المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فروع في النية] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ١

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌أَرْكَانُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَنُ الْوُضُوء]

- ‌فَرْضُ الْغُسْلِ)

- ‌[فُرُوعٌ فِي الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْلِ]

- ‌بَابُ الْمِيَاهِ

- ‌[الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[فَرْعٌ مُحْدِثٍ انْغَمَسَ فِي بِئْرٍ لِدَلْوٍ وَلَا نَجَسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْوِ وَلَمْ يَتَدَلَّكْ]

- ‌[فَرْعٌ] مَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَسِنْجَابٍ إنْ عَلِمَ دَبْغَهُ بِطَاهِرٍ

- ‌[فُرُوعٌ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْبِئْرِ

- ‌[فَرْعٌ] وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ مَنِيًّا أَوْ بَوْلًا أَوْ دَمًا

- ‌[فَرْعٌ الْبُعْدُ الْمَانِعُ مِنْ وُصُولِ نَجَاسَةِ الْبَالُوعَةِ إلَى الْبِئْرِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم وَشُرُوطه]

- ‌[سُنَنُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فُرُوعٌ] صَلَّى الْمَحْبُوسُ بِالتَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ نَوَاقِضُ الْمَسْحِ]

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمَعْذُورِ]

- ‌بَابُ الْأَنْجَاسِ

- ‌فَصْلُ الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الِاسْتِبْرَاء]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ الْأَذَانِ

- ‌[فَائِدَةٌ] التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْأَذَانِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّيَّةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[مَطْلَبٌ قَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الرُّكْنَ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ]

- ‌[وَاجِبَات الصَّلَاة]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان تَأْلِيف الصَّلَاة إلَى انتهائها]

- ‌[فُرُوعٌ] كَبَّرَ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَكْبِيرِ إمَامِهِ

- ‌[فُرُوعٌ] قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَة]

- ‌فُرُوعٌ] يَجِبُ الِاسْتِمَاعُ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا

- ‌بَابُ الْإِمَامَةِ

- ‌[فُرُوعٌ اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَمَنْ يَرَى الْوِتْرَ وَاجِبًا بِمَنْ يَرَاهُ سُنَّةً]

- ‌بَابُ الِاسْتِخْلَافِ

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا

- ‌[فُرُوعٌ سَمِعَ المصلي اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جل جلاله أَوْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فُرُوعٌ مَشَى المصلي مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاته]

- ‌[فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِتَكْلِيمِ الْمُصَلِّي وَإِجَابَتِهِ بِرَأْسِهِ

- ‌فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ الْمِسْبَحَةِ لِغَيْرِ رِيَاءٍ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتِمَالُ الصَّلَاة عَلَى الصَّمَّاءِ وَالِاعْتِجَارُ وَالتَّلَثُّمُ وَالتَّنَخُّمُ وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[فُرُوعٌ]أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ

الفصل: ‌[فروع في النية]

[فُرُوعٌ] النِّيَّةُ عِنْدَنَا شَرْطٌ مُطْلَقًا وَلَوْ عَقَّبَهَا بِمَشِيئَةٍ، فَلَوْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِأَقْوَالٍ كَطَلَاقٍ وَعَتَاقٍ بَطَلَ وَإِلَّا لَا. لَيْسَ لَنَا مَنْ يَنْوِي خِلَافَ مَا يُؤَدِّي إلَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْجُمُعَةِ وَهُوَ ضَعِيفٌ.

ــ

[رد المحتار]

[فُرُوعٌ فِي النِّيَّةِ]

ِ (قَوْلُهُ فُرُوعٌ) كَانَ الْمُنَاسِبُ ذِكْرُ هَذِهِ الْفُرُوعِ عِنْدَ الْكَلَامِ عَلَى النِّيَّةِ قُبَيْلَ اسْتِقْبَالِ الْقِبْلَةِ كَمَا فَعَلَ فِي الْخَزَائِنِ (قَوْلُهُ النِّيَّةُ عِنْدَنَا شَرْطٌ مُطْلَقًا) أَيْ فِي كُلِّ الْعِبَادَاتِ بِاتِّفَاقِ الْأَصْحَابِ لَا رُكْنٌ وَإِنَّمَا وَقَعَ الِاخْتِلَافُ بَيْنَهُمْ فِي تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ وَالْمُعْتَمَدُ أَنَّهَا شَرْطٌ كَالنِّيَّةِ، وَقِيلَ بِرُكْنِيَّتِهَا أَشْبَاهٌ وَإِنَّمَا قَالَ مُطْلَقًا لِيَشْمَلَ صَلَاةَ الْجِنَازَةِ بِخِلَافِ تَكْبِيرَةِ الْإِحْرَامِ فَإِنَّهَا رُكْنٌ فِيهَا اتِّفَاقًا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ ح وَاسْتَثْنَى فِي الْأَشْبَاهِ مِنْ الْعِبَادَاتِ الْإِيمَانَ وَالتِّلَاوَةَ وَالْأَذْكَارَ وَالْأَذَانَ فَإِنَّهَا لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ كَمَا فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِلْعَيْنِيِّ وَكُلُّ مَا لَا يَكُونُ إلَّا عِبَادَةً لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ كَمَا فِي شَرْحِ ابْنِ وَهْبَانَ قَالَ وَكَذَا النِّيَّةُ لَا تَحْتَاجُ إلَى نِيَّةٍ اهـ وَيُسْتَثْنَى أَيْضًا مَا كَانَ شَرْطًا لِلْعِبَادَةِ إلَّا التَّيَمُّمَ وَلَا اسْتِقْبَالَ الْقِبْلَةِ عَلَى قَوْلِ الْكَرْخِيِّ الْمُشْتَرِطِ نِيَّتَهُ وَالْمُعْتَمَدُ خِلَافُهُ وَكَذَا مَا كَانَ جَزْءَ عِبَادَةٍ كَمَسْحِ الْخُفِّ وَالرَّأْسِ وَغَيْرِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ فَلَوْ مِمَّا يَتَعَلَّقُ) أَيْ فَلَوْ كَانَ هُوَ أَيْ الْمَنْوِيُّ الْمَدْلُولُ عَلَيْهِ بِالنِّيَّةِ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَقْوَالِ كَقَوْلِهِ أَنْتِ طَالِقٌ وَأَنْتَ حُرٌّ إنْ شَاءَ اللَّهُ بَطَلَ لِأَنَّ الطَّلَاقَ أَوْ الْعِتْقَ لَا يَتَعَلَّقُ بِالنِّيَّةِ بَلْ بِالْقَوْلِ، حَتَّى لَوْ نَوَى طَلَاقَهَا أَوْ عِتْقَهُ لَا يَصِحُّ بِدُونِ لَفْظٍ. قَالَ ح. فَإِنْ قُلْت: وُقُوعُ الطَّلَاقِ مُتَعَلِّقٌ بِلَفْظِ أَنْتِ طَالِقٌ وَلَا عِبْرَةَ بِالنِّيَّةِ لِأَنَّهُ صَرِيحٌ. قُلْت هَذَا مُسَلَّمٌ فِي الْقَضَاءِ. وَأَمَّا فِي الدِّيَانَةِ فَهِيَ مُعْتَبَرَةٌ، حَتَّى إذَا نَوَى بِهِ الطَّلَاقَ مِنْ وَثَاقٍ لَا يَقَعُ دِيَانَةً. اهـ. أَقُولُ: وَكَذَا صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ وَالْأَشْبَاهِ، وَعَلَيْهِ فَالْفَرْقُ بَيْنَ الصَّرِيحِ وَالْكِنَايَةِ أَنَّ الْأَوَّلَ لَا يَحْتَاجُ إلَى النِّيَّةِ فِي الْقَضَاءِ فَقَطْ وَيَحْتَاجُ إلَيْهَا دِيَانَةً، وَالثَّانِي يَحْتَاجُ إلَيْهَا فِيهِمَا، لَكِنْ احْتِيَاجُ الْأَوَّلِ إلَى النِّيَّةِ دِيَانَةً مَعْنَاهُ أَنْ لَا يَنْوِيَ بِهِ غَيْرَ مَعْنَاهُ الْعُرْفِيِّ، فَلَوْ نَوَى الطَّلَاقَ مِنْ الْوِثَاقِ: أَيْ الْقَيْدِ لَا يَقَعُ لِصَرْفِهِ اللَّفْظَ عَنْ مَعْنَاهُ. أَمَّا إذَا قَصَدَ التَّلَفُّظَ بِأَنْتِ طَالِقٌ مُخَاطِبًا بِهِ زَوْجَتَهُ وَلَمْ يَقْصِدْ بِهِ الطَّلَاقَ وَلَا غَيْرَهُ فَالظَّاهِرُ الْوُقُوعُ قَضَاءً وَدِيَانَةً لِأَنَّ اللَّفْظَ حَقِيقَةٌ فِيهِ، وَبِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ صَرَّحَ بِالْعَدَدِ لَا يَدِينُ كَمَا لَوْ نَوَى الطَّلَاقَ عَنْ الْعَمَلِ فَيَقَعُ قَضَاءً وَدِيَانَةً (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) أَيْ وَإِلَّا يَكُنْ الْمَنْوِيُّ مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْأَقْوَالِ كَالصَّوْمِ لَا يَبْطُلُ بِالْمَشِيئَةِ لِأَنَّهُ يَتَعَلَّقُ بِمُجَرَّدِ النِّيَّةِ الْقَلْبِيَّةِ بِدُونِ قَوْلٍ، فَلَوْ نَوَى الصَّوْمَ وَقَالَ إنْ شَاءَ اللَّهُ لَا يَبْطُلُ. قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: وَلَوْ عَلَّقَهَا أَيْ نِيَّةَ الصَّوْمِ بِالْمَشِيئَةِ صَحَّتْ لِأَنَّهَا إنَّمَا تُبْطِلُ الْأَقْوَالَ وَالنِّيَّةُ لَيْسَتْ مِنْهَا. اهـ. (قَوْلُهُ إلَّا عَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ فِي الْجُمُعَةِ) فَعِنْدَهُ لَا يُدْرِكُ الْجُمُعَةَ إلَّا بِإِدْرَاكِ رَكْعَةٍ مَعَ الْإِمَامِ؛ فَلَوْ اقْتَدَى بَعْدَمَا رَفَعَ الْإِمَامُ رَأْسَهُ مِنْ رُكُوعِ الثَّانِيَةِ يَنْوِي جُمُعَةً وَيُتِمُّهَا ظُهْرًا عِنْدَهُ، فَقَدْ نَوَى الْجُمُعَةَ وَلَمْ يُؤَدِّهَا، وَأَدَّى الظُّهْرَ وَلَمْ يَنْوِهِ، وَهُوَ مَذْهَبُ الشَّافِعِيِّ. وَعِنْدَنَا يُتِمُّهَا جُمُعَةً مَتَى صَحَّ اقْتِدَاؤُهُ بِالْإِمَامِ وَلَوْ فِي سُجُودِ السَّهْوِ عَلَى الْقَوْلِ بِفِعْلِهِ فِيهَا. وَنَقَضَ الْحَمَوِيُّ الْحَصْرَ بِمَسَائِلَ يَنْوِي فِيهَا خِلَافَ مَا يُؤَدِّي مِنْهَا مَا لَوْ طَافَ بِنِيَّةِ التَّطَوُّعِ فِي أَيَّامِ النَّحْرِ وَقَعَ عَنْ الْفَرْضِ، وَمَا لَوْ صَامَ يَوْمَ الشَّكِّ تَطَوُّعًا فَظَهَرَ أَنَّهُ مِنْ رَمَضَانَ كَانَ مِنْهُ، وَمَا لَوْ تَهَجَّدَ بِرَكْعَتَيْنِ فَظَهَرَ أَنَّ الْفَجْرَ طَالِعٌ يَنُوبَانِ عَنْ سُنَّةِ الْفَجْرِ. وَمَا لَوْ صَامَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ أَوْ إفْطَارٍ فَقَدَرَ عَلَى الْعِتْقِ يَمْضِي فِي صَوْمِ النَّفْلِ. وَمَا لَوْ نَذَرَ صَوْمَ يَوْمٍ بِعَيْنِهِ فَصَامَهُ بِنِيَّةِ النَّفْلِ يَقَعُ عَنْ النَّذْرِ كَمَا فِي جَامِعِ التُّمُرْتَاشِيِّ. اهـ. أَقُولُ: قَدْ يُجَابُ بِأَنَّ الْمُرَادَ النِّيَّةُ الَّتِي هِيَ شَرْطُ الصِّحَّةِ، فَالْمَعْنَى لَيْسَ لَنَا مَنْ يَلْزَمُهُ أَنْ يَنْوِيَ خِلَافَ مَا يُؤَدِّي إلَّا فِي مَسْأَلَةٍ عَلَى أَنَّ أَكْثَرَ هَذِهِ الْمَسَائِلِ لَيْسَ فِيهَا الْمُخَالَفَةُ بَيْنَ الْمَنْوِيِّ وَالْمُؤَدَّى إلَّا مِنْ حَيْثُ الصِّفَةُ بِخِلَافِ الْجُمُعَةِ

ص: 437

الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبَادَةَ ذَاتَ الْأَفْعَالِ تَنْسَحِبُ نِيَّتُهَا عَلَى كُلِّهَا.

افْتَتَحَ خَالِصًا ثُمَّ خَالَطَهُ الرِّيَاءُ اُعْتُبِرَ السَّابِقُ، وَالرِّيَاءُ أَنَّهُ لَوْ خَلَا عَنْ النَّاسِ لَا يُصَلِّي فَلَوْ مَعَهُمْ يُحْسِنُهَا وَوَحْدَهُ لَا فَلَهُ ثَوَابُ أَصْلِ الصَّلَاةِ، وَلَا يَتْرُكُ لِخَوْفِ دُخُولِ الرِّيَاءِ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ، لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ فِي حَقِّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ.

قِيلَ لِشَخْصٍ صَلِّ الظُّهْرَ وَلَك دِينَارٌ فَصَلَّى بِهَذِهِ النِّيَّةِ يَنْبَغِي أَنْ تُجْزِئَهُ وَلَا يَسْتَحِقُّ الدِّينَارَ.

الصَّلَاةُ لِإِرْضَاءِ الْخُصُومِ لَا تُفِيدُ، بَلْ يُصَلِّي لِلَّهِ، فَإِنْ لَمْ يَعْفُ خَصْمُهُ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ جَاءَ «أَنَّهُ يُؤْخَذُ لِدَانَقٍ ثَوَابُ سَبْعِمِائَةِ صَلَاةٍ بِالْجَمَاعَةِ»

ــ

[رد المحتار]

فَإِنَّهَا مُخَالَفَةٌ لِلظُّهْرِ ذَاتًا وَصِفَةً فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ الْمُعْتَمَدُ أَنَّ الْعِبَادَةَ إلَخْ) مُقَابِلُهُ مَا فِي الْأَشْبَاهِ عَنْ الْمُجْتَبَى، مِنْ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ نِيَّةِ الْعِبَادَةِ فِي كُلِّ رُكْنٍ فَافْهَمْ. وَاحْتُرِزَ بِذَاتِ الْأَفْعَالِ عَمَّا هِيَ فِعْلٌ وَاحِدٌ كَالصَّوْمِ، فَإِنَّهُ لَا خِلَافَ فِي الِاكْتِفَاءِ بِالنِّيَّةِ فِي أَوَّلِهِ. وَيَرِدُ عَلَيْهِ الْحَجُّ فَإِنَّهُ ذُو أَفْعَالٍ مِنْهَا طَوَافُ الْإِفَاضَةِ لَا بُدَّ فِيهِ مِنْ أَصْلِ نِيَّةِ الطَّوَافِ وَإِنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ عَنْ الْفَرْضِ، حَتَّى لَوْ طَافَ نَفْلًا فِي أَيَّامِهِ وَقَعَ عَنْهُ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الطَّوَافَ عِبَادَةٌ مُسْتَقِلَّةٌ فِي ذَاتِهِ كَمَا هُوَ رُكْنٌ لِلْحَجِّ، فَبِاعْتِبَارِ رُكْنِيَّتِهِ يَنْدَرِجُ فِي نِيَّةِ الْحَجِّ فَلَا يُشْتَرَطُ تَعْيِينُهُ، وَبِاعْتِبَارِ اسْتِقْلَالِهِ اُشْتُرِطَ فِيهِ أَصْلُ نِيَّةِ الطَّوَافِ، حَتَّى لَوْ طَافَ هَارِبًا أَوْ طَالِبًا لِغَرِيمٍ لَا يَصِحُّ بِخِلَافِ الْوُقُوفِ بِعَرَفَةَ فَإِنَّهُ لَيْسَ بِعِبَادَةٍ إلَّا فِي ضِمْنِ الْحَجِّ فَيَدْخُلُ فِي نِيَّتِهِ، وَعَلَى هَذَا الرَّمْيُ وَالْحَلْقُ وَالسَّعْيُ. وَأَيْضًا فَإِنَّ طَوَافَ الْإِفَاضَةِ يَقَعُ بَعْدَ التَّحَلُّلِ بِالْحَلْقِ حَتَّى إنَّهُ يَحِلُّ لَهُ سِوَى النِّسَاءِ، وَبِذَلِكَ يَخْرُجُ مِنْ الْحَجِّ مِنْ وَجْهٍ دُونَ وَجْهٍ فَاعْتُبِرَ فِيهِ الشَّبَهَانِ

(قَوْلُهُ اُعْتُبِرَ السَّابِقُ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّ الصَّلَاةَ عِبَادَةٌ وَاحِدَةٌ غَيْرُ مُتَجَزِّئَةٍ فَالنَّظَرُ فِيهَا إلَى ابْتِدَائِهَا فَإِذَا شَرَعَ فِيهَا خَالِصًا ثُمَّ عَرَضَ عَلَيْهِ الرِّيَاءُ فَهِيَ بَاقِيَةٌ لِلَّهِ تَعَالَى عَلَى الْخُلُوصِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنْ يَكُونَ بَعْضُهَا لَهُ وَبَعْضُهَا لِغَيْرِهِ مَعَ أَنَّهَا وَاحِدَةٌ، نَعَمْ لَوْ حَسُنَ بَعْضُهَا رِيَاءً فَالتَّحْسِينُ وَصْفٌ زَائِدٌ لَا يُثَابُ بِهِ وَيُؤْخَذُ مِمَّا ذَكَرْنَا أَنَّهُ لَوْ افْتَتَحَهَا مُرَائِيًا ثُمَّ أَخْلَصَ اُعْتُبِرَ السَّابِقُ. وَهَذَا بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ عِبَادَةً يُمْكِنُ تَجْزِئَتُهَا كَقِرَاءَةٍ وَاعْتِكَافٍ، فَإِنَّ الْجُزْءَ الَّذِي دَخَلَهُ الرِّيَاءُ لَهُ حُكْمُهُ وَالْخَالِصُ لَهُ حُكْمُهُ (قَوْلُهُ وَالرِّيَاءُ أَنَّهُ إلَخْ) أَيْ الرِّيَاءُ الْكَامِلُ الْمُحْبِطُ لِلثَّوَابِ عَنْ أَصْلِ الْعِبَادَةِ أَوْ لِتَضْعِيفِهِ وَإِلَّا فَالتَّحْسِينُ لِأَجْلِ النَّاسِ رِيَاءٌ أَيْضًا بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَا يُثَابُ عَلَيْهِ، وَإِنَّمَا يُثَابُ عَلَى أَصْلِ الْعِبَادَةِ وَسَيَأْتِي فِي فَصْلِ إذَا أَرَادَ الشُّرُوعَ فِي الصَّلَاةِ أَنَّهُ لَوْ أَطَالَ الرُّكُوعَ لِإِدْرَاكِ الْجَائِي، قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ أَخَاف عَلَيْهِ أَمْرًا عَظِيمًا يَعْنِي الشِّرْكَ الْخَفِيَّ وَهُوَ الرِّيَاءُ كَمَا سَيَأْتِي تَحْقِيقُهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا يَتْرُكُ إلَخْ: أَيْ لَوْ أَرَادَ أَنْ يُصَلِّيَ أَوْ يَقْرَأَ فَخَافَ أَنْ يَدْخُلَ عَلَيْهِ الرِّيَاءُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتْرُكَ لِأَنَّهُ أَمْرٌ مَوْهُومٌ أَشْبَاهٌ عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ. وَقَدْ سُئِلَ الْعَارِفُ الْمُحَقِّقُ شِهَابُ الدِّينِ بْنُ السُّهْرَوَرْدِيِّ عَمَّا نَصُّهُ: يَا سَيِّدِي إنْ تَرَكْت الْعَمَلَ أَخْلَدْت إلَى الْبَطَالَةِ وَإِنْ عَمِلْت دَاخَلَنِي الْعَجَبُ فَأَيُّهُمَا أَوْلَى؟ فَكَتَبَ جَوَابُهُ: اعْمَلْ وَاسْتَغْفِرْ اللَّهَ مِنْ الْعُجْبِ اهـ فَتَأَمَّلْ (قَوْلُهُ لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ فِي حَقِّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ) أَيْ أَنَّ الرِّيَاءَ لَا يُبْطِلُ الْفَرْضَ وَإِنْ كَانَ الْإِخْلَاصُ مِنْ جُمْلَةِ الْفَرَائِضِ. قَالَ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ: وَإِذَا صَلَّى رِيَاءً وَسُمْعَةً تَجُوزُ صَلَاتُهُ فِي الْحُكْمِ لِوُجُودِ شَرَائِطِهِ وَأَرْكَانِهِ وَلَكِنْ لَا يَسْتَحِقُّ الثَّوَابَ وَاَلَّذِي فِي الذَّخِيرَةِ خِلَافُهُ، قَالَ الْفَقِيهُ أَبُو اللَّيْثِ فِي النَّوَازِلِ قَالَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الرِّيَاءُ لَا يَدْخُلُ فِي شَيْءٍ مِنْ الْفَرَائِضِ وَهَذَا هُوَ الْمَذْهَبُ الْمُسْتَقِيمُ أَنَّ الرِّيَاءَ لَا يُفَوِّتُ أَصْلَ الثَّوَابِ، وَإِنَّمَا يُفَوِّتُ تَضَاعُفَ الثَّوَابِ. اهـ. بِيرِيّ عَلَى الْأَشْبَاهِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

(قَوْلُهُ قِيلَ لِشَخْصٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْأَشْبَاهِ: وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ لَيْسَتْ مَنْصُوصَةً فِي مَذْهَبِنَا، وَصَرَّحَ بِهَا النَّوَوِيُّ وَقَوَاعِدُنَا لَا تَأْبَاهَا، أَمَّا الْإِجْزَاءُ فَلِأَنَّهُ لَا رِيَاءَ فِي الْفَرَائِضِ فِي حَقِّ سُقُوطِ الْوَاجِبِ، وَأَمَّا عَدَمُ اسْتِحْقَاقِ الدِّينَارِ فَلِأَنَّهُ اسْتِئْجَارٌ عَلَى وَاجِبٍ، وَلَا يَسْتَحِقُّ بِهِ الْأُجْرَةَ كَالْأَبِ

ص: 438

وَلَوْ أَدْرَكَ الْقَوْمَ فِي الصَّلَاةِ وَلَمْ يَدْرِ أَفَرْضٌ أَمْ تَرَاوِيحُ يَنْوِي الْفَرْضَ، فَإِنْ هُمْ فِيهِ صَحَّ وَإِلَّا تَقَعْ نَفْلًا، وَلَوْ نَوَى فَرْضَيْنِ كَمَكْتُوبَةٍ وَجِنَازَةٍ فَلِلْمَكْتُوبَةِ، وَلَوْ مَكْتُوبَتَيْنِ فَلِلْوَقْتِيَّةِ وَلَوْ فَائِتَتَيْنِ فَلِلْأُولَى لَوْ مِنْ أَهْلِ التَّرْتِيبِ وَإِلَّا لَغَا فَلْيُحْفَظْ، وَلَوْ فَائِتَةً وَوَقْتِيَّةً فَلِلْفَائِتَةِ لَوْ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا، وَلَوْ فَرْضًا وَنَفْلًا

ــ

[رد المحتار]

إذَا اسْتَأْجَرَ ابْنَهُ لِلْخِدْمَةِ لَا يَسْتَحِقُّ عَلَيْهِ الْأُجْرَةَ لِأَنَّ خِدْمَتَهُ وَاجِبَةٌ عَلَيْهِ. اهـ. ح

(قَوْلُهُ الصَّلَاةُ لِإِرْضَاءِ الْخُصُومِ لَا تُفِيدُ إلَخْ) لَمْ يَتَعَرَّضْ لِكَوْنِ ذَلِكَ جَائِزًا، وَظَاهِرُ مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ حَيْثُ قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ لَا يَفْعَلَ ذَلِكَ، وَلَعَلَّ ذَلِكَ مِنْ إلْقَاءِ الْمُبْطِلِينَ اهـ. وَفِي الْوَلْوَالِجيَّةِ: إذَا صَلَّى لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى فَإِنْ كَانَ لَهُ خَصْمٌ لَمْ يَجْرِ بَيْنَهُ وَبَيْنَهُ عَفْوٌ أُخِذَ مِنْ حَسَنَاتِهِ وَدُفِعَ إلَيْهِ فِي الْآخِرَةِ نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ خَصْمٌ أَوْ كَانَ وَجَرَى بَيْنَهُمَا عَفْوٌ لَمْ يُدْفَعْ إلَيْهِ مِنْ حَسَنَاتِهِ شَيْءٌ، نَوَى أَوْ لَمْ يَنْوِ. اهـ. بِيرِيّ. وَعَلَى هَذَا فَالْمُرَادُ بِالصَّلَاةِ الْمَذْكُورَةِ أَنْ يَنْوِيَ الصَّلَاةَ لِلَّهِ تَعَالَى لِأَجْلِ أَنْ يَرْضَى عَنْهُ أَخْصَامُهُ وَعَدَمُ جَوَازِهِ لِكَوْنِهِ بِدْعَةً بِخِلَافِ الصَّلَاةِ لِتَحِيَّةِ الْمَسْجِدِ أَوْ نَحْوِهَا مِنْ الْمَنْدُوبَاتِ. وَأَمَّا لَوْ صَلَّى وَوَهَبَ ثَوَابَهَا لِلْخُصُومِ فَإِنَّهُ يَصِحُّ لِأَنَّ الْعَامِلَ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ ثَوَابَ عَمَلِهِ لِغَيْرِهِ عِنْدَنَا كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْحَجِّ عَنْ الْغَيْرِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى (قَوْلُهُ جَاءَ) أَيْ فِي بَعْضِ الْكُتُبِ أَشْبَاهٌ عَنْ الْبَزَّازِيَّةِ، وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بِهَا الْكُتُبُ السَّمَاوِيَّةِ أَوْ يَكُونُ ذَلِكَ حَدِيثًا نَقَلَهُ الْعُلَمَاءُ فِي كُتُبِهِمْ: وَالدَّانَقُ بِفَتْحِ النُّونِ وَكَسْرِهَا: سُدُسُ الدِّرْهَمِ، وَهُوَ قِيرَاطَانِ، وَالْقِيرَاطُ خَمْسُ شَعِيرَاتٍ، وَيُجْمَعُ عَلَى دَوَانِقَ وَدَوَانِيقَ؛ كَذَا فِي الْأَخْسَتْرِيِّ حَمَوِيٌّ (قَوْلُهُ ثَوَابُ سَبْعِمِائَةِ صَلَاةٍ بِالْجَمَاعَةِ) أَيْ مِنْ الْفَرَائِضِ لِأَنَّ الْجَمَاعَةَ فِيهَا: وَاَلَّذِي فِي الْمَوَاهِبِ عَنْ الْقُشَيْرِيِّ سَبْعُمِائَةِ صَلَاةٍ مَقْبُولَةٍ وَلَمْ يُقَيِّدْ بِالْجَمَاعَةِ. قَالَ شَارِحُ الْمَوَاهِبِ: مَا حَاصِلُهُ هَذَا لَا يُنَافِي أَنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَعْفُو عَنْ الظَّالِمِ وَيُدْخِلُهُ الْجَنَّةَ بِرَحْمَتِهِ ط مُلَخَّصًا

(قَوْلُهُ وَإِلَّا تَقَعْ نَفْلًا) أَيْ غَيْرَ نَائِبٍ فِي حَقِّهِ عَنْ رَكْعَتَيْنِ مِنْ التَّرَاوِيحِ لِوُقُوعِهَا قَبْلَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ وَوَقْتُ التَّرَاوِيحِ بَعْدَ صَلَاةِ الْعِشَاءِ عَلَى الْمُعْتَمَدِ ط (قَوْلُهُ فَلِلْمَكْتُوبَةِ) أَيْ لِقُوَّتِهَا لِفَرْضِيَّتِهَا عَيْنًا وَلِكَوْنِهَا صَلَاةً حَقِيقَةً وَالْجِنَازَةُ كِفَايَةٌ وَلَيْسَتْ بِصَلَاةٍ مُطْلَقَةً (قَوْلُهُ وَلَوْ مَكْتُوبَتَيْنِ) أَيْ إحْدَاهُمَا وَقْتِيَّةٌ وَالْأُخْرَى لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا كَمَا لَوْ نَوَى فِي وَقْتِ الظُّهْرِ ظُهْرَ هَذَا الْيَوْمِ وَعَصْرَهُ كَذَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَشَرْحِ الْأَشْبَاهِ لِلْبِيرِيِّ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ الْآتِي وَلَوْ فَائِتَةً وَوَقْتِيَّةً إلَخْ (قَوْلُهُ فَلِلْوَقْتِيَّةِ) عَلَّلَ لَهُ فِي الْمُحِيطِ بِأَنَّ الْوَقْتِيَّةَ وَاجِبَةٌ لِلْحَالِ وَغَيْرَهَا لَا اهـ وَهُوَ يُفِيدُ أَنَّهُ لَيْسَ بِصَاحِبِ تَرْتِيبٍ وَإِلَّا فَالْفَائِتَةُ أَوْلَى كَمَا لَا يَخْفَى بَحْرٌ. أَقُولُ: هَذِهِ الْإِفَادَةُ إنَّمَا تَتِمُّ لَوْ أُرِيدَ بِالْمَكْتُوبَتَيْنِ مَا يَشْمَلُ الْوَقْتِيَّةَ مَعَ الْفَائِتَةِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، بَلْ الْمُرَادُ بِهِمَا الْوَقْتِيَّةُ مَعَ الَّتِي لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهَا كَمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَلَوْ فَائِتَتَيْنِ فَلِلْأُولَى) وَكَذَا لَوْ وَقْتِيَّتَيْنِ كَالظُّهْرِ وَالْعَصْرِ فِي عَرَفَةَ كَمَا بَحَثَهُ الْبِيرِيُّ. وَقَالَ ح: لِأَنَّ الْعَصْرَ وَإِنْ صَحَّتْ فِي وَقْتِ الظُّهْرِ فِي ذَلِكَ الْيَوْمِ إلَّا أَنَّ الظُّهْرَ وَاجِبَةُ التَّقْدِيمِ عَلَيْهَا لِلتَّرْتِيبِ فَكَانَتَا بِمَنْزِلَةِ فَائِتَتَيْنِ لَمْ يَسْقُطْ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ (قَوْلُهُ لَوْ مِنْ أَهْلِ التَّرْتِيبِ إلَخْ) تَبِعَ فِيهِ الْبَحْرَ أَخْذًا مِنْ تَعْلِيلِ الْمُحِيطِ لِلْمَسْأَلَةِ بِأَنَّ الثَّانِيَةَ لَا تَجُوزُ إلَّا بَعْدَ قَضَاءِ الْأُولَى. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَهُوَ إنَّمَا يَتِمُّ فِيمَا إذَا كَانَ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَاجِبًا. اهـ. أَقُولُ: مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحِلْيَةِ، لَكِنَّهُ فِي الْحِلْيَةِ قَالَ بَعْدَهُ: بَقِيَ مَا لَوْ لَمْ يَكُنْ التَّرْتِيبُ بَيْنَهُمَا وَاجِبًا وَيُمْكِنُ أَيْضًا أَنْ يُقَالَ إنَّهَا لِلْأُولَى لِأَنَّ تَقْدِيمَهَا أَوْلَى اهـ. وَجَزَمَ بِذَلِكَ الْحَلَبِيُّ فِي شَرْحِهِ الصَّغِيرِ حَيْثُ قَالَ فَلِلْأُولَى مِنْهُمَا لِتَرَجُّحِهَا بِالسَّبْقِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ صَاحِبَ تَرْتِيبٍ اهـ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَلِلْفَائِتَةِ لَوْ الْوَقْتُ مُتَّسِعًا) وَأَمَّا إذَا خَافَ ذَهَابَ وَقْتِ الْحَاضِرَةِ فَإِنَّهُ يَجْزِيهِ عَنْهَا حَتَّى يَكُونَ عَلَيْهِ قَضَاءُ الْفَائِتَةِ كَمَا فِي الْأَجْنَاسِ بِيرِيّ. هَذَا، وَقَالَ ح بَعْدَ قَوْلِهِ لَوْ الْوَقْتُ

ص: 439

فَلِلْفَرْضِ، وَلَوْ نَافِلَتَيْنِ كَسُنَّةِ فَجْرٍ وَتَحِيَّةِ مَسْجِدٍ فَعَنْهُمَا،

ــ

[رد المحتار]

مُتَّسِعًا أَيْ وَكَانَ بَيْنَهُمَا تَرْتِيبٌ إذْ لَوْ كَانَ مُتَّسِعًا وَلَمْ يَكُنْ بَيْنَهُمَا تَرْتِيبٌ لَغَتْ نِيَّتُهُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْبَحْرِ اهـ وَأَقُولُ لَمْ يُصَرِّحْ بِذَلِكَ فِي الْبَحْرِ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ نَعَمْ صَرَّحَ بِهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بَحْثًا وَبَحَثَ فِي الْحِلْيَةِ خِلَافَهُ فَافْهَمْ. ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ قَوْلِهِ فَلِلْفَائِتَةِ إلَخْ عَزَاهُ فِي الْفَتْحِ إلَى الْمُنْتَقَى، وَمِثْلُهُ فِي السِّرَاجِ، وَعَزَاهُ فِي الْبَحْرِ إلَى الْمُنْيَةِ وَذَكَرَ قَبْلَهُ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهَا ثُمَّ قَالَ: وَأَفَادَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ فِيهَا رِوَايَتَيْنِ. اهـ. أَقُولُ: وَكَذَا ذَكَرَ أَوَّلًا فِي الْخُلَاصَةِ عَنْ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ أَنَّهُ لَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي وَاحِدَةٍ مِنْهُمَا ثُمَّ قَالَ وَفِي الْمُنْتَقَى يَصِيرُ شَارِعًا فِي الْأُولَى اهـ فَتَكُونُ رِوَايَةً. وَقَالَ الْإِمَامُ الْفَارِسِيُّ فِي شَرْحِهِ عَلَى تَلْخِيصِ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ لِلْخَلَّاطِيِّ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ: نَاوِي الْفَرْضَيْنِ مَعًا لَاغٍ فِي الصَّلَاةِ إلْحَاقًا لِلدَّفْعِ بِالرَّفْعِ فِي التَّنَافِي مُتَنَفِّلٌ فِي غَيْرِهَا إلَخْ: أَيْ نِيَّةُ الْفَرْضَيْنِ مَعًا إنْ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ كَانَتْ لَغْوًا عِنْدَهُمَا، وَهُوَ رِوَايَةُ الْحَسَنِ عَنْ الْإِمَامِ. وَصُورَتُهُ لَوْ كَبَّرَ يَنْوِي ظُهْرًا وَعَصْرًا عَلَيْهِ مِنْ يَوْمٍ أَوْ يَوْمَيْنِ عَالِمًا بِأَوَّلِهِمَا أَوَّلًا فَلَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي وَاحِدٍ مِنْهُمَا لِلتَّنَافِي بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ طَرَأَ أَحَدُهُمَا عَلَى الْآخَرِ رَفَعَهُ وَأَبْطَلَهُ أَصْلًا، حَتَّى لَوْ شَرَعَ فِي الظُّهْرِ يَنْوِي عَصْرًا عَلَيْهِ بَطَلَتْ الظُّهْرُ وَصَحَّ شُرُوعُهُ فِي الْعَصْرِ، فَإِذَا كَانَ لِكُلٍّ مِنْهُمَا قُوَّةٌ رَفْعُ الْأُخْرَى بَعْدَ ثُبُوتِهَا يَكُونُ لَهَا قُوَّةُ دَفْعِهَا عَنْ الْمَحِلِّ قَبْلَ اسْتِقْرَارِهَا بِالْأُولَى لِأَنَّ الدَّفْعَ أَسْهَلُ مِنْ الدَّفْعِ، وَهَذَا عَلَى أَصْلِ مُحَمَّدٍ، وَكَذَا عَلَى أَصْلِ أَبِي يُوسُفَ لِأَنَّ التَّرْجِيحَ عِنْدَهُ إمَّا بِالْحَاجَةِ إلَى التَّعْيِينِ وَإِمَّا بِالْقُوَّةِ وَقَدْ اسْتَوَيَا فِي الْأَمْرَيْنِ، ثُمَّ إطْلَاقُ الْفَرْضَيْنِ يَتَنَاوَلُ مَا وَجَبَ بِإِيجَابِ اللَّهِ تَعَالَى كَالْمَكْتُوبَةِ، أَوْ بِإِيجَابِ الْعَبْدِ كَالْمَنْذُورِ أَدَاءً وَقَضَاءً، وَمَا أُلْحِقَ بِهِ كَفَاسِدِ النَّفْلِ سَوَاءٌ كَانَا مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ كَالظُّهْرَيْنِ وَالْجِنَازَتَيْنِ وَالْمَنْذُورَتَيْنِ أَوْ مِنْ جِنْسَيْنِ كَالظُّهْرِ مَعَ الْعَصْرِ أَوْ مَعَ النَّذْرِ أَوْ مَعَ الْجِنَازَةِ، وَقِيلَ إنَّ نَاوِيَ الْفَرْضَيْنِ فِي الصَّلَاةِ مُتَنَفِّلٌ عِنْدَهُمَا خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ وَإِنْ كَانَتْ نِيَّةُ الْفَرْضَيْنِ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ كَالزَّكَاةِ وَالصَّوْمِ وَالْحَجِّ وَالْكَفَّارَةِ كَانَتْ مُعْتَبَرَةً وَيَكُونُ مُتَنَفِّلًا إلَّا فِي كَفَّارَتَيْنِ مِنْ جِنْسٍ وَاحِدٍ فَيَكُونُ مُفْتَرِضًا اهـ مُلَخَّصًا وَتَمَامُهُ فِيمَا عَلَّقْنَاهُ عَلَى الْبَحْرِ، فَعُلِمَ أَنَّ رِوَايَةَ الْجَامِعِ الْكَبِيرِ مُخَالِفَةٌ لِرِوَايَةِ الْمُنْتَقَى فَلَا يَصِيرُ شَارِعًا فِي الصَّلَاةِ أَصْلًا إذَا جَمَعَ فِي النِّيَّةِ بَيْنَ فَرْضَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا قَضَاءٌ أَوْ أَحَدُهُمَا أَدَاءٌ وَالْآخَرُ قَضَاءٌ أَوْ لَمْ يَدْخُلْ وَقْتُهُ أَوْ جِنَازَةٌ أَوْ مَنْذُورٌ أَوْ غَيْرُهُ مِنْ الْوَاجِبَاتِ، وَقِيلَ يَصِيرُ مُتَنَفِّلًا فَلَمْ تُعْتَبَرْ الْقُوَّةُ عَلَى رِوَايَةِ الْجَامِعِ إلَّا فِيمَا إذَا جَمَعَ بَيْنَ فَرْضٍ وَتَطَوُّعٍ فَإِنَّهُ يَكُونُ مُفْتَرِضًا عِنْدَهُمَا لِقُوَّتِهِ: وَقَالَ مُحَمَّدٌ: إنْ كَانَتْ فِي الصَّلَاةِ تَلْغُو فَلَا يَصِيرُ شَارِعًا فِيهِمَا، وَإِنْ كَانَتْ فِي صَوْمٍ أَوْ زَكَاةٍ أَوْ حَجٍّ نَذْرٌ مَعَ تَطَوُّعٍ يَكُونُ مُتَنَفِّلًا، بِخِلَافِ حَجَّةِ الْإِسْلَامِ وَالتَّطَوُّعِ فَإِنَّهُ مُفْتَرَضٌ اتِّفَاقًا كَمَا أَوْضَحَهُ الْفَارِسِيُّ فِي شَرْحِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (قَوْلُهُ فَلِلْفَرْضِ) أَيْ خِلَافًا لِمُحَمَّدٍ كَمَا عَلِمْته آنِفًا (قَوْلُهُ وَلَوْ نَافِلَتَيْنِ) قَدْ تُطْلَقُ النَّافِلَةُ عَلَى مَا يَشْمَلُ السُّنَّةَ وَهُوَ الْمُرَادُ هُنَا (قَوْلُهُ فَعَنْهُمَا) ذَكَرَهُ فِي الْأَشْبَاهِ ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ مَا إذَا نَوَى سُنَّتَيْنِ كَمَا إذَا نَوَى فِي يَوْمِ الِاثْنَيْنِ صَوْمَهُ عَنْهُ وَعَنْ يَوْمِ عَرَفَةَ إذَا وَافَقَهُ فَإِنَّ مَسْأَلَةَ التَّحِيَّةِ إنَّمَا كَانَتْ ضِمْنًا لِلسُّنَّةِ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ اهـ أَيْ فَكَذَا الصَّوْمُ عَنْ الْيَوْمَيْنِ وَأَيَّدَهُ الْعَلَّامَةُ الْبِيرِيُّ بِأَنَّهُ يَجْزِيهِ الصَّوْمُ فِي الْوَاجِبَيْنِ، فَفِي غَيْرِهِمَا أَوْلَى لِمَا فِي خِزَانَةِ الْأَكْمَلِ: لَوْ قَالَ لِلَّهِ عَلَيَّ أَنْ أَصُومَ رَجَبًا ثُمَّ صَامَ عَنْ كَفَّارَةِ ظِهَارٍ شَهْرَيْنِ مُتَتَابِعَيْنِ أَحَدُهُمَا رَجَبٌ أَجْزَأَهُ، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا رَمَضَانَ، وَلَوْ نَذَرَ صَوْمَ جَمِيعِ عُمْرِهِ ثُمَّ وَجَبَ صَوْمُ شَهْرَيْنِ عَنْ ظِهَارٍ أَوْ أَوْجَبَ صَوْمَ شَهْرٍ بِعَيْنِهِ ثُمَّ قَضَى فِيهِ صَوْمَ رَمَضَانَ جَازَ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَلْحَقَهُ شَيْءٌ اهـ لَكِنْ لَيْسَ فِي هَذَا جَمْعٌ بَيْنَ نِيَّتَيْنِ بَلْ هُوَ نِيَّةٌ وَاحِدَةٌ أَجْزَأَتْ عَنْ صَوْمَيْنِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الشَّارِحُ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ لِأَنَّ كَلَامَهُ فِي الصَّلَاةِ وَلَا تَتَأَتَّى فِيهَا. وَيُمْكِنُ تَصْوِيرُهُ فِيمَا لَوْ نَوَى سُنَّةَ الْعِشَاءِ وَالتَّهَجُّدِ بِنَاءً عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ الْهُمَامِ مِنْ أَنَّ التَّهَجُّدَ فِي حَقِّنَا سُنَّةٌ

ص: 440