الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(وَانْكِشَافُ عَوْرَةٍ) وَطِيبُ مُحْرِمٍ (وَأَعْلَامُ ثَوْبٍ مِنْ حَرِيرٍ) فَإِنَّهَا تُجْمَعُ مُطْلَقًا.
(قَوْلُهُ وَاخْتُلِفَ فِي) جَمْعِ خُرُوقِ (أُذُنَيْ أُضْحِيَّةٍ) وَيَنْبَغِي تَرْجِيحُ الْجَمْعِ احْتِيَاطًا (وَنَاقِضُهُ نَاقِضُ الْوُضُوءِ) ؛ لِأَنَّهُ بَعْضُهُ
(وَنَزْعُ خُفٍّ) وَلَوْ وَاحِدًا (وَمُضِيُّ) الْمُدَّةِ وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ (إنْ لَمْ يَخْشَ) بِغَلَبَةِ الظَّنِّ (وَذَهَابُ رِجْلِهِ مِنْ بَرْدٍ)
ــ
[رد المحتار]
أَيْ فِي خُفٍّ أَوْ ثَوْبٍ أَوْ بَدَنٍ أَوْ مَكَان أَوْ فِي الْمَجْمُوعِ ح (قَوْلُهُ وَانْكِشَافُ عَوْرَةٍ) فَإِنَّهُ إذَا تَعَدَّدَ فِي مَوَاضِعَ مِنْهَا، فَإِنْ بَلَغَ رُبُعَ أَدْنَاهَا مَنَعَ كَمَا سَيَأْتِي أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ وَطِيبُ مُحْرِمٍ) فَإِنَّهُ يُجْمَعُ فِي أَكْثَرِ مِنْ عُضْوٍ بِالْأَجْزَاءِ حَتَّى يَبْلُغَ عُضْوًا كَمَا سَيَأْتِي ح (قَوْلُهُ وَأَعْلَامُ ثَوْبٍ) أَيْ إذَا كَانَ فِي عَرْضِ الثَّوْبِ أَعْلَامٌ مِنْ حَرِيرٍ تُجْمَعُ، فَإِذَا زَادَتْ عَلَى أَرْبَعِ أَصَابِعَ تَحْرُمُ، لَكِنْ سَيَذْكُرُ الشَّارِحُ فِي فَصْلِ اللُّبْسِ مِنْ كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ أَنَّ ظَاهِرَ الْمَذْهَبِ عَدَمُ جَمْعِ الْمُتَفَرِّقِ، فَذِكْرُ أَعْلَامِ الثَّوْبِ هُنَا مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ ظَاهِرِ الْمَذْهَبِ (قَوْلُهُ فَإِنَّهَا) أَيْ هَذِهِ الْأَرْبَعَةُ تُجْمَعُ مُطْلَقًا: أَيْ سَوَاءٌ كَانَ التَّفَرُّقُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ أَوْ فِي مَوَاضِعَ ح وَذَلِكَ لِوُجُودِ الْقَدْرِ الْمَانِعِ. وَأَمَّا الْخَرْقُ فِي الْخُفِّ فَإِنَّمَا مَنَعَ لِامْتِنَاعِ قَطْعِ الْمَسَافَةِ مَعَهُ، وَهَذَا الْمَعْنَى مَفْقُودٌ فِيمَا إذَا لَمْ يَكُنْ فِي كُلِّ خُفٍّ مِقْدَارُ ثَلَاثِ أَصَابِعَ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْهِدَايَةِ
(وَاخْتُلِفَ إِلَخْ) فَقِيلَ تُجْمَعُ فِي أُذُنَيْنِ حَتَّى تَبْلُغَ أَكْثَرَ أُذُنٍ وَاحِدَةٍ فَيَمْنَعُ، وَقِيلَ لَا تُجْمَعُ إلَّا فِي أُذُنٍ وَاحِدَةٍ كَمَا فِي الْخُفِّ ح (قَوْلُهُ وَيَنْبَغِي إلَخْ) قَالَهُ فِي الْمِنَحِ
[مَطْلَبٌ نَوَاقِضُ الْمَسْحِ]
ِ (قَوْلُهُ وَنَزْعُ خُفٍّ) أَرَادَ بِهِ مَا يَشْمَلُ الِانْتِزَاعَ، وَإِنَّمَا نَقَضَ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ إلَى الْقَدَمِ عِنْدَ زَوَالِ الْمَانِعِ (قَوْلُهُ وَلَوْ وَاحِدًا) ؛ لِأَنَّ الِانْتِفَاضَ لَا يَتَجَزَّأُ، وَإِلَّا لَزِمَ الْجَمْعُ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ، وَأَشَارَ إلَى الْمُرَادِ بِالْخُفِّ الْجِنْسُ الصَّادِقُ بِالْوَاحِدِ وَالِاثْنَيْنِ (قَوْلُهُ وَمُضِيُّ الْمُدَّةِ) لِلْأَحَادِيثِ الدَّالَّةِ عَلَى التَّوْقِيتِ. ثُمَّ إنَّ النَّاقِضَ فِي هَذَا وَاَلَّذِي قَبْلَهُ حَقِيقَةً هُوَ الْحَدَثُ السَّابِقُ، لَكِنْ لِظُهُورِهِ عِنْدَهُمَا أُضِيفَ النَّقْضُ إلَيْهِمَا مَجَازًا بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَمْسَحْ) أَيْ إذَا لَبِسَ الْخُفَّ ثُمَّ أَحْدَثَ بَعْدَهُ ثُمَّ مَضَتْ الْمُدَّةُ بَعْدَ الْحَدَثِ وَلَمْ يَمْسَحْ فِيهَا لَيْسَ لَهُ الْمَسْحُ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخْشَ إلَخْ) يَعْنِي إذَا انْقَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ وَهُوَ مُسَافِرٌ وَيَخَافُ ذَهَابَ رِجْلِهِ مِنْ الْبَرْدِ لَوْ نَزَعَ خُفَّيْهِ جَازَ الْمَسْحُ، كَذَا فِي الْكَافِي وَعُيُونِ الْمَذَاهِبِ. اهـ. دُرَرٌ. قَالَ ح: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ إنْ خَشِيَ لَا يُنْتَقَضُ بِالْمُضِيِّ، بَلْ إنْ أَحْدَثَ بَعْدَ ذَلِكَ فَتَوَضَّأَ يَعُمُّهُمَا بِالْمَسْحِ كَالْجَبِيرَةِ، وَعَدَمُ الِانْتِقَاضِ بِالْمُضِيِّ مَعَ الْخَوْفِ فِي هَذِهِ نَظِيرُ عَدَمِ بُطْلَانِ الصَّلَاةِ الَّذِي هُوَ الْأَصَحُّ فِي مَسْأَلَةِ مُضِيِّ الْمُدَّةِ فِي الصَّلَاةِ مَعَ عَدَمِ الْمَاءِ. اهـ.
أَقُولُ: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ إذَا مَضَتْ الْمُدَّةُ وَلَمْ يُحْدِثْ يَبْقَى حُكْمُ مَسْحِهِ السَّابِقِ فَلَا يَلْزَمُهُ تَجْدِيدُ الْمَسْحِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَسْأَلَةُ الصَّلَاةِ الْآتِيَةِ حَيْثُ يَمْضِي فِيهَا، وَكَذَا مَا فِي السِّرَاجِ عَنْ الْوَجِيزِ: إذَا انْقَضَتْ، لَكِنْ فِي الْمِعْرَاجِ: لَوْ مَضَتْ وَهُوَ يَخَافُ الْبَرْدِ عَلَى رِجْلِهِ يَسْتَوْعِبُهُ بِالْمَسْحِ كَالْجَبَائِرِ وَيُصَلِّي، وَعَلَيْهِ فَعَدَمُ الِانْتِقَاضِ الْمَفْهُومُ مِنْ الْمَتْنِ مَعْنَاهُ عَدَمُ لُزُومِ الْغَسْلِ وَجَوَازُ الْمَسْحِ بَعْدَ ذَلِكَ، فَلَا يُنَافِي حُكْمَ الْمَسْحِ السَّابِقِ، وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ عِبَارَةِ الدُّرَرِ الْمَارَّةِ. فَالْحَاصِلُ أَنَّ الْمَسْأَلَةَ مُصَوَّرَةٌ فِيمَا إذَا مَضَتْ مُدَّةُ الْمَسْحِ وَهُوَ مُتَوَضِّئٌ وَخَافَ إنْ نَزَعَ الْخُفَّ لِغَسْلِ رِجْلَيْهِ مِنْ الْبَرْدِ وَإِلَّا أَشْكَلَ تَصْوِيرُ الْمَسْأَلَةِ؛ لِأَنَّهُ إذَا خَافَ عَلَى رِجْلَيْهِ يَلْزَمُ مِنْهُ الْخَوْفُ عَلَى بَقِيَّةِ الْأَعْضَاءِ فَإِنَّهَا أَلْطَفُ مِنْ الرِّجْلَيْنِ، وَإِذَا خَافَ ذَلِكَ يَكُونُ عَاجِزًا عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ فَيَلْزَمُهُ الْعُدُولُ إلَى التَّيَمُّمِ بَدَلًا عَنْ الْوُضُوءِ بِتَمَامِهِ، وَلَا يَحْتَاجُ إلَى مَسْحِ الْخُفِّ أَصْلًا مَعَ التَّيَمُّمِ حَيْثُ تَحَقَّقَتْ الضَّرُورَةُ الْمُبِيحَةُ لَهُ، إلَّا أَنْ يُجَابَ عَنْ الْإِشْكَالِ بِأَنَّهُمْ بَنَوْا ذَلِكَ عَلَى مَا قَالُوهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّيَمُّمُ لِأَجْلِ الْوُضُوءِ وَقَدَّمْنَا مَا فِيهِ فِي بَابِهِ فَرَاجِعْهُ.
لِلضَّرُورَةِ، فَيَصِيرُ كَالْجَبِيرَةِ فَيَسْتَوْعِبُهُ بِالْمَسْحِ وَلَا يَتَوَقَّفُ، وَلِذَا قَالُوا: لَوْ تَمَّتْ الْمُدَّةُ وَهُوَ فِي صَلَاتِهِ وَلَا مَاءَ مَضَى فِي الْأَصَحِّ، وَقِيلَ تَفْسُدُ وَيَتَيَمَّمُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ
(وَبَعْدَهُمَا) أَيْ النَّزْعِ وَالْمُضِيِّ (غَسَلَ الْمُتَوَضِّئُ رِجْلَيْهِ لَا غَيْرُ) لِحُلُولِ الْحَدَثِ السَّابِقِ قَدَمَيْهِ إلَّا لِمَانِعٍ كَبَرْدٍ فَيَتَيَمَّمُ حِينَئِذٍ (وَخُرُوجُ أَكْثَرِ قَدَمَيْهِ) مِنْ الْخُفِّ الشَّرْعِيِّ وَكَذَا إخْرَاجُهُ (نُزِعَ)
ــ
[رد المحتار]
هَذَا، وَقَالَ ح أَيْضًا: وَاَلَّذِي يَنْبَغِي أَنْ يُفْتَى بِهِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ انْتِقَاضُ الْمَسْحِ بِالْمُضِيِّ وَاسْتِئْنَافُ مَسْحٍ آخَرَ يَعُمُّ الْخُفَّ كَالْجَبَائِرِ؛ وَهُوَ الَّذِي حَقَّقَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. اهـ.
أَقُولُ: الَّذِي حَقَّقَهُ فِي الْبَدَائِعِ بَحْثًا لُزُومُ التَّيَمُّمِ دُونَ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ بَعْدَ مَا نَقَلَ عَنْ جَوَامِعِ الْفِقْهِ وَالْمُحِيطِ أَنَّهُ إنْ خَافَ الْبَرْدَ فَلَهُ أَنْ يَمْسَحَ مُطْلَقًا أَيْ بِلَا تَوْقِيتٍ. قَالَ مَا نَصُّهُ: فِيهِ نَظَرٌ، فَإِنَّ خَوْفَ الْبَرْدِ لَا أَثَرَ لَهُ فِي مَنْعِ السِّرَايَةِ، كَمَا أَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَمْنَعُهَا، فَغَايَةُ الْأَمْرِ أَنَّهُ لَا يَنْزِعُ، لَكِنْ لَا يَمْسَحُ بَلْ يَتَيَمَّمُ لِخَوْفِ الْبَرْدِ. اهـ وَأَقَرَّهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَأَطْنَبَ فِي حُسْنِهِ؛ وَهُوَ صَرِيحٌ فِي انْتِقَاضِ الْمَسْحِ لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ، فَلَا يُصَلِّي بِهِ إلَّا بَعْدَ التَّيَمُّمِ لَا الْمَسْحِ، وَلَكِنَّ الْمَنْقُولَ هُوَ الْمَسْحُ لَا التَّيَمُّمُ كَمَا مَرَّ عَنْ الْكَافِي وَعُيُونِ الْمَذَاهِبِ وَالْجَوَامِعِ وَالْمُحِيطِ، وَبِهِ صَرَّحَ الزَّيْلَعِيُّ وَقَاضِي خَانْ وَالْقُهُسْتَانِيُّ عَنْ الْخُلَاصَةِ، وَكَذَا فِي التَّتَارْخَانِيَّة وَالْوَلْوَالِجِيَّة وَالسِّرَاجِ عَنْ الْمُشْكِلِ، وَكَذَا فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ لِصَاحِبِ الْهِدَايَةِ، وَبِهِ صَرَّحَ أَيْضًا فِي الْمِعْرَاجِ وَالْحَاوِي الْقُدْسِيِّ بِزِيَادَةِ جَعْلِهِ كَالْجَبِيرَةِ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الْإِمْدَادِ. وَقَدْ قَالَ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ: لَا عِبْرَةَ بِأَبْحَاثِ شَيْخِنَا يَعْنِي ابْنَ الْهُمَامِ إذَا خَالَفَتْ الْمَنْقُولَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ لِلضَّرُورَةِ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ النَّقْضِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَخْشَ (قَوْلُهُ فَيَسْتَوْعِبُهُ) أَيْ عَلَى مَا هُوَ الْأَوْلَى أَوْ أَكْثَرَهُ، وَهَذَا إنَّمَا يَتِمُّ إذَا كَانَ مُسَمَّى الْجَبِيرَةِ يَصْدُقُ عَلَيْهِ. اهـ فَتْحٌ.
وَأَجَابَ فِي الْبَحْرِ بِأَنَّ مُفَادَ مَا فِي الْمِعْرَاجِ الِاسْتِيعَابُ، وَأَنَّهُ مُلْحَقٌ بِالْجَبَائِرِ لَا جَبِيرَةٌ حَقِيقَةً. اهـ أَيْ فَالْمُرَادُ بِتَشْبِيهِهِ بِالْجَبِيرَةِ بِالِاسْتِيعَابِ لِمَنْعِ كَوْنِهِ مَسْحَ خُفٍّ لَا أَنَّهُ جَبِيرَةٌ حَقِيقَةً لِيَجُوزَ مَسْحُ أَكْثَرِهِ (قَوْلُهُ مَضَى فِي الْأَصَحِّ) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي النَّزْعِ؛ لِأَنَّهُ لِلْغَسْلِ اهـ وَعَلَى هَذَا فَالْمُسْتَثْنَى مِنْ النَّقْضِ بِمُضِيِّ الْمُدَّةِ مَسْأَلَتَانِ: وَهُمَا إذَا خَافَ الْبَرْدَ أَوْ كَانَ فِي الصَّلَاةِ وَلَا مَاءَ كَمَا فِي السِّرَاجِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَشْبَهُ) قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَاسْتَظْهَرَهُ فِي الْبَدَائِعِ بِأَنَّ عَدَمَ الْمَاءِ لَا يَصْلُحُ مَنْعًا لِسِرَايَةِ الْحَدَثِ بَعْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَيَتَيَمَّمُ مَآلًا لِلرِّجْلَيْنِ بَلْ لِلْكُلِّ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَتَجَزَّأُ كَمَنْ غَسَلَ ابْتِدَاءً الْأَعْضَاءَ إلَّا رِجْلَيْهِ وَفَنِيَ الْمَاءُ فَيَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ الْقَائِمِ بِهِ فَإِنَّهُ عَلَى حَالِهِ مَا لَمْ يَتِمَّ الْكُلُّ وَتَمَامُهُ فِيهِ، وَهُوَ تَحْقِيقٌ حَسَنٌ فَرَّعَ عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ مَا قَالَهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى، لَكِنْ عَلِمْت الْفَرْقَ بَيْنَهُمَا، وَهُوَ أَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ صِحَّةُ التَّيَمُّمِ فِي الْوُضُوءِ لِخَوْفِ الْبَرْدِ، أَمَّا هُنَا فَإِنَّهُ لِفَقْدِ الْمَاءِ وَهُوَ جَائِزٌ بِخِلَافِهِ هُنَاكَ
(قَوْلُهُ غَسَلَ الْمُتَوَضِّئُ رِجْلَيْهِ لَا غَيْرُ) يَنْبَغِي أَنْ يُسْتَحَبَّ غَسْلُ الْبَاقِي أَيْضًا، مُرَاعَاةً لِلْوِلَاءِ الْمُسْتَحَبِّ، وَخُرُوجًا مِنْ خِلَافِ مَالِكٍ كَمَا قَالَهُ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ وَسَبَقَهُ إلَى هَذَا فِي الْيَعْقُوبِيَّةِ، ثُمَّ رَأَيْته فِي الدُّرِّ الْمُنْتَقَى عَنْ الْخُلَاصَةِ مُصَرِّحًا بِأَنَّ الْأَوْلَى إعَادَتُهُ (قَوْلُهُ لِحُلُولِ الْحَدَثِ السَّابِقِ) أَوْرَدَ أَنَّهُ لَا حَدَثَ مَوْجُودٌ حَتَّى يَسْرِيَ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ السَّابِقَ حَلَّ بِالْخُفِّ وَبِالْمَسْحِ قَدْ زَالَ، وَلَا يَعُودُ إلَّا بِخَارِجٍ نَجِسٍ وَنَحْوِهِ. وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنْ يَعْتَبِرَ الشَّارِعُ ارْتِفَاعَهُ بِمَسْحِ الْخُفِّ مُقَيَّدًا بِمُدَّةِ مَنْعِهِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فَيَتَيَمَّمُ) مَبْنِيٌّ عَلَى مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْبَدَائِعِ وَعَلِمْت مَا فِيهِ، عَلَى أَنَّ الشَّارِحَ مَشَى أَوَّلًا عَلَى خِلَافِهِ حَيْثُ أَلْحَقهُ بِالْجَبِيرَةِ (قَوْلُهُ مِنْ الْخُفِّ الشَّرْعِيِّ) أَيْ الَّذِي اعْتَبَرَهُ الشَّرْعُ لَازِمًا بِحَيْثُ لَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَى أَنْقَصَ مِنْهُ وَهُوَ السَّاتِرُ لِلْكَعْبَيْنِ فَقَطْ.
قَالَ ابْنُ الْكَمَالِ: فَالسَّبْقُ خَارِجٌ عَنْ حَدِّ الْخُفِّ الْمُعْتَبَرِ فِي هَذَا الْبَابِ، فَخُرُوجُ الْقَدَمِ إلَيْهِ خُرُوجٌ عَنْ الْخُفِّ (قَوْلُهُ وَكَذَا إخْرَاجُهُ) تَصْرِيحٌ بِمَا فُهِمَ مِنْ الْخُرُوجِ بِالْأَوْلَى؛ لِأَنَّ فِي الْإِخْرَاجِ خُرُوجًا مَعَ زِيَادَةٍ وَهِيَ الْقَصْدُ
فِي الْأَصَحِّ اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ وَلَا عِبْرَةَ بِخُرُوجِ عَقِبِهِ وَدُخُولِهِ؛ وَمَا رُوِيَ مِنْ النَّقْضِ بِزَوَالِ عَقِبِهِ فَمُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ بِنِيَّةِ نَزْعِ الْخُفِّ؛ أَمَّا إذَا لَمْ يَكُنْ: أَيْ زَوَالُ عَقِبِهِ بِنِيَّتِهِ بَلْ لِسَعَةٍ أَوْ غَيْرِهَا فَلَا يُنْقَضُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْبُرْجَنْدِيِّ مَعْزِيًّا لِلنِّهَايَةِ وَكَذَا الْقُهُسْتَانِيُّ. لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ، حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ خَرْقُ الْإِجْمَاعِ فَتَنَبَّهْ.
(وَيُنْتَقَضُ) أَيْضًا (بِغَسْلِ أَكْثَرِ الرِّجْلِ فِيهِ) لَوْ دَخَلَ الْمَاءُ خُفَّهُ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ. (وَقِيلَ لَا) يُنْتَقَضُ وَإِنْ بَلَغَ الْمَاءُ الرُّكْبَةَ (وَهُوَ الْأَظْهَرُ) كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ؛ لِأَنَّ اسْتِتَارَ الْقَدَمِ بِالْخُفِّ يَمْنَعُ سِرَايَةَ الْحَدَثِ إلَى الرِّجْلِ، فَلَا يَقَعُ هَذَا غَسْلًا مُعْتَبَرًا، فَلَا يُوجِبُ بُطْلَانَ الْمَسْحِ نَهْرٌ، فَيَغْسِلُهُمَا ثَانِيًا بَعْدَ الْمُدَّةِ
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ فِي الْأَصَحِّ) صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا وَبِهِ جَزَمَ فِي الْكَنْزِ وَالْمُنْتَقَى. وَعَنْ مُحَمَّدٍ إنْ بَقِيَ أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ مَحَلِّ الْفَرْضِ نَقَضَ وَإِلَّا لَا، وَعَلَيْهِ أَكْثَرُ الْمَشَايِخِ كَافِي وَمِعْرَاجٌ، وَصَحَّحَهُ فِي النِّصَابِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ) أَيْ تَنْزِيلًا لَهُ مَنْزِلَةَ الْكُلِّ (قَوْلُهُ وَمَا رُوِيَ) أَيْ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ (قَوْلُهُ بِزَوَالِ عَقِبِهِ) أَيْ خُرُوجِهِ مِنْ الْخُفِّ إلَى السَّاقِ، وَالْمُرَادُ أَكْثَرُ الْعَقِبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُنْيَةِ وَالْبَحْرِ وَغَيْرِهِمَا، وَعَلَّلُوهُ بِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَا يُمْكِنُ مَعَهُ مُتَابَعَةُ الْمَشْيِ الْمُعْتَادِ، وَاخْتَارَهُ فِي الْبَدَائِعِ وَالْحِلْيَةِ وَالْبَحْرِ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الْوِقَايَةِ وَالنُّقَايَةِ (قَوْلُهُ فَمُقَيَّدٌ إلَخْ) أَيْ فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَلَا عِبْرَةَ بِخُرُوجِ عَقِبِهِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ خُرُوجُهُ بِنَفْسِهِ بِلَا قَصْدٍ، وَالْمُرَادُ مِنْ الْمَرْوِيِّ الْإِخْرَاجُ.
(قَوْلُهُ أَوْ غَيْرِهَا) لَعَلَّ الْمُرَادَ بِهِ مَا كَانَ غَيْرَ وَاسِعٍ لَكِنْ أَخْرَجَهُ غَيْرُهُ أَوْ هُوَ فِي نَوْمِهِ (قَوْلُهُ فَلَا يُنْقَضُ بِالْإِجْمَاعِ) وَإِلَّا وَقَعَ النَّاسُ فِي الْحَرَجِ الْبَيِّنِ نِهَايَةٌ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْقُهُسْتَانِيُّ) أَيْ وَكَذَا يُعْلَمُ مِنْ الْقُهُسْتَانِيِّ مَعْزِيًّا لِلنِّهَايَةِ أَيْضًا (قَوْلُهُ لَكِنْ بِاخْتِصَارٍ) نَصُّ عِبَارَتِهِ: هَذَا كُلُّهُ إذَا بَدَا لَهُ أَنْ يَنْزِعَ الْخُفَّ فَيُحَرِّكَهُ بِنِيَّتِهِ، وَأَمَّا إذَا زَالَ لِسَعَةٍ أَوْ غَيْرِهِ فَلَا يُنْتَقَضُ بِالْإِجْمَاعِ كَمَا فِي النِّهَايَةِ (قَوْلُهُ أَنَّهُ) أَيْ الْقُهُسْتَانِيُّ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ أَيْ بِسَبَبِ اخْتِصَارِهِ ط أَيْ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ النَّقْضَ بِمُجَرَّدِ التَّحْرِيكِ بِنِيَّتِهِ مَعَ أَنَّهُ لَا نَقْضَ، مَا لَمْ يَخْرُجْ الْعَقِبُ أَوْ أَكْثَرُهُ إلَى السَّاقِ بِنِيَّتِهِ.
وَأَمَّا إرْجَاعُ الضَّمِيرِ فِي أَنَّهُ إلَى الْقَوْلِ بِالنَّقْضِ بِخُرُوجِ الْعَقِبِ مِنْ غَيْرِ نِيَّةٍ فَلَا يُنَاسِبُهُ التَّعْبِيرُ بِالزَّعْمِ؛ لِأَنَّهُ مُوَافِقٌ لِقَوْلِ الشَّارِحِ فَلَا يُنْقَضُ بِالْإِجْمَاعِ وَيَلْزَمُهُ التَّكْرَارُ أَيْضًا. وَظَاهِرُ كَلَامِ الشَّارِحِ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى أَنَّ الضَّمِيرَ رَاجِعٌ إلَى مَا رُوِيَ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ غَايَةٌ لِقَوْلِهِ فَمُقَيَّدٌ، وَعِبَارَتُهُ فِي شَرْحِ الْمُلْتَقَى هَكَذَا حَتَّى زَعَمَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ خَرَقَ الْإِجْمَاعَ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ هُوَ مِنْ الْحُسْنِ وَالِاحْتِيَاطِ بِمَكَانٍ؛ إذْ مُلَخَّصُهُ أَنَّ خُرُوجَ أَكْثَرِ الْقَدَمِ نَاقِضٌ كَإِخْرَاجِهِ، وَإِخْرَاجُ أَكْثَرِ الْعَقِبِ نَاقِضٌ لَا خُرُوجُهُ، فَهُوَ عَلَى الْقَوْلِ بِهِ نَاقِضٌ آخَرُ فَتَدَبَّرْ. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّ الْقَوْلَ بِالنَّقْضِ بِأَكْثَرِ الْعَقِبِ يَلْزَمُ مِنْهُ الْقَوْلُ بِالنَّقْضِ بِأَكْثَرِ الْقَدَمِ.
(قَوْلُهُ لَوْ دَخَلَ الْمَاءُ خُفَّهُ) فِي بَعْضِ النُّسَخِ أَدْخَلَ، وَلَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا فِي الْحُكْمِ كَمَا أَفَادَهُ ح وَقَدَّمْنَاهُ (قَوْلُهُ وَصَحَّحَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ) كَصَاحِبِ الذَّخِيرَةِ وَالظَّهِيرِيَّةِ، وَقَدَّمْنَا عَنْ الزَّيْلَعِيِّ أَنَّهُ الْمَنْصُوصُ عَلَيْهِ فِي عَامَّةِ الْكُتُبِ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي نُورِ الْإِيضَاحِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَهُوَ الْأَظْهَرُ) ضَعِيفٌ تَبِعَ فِي الْبَحْرِ، وَقَدَّمْنَا رَدَّهُ أَوَّلَ الْبَابِ ح، وَنَصَّ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ أَيْضًا عَلَى ضَعْفِهِ، وَمَا قِيلَ مِنْ أَنَّهُ مُخْتَارُ أَصْحَابِ الْمُتُونِ؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَذْكُرُوهُ فِي النَّوَاقِضِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْمُتُونَ لَا يُذْكَرُ فِيهَا إلَّا أَصْلُ الْمَذْهَبِ، وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ مِنْ تَخْرِيجَاتِ الْمَشَايِخِ وَاحْتِمَالُ كَوْنِهَا مِنْ اخْتِلَافِ الرِّوَايَةِ لَا يَكْفِي فِي جَعْلِهَا مِنْ مَسَائِلِ الْمُتُونِ، نَعَمْ اخْتَارَ فِي الْبَدَائِعِ هَذَا الْقَوْلَ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ التَّعْلِيلِ وَتَبِعَهُ تِلْمِيذُهُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي الْحِلْيَةِ، وَقَوَّاهُ بِأَنَّهُ نَظِيرُ مَا لَوْ أَدْخَلَ يَدَهُ تَحْتَ الْجُرْمُوقَيْنِ وَمَسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِوُقُوعِ الْمَسْحِ فِي غَيْرِ مَحَلِّ الْحَدَثِ (قَوْلُهُ فَيَغْسِلُهُمَا ثَانِيًا) تَفْرِيعٌ عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَبَيَانٌ لِثَمَرَةِ الْخِلَافِ، وَقَدْ عَلِمْت اخْتِيَارَ صَاحِبِ الْبَدَائِعِ لِهَذَا الْقَوْلِ، لَكِنْ وَافَقَ الْقَوْلَ الْأَوَّلَ بِعَدَمِ لُزُومِ الْغَسْلِ ثَانِيًا، وَخَالَفَهُ فِي الْحِلْيَةِ؛ لِأَنَّهُ عِنْدَ انْقِضَاءِ الْمُدَّةِ أَوْ النَّزْعِ يَعْمَلُ الْحَدَثُ السَّابِقُ عَمَلَهُ فَيَحْتَاجُ إلَى مُزِيلٍ؛ لِأَنَّ
أَوْ النَّزْعُ كَمَا مَرَّ.
وَبَقِيَ مِنْ نَوَاقِضِهِ الْخَرْقُ، وَخُرُوجُ الْوَقْتِ لِلْمَعْذُورِ.
(مَسَحَ مُقِيمٌ) بَعْدَ حَدَثِهِ (فَسَافَرَ قَبْلَ تَمَامِ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ) فَلَوْ بَعْدَهُ نَزَعَ (مَسَحَ ثَلَاثًا، وَلَوْ أَقَامَ مُسَافِرٌ بَعْدَ مُضِيِّ مُدَّةٍ مُقِيمٍ نَزَعَ وَإِلَّا أَتَمَّهَا) ؛ لِأَنَّهُ صَارَ مُقِيمًا.
(وَحُكْمُ مَسْحِ جَبِيرَةٍ) هِيَ عِيدَانٌ يُجْبَرُ بِهَا الْكَسْرُ (وَخِرْقَةُ قُرْحَةٍ وَمَوْضِعُ فَصْدٍ) وَكَيٍّ (وَنَحْوِ ذَلِكَ) كَعِصَابَةِ جِرَاحَةٍ وَلَوْ بِرَأْسِهِ
ــ
[رد المحتار]
الْغَسْلَ السَّابِقَ لَا يَعْمَلُ فِي حَدَثٍ طَارِئٍ بَعْدَهُ. وَأُجِيبَ بِأَنَّ الْغَسْلَ السَّابِقَ وُجِدَ بَعْدَ حَدَثٍ حَقِيقَةً، لَكِنَّهُ إنَّمَا لَمْ يَعْمَلْ لِلْمَنْعِ وَهُوَ الْخُفُّ، فَإِذَا زَالَ الْمَانِعُ ظَهَرَ عَمَلُهُ الْآنَ تَأَمَّلْ.
[تَنْبِيهٌ] تَظْهَرُ الثَّمَرَةُ أَيْضًا فِي أَنَّهُ إذَا تَوَضَّأَ ثُمَّ غَسَلَ رِجْلَيْهِ إلَى الْكَعْبَيْنِ دَاخِلَ الْخُفَّيْنِ وَلَمْ يَنْزِعْهُمَا تُحْسَبُ لَهُ مُدَّةُ الْمَسْحِ مِنْ أَوَّلِ حَدَثٍ بَعْدَ هَذَا الْوُضُوءِ عَلَى الْقَوْلِ الْأَوَّلِ، وَأَمَّا عَلَى الثَّانِي فَتُحْسَبُ لَهُ مِنْ أَوَّلِ حَدَثٍ بَعْدَ الْوُضُوءِ الْأَوَّلِ (قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ إنَّ هَذَا الْغَسْلَ حَيْثُ لَمْ يَقَعْ مُعْتَبَرًا كَانَ لَغْوًا بِمَنْزِلَةِ الْعَدَمِ، فَصَارَ نَظِيرَ مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَغْسِلْ وَنَزَعَ أَوْ مَضَتْ الْمُدَّةُ غَسَلَ رِجْلَيْهِ لَا غَيْرُ، أَوْ أَنَّ الْمُرَادَ يَغْسِلُهُمَا إنْ لَمْ يَخْشَ ذَهَابَ رِجْلِهِ مِنْ بَرْدٍ كَمَا مَرَّ، فَافْهَمْ
(قَوْلُهُ وَبَقِيَ مِنْ نَوَاقِضِهِ الْخَرْقُ إلَخْ) قَدْ عُلِمَ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِهِ سَابِقًا، حَيْثُ قَالَ فِي الْخُرْقِ كَمَا يَنْقُضُ الْمَاضَوِيُّ، وَقَالَ فِي الْمَعْذُورِ: فَإِنَّهُ يَمْسَحُ فِي الْوَقْتِ فَقَطْ، لَكِنَّ ذَاكَ اسْتِطْرَادٌ، فَلِذَا أَعَادَ ذِكْرَهُمَا فِي مَحَلِّهِمَا لِتَسْهِيلِ ضَبْطِ النَّوَاقِضِ وَأَنَّهَا بَلَغَتْ سِتَّةً فَافْهَمْ، نَعَمْ أَوْرَدَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ أَنَّ خُرُوجَ الْوَقْتِ لِلْمَعْذُورِ نَاقِضٌ لِوُضُوئِهِ كُلِّهِ لَا لِمَسْحِهِ فَقَطْ فَهُوَ دَاخِلٌ فِي نَاقِضِ الْوُضُوءِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّ مَسْأَلَةَ الْمَعْذُورِ رُبَاعِيَّةٌ فَلَا تَغْفُلْ.
[تَتِمَّةٌ] فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْأَمَالِي فِيمَنْ أَحْدَثَ وَعَلَى بَعْضِ أَعْضَاءِ وُضُوئِهِ جَبَائِرُ فَتَوَضَّأَ وَمَسَحَهَا ثُمَّ تَخَفَّفَ ثُمَّ بَرِئَ لَزِمَهُ غَسْلُ قَدَمَيْهِ، وَلَوْ لَمْ يُحْدِثْ بَعْدَ لُبْسِهِ الْخُفَّ حَتَّى بَرِئَ وَأَلْقَى الْجَبَائِرَ وَغَسَلَ مَوْضِعَهَا ثُمَّ أَحْدَثَ فَإِنَّهُ يَتَوَضَّأُ وَيَمْسَحُ عَلَى الْخُفَّيْنِ. اهـ أَيْ؛ لِأَنَّهُ فِي الْأُولَى ظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ السَّابِقِ، فَلَمْ يَكُنْ لَابِسَ الْخُفِّ عَلَى طَهَارَةٍ بِخِلَافِ الثَّانِيَةِ، وَيَنْبَغِي عَدُّ هَذَا مِنْ النَّوَاقِضِ فَتَصِيرُ سَبْعَةً (قَوْلُهُ مَسَحَ مُقِيمٌ) قَيَّدَ بِمَسْحِهِ لَا لِلِاحْتِرَازِ زَعْمًا إذَا سَافَرَ الْمُقِيمُ قَبْلَ الْمَسْحِ فَإِنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْأَوْلَى، بَلْ لِلتَّنْبِيهِ عَلَى خِلَافِ الشَّافِعِيِّ (قَوْلُهُ بَعْدَ حَدَثِهِ) بِخِلَافِ مَا لَوْ مَسَحَ لِتَجْدِيدِ الْوُضُوءِ فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِيهِ (قَوْلُهُ فَسَافَرَ) بِأَنْ جَاوَزَ الْعُمْرَانَ مَرِيدًا لَهُ نَهْرٌ، وَفِيهِ مَسْأَلَةٌ عَجِيبَةٌ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ فَلَوْ بَعْدَهُ) أَيْ بَعْدَ التَّمَامِ نَزَعَ وَتَوَضَّأَ إنْ كَانَ مُحْدِثًا، وَإِلَّا غَسَلَ رِجْلَيْهِ فَقَطْ ط (قَوْلُهُ مَسَحَ ثَلَاثًا) أَيْ تَمَّمَ مُدَّةَ السَّفَرِ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ الْمُؤَقَّتَ يُعْتَبَرُ فِيهِ آخِرُ الْوَقْتِ مُلْتَقًى وَشَرْحُهُ
(قَوْلُهُ قُرْحَةٍ) بِمَعْنَى الْجِرَاحَةِ. قَالَ فِي الْقَامُوسِ: وَقَدْ يُرَادُ بِهَا مَا يَخْرُجُ مِنْ الْبَدَنِ مِنْ بُثُورٍ، وَفِي الْقَافِ الضَّمُّ وَالْفَتْحُ نَهْرٌ (قَوْلُهُ وَمَوْضِعِ) بِالْجَرِّ عَطْفًا عَلَى قُرْحَةٍ ط (قَوْلُهُ كَعِصَابَةِ جِرَاحَةٍ) الْعِصَابَةُ بِالْكَسْرِ مَا يُعْصَبُ بِهِ، وَكَأَنَّهُ خَصَّ الْقُرْحَةَ بِالْمَعْنَى الثَّانِي، أَوْ أَرَادَ بِخِرْقَتِهَا مَا يُوضَعُ عَلَيْهَا كَاللَّزْقَةِ فَلَا تَكْرَارَ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ وَلَوْ بِرَأْسِهِ) خَصَّهُ بِالذِّكْرِ لِمَا فِي الْمُبْتَغَى أَنَّهُ لَا يَجِبُ الْمَسْحُ؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ عَنْ الْغَسْلِ وَلَا بَدَلَ لَهُ. اهـ. وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ؛ لِأَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الرَّأْسِ أَصْلٌ بِنَفْسِهِ لَا بَدَلٌ، غَيْرَ أَنَّهُ إنْ بَقِيَ مِنْ الرَّأْسِ مَا يَجُوزُ الْمَسْحُ عَلَيْهِ مَسَحَ عَلَيْهِ وَإِلَّا فَعَلَى الْعِصَابَةِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ، أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ.
أَقُولُ: قَوْلُهُ وَالصَّوَابُ خِلَافُهُ يُفِيدُ أَنَّ كَلَامَ الْمُبْتَغَى خَطَأٌ أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا فَهِمَهُ مِنْ مَعْنَى الْبَدَلِيَّةِ وَهُوَ بَعِيدٌ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَعْنَى قَوْلِ الْمُبْتَغَى؛ لِأَنَّهُ بَدَلٌ إلَخْ أَنَّ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ بَدَلٌ مِنْ الْغَسْلِ، وَإِذَا وَجَبَ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ عَلَى الرَّأْسِ الَّذِي وَظِيفَتُهُ الْمَسْحُ لَزِمَ أَنْ يَكُونَ الْمَسْحُ عَلَى الْجَبِيرَةِ بَدَلًا عَنْ الْمَسْحِ لَا عَنْ الْغَسْلِ، وَالْمَسْحُ لَا بَدَلَ لَهُ؛
(كَغَسْلٍ لِمَا تَحْتَهَا) فَيَكُونُ فَرْضًا يَعْنِي عَمَلِيًّا لِثُبُوتِهِ بِظَنِّيٍّ، وَهَذَا قَوْلُهُمَا، وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ خُلَاصَةٌ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى شَرْحُ مَجْمَعٍ. وَقَدَّمْنَا أَنَّ لَفْظَ الْفَتْوَى آكَدُ فِي التَّصْحِيحِ مِنْ الْمُخْتَارِ وَالْأَصَحُّ وَالصَّحِيحُ.
ــ
[رد المحتار]
فَالْمُنَاسِبُ حِينَئِذٍ قَوْلُ النَّهْرِ: إنَّ مَا فِي الْبَدَائِعِ يُفِيدُ تَرْجِيحَ الْوُجُوبِ، وَهُوَ الَّذِي يَنْبَغِي التَّعْوِيلُ عَلَيْهِ. اهـ. أَيْ بِنَاءً عَلَى مَنْعِ قَوْلِهِ الْمَسْحُ بَدَلٌ عَنْ الْغَسْلِ، وَقَدْ أَوْضَحَ مَعْنَى الْبَدَلِيَّةِ فِي الْبَحْرِ فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ فَيَكُونُ فَرْضًا) أَيْ حَيْثُ لَمْ يَضُرَّهُ كَمَا سَيَأْتِي.
مَطْلَبٌ الْفَرْقُ بَيْنَ الْفَرْضِ الْعَمَلِيِّ وَالْقَطْعِيِّ وَالْوَاجِبِ (قَوْلُهُ يَعْنِي عَمَلِيًّا) دَفْعٌ لِمَا يَقْتَضِيهِ ظَاهِرُ التَّشْبِيهِ؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ فَرْضٌ قَطْعِيٌّ، وَالْفَرْضُ الْعَمَلِيُّ مَا يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ كَمَسْحِ رُبُعِ الرَّأْسِ، وَهُوَ أَقْوَى نَوْعَيْ الْوَاجِبِ، فَهُوَ فَرْضٌ مِنْ جِهَةِ الْعَمَلِ، وَيَلْزَمُ عَلَى تَرْكِهِ مَا يَلْزَمُ عَلَى تَرْكِهِ الْفَرْضَ مِنْ الْفَسَادِ لَا مِنْ جِهَةِ الْعِلْمِ وَالِاعْتِقَادِ، فَلَا يُكَفَّرُ بِجَحْدِهِ كَمَا يُكَفَّرُ بِجَحْدِ الْفَرْضِ الْقَطْعِيِّ؛ بِخِلَافِ النَّوْعِ الْآخَرِ مِنْ الْوَاجِبِ كَقِرَاءَةِ الْفَاتِحَةِ، فَإِنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِهِ الْفَسَادُ وَلَا مِنْ جُحُودِهِ الْإِكْفَارُ (قَوْلُهُ لِثُبُوتِهِ بِظَنِّيٍّ) وَهُوَ مَا رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ عَنْ «عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ: انْكَسَرَتْ إحْدَى زَنْدَيَّ فَسَأَلْت رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فَأَمَرَنِي أَنْ أَمْسَحَ عَلَى الْجَبَائِرِ» وَهُوَ ضَعِيفٌ، وَيَتَقَوَّى بِعِدَّةِ طُرُقٍ، وَيَكْفِي مَا صَحَّ عَنْ ابْنِ عُمَرَ رضي الله عنهما " أَنَّهُ مَسَحَ عَلَى الْعِصَابَةِ " فَإِنَّهُ كَالْمَرْفُوعِ؛ لِأَنَّ الْأَبْدَالَ لَا تُنَصَّبُ بِالرَّأْيِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَإِلَيْهِ رَجَعَ الْإِمَامُ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّ صَاحِبَ الْمَجْمَعِ ذَكَرَ فِي شَرْحِهِ أَنَّهُ مُسْتَحَبٌّ عِنْدَهُ وَاجِبٌ عِنْدَهُمَا، وَقِيلَ وَاجِبٌ عِنْدَهُ فَرْضٌ عِنْدَهُمَا، وَقِيلَ: الْوُجُوبُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَهَذَا أَصَحُّ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. اهـ. وَفِي الْمُحِيطِ: وَلَا يَجُوزُ تَرْكُهُ وَلَا الصَّلَاةُ بِدُونِهِ عِنْدَهُمَا. وَالصَّحِيحُ أَنَّهُ عِنْدَهُ وَاجِبٌ لَا فَرْضٌ، فَتَجُوزُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ، وَكَذَا صَحَّحَهُ فِي التَّجْرِيدِ وَالْغَايَةِ وَالتَّجْنِيسِ وَغَيْرِهَا. وَلَا يَخْفَى أَنَّ صَرِيحَ ذَلِكَ فَرْضٌ أَيْ عَمَلِيٌّ عِنْدَهُمَا وَاجِبٌ عِنْدَهُ، فَقَدْ اتَّفَقَ الْإِمَامُ وَصَاحِبَاهُ عَلَى الْوُجُوبِ بِمَعْنَى عَدَمِ جَوَازِ التَّرْكِ، لَكِنْ عِنْدَهُمَا يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ فَلَا تَصِحُّ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ أَيْضًا، وَعِنْدَهُ يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ فَقَطْ مَعَ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِدُونِهِ، وَوُجُوبُ إعَادَتِهَا، فَهُوَ أَرَادَ الْوُجُوبَ الْأَدْنَى، وَهُمَا أَرَادَا الْوُجُوبَ الْأَعْلَى. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّ أَبَا حَنِيفَةَ رَجَعَ إلَى قَوْلِهِمَا بَعْدَ جَوَازِ التَّرْكِ فَقَيَّدَ بِعَدَمِ جَوَازِ التَّرْكِ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَرْجِعْ إلَى قَوْلِهِمَا بِعَدَمِ صِحَّةِ الصَّلَاةِ بِتَرْكِهِ أَيْضًا، فَلَا يُنَافِي مَا مَرَّ مَعَ تَصْحِيحِ أَنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَهُ لَا فَرْضٌ، وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ فِي شَرْحِ الْمَجْمَعِ وَقِيلَ: الْوُجُوبُ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، مَعْنَاهُ عَدَمُ جَوَازِ التَّرْكِ لِرُجُوعِ الْإِمَامِ عَنْ الِاسْتِحْبَابِ إلَيْهِ، فَلَيْسَ الْمُرَادُ بِهِ الِاتِّفَاقَ عَلَى الْوُجُوبِ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.
ثُمَّ رَأَيْت نُوحًا أَفَنْدِي نَقَلَهُ عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ فِي حَوَاشِيهِ عَلَى شَرْحِ الْمَجْمَعِ بِقَوْلِهِ: مَعْنَى الْوُجُوبِ مُخْتَلَفٌ؛ فَعِنْدَهُ يَصِحُّ الْوُضُوءُ بِدُونِهِ وَعِنْدَهُمَا هُوَ فَرْضٌ عَمَلِيٌّ يَفُوتُ الْجَوَازُ بِفَوْتِهِ. اهـ - وَلِلَّهِ الْحَمْدُ - فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْفَرِيدَ، فَقَدْ خَفِيَ عَلَى الشَّارِحِ وَالْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ وَصَاحِبِ الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِمْ فَافْهَمْ.
هَذَا، وَقَدْ رَجَّحَ فِي الْبَدَائِعِ قَوْلَ الْإِمَامِ بِأَنَّهُ غَايَةُ مَا يُفِيدُهُ الْوَارِدُ فِي الْمَسْحِ عَلَيْهَا، فَعَدَمُ الْفَسَادِ بِتَرْكِهِ أَقْعَدُ بِالْأُصُولِ. اهـ لَكِنْ قَالَ تِلْمِيذُهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ فِي حَوَاشِيهِ إنَّ قَوْلَهُ أَقْعَدُ بِالْأُصُولِ وَقَوْلَهُمَا أَحْوَطُ. وَقَالَ فِي الْعُيُونِ: الْفَتْوَى عَلَى قَوْلِهِمَا. اهـ (قَوْلُهُ وَقَدَّمْنَا إلَخْ) جَوَابٌ عَمَّا فِي الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ مِنْ تَصْحِيحِ أَنَّهُ وَاجِبٌ عِنْدَهُ لَا فَرْضٌ حَتَّى تَجُوزُ الصَّلَاةُ بِدُونِهِ: أَيْ إنَّ هَذَا التَّصْحِيحَ لَا يُعَارِضُ لَفْظَ الْفَتْوَى؛ لِأَنَّهُ أَقْوَى، وَهَذَا مَبْنِيٌّ عَلَى مَا فُهِمَ تَبَعًا لِغَيْرِهِ مِنْ اتِّحَادِ مَعْنَى الْوُجُوبِ فِي عِبَارَةِ شَرْحِ الْمَجْمَعِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ بِهِ الْفَرْضُ الْعَمَلِيُّ عِنْدَ الْكُلِّ، وَقَدْ عَلِمْت خِلَافَهُ وَأَنَّهُ
ثُمَّ إنَّهُ يُخَالِفُ مَسْحَ الْخُفِّ مِنْ وُجُوهٍ ذَكَرَ مِنْهَا ثَلَاثَةَ عَشَرَ، فَقَالَ (فَلَا يَتَوَقَّفُ) ؛ لِأَنَّهُ كَالْغُسْلِ حَتَّى يَؤُمَّ الْأَصِحَّاءَ، وَلَوْ بَدَّلَهَا بِأُخْرَى أَوْ سَقَطَتْ الْعُلْيَا لَمْ يَجِبْ إعَادَةُ الْمَسْحِ بَلْ يُنْدَبُ
(وَيُجْمَعُ) مَسْحُ جَبِيرَةِ رِجْلٍ (مَعَهُ) أَيْ مَعَ غَسْلِ الْأُخْرَى لَا مَسْحِ خُفِّهَا بَلْ خُفَّيْهِ.
(وَيَجُوزُ) أَيْ يَصِحُّ مَسْحُهَا (وَلَوْ شُدَّتْ بِلَا وُضُوءٍ) وَغَسَلَ دَفْعًا لِلْحَرَجِ (وَيُتْرَكُ) الْمَسْحُ كَالْغُسْلِ (إنْ ضَرَّ وَإِلَّا لَا) يُتْرَكُ (وَهُوَ) أَيْ مَسْحُهَا (مَشْرُوطٌ بِالْعَجْزِ عَنْ مَسْحِ) نَفْسِ الْمَوْضِعِ (فَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ فَلَا مَسْحَ) عَلَيْهَا. وَالْحَاصِلُ لُزُومُ غَسْلِ الْمَحَلِّ وَلَوْ بِمَاءٍ حَارٍّ، فَإِنْ ضَرَّ مَسَحَهُ، فَإِنْ ضَرَّ مَسَحَهَا، فَإِنْ ضَرَّ سَقَطَ أَصْلًا.
(وَيَمْسَحُ) نَحْوُ (مُفْتَصِدٍ وَجَرِيحٍ عَلَى كُلِّ عِصَابَةٍ)
ــ
[رد المحتار]
لَا تَعَارُضَ بَيْنَ كَلَامِهِمْ (قَوْلُهُ ثُمَّ إنَّهُ) أَيْ مَسْحُ الْجَبِيرَةِ وَثُمَّ لِلتَّرَاخِي فِي الذِّكْرِ (قَوْلُهُ ذَكَرَ مِنْهَا) أَفَادَ أَنَّهَا أَكْثَرُ وَهُوَ كَذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَا يَتَوَقَّفُ) أَيْ بِوَقْتٍ مُعَيَّنٍ وَإِلَّا فَهُوَ مُوَقَّتٌ بِالْبُرْءِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ حَتَّى يَؤُمَّ الْأَصِحَّاءَ) ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِذِي عُذْرٍ ط وَلَمْ يَظْهَرْ لِي وَجْهُ هَذَا التَّفْرِيعِ هُنَا، ثُمَّ رَأَيْته فِي [خَزَائِنِ الْأَسْرَارِ] ذَكَرَ التَّفْرِيعَ بَعْدَ قَوْلِهِ الْآتِي لَا مَسْحِ خُفِّهَا بَلْ خُفَّيْهِ بِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ كَامِلَةٌ حَتَّى يَؤُمَّ الْأَصِحَّاءَ. اهـ ظَاهِرٌ؛ لِأَنَّ عَدَمَ الْجَمْعِ بَيْنَ مَسْحِ الْجَبِيرَةِ وَمَسْحِ الْخُفِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ مَسْحَهَا كَالْغَسْلِ كَمَا نَذْكُرُهُ (قَوْلُهُ وَلَوْ بَدَّلَهَا إلَخْ) هَذَانِ الْوَجْهَانِ زَادَهُمَا الشَّارِحُ عَلَى الثَّلَاثَةَ عَشَرَ الْمَذْكُورَةِ فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ لَمْ يَجِبْ) وَعَنْ الثَّانِي أَنَّهُ يَجِبُ الْمَسْحُ عَلَى الْعِصَابَةِ الْبَاقِيَةِ نَهْرٌ
(قَوْلُهُ مَسْحِ خُفِّهَا إلَخْ) أَيْ لَا يَجْمَعُ مَسْحَ جَبِيرَةِ رِجْلٍ مَعَ مَسْحِ خُفِّ الْأُخْرَى الصَّحِيحَةِ؛ لِأَنَّ مَسْحَ الْجَبِيرَةِ حَيْثُ كَانَ كَالْغَسْلِ يَلْزَمُ مِنْهُ الْجَمْعُ بَيْنَ الْغَسْلِ وَالْمَسْحِ، بَلْ لَا بُدَّ مِنْ تَخْفِيفِ الْجَرِيحَةِ أَيْضًا لِيَمْسَحَ عَلَى الْخُفَّيْنِ، لَكِنْ لَوْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى مَسْحِ الْجَبِيرَةِ لَهُ الْمَسْحُ عَلَى خُفِّ الصَّحِيحَةِ صَرَّحَ بِهِ فِي التَّتَارْخَانِيَّة: أَيْ؛ لِأَنَّهُ كَذَاهِبِ إحْدَى الرِّجْلَيْنِ (قَوْلُهُ بِلَا وُضُوءٍ وَغَسْلٍ) بِضَمِّ الْغَيْنِ بِقَرِينَةِ الْوُضُوءِ، وَهَذَا هُوَ الثَّالِثُ، وَلَا يَتَكَرَّرُ عَلَى قَوْلِهِ الْآتِي، وَالْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ إلَخْ؛ لِأَنَّ هَذَا فِيمَا إذَا شَدَّهَا عَلَى الْحَدَثِ أَوْ الْجَنَابَةِ، وَذَاكَ فِيمَا إذَا أَحْدَثَ أَوْ أَجْنَبَ بَعْدَ شَدِّهَا أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ وَيَتْرُكُ الْمَسْحَ كَالْغَسْلِ) أَيْ يَتْرُكُ الْمَسْحَ عَلَى الْجَبِيرَةِ كَمَا يَتْرُكُ الْغَسْلَ لِمَا تَحْتَهَا، وَهَذَا هُوَ الرَّابِعُ ح (قَوْلُهُ إنْ ضَرَّ) الْمُرَادُ الضَّرَرُ الْمُعْتَبَرُ لَا مُطْلَقُهُ؛ لِأَنَّ الْعَمَلَ لَا يَخْلُو عَنْ أَدْنَى ضَرَرٍ وَذَلِكَ لَا يُبِيحُ التَّرْكَ ط عَنْ شَرْحِ الْمَجْمَعِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا يُتْرَكُ) أَيْ عَلَى الصَّحِيحِ الْمُفْتَى بِهِ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَهُوَ إلَخْ) هَذَا الْخَامِسُ (قَوْلُهُ عَنْ مَسْحِ نَفْسِ الْمَوْضِعِ) أَيْ وَعَنْ غَسْلِهِ، وَإِنَّمَا تَرَكَهُ؛ لِأَنَّ الْعَجْزَ عَنْ الْمَسْحِ يَسْتَلْزِمُ الْعَجْزَ عَنْ الْغَسْلِ ح (قَوْلُهُ وَلَوْ بِمَاءٍ حَارٍّ) نَصَّ عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْجَامِعِ لِقَاضِي خَانْ، وَاقْتَصَرَ عَلَيْهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَقَيَّدَهُ بِالْقُدْرَةِ عَلَيْهِ. وَفِي السِّرَاجِ أَنَّهُ لَا يَجِبُ وَالظَّاهِرُ الْأَوَّلُ بَحْرٌ
(قَوْلُهُ نَحْوُ مُفْتَصِدٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ الْجِرَاحَةِ وَغَيْرِهَا كَالْكَيِّ وَالْكَسْرِ؛ لِأَنَّ الضَّرُورَةَ تَشْمَلُ الْكُلَّ.
مَطْلَبٌ فِي لَفْظِ كُلٍّ إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُنَكَّرٍ أَوْ مُعَرَّفٍ (قَوْلُهُ عَلَى كُلِّ عِصَابَةٍ) أَيْ عَلَى كُلِّ فَرْدٍ مِنْ أَفْرَادِهَا سَوَاءٌ كَانَتْ تَحْتَهَا جِرَاحَةٌ وَهِيَ بِقَدْرِهَا أَوْ زَائِدَةٌ عَلَيْهَا كَعِصَابَةِ الْمُفْتَصِدِ، أَوْ لَمْ يَكُنْ تَحْتَهَا جِرَاحَةٌ أَصْلًا بَلْ كَسْرٌ أَوْ كَيٌّ، وَهَذَا مَعْنَى قَوْلِ الْكَنْزِ كَانَ تَحْتَهَا جِرَاحَةٌ أَوْ لَا، لَكِنْ إذَا كَانَتْ زَائِدَةً عَلَى قَدْرِ الْجِرَاحَةِ، فَإِنْ ضَرَّهُ الْحَلُّ وَالْغَسْلُ مَسَحَ الْكُلَّ تَبَعًا وَإِلَّا فَلَا، بَلْ يَغْسِلُ مَا حَوْلَ الْجِرَاحَةِ وَيَمْسَحُ عَلَيْهَا لَا عَلَى الْخِرْقَةِ، مَا لَمْ يَضُرَّهُ مَسْحُهَا فَيَمْسَحُ عَلَى الْخِرْقَةِ الَّتِي عَلَيْهَا وَيَغْسِلُ حَوَالَيْهَا وَمَا تَحْتَ الْخِرْقَةِ الزَّائِدَةِ؛ لِأَنَّ الثَّابِتَ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا كَمَا أَوْضَحَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُحِيطِ وَالْفَتْحِ. وَيَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مُرَادُ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْمَسْحَ يَجِبُ عَلَى كُلِّ الْعِصَابَةِ وَلَا يَكْفِي عَلَى أَكْثَرِهَا، لَكِنْ يُنَافِيهِ أَنَّهُ سَيُصَرِّحُ بِأَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ الِاسْتِيعَابُ فِي الْأَصَحِّ فَيَتَنَاقَضُ كَلَامُهُ وَأَنَّهُ كَانَ الْأَوْلَى حِينَئِذٍ تَعْرِيفَ الْعِصَابَةِ؛ لِأَنَّ الْغَالِبَ فِي كُلٍّ عِنْدَ عَدَمِ الْقَرِينَةِ
مَعَ فُرْجَتِهَا فِي الْأَصَحِّ (إنْ ضَرَّهُ) الْمَاءُ (أَوْ حَلَّهَا) وَمِنْهُ أَنْ لَا يُمْكِنَهُ رَبْطُهَا بِنَفْسِهِ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَرْبِطُهَا.
(انْكَسَرَ ظُفُرُهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ دَوَاءً أَوْ وَضَعَهُ عَلَى شُقُوقِ رِجْلِهِ أَجْرَى الْمَاءَ عَلَيْهِ) وَإِنْ قَدَرَ وَإِلَّا مَسَحَهُ وَإِلَّا تَرَكَهُ.
(وَ) الْمَسْحُ (يُبْطِلُهُ سُقُوطُهَا عَنْ بُرْءٍ) وَإِلَّا لَا (فَإِنْ) سَقَطَتْ (فِي الصَّلَاةِ اسْتَأْنَفَهَا، وَكَذَا) الْحُكْمُ (لَوْ) سَقَطَ الدَّوَاءُ أَوْ (بَرِئَ مَوْضِعُهَا وَلَمْ تَسْقُطْ) مُجْتَبًى، وَيَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَضُرَّ إزَالَتُهَا، فَإِنْ ضَرَّهُ فَلَا بَحْرٌ.
(وَالرَّجُلُ وَالْمَرْأَةُ وَالْمُحْدِثُ وَالْجُنُبُ فِي الْمَسْحِ عَلَيْهَا وَعَلَى تَوَابِعِهِمَا سَوَاءٌ) اتِّفَاقًا.
ــ
[رد المحتار]
أَنَّهَا إذَا دَخَلَتْ عَلَى مُنَكَّرٍ أَفَادَتْ اسْتِغْرَاقَ الْأَفْرَادِ.
وَإِذَا دَخَلَتْ عَلَى مُعَرَّفٍ أَفَادَتْ اسْتِغْرَاقَ الْأَجْزَاءِ، وَلِذَا يُقَالُ كُلُّ رُمَّانٍ مَأْكُولٌ، وَلَا يُقَالُ كُلُّ الرُّمَّانِ مَأْكُولٌ؛ لِأَنَّ قِشْرَهُ لَا يُؤْكَلُ، وَمِنْ غَيْرِ الْغَالِبِ مَعَ الْقَرِينَةِ - {كَذَلِكَ يَطْبَعُ اللَّهُ عَلَى كُلِّ قَلْبِ مُتَكَبِّرٍ} [غافر: 35]- {كُلُّ الطَّعَامِ كَانَ حِلا} [آل عمران: 93]- وَحَدِيثُ «كُلُّ الطَّلَاقِ وَاقِعٌ إلَّا طَلَاقَ الْمَعْتُوهِ وَالْمَغْلُوبِ عَلَى عَقْلِهِ» فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مَعَ فُرْجَتِهَا فِي الْأَصَحِّ) أَيْ الْمَوْضِعِ الَّذِي لَمْ تَسْتُرْهُ الْعِصَابَةُ بَيْنَ الْعِصَابَةِ فَلَا يَجِبُ غَسْلُهُ، خِلَافًا لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ، بَلْ يَكْفِيهِ الْمَسْحُ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا إذْ لَوْ غُسِلَ رُبَّمَا تَبْتَلُّ جَمِيعُ الْعِصَابَةِ وَتَنْفُذُ الْبِلَّةُ إلَى مَوْضِعِ الْجُرْحِ، وَهَذَا مِنْ الْحُسْنِ بِمَكَانٍ نَهْرٌ (قَوْلُهُ إنْ ضَرَّهُ الْمَاءُ) أَيْ الْغَسْلُ بِهِ أَوْ الْمَسْحُ عَلَى الْمَحَلِّ ط (قَوْلُهُ أَوْ أَحَلَّهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَ بَعْدَ الْبُرْءِ بِأَنْ الْتَصَقَتْ بِالْمَحَلِّ بِحَيْثُ يَعْسُرُ نَزْعُهَا ط، لَكِنْ حِينَئِذٍ يَمْسَحُ عَلَى الْمُلْتَصِقِ وَيَغْسِلُ مَا قَدَرَ عَلَى غَسْلِهِ مِنْ الْجَوَانِبِ كَمَا مَرَّ؛ ثُمَّ الْمَسْأَلَةُ رُبَاعِيَّةٌ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ فِي الْخَزَائِنِ؛ لِأَنَّهُ إنْ ضَرَّهُ الْحَلُّ يَمْسَحْ، سَوَاءٌ ضَرَّهُ أَيْضًا الْمَسْحُ عَلَى مَا تَحْتَهَا أَوْ لَا؛ وَإِنْ لَمْ يَضُرَّهُ الْحَلُّ، فَإِمَّا أَنْ لَا يَضُرَّهُ الْمَسْحُ أَيْضًا فَيَحِلَّهَا وَيَغْسِلُ مَا لَا يَضُرُّهُ وَيَمْسَحُ مَا يَضُرُّهُ، وَإِمَّا أَنْ يَضُرَّهُ الْمَسْحُ فَيَحِلَّهَا وَيَغْسِلُ كَذَلِكَ ثُمَّ يَمْسَحُ الْجُرْحَ عَلَى الْعِصَابَةِ إذْ الثَّابِتُ بِالضَّرُورَةِ يَتَقَدَّرُ بِقَدْرِهَا.
اهـ (قَوْلُهُ وَمِنْهُ) أَيْ مِنْ الضَّرَرِ ط (قَوْلُهُ وَلَا يَجِدُ مَنْ يَرْبِطُهَا) ذَكَرَ ذَلِكَ فِي الْفَتْحِ، وَلَمْ يَذْكُرْهُ فِي الْخَانِيَّةِ. قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ مَا فِي الْخَانِيَّةِ مَبْنِيٌّ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ: إنْ وَسَّعَ الْغَيْرُ لَا يُعَدُّ وُسْعًا، وَمَا فِي الْبَدَائِعِ هُوَ قَوْلُهُمَا. اهـ
(قَوْلُهُ فَجَعَلَ عَلَيْهِ دَوَاءً) أَيْ كَعِلْكٍ أَوْ مَرْهَمٍ أَوْ جِلْدَةِ مَرَارَةٍ بَحْرٌ (قَوْلُهُ أَجْرَى الْمَاءَ عَلَيْهِ) لَمْ يَشْرِطْهُ فِي الْأَصْلِ مِنْ غَيْرِ ذِكْرِ خِلَافٍ، وَشَرَطَهُ الْحَلْوَانِيُّ، وَعَزَاهُ فِي الْمِنَحِ إلَى عَامَّةِ الْكُتُبِ الْمُعْتَمَدَةِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا مَسَحَهُ) هَلْ يُكْتَفَى بِمَسْحِ أَكْثَرِهِ لِكَوْنِهِ كَالْجَبِيرَةِ أَمْ لَا بُدَّ مِنْ الِاسْتِيعَابِ؟ فَلْيُرَاجَعْ اهـ ح
(قَوْلُهُ وَالْمَسْحُ يُبْطِلُهُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الْوَجْهُ السَّادِسُ؛ لِأَنَّ سُقُوطَ الْخُفِّ يُبْطِلُ الْمَسْحَ بِلَا شَرْطٍ ح (قَوْلُهُ سُقُوطُهَا) أَيْ الْجَبِيرَةِ أَوْ الْخِرْقَةِ، وَكَذَا سُقُوطُ الدَّوَاءِ خَزَائِنُ، وَعَزَا الْأَخِيرَ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ إلَى التَّتَارْخَانِيَّة وَصَدْرِ الشَّرِيعَةِ، وَسَيُصَرِّحُ بِهِ الشَّارِحُ هُنَا أَيْضًا (قَوْلُهُ عَنْ بُرْءٍ) بِالْفَتْحِ عِنْدَ أَهْلِ الْحِجَازِ وَالضَّمِّ عِنْدَ غَيْرِهِمْ: أَيْ بِسَبَبِ صِحَّةِ الْعُضْوِ قُهُسْتَانِيٌّ؛ فَعَنْ بِمَعْنَى الْبَاءِ، مِثْلُ - {وَمَا يَنْطِقُ عَنِ الْهَوَى} [النجم: 3]- أَوْ بِمَعْنَى اللَّامِ مِثْلُ - {وَمَا نَحْنُ بِتَارِكِي آلِهَتِنَا عَنْ قَوْلِكَ} [هود: 53]- أَوْ بِمَعْنَى بَعْدَ؛ مِثْلُ - {عَمَّا قَلِيلٍ لَيُصْبِحُنَّ نَادِمِينَ} [المؤمنون: 40]- (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ بِأَنْ سَقَطَتْ لَا عَنْ بُرْءٍ، وَهَذَا تَصْرِيحٌ بِمَفْهُومِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَهُوَ الْوَجْهُ السَّابِعُ (قَوْلُهُ اسْتَأْنَفَهَا) أَيْ الصَّلَاةَ أَيْ بَعْدَ غَسْلِ الْمَوْضِعِ؛ لِأَنَّهُ ظَهَرَ حُكْمُ الْحَدَثِ السَّابِقِ عَلَى الشُّرُوعِ فَصَارَ كَأَنَّهُ شَرَعَ مِنْ غَيْرِ غَسْلِ ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَهَذَا إذَا سَقَطَتْ عَنْ بُرْءٍ قَبْلَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، فَلَوْ عَنْ غَيْرِ بُرْءٍ مَضَى فِي صَلَاتِهِ أَوْ بَعْدَ الْقُعُودِ، فَهِيَ إحْدَى الْمَسَائِلِ الِاثْنَيْ عَشْرِيَّةَ الْآتِيَةِ كَمَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَكَذَا الْحُكْمُ) أَيْ مِنْ التَّفْصِيلِ بَيْنَ السُّقُوطِ عَنْ بُرْءٍ وَعَدَمِهِ ط (قَوْلُهُ أَوْ بَرِئَ مَوْضِعُهَا وَلَمْ تَسْقُطْ) هُوَ الثَّامِنُ؛ بِخِلَافِ الْخُفِّ فَإِنَّ الْعِبْرَةَ فِيهِ لِلنَّزْعِ بِالْفِعْلِ (قَوْلُهُ فَإِنْ ضَرَّهُ) أَيْ إزَالَتُهَا لِشِدَّةِ لُصُوقِهَا بِهِ وَنَحْوِهِ بَحْرٌ. [فَرْعٌ] فِي جَامِعِ الْجَوَامِعِ: رَجُلٌ بِهِ رَمَدٌ فَدَاوَاهُ وَأُمِرَ أَنْ لَا يَغْسِلَ فَهُوَ كَالْجَبِيرَةِ شُرُنْبُلَالِيَّةٌ
(قَوْلُهُ وَالْمُحْدَثُ وَالْجُنُبُ إلَخْ) هُوَ التَّاسِعُ (قَوْلُهُ عَلَيْهَا) أَيْ الْجَبِيرَةِ، وَعَلَى تَوَابِعِهَا: كَخِرْقَةِ الْقُرْحَةِ، وَمَوْضِعِ الْفَصْدِ وَالْكَيِّ ط