الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَلَوْ شَكَّ فِي نَجَاسَةِ مَاءٍ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ طَلَاقٍ أَوْ عِتْقٍ لَمْ يُعْتَبَرْ، وَتَمَامُهُ فِي الْأَشْبَاهِ.
(وَ
فَرْضُ الْغُسْلِ)
أَرَادَ بِهِ مَا يَعُمُّ الْعَمَلِيَّ كَمَا مَرَّ، وَبِالْغُسْلِ الْمَفْرُوضِ كَمَا فِي الْجَوْهَرَةِ، وَظَاهِرُهُ عَدَمُ شَرْطِيَّةِ غَسْلِ فَمِهِ وَأَنْفِهِ فِي الْمَسْنُونِ كَذَا الْبَحْرُ، يَعْنِي عَدَمَ فَرْضِيَّتِهَا فِيهِ وَإِلَّا فَهُمَا شَرْطَانِ فِي تَحْصِيلِ السُّنَّةِ (غَسْلُ) كُلِّ (فَمِهِ) وَيَكْفِي الشُّرْبُ عَبًّا؛
ــ
[رد المحتار]
فَهُوَ الْآنَ مُتَطَهِّرٌ لِأَنَّهُ تَيَقَّنَ الطَّهَارَةَ بَعْدَ ذَلِكَ الْحَدَثِ وَشَكَّ فِي انْتِقَاضِهَا لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الْحَدَثُ الثَّانِي قَبْلَهَا أَوْ بَعْدَهَا وَإِنْ كَانَ مُتَطَهِّرًا؛ فَإِنْ كَانَ يَعْتَادُ التَّجْدِيدَ فَهُوَ الْآنَ مُحْدِثٌ لِأَنَّهُ مُتَيَقِّنٌ حَدَثًا بَعْدَ تِلْكَ الطَّهَارَةِ وَشَكَّ فِي زَوَالِهِ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ الطَّهَارَةُ الثَّانِيَةُ مُتَأَخِّرَةٌ عَنْهُ أَمْ لَا؟ بِأَنْ يَكُونَ وَالَى بَيْنَ الطَّهَارَتَيْنِ. اهـ.
قَالَ الْحَمَوِيُّ: وَمِنْهُ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي صَاحِبَ الْأَشْبَاهِ مِنْ الْقُصُورِ (قَوْلُهُ: وَلَوْ شَكَّ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة: مَنْ شَكَّ فِي إنَائِهِ أَوْ فِي ثَوْبِهِ أَوْ بَدَنٍ أَصَابَتْهُ نَجَاسَةٌ أَوْ لَا فَهُوَ طَاهِرٌ مَا لَمْ يَسْتَيْقِنْ، وَكَذَا الْآبَارُ وَالْحِيَاضُ وَالْجِبَابُ الْمَوْضُوعَةُ فِي الطُّرُقَاتِ وَيَسْتَقِي مِنْهَا الصِّغَارُ وَالْكِبَارُ وَالْمُسْلِمُونَ وَالْكُفَّارُ؛ وَكَذَا مَا يَتَّخِذُهُ أَهْلُ الشِّرْكِ أَوْ الْجَهَلَةُ مِنْ الْمُسْلِمِينَ كَالسَّمْنِ وَالْخُبْزِ وَالْأَطْعِمَةِ وَالثِّيَابِ اهـ مُلَخَّصًا. [فَرْعٌ]
لَوْ شَكَّ فِي السَّائِلِ مِنْ ذَكَرِهِ أَمَاءٌ هُوَ أَمْ بَوْلٌ. إنْ قَرُبَ عَهْدُهُ بِالْمَاءِ أَوْ تَكَرَّرَ مَضَى وَإِلَّا أَعَادَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ أَحَدُهُمَا فَتْحٌ.
[فَرْضُ الْغُسْلِ]
مَطْلَبٌ فِي أَبْحَاثِ الْغُسْلِ.
(قَوْلُهُ: وَفَرْضُ الْغُسْلِ) الْوَاوُ لِلِاسْتِئْنَافِ أَوْ لِلْعَطْفِ عَلَى قَوْلِهِ أَرْكَانُ الْوُضُوءِ وَالْفَرْضُ بِمَعْنَى الْمَفْرُوضِ. وَالْغُسْلُ بِالضَّمِّ اسْمٌ مِنْ الِاغْتِسَالِ، وَهُوَ تَمَامُ غَسْلِ الْجَسَدِ، وَاسْمٌ لِمَا يُغْتَسَلُ بِهِ أَيْضًا، وَمِنْهُ فِي حَدِيثِ مَيْمُونَةَ " فَوَضَعَتْ لَهُ غُسْلًا " مُغْرِبٌ، لَكِنْ قَالَ النَّوَوِيُّ إنَّهُ بِالْفَتْحِ أَفْصَحُ وَأَشْهَرُ لُغَةً، وَالضَّمُّ هُوَ الَّذِي تَسْتَعْمِلُهُ الْفُقَهَاءُ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: مَا يَعُمُّ الْعَمَلِيَّ) أَيْ لِيَشْمَلَ الْمَضْمَضَةَ وَالِاسْتِنْشَاقَ فَإِنَّهُمَا لَيْسَا قَطْعِيَّيْنِ، لِقَوْلِ الشَّافِعِيِّ بِسُنِّيَّتِهِمَا. اهـ. ح.
(قَوْلُهُ: كَمَا مَرَّ) أَيْ فِي الْوُضُوءِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ بَيَانَهُ.
(قَوْلُهُ: وَبِالْغُسْلِ الْمَفْرُوضِ) أَيْ غُسْلِ الْجَنَابَةِ وَالْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ سِرَاجٌ فَأَلْ لِلْعَهْدِ.
(قَوْلُهُ: يَعْنِي إلَخْ) مَأْخُوذٌ مِنْ الْمِنَحِ. قَالَ ط: وَالْمُرَادُ بِعَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ أَنَّ صِحَّةَ الْغُسْلِ الْمَسْنُونِ لَا تَتَوَقَّفُ عَلَيْهِمَا، وَأَنَّهُ لَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ تَرْكُهُمَا. وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُمَا إذَا تُرِكَا لَا يَكُونُ آتِيًا بِالْغُسْلِ الْمَسْنُونِ، وَفِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْجَائِزِ أَنْ يُقَالَ إنَّهُ أَتَى بِسُنَّةٍ وَتَرَكَ سُنَّةً، كَمَا إذَا تَمَضْمَضَ وَتَرَكَ الِاسْتِنْشَاقَ. اهـ.
أَقُولُ: فِيهِ أَنَّ الْغُسْلَ فِي الِاصْطِلَاحِ غَسْلُ الْبَدَنِ، وَاسْمُ الْبَدَنِ يَقَعُ عَلَى الظَّاهِرِ وَالْبَاطِنِ إلَّا مَا يَتَعَذَّرُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَيْهِ أَوْ يَتَعَسَّرُ كَمَا فِي الْبَحْرِ، فَصَارَ كُلٌّ مِنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ جُزْءًا مِنْ مَفْهُومِهِ فَلَا تُوجَدُ حَقِيقَةُ الْغُسْلِ الشَّرْعِيَّةِ بِدُونِهِمَا، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ أَنَّهُ فِي الْبَدَائِعِ ذَكَرَ رُكْنَ الْغُسْلِ وَهُوَ إسَالَةُ الْمَاءِ عَلَى جَمِيعِ مَا يُمْكِنُ إسَالَتُهُ عَلَيْهِ مِنْ الْبَدَنِ مِنْ غَيْرِ حَرَجٍ، ثُمَّ قَسَّمَ صِفَةَ الْغُسْلِ إلَى فَرْضٍ وَسُنَّةٍ وَمُسْتَحَبٍّ، فَلَوْ كَانَتْ حَقِيقَةُ الْغُسْلِ الْفَرْضَ تُخَالِفُ غَيْرَهُ لَمَا صَحَّ تَقْسِيمُ الْغُسْلِ الَّذِي رُكْنُهُ مَا ذُكِرَ إلَى الْأَقْسَامِ الثَّلَاثَةِ، فَيَتَعَيَّنُ كَوْنُ الْمُرَادِ بِعَدَمِ الْفَرْضِيَّةِ هُنَا عَدَمَ الْإِثْمِ كَمَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ مِنْ تَفْسِيرِ الشَّارِحِ لَا عَدَمَ تَوَقُّفِ الصِّحَّةِ عَلَيْهِمَا، لَكِنْ فِي تَعْبِيرِهِ بِالشَّرْطِيَّةِ نَظَرًا لِمَا عَلِمْت مِنْ رُكْنِيَّتِهِمَا فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: غَسْلُ كُلِّ فَمِهِ إلَخْ) عَبَّرَ عَنْ الْمَضْمَضَةِ وَالِاسْتِنْشَاقِ بِالْغَسْلِ لِإِفَادَةِ الِاسْتِيعَابِ أَوْ لِلِاخْتِصَارِ كَمَا قَدَّمَهُ فِي الْوُضُوءِ، وَمَرَّ عَلَيْهِ الْكَلَامُ، وَلَكِنْ عَلَى الْأَوَّلِ لَا حَاجَةَ إلَى زِيَادَةِ كُلِّ.
(قَوْلُهُ: وَيَكْفِي الشُّرْبُ عَبًّا) أَيْ لَا مَصًّا فَتْحٌ وَهُوَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ، وَالْمُرَادُ بِهِ هُنَا الشُّرْبُ بِجَمِيعِ الْفَمِ، وَهَذَا هُوَ الْمُرَادُ بِمَا فِي الْخُلَاصَةِ، إنْ شَرِبَ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ السُّنَّةِ يَخْرُجُ عَنْ الْجَنَابَةِ وَإِلَّا فَلَا، وَبِمَا قِيلَ إنْ كَانَ جَاهِلًا جَازَ وَإِنْ كَانَ عَالِمًا فَلَا: أَيْ لِأَنَّ
لِأَنَّ الْمَجَّ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْأَصَحِّ (وَأَنْفِهِ) حَتَّى مَا تَحْتَ الدَّرَنِ (وَ) بَاقِي (بَدَنِهِ) لَكِنْ فِي الْمُغْرِبِ وَغَيْرِهِ: الْبَدَنُ مِنْ الْمَنْكِبِ إلَى الْأَلْيَةِ، وَحِينَئِذٍ فَالرَّأْسُ وَالْعُنُقُ وَالْيَدُ وَالرِّجْلُ خَارِجَةٌ لُغَةً دَاخِلَةٌ تَبَعًا شَرْعًا (لَا دَلْكُهُ) لِأَنَّهُ مُتَمِّمٌ، فَيَكُونُ مُسْتَحَبًّا لَا شَرْطًا، خِلَافًا لِمَالِكٍ
(وَيَجِبُ) أَيْ يُفْرَضُ (غَسْلُ) كُلِّ مَا يُمْكِنُ مِنْ الْبَدَنِ بِلَا حَرَجٍ مَرَّةً كَأُذُنٍ وَ (سُرَّةٍ وَشَارِبٍ وَحَاجِبٍ وَ) أَثْنَاءِ (لِحْيَةٍ) وَشَعْرِ رَأْسٍ وَلَوْ مُتَبَلِّدًا لِمَا فِي - {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6]- مِنْ الْمُبَالَغَةِ (وَفَرْجٍ خَارِجٍ) لِأَنَّهُ كَالْفَمِ لَا دَاخِلٍ؛ لِأَنَّهُ بَاطِنٌ، وَلَا تُدْخِلُ أُصْبُعَهَا فِي قُبُلِهَا بِهِ يُفْتِي.
(لَا) يَجِبُ (غَسْلُ مَا فِيهِ حَرَجٌ كَعَيْنٍ) وَإِنْ اكْتَحَلَ بِكُحْلٍ نَجِسٍ (وَثُقْبٍ انْضَمَّ وَ) لَا (دَاخِلَ قُلْفَةٍ)
ــ
[رد المحتار]
الْجَاهِلَ يَعُبُّ وَالْعَالِمُ يَشْرَبُ مَصًّا كَمَا هُوَ السُّنَّةُ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ الْمَجَّ) أَيْ طَرْحَ الْمَاءِ مِنْ الْفَمِ لَيْسَ بِشَرْطٍ لِلْمَضْمَضَةِ، خِلَافًا لِمَا ذَكَرَهُ فِي الْخُلَاصَةِ، نَعَمْ هُوَ الْأَحْوَطُ مِنْ حَيْثُ الْخُرُوجُ عَنْ الْخِلَافِ، وَبَلْعُهُ إيَّاهُ مَكْرُوهٌ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ.
(قَوْلُهُ: حَتَّى مَا تَحْتَ الدَّرَنِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالدَّرَنُ الْيَابِسُ فِي الْأَنْفِ كَالْخُبْزِ الْمَمْضُوغِ وَالْعَجِينِ يَمْنَعُ. اهـ. وَهَذَا غَيْرُ الدَّرَنِ الْآتِي مَتْنًا، وَقَيَّدَ بِالْيَابِسِ لِمَا فِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ أَنَّ فِي الرَّطْبِ اخْتِلَافَ الْمَشَايِخِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ.
(قَوْلُهُ: لَكِنْ) اسْتِدْرَاكٌ عَلَى ظَاهِرِ الْمَتْنِ حَيْثُ أَطْلَقَ الْبَدَنَ عَلَى الْجَسَدِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ مَا يَعُمُّ الْأَطْرَافَ. وَاَلَّذِي فِي الْقَامُوسِ الْبَدَنُ مُحَرَّكٌ: مِنْ الْجَسَدِ مَا سِوَى الرَّأْسِ ط.
(قَوْلُهُ: فِي الْمُغْرِبِ) بِمِيمٍ مَضْمُومَةٍ فَغَيْنٍ مُعْجَمَةٍ سَاكِنَةٍ: اسْمُ كِتَابٍ فِي اللُّغَةِ لِلْإِمَامِ الْمُطَرِّزِيُّ تِلْمِيذُ الْإِمَامِ الزَّمَخْشَرِيّ ذَكَرَ فِيهِ الْأَلْفَاظَ اللُّغَوِيَّةَ الْوَاقِعَةَ فِي كُتُبِ فُقَهَائِنَا، وَلَهُ كِتَابٌ أَكْبَرُ مِنْهُ سَمَّاهُ الْمُعْرِبَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ.
(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِمَالِكٍ) وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَيْضًا كَمَا فِي الْفَتْحِ.
(قَوْلُهُ أَيْ يُفْرَضُ) أَيْ لَيْسَ الْمُرَادُ بِالْوَاجِبِ الْمُصْطَلَحَ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: وَشَارِبٍ وَحَاجِبٍ) أَيْ بَشَرَةً وَشَعْرًا وَإِنْ كَثُفَ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي النِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: لِمَا فِي " {فَاطَّهَّرُوا} [المائدة: 6] " مِنْ الْمُبَالَغَةِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ وَيَجِبُ، وَكَانَ الْأَوْلَى تَأْخِيرَهُ عَنْ قَوْلِهِ وَفَرْجٍ خَارِجٍ إلَخْ أَيْ لِأَنَّهَا صِيغَةُ مُبَالَغَةٍ تَقْتَضِي وُجُوبَ غَسْلِ مَا يَكُونُ مِنْ ظَاهِرِ الْبَدَنِ وَلَوْ مِنْ وَجْهٍ كَالْأَشْيَاءِ الْمَذْكُورَةِ دُرَرٌ. بَيَانُ ذَلِكَ أَنَّهُ أَمْرٌ مِنْ بَابِ التَّفْعِيلِ مَصْدَرُهُ اطَّهَّرَ بِكَسْرِ الْهَمْزَةِ وَفَتْحِ الطَّاءِ وَضَمِّ الْهَاءِ الْمُشَدَّدَتَيْنِ أَصْلُهُ تَطَهَّرَ قُلِبَتْ التَّاءُ ثُمَّ أُدْغِمَتْ ثُمَّ جِيءَ بِهَمْزَةِ الْوَصْلِ وَمُجَرَّدُهُ طَهُرَ بِالتَّخْفِيفِ وَزِيَادَةُ الْبِنَاءِ تَدُلُّ عَلَى زِيَادَةِ الْمَعْنَى، وَلِصَاحِبِ الْبَحْرِ هُنَا كَلَامٌ خَارِجٌ عَنْ الِانْتِظَامِ أَوْضَحْنَاهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَيْهِ.
(قَوْلُهُ: لَا دَاخِلَ) أَيْ لَا يَجِبُ غَسْلُ فَرْجٍ دَاخِلٍ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تُدْخِلُ إصْبَعَهَا) أَيْ لَا يَجِبُ ذَلِكَ كَمَا فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ ح. أَقُولُ: وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْلِ الْفَتْحِ وَلَا يَجِبُ إدْخَالُهَا الْأُصْبُعَ فِي قُبُلِهَا وَبِهِ يُفْتِي اهـ فَافْهَمْ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: وَلَا تُدْخِلُ الْمَرْأَةُ إصْبَعَهَا فِي فَرْجِهَا عِنْدَ الْغُسْلِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ أَنَّهُ إنْ لَمْ تُدْخِلْ الْأُصْبُعَ فَلَيْسَ بِتَنْظِيفٍ وَالْمُخْتَارُ هُوَ الْأَوَّلُ اهـ فَقَوْلُ الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ تَبَعًا لِلْفَتْحِ لَا يَجِبُ إدْخَالُهَا رَدٌّ لِهَذِهِ الرِّوَايَةِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِهَا الْوُجُوبُ وَهُوَ بَعِيدٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَعَيْنٍ) لِأَنَّ فِي غَسْلِهَا مِنْ الْحَرَجِ مَا لَا يَخْفَى؛ لِأَنَّهَا شَحْمٌ لَا تَقْبَلُ الْمَاءَ، وَقَدْ كُفَّ بَصَرُ مَنْ تَكَلَّفَ لَهُ مِنْ الصَّحَابَةِ كَابْنِ عُمَرَ وَابْنِ عَبَّاسٍ بَحْرٌ. وَمُفَادُهُ عَدَمُ وُجُوبِ غَسْلِهَا عَلَى الْأَعْمَى خِلَافًا لِلْحَانُوتِيِّ حَيْثُ بَنَاهُ عَلَى أَنَّ الْعِلَّةَ أَنَّهُ يُورِثُ الْعَمَى، وَلِهَذَا نَقَلَ أَبُو السُّعُودِ عَنْ الْعَلَّامَةِ سَرِيِّ الدِّينِ أَنَّ الْعِلَّةَ الصَّحِيحَةَ كَوْنُهُ يَضُرُّ وَإِنْ لَمْ يُورِثْ الْعَمَى، فَيَسْقُطُ حَتَّى عَنْ الْأَعْمَى اهـ.
(قَوْلُهُ: وَإِنْ اكْتَحَلَ إلَخْ) الظَّاهِرُ أَنَّهَا شَرْطِيَّةٌ، وَجَوَابُهَا مَحْذُوفٌ تَقْدِيرُهُ لَا يَجِبُ غَسْلُهَا فَهُوَ اسْتِئْنَافٌ لِبَيَانِ مَسْأَلَةٍ أُخْرَى؛ لِأَنَّ الْغُسْلَ الْمَذْكُورَ قَبْلَ غَسْلِ نَجَاسَةٍ حُكْمِيَّةٍ وَهَذَا غَسْلُ نَجَاسَةٍ حَقِيقِيَّةٍ فَلَا يَصِحُّ جَعْلُ إنْ وَصْلِيَّةً تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَثَقْبٍ انْضَمَّ) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَإِنْ انْضَمَّ الثُّقْبُ بَعْدَ نَزْعِ الْقُرْطِ وَصَارَ بِحَالٍ إنْ مَرَّ عَلَيْهِ الْمَاءُ يَدْخُلُهُ وَإِنْ غَفَلَ لَا فَلَا بُدَّ مِنْ إمْرَارِهِ وَلَا يَتَكَلَّفُ لِغَيْرِ الْإِمْرَارِ مِنْ إدْخَالِ عُودٍ وَنَحْوِهِ فَإِنَّ الْحَرَجَ مَدْفُوعٌ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَدَاخِلَ قُلْفَةٍ) الْقُلْفَةُ وَالْغُلْفَةُ
يُنْدَبُ هُوَ الْأَصَحُّ قَالَهُ الْكَمَالُ، وَعَلَّلَهُ بِالْحَرَجِ فَسَقَطَ الْإِشْكَالُ. وَفِي الْمَسْعُودِيِّ إنْ أَمْكَنَ فَسْخُ الْقُلْفَةِ بِلَا مَشَقَّةٍ يَجِبُ وَإِلَّا لَا (وَكَفَى، بَلْ أَصْلُ ضَفِيرَتِهَا) أَيْ شَعْرُ الْمَرْأَةِ الْمَضْفُورِ لِلْحَرَجِ، أَمَّا الْمَنْقُوضُ فَيُفْرَضُ غَسْلُ كُلِّهِ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ يَبْتَلَّ أَصْلُهَا يَجِبُ نَقْضُهَا مُطْلَقًا هُوَ الصَّحِيحُ، وَلَوْ ضَرَّهَا غَسْلُ رَأْسِهَا تَرَكَتْهُ، وَقِيلَ تَمْسَحُهُ
ــ
[رد المحتار]
بِالْقَافِ وَبِالْغَيْنِ: الْجِلْدَةُ الَّتِي يَقْطَعُهَا الْخَاتِنُ يَجُوزُ فِيهَا فَتْحُ الْقَافِ وَضَمُّهَا، وَزَادَ الْأَصْمَعِيُّ: فَتْحُ الْقَافِ وَاللَّامِ حِلْيَةٌ.
(قَوْلُهُ: فَسَقَطَ الْإِشْكَالُ) أَيْ إشْكَالُ الزَّيْلَعِيِّ، حَيْثُ قَالَ لَا يَجِبُ؛ لِأَنَّهُ خِلْقَةٌ كَقَصَبَةِ الذَّكَرِ وَهَذَا مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ إذَا وَصَلَ الْبَوْلُ إلَى الْقُلْفَةِ يَنْتَقِضُ الْوُضُوءُ فَجَعَلُوهُ كَالْخَارِجِ فِي هَذَا الْحُكْمِ وَفِي حَقِّ الْغُسْلِ كَالدَّاخِلِ اهـ. وَوَجْهُ السُّقُوطِ أَنَّ عِلَّةَ عَدَمِ وُجُوبِ غُسْلِهَا الْحَرَجُ: أَيْ أَنَّ الْأَصْلَ وُجُوبُ الْغُسْلِ إلَّا أَنَّهُ سَقَطَ لِلْحَرَجِ وَإِنَّمَا يُرَدُّ الْإِشْكَالُ عَلَى التَّعْلِيلِ بِكَوْنِهَا خِلْقَةً، وَلِهَذَا قَالَ فِي الْفَتْحِ وَالْأَصَحُّ الْأَوَّلُ: أَيْ كَوْنُ عَدَمِ الْوُجُوبِ لِلْحَرَجِ لَا لِكَوْنِهِ خِلْقَةً وَقَالَ قَبْلَهُ فِي نَوَاقِضِ الْوُضُوءِ بَعْدَ ذِكْرِهِ الْإِشْكَالَ، لَكِنْ فِي الظَّهِيرِيَّةِ إنَّمَا عَلَّلَهُ بِالْحَرَجِ لَا بِالْخِلْقَةِ وَهُوَ الْمُعْتَمَدُ، فَلَا يُرَدُّ الْإِشْكَالُ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَفِي الْمَسْعُودِيِّ إلَخْ) مَشَى عَلَيْهِ فِي الْإِمْدَادِ، وَبِهِ يَحْصُلُ التَّوْفِيقُ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ؛ لِأَنَّهُ إذَا أَمْكَنَ فَسْخُهَا أَيْ بِأَنْ أَمْكَنَ قَلْبُهَا وَظُهُورُ الْحَشَفَةِ مِنْهَا فَلَا حَرَجَ فِي غُسْلِهَا فَيَجِبُ، وَإِلَّا بِأَنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا سِوَى ثَقْبٍ يَخْرُجُ مِنْهُ الْبَوْلُ فَلَا يَجِبُ لِلْحَرَجِ، لَكِنْ أَوْرَدَ فِي الْحِلْيَةِ أَنَّ هَذَا الْحَرَجَ يُمْكِنُهُ إزَالَتُهُ بِالْخِتَانِ ثُمَّ قَالَ: اللَّهُمَّ إلَّا إذَا كَانَ لَا يُطِيقُهُ، بِأَنْ أَسْلَمَ وَهُوَ شَيْخٌ ضَعِيفٌ.
(قَوْلُهُ: ضَفِيرَتِهَا) الْمُرَادُ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِجَمِيعِ الضَّفَائِرِ ط.
(قَوْلُهُ: لِلْحَرَجِ) وَالْأَصْلُ فِيهِ مَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ عَنْ «أُمِّ سَلَمَةَ قَالَتْ. قُلْت: يَا رَسُولَ اللَّهِ إنِّي امْرَأَةٌ أَشُدُّ ضَفْرَ رَأْسِي أَفَأَنْقُضُهُ لِغُسْلِ الْجَنَابَةِ؟ فَقَالَ: لَا، إنَّمَا يَكْفِيك أَنْ تَحْثِيَ عَلَى رَأْسِك ثَلَاثَ حَثَيَاتٍ ثُمَّ تُفِيضِينَ عَلَيْك الْمَاءَ فَتَطْهُرِينَ» وَمُقْتَضَى هَذَا الْحَدِيثِ عَدَمُ وُجُوبِ الْإِيصَالِ إلَى الْأُصُولِ فَتْحٌ، لَكِنْ فِي الْمَبْسُوطِ: وَإِنَّمَا شُرِطَ تَبْلِيغُ الْمَاءِ أُصُولَ الشَّعْرِ لِحَدِيثِ حُذَيْفَةَ فَإِنَّهُ كَانَ يَجْلِسُ إلَى جَنْبِ امْرَأَتِهِ إذَا اغْتَسَلَتْ فَيَقُولُ يَا هَذِهِ أَبْلَغِي الْمَاءَ أُصُولَ شَعْرِك وَشُؤُونَ رَأْسِك، وَهِيَ مَجْمَعُ عِظَامِ الرَّأْسِ ذَكَرَهُ الْقَاضِي عِيَاضٌ بَحْرٌ. وَاسْتُفِيدَ مِنْ الْإِطْلَاقِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ ظَاهِرِ الْمُسْتَرْسِلِ إذَا بَلَغَ الْمَاءُ أُصُولَ الشَّعْرِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُنْيَةِ، وَعَزَاهُ فِي الْحِلْيَةِ إلَى الْجَامِعِ الْحُسَامِيِّ وَالْخُلَاصَةِ، ثُمَّ قَالَ: وَمِمَّنْ نَصَّ أَيْضًا عَلَى أَنَّ غُسْلَ ظَاهِرِ الْمُسْتَرْسِلِ مِنْ ذَوَائِبِهَا مَوْضُوعٌ عَنْهَا الْبَزْدَوِيُّ وَالصَّدْرُ الشَّهِيدُ، وَعَبَّرَ عَنْهُ بِالصَّحِيحِ فِي الْمُحِيطِ الْبُرْهَانِيِّ وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْكَافِي وَالذَّخِيرَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: اتِّفَاقًا) كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ لِأَنَّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالْحِلْيَةِ.
الْأَوَّلُ الِاكْتِفَاءُ بِالْوُصُولِ إلَى الْأُصُولِ وَلَوْ مَنْقُوضًا، وَظَاهِرُ الذَّخِيرَةِ أَنَّهُ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ ظَاهِرُ الْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي هَذَا الْبَابِ.
الثَّانِي التَّفْصِيلُ الْمَذْكُورُ وَمَشَى عَلَيْهِ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ صَاحِبُ الْمُحِيطِ وَالْبَدَائِعِ وَالْكَافِي.
الثَّالِثُ وُجُوبُ بَلِّ الذَّوَائِبِ مَعَ الْعَصْرِ وَصُحِّحَ، وَتَمَامُ تَحْقِيقِ هَذِهِ الْأَقْوَالِ فِي الْحِلْيَةِ وَحَالَ فِيهَا آخَرُ إلَى تَرْجِيحِ الْقَوْلِ الثَّانِي، وَهُوَ ظَاهِرُ الْمُتُونِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ لَمْ يَبْتَلَّ أَصْلُهَا) بِأَنْ كَانَ مُتَلَبِّدًا أَوْ غَزِيرًا إمْدَادٌ أَوْ مَضْفُورًا ضَفْرًا شَدِيدًا لَا يَنْفُذُ فِيهِ الْمَاءُ ط.
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) قَالَ ح لَمْ يَظْهَرْ لِيُوَجِّهَ الْإِطْلَاقَ اهـ وَقَالَ ط أَيْ سَوَاءٌ كَانَ فِيهِ حَرَجٌ أَمْ لَا، وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ مُقَابِلُهُ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ عَصْرِ الشَّعْرِ ثَلَاثًا بَعْدَ غَسْلِهِ مَنْقُوضًا أَوْ مَعْقُوصًا. اهـ. أَقُولُ: كَانَ يَنْبَغِي لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ يَجِبُ غَسْلُهَا بَدَلَ قَوْلِهِ يَجِبُ نَقْضُهَا، فَقَوْلُهُ مُطْلَقًا مَعْنَاهُ سَوَاءٌ كَانَ مَضْفُورًا أَوْ لَا، وَقَوْلُهُ هُوَ الصَّحِيحُ احْتِرَازٌ عَنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ وَالثَّالِثِ مِنْ أَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ فَتَدَبَّرْ. [تَنْبِيهٌ]
يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الضَّفِيرَةِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ غَسْلُ عُقَدُ الشَّعْرِ الْمُنْعَقِدِ بِنَفْسِهِ؛ لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ، وَلَوْ مِنْ شَعْرِ الرَّجُلِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ نَبَّهَ عَلَيْهِ مِنْ عُلَمَائِنَا تَأَمَّلْ، وَإِذَا نَتَفَ شِعْرَةً لَمْ تُغْسَلْ فَالظَّاهِرُ وُجُوبُ غَسْلِ مَحَلِّهَا
وَلَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا عَنْ زَوْجِهَا وَسَيَجِيءُ فِي التَّيَمُّمِ (لَا) يَكْفِي بَلْ (ضَفِيرَتُهُ) فَيَنْقُضُهَا وُجُوبًا (وَلَوْ عَلَوِيًّا أَوْ تُرْكِيًّا) لِإِمْكَانِ حَلْقِهِ.
(وَلَا يَمْنَعُ) الطَّهَارَةَ (وَنِيمٌ) أَيْ خُرْءُ ذُبَابٍ وَبُرْغُوثٍ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ تَحْتَهُ (وَحِنَّاءٌ) وَلَوْ جُرْمَهُ بِهِ يُفْتَى (وَدَرَنٌ وَوَسَخٌ) عَطْفُ تَفْسِيرٍ وَكَذَا دُهْنٌ وَدُسُومَةٌ (وَتُرَابٌ) وَطِينٌ وَلَوْ (فِي ظُفْرٍ مُطْلَقًا) أَيْ قَرَوِيًّا أَوْ مَدَنِيًّا فِي الْأَصَحِّ بِخِلَافِ نَحْوِ عَجِينٍ.
(وَ) لَا يَمْنَعُ (مَا عَلَى ظُفْرِ صَبَّاغٍ وَ) لَا (طَعَامٌ بَيْنَ أَسْنَانِهِ) أَوْ فِي سِنِّهِ الْمُجَوَّفِ بِهِ يُفْتَى. وَقِيلَ إنْ صُلْبًا مَنَعَ، وَهُوَ الْأَصَحُّ.
(وَلَوْ) كَانَ (خَاتَمُهُ ضَيِّقًا نَزَعَهُ أَوْ حَرَّكَهُ) وُجُوبًا (كَقُرْطٍ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ بِثَقْبِ أُذُنِهِ قُرْطٌ فَدَخَلَ الْمَاءُ فِيهِ) أَيْ الثَّقْبِ (عِنْدَ مُرُورِهِ) عَلَى أُذُنِهِ (أَجْزَاهُ كَسُرَّةٍ وَأُذُنٍ دَخَلَهُمَا الْمَاءُ وَإِلَّا) يَدْخُلَ (أَدْخَلَهُ) وَلَوْ بِإِصْبَعِهِ، وَلَا يَتَكَلَّفُ بِخَشَبٍ وَنَحْوِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ غَلَبَةُ ظَنِّهِ بِالْوُصُولِ.
ــ
[رد المحتار]
لِانْتِقَالِ الْحُكْمِ إلَيْهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَا تَمْنَعُ نَفْسَهَا) أَيْ خَوْفًا مِنْ وُجُوبِ الْغُسْلِ عَلَيْهَا إذَا وَطِئَهَا؛ لِأَنَّهُ حَقُّهُ، وَلَهَا مَنْدُوحَةٌ عَنْ غَسْلِ رَأْسِهَا.
(قَوْلُهُ: وَسَيَجِيءُ فِي التَّيَمُّمِ) أَيْ فِي آخِرِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ عَلَوِيًّا أَوْ تُرْكِيًّا) هُوَ الصَّحِيحُ لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ وَلِلِاحْتِيَاطِ. وَفِي رِوَايَةٍ لَا يَجِبُ نَظَرًا إلَى الْعَادَةِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ.
(قَوْلُهُ: لِإِمْكَانِ حَلْقِهِ) أَيْ بِخِلَافِ الْمَرْأَةِ فَإِنَّهَا مَنْهِيَّةٌ عَنْهُ بِالْحَدِيثِ فَلَا يُمْكِنُهَا شَرْعًا فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَنِيمٌ إلَخْ) ظَاهِرُ الصِّحَاحِ وَالْقَامُوسِ أَنَّ الْوَنِيمَ مُخْتَصٌّ بِالذُّبَابِ نُوحٌ أَفَنْدِي، وَهَذَا بِالنَّظَرِ إلَى اللُّغَةِ، وَإِلَّا فَالْمُرَادُ هُنَا مَا يَشْمَلُ الْبُرْغُوثَ؛ لِأَنَّهُ أَوْلَى بِالْحُكْمِ.
(قَوْلُهُ: لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ تَحْتَهُ) لِأَنَّ الِاحْتِرَازَ عَنْهُ غَيْرُ مُمْكِنٍ حِلْيَةٌ.
(قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى) صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُنْيَةِ عَنْ الذَّخِيرَةِ فِي مَسْأَلَةِ الْحِنَّاءِ وَالطِّينِ وَالدَّرَنِ مُعَلِّلًا بِالضَّرُورَةِ. قَالَ فِي شَرْحِهَا وَلِأَنَّ الْمَاءَ يَنْفُذُهُ لِتَخَلُّلِهِ وَعَدَمِ لُزُوجَتِهِ وَصَلَابَتِهِ، وَالْمُعْتَبَرُ فِي جَمِيعِ ذَلِكَ نُفُوذُ الْمَاءِ وَوُصُولُهُ إلَى الْبَدَنِ اهـ لَكِنْ يَرُدُّ عَلَيْهِ أَنَّ الْوَاجِبَ الْغُسْلُ وَهُوَ إسَالَةُ الْمَاءِ مَعَ التَّقَاطُرِ كَمَا مَرَّ فِي أَرْكَانِ الْوُضُوءِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ تَمْنَعُ الْإِسَالَةَ فَالْأَظْهَرُ التَّعْلِيلُ بِالضَّرُورَةِ، وَلَكِنْ قَدْ يُقَالُ أَيْضًا إنَّ الضَّرُورَةَ فِي دَرَنِ الْأَنْفِ أَشَدُّ مِنْهَا فِي الْحِنَّاءِ وَالطِّينِ لِنُدُورِهِمَا بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ مَعَ أَنَّهُ تَقَدَّمَ أَنَّهُ يَجِبُ غَسْلُ مَا تَحْتَهُ فَيَنْبَغِي عَدَمُ الْوُجُوبِ فِيهِ أَيْضًا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: عَطْفُ تَفْسِيرٍ) لِقَوْلِ الْقَامُوسِ: الدَّرَنُ الْوَسَخُ، وَأَشَارَ بِهَذَا إلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالدَّرَنِ هُنَا الْمُتَوَلِّدُ مِنْ الْجَسَدِ، وَهُوَ مَا يَذْهَبُ بِالدَّلْكِ فِي الْحَمَّامِ، بِخِلَافِ الدَّرَنِ الَّذِي يَكُونُ مِنْ مُخَاطِ الْأَنْفِ، فَإِنَّهُ لَوْ يَابِسًا يَجِبُ إيصَالُ الْمَاءِ إلَى مَا تَحْتَهُ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: وَكَذَا دُهْنٌ) أَيْ كَزَيْتٍ وَشَيْرَجٍ، بِخِلَافِ نَحْوِ شَحْمٍ وَسَمْنٍ جَامِدٍ.
(قَوْلُهُ: وَدُسُومَةٌ) هِيَ أَثَرُ الدُّهْنِ. قَالَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ قَالَ الْمَقْدِسِيَّ: وَفِي الْفَتَاوَى دَهَنَ رِجْلَيْهِ ثُمَّ تَوَضَّأَ وَأَمَرَّ الْمَاءَ عَلَى رِجْلَيْهِ وَلَمْ يَقْبَلْ الْمَاءَ لِلدُّسُومَةِ جَازَ لِوُجُودِ غَسْلِ الرِّجْلَيْنِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: فِي الْأَصَحِّ) مُقَابَلَةُ قَوْلِ بَعْضِهِمْ يَجُوزُ لِلْقَرَوِيِّ؛ لِأَنَّ دَرَنَهُ مِنْ التُّرَابِ وَالطِّينِ فَيَنْفُذُهُ الْمَاءُ لَا لِلْمَدَنِيِّ؛ لِأَنَّهُ مِنْ الْوَدَكِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ نَحْوِ عَجِينٍ) أَيْ كَعِلْكٍ وَشَمْعٍ وَقِشْرِ سَمَكٍ وَخُبْزٍ مَمْضُوغٍ مُتَلَبِّدٍ جَوْهَرَةٌ، لَكِنْ فِي النَّهْرِ: وَلَوْ فِي أَظْفَارِهِ طِينٌ أَوْ عَجِينٌ فَالْفَتْوَى عَلَى أَنَّهُ مُغْتَفَرٌ قَرَوِيًّا كَانَ أَوْ مَدَنِيًّا. اهـ. نَعَمْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ فِي الْعَجِينِ وَاسْتَظْهَرَ الْمَنْعَ؛ لِأَنَّ فِيهِ لُزُوجَةً وَصَلَابَةً تَمْنَعُ نُفُوذَ الْمَاءِ.
(قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى) صَرَّحَ بِهِ فِي الْخُلَاصَةِ وَقَالَ: لِأَنَّ الْمَاءَ شَيْءٌ لَطِيفٌ يَصِلُ تَحْتَهُ غَالِبًا اهـ وَيَرُدُّ عَلَيْهِ مَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا وَمُفَادُهُ عَدَمُ الْجَوَازِ إذَا عُلِمَ أَنَّهُ لَمْ يَصِلْ الْمَاءُ تَحْتَهُ، قَالَ فِي الْحِلْيَةِ وَهُوَ أَثْبَتُ.
(قَوْلُهُ: إنْ صُلْبًا) بِضَمِّ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَسُكُونِ اللَّامِ وَهُوَ الشَّدِيدُ حِلْيَةٌ: أَيْ إنْ كَانَ مَمْضُوغًا مَضْغًا مُتَأَكِّدًا، بِحَيْثُ تَدَاخَلَتْ أَجْزَاؤُهُ وَصَارَ لَهُ لُزُوجَةٌ وَعِلَاكَةٌ كَالْعَجِينِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ الْأَصَحُّ) صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَقَالَ لِامْتِنَاعِ نُفُوذِ الْمَاءِ مَعَ عَدَمِ