الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أَوْ سَيْفٍ مُطْلَقًا أَوْ شَمَعٍ أَوْ سِرَاجٍ أَوْ نَارٍ تُوقَدُ) ، لِأَنَّ الْمَجُوسَ إنَّمَا تَعْبُدُ الْجَمْرَ لَا النَّارَ الْمُوقَدَةَ قُنْيَةٌ (أَوْ عَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَمَاثِيلُ إنْ لَمْ يَسْجُدْ عَلَيْهَا) لِمَا مَرَّ
[فُرُوعٌ]
يُكْرَهُ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ وَالِاعْتِجَارُ وَالتَّلَثُّمُ وَالتَّنَخُّمُ وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِلَا عُذْرٍ؛ كَتَعَرُّضٍ لِقَمْلَةٍ قَبْلَ الْأَذَى،
ــ
[رد المحتار]
وَمَا رُوِيَ عَنْهُ عليه الصلاة والسلام «لَا تُصَلُّوا خَلَفَ نَائِمٍ وَلَا مُتَحَدِّثٍ» فَضَعِيفٌ. وَصَحَّ عَنْ عَائِشَةَ رضي الله عنها قَالَتْ «كَانَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يُصَلِّي مِنْ صَلَاةِ اللَّيْلِ كُلِّهَا وَأَنَا مُعْتَرِضَةٌ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْقِبْلَةِ، فَإِذَا أَرَادَ أَنْ يُوتِرَ أَيْقَظَنِي فَأَوْتَرْتُ» ، رَوَيَاهُ فِي الصَّحِيحَيْنِ، وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهَا كَانَتْ نَائِمَةً، وَمَا فِي مُسْنَدِ الْبَزَّارِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «نُهِيتُ أَنْ أُصَلِّيَ إلَى النِّيَامِ وَالْمُتَحَدَّثِينَ» " فَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى مَا إذَا كَانَتْ لَهُمْ أَصْوَاتٌ يُخَافُ مِنْهَا التَّغْلِيطُ أَوْ الشَّغْلُ، وَفِي النَّائِمِينَ إذَا خَافَ ظُهُورَ شَيْءٍ يُضْحِكُهُ. اهـ.
(قَوْلُهُ مُطْلَقًا) أَيْ مُعَلَّقًا أَوْ غَيْرَ مُعَلَّقٍ، وَأَشَارَ بِهِ إلَى أَنَّ قَوْلَ الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مُعَلَّقٌ غَيْرُ قَيْدٍ.
وَفِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَجْهُ عَدَمِ الْكَرَاهَةِ أَنَّ كَرَاهَةَ اسْتِقْبَالِ بَعْضِ الْأَشْيَاءِ بِاعْتِبَارِ التَّشَبُّهِ بِعُبَّادِهَا وَالْمُصْحَفُ وَالسَّيْفُ لَمْ يَعْبُدْهُمَا أَحَدٌ، وَاسْتِقْبَالُ أَهْلِ الْكِتَابِ لِلْمُصْحَفِ لِلْقِرَاءَةِ مِنْهُ لَا لِلْعِبَادَةِ. وَعِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ يُكْرَهُ اسْتِقْبَالُهُ لِلْقِرَاءَةِ، وَلِذَا قَيَّدَ بِكَوْنِهِ مُعَلَّقًا وَكَوْنُ السَّيْفِ آلَةُ الْحَرْبِ مُنَاسِبٌ لِحَالِ الِابْتِهَالِ إلَى اللَّهِ تَعَالَى لِأَنَّهَا حَالُ الْمُحَارَبَةِ مَعَ النَّفْسِ وَالشَّيْطَانِ، وَعَنْ هَذَا سُمِّيَ الْمِحْرَابُ. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ شَمَعٍ) بِفَتْحِ الْمِيمِ عَلَى الْأَوْجَهِ وَالسُّكُونُ ضَعِيفٌ مَعَ أَنَّهُ الْمُسْتَعْمَلُ قَالَهُ ابْنُ قُتَيْبَةَ، وَعَدَمُ الْكَرَاهَةِ هُوَ الْمُخْتَارُ كَمَا فِي غَايَةِ الْبَيَانِ، وَيَنْبَغِي الِاتِّفَاقُ عَلَيْهِ فِيمَا لَوْ كَانَ عَلَى جَانِبَيْهِ كَمَا هُوَ الْمُعْتَادُ فِي لَيَالِي رَمَضَانَ بَحْرٌ: أَيْ فِي حَقِّ الْإِمَامِ؛ أَمَّا الْمُقَابِلُ لَهَا مِنْ الْقَوْمِ فَتَلْحَقُهُ الْكَرَاهَةُ عَلَى مُقَابِلِ الْمُخْتَارِ رَمْلِيٌّ (قَوْلُهُ لِأَنَّ الْمَجُوسَ إلَخْ) عِلَّةٌ لِلثَّلَاثَةِ قَبْلَهُ ط (قَوْلُهُ قُنْيَةٌ) ذُكِرَ ذَلِكَ فِي الْقُنْيَةِ فِي كِتَابِ الْكَرَاهِيَةِ.
وَنَصُّهُ: الصَّحِيحُ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ أَنْ يُصَلِّيَ وَبَيْنَ يَدَيْهِ شَمَعٌ أَوْ سِرَاجٌ لِأَنَّهُ لَمْ يَعْبُدْهُمَا أَحَدٌ وَالْمَجُوسُ يَعْبُدُونَ الْجَمْرَ لَا النَّارَ الْمُوقَدَةَ، حَتَّى قِيلَ لَا يُكْرَهُ إلَى النَّارِ الْمُوقَدَةِ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْمُوقَدَةِ الَّتِي لَهَا لَهَبٌ، لَكِنْ قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: أَنَّ بَعْضَهُمْ قَالَ: تُكْرَهُ إلَى شَمَعٍ أَوْ سِرَاجٍ كَمَا لَوْ كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ كَانُونٌ فِيهِ جَمْرٌ أَوْ نَارٌ مُوقَدَةٌ. اهـ. وَظَاهِرُهُ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِي الْمُوقَدَةِ مُتَّفَقٌ عَلَيْهَا كَمَا فِي الْجَمْرِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) عِلَّةٌ لِعَدَمِ الْكَرَاهَةِ وَهُوَ كَوْنُهَا مُهَانَةً ح
[فُرُوعٌ اشْتِمَالُ الصَّلَاة عَلَى الصَّمَّاءِ وَالِاعْتِجَارُ وَالتَّلَثُّمُ وَالتَّنَخُّمُ وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِلَا عُذْرٍ]
(قَوْلُهُ يُكْرَهُ اشْتِمَالُ الصَّمَّاءِ) لِنَهْيِهِ عليه الصلاة والسلام عَنْهَا، وَهِيَ أَنْ يَأْخُذَ بِثَوْبِهِ فَيُخَلِّلَ بِهِ جَسَدَهُ كُلَّهُ مِنْ رَأْسِهِ إلَى قَدَمِهِ وَلَا يَرْفَعَ جَانِبًا يُخْرِجُ يَدَهُ مِنْهُ؛ سُمِّيَ بِهِ لِعَدَمِ مَنْفَذٍ يُخْرِجُ مِنْهُ يَدَهُ كَالصَّخْرَةِ الصَّمَّاءِ وَقِيلَ أَنْ يَشْتَمِلَ بِثَوْبٍ وَاحِدٍ لَيْسَ عَلَيْهِ إزَارٌ، وَهُوَ اشْتِمَالُ الْيَهُودِ زَيْلَعِيٌّ. وَظَاهِرُ التَّعْلِيلِ بِالنَّهْيِ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ كَمَا مَرَّ فِي نَظَائِرِهِ (قَوْلُهُ وَالِاعْتِجَارُ) لِنَهْيِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم عَنْهُ، وَهُوَ شَدُّ الرَّأْسِ، أَوْ تَكْوِيرُ عِمَامَتِهِ عَلَى رَأْسِهِ وَتَرْكُ وَسَطِهِ مَكْشُوفًا وَقِيلَ أَنْ يَتَنَقَّبَ بِعِمَامَتِهِ فَيُغَطِّيَ أَنْفَهُ إمَّا لِلْحَرِّ أَوْ لِلْبَرْدِ أَوْ لِلتَّكَبُّرِ إمْدَادٌ، وَكَرَاهَتُهُ تَحْرِيمِيَّةٌ أَيْضًا لِمَا مَرَّ (قَوْلُهُ وَالتَّلَثُّمُ) وَهُوَ تَغْطِيَةُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ فِي الصَّلَاةِ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ فِعْلَ الْمَجُوسِ حَالَ عِبَادَتِهِمْ النِّيرَانَ زَيْلَعِيٌّ. وَنَقَلَ ط عَنْ أَبِي السُّعُودِ أَنَّهَا تَحْرِيمِيَّةٌ (قَوْلُهُ وَالتَّنَخُّمُ) هُوَ إخْرَاجُ النُّخَامَةِ بِالنَّفَسِ الشَّدِيدِ لِغَيْرِ عُذْرٍ. وَحُكْمُهُ كَالتَّنَحْنُحِ فِي تَفْصِيلِهِ كَمَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَيْ فَإِنْ كَانَ بِلَا عُذْرٍ وَخَرَجَ بِهِ حَرْفَانِ أَوْ أَكْثَرُ أَفْسَدَ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَالتَّخَتُّمُ، وَالْمُرَادُ بِهِ لَيْسَ الْخَاتَمُ فِي الصَّلَاةِ بِعَمَلٍ قَلِيلٍ (قَوْلُهُ وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ إلَخْ) تَقَدَّمَ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْكَثِيرِ (قَوْلُهُ كَتَعَرُّضٍ. لِقَمْلَةٍ إلَخْ) قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيُكْرَهُ قَتْلُ الْقَمْلِ عِنْدَ الْإِمَامِ. وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْقَتْلُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَأَيُّ ذَلِكَ فَعَلَ لَا بَأْسَ بِهِ، وَلَعَلَّ الْإِمَامَ إنَّمَا اخْتَارَ الدَّفْنَ لِمَا فِيهِ مِنْ التَّنَزُّهِ عَنْ إصَابَةِ الدَّمِ يَدَ الْقَاتِلِ أَوْ ثَوْبَهُ وَإِنْ كَانَ مَعْفُوًّا عَنْهُ، هَذَا إذَا تَعَرَّضَتْ الْقَمْلَةُ وَنَحْوُهَا بِالْأَذَى وَإِلَّا كُرِهَ الْأَخْذُ فَضْلًا عَنْ غَيْرِهِ، وَهَذَا كُلُّهُ خَارِجَ الْمَسْجِدِ؛ أَمَّا فِيهِ فَلَا بَأْسَ.
وَتَرْكُ كُلِّ سُنَّةٍ وَمُسْتَحَبٍّ، وَحَمْلُ الطِّفْلِ، وَمَا وَرَدَ نُسِخَ بِحَدِيثِ «إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» .
ــ
[رد المحتار]
بِالْقَتْلِ بِشَرْطِ تَعَرُّضِهَا لَهُ بِالْأَذَى، وَلَا يَطْرَحُهَا فِي الْمَسْجِدِ بِطَرِيقِ الدَّفْنِ أَوْ غَيْرِهِ إلَّا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يَظْفَرُ بِهَا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الصَّلَاةِ، وَبِهَذَا التَّفْصِيلُ يَحْصُلُ الْجَمْعُ بَيْنَ مَا سَبَقَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ يَدْفِنُهَا فِي الصَّلَاةِ أَيْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ، وَبَيْنَ مَا رُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ لَوْ دَفَنَهَا فِي الْمَسْجِدِ أَسَاءَ. اهـ. وَفِي الْإِمْدَادِ عَنْ الْيَنْبُوعِ لِلسُّيُوطِيِّ عَنْ ابْنِ الْعِمَادِ طَرْحُ الْقَمْلِ فِي الْمَسْجِدِ، إنْ كَانَ مَيِّتًا حَرُمَ لِنَجَاسَتِهِ، وَإِنْ كَانَ حَيًّا فَفِي كُتُبِ الْمَالِكِيَّةِ كَذَلِكَ لِأَنَّ فِيهِ تَعْذِيبًا لَهُ بِالْجُوعِ، بِخِلَافِ الْبُرْغُوثِ لِأَنَّهُ يَأْكُلُ التُّرَابَ، وَعَلَى هَذَا يَحْرُمُ طَرْحُ الْقَمْلِ حَيًّا فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ أَيْضًا. اهـ. قَالَ فِي الْإِمْدَادِ: وَالْمُصَرَّحُ بِهِ فِي كُتُبِنَا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ إلْقَاءُ قِشْرِ الْقَمْلَةِ فِي الْمَسْجِدِ. اهـ.
قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّ الْعِلَّةَ تَقْذِيرُ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَالْمُصَرَّحُ بِهِ عِنْدَنَا أَنَّ مَا لَا نَفْسَ لَهُ سَائِلَةً إذَا مَاتَ فِي الْمَاءِ لَا يُنَجِّسُهُ. مَطْلَبٌ فِي بَيَانِ السُّنَّةِ وَالْمُسْتَحَبِّ وَالْمَنْدُوبِ وَالْمَكْرُوهِ وَخِلَافِ الْأَوْلَى
(قَوْلُهُ وَتَرْكُ كُلِّ سُنَّةٍ وَمُسْتَحَبٍّ) السُّنَّةُ قِسْمَانِ: سُنَّةُ هَدْيٍ وَهِيَ الْمُؤَكَّدَةُ وَسُنَّةُ زَوَائِدَ. وَالْمُسْتَحَبُّ غَيْرُهُ وَهُوَ الْمَنْدُوبُ، أَوْ هُمَا قِسْمَانِ. وَقَدْ يُطْلَقُ عَلَيْهِ سُنَّةً وَقَدَّمْنَا تَحْقِيقَ ذَلِكَ كُلِّهِ فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَعَلَى بِسَاطٍ فِيهِ تَصَاوِيرُ: الْحَاصِلُ أَنَّ السُّنَّةَ إنْ كَانَتْ مُؤَكَّدَةً قَوِيَّةً لَا يَبْعُدُ كَوْنُ تَرْكِهَا مَكْرُوهًا تَحْرِيمًا، وَإِنْ كَانَتْ غَيْرَ مُؤَكَّدَةٍ فَتَرْكُهَا مَكْرُوهٌ تَنْزِيهًا. وَأَمَّا الْمُسْتَحَبُّ أَوْ الْمَنْدُوبُ فَيَنْبَغِي أَنْ يُكْرَهَ تَرْكُهُ أَصْلًا، لِقَوْلِهِمْ، يُسْتَحَبُّ يَوْمَ الْأَضْحَى أَنْ لَا يَأْكُلَ أَوَّلًا إلَّا مِنْ أُضْحِيَّتِهِ؛ وَلَوْ أَكَلَ مِنْ غَيْرِهَا لَمْ يُكْرَهْ، فَلَمْ يَلْزَمْ مِنْ تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ ثُبُوتُ الْكَرَاهَةِ إلَّا أَنَّهُ يُشْكِلُ عَلَيْهِ قَوْلُهُمْ الْمَكْرُوهُ تَنْزِيهًا مَرْجِعُهُ إلَى خِلَافِ الْأَوْلَى، وَلَا شَكَّ أَنَّ تَرْكَ الْمُسْتَحَبِّ خِلَافُ الْأَوْلَى. اهـ.
أَقُولُ: لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْبَحْرِ فِي صَلَاةِ الْعِيدِ عِنْدَ مَسْأَلَةِ الْأَكْلِ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ ثُبُوتُ الْكَرَاهَةِ إذْ لَا بُدَّ لَهَا مِنْ دَلِيلٍ خَاصٍّ اهـ وَأَشَارَ إلَى ذَلِكَ فِي التَّحْرِيرِ الْأُصُولِيِّ، بِأَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مَا لَيْسَ فِيهِ صِيغَةُ نَهْيٍ كَتَرْكِ صَلَاةِ الضُّحَى بِخِلَافِ الْمَكْرُوهِ تَنْزِيهًا. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى أَعَمُّ، فَكُلُّ مَكْرُوهٍ تَنْزِيهًا خِلَافُ الْأَوْلَى وَلَا عَكْسَ لِأَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى قَدْ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا حَيْثُ لَا دَلِيلَ خَاصَّ كَتَرْكِ صَلَاةِ الضُّحَى. وَبِهِ يَظْهَرُ أَنَّ كَوْنَ تَرْكِ الْمُسْتَحَبِّ رَاجِعًا إلَى خِلَافِ الْأَوْلَى لَا يَلْزَمُ مِنْهُ أَنْ يَكُونَ مَكْرُوهًا إلَّا بِنَهْيٍ خَاصٍّ لِأَنَّ الْكَرَاهَةَ حُكْمٌ شَرْعِيٌّ فَلَا بُدَّ لَهُ مِنْ دَلِيلٍ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ (قَوْلُهُ وَحَمْلُ الطِّفْلِ) أَيْ لِغَيْرِ حَاجَةٍ (قَوْلُهُ وَمَا وَرَدَ إلَخْ) جَوَابُ سُؤَالٍ هُوَ أَنَّهُ: كَيْفَ يَكُونُ مَكْرُوهًا وَقَدْ وَرَدَ فِي الصَّحِيحَيْنِ وَغَيْرِهِمَا عَنْ أَبِي قَتَادَةَ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يُصَلِّي وَهُوَ حَامِلٌ أُمَامَةَ بِنْتَ زَيْنَبَ بِنْتِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَإِذَا سَجَدَ وَضَعَهَا، وَاذَا قَامَ حَمَلَهَا» " وَقَدْ أُجِيبَ عَنْهُ بِأَجْوِبَةٍ: مِنْهَا مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ أَنَّهُ مَنْسُوخٌ بِمَا ذَكَرَهُ مِنْ الْحَدِيثِ، وَهُوَ مَرْدُودٌ بِأَنَّ حَدِيثَ «إنَّ فِي الصَّلَاةِ لَشُغْلًا» كَانَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ، وَقِصَّةُ أُمَامَةَ بَعْدَهَا وَمِنْهَا مَا فِي الْبَدَائِعِ: أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم لَمْ يُكْرَهْ مِنْهُ ذَلِكَ لِأَنَّهُ كَانَ مُحْتَاجًا إلَيْهِ لِعَدَمِ مَنْ يَحْفَظُهَا، أَوْ لِلتَّشْرِيعِ بِالْفِعْلِ أَنَّ هَذَا غَيْرُ مُفْسِدٍ، وَمِثْلُهُ أَيْضًا فِي زَمَانِنَا لَا يُكْرَهُ لِوَاحِدٍ مِنَّا فِعْلُهُ عِنْدَ الْحَاجَةِ، أَمَّا بِدُونِهَا فَمَكْرُوهٌ. اهـ. وَقَدْ أَطَالَ الْمُحَقِّقُ ابْنُ أَمِيرِ حَاجٍّ فِي الْحِلْيَةِ فِي هَذَا الْمَحَلِّ، ثُمَّ قَالَ: إنَّ كَوْنَهُ لِلتَّشْرِيعِ بِالْفِعْلِ هُوَ الصَّوَابُ الَّذِي لَا يُعْدَلُ عَنْهُ كَمَا ذَكَرَهُ النَّوَوِيُّ، فَإِنَّهُ ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ بِالْفِعْلِ أَقْوَى مِنْ الْقَوْلِ، فَفِعْلُهُ ذَلِكَ لِبَيَانِ الْجَوَازِ، وَإِنَّ الْآدَمِيَّ طَاهِرٌ، وَمَا فِي جَوْفِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ مَعْفُوٌّ عَنْهُ لِكَوْنِهِ
وَيُبَاحُ قَطْعُهَا لِنَحْوِ قَتْلِ حَيَّةٍ، وَنَدِّ دَابَّةٍ، وَفَوْرِ قِدْرٍ، وَضَيَاعِ مَا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ.
وَيُسْتَحَبُّ لِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ إنْ لَمْ يَخَفْ فَوْتَ وَقْتٍ أَوْ جَمَاعَةٍ
وَيَجِبُ لِإِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ وَغَرِيقٍ وَحَرِيقٍ، لَا لِنِدَاءِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ بِلَا اسْتِغَاثَةٍ
ــ
[رد المحتار]
فِي مَعْدِنِهِ؛ وَأَنَّ ثِيَابَ الْأَطْفَالِ - وَأَجْسَادِهِمْ طَاهِرَةٌ حَتَّى تَتَحَقَّقَ نَجَاسَتُهَا، وَأَنَّ الْأَفْعَالَ إذَا لَمْ تَكُنْ مُتَوَالِيَةً لَا تُبْطِلُ الصَّلَاةَ فَضْلًا عَنْ الْفِعْلِ الْقَلِيلِ - إلَى غَيْرِ ذَلِكَ، وَتَمَامُهُ فِيهِ. [تَتِمَّةٌ]
بَقِيَ فِي الْمَكْرُوهَاتِ أَشْيَاءُ أُخَرُ ذَكَرَهَا فِي الْمُنْيَةِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ وَغَيْرِهِمَا: مِنْهَا الصَّلَاةُ بِحَضْرَةِ مَا يَشْغَلُ الْبَالَ وَيُخِلُّ بِالْخُشُوعِ كَزِينَةٍ وَلَهْوٍ وَلَعِبٍ، وَلِذَلِكَ كُرِهَتْ بِحَضْرَةِ طَعَامٍ تَمِيلُ إلَيْهِ نَفْسُهُ وَسَيَأْتِي فِي كِتَابِ الْحَجِّ قُبَيْلَ بَابِ الْقُرْآنِ يُكْرَهُ لِلْمُصَلِّي جَعْلُ نَحْوِ نَعْلِهِ خَلْفَهُ لِشَغْلِ قَلْبِهِ. وَمِنْهَا مَا فِي الْخَزَائِنِ تَغْطِيَةُ الْأَنْفِ وَالْفَمِ، وَالْهَرْوَلَةُ لِلصَّلَاةِ، وَالِاتِّكَاءُ عَلَى حَائِطٍ أَوْ عَصًا فِي الْفَرْضِ بِلَا عُذْرٍ لَا فِي النَّفْلِ عَلَى الْأَصَحِّ، وَرَفْعُ يَدَيْهِ عِنْدَ الرُّكُوعِ، وَالرَّفْعُ مِنْهُ، وَمَا رُوِيَ مِنْ الْفَسَادِ شَاذٌّ وَإِتْمَامُ الْقِرَاءَةِ رَاكِعًا وَالْقِرَاءَةُ فِي غَيْرِ حَالَةِ الْقِيَامِ؛ وَرَفْعِ الرَّأْسِ وَوَضْعِهِ قَبْلَ الْإِمَامِ، وَالصَّلَاةُ فِي مَظَانِّ النَّجَاسَةِ كَمَقْبَرَةٍ وَحَمَّامٍ؛ إلَّا إذَا غَسَلَ مَوْضِعًا مِنْهُ وَلَا تِمْثَالَ؛ أَوْ صَلَّى فِي مَوْضِعِ نَزْعِ الثِّيَابِ، أَوْ كَانَ فِي الْمَقْبَرَةِ مَوْضِعٌ أُعِدَّ لِلصَّلَاةِ وَلَا قَبْرَ وَلَا نَجَاسَةَ فَلَا بَأْسَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ. اهـ. وَتَقَدَّمَ تَمَامُ هَذَا فِي بَحْثِ الْأَوْقَاتِ الْمَكْرُوهَةِ. وَفِي الْقُهُسْتَانِيِّ: لَا تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي جِهَةِ قَبْرٍ إلَّا إذَا كَانَ بَيْنَ يَدَيْهِ؛ بِحَيْثُ لَوْ صَلَّى صَلَاةَ الْخَاشِعِينَ وَقَعَ بَصَرُهُ عَلَيْهِ كَمَا فِي جَنَائِزِ الْمُضْمَرَاتِ.
(قَوْلُهُ وَيُبَاحُ قَطْعُهَا) أَيْ وَلَوْ كَانَتْ فَرْضًا كَمَا فِي الْإِمْدَادِ (قَوْلُهُ لِنَحْوِ قَتْلِ حَيَّةٍ) أَيْ بِأَنْ يَقْتُلَهَا بِعَمَلٍ كَثِيرٍ، بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ تَصْحِيحِ الْفَسَادِ بِهِ (قَوْلُهُ وَنَدِّ دَابَّةٍ) أَيْ هَرَبِهَا، وَكَذَا لِخَوْفِ ذِئْبٍ عَلَى غَنْمٍ نُورُ الْإِيضَاحِ (قَوْلُهُ وَفَوْرِ قِدْرٍ) الظَّاهِرُ أَنَّهُ مُقَيَّدٌ بِمَا بَعْدَهُ مِنْ فَوَاتِ مَا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ؛ سَوَاءٌ كَانَ مَا فِي الْقِدْرِ لَهُ أَوْ لِغَيْرِهِ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَضَيَاعِ مَا قِيمَتُهُ دِرْهَمٌ) قَالَ فِي مَجْمَعِ الرِّوَايَاتِ: لِأَنَّ مَا دُونَهُ حَقِيرٌ فَلَا يَقْطَعُ الصَّلَاةَ لِأَجْلِهِ؛ لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْمُحِيطِ فِي الْكَفَالَةِ أَنَّ الْحَبْسَ بِالدَّانَقِ يَجُوزُ، فَقَطْعُ الصَّلَاةِ أَوْلَى، وَهَذَا فِي مَالِ الْغَيْرِ، أَمَّا فِي مَالِهِ لَا يَقْطَعُ. وَالْأَصَحُّ جَوَازُهُ فِيهِمَا اهـ وَتَمَامُهُ فِي الْإِمْدَادِ وَاَلَّذِي مَشَى عَلَيْهِ فِي الْفَتْحِ التَّقْيِيدُ بِالدِّرْهَمِ
(قَوْلُهُ وَيُسْتَحَبُّ لِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ) كَذَا فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ، لَكِنَّهُ مُخَالِفٌ لِمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْخَزَائِنِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ، مِنْ أَنَّهُ إنْ كَانَ ذَلِكَ يَشْغَلُهُ أَيْ يَشْغَلُ قَلْبَهُ عَنْ الصَّلَاةِ وَخُشُوعِهَا فَأَتَمَّهَا يَأْثَمُ لِأَدَائِهَا مَعَ الْكَرَاهَةِ التَّحْرِيمِيَّةِ، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْقَطْعَ وَاجِبٌ لَا مُسْتَحَبٌّ. وَيَدُلُّ عَلَيْهِ الْحَدِيثُ الْمَارُّ «لَا يَحِلُّ لِأَحَدٍ يُؤْمِنُ بِاَللَّهِ وَالْيَوْمِ الْآخِرِ أَنْ يُصَلِّيَ وَهُوَ حَاقِنٌ حَتَّى يَتَخَفَّفَ» اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُحْمَلَ مَا هُنَا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَشْغَلْهُ. لَكِنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ مُسَوِّغًا فَلْيُتَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت الشُّرُنْبُلَالِيُّ بَعْدَ مَا صَرَّحَ بِنَدْبِ الْقَطْعِ كَمَا هُنَا قَالَ: وَقَضِيَّةُ الْحَدِيثِ تُوجِبُهُ (قَوْلُهُ وَلِلْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ) عِبَارَتُهُ فِي الْخَزَائِنِ وَلِإِزَالَةِ نَجَاسَةٍ غَيْرِ مَانِعَةٍ لِاسْتِحْبَابِ الْخُرُوجِ مِنْ الْخِلَافِ وَمَا هُنَا أَعَمُّ لِشُمُولِهِ لِنَحْوِ مَا إذَا مَسَّتْهُ امْرَأَةٌ أَجْنَبِيَّةٌ (قَوْلُهُ إنْ لَمْ يَخَفْ إلَخْ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ لِلْخُرُوجِ إلَخْ. وَأَمَّا قَطْعُهَا لِمُدَافَعَةِ الْأَخْبَثَيْنِ فَقَدَّمْنَا عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ أَنَّ الصَّوَابَ أَنَّهُ يَقْطَعُهَا وَإِنْ فَاتَتْهُ الْجُمُعَةُ كَمَا يَقْطَعُهَا لِغَسْلِ قَدْرِ الدِّرْهَمِ
(قَوْلُهُ وَيَجِبُ) الظَّاهِرُ مِنْهُ الِافْتِرَاضُ ط (قَوْلُهُ لِإِغَاثَةِ مَلْهُوفٍ) سَوَاءٌ اسْتَغَاثَ بِالْمُصَلِّي أَوْ لَمْ يُعَيِّنْ أَحَدًا فِي اسْتِغَاثَتِهِ إذَا قَدَرَ عَلَى ذَلِكَ، وَمِثْلُهُ خَوْفُ تَرَدِّي أَعْمَى فِي بِئْرٍ مَثَلًا إذَا غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ سُقُوطُهُ إمْدَادٌ (قَوْلُهُ لَا لِنِدَاءِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ إلَخْ) الْمُرَادُ بِهِمَا الْأُصُولُ وَإِنْ عَلَوَا، وَظَاهِرُ سِيَاقِهِ أَنَّهُ نَفْيٌ لِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ فَيَصْدُقُ مَعَ بَقَاءِ النَّدْبِ وَالْجَوَازِ ط.
قُلْت: لَكِنَّ ظَاهِرَ الْفَتْحِ أَنَّهُ نَفْيٌ لِلْجَوَازِ. وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْإِمْدَادِ بِقَوْلِهِ أَيْ لَا قَطْعِهَا بِنِدَاءِ أَحَدِ أَبَوَيْهِ مِنْ غَيْرِ
إلَّا فِي النَّفْلِ، فَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ يُصَلِّي لَا بَأْسَ أَنْ لَا يُجِيبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ أَجَابَهُ
(وَيُكْرَهُ) تَحْرِيمًا (اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ) وَلَوْ (فِي الْخَلَاءِ) بِالْمَدِّ: بَيْتُ التَّغَوُّطِ، وَكَذَا اسْتِدْبَارُهَا (فِي الْأَصَحِّ كَمَا كُرِهَ) لِبَالِغٍ (إمْسَاكُ صَبِيٍّ) لِيَبُولَ (نَحْوَهَا، و) كَمَا كُرِهَ (مَدُّ رِجْلَيْهِ فِي نَوْمٍ أَوْ غَيْرِهِ إلَيْهَا) أَيْ عَمْدًا لِأَنَّهُ إسَاءَةُ أَدَبٍ قَالَهُ مُنْلَا نَاكِيرٌ (أَوْ إلَى مُصْحَفٍ أَوْ شَيْءٍ مِنْ الْكُتُبِ الشَّرْعِيَّةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَلَى مَوْضِعٍ مُرْتَفِعٍ عَنْ
ــ
[رد المحتار]
اسْتِغَاثَةٍ وَطَلَبِ إعَانَةً لِأَنَّ قَطْعَهَا لَا يَجُوزُ إلَّا لِضَرُورَةٍ. وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ: هَذَا فِي الْفَرْضِ، وَإِنْ كَانَ فِي نَافِلَةٍ إنْ عَلِمَ أَحَدُ أَبَوَيْهِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ وَنَادَاهُ لَا بَأْسَ أَنْ لَا يُجِيبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ يُجِيبُهُ. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا فِي النَّفْلِ) أَيْ فَيُجِيبُهُ وُجُوبًا وَإِنْ لَمْ يَسْتَغِثْ لِأَنَّهُ لِيمَ عَابِدُ بَنِي إسْرَائِيلَ عَلَى تَرْكِهِ الْإِجَابَةَ. وَقَالَ صلى الله عليه وسلم مَا مَعْنَاهُ. لَوْ كَانَ فَقِيهًا لَأَجَابَ أُمَّهُ، وَهَذَا إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ يُصَلِّي. فَإِنْ عَلِمَ لَا تَجِبَ الْإِجَابَةُ. لَكِنَّهَا أَوْلَى كَمَا يُسْتَفَادُ مِنْ قَوْلِهِ لَا بَأْسَ إلَخْ. فَقَوْلُهُ فَإِنْ عَلِمَ تَفْصِيلُ الْحُكْمِ الْمُسْتَثْنَى ط، وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ (لَا بَأْس) هُنَا لِدَفْعِ مَا يُتَوَهَّمُ أَنَّ عَلَيْهِ بَأْسًا فِي عَدَمِ الْإِجَابَةِ وَكَوْنُهُ عُقُوقًا فَلَا يُفِيدُ أَنَّ الْإِجَابَةَ أَوْلَى. وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فِي بَابِ إدْرَاكِ الْفَرِيضَةِ
مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمَسْجِدِ
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ إلَخْ) لَمَّا فَرَغَ مِنْ بَيَانِ الْكَرَاهَةِ فِي الصَّلَاةِ شَرَعَ فِي بَيَانِهَا خَارِجَهَا مِمَّا هُوَ مِنْ تَوَابِعِهَا بَحْرٌ (قَوْلُهُ تَحْرِيمًا) لِمَا أَخْرَجَهُ السِّتَّةُ عَنْهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا أَتَيْتُمْ الْغَائِطَ فَلَا تَسْتَقْبِلُوا الْقِبْلَةَ وَلَا تَسْتَدْبِرُوهَا وَلَكِنْ شَرِّقُوا أَوْ غَرِّبُوا» " وَلِهَذَا كَانَ الْأَصَحُّ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ كَرَاهَةَ الِاسْتِدْبَارِ كَالِاسْتِقْبَالِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ اسْتِقْبَالُ الْقِبْلَةِ بِالْفَرْجِ) يَعُمُّ قُبُلَ الرَّجُلِ وَالْمَرْأَةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالْقِبْلَةِ جِهَتُهَا كَمَا فِي الصَّلَاةِ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْمَارِّ وَأَنَّ التَّقْيِيدَ بِالْفَرْجِ يُفِيدُ مَا صَرَّحَ بِهِ الشَّافِعِيَّةُ أَنَّهُ لَوْ اسْتَقْبَلَهَا بِصَدْرِهِ وَحَوَّلَ ذَكَرَهُ عَنْهَا لَمْ يُكْرَهْ، بِخِلَافِ عَكْسِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَنَّ الْمَكْرُوهَ الِاسْتِقْبَالُ أَوْ الِاسْتِدْبَارُ لِأَجْلِ بَوْلٍ أَوْ غَائِطٍ، فَلَوْ لِلِاسْتِنْجَاءِ لَمْ يُكْرَهْ: أَيْ تَحْرِيمًا.
وَفِي النِّهَايَةِ: وَلَوْ غَفَلَ عَنْ ذَلِكَ وَجَلَسَ يَقْضِي حَاجَتَهُ ثُمَّ وَجَدَ نَفْسَهُ كَذَلِكَ فَلَا بَأْسَ، لَكِنْ إنْ أَمْكَنَهُ الِانْحِرَافُ يَنْحَرِفُ فَإِنَّهُ عَدَّ ذَلِكَ مِنْ مُوجِبَاتِ الرَّحْمَةِ، فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ فَلَا بَأْسَ. اهـ وَكَأَنَّهُ سَقَطَ الْوُجُوبُ عِنْدَ الْإِمْكَانِ لِسُقُوطِهِ ابْتِدَاءً بِالنِّسْيَانِ وَلِخَشْيَةِ التَّلَوُّثِ وَتَقَدَّمَ هُنَاكَ أَيْضًا كَرَاهَةُ اسْتِقْبَالِ الشَّمْسِ وَالْقَمَرِ أَيْ لِأَنَّهُمَا مِنْ الْآيَاتِ الْبَاهِرَاتِ، وَلِمَا مَعَهُمَا مِنْ الْمَلَائِكَةِ كَمَا فِي السِّرَاجِ وَقَدَّمْنَا أَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ فِيهِ تَنْزِيهِيَّةٌ مَا لَمْ يَرِدْ نَهْيٌ خَاصٌّ وَأَنَّ الْمُرَادَ اسْتِقْبَالُ عَيْنِهِمَا لَا جِهَتِهِمَا وَلَا ضَوْئِهِمَا وَتَقَدَّمَ تَمَامُ ذَلِكَ كُلِّهِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ كَمَا كُرِهَ لِبَالِغٍ) الظَّاهِرُ مِنْهُ التَّحْرِيمُ ط (قَوْلُهُ إمْسَاكُ صَبِيٍّ لِيَبُولَ نَحْوَهَا) أَيْ جِهَتَهَا لِأَنَّهُ يَحْرُمُ عَلَى الْبَالِغِ أَنْ يَفْعَلَ بِالصَّغِيرِ مَا يَحْرُمُ عَلَى الصَّغِيرِ فِعْلُهُ إذَا بَلَغَ، وَلِذَا يَحْرُمُ عَلَى أَبِيهِ أَنْ يُلْبِسَهُ حَرِيرًا أَوْ حُلِيًّا لَوْ كَانَ ذَكَرًا أَوْ يَسْقِيَهُ خَمْرًا وَنَحْوَ ذَلِكَ (قَوْلُهُ مَدُّ رِجْلَيْهِ) أَوْ رِجْلٍ وَاحِدَةٍ وَمِثْلُ الْبَالِغِ الصَّبِيُّ فِي الْحُكْمِ الْمَذْكُورِ ط (قَوْلُهُ أَيْ عَمْدًا) أَيْ مِنْ غَيْرِ عُذْرٍ أَمَّا بِالْعُذْرِ أَوْ السَّهْوِ فَلَا ط.
(قَوْلُهُ لِأَنَّهُ إسَاءَةُ أَدَبٍ) أَفَادَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَنْزِيهِيَّةٌ ط، لَكِنْ قَدَّمْنَا عَنْ الرَّحْمَتِيُّ فِي بَابِ الِاسْتِنْجَاءِ أَنَّهُ سَيَأْتِي أَنَّهُ بِمَدِّ الرِّجْلِ إلَيْهَا تُرَدُّ شَهَادَتُهُ. قَالَ: وَهَذَا يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ فَلْيُحَرَّرْ (قَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ) مَا ذُكِرَ مِنْ الْمُصْحَفِ وَالْكُتُبِ؛ أَمَّا الْقِبْلَةُ فَهِيَ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ (قَوْلُهُ مُرْتَفِعٌ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الِارْتِفَاعُ قَلِيلًا ط قُلْت: أَيْ بِمَا تَنْتَفِي بِهِ الْمُحَاذَاةُ عُرْفًا، وَيَخْتَلِفُ ذَلِكَ فِي الْقُرْبِ وَالْبُعْدِ، فَإِنَّهُ فِي الْبُعْدِ لَا تَنْتَفِي بِالِارْتِفَاعِ الْقَلِيلِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ مَعَ الْبُعْدِ الْكَثِيرِ لَا كَرَاهَةَ مُطْلَقًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ غَلْقُ بَابِ الْمَسْجِدِ) الْأَفْصَحُ إغْلَاقُ، لِمَا فِي الْقَامُوسِ:
الْمُحَاذَاةِ) فَلَا يُكْرَهُ قَالَهُ الْكَمَالُ (وَ) كَمَا كُرِهَ (غَلْقُ بَابِ الْمَسْجِدِ) إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى مَتَاعِهِ بِهِ يُفْتَى.
(وَ) كُرِهَ تَحْرِيمًا (الْوَطْءُ فَوْقَهُ، وَالْبَوْلُ وَالتَّغَوُّطُ) لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ (وَاِتِّخَاذُهُ طَرِيقًا بِغَيْرِ عُذْرٍ) وَصَرَّحَ فِي الْقُنْيَةِ بِفِسْقِهِ بِاعْتِيَادِهِ (وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ) وَعَلَيْهِ (فَلَا يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِدُهْنٍ نَجِسٍ فِيهِ) وَلَا تَطْيِينُهُ بِنَجِسٍ (وَلَا الْبَوْلُ) وَالْفَصْدُ (فِيهِ وَلَوْ فِي إنَاءٍ) وَيَحْرُمُ إدْخَالُ صِبْيَانٍ وَمَجَانِينَ حَيْثُ غَلَبَ تَنْجِيسُهُمْ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ
ــ
[رد المحتار]
غَلَقَ الْبَابَ يَغْلِقُهُ لُغَيَّةٌ رَدِيئَةٌ فِي أَغْلَقَهُ. اهـ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَإِنَّمَا كُرِهَ لِأَنَّهُ يُشْبِهُ الْمَنْعَ مَعَ الصَّلَاةِ، قَالَ تَعَالَى - {وَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ مَنَعَ مَسَاجِدَ اللَّهِ أَنْ يُذْكَرَ فِيهَا اسْمُهُ} [البقرة: 114]- وَمِنْ هُنَا يُعْلَمُ جَهْلُ بَعْضِ مُدَرِّسِي زَمَانِنَا مِنْ مَنْعِهِمْ مَنْ يُدَرِّسُ فِي مَسْجِدٍ تَقَرَّرَ فِي تَدْرِيسِهِ، وَتَمَامُهُ فِيهِ.
(قَوْلُهُ إلَّا لِخَوْفٍ عَلَى مَتَاعِهِ) هَذَا أَوْلَى مِنْ التَّقْيِيدِ بِزَمَانِنَا لِأَنَّ الْمَدَارَ عَلَى خَوْفِ الضَّرَرِ، فَإِنْ ثَبَتَ فِي زَمَانِنَا فِي جَمِيعِ الْأَوْقَاتِ ثَبَتَ كَذَلِكَ إلَّا فِي أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ، أَوْ لَا فَلَا، أَوْ فِي بَعْضِهَا فَفِي بَعْضِهَا، كَذَا فِي الْفَتْحِ. وَفِي الْعِنَايَةِ: وَالتَّدَبُّرُ فِي الْغَلْقِ لِأَهْلِ الْمَحَلَّةِ، فَإِنَّهُمْ إذَا اجْتَمَعُوا عَلَى رَجُلٍ وَجَعَلُوهُ مُتَوَلِّيًا بِغَيْرِ أَمْرِ الْقَاضِي يَكُونُ مُتَوَلِّيًا انْتَهَى بَحْرٌ وَنَهْرٌ
(قَوْلُهُ الْوَطْءُ فَوْقَهُ) أَيْ الْجِمَاعُ خَزَائِنُ؛ أَمَّا الْوَطْءُ فَوْقَهُ بِالْقَدَمِ فَغَيْرُ مَكْرُوهٍ إلَّا فِي الْكَعْبَةِ لِغَيْرِ عُذْرٍ، لِقَوْلِهِمْ بِكَرَاهَةِ الصَّلَاةِ فَوْقَهَا. ثُمَّ رَأَيْت الْقُهُسْتَانِيُّ نَقَلَ عَنْ الْمُفِيدِ كَرَاهَةَ الصُّعُودِ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ اهـ وَيَلْزَمُهُ كَرَاهَةُ الصَّلَاةِ أَيْضًا فَوْقَهُ فَلْيُتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لِأَنَّهُ مَسْجِدٌ) عِلَّةٌ لِكَرَاهَةِ مَا ذُكِرَ فَوْقَهُ. قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: وَلِهَذَا يَصِحُّ اقْتِدَاءُ مَنْ عَلَى سَطْحِ الْمَسْجِدِ بِمَنْ فِيهِ إذَا لَمْ يَتَقَدَّمْ عَلَى الْإِمَامِ.
وَلَا يَبْطُلُ الِاعْتِكَافُ بِالصُّعُودِ إلَيْهِ وَلَا يَحِلُّ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ وَالنُّفَسَاءِ الْوُقُوفُ عَلَيْهِ؛ وَلَوْ حَلَفَ لَا يَدْخُلُ هَذِهِ الدَّارَ فَوَقَفَ عَلَى سَطْحِهَا يَحْنَثُ اهـ (قَوْلُهُ إلَى عَنَانِ السَّمَاءِ) بِفَتْحِ الْعَيْنِ، وَكَذَا إلَى تَحْتِ الثَّرَى كَمَا فِي الْبِيرِيِّ عَنْ الْإِسْبِيجَابِيِّ. بَقِيَ لَوْ جَعَلَ الْوَاقِفُ تَحْتَهُ بَيْتًا لِلْخَلَاءِ هَلْ يَجُوزُ كَمَا فِي مَسْجِدِ مَحَلَّةِ الشَّحْمِ فِي دِمَشْقَ؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا، نَعَمْ سَيَأْتِي مَتْنًا فِي كِتَابِ الْوَقْفِ أَنَّهُ لَوْ جَعَلَ تَحْتَهُ سِرْدَابًا بِالْمُصَالَحَةِ جَازَ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَاِتِّخَاذُهُ طَرِيقًا) فِي التَّعْبِيرِ بِالِاتِّخَاذِ إيمَاءٌ إلَى أَنَّهُ لَا يَفْسُقُ بِمَرَّةٍ أَوْ مَرَّتَيْنِ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْقُنْيَةِ بِالِاعْتِيَادِ نَهْرٌ. وَفِي الْقُنْيَةِ: دَخَلَ الْمَسْجِدَ فَلَمَّا تَوَسَّطَهُ نَدِمَ، قِيلَ يَخْرُجُ مِنْ بَابٍ غَيْرِ الَّذِي قَصَدَهُ، وَقِيلَ يُصَلِّي ثُمَّ يَتَخَيَّرُ فِي الْخُرُوجِ، وَقِيلَ إنْ كَانَ مُحْدِثًا يَخْرُجُ مِنْ حَيْثُ دَخَلَ إعْدَامًا لِمَا جَنَى اهـ.
(قَوْلُهُ بِغَيْرِ عُذْرٍ) فَلَوْ بِعُذْرٍ جَازَ، وَيُصَلِّي كُلَّ يَوْمٍ تَحِيَّةَ الْمَسْجِدِ مَرَّةً بَحْرٌ عَلَى الْخُلَاصَةِ: أَيْ إذَا تَكَرَّرَ دُخُولُهُ تَكْفِيه التَّحِيَّةُ مَرَّةً (قَوْله بِفِسْقِهِ) يَخْرُجُ عَنْهُ بِنِيَّةِ الِاعْتِكَافِ وَإِنْ لَمْ يَمْكُثْ ط عَنْ الشُّرُنْبُلَالِيُّ (قَوْلُهُ وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ) عِبَارَةُ الْأَشْبَاهِ: وَإِدْخَالُ نَجَاسَةٍ فِيهِ يُخَافُ مِنْهَا التَّلْوِيثُ. اهـ. وَمُفَادُهُ الْجَوَازُ لَوْ جَافَّةً، لَكِنْ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: لَا يَدْخُلُ الْمَسْجِدَ مَنْ عَلَى بَدَنِهِ نَجَاسَةٌ (قَوْلُهُ وَعَلَيْهِ فَلَا يَجُوزُ إلَخْ) زَادَ لَفْظُ عَلَيْهِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّ مَا ذَكَرَهُ مِنْ قَوْلِهِ فَلَا يَجُوزُ لَيْسَ بِمُصَرَّحٍ بِهِ فِي كُتُبِ الْمُتَقَدِّمِينَ؛ وَإِنَّمَا بَنَاهُ الْعَلَّامَةُ قَاسِمٌ عَلَى مَا صَرَّحُوا بِهِ مِنْ عَدَمِ جَوَازِ إدْخَالِ النَّجَاسَةِ الْمَسْجِدَ، وَجَعَلَهُ مُقَيِّدًا لِقَوْلِهِمْ: إنَّ الدُّهْنَ النَّجِسَ يَجُوزُ الِاسْتِصْبَاحُ بِهِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَلَا تُطَيِّبْنَهُ بِنَجِسٍ) فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ: يُكْرَهُ أَنَّ يُطَيَّنَ الْمَسْجِدُ بِطِينٍ قَدْ بُلَّ بِمَاءٍ نَجِسٍ؛ بِخِلَافِ السِّرْقِينِ إذَا جُعِلَ فِيهِ الطِّينُ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرُورَةً، وَهُوَ تَحْصِيلُ غَرَضٍ لَا يَحْصُلُ إلَّا بِهِ، كَذَا فِي السِّرَاجِيَّةِ. اهـ. (قَوْلُهُ وَالْفَصْدُ) ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ بَحْثًا، فَقَالَ: وَأَمَّا الْفَصْدُ فِيهِ فِي إنَاءٍ فَلَمْ أَرَهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ لَا فَرْقَ اهـ: أَيْ لَا فَرْقَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْبَوْلِ، وَكَذَا لَا يُخْرِجُ فِيهِ الرِّيحَ مِنْ الدُّبُرِ كَمَا فِي الْأَشْبَاهِ.
وَاخْتَلَفَ فِيهِ السَّلَفُ؛ فَقِيلَ لَا بَأْسَ، وَقِيلَ يُخْرِجُ إذَا احْتَاجَ إلَيْهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ حَمَوِيٌّ عَنْ شَرْحِ الْجَامِعِ الصَّغِيرِ لِلتُّمُرْتَاشِيِّ (قَوْلُهُ وَيَحْرُمُ إلَخْ) لِمَا أَخْرَجَهُ الْمُنْذِرِيُّ " مَرْفُوعًا «جَنِّبُوا مَسَاجِدَكُمْ صِبْيَانَكُمْ وَمَجَانِينَكُمْ، وَبَيْعَكُمْ وَشِرَاءَكُمْ، وَرَفْعَ أَصْوَاتِكُمْ، وَسَلَّ سُيُوفِكُمْ، وَإِقَامَةَ حُدُودِكُمْ، وَجَمِّرُوهَا فِي الْجُمَعِ، وَاجْعَلُوا عَلَى أَبْوَابِهَا الْمَطَاهِرَ» " بَحْرٌ.
وَيَنْبَغِي لِدَاخِلِهِ تَعَاهُدُ نَعْلِهِ وَخُفِّهِ، وَصَلَاتُهُ فِيهِمَا أَفْضَلُ (لَا) يُكْرَهُ مَا ذُكِرَ (فَوْقَ بَيْتٍ) جُعِلَ (فِيهِ مَسْجِدٌ) بَلْ وَلَا فِيهِ لِأَنَّهُ لَيْسَ بِمَسْجِدٍ شَرْعًا. (وَ) أَمَّا (الْمُتَّخَذُ لِصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ عِيدٍ) فَهُوَ (مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ) وَإِنْ انْفَصَلَ الصُّفُوفُ رِفْقًا بِالنَّاسِ (لَا فِي حَقِّ غَيْرِهِ) بِهِ يُفْتَى نِهَايَةٌ (فَحَلَّ دُخُولُهُ لِجُنُبٍ وَحَائِضٍ) كَفِنَاءِ مَسْجِدٍ وَرِبَاطٍ وَمَدْرَسَةٍ وَمَسَاجِدَ حِيَاضٍ وَأَسْوَاقٍ لَا قَوَارِعَ.
ــ
[رد المحتار]
وَالْمَطَاهِرُ جَمْعُ مِطْهَرَةٍ بِكَسْرِ الْمِيمِ، وَالْفَتْحُ لُغَةٌ: وَهُوَ كُلُّ إنَاءٍ يُتَطَهَّرُ بِهِ كَمَا فِي الْمِصْبَاحِ، وَالْمُرَادُ بِالْحُرْمَةِ كَرَاهَةُ التَّحْرِيمِ لِظَنِّيَّةِ الدَّلِيلِ. وَأَمَّا قَوْله تَعَالَى - {أَنْ طَهِّرَا بَيْتِيَ لِلطَّائِفِينَ} [البقرة: 125]- الْآيَةُ فَيَحْتَمِلُ الطَّهَارَةَ مِنْ أَعْمَالِ أَهْلِ الشِّرْكِ تَأَمَّلْ؛ وَعَلَيْهِ فَقَوْلُهُ وَإِلَّا فَيُكْرَهُ أَيْ تَنْزِيهًا تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَصَلَاتُهُ فِيهِمَا) أَيْ فِي النَّعْلِ وَالْخُفِّ الطَّاهِرَيْنِ أَفْضَلُ مُخَالَفَةً لِلْيَهُودِ تَتَارْخَانِيَّةٌ.
وَفِي الْحَدِيثِ " «صَلُّوا فِي نِعَالِكُمْ، وَلَا تَشَبَّهُوا بِالْيَهُودِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ كَمَا فِي الْجَامِعِ الصَّغِيرِ رَامِزًا لِصِحَّتِهِ. وَأَخَذَ مِنْهُ جَمْعٌ مِنْ الْحَنَابِلَةِ أَنَّهُ سُنَّةٌ وَلَوْ كَانَ يَمْشِي بِهَا فِي الشَّوَارِعِ، لِأَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَصَحْبَهُ كَانُوا يَمْشُونَ بِهَا فِي طُرُقِ الْمَدِينَةِ ثُمَّ يُصَلُّونَ بِهَا
قُلْت: لَكِنْ إذَا خَشِيَ تَلْوِيثَ فُرُشِ الْمَسْجِدِ بِهَا يَنْبَغِي عَدَمُهُ وَإِنْ كَانَتْ طَاهِرَةً. وَأَمَّا الْمَسْجِدُ النَّبَوِيُّ فَقَدْ كَانَ مَفْرُوشًا بِالْحَصَى فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم بِخِلَافِهِ فِي زَمَانِنَا، وَلَعَلَّ ذَلِكَ مَحْمَلُ مَا فِي عُمْدَةِ الْمُفْتِي مِنْ أَنَّ دُخُولَ الْمَسْجِدِ مُتَنَعِّلًا مِنْ سُوءِ الْأَدَبِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا يُكْرَهُ مَا ذَكَرَ) أَيْ مِنْ الْوَطْءِ وَالْبَوْلِ وَالتَّغَوُّطِ نَهْرٌ (قَوْلُهُ فَوْقَ بَيْتٍ إلَخْ) أَيْ فَوْقَ مَسْجِدِ الْبَيْتِ: أَيْ مَوْضِعِ أُعِدَّ لِلسُّنَنِ وَالنَّوَافِلِ، بِأَنْ يُتَّخَذَ لَهُ مِحْرَابٌ وَيُنَظَّفُ وَيُطَيَّبُ كَمَا أَمَرَ بِهِ صلى الله عليه وسلم فَهَذَا مَنْدُوبٌ لِكُلِّ مُسْلِمٍ، كَمَا فِي الْكَرْمَانِيِّ وَغَيْرِهِ قُهُسْتَانِيٌّ، فَهُوَ كَمَا لَوْ بَال عَلَى سَطْحِ بَيْتٍ فِيهِ مُصْحَفٌ وَذَلِكَ لَا يُكْرَهُ كَمَا فِي جَامِعِ الْبُرْهَانِيِّ مِعْرَاجٌ.
(قَوْلُهُ: بِهِ يُفْتَى. نِهَايَةٌ) عِبَارَةُ النِّهَايَةِ: وَالْمُخْتَارُ لِلْفَتْوَى أَنَّهُ مَسْجِدٌ فِي حَقِّ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ إلَخْ، لَكِنْ قَالَ فِي الْبَحْرِ: ظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَجُوزُ الْوَطْءُ وَالْبَوْلُ وَالتَّخَلِّي فِيهِ، وَلَا يَخْفَى مَا فِيهِ فَإِنَّ الْبَانِيَ لَمْ يَعُدَّهُ لِذَلِكَ فَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَجُوزَ وَإِنْ حَكَمْنَا بِكَوْنِهِ غَيْرَ مَسْجِدٍ، وَإِنَّمَا تَظْهَرُ فَائِدَتُهُ فِي حَقِّ بَقِيَّةِ الْأَحْكَامِ، وَحَلَّ دُخُولُهُ لِلْجُنُبِ وَالْحَائِضِ. اهـ. وَمُقَابِلُ هَذَا الْمُخْتَارِ مَا صَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ فِي مُصَلَّى الْجِنَازَةِ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ حُكْمُ الْمَسْجِدِ أَصْلًا، وَمَا صَحَّحَهُ تَاجُ الشَّرِيعَةِ أَنَّ مُصَلَّى الْعِيدِ لَهُ حُكْمُ الْمَسَاجِدِ، وَتَمَامُهُ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ (قَوْلُهُ كَفِنَاءِ مَسْجِدٍ) هُوَ الْمَكَانُ الْمُتَّصِلُ بِهِ لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ طَرِيقٌ، فَهُوَ كَالْمُتَّخَذِ لِصَلَاةِ جِنَازَةٍ أَوْ عِيدٍ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ جَوَازِ الِاقْتِدَاءِ وَحِلِّ دُخُولٍ لِجُنُبٍ وَنَحْوِهِ كَمَا فِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ وَرِبَاطٍ) هُوَ مَا يُبْنَى لِسُكْنَى فُقَرَاءِ الصُّوفِيَّةِ، وَيُسَمَّى الْخَانْقَاهْ وَالتَّكِيَّةَ رَحْمَتِيٌّ (قَوْلُهُ وَمَدْرَسَةٍ) مَا يُبْنَى لِسُكْنَى طَلَبَةِ الْعِلْمِ وَيُجْعَلُ لَهَا مُدَرِّسُ وَمَكَانٌ لِلدَّرْسِ، لَكِنْ إذَا كَانَ فِيهَا مَسْجِدٌ فَحُكْمُهُ كَغَيْرِهِ مِنْ الْمَسَاجِدِ. فَفِي وَقْفِ الْقُنْيَةِ: الْمَسَاجِدُ الَّتِي فِي الْمَدَارِسِ مَسَاجِدُ لِأَنَّهُمْ لَا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهَا، وَإِذَا أُغْلِقَتْ يَكُونُ فِيهَا جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِهَا. اهـ وَفِي الْخَانِيَّةِ: دَارٌ فِيهَا مَسْجِدٌ لَا يَمْنَعُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ، إنْ كَانَتْ الدَّارُ لَوْ أُغْلِقَتْ كَانَ لَهُ جَمَاعَةٌ مِمَّنْ فِيهَا فَهُوَ مَسْجِدُ جَمَاعَةٍ تَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْمَسْجِدِ مِنْ حُرْمَةِ الْبَيْعِ وَالدُّخُولِ وَإِلَّا فَلَا وَإِنْ كَانُوا لَا يَمْعَنُونَ النَّاسَ مِنْ الصَّلَاةِ فِيهِ اهـ (قَوْلُهُ وَمَسَاجِدِ حِيَاضٍ) مَسْجِدُ الْحَوْضِ مِصْطَبَةٌ يَجْعَلُونَهَا بِجَنْبِ الْحَوْضِ، حَتَّى إذَا تَوَضَّأَ أَحَدٌ مِنْ الْحَوْضِ صَلَّى فِيهَا. اهـ. ح (قَوْلُهُ وَأَسْوَاقٍ) أَيْ غَيْرِ نَافِذَةٍ يَجْعَلُونَ مِصْطَبَةً لِلصَّلَاةِ فِيهَا ح وذَلِكَ كَالَّتِي تُجْعَلُ فِي خَانِ التُّجَّارِ (قَوْلُهُ قَوَارِعَ) أَيْ فَإِنَّهَا لَيْسَتْ كَالْمَذْكُورَاتِ، قَالَ فِي أَوَاخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالْمَسَاجِدُ الَّتِي عَلَى قَوَارِعِ الطُّرُقِ لَيْسَ لَهَا جَمَاعَةٌ رَاتِبَةٌ فِي حُكْمِ الْمَسْجِدِ، لَكِنْ لَا يَعْتَكِفُ فِيهَا. اهـ.