المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[شروط المسح على الخفين] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ١

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌أَرْكَانُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَنُ الْوُضُوء]

- ‌فَرْضُ الْغُسْلِ)

- ‌[فُرُوعٌ فِي الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْلِ]

- ‌بَابُ الْمِيَاهِ

- ‌[الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[فَرْعٌ مُحْدِثٍ انْغَمَسَ فِي بِئْرٍ لِدَلْوٍ وَلَا نَجَسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْوِ وَلَمْ يَتَدَلَّكْ]

- ‌[فَرْعٌ] مَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَسِنْجَابٍ إنْ عَلِمَ دَبْغَهُ بِطَاهِرٍ

- ‌[فُرُوعٌ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْبِئْرِ

- ‌[فَرْعٌ] وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ مَنِيًّا أَوْ بَوْلًا أَوْ دَمًا

- ‌[فَرْعٌ الْبُعْدُ الْمَانِعُ مِنْ وُصُولِ نَجَاسَةِ الْبَالُوعَةِ إلَى الْبِئْرِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم وَشُرُوطه]

- ‌[سُنَنُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فُرُوعٌ] صَلَّى الْمَحْبُوسُ بِالتَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ نَوَاقِضُ الْمَسْحِ]

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمَعْذُورِ]

- ‌بَابُ الْأَنْجَاسِ

- ‌فَصْلُ الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الِاسْتِبْرَاء]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ الْأَذَانِ

- ‌[فَائِدَةٌ] التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْأَذَانِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّيَّةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[مَطْلَبٌ قَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الرُّكْنَ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ]

- ‌[وَاجِبَات الصَّلَاة]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان تَأْلِيف الصَّلَاة إلَى انتهائها]

- ‌[فُرُوعٌ] كَبَّرَ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَكْبِيرِ إمَامِهِ

- ‌[فُرُوعٌ] قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَة]

- ‌فُرُوعٌ] يَجِبُ الِاسْتِمَاعُ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا

- ‌بَابُ الْإِمَامَةِ

- ‌[فُرُوعٌ اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَمَنْ يَرَى الْوِتْرَ وَاجِبًا بِمَنْ يَرَاهُ سُنَّةً]

- ‌بَابُ الِاسْتِخْلَافِ

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا

- ‌[فُرُوعٌ سَمِعَ المصلي اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جل جلاله أَوْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فُرُوعٌ مَشَى المصلي مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاته]

- ‌[فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِتَكْلِيمِ الْمُصَلِّي وَإِجَابَتِهِ بِرَأْسِهِ

- ‌فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ الْمِسْبَحَةِ لِغَيْرِ رِيَاءٍ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتِمَالُ الصَّلَاة عَلَى الصَّمَّاءِ وَالِاعْتِجَارُ وَالتَّلَثُّمُ وَالتَّنَخُّمُ وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[فُرُوعٌ]أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ

الفصل: ‌[شروط المسح على الخفين]

(مَنْ بِهِ وَجَعُ رَأْسٍ لَا يَسْتَطِيعُ مَعَهُ مَسْحَهُ) مُحْدِثًا وَلَا غَسْلَهُ جُنُبًا فَفِي الْفَيْضِ عَنْ غَرِيبِ الرِّوَايَةِ يَتَيَمَّمُ، وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ أَنَّهُ (يَسْقُطُ) عَنْهُ (فَرْضُ مَسْحِهِ) وَلَوْ عَلَيْهِ جَبِيرَةٌ، فَفِي مَسْحِهَا قَوْلَانِ، وَكَذَا يَسْقُطُ غَسْلُهُ فَيَمْسَحُهُ وَلَوْ عَلَى جَبِيرَةٍ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ، وَإِلَّا سَقَطَ أَصْلًا وَجُعِلَ عَادِمًا لِذَلِكَ الْعُضْوِ حُكْمًا كَمَا فِي الْمَعْدُومِ حَقِيقَةً.

‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

ــ

[رد المحتار]

فِي شَرْحِهِ عَلَى الْكَنْزِ جُمْلَةً: مِنْهَا: الْقِصَاصُ مَعَ الدِّيَةِ وَأَجْرُ الْقِسْمَةِ مَعَ نَصِيبِهِ، فَمَنْ يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عَلَى قِسْمَةِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ لَهُ نَصِيبٌ مِنْهَا وَبِالْعَكْسِ. وَالظُّهْرُ مَعَ الْجُمُعَةِ، فَمَنْ كَانَ الْوَاجِبُ عَلَيْهِ الظُّهْرَ كَالْمُسَافِرِ لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْجُمُعَةُ وَكَذَا بِالْعَكْسِ. وَالشَّهَادَةُ مَعَ الْيَمِينِ، فَمَتَى لَزِمَ أَحَدَ الْخَصْمَيْنِ الْبَيِّنَةُ لَا يَلْزَمُ الْآخَرَ الْيَمِينُ وَبِالْعَكْسِ تَأَمَّلْ. وَأَمَّا مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَيُتَصَوَّرُ فِيمَا إذَا ادَّعَى وَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ فَلَا يَحْلِفُ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، وَكَذَا لَا يَحْلِفُ الشُّهُودُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ، وَفِيمَا إذَا أَقَامَ شَاهِدًا وَاحِدًا وَحَلَفَ فَلَا يُقْبَلُ شَاهِدٌ وَيَمِينٌ عِنْدَنَا.

وَمِنْهَا: النِّكَاحُ مَعَ مِلْكِ الْيَمِينِ، فَمَنْ كَانَ يَطَأُ بِالنِّكَاحِ لَا يُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَالِكًا لِلرَّقَبَةِ وَبِالْعَكْسِ إلَّا أَنْ يَعْقِدَ عَلَى أَمَتِهِ لِلِاحْتِيَاطِ، وَالْأَجْرُ مَعَ الشَّرِكَةِ فِي حَمْلِ الْمُشْتَرَكِ نَظِيرَ أُجْرَةِ الْقِسْمَةِ، وَالْحَدُّ مَعَ قِيمَةِ أَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ زَنَى بِهَا فَقَتَلَهَا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ. وَأَمَّا عِنْدَهُمَا فَيَجِبُ الْحَدُّ بِالزِّنَا وَالْقِيمَةُ بِالْقَتْلِ، وَهُوَ مَا مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِي الْحُدُودِ، وَالْحَدُّ مَعَ قِيمَةِ إفْضَاءِ أَمَةٍ مَمْلُوكَةٍ زَنَى بِهَا فَأَفْضَاهَا فِي بَعْضِ الصُّوَرِ عَلَى مَا سَيَأْتِي تَفْصِيلُهُ فِي الْحُدُودِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ الْوَطْءُ بِشُبْهَةٍ، فَلَوْ كَانَ بِشُبْهَةٍ لَا حَدَّ بَلْ تَجِبُ الْقِيمَةُ فِي الصُّورَتَيْنِ.

وَمِنْهَا: الْقِيمَةُ مَعَ الثَّمَنِ، فَإِنَّ الْبَيْعَ لَوْ صَحِيحًا وَجَبَ الثَّمَنُ، وَلَوْ فَاسِدًا وَتَعَذَّرَ رَدُّهُ عَلَى الْبَائِعِ وَجَبَتْ قِيمَتُهُ وَالْحَدُّ مَعَ اللِّعَانِ وَأَجْرُ نَظَرِ النَّاظِرِ إذَا عَمِلَ مَعَ الْعَمَلَةِ فِي الدَّارِ الْمَوْقُوفَةِ فَإِنَّ لَهُ أَجْرَ الْعَمَلِ لَا النِّظَارَةِ. اهـ ح مُوَضِّحًا، فَهَذِهِ أَحَدَ عَشَرَ مَوْضِعًا وَاَلَّذِي فِي الشَّرْحِ ثَلَاثَةٌ وَعِشْرُونَ فَالْمَجْمُوعُ أَرْبَعَةٌ وَثَلَاثُونَ.

أَقُولُ: وَزِدْت الرَّهْنَ مَعَ الْإِجَارَةِ فِيمَا إذَا رَهَنَ شَيْئًا ثُمَّ آجَرَهُ أَوْ بِالْعَكْسِ أَوْ مَعَ الْإِعَارَةِ كَذَلِكَ، وَالْمُسَاقَاةُ مَعَ الشَّرِكَةِ، وَالْغَسْلُ مَعَ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ فِي إحْدَى الرِّجْلَيْنِ، وَالْحَجُّ مَعَ الْعُمْرَةِ لِلْمَكِّيِّ، وَالنِّكَاحُ مَعَ أُجْرَةِ الرَّضَاعِ، ثُمَّ رَأَيْت الشُّرُنْبُلَالِيُّ زَادَ فِي الْإِمْدَادِ الْقَتْلَ مَعَ الْوَصِيَّةِ أَوْ مَعَ الْمِيرَاثِ وَخَرْقُ خُفٍّ مَعَ آخَرَ، وَالتَّتَبُّعُ يَنْفِي الْحَصْرَ (قَوْلُهُ مُحْدِثًا) حَالٌ مِنْ فَاعِلِ يَسْتَطِيعُ (قَوْلُهُ وَأَفْتَى قَارِئُ الْهِدَايَةِ إلَخْ) هُوَ الْعَلَّامَةُ سِرَاجُ الدِّينِ شَيْخُ الْمُحَقِّقِ ابْنِ هُمَامٍ، وَمَا أَفْتَى بِهِ نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْجَلَّابِيِّ، وَنَظَّمَهُ الْعَلَّامَةُ ابْنُ الشِّحْنَةِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْوَهْبَانِيَّةِ وَقَالَ إنَّهَا مُهِمَّةٌ نَظَمْتهَا لِغَرَابَتِهَا وَعَدَمِ وُجُودِهَا فِي غَالِبِ الْكُتُبِ (قَوْلُهُ قَوْلَانِ) ذَكَرَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْبَدَائِعِ مَا يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْوُجُوبِ، وَقَالَ: وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ. اهـ بَلْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالصَّوَابُ الْوُجُوبُ وَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي آخِرِ الْبَابِ الْآتِي (قَوْلُهُ وَكَذَا يَسْقُطُ غَسْلُهُ) أَيْ غَسْلُ الرَّأْسِ مِنْ الْجَنَابَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَى جَبِيرَةٍ) وَيَجِبُ شَدُّهَا إنْ لَمْ تَكُنْ مَشْدُودَةً ط أَيْ إنْ أَمْكَنَهُ (قَوْلُهُ وَإِلَّا) أَيْ بِأَنْ ضَرَّهُ الْمَسْحُ عَلَيْهَا، وَاَللَّهُ سبحانه وتعالى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ]

[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ تَرْجَمَ بِهِ مَعَ أَنَّهُ زَادَ عَلَيْهِ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ، وَلَا عَيْبَ فِيهِ بَلْ الْمَعِيبُ لَوْ تَرْجَمَ لِشَيْءٍ وَنَقَصَ عَنْهُ، وَثَنَّى الْخُفَّ؛ لِأَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى خُفٍّ وَاحِدٍ بِلَا عُذْرٍ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ. إنَّمَا سُمِّيَ خُفًّا لِخِفَّةِ الْحُكْمِ بِهِ مِنْ الْغُسْلِ إلَى الْمَسْحِ.

ص: 260

أَخَّرَهُ لِثُبُوتِهِ بِالسُّنَّةِ. وَهُوَ لُغَةً إمْرَارُ الْيَدِ عَلَى الشَّيْءِ. وَشَرْعًا إصَابَةُ الْبِلَّةِ لِخُفٍّ مَخْصُوصٍ فِي زَمَنٍ مَخْصُوصٍ وَالْخُفُّ شَرْعًا: السَّاتِرُ لِلْكَعْبَيْنِ فَأَكْثَرَ مِنْ جِلْدٍ وَنَحْوِهِ.

(شَرْطُ مَسْحِهِ) ثَلَاثَةُ أُمُورٍ: الْأَوَّلُ (كَوْنُهُ سَاتِرَ) مَحَلِّ فَرْضِ الْغُسْلِ (الْقَدَمِ مَعَ الْكَعْبِ) أَوْ يَكُونَ نُقْصَانُهُ أَقَلَّ مِنْ الْخَرْقِ الْمَانِعِ، فَيَجُوزُ عَلَى الزُّرْبُولِ لَوْ مَشْدُودًا إلَّا أَنْ يَظْهَرَ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ،

ــ

[رد المحتار]

أَقُولُ فِيهِ: إنَّهُ مَوْضُوعٌ لُغَوِيٌّ قَبْلَ وُرُودِ الشَّرْعِ. وَقَدْ نَقَلَ الرَّمْلِيُّ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَيْهِ مِنْ خَصَائِصِ هَذِهِ الْأُمَّةِ فَكَيْفَ يُعَلَّلُ بِهِ لِلْوَضْعِ السَّابِقِ عَلَيْهِ؟ إلَّا أَنْ يُجَابَ بِأَنَّ الْوَاضِعَ هُوَ اللَّهُ تَعَالَى كَمَا هُوَ قَوْلُ الْأَشْعَرِيِّ، وَهُوَ تَعَالَى عَالِمٌ بِمَا يُشَرِّعُهُ عَلَى لِسَانِ نَبِيِّهِ صلى الله عليه وسلم تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ أَخَّرَهُ) أَيْ عَنْ التَّيَمُّمِ لِثُبُوتِهِ بِالسُّنَّةِ فَقَطْ عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا سَيَأْتِي. وَالتَّيَمُّمُ ثَابِتٌ بِالْكِتَابِ كَمَا مَرَّ، وَبِالسُّنَّةِ أَيْضًا فَكَانَ أَوْلَى بِالتَّقْدِيمِ وَإِنْ اشْتَرَكَا فِي التَّرَخُّصِ بِهِمَا. وَأَيْضًا التَّيَمُّمُ بَدَلٌ عَنْ الْكُلِّ وَهَذَا عَنْ الْبَعْضِ.

ثُمَّ إنَّ إبْدَاءَ الشَّارِحِ نُكْتَةَ التَّأْخِيرِ لِلتَّذْكِيرِ وَإِلَّا فَيَكْفِي مَا مَرَّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ بَيَّنَ وَجْهَ تَأْخِيرِ التَّيَمُّمِ عَمَّا قَبْلَهُ، وَيُعْلَمُ مِنْهُ وَجْهُ تَأْخِيرِ الْمَسْحِ عَنْهُ فَتَدَبَّرْ، نَعَمْ يَحْتَاجُ إلَى إبْدَاءِ وَجْهِ ذِكْرِهِ عَقِبَهُ بِلَا فَاصِلٍ، وَهُوَ أَنَّ كُلًّا مِنْهُمَا شُرِعَ رُخْصَةً وَمُوَقَّتًا وَمَسْحًا وَبَدَلًا (قَوْلُهُ وَهُوَ لُغَةً) الضَّمِيرُ رَاجِعٌ إلَى الْمَسْحِ فَقَطْ، وَبِاعْتِبَارِ تَسَلُّطِهِ عَلَى قَوْلِهِ وَشَرْعًا رَاجِعٌ إلَى الْمَسْحِ الْمُقَيَّدِ بِالْجَارِّ عَلَى طَرِيقَةِ شَبَهِ الِاسْتِخْدَامِ؛ فَإِنَّ الْمَسْحَ مِنْ حَيْثُ هُوَ غَيْرُهُ مِنْ حَيْثُ الْقَيْدُ، أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ إصَابَةُ الْبِلَّةِ) بِكَسْرِ الْبَاءِ: أَيْ النَّدْوَةِ قَامُوسٌ، وَشَمِلَ مَا لَوْ كَانَتْ بِيَدٍ أَوْ غَيْرِهَا كَمَطَرٍ. وَفِي الْمُنْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ: لَوْ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ بِبِلَّةٍ بَقِيَتْ عَلَى كَفَّيْهِ بَعْدَ الْغُسْلِ يَجُوزُ، وَلَوْ مَسَحَ رَأْسَهُ ثُمَّ مَسَحَ خُفَّيْهِ بِبِلَّةٍ بَقِيَتْ بَعْدَ الْمَسْحِ لَا يَجُوزُ. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُسْتَعْمَلَ فِي الْأُولَى مَا سَالَ عَلَى الْعُضْوِ وَانْفَصَلَ، وَفِي الثَّانِيَةِ مَا أَصَابَ الْمَمْسُوحَ وَهُوَ بَاقٍ فِي الْكَفِّ (قَوْلُهُ لِخُفٍّ مَخْصُوصٍ) اللَّامُ زَائِدَةٌ لِتَقْوِيَةِ الْعَامِلِ لِضَعْفِهِ بِكَوْنِهِ فَرْعًا عَنْ الْفِعْلِ فِي الْعَمَلِ، وَالْخُفُّ الْمَخْصُوصُ مَا فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ (قَوْلُهُ فِي زَمَنٍ مَخْصُوصٍ) وَهُوَ يَوْمٌ وَلَيْلَةٌ لِلْمُقِيمِ وَثَلَاثَةُ أَيَّامٍ بِلَيَالِيِهَا لِلْمُسَافِرِ، وَيُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ زِيَادَةٌ فِي مَحَلٍّ مَخْصُوصٍ، وَالْمُرَادُ بِهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى ظَاهِرِهِمَا ط (قَوْلُهُ فَأَكْثَرَ) أَيْ مِمَّا فَوْقَهُمَا مِنْ السَّاقِ، وَلَا حَاجَةَ إلَيْهِ؛ لِأَنَّهُ خَارِجٌ عَنْ مُسَمَّى الْخُفِّ الشَّرْعِيِّ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَنَحْوِهِ) أَيْ مِمَّا اجْتَمَعَ فِيهِ الشُّرُوطُ الْآتِيَةُ ط (قَوْلُهُ شَرْطُ مَسْحِهِ) أَيْ مَسْحِ الْخُفِّ الْمَفْهُومِ مِنْ الْخُفَّيْنِ؛ وَأَلْ فِيهِ لِلْجِنْسِ الصَّادِقِ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ، وَلَمْ يَقُلْ مَسْحِهِمَا؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ وَاحِدًا لِذِي رِجْلٍ وَاحِدَةٍ (قَوْلُهُ ثَلَاثَةُ أُمُورٍ إلَخْ) زَادَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ: لُبْسَهُمَا عَلَى طَهَارَةٍ، وَخُلُوُّ كُلٍّ مِنْهُمَا عَنْ الْخَرْقِ الْمَانِعِ، وَاسْتِمْسَاكَهُمَا عَلَى الرِّجْلَيْنِ مِنْ غَيْرِ شَدٍّ، وَمَنْعَهُمَا وُصُولَ الْمَاءِ إلَى الرِّجْلِ، وَأَنْ يَبْقَى مِنْ الْقَدَمِ قَدْرَ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ. اهـ.

قُلْت: وَيُزَادُ كَوْنُ الطَّهَارَةِ الْمَذْكُورَةِ غَيْرَ التَّيَمُّمِ، وَكَوْنُ الْمَاسِحِ غَيْرَ جُنُبٍ وَسَيَأْتِي بَيَانُ جَمِيعِ ذَلِكَ فِي مَحَالِّهِ (قَوْلُهُ الْقَدَمِ) بَدَلٌ مِنْ مَحَلٍّ ح (قَوْلُهُ أَوْ يَكُونَ) مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُقَدَّرَةٍ وَالْمُنْسَبِكُ مَعْطُوفٌ عَلَى كَوْنِ الْأَوَّلِ ط فَهُوَ نَظِيرُ قَوْله تَعَالَى {أَوْ يُرْسِلَ رَسُولا} [الشورى: 51] (قَوْلُهُ نُقْصَانُهُ) أَيْ نُقْصَانُ الْخُفِّ الْوَاحِدِ لَوْ كَانَ وَاحِدًا أَوْ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الِاثْنَيْنِ قَالَ ط: فَلَا يُعْتَبَرُ الْمُجْتَمِعُ مِنْهُمَا (قَوْلُهُ الْخَرْقُ) بِالضَّمِّ: الْمَوْضِعُ الْمَقْطُوعُ، وَبِالْفَتْحِ الْمَصْدَرُ ح. وَالْأَظْهَرُ إرَادَةُ الْأَوَّلِ ط (قَوْلُهُ فَيَجُوزُ عَلَى الزُّرْبُولِ) بِفَتْحِ الزَّايِ وَسُكُونِ الرَّاءِ: هُوَ فِي عُرْفِ أَهْلِ الشَّامِ مَا يُسَمَّى مَرْكُوبًا فِي عُرْفِ أَهْلِ مِصْرَ. اهـ ح وَهَذَا تَفْرِيعٌ عَلَى مَا فُهِمَ مِمَّا قَبْلَهُ مِنْ أَنَّ النُّقْصَانَ عَنْ الْقَدْرِ الْمَانِعِ لَا يَضُرُّهُ ط (قَوْلُهُ لَوْ مَشْدُودًا) ؛ لِأَنَّ شَدَّهُ بِمَنْزِلِهِ الْخِيَاطَةِ وَهُوَ مُسْتَمْسِكٌ بِنَفْسِهِ بَعْدَ الشَّدِّ كَالْخُفِّ الْمَخِيطِ بَعْضُهُ بِبَعْضٍ فَافْهَمْ: وَفِي الْبَحْرِ

ص: 261

وَجَوَّزَ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ سَتْرَ الْكَعْبَيْنِ بِاللِّفَافَةِ.

(وَ) الثَّانِي (كَوْنُهُ مَشْغُولًا بِالرِّجْلِ) لِيَمْنَعَ سِرَايَةَ الْحَدَثِ، فَلَوْ وَاسِعًا فَمَسَحَ عَلَى الزَّائِدِ وَلَمْ يُقَدِّمْ قَدَمَهُ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَلَا يَضُرُّ رُؤْيَةُ رِجْلِهِ مِنْ أَعْلَاهُ.

ــ

[رد المحتار]

عَنْ الْمِعْرَاجِ: وَيَجُوزُ عَلَى الْجَارُوقِ الْمَشْقُوقِ عَلَى ظَهْرِ الْقَدَمِ وَلَهُ أَزْرَارٌ يَشُدُّهَا عَلَيْهِ تَسُدُّهُ؛ لِأَنَّهُ كَغَيْرِ الْمَشْقُوقِ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْ ظَهْرِ الْقَدَمِ شَيْءٌ فَهُوَ كَخُرُوقِ الْخُفِّ. اهـ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ الْخُفُّ الَّذِي يَلْبَسُهُ الْأَتْرَاكُ فِي زَمَانِنَا (قَوْلُهُ وَجَوَّزَ إلَخْ) فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ الْمَسْحُ عَلَى الْجَارُوقِ إنْ كَانَ يَسْتُرُ الْقَدَمَ وَلَا يُرَى مِنْهُ وَلَا مِنْ الْكَعْبِ إلَّا قَدْرُ أُصْبُعٍ أَوْ أُصْبُعَيْنِ يَجُوزُ، وَإِلَّا يَكُنْ كَذَلِكَ وَلَكِنْ سَتَرَ الْقَدَمَ بِجِلْدٍ، إنْ كَانَ الْجَلْدُ مُتَّصِلًا بِالْجَارُوقِ بِالْخَرَزِ جَازَ أَيْضًا، وَإِنْ شُدَّ بِشَيْءٍ فَلَا، وَلَوْ سَتَرَ الْقَدَمَ بِاللِّفَافَةِ جَوَّزَهُ مَشَايِخُ سَمَرْقَنْدَ وَلَمْ يُجَوِّزْهُ مَشَايِخُ بُخَارَى. اهـ.

قَالَ ح: وَالْحَقُّ مَا عَلَيْهِ مَشَايِخُ بُخَارَى؛ لِأَنَّ الْمَذْهَبَ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ الَّذِي لَا يَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ إلَّا إذَا خِيطَ بِهِ ثَخِينٌ كَجُوخٍ كَمَا ذَكَرَهُ فِي الْإِمْدَادِ، فَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ ضَعِيفٌ. اهـ. أَقُولُ: أَيْ؛ لِأَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ اللِّفَافَةِ أَنَّهَا مَا يُلَفُّ عَلَى الرِّجْلِ غَيْرَ مَخْرُوزٍ بِالْخُفِّ، فَيَكُونُ حُكْمُهَا حُكْمَ الرِّجْلِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً بِالْخُفِّ فَتَكُونُ تَبَعًا لَهُ كَبِطَانَتِهِ.

وَإِذَا حُمِلَ كَلَامُ السَّمرْقَنْديِّين نَ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ مُتَّصِلَةً فَلَا نُسَلِّمُ أَنَّهُ ضَعِيفٌ، لِمَا فِي الْبَحْرِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِمَا: لَوْ انْكَشَفَتْ الظِّهَارَةُ وَفِي دَاخِلِهَا بِطَانَةٌ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٌ مَخْرُوزَةٌ بِالْخُفِّ لَا يُمْنَعُ. اهـ وَهَذَا إذَا بَلَغَ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ وَكَأَنَّهُ لَمْ يُقَيِّدْ بِهِ لِلْعِلْمِ بِهِ كَذَا فِي الْحِلْيَةِ.

وَفِي الْمُجْتَبَى إذَا بَدَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ بِطَانَةٍ الْخُفِّ دُونَ الرِّجْلِ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو جَعْفَرٍ: الْأَصَحُّ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عِنْدَ الْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ كَالْجَوْرَبِ الْمُنْعَلِ. اهـ.

وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الْكَبِيرِ بَعْدَ كَلَامٍ طَوِيلٍ قَالَ: عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ مَا يُعْمَلُ مِنْ الْجُوخِ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ لَوْ كَانَ ثَخِينًا بِحَيْثُ يُمْكِنُ أَنْ يَمْشِيَ مَعَهُ فَرْسَخًا مِنْ غَيْرِ تَجْلِيدٍ وَلَا تَنْعِيلٍ، وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَمَعَ التَّجْلِيدِ أَوْ التَّنْعِيلِ، وَلَوْ كَانَ كَمَا يَزْعُمُ بَعْضُ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَسْتَوْعِبْ الْجِلْدُ جَمِيعَ مَا يَسْتُرُ الْقَدَمَ إلَى السَّاقِ لَمَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكِرْبَاسِ فَرْقٌ، وَأَطَالَ فِي تَحْقِيقِ ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ.

[تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِنْ هَذَا أَنَّ مَنْ انْفَتَقَ عَنْهُ الْخُفُّ مِنْ بِطَانَةٍ مُتَّصِلَةٍ بِهِ لَا يُشْتَرَطُ فِيهَا أَنْ تَكُونَ ثَخِينَةً بِدَلِيلِ ذِكْرِهِمْ الْخِرْقَةَ؛ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ غَالِبًا إلَّا رَقِيقَةً.

وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْمُسَمَّى فِي زَمَانِنَا بِالْقَلْشِينَ إذَا خِيطَ فَوْقَ جَوْرَبٍ رَقِيقٍ سَاتِرٍ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ جِلْدُ الْقَلْشِينَ وَاصِلًا إلَى الْكَعْبَيْنِ كَمَا هُوَ صَرِيحُ مَا نَقَلْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ.

مَطْلَبٌ فِي الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْحَنَفِيِّ الْقَصِيرِ عَنْ الْكَعْبَيْنِ إذَا خِيطَ بِالشَّخْشِيرِ وَيُعْلَمُ أَيْضًا مِمَّا نَقَلْنَاهُ جَوَازُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْحَنَفِيِّ إذَا خِيطَ بِمَا يَسْتُرُ الْكَعْبَيْنِ كَالسِّرْوَالِ الْمُسَمَّى بِالشَّخْشِيرِ كَمَا قَالَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ، وَلَهُ فِيهِ رِسَالَةٌ.

وَرَأَيْت رِسَالَةً لِلشَّارِحِ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - رَدَّ فِيهَا عَلَى مَنْ قَالَ بِالْجَوَازِ مُسْتَنِدًا فِي ذَلِكَ إلَى أَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوا جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبَيْنِ إذَا كَانَا رَقِيقَيْنِ مُنْعَلَيْنِ لِاشْتِرَاطِهِمْ إمْكَانَ السَّفَرِ، وَلَا يَتَأَتَّى فِي الرَّقِيقِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ الرَّدَّ عَلَى سَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ فَإِنَّهُ عَاصَرَهُ، فَإِنَّهُ وُلِدَ قَبْلَ وَفَاةِ الشَّارِحِ بِثَمَانِيَةٍ وَثَلَاثِينَ سَنَةً؛ وَأَنْتَ خَبِيرٌ بِالْفَرْقِ الْوَاضِحِ بَيْنَ الْجَوْرَبِ الرَّقِيقِ الْمُنْعَلِ أَسْفَلُهُ بِالْجِلْدِ وَبَيْنَ الْخُفِّ الْقَصِيرِ عَنْ الْكَعْبَيْنِ الْمَسْتُورَيْنِ بِمَا اتَّصَلَ بِهِ مِنْ الْجُوخِ الرَّقِيقِ؛ لِأَنَّهُ يُمْكِنُ فِيهِ السَّفَرُ وَإِنْ كَانَ قَصِيرًا، بِخِلَافِ الْجَوْرَبِ الْمَذْكُورِ. عَلَى أَنَّ قَوْلَ

ص: 262

(وَ) الثَّالِثُ (كَوْنُهُ مِمَّا يُمْكِنُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ) الْمُعْتَادِ (فِيهِ) فَرْسَخًا فَأَكْثَرَ

ــ

[رد المحتار]

شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَإِنْ كَانَ رَقِيقًا فَمَعَ التَّجْلِيدِ أَوْ التَّنْعِيلِ إلَخْ صَرِيحٌ فِي الْجَوَازِ عَلَى الرَّقِيقِ الْمُنْعَلِ أَوْ الْمُجَلَّدِ إذَا كَانَ النَّعْلُ أَوْ الْجِلْدُ قَوِيًّا يُمْكِنُ السَّفَرُ بِهِ.

وَيُعْلَمُ مِنْهُ الْجَوَازُ فِي مَسْأَلَةِ الْخُفِّ الْحَنَفِيِّ الْمَذْكُورَةِ بِالْأَوْلَى، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ مَذْهَبَ السَّمرْقَنْديِّين نَ إنَّمَا يُسَلَّمُ ضَعْفُهُ لَوْ كَانَتْ اللِّفَافَةُ غَيْرَ مَخْرُوزَةٍ وَإِلَّا فَلَا يُحْمَلُ كَلَامُ السَّمرْقَنْديِّين نَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ حِينَئِذٍ فِي الْمَسْأَلَةِ قَوْلَانِ، وَلَمْ نَرَ مِنْ مَشَايِخِ الْمَذْهَبِ تَرْجِيحَ أَحَدِهِمَا عَلَى الْآخَرِ، بَلْ وَجَدْنَا فُرُوعًا تُؤَيِّدُ قَوْلَ السَّمرْقَنْديِّين نَ كَمَا عَلِمْت وَسَنَذْكُرُ مَا يُؤَيِّدُهُ أَيْضًا.

ثُمَّ رَأَيْت رِسَالَةً أُخْرَى لِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ رَدَّ فِيهَا عَلَى رِسَالَةِ الشَّارِحِ وَسَمَّاهَا [الرَّدُّ الْوَفِيُّ عَلَى جَوَابِ الْحَصْكَفِيِّ فِي مَسْأَلَةِ الْخُفِّ الْحَنَفِيِّ] وَحَقَّقَ فِيهَا مَا قَالَهُ فِي رِسَالَتِهِ الْأُولَى الْمُسَمَّاةِ [بِبُغْيَةِ الْمُكْتَفِي فِي جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفِّ الْحَنَفِيّ] وَبَيَّنَ فِيهَا أَنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ الشَّارِحُ فِي رِسَالَتِهِ لَا يَدُلُّ لَهُ؛ لِأَنَّ التَّنْصِيصَ عَلَى الشَّيْءِ لَا يَنْفِي مَا عَدَاهُ، إلَى غَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَنْبَغِي مُرَاجَعَتُهُ؛ وَلَكِنْ لَا يَخْفَى أَنَّ الْوَرَعَ فِي الِاحْتِيَاطِيِّ، وَإِنَّمَا الْكَلَامُ فِي أَصْلِ الْجَوَازِ وَعَدَمِهِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ وَالثَّانِي كَوْنُهُ) أَيْ كَوْنُ الْخُفِّ، وَالْمُرَادُ مَحَلُّ الْمَسْحِ مِنْهُ كَمَا يُفِيدُهُ التَّفْرِيعُ الْآتِي (قَوْلُهُ وَلَمْ يُقَدِّمْ قَدَمَهُ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ) ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا مَسَحَ عَلَى الْمَوْضِعِ الْخَالِي مِنْ الْقَدَمِ لَمْ يَقَعْ الْمَسْحُ فِي مَحَلِّهِ وَهُوَ ظَهْرُ الْقَدَمِ كَمَا يَأْتِي فَلَمْ يَمْنَعْ سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ، فَلَوْ قَدَّمَ قَدَمَهُ إلَيْهِ وَمَسَحَ جَازَ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ: وَفِيهَا أَيْضًا: وَلَوْ أَزَالَ رِجْلَهُ مِنْ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ أَعَادَ الْمَسْحَ، وَنَقَلَهُ فِي التَّجْنِيسِ عَنْ أَبِي عَلِيٍّ الدَّقَّاقِ. ثُمَّ قَالَ: وَفِيهِ نَظَرٌ وَلَمْ يَذْكُرْ وَجْهَهُ.

قَالَ ح: وَقَدْ ذَكَرَ شَيْخُنَا السَّيِّدُ - رَحِمَهُ اللَّهُ تَعَالَى - وَجْهَهُ بِقَوْلِهِ: وَجْهُ النَّظَرِ أَنَّهُمْ اعْتَبَرُوا خُرُوجَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ مِنْ مَوْضِعٍ يُمْكِنُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ، وَهَاهُنَا وَإِنْ خَرَجَتْ مِنْ مَوْضِعٍ مَسَحَ عَلَيْهِ لَمْ تَخْرُجْ مِنْ مَوْضِعٍ يُمْكِنُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. اهـ (قَوْلُهُ وَلَا يَضُرُّ إلَخْ) الْأَوْلَى ذِكْرُهُ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى الشَّرْطِ الْأَوَّلِ كَمَا فَعَلَهُ فِي الدُّرَرِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ لِيَكُونَ إشَارَةً إلَى أَنَّ الْمُرَادَ سَتْرُهُ لِلْكَعْبَيْنِ مِنْ الْجَوَانِبِ لَا مِنْ الْأَعْلَى، وَنَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ الْخِلَافِ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِيهِ. قَالَ فِي دُرَرِ الْبِحَارِ: وَعِنْدَ أَحْمَدَ إذَا كَانَ الْخُفُّ وَاسِعًا بِحَيْثُ يُرَى الْكَعْبُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ

(قَوْلُهُ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ) بِأَنْ لَا يَكُونَ فِي غَايَةِ السُّرْعَةِ وَلَا فِي غَايَةِ الْبُطْءِ، بَلْ يَكُونَ وَسَطًا. وَنَظِيرُهُ مَا قَالُوهُ فِي السَّيْرِ الْمُعْتَادِ فِي مُدَّةِ السَّفَرِ لِقَصْرِ الصَّلَاةِ (قَوْلُهُ فَرْسَخًا فَأَكْثَرَ) تَقَدَّمَ أَنَّ الْفَرْسَخَ ثَلَاثَةُ أَمْيَالٍ اثْنَا عَشَرَ أَلْفَ خُطْوَةٍ، وَعَبَّرَ فِي السِّرَاجِ مَعْزِيًّا إلَى الْإِيضَاحِ بِمَسَافَةِ السَّفَرِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي النُّقَايَةِ. وَقَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ: أَيْ الشَّرْعِيُّ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمُحِيطِ وَيُخَالِفُهُ كَلَامُ حَاشِيَةِ الْهِدَايَةِ حَيْثُ قَالَ: مَا يُمْكِنُ الْمَشْيُ فِيهِ فَرْسَخًا فَأَكْثَرَ. اهـ.

أَقُولُ: وَيُمْكِنُ أَنْ يَكُونَ مَحْمَلُ الْقَوْلَيْنِ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالَتَيْنِ، فَفِي حَالَةِ الْإِقَامَةِ يُعْتَبَرُ الْفَرْسَخُ؛ لِأَنَّ الْمُقِيمَ لَا يَزِيدُ مَشْيُهُ عَادَةً فِي يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ عَلَى هَذَا الْمِقْدَارِ: أَيْ الْمَشْيِ لِأَجْلِ الْحَوَائِجِ الَّتِي تَلْزَمُ لِأَغْلَبِ النَّاسِ، وَفِي حَالَةِ السَّفَرِ يُعْتَبَرُ مُدَّتُهُ.

وَيَقْرُبُ مِنْهُ مَا اعْتَبَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ مِنْ التَّقْدِيرِ بِمُتَابَعَةِ الْمَشْيِ لِلْمُقِيمِ يَوْمًا وَلَيْلَةً وَلِلْمُسَافِرِ ثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيهَا اعْتِبَارًا بِمُدَّةِ الْمَسْحِ، لَكِنْ قَدْ يُقَالُ لَمَّا ثَبَتَ أَنَّ هَذَا الْخُفَّ صَالِحٌ لِلْمَسْحِ عَلَيْهِ لِلْمُقِيمِ قُطِعَ النَّظَرُ عَنْ حَالَةِ السَّفَرِ؛ لِأَنَّ الْمُسَافِرَ

ص: 263

فَلَمْ يَجُزْ عَلَى مُتَّخَذٍ مِنْ زُجَاجٍ وَخَشَبٍ أَوْ حَدِيدٍ (وَهُوَ جَائِزٌ) فَالْغُسْلُ أَفْضَلُ إلَّا لِتُهْمَةٍ فَهُوَ أَفْضَلُ، بَلْ يَنْبَغِي وُجُوبُهُ عَلَى مَنْ لَيْسَ مَعَهُ إلَّا مَا يَكْفِيهِ، أَوْ خَافَ فَوْتَ وَقْتٍ أَوْ وُقُوفِ عَرَفَةَ بَحْرٌ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ أَنَّهُ رُخْصَةٌ مُسْقِطَةٌ لِلْعَزِيمَةِ، وَلِهَذَا لَوْ صَبَّ الْمَاءَ فِي خُفِّهِ بِنِيَّةِ الْغُسْلِ يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ آثِمًا

ــ

[رد المحتار]

فِي الْغَالِبِ يَكُونُ رَاكِبًا وَلَا يَزِيدُ مَشْيُهُ غَالِبًا عَلَى مِقْدَارِ الْفَرْسَخِ فَالْأَظْهَرُ اعْتِبَارُ الْفَرْسَخِ فِي حَقِّهِمَا، وَمَحْمَلُ قَوْلِ مَنْ قَالَ مَسَافَةُ السَّفَرِ عَلَى السَّفَرِ اللُّغَوِيِّ دُونَ الشَّرْعِيِّ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ كَلَامُ الْقُهُسْتَانِيِّ السَّابِقِ تَأَمَّلْ.

[تَنْبِيهٌ] الْمُتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِهِمْ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ صُلُوحِهِ لِقَطْعِ الْمَسَافَةِ أَنْ يَصْلُحَ لِذَلِكَ بِنَفْسِهِ مِنْ غَيْرِ لُبْسِ الْمَدَاسِ فَوْقَهُ فَإِنَّهُ قَدْ يَرِقُّ أَسْفَلُهُ وَيَمْشِي بِهِ فَوْقَ الْمَدَاسِ أَيَّامًا وَهُوَ بِحَيْثُ لَوْ مَشَى بِهِ وَحْدَهُ فَرْسَخًا تَخَرَّقَ قَدْرُ الْمَانِعِ، فَعَلَى الشَّخْصِ أَنْ يَتَفَقَّدَهُ وَيَعْمَلَ بِهِ بِغَلَبَةِ ظَنِّهِ.

وَقَدْ وَقَعَ اضْطِرَابٌ بَيْنَ بَعْضِ الْعَصْرِيِّينَ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ وَالظَّاهِرُ مَا قَدَّمْته وَهُوَ الْأَحْوَطُ أَيْضًا، وَقَدْ تَأَيَّدَ ذَلِكَ عِنْدِي بِرُؤْيَا رَأَيْت فِيهَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بَعْدَ تَحْرِيرِ هَذَا الْمَحَلِّ بِأَيَّامٍ فَسَأَلْته عَنْ ذَلِكَ، فَأَجَابَنِي صلى الله عليه وسلم بِأَنَّهُ إذَا رَقَّ الْخُفُّ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مُنِعَ الْمَسْحُ، وَكَانَ ذَلِكَ فِي ذِي الْقِعْدَةِ سَنَةَ 1234 - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - ثُمَّ رَأَيْت التَّصْرِيحَ بِذَلِكَ فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ

(قَوْلُهُ فَلَمْ يَجُزْ إلَخْ) وَكَذَا لَوْ لَفَّ عَلَى رِجْلِهِ خِرْقَةً ضَعِيفَةً لَمْ يَجُزْ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّهُ لَا تَنْقَطِعُ بِهِ مَسَافَةُ السَّفَرِ. اهـ سِرَاجٌ عَنْ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ فَالْغَسْلُ أَفْضَلُ) وَجْهُ التَّفْرِيعِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ الْمَسْحُ أَفْضَلَ لَكَانَ الْمُنَاسِبُ أَنْ يَقُولَ وَهُوَ مُسْتَحَبٌّ، فَعُدُولُهُ إلَى قَوْلِهِ هُوَ جَائِزٌ يُفِيدُ أَنَّ الْغَسْلَ أَفْضَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ أَشَقُّ عَلَى الْبَدَنِ (قَوْلُهُ إلَّا لِتُهْمَةٍ) أَيْ لِنَفْيِهَا عَنْهُ؛ لِأَنَّ الرَّوَافِضَ وَالْخَوَارِجَ لَا يَرَوْنَهُ، وَإِنَّمَا يَرَوْنَ الْمَسْحَ عَلَى الرِّجْلِ، فَإِذَا مُسِحَ الْخُفُّ انْتَفَتْ التُّهْمَةُ، بِخِلَافِ مَا إذَا غُسِلَ فَإِنَّ الرَّوَافِضَ قَدْ يَغْسِلُونَ تَقِيَّةً وَيَجْعَلُونَ الْغَسْلَ قَائِمًا مَقَامَ الْمَسْحِ فَيَشْتَبِهُ الْحَالُ فِي الْغَسْلِ فَيُتَّهَمُ أَفَادَهُ ح.

ثُمَّ إنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ نَقَلَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْكَرْمَانِيِّ، ثُمَّ قَالَ: لَكِنْ فِي الْمُضْمَرَاتِ وَغَيْرِهِ أَنَّ الْغَسْلَ أَفْضَلُ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الزَّاهِدِيِّ. اهـ.

وَفِي الْبَحْرِ عَنْ التَّوْشِيحِ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا، وَبِهِ قَالَ الشَّافِعِيُّ وَمَالِكٌ: وَقَالَ الرُّسْتُغْفَنِيُّ مِنْ أَصْحَابِنَا: الْمَسْحُ أَفْضَلُ، وَهُوَ أَصَحُّ الرِّوَايَتَيْنِ عَنْ أَحْمَدَ، إمَّا لِنَفْيِ التُّهْمَةِ، أَوْ لِلْعَمَلِ بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ، وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ بَلْ يَنْبَغِي إلَخْ) أَصْلُ الْبَحْثِ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، فَإِنَّهُ نَقَلَ ذَلِكَ عَنْ كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ، ثُمَّ قَالَ: وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهُ (قَوْلُهُ إلَّا مَا يَكْفِيهِ) أَيْ يَكْفِي الْمَسْحَ فَقَطْ، بِأَنْ كَانَ لَوْ غَسَلَ بِهِ رِجْلَيْهِ لَا يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ، وَلَوْ تَوَضَّأَ بِهِ وَمَسَحَ كَفَاهُ (قَوْلُهُ أَوْ خَافَ) عَطْفٌ عَلَى صِلَةِ مَنْ (قَوْلُهُ أَوْ وُقُوفِ) أَيْ إنَّهُ إذَا غَسَلَ رِجْلَيْهِ يُدْرِكُ الصَّلَاةَ، لَكِنْ يَخَافُ فَوْتَ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ، وَإِذَا مَسَحَ يُدْرِكُهَا جَمِيعًا يَجِبُ الْمَسْحُ، بَلْ لَوْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى فَاتَهُ الْوُقُوفُ قَدَّمَ الْوُقُوفَ لِلْمَشَقَّةِ كَمَا فِي النَّهْرِ، لَكِنَّهُ أَحَدُ قَوْلَيْنِ حَكَاهُمَا الْعِمَادِيُّ فِي مَنَاسِكِهِ (قَوْلُهُ رُخْصَةٌ) هِيَ مَا بُنِيَ عَلَى أَعْذَارِ الْعِبَادِ، وَيُقَابِلُهَا الْعَزِيمَةُ، وَهِيَ مَا كَانَ أَصْلُهَا غَيْرَ مَبْنِيٍّ عَلَى أَعْذَارِ الْعِبَادِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ فِي تَعْرِيفِهِمَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ مُسْقِطَةٌ لِلْعَزِيمَةِ) أَيْ مُسْقِطَةٌ لِمَشْرُوعِيَّتِهَا، فَلَا تَبْقَى الْعَزِيمَةُ مَشْرُوعَةً فَإِذَا أَرَادَ تَحْصِينَ الْعَزِيمَةِ مَعَ بَقَاءِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ يَأْثَمُ، لَكِنَّهُ قَدْ لَا يَتَأَتَّى لَهُ تَحْصِيلُهَا، كَمَا إذَا نَوَى الظُّهْرَ أَرْبَعًا فِي السَّفَرِ فَإِنَّهُ لَا يَتَأَتَّى لَهُ جَعْلُ الْأَرْبَعَةِ فَرْضًا، بَلْ الْفَرْضُ الْأُولَيَانِ إذَا قَعَدَ الْقَعْدَةَ الْأُولَى، وَإِثْمُهُ حِينَئِذٍ لِبِنَاءِ النَّفْلِ عَلَى الْفَرْضِ، وَقَدْ يَتَأَتَّى لَهُ تَحْصِيلُهَا كَغَسْلِ الرِّجْلَيْنِ مَا دَامَ مُتَخَفِّفًا أَفَادَهُ ح عَنْ شَيْخِهِ السَّيِّدِ. ثُمَّ قَالَ: وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ مُسْقِطَةٌ عَنْ رُخْصَةِ التَّرْفِيهِ، فَإِنَّ الْعَزِيمَةَ تَبْقَى فِيهَا مَشْرُوعَةً مَعَ بَقَاءِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ كَالصَّوْمِ فِي السَّفَرِ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي أَنْ يَصِيرَ آثِمًا) أَيْ لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْعَزِيمَةَ لَمْ تَبْقَ مَشْرُوعَةً مَا دَامَ مُتَخَفِّفًا، بِخِلَافِ مَا إذَا نَزَعَ وَغَسَلَ لِزَوَالِ سَبَبِ الرُّخْصَةِ

ص: 264

(بِسُنَّةٍ مَشْهُورَةٍ) فَمُنْكِرُهُ مُبْتَدِعٌ، وَعَلَى رَأْيِ الثَّانِي كَافِرٌ. وَفِي التُّحْفَةِ ثُبُوتُهُ بِالْإِجْمَاعِ، بَلْ بِالتَّوَاتُرِ

ــ

[رد المحتار]

هَذَا وَقَدْ بَحَثَ الْعَلَّامَةُ الزَّيْلَعِيُّ فِي جَعْلِهِمْ الْمَسْحَ رُخْصَةَ إسْقَاطٍ بِأَنَّ الْمَنْصُوصَ عَلَيْهِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ أَنَّهُ لَوْ خَاضَ مَاءً بِخُفِّهِ فَانْغَسَلَ أَكْثَرُ قَدَمَيْهِ بَطَلَ الْمَسْحُ؛ وَكَذَا لَوْ تَكَلَّفَ غَسْلَهُمَا مِنْ غَيْرِ نَزْعٍ أَجْزَأَهُ عَنْ الْغَسْلِ حَتَّى لَا يَبْطُلَ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ، قَالَ فَعُلِمَ أَنَّ الْعَزِيمَةَ مَشْرُوعَةٌ مَعَ الْخُفِّ. اهـ.

وَدَفَعَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِمَنْعِ صِحَّةِ هَذَا الْفَرْعِ، لِاتِّفَاقِهِمْ عَلَى أَنَّ الْخُفَّ اُعْتُبِرَ شَرْعًا مَانِعًا سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ فَتَبْقَى الْقَدَمُ عَنْ طَهَارَتِهَا وَيَحُلُّ الْحَدَثُ بِالْخُفِّ فَيُزَالُ بِالْمَسْحِ، فَيَكُونُ غَسْلُ الرِّجْلِ فِي الْخُفِّ وَعَدَمُهُ سَوَاءً فِي أَنَّهُ لَمْ يَزُلْ بِهِ الْحَدَثُ؛ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ.

وَاعْتَرَضَ أَيْضًا فِي الدُّرَرِ عَلَى الزَّيْلَعِيِّ مَعَ تَسْلِيمِ صِحَّةِ الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ بِمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ مِنْ أَنَّ الْمَشْرُوعِيَّةَ فِي قَوْلِهِمْ: إنَّ الْمَسْحَ رُخْصَةٌ مُسْقِطَةٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْعَزِيمَةِ، لَيْسَ الْمُرَادُ بِهَا الصِّحَّةَ كَمَا فَهِمَهُ الزَّيْلَعِيُّ فَاعْتَرَضَهُمْ بِالْفَرْعِ الْمَذْكُورِ، وَإِنَّمَا الْمُرَادُ بِهَا الْجَوَازُ الْمُتَرَتِّبُ عَلَيْهِ الثَّوَابُ فَالْمُتَخَفِّفُ مَا دَامَ مُتَخَفِّفًا لَا يَجُوزُ لَهُ الْغَسْلُ، حَتَّى إذَا تَكَلَّفَ وَغَسَلَ بِلَا نَزْعٍ أَثِمَ، وَإِنْ أَجْزَأَهُ عَنْ الْغَسْلِ، وَإِذَا نَزَعَ وَزَالَ التَّرَخُّصُ صَارَ الْغُسْلُ مَشْرُوعًا يُثَابُ عَلَيْهِ، وَقَدْ انْتَصَرَ الْبُرْهَانُ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُنْيَةِ لِلْإِمَامِ الزَّيْلَعِيِّ. وَأَجَابَ عَمَّا فِي الْبَدَائِعِ وَالدُّرَرِ، وَبَيَّنَّا مَا فِي كَلَامِهِ مِنْ النَّظَرِ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ مِنْ الْفَرْعِ الْمَذْكُورِ تَبَعًا لِعَامَّةِ الْكُتُبِ مُسَلَّمٌ بَلْ صَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي النَّوَاقِصِ، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ مِنْ مَنْعِ صِحَّتِهِ مُوَافِقٌ لِمَا نَقَلَهُ الزَّاهِدِيُّ وَغَيْرُهُ، وَاسْتَظْهَرَهُ فِي السِّرَاجِ؛ وَمَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ فِيمَا سَيَأْتِي، وَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ بِسُنَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جَائِزٌ. وَهِيَ لُغَةً: الطَّرِيقَةُ وَالْعَادَةُ. وَاصْطِلَاحًا فِي الْعِبَادَاتِ النَّافِلَةُ، وَفِي الْأَدِلَّةِ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا مَا رُوِيَ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم قَوْلًا أَوْ فِعْلًا أَوْ تَقْرِيرًا لِأَمْرٍ عَايَنَهُ، وَالْمَسْحُ رُوِيَ قَوْلًا وَفِعْلًا. مَطْلَبٌ تَعْرِيفُ الْحَدِيثِ الْمَشْهُورِ (قَوْلُهُ مَشْهُورَةٍ) الْمَشْهُورُ فِي أُصُولِ الْحَدِيثِ مَا يَرْوِيهِ أَكْثَرُ مِنْ اثْنَيْنِ فِي كُلِّ طَبَقَةٍ مِنْ طَبَقَاتِ الرُّوَاةِ وَلَمْ يَصِلْ إلَى حَدِّ التَّوَاتُرِ وَفِي أُصُولِ الْفِقْهِ مَا يَكُونُ مِنْ الْآحَادِ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ: أَيْ عَصْرِ الصَّحَابَةِ ثُمَّ يَنْقُلُهُ فِي الْعَصْرِ الثَّانِي وَمَا بَعْدَهُ قَوْمٌ لَا يُتَوَهَّمُ تَوَاطُؤُهُمْ عَلَى الْكَذِبِ، فَإِنَّهُ كَانَ كَذَلِكَ فِي الْعَصْرِ الْأَوَّلِ أَيْضًا فَهُوَ الْمُتَوَاتِرُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ كَذَلِكَ فِي الْعَصْرِ الثَّانِي أَيْضًا فَهُوَ الْآحَادُ. وَبِهِ عُلِمَ أَنَّ الْمَشْهُورَ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ قَسِيمٌ لِلْآحَادِ وَالْمُتَوَاتِرِ: وَأَمَّا عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ فَهُوَ قِسْمٌ مِنْ الْآحَادِ، وَهُوَ مَا لَمْ يَبْلُغْ رُتْبَةَ التَّوَاتُرِ.

وَاَلَّذِي وَقَعَ الْخِلَافُ فِي تَبْدِيعِ مُنْكِرِهِ أَوْ تَكْفِيرِهِ هُوَ الْمَشْهُورُ الْمُصْطَلَحُ عِنْدَ الْأُصُولِيِّينَ لَا عِنْدَ الْمُحَدِّثِينَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَعَلَى رَأْيِ الثَّانِي كَافِرٌ) أَيْ بِنَاءً عَلَى جَعْلِهِ الْمَشْهُورَ قِسْمًا مِنْ الْمُتَوَاتِرِ، لَكِنْ قَالَ فِي التَّحْرِيرِ، وَالْحَقُّ الِاتِّفَاقُ عَلَى عَدَمِ الْإِكْفَارِ بِإِنْكَارِ الْمَشْهُورِ لِآحَادِيَّةِ أَصْلِهِ، فَلَمْ يَكُنْ تَكْذِيبًا لَهُ عليه الصلاة والسلام بَلْ ضَلَالَةً لِتَخْطِئَةِ الْمُجْتَهِدِينَ (قَوْلُهُ وَفِي التُّحْفَةِ) أَيْ لِلْإِمَامِ مُحَمَّدٍ السَّمَرْقَنْدِيِّ الَّتِي شَرَحَهَا تِلْمِيذُهُ الْكَاشَانِيُّ بِشَرْحٍ عَظِيمٍ سَمَّاهُ الْبَدَائِعَ (قَوْلُهُ بِالْإِجْمَاعِ) وَلَا عِبْرَةَ بِخِلَافِ الرَّافِضَةِ. وَأَمَّا مَنْ لَمْ يَرَهُ كَابْنِ عَبَّاسٍ وَأَبِي هُرَيْرَةَ وَعَائِشَةَ رضي الله عنهم فَقَدْ صَحَّ رُجُوعُهُ ح (قَوْلُهُ بَلْ بِالتَّوَاتُرِ إلَخْ) لَيْسَ هَذَا مِنْ عِبَارَةِ التُّحْفَةِ، بَلْ عَزَاهُ الْقُهُسْتَانِيُّ إلَى ابْنِ حَجَرٍ.

ص: 265

رُوَاتُهُ أَكْثَرُ مِنْ ثَمَانِينَ مِنْهُمْ الْعَشَرَةُ قُهُسْتَانِيٌّ. وَقِيلَ بِالْكِتَابِ وَرُدَّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُغَيًّا بِالْكَعْبَيْنِ إجْمَاعًا فَالْجَرُّ بِالْجِوَارِ

(لِمُحْدِثٍ) ظَاهِرُهُ عَدَمُ جَوَازِهِ لِمُجَدِّدِ الْوُضُوءِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا حَصَلَ لَهُ الْقُرْبَةُ بِذَلِكَ صَارَ كَأَنَّهُ مُحْدِثٌ (لَا لِجُنُبٍ) وَحَائِضٍ، وَالْمَنْفِيُّ لَا يَلْزَمُ تَصْوِيرُهُ، وَفِيهِ أَنَّ النَّفْيَ الشَّرْعِيَّ يَفْتَقِرُ إلَى إثْبَاتٍ عَقْلِيٍّ،

ــ

[رد المحتار]

ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا بِنَاءً عَلَى أَنَّ ذَلِكَ الْعَدَدَ يُفِيدُ الْيَقِينَ وَالْعِلْمَ الضَّرُورِيَّ، وَيَرْفَعُ تُهْمَةَ الْكَذِبِ بِالْكُلِّيَّةِ، وَكَأَنَّ الْإِمَامَ تَوَقَّفَ فِي إفَادَتِهِ ذَلِكَ أَوْ لَمْ يَثْبُتْ عِنْدَهُ هَذَا الْعَدَدُ، وَلِذَا قَالَ: أَخَافُ الْكُفْرَ عَلَى مَنْ لَمْ يَرَ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ؛ لِأَنَّ الْآثَارَ الَّتِي جَاءَتْ فِيهِ فِي حَيِّزِ التَّوَاتُرِ (قَوْلُهُ رُوَاتُهُ) أَيْ مِنْ الصَّحَابَةِ رضي الله عنهم أَجْمَعِينَ (قَوْلُهُ وَقِيلَ بِالْكِتَابِ) أَيْ بِقِرَاءَةِ الْجَرِّ فِي - {وَأَرْجُلَكُمْ} [المائدة: 6]- بِنَاءً عَلَى إرَادَةِ الْمَسْحِ بِهَا، لِعَطْفِهَا عَلَى الْمَمْسُوحِ جَمْعًا بَيْنَهَا وَبَيْنَ قِرَاءَةِ النَّصْبِ الْمُرَادِ بِهَا الْغَسْلُ لِعَطْفِهَا عَلَى الْمَغْسُولِ (قَوْلُهُ فَالْجَرُّ بِالْجِوَارِ) أَيْ كَمَا فِي قَوْله تَعَالَى {عَذَابَ يَوْمٍ مُحِيطٍ} [هود: 84] {وَحُورٌ عِينٌ} [الواقعة: 22] الْمَعْطُوفِ عَلَى {وِلْدَانٌ مُخَلَّدُونَ} [الواقعة: 17]- لَا عَلَى - {بِأَكْوَابٍ} [الواقعة: 18]- إذْ لَا يَطُوفُ عَلَيْهِمْ الْوِلْدَانُ بِالْحُورِ وَنَظِيرُهُ فِي الْقُرْآنِ وَالشِّعْرِ كَثِيرٌ، فَهُوَ فِي الْمَعْنَى مَعْطُوفٌ عَلَى الْمَنْصُوبِ، وَإِنَّمَا عَدَلَ عَنْ النَّصْبِ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى أَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ يَقْتَصِدَ فِي صَبِّ الْمَاءِ عَلَيْهِمَا وَيُغْسَلَا غَسْلًا خَفِيفًا شَبِيهًا بِالْمَسْحِ كَمَا فِي الدُّرَرِ وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ لِمُحْدِثٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ جَائِزٌ، وَشَمِلَ الْمَرْأَةَ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ. قَالَ فِي غُرَرِ الْأَفْكَارِ: وَالْمُحْدِثُ حَقِيقَةٌ عُرْفِيَّةٌ فِيمَنْ أَصَابَهُ حَدَثٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ (قَوْلُهُ ظَاهِرُهُ إلَخْ) الْبَحْثُ وَالْجَوَابُ لِلْقُهُسْتَانِيِّ. وَأَقُولُ: قَدْ يُقَالُ إنَّ جَوَازَهُ لِمُجَدِّدِ الْوُضُوءِ تُعْلَمُ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ مَا رَفَعَ الْمُحْدَثَ الْحَقِيقِيَّ يَحْصُلُ بِهِ تَجْدِيدُ الطَّهَارَةِ بِالْأَوْلَى، عَلَى أَنَّ قَوْلَهُ لَا لِجُنُبٍ يَدُلُّ بِالْمُقَابَلَةِ عَلَى أَنَّ الْمُحْدِثَ احْتِرَازٌ عَنْ الْجُنُبِ فَقَطْ تَأَمَّلْ.

مَطْلَبٌ إعْرَابِ قَوْلِهِمْ إلَّا أَنْ يُقَالَ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ) اسْتِثْنَاءٌ مُفَرَّغٌ مِنْ أَعَمِّ الظُّرُوفِ؛ لِأَنَّ الْمَصَادِرَ قَدْ تَقَعُ ظُرُوفًا، نَحْوُ آتِيكَ طُلُوعَ الْفَجْرِ: أَيْ وَقْتَ طُلُوعِهِ وَالْمَصْدَرُ الْمُنْسَبِكُ هُنَا مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ فَالْمَعْنَى ظَاهِرُهُ كَمَا ذَكَرَ فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ إلَّا وَقْتَ قَوْلِنَا لِمَا حَصَلَ إلَخْ، كَذَا أَفَادَهُ الْمُحَقِّقُ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ فِي أَوَائِلِ التَّوْضِيحِ (قَوْلُهُ وَالْمَنْفِيُّ لَا يَلْزَمُ تَصْوِيرُهُ) أَيْ لَا يَلْزَمُ أَنْ يُجْعَلَ لَهُ صُورَةٌ يُمْكِنُ حُصُولُهَا فِي الذِّهْنِ (قَوْلُهُ وَفِيهِ إلَخْ) الْبَحْثُ لِلْقُهُسْتَانِيِّ.

بَيَانُهُ أَنَّ النَّفْيَ الشَّرْعِيَّ: أَيْ الَّذِي اُسْتُفِيدَ مِنْ الشَّرْعِ يَتَوَقَّفُ عَلَى إمْكَانِ تَصْوِيرِ مَا نُفِيَ بِهِ عَقْلًا، وَإِلَّا لَمْ يَكُنْ مُسْتَفَادًا مِنْ الشَّرْعِ بَلْ مِنْ الْعَقْلِ، كَقَوْلِنَا: لَا تَجْتَمِعُ الْحَرَكَةُ مَعَ السُّكُونِ، وَصَوَّرُوا لَهُ صُوَرًا مِنْهَا لَوْ تَيَمَّمَ الْجُنُبُ ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ ثُمَّ أَحْدَثَ وَوَجَدَ مَاءً يَكْفِي لِلْوُضُوءِ فَقَطْ لَا يَمْسَحُ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ سَرَتْ إلَى الْقَدَمَيْنِ وَالتَّيَمُّمُ لَيْسَ طَهَارَةً كَامِلَةً، وَمِثْلُهُ الْحَائِضُ إذَا انْقَطَعَ دَمُهَا. وَاعْتَرَضَهُ فِي الْمُجْتَبَى بِأَنَّ مَا ذَكَرَ غَيْرُ صَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْجِنَايَةَ لَا تَعُودُ عَلَى الْأَصَحِّ. اهـ

أَقُولُ: أَيْ لَا تَعُودُ إلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَلَا غَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى الْمَاءِ الْكَافِي وَالْجَنَابَةُ لَا تَتَجَزَّأُ، فَهُوَ مُحْدِثٌ حَقِيقَةً لَا جُنُبٌ، وَلَيْسَ الْكَلَامُ فِيهِ؛ فَاعْتِرَاضُ الْبَحْرِ عَلَى الْمُجْتَبَى بِأَنَّهُ عَادَ جُنُبًا بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ غَيْرُ وَارِدٍ كَمَا لَا يَخْفَى فَالصَّحِيحُ فِي تَصْوِيرِهِ مَا فِي الْمُجْتَبَى فِيمَا إذَا تَوَضَّأَ وَلَبِسَ ثُمَّ أَجْنَبَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَشُدَّ خُفَّيْهِ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ ثُمَّ يَغْتَسِلَ وَيَمْسَحَ. اهـ. أَوْ يَغْتَسِلَ قَاعِدًا وَاضِعًا رِجْلَيْهِ عَلَى شَيْءٍ مُرْتَفِعٍ ثُمَّ يَمْسَحَ وَمِثْلُهُ الْحَائِضُ، وَلَكِنْ لَا يَتَأَتَّى إلَّا عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ مِنْ أَنَّ أَقَلَّ الْحَيْضِ عِنْدَهُ يَوْمَانِ وَأَكْثَرُ الثَّالِثِ، فَإِذَا كَانَتْ الْمَرْأَةُ مُسَافِرَةً وَتَوَضَّأَتْ ابْتِدَاءَ مُدَّةِ السَّفَرِ وَلَبِسَتْ الْخُفَّ ثُمَّ حَاضَتْ هَذَا الْمِقْدَارَ فَقَدْ بَقِيَ مِنْ الْمُدَّةِ نَحْوُ خَمْسِ سَاعَاتٍ فَلَا يَجُوزُ لَهَا أَنْ تَمْسَحَ فِيهَا. وَأَمَّا عَلَى قَوْلِهِمَا فَلَا يُتَصَوَّرُ؛ لِأَنَّ أَقَلَّ مُدَّةِ الْحَيْضِ ثَلَاثَةُ أَيَّامٍ فَتَنْقَضِي فِيهَا مُدَّةُ الْمَسْحِ كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ وَلَمْ يَذْكُرْ النُّفَسَاءَ.

ص: 266

ثُمَّ ظَاهِرُهُ جَوَازُ مَسْحِ مُغْتَسِلِ جُمُعَةٍ وَنَحْوِهِ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ عَلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ، وَلَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ فِي حُكْمِهِ فَالْأَحْسَنُ لِمُتَوَضِّئٍ لَا لِمُغْتَسِلٍ.

وَالسُّنَّةُ أَنْ يَخُطَّهُ (خُطُوطًا بِأَصَابِعِ) يَدٍ (مُفَرَّجَةٍ) قَلِيلًا (يَبْدَأُ مِنْ) قِبَلِ (أَصَابِعِ رِجْلِهِ) مُتَوَجِّهًا (إلَى) أَصْلِ (السَّاقِ) وَمَحَلُّهُ (عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ) مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ

ــ

[رد المحتار]

وَصُورَتُهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ أَنَّهَا لَبِسَتْ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ نَفِسَتْ وَانْقَطَعَ قَبْلَ ثَلَاثَةٍ مُسَافِرَةً أَوْ قَبْلَ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ مُقِيمَةً (قَوْلُهُ ثُمَّ ظَاهِرُهُ) أَيْ ظَاهِرُ قَوْلِهِ لَا لِجُنُبٍ ثُمَّ هَذَا الْكَلَامُ إلَخْ لِلْقُهُسْتَانِيِّ (قَوْلُهُ وَلَيْسَ كَذَلِكَ إلَخْ) عِبَارَةُ الْقُهُسْتَانِيِّ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ عَلَى مَا فِي الْمَبْسُوطِ. اهـ. وَمُفَادُهُ أَنَّهُ فِي الْمَبْسُوطِ ذَكَرَهُ بِلَفْظِ يَنْبَغِي لَا عَلَى سَبِيلِ الْجَزْمِ فَلِذَا قَوَّاهُ بِقَوْلِهِ وَلَا يَبْعُدُ وَإِلَّا لَمْ يَحْتَجْ إلَى ذَلِكَ (قَوْلُهُ وَلَا يَبْعُدُ إلَخْ) أَيْ لَا يَبْعُدُ أَنْ يُجْعَلَ غُسْلُ الْجُمُعَةِ فِي حُكْمِ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، يَعْنِي أَنَّ كَلَامَ الْمَبْسُوطِ غَيْرُ بَعِيدٍ. اهـ ح. وَوَجْهُهُ أَنَّ مَاهِيَّةَ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ هِيَ مَاهِيَّةُ غُسْلِ الْجَنَابَةِ، وَهِيَ غَسْلُ جَمِيعِ مَا يُمْكِنُ غَسْلُهُ مِنْ الْبَدَنِ؛ فَقَوْلُهُ لَا لِجُنُبٍ نَفْيٌ لِمَشْرُوعِيَّةِ الْمَسْحِ فِي الْغُسْلِ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ جَنَابَةٍ أَوْ غَيْرِهَا؛ كَمَا أَنَّ إثْبَاتَ مَشْرُوعِيَّتِهِ لِلْمُحْدِثِ هُوَ إثْبَاتٌ لِمَشْرُوعِيَّتِهِ فِي الْوُضُوءِ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ حَدَثٍ أَوْ غَيْرِهِ؛ لِأَنَّ مَاهِيَّةَ الْوُضُوءِ فِي حَقِّهِمَا وَاحِدَةٌ أَرْكَانًا وَسُنَنًا كَمَا قُلْنَا فِي الْغُسْلِ (قَوْلُهُ فَالْأَحْسَنُ إلَخْ) أَيْ الْأَحْسَنُ تَعْبِيرُ الْمُصَنِّفِ بِذَلِكَ لِيَشْمَلَ الْمُتَوَضِّئَ مُجَدِّدَ الْوُضُوءِ، وَالْمُغْتَسِلَ مُغْتَسِلَ الْجُمُعَةِ، وَالْعِيدِ بِلَا تَأْوِيلٍ فِي الْعِبَارَةِ

(قَوْلُهُ وَالسُّنَّةُ إلَخْ) أَفَادَ أَنَّ إظْهَارَ الْخُطُوطِ لَيْسَ بِشَرْطٍ وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، بَلْ هُوَ شَرْطُ السُّنَّةِ فِي الْمَسْحِ.

وَكَيْفِيَّتُهُ كَمَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ أَنْ يَضَعَ أَصَابِعَ يَدِهِ الْيُمْنَى عَلَى مُقَدَّمِ خُفِّهِ الْأَيْمَنِ وَأَصَابِعَ يَدِهِ الْيُسْرَى عَلَى مُقَدَّمِ خُفِّهِ الْأَيْسَرِ مِنْ قِبَلِ الْأَصَابِعِ، فَإِذَا تَمَكَّنَتْ الْأَصَابِعُ يَمُدُّهَا حَتَّى يَنْتَهِيَ إلَى أَصْلِ السَّاقِ فَوْقَ الْكَعْبَيْنِ؛ لِأَنَّ الْكَعْبَيْنِ يَلْحَقُهُمَا فَرْضُ الْغُسْلِ وَيَلْحَقُهُمَا سُنَّةُ الْمَسْحِ، وَإِنْ وَضَعَ الْكَفَّيْنِ مَعَ الْأَصَابِعِ كَانَ أَحْسَنَ هَكَذَا رُوِيَ عَنْ مُحَمَّدٍ. اهـ بَحْرٌ.

أَقُولُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّ التَّيَامُنَ فِيهِ غَيْرُهُ مَسْنُونٌ كَمَا فِي مَسْحِ الْأُذُنِ. وَفِي الْحِلْيَةِ: وَالْمُسْتَحَبُّ أَنْ يَمْسَحَ بِبَاطِنِ الْيَدِ لَا بِظَاهِرِهَا (قَوْلُهُ قَلِيلًا) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَمَحَلُّهُ) زَادَهُ عَلَى الْمَتْنِ، لِيُعْلَمَ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ (قَوْلُهُ عَلَى ظَاهِرِ خُفَّيْهِ) قَيَّدَ بِهِ إذْ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى الْبَاطِنِ وَالْعَقِبِ وَالسَّاقِ دُرَرٌ (قَوْلُهُ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ) ظَاهِرُهُ أَنَّ الْأَصَابِعَ لَهَا دَخْلٌ فِي مَحَلِّ الْمَسْحِ، حَتَّى لَوْ مَسَحَ عَلَيْهَا صَحَّ إنْ حَصَلَ قَدْرُ الْفَرْضِ.

وَذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ مُفَادُ مَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ؛ وَعَلَى مَا فِي أَكْثَرِ الْفَتَاوَى لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُمْ قَالُوا: وَتَفْسِيرُ الْمَسْحِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى ظَاهِرِ قَدَمَيْهِ مَا بَيْنَ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ، فَهَذَا يُفِيدُ أَنَّ الْأَصَابِعَ غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمَحَلِّيَّةِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ فَلْيُتَنَبَّهْ لِذَلِكَ اهـ مُلَخَّصًا.

وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ مَا فِي الْفَتَاوَى يُفِيدُ دُخُولَهَا؛ لِأَنَّ أَطْرَافَهَا أَوَاخِرُهَا أَيْ رُءُوسُهَا، يُوَافِقُهُ قَوْلُ الْمُبْتَغَى ظَهْرُ الْقَدَمِ مِنْ رُءُوسِ الْأَصَابِعِ إلَى مَقْعَدِ الشِّرَاكِ. أَقُولُ: وَمَا فِي النَّهْرِ هُوَ مَا فَهِمَهُ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ عِبَارَةِ الْفَتَاوَى فَقَالَ: إنَّ مُؤَدَّى رُءُوسِ الْأَصَابِعِ وَمَا بَيْنَ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ وَاحِدٌ؛ لِأَنَّ أَطْرَافَهَا هِيَ رُءُوسُهَا، ثُمَّ قَالَ: نَعَمْ فِي الذَّخِيرَةِ: وَتَفْسِيرُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ مَا بَيْنَ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ. وَعَنْ الْحَسَنِ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ الْمَسْحُ عَلَى ظَهْرِ قَدَمَيْهِ مِنْ أَطْرَافِ الْأَصَابِعِ إلَى السَّاقِ اهـ فَالْأَصَابِعُ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الذَّخِيرَةِ أَوَّلًا غَيْرُ دَاخِلَةٍ فِي الْمَحَلِّيَّةِ، وَعَلَيْهِ مَا فِي شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ: لَوْ مَسَحَ مَوْضِعَ الْأَصَابِعِ لَا يَجُوزُ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ، وَعَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ دَاخِلَةٌ، وَيَظْهَرُ أَنَّهَا الْأَوْلَى، وَيَشْهَدُ لَهَا حَدِيثُ جَابِرٍ

ص: 267

إلَى مَعْقِدِ الشِّرَاكِ؛

وَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ بَيْنَ ظَاهِرٍ وَبَاطِنٍ طَاهِرٍ (أَوْ جُرْمُوقَيْهِ) وَلَوْ فَوْقَ خُفٍّ

ــ

[رد المحتار]

الْمَرْوِيُّ فِي الْأَوْسَطِ لِلطَّبَرَانِيِّ مِنْ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ مِنْ مُقَدَّمِ الْخُفَّيْنِ إلَى أَصْلِ السَّاقِ مَرَّةً وَفَرَّجَ بَيْنَ أَصَابِعِهِ» فَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ أَصْحَابُ الْفَتَاوَى. اهـ.

أَقُولُ: وَالْحَاصِلُ أَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ اخْتِلَافَ الرِّوَايَةِ، وَحَيْثُ كَانَتْ رِوَايَةُ الدُّخُولِ هِيَ الْمُفَادَ مِنْ عِبَارَاتِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ، وَكَذَا مِنْ أَكْثَرِ الْفَتَاوَى كَمَا عَلِمْت كَانَ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهَا أَوْلَى، فَلِذَا اخْتَارَهَا الشَّارِحُ تَبَعًا لِلنَّهْرِ وَالْحِلْيَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إلَى مَعْقِدِ الشِّرَاكِ) أَيْ الْمَحَلِّ الَّذِي يُعْقَدُ عَلَيْهِ شِرَاكُ النَّعْلِ بِالْكَسْرِ أَيْ سَيْرُهُ، فَالْمُرَادُ بِهِ الْمَفْصِلُ الَّذِي فِي وَسَطِ الْقَدَمِ وَيُسَمَّى كَعْبًا، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ فِي الْإِحْرَامِ: يَقْطَعُ الْخُفَّيْنِ أَسْفَلَ مِنْ الْكَعْبَيْنِ، ثُمَّ إنَّ قَوْلَهُ مِنْ رُءُوسِ أَصَابِعِهِ إلَى مَقْعَدِ الشِّرَاكِ هُوَ عِبَارَةُ الْمُبْتَغَى كَمَا قَدَّمْنَاهُ، وَالْمُرَادُ بِهِ بَيَانُ مَحَلِّ الْفَرْضِ اللَّازِمِ، وَإِلَّا فَالسُّنَّةُ أَنْ يَنْتَهِيَ إلَى أَصْلِ السَّاقِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ، فَلَا مُخَالَفَةَ بَيْنَهُمَا كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ إلَخْ) الْمُرَادُ بِالْبَاطِنِ أَسْفَلُ مِمَّا يَلِي الْأَرْضَ لَا مَا يَلِي الْبَشَرَةَ كَمَا حَقَّقَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، خِلَافًا لِمَا فِي الْبَدَائِعِ. هَذَا وَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ النَّهْرِ، حَيْثُ قَالَ: لَكِنْ يُسْتَحَبُّ عِنْدَنَا الْجَمْعُ بَيْنَ الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ فِي الْمَسْحِ، إلَّا إذَا كَانَ عَلَى بَاطِنِهِ نَجَاسَةٌ كَذَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ.

وَأَقُولُ: الَّذِي رَأَيْته فِي نُسْخَتَيْ الْبَدَائِعِ نَقَلَهُ عَنْ الشَّافِعِيِّ، فَإِنَّهُ قَالَ: وَعَنْ الشَّافِعِيِّ أَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْبَاطِنِ لَا يَجُوزُ، وَالْمُسْتَحَبُّ عِنْدَهُ الْجَمْعُ إلَخْ، فَضَمِيرُ الْغَيْبَةِ رَاجِعٌ إلَى الشَّافِعِيِّ، وَهَكَذَا رَأَيْته فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ: الْمَذْهَبُ عِنْدَ أَصْحَابِنَا أَنَّ مَا سِوَى ظَهْرِ الْقَدَمِ مِنْ الْخُفِّ لَيْسَ بِمَحَلٍّ لِلْمَسْحِ لَا فَرْضًا وَلَا سُنَّةً، وَبِهِ قَالَ أَحْمَدُ.

وَقَالَ الشَّافِعِيُّ: يُسَنُّ مَسْحُهُمَا. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَا يُسَنُّ مَسْحُ بَاطِنِ الْخُفِّ مَعَ ظَاهِرِهِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ شُرِعَتْ مُكَمِّلَةً لِلْفَرَائِضِ، وَالْإِكْمَالُ إنَّمَا يَتَحَقَّقُ فِي الْفَرْضِ لَا فِي غَيْرِهِ. اهـ. وَفِي غَيْرِهِ نَفْيُ الِاسْتِحْبَابِ وَهُوَ الْمُرَادُ. اهـ كَلَامُ الْبَحْرِ: أَيْ وَفِي غَيْرِ الْمُحِيطِ قَالَ: لَا يُسْتَحَبُّ، وَهُوَ الْمُرَادُ مِنْ قَوْلِ الْمُحِيطِ لَا يُسَنُّ.

وَفِي مِعْرَاجِ الدِّرَايَةِ: السُّنَّةُ عِنْدَ الشَّافِعِيِّ وَمَالِكٍ مَسْحُ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلِهِ، لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم مَسَحَ أَعْلَى الْخُفِّ وَأَسْفَلَهُ» وَعِنْدَنَا وَأَحْمَدَ لَا مَدْخَلَ لِأَسْفَلِهِ فِي الْمَسْحِ لِحَدِيثِ عَلِيٍّ رضي الله عنه:«لَوْ كَانَ الدِّينُ بِالرَّأْيِ لَكَانَ أَسْفَلُ الْخُفِّ أَوْلَى بِالْمَسْحِ عَلَيْهِ مِنْ ظَاهِرِهِ، وَقَدْ رَأَيْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ عَلَى ظَاهِرِهِمَا» رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَأَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ، وَقَالَ حَدِيثٌ حَسَنٌ صَحِيحٌ، وَمَا رَوَاهُ الشَّافِعِيُّ شَاذٌّ لَا يُعَارِضُ هَذَا مَعَ أَنَّهُ ضَعَّفَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ، وَلِهَذَا قِيلَ إنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الِاسْتِحْبَابِ إنْ ثَبَتَ. وَعَنْ بَعْضِ مَشَايِخِنَا يُسْتَحَبُّ الْجَمْعُ. اهـ.

فَقَدْ ظَهَرَ أَنَّ اسْتِحْبَابَ الْجَمْعِ قَوْلٌ لِبَعْضِ مَشَايِخِنَا، لَا كَمَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّهُ الْمَذْهَبُ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ وَلِلَّهِ الْحَمْدُ (قَوْلُهُ أَوْ جُرْمُوقَيْهِ) بِضَمِّ الْجِيمِ: جِلْدٌ يُلْبَسُ فَوْقَ الْخُفِّ لِحِفْظِهِ مِنْ الطِّينِ وَغَيْرِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ قُهُسْتَانِيٌّ، وَيُقَالُ لَهُ الْمُوقُ، وَلَيْسَ غَيْرُهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَوْ فَوْقَ خُفٍّ) أَفَادَ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَيْهِمَا مُنْفَرِدَيْنِ أَيْضًا وَهَذَا لَوْ كَانَا مِنْ جِلْدٍ، فَلَوْ مِنْ كِرْبَاسٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ فَوْقَ الْخُفِّ إلَّا أَنْ يَصِلَ بَلَلُ الْمَسْحِ إلَى الْخُفِّ، ثُمَّ الشَّرْطُ أَنْ يَكُونَا بِحَيْثُ لَوْ انْفَرَدَا يَصِحُّ مَسْحُهُمَا، حَتَّى لَوْ كَانَ بِهِمَا خَرْقٌ مَانِعٌ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا سِرَاجٌ، وَأَنْ يَلْبَسَهُمَا قَبْلَ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ وَقَبْلَ أَنْ يُحْدِثَ، فَلَوْ كَانَ مَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ أَوْ أَحْدَثَ بَعْدَ لُبْسِهِمَا ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَيْنِ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِمَا اتِّفَاقًا؛ لِأَنَّهُمَا حِينَئِذٍ لَا يَكُونَانِ تَبَعًا لِلْخُفِّ، صَرَّحَ بِهَذَا الشَّرْطِ فِي السِّرَاجِ وَشُرُوحِ الْمَجْمَعِ وَمُنْيَةِ الْمُصَلِّي

ص: 268

أَوْ لِفَافَةٍ، وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا فِي فَتَاوَى الشَّاذِيِّ؛ لِأَنَّهُ رَجُلٌ مَجْهُولٌ لَا يُقَلَّدُ فِيمَا خَالَفَ النُّقُولَ (أَوْ جَوْرَبَيْهِ) وَلَوْ مِنْ غَزْلٍ أَوْ شَعْرٍ (الثَّخِينَيْنِ) بِحَيْثُ يَمْشِي فَرْسَخًا وَيَثْبُتُ عَلَى السَّاقِ وَلَا يُرَى مَا تَحْتَهُ وَلَا يَشِفُّ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ إلَى الْخُفِّ قَدْرُ الْغَرَضِ.

ــ

[رد المحتار]

وَغَيْرِهَا، وَمُقْتَضَاهُ أَنَّهُ لَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ لَبِسَ الْخُفَّ ثُمَّ جَدَّدَ الْوُضُوءَ قَبْلَ الْحَدَثِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفِّ ثُمَّ لَبِسَ الْجُرْمُوقَ لَا يَجُوزُ لَهُ الْمَسْحُ لِاسْتِقْرَارِ الْحُكْمِ عَلَى الْخُفِّ فَلَا يَصِيرُ الْجُرْمُوقُ تَبَعًا.

وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي الْخَزَائِنِ: وَهَذَا إذَا كَانَا صَالِحَيْنِ لِلْمَسْحِ أَوْ رَقِيقَيْنِ يَنْفُذُ إلَى الْخُفِّ قَدْرُ الْفَرْضِ وَلَمْ يَكُنْ أَحْدَثَ وَلَا مَسَحَ عَلَى خُفَّيْهِ قَبْلَ مَا أَحْدَثَ ذَكَرَهُ ابْنُ الْكَمَالِ وَابْنُ مَالِكٍ. اهـ. هَذَا وَفِي الْبَحْرِ وَالْخُفُّ عَلَى الْخُفِّ كَالْجُرْمُوقِ عِنْدَنَا فِي سَائِرِ أَحْكَامِهِ خُلَاصَةٌ (قَوْلُهُ أَوْ لِفَافَةٍ) أَيْ سَوَاءٌ كَانَتْ مَلْفُوفَةً عَلَى الرِّجْلِ تَحْتَ الْخُفِّ أَوْ كَانَتْ مَخِيطَةً مَلْبُوسَةً تَحْتَهُ كَمَا أَفَادَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَلَا اعْتِبَارَ بِمَا فِي فَتَاوَى الشَّاذِيِّ) بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ عَلَى مَا رَأَيْته فِي النُّسَخِ، لَكِنَّ الَّذِي رَأَيْته بِخَطِّ الشَّارِحِ فِي خَزَائِنِ الْأَسْرَارِ بِالدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، ثُمَّ الَّذِي فِي هَذِهِ الْفَتَاوَى هُوَ مَا نَقَلَهُ عَنْهَا فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ مِنْ التَّفْصِيلِ، وَهُوَ أَنَّ مَا يُلْبَسُ مِنْ الْكِرْبَاسِ الْمُجَرَّدِ تَحْتَ الْخُفِّ يَمْنَعُ الْمَسْحَ عَلَى الْخُفِّ لِكَوْنِهِ فَاصِلًا وَقِطْعَةُ كِرْبَاسٍ تُلَفُّ عَلَى الرِّجْلِ لَا تَمْنَعُ؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مَقْصُودٍ بِاللُّبْسِ، وَقَدْ أَطَالَ فِي رَدِّهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالدُّرَرِ وَالْبَحْرِ لِتَمَسُّكِ جَمَاعَةٍ بِهِ مِنْ فُقَهَاءِ الرُّومِ، قَالَ ح: وَقَدْ اعْتَنَى يَعْقُوبُ بَاشَا بِتَحْقِيقِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كُرَّاسَةٍ مُبَيِّنًا لِلْجَوَازِ لَمَّا سَأَلَهُ السُّلْطَانُ سُلَيْمٌ خَانْ (قَوْلُهُ أَوْ جَوْرَبَيْهِ) الْجَوْرَبُ لِفَافَةُ الرِّجْلِ قَامُوسٌ، وَكَأَنَّهُ تَفْسِيرٌ بِاعْتِبَارِ اللُّغَةِ، لَكِنَّ الْعُرْفَ خَصَّ اللِّفَافَةَ بِمَا لَيْسَ بِمَخِيطٍ وَالْجَوْرَبَ بِالْمَخِيطِ، وَنَحْوُهُ الَّذِي يُلْبَسُ كَمَا يُلْبَسُ الْخُفُّ شَرْحُ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ غَزْلٍ أَوْ شَعْرٍ) دَخَلَ فِيهِ الْجُوخُ كَمَا حَقَّقَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ. وَقَالَ: وَخَرَجَ عَنْهُ مَا كَانَ مِنْ كِرْبَاسٍ بِالْكَسْرِ: وَهُوَ الثَّوْبُ مِنْ الْقُطْنِ الْأَبْيَضِ؛ وَيُلْحَقُ بِالْكِرْبَاسِ كُلُّ مَا كَانَ مِنْ نَوْعِ الْخَيْطِ كَالْكَتَّانِ وَالْإِبْرَيْسَمِ وَنَحْوِهِمَا. وَتَوَقَّفَ ح فِي وَجْهِ عَدَمِ جَوَازِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ إذَا وُجِدَ فِيهِ الشُّرُوطُ الْأَرْبَعَةُ الَّتِي ذَكَرَهَا الشَّارِحُ.

وَأَقُولُ: الظَّاهِرُ أَنَّهُ إذَا وُجِدَتْ فِيهِ الشُّرُوطُ يَجُوزُ، وَأَنَّهُمْ أَخْرَجُوهُ لِعَدَمِ تَأَتِّي الشُّرُوطِ فِيهِ غَالِبًا، يَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي كَافِي النَّسَفِيِّ حَيْثُ عَلَّلَ جَوَازَ الْمَسْحِ عَلَى الْجَوْرَبِ مِنْ كِرْبَاسٍ بِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُ تَتَابُعُ الْمَشْيِ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ يُفِيدُ أَنَّهُ لَوْ أَمْكَنَ جَازَ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَيْضًا مَا فِي ط عَنْ الْخَانِيَّةِ أَنَّ كُلَّ مَا كَانَ فِي مَعْنَى الْخُفِّ فِي إدْمَانِ الْمَشْيِ عَلَيْهِ وَقَطْعِ السَّفَرِ بِهِ وَلَوْ مِنْ لِبَدٍ رُومِيٍّ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ. اهـ

(قَوْلُهُ عَلَى الثَّخِينَيْنِ) أَيْ اللَّذَيْنِ لَيْسَا مُجَلَّدَيْنِ وَلَا مُنْعَلَيْنِ نَهْرٌ، وَهَذَا التَّقْيِيدُ مُسْتَفَادٌ مِنْ عَطْفِ مَا بَعْدَهُ عَلَيْهِ، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ نَعْتٌ لِلْجَوْرَبَيْنِ فَقَطْ كَمَا هُوَ صَرِيحُ عِبَارَةِ الْكَنْزِ. وَأَمَّا شُرُوطُ الْخُفِّ فَقَدْ ذَكَرَهَا أَوَّلَ الْبَابِ، وَمِثْلُهُ الْجُرْمُوقُ وَلِكَوْنِهِ مِنْ الْجِلْدِ غَالِبًا لَمْ يُقَيِّدْهُ بِالثَّخَانَةِ الْمُفَسَّرَةِ بِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ الْجِلْدَ الْمَلْبُوسَ لَا يَكُونُ إلَّا كَذَلِكَ عَادَةً (قَوْلُهُ بِحَيْثُ يَمْشِي فَرْسَخًا) أَيْ فَأَكْثَرَ كَمَا مَرَّ، وَفَاعِلُ يَمْشِي ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الْجَوْرَبِ وَالْإِسْنَادُ إلَيْهِ مَجَازِيٌّ، أَوْ عَلَى اللَّابِسِ لَهُ وَالْعَائِدُ مَحْذُوفٌ أَيْ بِهِ (قَوْلُهُ بِنَفْسِهِ) أَيْ مِنْ غَيْرِ شَدٍّ ط (قَوْلُهُ وَلَا يَشِفُّ) بِتَشْدِيدِ الْفَاءِ، مِنْ شَفَّ الثَّوْبُ: رَقَّ حَتَّى رَأَيْت مَا وَرَاءَهُ، مِنْ بَابِ ضَرَبَ مُغْرِبٌ.

وَفِي بَعْضِ الْكُتُبِ: يَنْشَفُ بِالنُّونِ قَبْلَ الشَّيْنِ، مِنْ نَشِفَ الثَّوْبُ الْعَرَقَ كَسَمِعَ وَنَصَرَ شَرِبَهُ قَامُوسٌ، وَالثَّانِي أَوْلَى هُنَا لِئَلَّا يَتَكَرَّرَ مَعَ قَوْلِهِ تَبَعًا لِلزَّيْلَعِيِّ وَلَا يُرَى مَا تَحْتَهُ، لَكِنْ فُسِّرَ فِي الْخَانِيَّةِ الْأُولَى بِأَنْ لَا يَشِفَّ الْجَوْرَبُ الْمَاءَ إلَى نَفْسِهِ كَالْأَدِيمِ وَالصِّرْمِ، وَفُسِّرَ الثَّانِي بِأَنْ لَا يُجَاوِزَ الْمَاءُ إلَى الْقَدَمِ وَكَأَنَّ تَفْسِيرَهُ الْأَوَّلَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِهِمْ اشْتَفَّ مَا فِي الْإِنَاءِ شَرِبَهُ كُلَّهُ كَمَا فِي الْقَامُوسِ، وَعَلَيْهِ فَلَا تَكْرَارَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَنْفُذَ) أَيْ مِنْ الْبَلَلِ، وَهَذَا رَاجِعٌ

ص: 269

وَلَوْ نَزَعَ مُوقَيْهِ أَعَادَ مَسْحَ خُفَّيْهِ. وَلَوْ نَزَعَ أَحَدَهُمَا مَسَحَ الْخُفَّ وَالْمُوقَ الْبَاقِيَ. وَلَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَهُمَا وَمَسَحَ خُفَّيْهِ لَمْ يَجُزْ.

(وَالْمُنْعَلَيْنِ) بِسُكُونِ النُّونِ: مَا جُعِلَ عَلَى أَسْفَلِهِ جِلْدَةٌ (وَالْمُجَلَّدَيْنِ مَرَّةً وَلَوْ امْرَأَةً) أَوْ خُنْثَى (مَلْبُوسَيْنِ عَلَى طُهْرٍ) فَلَوْ أَحْدَثَ وَمَسَحَ بِخُفَّيْهِ أَوْ لَمْ يَمْسَحْ فَلَبِسَ مُوقَهُ لَا يَمْسَحُ عَلَيْهِ (تَامٍّ)

ــ

[رد المحتار]

إلَى الْجُرْمُوقِ لَا الْجَوْرَبِ؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ فِي الْجَوْرَبِ أَنْ يُلْبَسَ وَحْدَهُ أَوْ تَحْتَ الْخُفِّ لَا فَوْقَهُ (قَوْلُهُ مَسَحَ الْخُفَّ وَالْمُوقَ الْبَاقِيَ) أَيْ يَمْسَحُ الْخُفَّ الْبَادِيَ وَيُعِيدُ الْمَسْحَ عَلَى الْمُوقِ الْبَاقِي لِانْتِقَاضِ وَظِيفَتِهِمَا كَنَزْعِ أَحَدِ الْخُفَّيْنِ؛ لِأَنَّ انْتِقَاضَ الْمَسْحِ لَا يَتَجَزَّأُ بَحْرٌ، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ.

وَرَوَى الْحَسَنُ أَنَّهُ يَمْسَحُ عَلَى الْخُفِّ الْبَادِي لَا غَيْرُ. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: يَنْزِعُ الْمُوقَ الْبَاقِيَ وَيَمْسَحَ الْخُفَّيْنِ خَانِيَّةٌ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ) هَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي الْمُوقَيْنِ خَرْقٌ مَانِعٌ، فَلَوْ كَانَ قَالَ فِي الْمُبْتَغَى لَهُ الْمَسْحُ عَلَى الْخُفِّ أَوْ عَلَى الْجُرْمُوقِ؛ لِأَنَّهُمَا كَخُفٍّ وَاحِدٍ، لَكِنْ بَحَثَ فِي الْحِلْيَةِ وَتَبِعَهُ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّهُ يَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ إلَّا عَلَى الْخُفِّ، لِمَا عُلِمَ أَنَّ الْمُنْخَرِقَ خَرْقًا مَانِعًا وُجُودُهُ كَعَدَمِهِ، فَكَانَتْ الْوَظِيفَةُ لِلْخُفِّ فَلَا يَجُوزُ عَلَى غَيْرِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي السِّرَاجِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ بِسُكُونِ النُّونِ) أَيْ مِنْ بَابِ الْأَفْعَالِ مِنْ أَفْعَلَ، لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْقَامُوسِ بِمَجِيئِهِ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ، فَقَوْلُ الصِّحَاحِ يُقَالُ أَنْعَلْتُ خُفِّي وَدَابَّتِي وَلَا تَقُلْ نَعَلْت أَيْ بِالتَّخْفِيفِ بَلْ يُقَالُ بِالتَّشْدِيدِ فَيَكُونُ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ عَلَى وَفْقِ مَا فِي الْقَامُوسِ، وَحِينَئِذٍ فَلَا مُنَافَاةَ، وَقَوْلُ الْمُغْرِبِ أَنْعَلَ الْخُفَّ وَنَعَّلَهُ أَيْ بِالتَّشْدِيدِ فَلَا مُنَافَاةَ أَيْضًا، خِلَافًا لِمَا فِي النَّهْرِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مَا جُعِلَ عَلَى أَسْفَلِهِ جِلْدَةٌ) أَيْ كَالنَّعْلِ لِلْقَدَمِ، وَهَذَا ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ، وَفِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ مَا يَكُونُ إلَى الْكَعْبِ ابْنُ كَمَالٍ (قَوْلُهُ وَالْمُجَلَّدَيْنِ) الْمُجَلَّدُ مَا جُعِلَ الْجِلْدُ عَلَى أَعْلَاهُ وَأَسْفَلِهِ ابْنُ كَمَالٍ.

[تَنْبِيهٌ] مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ جَوَازِهِ عَلَى الْمُجَلَّدِ وَالْمُنْعَلِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ عِنْدَنَا، أَمَّا الثَّخِينُ فَهُوَ قَوْلُهُمَا. وَعَنْهُ أَنَّهُ رَجَعَ إلَيْهِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى، كَذَا فِي الْهِدَايَةِ وَأَكْثَرِ الْكُتُبِ بَحْرٌ. هَذَا وَفِي حَاشِيَةِ أَخِي جَلَبِي عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَنَّ التَّقْيِيدَ بِالثَّخِينِ مُخْرِجٌ لِغَيْرِ الثَّخِينِ وَلَوْ مُجَلَّدًا، وَلَمْ يَتَعَرَّضْ لَهُ أَحَدٌ.

قَالَ: وَاَلَّذِي تَلَخَّصَ عِنْدِي أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ إذَا جُلِّدَ أَسْفَلُهُ فَقَطْ أَوْ مَعَ مَوَاضِعِ الْأَصَابِعِ بِحَيْثُ يَكُونُ مَحَلُّ الْفَرْضِ الَّذِي هُوَ ظَهْرُ الْقَدَمِ خَالِيًا عَنْ الْجِلْدِ بِالْكُلِّيَّةِ؛ لِأَنَّ مَنْشَأَ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبِيهِ اكْتِفَاؤُهُمَا بِمُجَرَّدِ الثَّخَانَةِ وَعَدَمُ اكْتِفَائِهِ بِهَا، بَلْ لَا بُدَّ عِنْدَهُ مَعَ الثَّخَانَةِ مِنْ النَّعْلِ أَوْ الْجِلْدِ اهـ وَقَدْ أَطَالَ فِي ذَلِكَ.

أَقُولُ: بَلْ هُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَكَذَا مِنْ قَوْلِ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ؛ وَعَلَى الْجَوْرَبِ الْمُجَلَّدِ وَالْمُنْعَلِ وَالثَّخِينِ فَإِنَّ مُفَادَهُ أَنَّ الْمُجَلَّدَ لَا يَتَقَيَّدُ بِالثَّخَانَةِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ اسْتِيعَابُ الْجِلْدِ جَمِيعَ مَا يَسْتُرُ الْقَدَمَ عَلَى خِلَافِ مَا يَزْعُمُهُ بَعْضُ النَّاسِ وَقَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَيْضًا: صَرَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ بِجَوَازِ الْمَسْحِ عَلَى الْمُجَلَّدِ مِنْ الْكِرْبَاسِ. اهـ. وَيُؤْخَذُ مِنْ هَذَا وَمِمَّا قَبْلَهُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ مَحَلُّ الْمَسْحِ وَهُوَ ظَهْرُ الْقَدَمِ مُجَلَّدًا مَعَ أَسْفَلِهِ أَنَّهُ يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ سَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ فِي الْخُفِّ الْحَنَفِيِّ الْمَخِيطِ بِالشَّخْشِيرِ. وَلَا يُعَكِّرُ عَلَيْهِ اشْتِرَاطُهُمْ أَنْ يَثْبُتَ عَلَى السَّاقِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ ذَاكَ فِي الْجَوْرَبِ الثَّخِينِ الْغَيْرِ الْمُجَلَّدِ وَالْمُنْعَلِ كَمَا فِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ (قَوْلُهُ مَرَّةً) قَيْدٌ لِلْمَسْحِ الْمَفْهُومِ، فَلَا يُسَنُّ تَكْرَارُهُ كَمَسْحِ الرَّأْسِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَلَوْ امْرَأَةً) تَعْمِيمٌ لِقَوْلِهِ لِمُحْدِثٍ أَوْ لِفَاعِلٍ يَبْدَأُ (قَوْلُهُ مَلْبُوسَيْنِ) حَالٌ مِنْ قَوْلِهِ خُفَّيْهِ وَمَا عُطِفَ عَلَيْهِ ط (قَوْلُهُ لَا يُمْسَحُ عَلَيْهِ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُلْبَسْ عَلَى طَهَارَةٍ، فَعَلَيْهِ أَنْ يَمْسَحَ عَلَى الْخُفِّ لِاسْتِقْرَارِ

ص: 270

خَرَجَ النَّاقِصُ حَقِيقَةً كَلَمْعَةٍ، أَوْ مَعْنًى كَتَيَمُّمٍ وَمَعْذُورٌ فَإِنَّهُ يَمْسَحُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ إلَّا إذَا تَوَضَّأَ وَلَبِسَ عَلَى الِانْقِطَاعِ الصَّحِيحِ (عِنْدَ الْحَدَثِ)

فَلَوْ تَخَفَّفَ الْمُحْدِثُ ثُمَّ خَاضَ الْمَاءَ فَابْتَلَّ قَدَمَاهُ ثُمَّ تَمَّمَ وُضُوءَهُ ثُمَّ أَحْدَثَ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ (يَوْمًا وَلَيْلَةً لِمُقِيمٍ، وَثَلَاثَةَ أَيَّامٍ وَلَيَالِيَهَا لِمُسَافِرٍ)

وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ (مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ) فَقَدْ يَمْسَحُ الْمُقِيمُ سِتًّا، وَقَدْ لَا يَتَمَكَّنُ إلَّا مِنْ أَرْبَعٍ كَمَنْ تَوَضَّأَ وَتَخَفَّفَ قَبْلَ

ــ

[رد المحتار]

حُكْمِ الْمَسْحِ عَلَيْهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ خَرَجَ النَّاقِصُ) أَقُولُ: وَخَرَجَ أَيْضًا مَا لَوْ تَوَضَّأَ الْجُنُبُ ثُمَّ تَخَفَّفَ ثُمَّ أَحْدَثَ ثُمَّ غَسَلَ بَاقِيَ بَدَنِهِ لَا يَمْسَحُ. أَمَّا عَلَى الصَّحِيحِ مِنْ عَدَمِ تَجَزِّي الْحَدَثِ ثُبُوتًا وَزَوَالًا فَظَاهِرٌ. وَأَمَّا عَلَى مُقَابِلِهِ فَلِعَدَمِ التَّمَامِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ تَعَرَّضَ لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ أَئِمَّتِنَا تَأَمَّلْ، وَتُعْلَمُ بِالْأَوْلَى مِنْ قَوْلِهِ كَلَمْعَةٍ (قَوْلُهُ كَلَمْعَةٍ) يَعْنِي كَطُهْرٍ بَقِيَتْ فِيهِ لَمْعَةٌ مِنْ الْأَعْضَاءِ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ قَبْلَ لُبْسِ الْخُفِّ (قَوْلُهُ كَتَيَمُّمٍ) أَيْ إنَّ اللُّبْسَ لَوْ كَانَ بَعْدَ التَّيَمُّمِ فَوَجَدَ بَعْدَهُ الْمَاءَ بَلْ عَلَى الْخُفِّ بَلْ يَجِبُ الْغُسْلُ (قَوْلُهُ وَمَعْذُورٍ) أَيْ وَطُهْرِ مَعْذُورٍ، فَهُوَ عَلَى تَقْدِيرِ مُضَافٍ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ إلَخْ) الضَّمِيرُ لِلْمَعْذُورِ، وَهَذَا بَيَانٌ لِوَجْهِ كَوْنِ طُهْرِهِ نَاقِصًا.

ثُمَّ إنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ الْعُذْرُ مُنْقَطِعًا وَقْتَ الْوُضُوءِ وَاللُّبْسِ مَعًا أَوْ مَوْجُودًا فِيهِمَا؛ أَوْ مُنْقَطِعًا وَقْتَ الْوُضُوءِ مَوْجُودًا وَقْتَ اللُّبْسِ أَوْ بِالْعَكْسِ فَهِيَ رُبَاعِيَّةٌ؛ فَفِي الْأَوَّلِ حُكْمُهُ كَالْأَصِحَّاءِ لِوُجُودِ اللُّبْسِ عَلَى طَهَارَةٍ كَامِلَةٍ فَمَنَعَ سِرَايَةَ الْحَدَثِ لِلْقَدَمَيْنِ؛ وَفِي الثَّلَاثَةِ الْبَاقِيَةِ يُمْسَحُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ، فَإِذَا خَرَجَ نَزَعَ وَغَسَلَ كَمَا فِي الْبَحْرِ؛ لَكِنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ نُقْصَانِ طَهَارَةِ التَّيَمُّمِ وَالْمَعْذُورِ تَبِعَ فِيهِ الزَّيْلَعِيَّ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَعُورِضَ بِأَنَّهُ لَا نَقْصَ فِيهِمَا مَا بَقِيَ شَرْطُهُمَا، وَإِنَّمَا لَمْ يَمْسَحْ الْمُتَيَمِّمُ بَعْدَ رُؤْيَةِ الْمَاءِ وَالْمَعْذُورُ بَعْدَ الْوَقْتِ لِظُهُورِ الْحَدَثِ السَّابِقِ حِينَئِذٍ عَلَى الْقَدَمِ، وَالْمَسْحُ إنَّمَا يُزِيلُ مَا حَلَّ بِالْمَسْمُوحِ لَا بِالْقَدَمِ، وَلِذَا جَوَّزْنَا لِذِي الْعُذْرِ الْمَسْحَ فِي الْوَقْتِ كُلَّمَا تَوَضَّأَ لِحَدَثٍ غَيْرِ الَّذِي اُبْتُلِيَ بِهِ إذَا كَانَ السَّيَلَانُ مُقَارِنًا لِلْوُضُوءِ وَاللُّبْسِ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْحَدَثِ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَامٌّ؛ فَيُعْتَبَرُ كَوْنُ الطُّهْرِ تَامًّا وَقْتَ نُزُولِ الْحَدَثِ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ يَمْنَعُ سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ، فَيُعْتَبَرُ تَمَامُ الطُّهْرِ وَقْتَ الْمَنْعِ لَا وَقْتَ اللُّبْسِ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ

(قَوْلُهُ جَازَ أَنْ يَمْسَحَ) لِوُجُودِ الشُّرُوطِ هُوَ كَوْنُهُمَا مَلْبُوسَيْنِ عَلَى طُهْرٍ تَامٍّ وَقْتَ الْحَدَثِ، وَمِثْلُهُ مَا لَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ تَخَفَّفَ ثُمَّ تَمَّمَ الْوُضُوءَ أَوْ غَسَلَ رِجْلًا فَخَفَّفَهَا ثُمَّ الْأُخْرَى كَذَلِكَ كَمَا فِي الْبَحْرِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ تَوَضَّأَ ثُمَّ أَحْدَثَ قَبْلَ وُصُولِ الرِّجْلِ إلَى قَدَمِ الْخُفِّ فَإِنَّهُ لَا يَمْسَحُ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ، وَهُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ يَوْمًا وَلَيْلَةً) الْعَامِلُ فِيهِمَا الضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ وَهُوَ جَائِزٌ لِعَوْدِهِ عَلَى الْمَسْحِ أَوْ الْمَسْحُ فِي قَوْلِهِ شُرِطَ مَسْحُهُ أَفَادَهُ ط

(قَوْلُهُ وَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ) قَدَّرَهُ لِيُفِيدَ أَنَّ مِنْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ ابْتِدَائِيَّةٌ وَأَنَّ الْجَارَّ وَالْمَجْرُورَ خَبَرٌ لِمُبْتَدَإٍ مَحْذُوفٍ وَهُوَ ذَلِكَ الْمُقَدَّرُ ط (قَوْلُهُ مِنْ وَقْتِ الْحَدَثِ) أَيْ لَا مِنْ وَقْتِ الْمَسْحِ الْأَوَّلِ كَمَا هُوَ رِوَايَةٌ عَنْ أَحْمَدَ، وَلَا مِنْ وَقْتِ اللُّبْسِ كَمَا حُكِيَ عَنْ الْحَسَنِ الْبَصْرِيِّ؛ وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ.

وَذَكَرَ الرَّمْلِيُّ أَنَّ صَرِيحَ كَلَامِ الْبَحْرِ أَنَّ الْمُدَّةَ تُعْتَبَرُ مِنْ أَوَّلِ وَقْتِ الْحَدَثِ لَا مِنْ آخِرِهِ كَمَا هُوَ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ. وَمَا قُلْنَاهُ أَوْلَى؛ لِأَنَّهُ وَقْتُ عَمَلِ الْخُفِّ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا عِنْدَنَا. اهـ.

وَعَلَيْهِ فَلَوْ كَانَ حَدَثُهُ بِالنَّوْمِ فَابْتِدَاءُ الْمُدَّةِ مِنْ أَوَّلِ مَا نَامَ لَا مِنْ حِينِ الِاسْتِيقَاظِ، حَتَّى لَوْ نَامَ أَوْ جُنَّ أَوْ أُغْمِيَ عَلَيْهِ مُدَّتَهُ بَطَلَ مَسْحُهُ (قَوْلُهُ سِتًّا) صُورَتُهُ لَبِسَ الْخُفَّ عَلَى طَهَارَةٍ ثُمَّ أَحْدَثَ وَقْتَ الْإِسْفَارِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَمَسَحَ وَصَلَّى قُبَيْلَ الشَّمْسِ ثُمَّ صَلَّى الصُّبْحَ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي عَقِبَ الْفَجْرِ. ح، وَقَدْ يُصَلِّي سَبْعًا عَلَى الِاخْتِلَافِ بَحْرٌ: أَيْ الِاخْتِلَافِ بَيْنَ الْإِمَامِ وَصَاحِبِيهِ؛ بِأَنْ أَحْدَثَ فِيمَا بَيْنَ الْمِثْلَيْنِ ثُمَّ صَلَّى الظُّهْرَ فِي الْيَوْمِ الْأَوَّلِ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ بَعْدَ الْمِثْلِ، وَالْعَصْرَ

ص: 271

الْفَجْرِ فَلَمَّا طَلَعَ صَلَّى فَلَمَّا تَشَهَّدَ أَحْدَثَ.

(لَا) يَجُوزُ (عَلَى عِمَامَةٍ وَقَلَنْسُوَةٍ وَبُرْقُعٍ وَقُفَّازَيْنِ) لِعَدَمِ الْحَرَجِ.

(وَفَرْضُهُ) عَمَلًا (قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْيَدِ) أَصْغَرِهَا طُولًا وَعَرْضًا مِنْ كُلِّ رِجْلٍ لَا مِنْ الْخُفِّ فَمَنَعُوا فِيهِ مَدَّ الْأُصْبُعِ فَلَوْ مَسَحَ بِرُءُوسِ أَصَابِعِهِ وَجَافَى أُصُولَهَا لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَبْتَلَّ مِنْ الْخُفِّ عِنْدَ الْوَضْعِ قَدْرُ الْفَرْضِ، قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. ثُمَّ قَالَ: وَفِي الذَّخِيرَةِ إنْ الْمَاءُ مُتَقَاطِرًا جَازَ وَإِلَّا لَا

ــ

[رد المحتار]

أَيْضًا بَعْدَ الْمِثْلَيْنِ، وَفِي الْيَوْمِ الثَّانِي صَلَّى الظُّهْرَ قَبْلَ الْمِثْلِ (قَوْلُهُ فَلَمَّا تَشَهَّدَ أَحْدَثَ) فَإِنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ صَلَاةُ الصُّبْحِ فِي الْيَوْمِ الثَّانِي لِبُطْلَانِهَا بِانْقِضَاءِ مُدَّةِ الْمَسْحِ فِي الْقَعْدَةِ كَمَا سَيَأْتِي فِي الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ

(قَوْلُهُ لَا عَلَى عِمَامَةٍ إلَخْ) الْعِمَامَةُ مَعْرُوفَةٌ وَتُسَمَّى الشَّاشَ فِي زَمَانِنَا. وَالْقَلَنْسُوَةُ: بِفَتْحِ الْقَافِ وَاللَّامِ وَالْوَاوِ وَسُكُونِ النُّونِ وَضَمِّ السِّينِ فِي آخِرِهَا هَاءُ التَّأْنِيثِ مَا يُلْبَسُ عَلَى الرَّأْسِ وَيُتَعَمَّمُ فَوْقَهُ. وَالْبُرْقُعُ: بِضَمِّ الْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ وَسُكُونِ الرَّاءِ وَضَمِّ الْقَافِ وَفَتْحِهَا آخِرُهَا عَيْنٌ مُهْمَلَةٌ مَا يُلْبَسُ عَلَى الْوَجْهِ فِيهِ خَرْقَانِ لِلْعَيْنَيْنِ. وَالْقُفَّازُ بِضَمِّ الْقَافِ وَتَشْدِيدِ الْفَاءِ بِأَلْفٍ ثُمَّ زَايٍ شَيْءٌ يُلْبَسُ عَلَى الْيَدَيْنِ يُحْشَى بِقُطْنٍ وَيُزَرُّ عَلَى السَّاعِدَيْنِ. اهـ ح (قَوْلُهُ لِعَدَمِ الْحَرَجِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ لَا يَجُوزُ. وَأَيْضًا مَا وَرَدَ فِي ذَلِكَ شَاذٌّ لَا يُزَادُ بِهِ عَلَى الْكِتَابِ الْعَزِيزِ الْآمِرِ بِالْغُسْلِ وَمَسْحِ الرَّأْسِ، بِخِلَافِ مَا وَرَدَ فِي الْخُفِّ. وَقَالَ الْإِمَامُ مُحَمَّدٌ فِي مُوَطَّئِهِ: بَلَغَنَا أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْعِمَامَةِ كَانَ ثُمَّ تُرِكَ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ

(قَوْلُهُ عَمَلًا) أَيْ فَرْضُهُ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ لَا الِاعْتِقَادِ، وَهُوَ أَعْلَى قِسْمَيْ الْوَاجِبِ كَمَا قَدَّمْنَا تَقْرِيرَهُ فِي الْوُضُوءِ: وَسَيَجِيءُ (قَوْلُهُ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ) أَشَارَ إلَى أَنَّ الْأَصَابِعَ غَيْرُ شَرْطٍ، وَإِنَّمَا الشَّرْطُ قَدْرُهَا شُرُنْبُلَالِيَّةٌ، فَلَوْ أَصَابَ مَوْضِعَ الْمَسْحِ مَاءٌ أَوْ مَطَرٌ قَدْرَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ جَازَ، وَكَذَا لَوْ مَشَى فِي حَشِيشٍ مُبْتَلٍّ بِالْمَطَرِ. وَكَذَا بِالطَّلِّ فِي الْأَصَحِّ. وَقِيلَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ نَفَسُ دَابَّةٍ فِي الْبَحْرِ يَجْذِبُهُ الْهَوَاءُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَصْغَرِهَا) بَدَلٌ مِنْ الْأَصَابِعِ ط أَوْ نَعْتٌ، وَأَفْرَدَهُ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي أَفْعَلِ التَّفْصِيلِ الْمُضَافِ إلَى مَعْرِفَةٍ عَدَمُ الْمُطَابَقَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ طُولًا وَعَرْضًا) كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: أَيْ فَرْضُهُ قَدْرُ طُولِ الثَّلَاثِ أَصَابِعَ وَعَرْضِهَا. .

قَالَ فِي الْبَحْرِ: مَا عَنْ الْبَدَائِعِ: وَلَوْ مَسَحَ بِثَلَاثِ أَصَابِعَ مَنْصُوبَةً غَيْرَ مَوْضُوعَةٍ وَلَا مَمْدُودَةٍ لَا يَجُوزُ بِلَا خِلَافٍ بَيْنَ أَصْحَابِنَا (قَوْلُهُ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ) أَيْ فَرْضُهُ هَذَا الْقَدْرُ كَائِنًا مِنْ كُلِّ رِجْلٍ عَلَى حِدَةٍ قَالَ فِي الدُّرَرِ: حَتَّى لَوْ مَسَحَ عَلَى إحْدَى رِجْلَيْهِ مِقْدَارَ أُصْبُعَيْنِ وَعَلَى الْأُخْرَى مِقْدَارَ خَمْسِ أَصَابِعَ لَمْ يَجُزْ (قَوْلُهُ لَا مِنْ الْخُفِّ) لِمَا قَدَّمَهُ أَنَّهُ لَوْ وَاسِعًا فَمَسَحَ عَلَى الزَّائِدِ وَلَمْ يُقَدِّمْ قَدَمَهُ إلَيْهِ لَمْ يَجُزْ وَلِمَا يَأْتِي مِنْ قَوْلِهِ وَلَوْ قَطَعَ قَدَمَهُ إلَخْ (قَوْلُهُ فَمَنَعُوا إلَخْ) شُرُوعٌ فِي التَّفْرِيعِ عَلَى مَا قَبْلَهُ مِنْ الْقُيُودِ (قَوْلُهُ مَدَّ الْأُصْبُعَ) أَيْ جَرَّهَا عَلَى الْخُفِّ حَتَّى يَبْلُغَ مِقْدَارَ ثَلَاثِ أَصَابِعَ، وَظَاهِرُهُ وَلَوْ مَعَ بَقَاءِ الْبِلَّةِ؛ لِأَنَّهَا تَصِيرُ مُسْتَعْمَلَةً تَأَمَّلْ، وَفِي الْحِلْيَةِ: وَكَذَا الْأُصْبُعَانِ، بِخِلَافِ مَا لَوْ مَسَحَ بِالْإِبْهَامِ وَالسَّبَّابَةِ مَفْتُوحَتَيْنِ مَعَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْكَفِّ أَوْ مَسَحَ بِأُصْبُعٍ وَاحِدَةٍ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فِي ثَلَاثَةِ مَوَاضِعَ وَأَخَذَ لِكُلِّ مَرَّةٍ مَاءً فَيَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ بِمَنْزِلَةِ ثَلَاثِ أَصَابِعَ وَكَذَا لَوْ مَسَحَ بِجَوَانِبِهَا الْأَرْبَعِ فِي الصَّحِيحِ وَالظَّاهِرُ تَقْيِيدُهُ بِوُقُوعِهِ فِي أَرْبَعَةِ مَوَاضِعَ.

اهـ (قَوْلُهُ لَمْ يَجُزْ إلَّا أَنْ يَبْتَلَّ إلَخْ) كَذَا فِي الْمُنْيَةِ. قَالَ الزَّاهِدِيُّ: قُلْت أَوْ كَانَتْ تَنْزِلُ الْبِلَّةُ إلَيْهَا عِنْدَ الْمَدِّ. اهـ وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِكَوْنِهِ مُتَقَاطِرًا حِلْيَةٌ، فَأَفَادَ أَنَّ الشَّرْطَ إمَّا الِابْتِلَالُ الْمَذْكُورُ أَوْ التَّقَاطُرُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: لِأَنَّ الْبِلَّةَ تَصِيرُ مُسْتَعْمَلَةً أَوَّلًا بِمُجَرَّدِ الْإِصَابَةِ فَتَصِيرُ مُسْتَعْمَلَةً ثَانِيًا فِي الْفَرْضِ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مُتَقَاطِرًا؛ لِأَنَّ الَّتِي مَسَحَ بِهَا ثَانِيًا غَيْرُ الْأُولَى، وَبِخِلَافِ إقَامَةِ السُّنَّةِ فِيمَا إذَا وَضَعَ الْأَصَابِعَ ثُمَّ مَدَّهَا وَلَمْ يَكُنْ مُتَقَاطِرًا؛ لِأَنَّ النَّفَلَ يُغْتَفَرُ فِيهِ مَا لَا يُغْتَفَرُ فِي الْفَرْضِ وَهُوَ تَابِعٌ لَهُ فَيُؤَدِّي بِبِلَّتِهِ تَبَعًا ضَرُورَةَ عَدَمِ شَرْعِيَّةِ التَّكْرَارِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ (قَوْلُهُ ثُمَّ قَالَ إلَخْ) قَدْ عَلِمْت أَنَّ الشَّرْطَ أَحَدُ الْأَمْرَيْنِ فَلَا مُنَافَاةَ بَيْنَ النَّقْلَيْنِ؛ لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى عَدَمِ الْمَسْحِ بِبِلَّةٍ مُسْتَعْمَلَةٍ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) صَحَّحَ فِي الْخُلَاصَةِ

ص: 272

وَلَوْ قَطَعَ قَدَمَهُ، إنْ بَقِيَ مِنْ ظَهْرِهِ قَدْرُ الْفَرْضِ مَسَحَ وَإِلَّا غَسَلَ كَمَنْ كَعَبَهُ، وَلَوْ لَهُ رِجْلٌ وَاحِدَةٌ مَسَحَهَا. وَجَازَ مَسْحُ خُفٍّ مَغْصُوبٍ خِلَافًا لِلْحَنَابِلَةِ، كَمَا جَازَ غَسْلُ رِجْلٍ مَغْصُوبَةٍ إجْمَاعًا.

(وَالْخَرْقُ الْكَبِيرُ) بِمُوَحَّدَةٍ أَوْ مُثَلَّثَةٍ (وَهُوَ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعِ الْقَدَمِ الْأَصَاغِرِ) بِكَمَالِهَا وَمَقْطُوعُهَا يُعْتَبَرُ بِأَصَابِعَ مُمَاثِلَةٍ (يَمْنَعُهُ) إلَّا أَنْ يَكُونَ فَوْقَهُ خُفٌّ آخَرُ أَوْ جُرْمُوقٌ فَيَمْسَحُ عَلَيْهِ، وَهَذَا لَوْ الْخَرْقُ عَلَى غَيْرِ أَصَابِعِهِ وَعَقِبِهِ وَيُرَى مَا تَحْتَهُ، فَلَوْ عَلَيْهَا اُعْتُبِرَ الثَّلَاثُ وَلَوْ كِبَارًا،

ــ

[رد المحتار]

الْجَوَازَ مُطْلَقًا وَالتَّفْصِيلُ أَوْلَى كَمَا فِي الْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ.

(قَوْلُهُ مِنْ ظَهْرِهِ) أَيْ الْقَدَمِ، وَقَيَّدَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مَحَلُّ الْمَسْحِ، فَلَا اعْتِبَارَ بِمَا يَبْقَى مِنْ الْعَقِبِ ط (قَوْلُهُ وَإِلَّا غَسَلَ) أَيْ غَسَلَ الْمَقْطُوعَةَ وَالصَّحِيحَةَ أَيْضًا لِئَلَّا يَلْزَمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْغُسْلِ وَالْمَسْحِ (قَوْلُهُ مِنْ كَعْبِهِ) أَيْ مِنْ الْمَفْصِلِ لِوُجُوبِ غَسْلِهِ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ، فَيَغْسِلُ الرِّجْلَ الْأُخْرَى وَلَا يَمْسَحُ (قَوْلُهُ رِجْلٌ وَاحِدَةٌ) بِأَنْ كَانَتْ الْأُخْرَى مَقْطُوعَةً مِنْ فَوْقِ الْكَعْبِ (قَوْلُهُ مَسَحَهَا) لِعَدَمِ الْجَمْعِ (قَوْلُهُ خُفٍّ مَغْصُوبٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْمُسْتَعْمَلُ عَلَى وَجْهٍ مُحَرَّمٍ سَوَاءٌ كَانَ غَصْبًا أَوْ سَرِقَةً أَوْ اخْتِلَاسًا ط (قَوْلُهُ رِجْلٍ مَغْصُوبَةٍ) إطْلَاقُ الْغَصْبِ عَلَى ذَلِكَ مُسَاهَلَةٌ. وَصُورَتُهُ اسْتَحَقَّ قَطْعَ رِجْلِهِ لِسَرِقَةٍ أَوْ قِصَاصٍ فَهَرَبَ وَصَارَ يَتَوَضَّأُ عَلَيْهَا ط

(قَوْلُهُ وَالْخُرْقُ) بِضَمِّ الْخَاءِ: الْمَوْضِعُ، وَلَا يَصِحُّ هُنَا الْفَتْحُ؛ لِأَنَّهُ مَصْدَرٌ، وَلَا يُلَائِمُهُ الْوَصْفُ بِالْكَبِيرِ. ثُمَّ رَأَيْت ط نَبَّهَ عَلَى ذَلِكَ أَيْضًا فَافْهَمْ، ثُمَّ الْمُرَادُ بِهِ مَا كَانَ تَحْتَ الْكَعْبِ، فَالْخُرْقُ فَوْقَهُ لَا يَمْنَعُ؛ لِأَنَّ الزَّائِدَ عَلَى الْكَعْبِ لَا عِبْرَةَ بِهِ زَيْلَعِيٌّ (قَوْلُهُ بِمُوَحَّدَةٍ أَوْ مُثَلَّثَةٍ) أَيْ يَجُوزُ قِرَاءَةُ الْكَبِيرِ بِالْبَاءِ الْمُوَحَّدَةِ: أَيْ الَّتِي لَهَا نُقْطَةٌ وَاحِدَةٌ، وَيَجُوزُ أَنْ يُقْرَأَ الْكَثِيرُ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ الَّتِي لَهَا ثَلَاثُ نُقَطٍ، وَهَذَا بِالنَّظَرِ إلَى أَصْلِ الرِّوَايَةِ وَالسَّمَاعِ، وَإِلَّا فَالْمَرْسُومُ فِي الْمَتْنِ الْأَوَّلُ.

وَفِي النَّهْرِ وَغَيْرِهِ عَنْ شَيْخِ الْإِسْلَامِ خُوَاهَرْ زَادَهْ أَنَّهُ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْكَمَّ الْمُنْفَصِلَ تُسْتَعْمَلُ فِيهِ الْكَثْرَةُ وَالْقِلَّةُ، وَفِي الْمُتَّصِلِ الْكِبَرُ وَالصِّغَرُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ الْخُفَّ كَمٌّ مُتَّصِلٌ.

وَفِي الْمُغْرِبِ: الْكَثْرَةُ خِلَافُ الْقِلَّةِ، وَتُجْعَلُ عِبَارَةً عَنْ السَّعَةِ، وَمِنْهُ قَوْلُهُمْ: الْخُرْقُ الْكَثِيرُ، وَمُفَادُهُ اسْتِعْمَالُ الْكَثْرَةِ فِي الْمُتَّصِلِ، وَكَأَنَّ الْكَثِيرَ الشَّائِعَ هُوَ الْأَوَّلُ (قَوْلُهُ وَهُوَ قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ) يَعْنِي طُولًا وَعَرْضًا، بِأَنْ سَقَطَتْ جِلْدَةٌ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ وَعَرْضُهَا كَذَا فِي حَاشِيَةِ يَعْقُوبَ بَاشَا عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ فَلْيُحْفَظْ.

(قَوْلُهُ أَصَابِعِ الْقَدَمِ الْأَصَاغِرِ) صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَاعْتَبَرَ الْأَصَاغِرَ لِلِاحْتِيَاطِ. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ اعْتِبَارُ أَصَابِعِ الْيَدِ بَحْرٌ، وَأَطْلَقَ الْأَصَابِعَ؛ لِأَنَّ فِي اعْتِبَارِهَا مَضْمُومَةً أَوْ مُفَرَّجَةً اخْتِلَافًا قُهُسْتَانِيٌّ (قَوْلُهُ بِكَمَالِهَا) هُوَ الصَّحِيحُ، خِلَافًا لِمَا رَجَّحَهُ السَّرَخْسِيُّ مِنْ الْمَنْعِ بِظُهُورِ الْأَنَامِلِ وَحْدَهَا شَرْحُ الْمُنْيَةِ. وَالْأَنَامِلُ: رُءُوسُ الْأَصَابِعِ، وَهُوَ صَادِقٌ بِمَا إذَا كَانَتْ الْأَصَابِعُ تَخْرُجُ مِنْهُ بِتَمَامِهَا، لَكِنْ لَا يَبْلُغُ هُوَ قَدْرَهَا طُولًا وَعَرْضًا (قَوْلُهُ بِأَصَابِعَ مُمَاثِلَةٍ) أَيْ بِأَصَابِعِ شَخْصٍ غَيْرِهِ مُمَاثِلٍ لَهُ فِي الْقَدَمِ صِغَرًا وَكِبَرًا، وَالتَّقْيِيدُ بِالْمُمَاثَلَةِ أَفَادَهُ فِي النَّهْرِ.

وَرَدَّ عَلَى الْبَحْرِ اخْتِيَارَهُ الْقَوْلَ بِاعْتِبَارِ أَصَابِعِ نَفْسِهِ لَوْ قَائِمَةً عَلَى الْقَوْلِ بِاعْتِبَارِ أَصَابِعِ غَيْرِهِ لِتَفَاوُتِهَا فِي الصِّغَرِ وَالْكِبَرِ، بِأَنَّ تَقْدِيمَ الزَّيْلَعِيِّ الْأَوَّلَ يُفِيدُ أَنَّ عَلَيْهِ الْمُعَوَّلَ وَبِأَنَّهُ بَعْدَ اعْتِبَارِ الْمُمَاثَلَةِ لَا تَفَاوُتَ، وَبِأَنَّ الِاعْتِبَارَ بِالْمَوْجُودِ أَوْلَى. وَأَفَادَ ح أَنَّ مَا فِي النَّهْرِ يَرْجِعُ بَعْدَ التَّأَمُّلِ إلَى مَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ فَيَمْسَحُ عَلَيْهِ) أَيْ عَلَى الْخُفِّ الْآخَرِ أَوْ الْجُرْمُوقِ؛ لِأَنَّ الْعِبْرَةَ لِلْأَعْلَى حَيْثُ لَمْ تَتَقَرَّرْ الْوَظِيفَةُ عَلَى الْأَسْفَلِ (قَوْلُهُ وَهَذَا) أَيْ التَّقْدِيرُ بِالثَّلَاثِ الْأَصَاغِرِ.

(قَوْلُهُ فَلَوْ عَلَيْهَا إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى الْقُيُودِ الثَّلَاثَةِ عَلَى سَبِيلِ النَّشْرِ الْمُرَتَّبِ (قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ الثَّلَاثُ) أَيْ الَّتِي وَقَعَتْ فِي مُقَابَلَةِ الْخُرْقِ؛ لِأَنَّ كُلَّ أُصْبُعٍ أَصْلٌ فِي مَوْضِعِهَا فَلَا تُعْتَبَرُ بِغَيْرِهَا، حَتَّى لَوْ انْكَشَفَ الْإِبْهَامُ مَعَ جَارَتِهَا وَهُمَا قَدْرُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مِنْ أَصْغَرِهَا يَجُوزُ الْمَسْحُ، وَإِنْ كَانَ مَعَ جَارَتَيْهَا لَا يَجُوزُ. اهـ زَيْلَعِيٌّ وَدُرَرٌ وَغَيْرُهُمَا، وَصَحَّحَهُ فِي التَّتِمَّةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.

ص: 273

وَلَوْ عَلَيْهِ اُعْتُبِرَ بُدُوُّ أَكْثَرِهِ، وَلَوْ لَمْ يُرَ الْقَدْرُ الْمَانِعُ عِنْدَ الْمَشْيِ لِصَلَابَتِهِ لَمْ يُمْنَعْ وَإِنْ كَثُرَ كَمَا لَوْ انْفَتَقَتْ الظِّهَارَةُ دُونَ الْبِطَانَةِ

(وَتُجْمَعُ الْخُرُوقُ فِي خُفٍّ) وَاحِدٍ (لَا فِيهِمَا) بِشَرْطِ أَنْ يَقَعَ فَرْضُهُ عَلَى الْخُفِّ نَفْسِهِ لَا عَلَى مَا ظَهَرَ مِنْ خَرْقٍ يَسِيرٍ. (وَأَقَلُّ خَرْقٍ يُجْمَعُ لِيَمْنَعَ) الْمَسْحَ الْحَالِيِّ وَالِاسْتِقْبَالِيّ كَمَا يُنْقَضُ الْمَاضَوِيُّ قُهُسْتَانِيٌّ. قُلْت: مَرَّ أَنَّ نَاقِضَ التَّيَمُّمِ يُمْنَعُ وَيُرْفَعُ كَنَجَاسَةٍ وَانْكِشَافٍ حَتَّى انْعِقَادَهَا كَمَا سَيَجِيءُ فَلْيُحْفَظْ (مَا تَدْخُلُ فِي الْمِسَلَّةِ لَا مَا دُونَهُ) إلْحَاقًا لَهُ بِمَوَاضِعِ الْخَرْزِ (بِخِلَافِ نَجَاسَةٍ) مُتَفَرِّقَةٍ

ــ

[رد المحتار]

قَوْلُهُ وَلَوْ عَلَيْهِ) أَيْ الْعَقِبِ اُعْتُبِرَ بُدُوُّ: أَيْ ظُهُورُ أَكْثَرِهِ، كَذَا ذَكَرَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ، وَكَذَا لَوْ كَانَ الْخُرْقُ تَحْتَ الْقَدَمِ اُعْتُبِرَ أَكْثَرُهُ كَمَا فِي الِاخْتِيَارِ، وَنَقَلَهُ الزَّيْلَعِيُّ عَنْ الْغَايَةِ بِلَفْظِ قِيلَ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَظَاهِرُ الْبَدَائِعِ اخْتِيَارُ اعْتِبَارِ ثَلَاثِ أَصَابِعَ مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ كَمَا لَا يَخْفَى حَتَّى فِي الْعَقِبِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ السَّرَخْسِيِّ. وَالْقَدَمُ مِنْ الرِّجْلِ: مَا يَطَأُ عَلَيْهِ الْإِنْسَانُ مِنْ الرُّسْغِ إلَى مَا دُونَ ذَلِكَ، وَهِيَ مُؤَنَّثَةٌ. وَالْعَقِبُ: بِكَسْرِ الْقَافِ مُؤَخَّرُ الْقَدَمِ. اهـ (قَوْلُهُ عِنْدَ الْمَشْيِ) أَيْ عِنْدَ رَفْعِ الْقَدَمِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ الصَّغِيرِ، سَوَاءٌ كَانَ لَا يُرَى عِنْد الْوَضْعِ عَلَى الْأَرْضِ أَيْضًا أَوْ يُرَى عِنْدَ الْوَضْعِ فَقَطْ، وأَمَّا بِالْعَكْسِ فِيهِمَا فَيُمْنَعُ، أَفَادَهُ ح، وَإِنَّمَا اُعْتُبِرَ حَالُ الْمَشْيِ لَا حَالُ الْوَضْعِ؛ لِأَنَّ الْخُفَّ لِلْمَشْيِ يُلْبَسُ دُرَرٌ (قَوْلُهُ كَمَا لَوْ انْفَتَقَتْ الظِّهَارَةُ إلَخْ) بِأَنْ كَانَ فِي دَاخِلِهَا بِطَانَةٌ مِنْ جِلْدٍ أَوْ خِرْقَةٌ مَخْرُوزَةٌ بِالْخُفِّ فَإِنَّهُ لَا يُمْنَعُ زَيْلَعِيٌّ، وَقَدَّمْنَاهُ

(قَوْلُهُ وَتُجْمَعُ الْخُرُوقُ إلَخْ) اخْتَارَ فِي الْبَدَائِعِ بَحْثًا عَدَمَ الْجَمْعِ، وَقَوَّاهُ تِلْمِيذُهُ فِي الْحِلْيَةِ بِمُوَافَقَتِهِ؛ لِمَا رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ مِنْ عَدَمِ الْجَمْعِ مُطْلَقًا، وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَحْرِ؛ لَكِنْ ذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّ الْجَمْعَ هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الْمَذْهَبِ. وَقَالَ فِي النَّهْرِ: إطْبَاقُ عَامَّةِ الْمُتُونِ وَالشُّرُوحِ عَلَيْهِ مُؤْذِنٌ بِتَرْجِيحِهِ (قَوْلُهُ لَا فِيهِمَا) أَيْ لَوْ كَانَ فِي كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ الْخُفَّيْنِ خُرُوقٌ غَيْرُ مَانِعَةٍ لَكِنْ إذَا جَمَعْتهَا تَكُونُ مِثْلَ الْقَدْرِ الْمَانِعِ لَا تَمْنَعُ وَيَصِحُّ الْمَسْحُ. اهـ ح (قَوْلُهُ بِشَرْطِ إلَخْ) مُتَعَلِّقٌ بِصِحَّةِ الْمَسْحِ الَّتِي تَضَمَّنَهَا قَوْلُهُ لَا فِيهِمَا كَمَا قَرَّرْنَاهُ أَفَادَهُ ح، وَهَذَا الشَّرْطُ اسْتِظْهَارٌ مِنْ صَاحِبِ الْحِلْيَةِ، وَنَقَلَ عِبَارَتَهُ فِي الْبَحْرِ وَأَقَرَّهُ عَلَيْهِ، وَلِظُهُورِ وَجْهِهِ جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَرْضُهُ) أَيْ فَرْضُ الْمَسْحِ، وَهُوَ قَدْرُ ثَلَاثَةِ أَصَابِعَ (قَوْلُهُ عَلَى الْخُفِّ نَفْسِهِ) ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ إنَّمَا يَجِبُ عَلَيْهِ لَا عَلَى الرِّجْلِ، وَلَا يُنَافِيهِ مَا قَدَّمَهُ مِنْ قَوْلِهِ مِنْ كُلِّ رِجْلٍ لَا مِنْ الْخُفِّ؛ لِأَنَّ مَعْنَاهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ أَنْ يَقَعَ الْمَسْحُ بِالثَّلَاثِ عَلَى الْمَحَلِّ الشَّاغِلِ لِلرِّجْلِ مِنْ الْخُفِّ لَا عَلَى الْمَحَلِّ الْخَالِي عَنْ الرِّجْلِ الزَّائِدَةِ عَلَيْهَا (قَوْلُهُ الْمَسْحَ الْحَالِيَّ) أَيْ الَّذِي يُرَادُ وُقُوعُهُ حَالًا؛ وَالِاسْتِقْبَالِيّ أَيْ الَّذِي يُرَادُ إيقَاعُهُ فِيمَا بَعْدَ الزَّمَنِ الْحَاضِرِ ط (قَوْلُهُ كَمَا يَنْقُضُ الْمَاضَوِيَّ) بِأَنْ عَرَضَ بَعْدَ الْمَسْحِ (قَوْلُهُ وَمَرَّ) أَيْ فِي التَّيَمُّمِ فِي قَوْلِهِ: كُلُّ مَانِعٍ مَنَعَ وُجُودُهُ التَّيَمُّمَ نَقَضَ وُجُودُهُ التَّيَمُّمَ (قَوْلُهُ أَنَّ نَاقِضَ التَّيَمُّمِ) أَيْ مَا يُبْطِلُهُ (قَوْلُهُ يُمْنَعُ وَيُرْفَعُ) أَيْ يُمْنَعُ وُقُوعُهُ فِي الْحَالِ أَوْ الِاسْتِقْبَالِ وَيُرْفَعُ الْوَاقِعُ قَبْلَهُ؛ فَالرَّفْعُ يَقْتَضِي الْوُجُودَ بِخِلَافِ الْمَنْعِ.

وَحَاصِلُ الْمَعْنَى أَنَّ مُبْطِلَ التَّيَمُّمِ مِثْلُ الْخُرْقِ الْمُبْطِلِ لِلْمَسْحِ فِي أَنَّهُ يَمْنَعُهُ ابْتِدَاءً وَيَرْفَعُهُ انْتِهَاءً (قَوْلُهُ كَنَجَاسَةٍ) تَنْظِيرٌ لَا تَمْثِيلٌ ح. وَالْمَعْنَى أَنَّ النَّجَاسَةَ الْمَانِعَةَ تَمْنَعُ الصَّلَاةَ ابْتِدَاءً وَتَرْفَعُهَا عُرُوضًا وَمِثْلُهَا الِانْكِشَافُ ط (قَوْلُهُ حَتَّى انْعِقَادَهَا) أَيْ الصَّلَاةَ وَهُوَ مَنْصُوبٌ لِكَوْنِهِ مَعْطُوفًا بِحَتَّى عَلَى الْمَفْعُولِ بِهِ الْمُقَدَّرِ فِي الْكَلَامِ، تَقْدِيرُهُ: كَنَجَاسَةٍ وَانْكِشَافٍ فَإِنَّهُمَا يَمْنَعَانِ الصَّلَاةَ وَيَرْفَعَانِهَا حَتَّى انْعِقَادَهَا، وَالْمُرَادُ بِانْعِقَادِهَا التَّحْرِيمَةُ، وَإِنَّمَا غَيَّا بِالتَّحْرِيمَةِ لِمَا أَنَّهَا شَرْطٌ يَنْبَنِي عَلَى شَرْطِيَّتِهَا عَدَمُ اشْتِرَاطِ الشُّرُوطِ لَهَا لَكِنَّ الصَّحِيحَ اشْتِرَاطُ الشُّرُوطِ لَهَا لَا لِكَوْنِهَا رُكْنًا بَلْ لِشِدَّةِ اتِّصَالِهَا بِالْأَرْكَانِ كَمَا سَيَأْتِي ح، وَإِنَّمَا أَطْلَقَ الِانْعِقَادَ الَّذِي هُوَ صِحَّةُ الشُّرُوعِ عَلَى التَّحْرِيمَةِ؛ لِأَنَّهَا شَرْطٌ فِيهِ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ كَمَا سَيَجِيءُ) أَيْ فِي بَابِ شُرُوطِ الصَّلَاةِ مِنْ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ لِلتَّحْرِيمَةِ مَا يُشْتَرَطُ لِلصَّلَاةِ ط (قَوْلُهُ الْمِسَلَّةُ) بِكَسْرِ الْمِيمِ: الْإِبْرَةُ الْعَظِيمَةُ صِحَاحٌ (قَوْلُهُ إلْحَاقًا لَهُ) أَيْ لِمَا دُونَ الْمِسَلَّةِ بِمَوَاضِعِ الْخَرْزِ الَّتِي هِيَ مَعْفُوَّةٌ اتِّفَاقًا ط (قَوْلُهُ مُتَفَرِّقَةٍ) .

ص: 274