وُجُودِ الْفَأْرَةِ مَثَلًا، لَا مِنْ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ وَلَا مِنْ وَقْتِ غَسْلِ الثِّيَابِ، وَلِهَذَا قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: أَيْ مِنْ غَيْرِ إسْنَادٍ؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ وُجُودِ النَّجَاسَةِ فِي الثَّوْبِ، حَتَّى إذَا كَانُوا غَسَلُوا الثِّيَابَ بِمَائِهَا لَمْ يَلْزَمْهُمْ إلَّا غَسْلُهَا فِي الصَّحِيحِ. اهـ وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْمُحِيطِ أَيْضًا.

وَاعْتَرَضَهُ بَعْضُ مُحَشِّي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ بِأَنَّهُ إذَا حُكِمَ بِنَجَاسَةِ الْبِئْرِ فِي الْحَالِ يَلْزَمُ أَنْ لَا تَتَنَجَّسَ الثِّيَابُ الَّتِي غُسِلَتْ بِمَائِهَا قَبْلَهُ، فَلَا يَلْزَمُ غَسْلُهَا فَلَا مَعْنَى لِقَوْلِهِ لَا يَلْزَمُ إلَّا غَسْلُهَا. اهـ وَكَذَا اعْتَرَضَهُ فِي الْحِلْيَةِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إذَا لَزِمَ غَسْلُ الثِّيَابِ لِكَوْنِهَا، غُسِلَتْ بِمَاءِ هَذَا الْبِئْرِ فَكَيْفَ لَمْ يَحْكُمْ عَلَى الثِّيَابِ بِالنَّجَاسَةِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ غَسْلِهَا الْمُتَيَقَّنِ حُصُولُهُ قَبْلَ وُجُودِ الْفَأْرَةِ، وَإِنَّمَا اقْتَصَرَ عَلَى وَقْتِ وُجُودِهَا مَعَ أَنَّهُ لَا يَتَّجِهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ؛ لِأَنَّهُ يُوجِبُ مَعَ الْغَسْلِ الْإِعَادَةَ، وَلَا عَلَى قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُمَا لَا يُوجِبَانِ غَسْلَ الثَّوْبِ أَصْلًا. اهـ. وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِمَا.

وَأَقُولُ - وَبِاَللَّهِ تَعَالَى التَّوْفِيقُ -: مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ مُخَالِفٌ لِإِطْلَاقِ الْمُتُونِ قَاطِبَةً، فَإِنَّهُمْ حَكَمُوا بِالنَّجَاسَةِ وَلَمْ يُفَصِّلُوا بَيْنَ الْوُضُوءِ وَالثَّوْبِ. وَفِي الْهِدَايَةِ وَمُخْتَصَرِ الْقُدُورِيِّ: أَعَادُوا صَلَاةَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ إذَا كَانُوا تَوَضَّئُوا مِنْهَا وَغَسَلُوا كُلَّ شَيْءٍ أَصَابَهُ مَاؤُهَا. اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِقَاضِي خَانْ: إنْ كَانَتْ مُنْتَفِخَةً أَعَادُوا صَلَاةَ ثَلَاثَةِ أَيَّامٍ وَلَيَالِيِهَا، وَمَا أَصَابَ الثَّوْبَ مِنْهُ فِي الثَّلَاثَةِ أَفْسَدَهُ، وَإِنْ عُجِنَ مِنْهُ لَمْ يُؤْكَلْ خُبْزُهُ. اهـ وَمِثْلُهُ فِي الْمُنْيَةِ وَشَرْحِهَا. ثُمَّ رَأَيْت بَعْضَ مُحَشِّي صَدْرِ الشَّرِيعَةِ نَقَلَ مَا نَقَلْنَاهُ قَالَ إنَّهُ الْمَذْكُورُ فِي إعْلَامِ الْمُعْتَبَرَاتِ وَالْمَشْهُورُ فِي الرِّوَايَةِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ. اهـ. فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ الصَّوَابَ عَدَمُ الِاقْتِصَارِ عَلَى الْحَالِ وَبِهِ يَزُولُ الْإِشْكَالُ، نَعَمْ أَشَارَ فِي الدُّرَرِ إلَى أَنَّ مَا قَالَهُ الزَّيْلَعِيُّ مُلَفَّقٌ مِنْ قَوْلِ الْإِمَامِ وَقَوْلِهِمَا حَيْثُ قَالَ بَعْدَ نَقْلِهِ كَلَامَ الزَّيْلَعِيِّ: يُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ فِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ أَنَّ الصَّبَّاغِيَّ كَانَ يُفْتِي بِهَذَا انْتَهَى

ص: 218