المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فروع في الاستبراء] - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ١

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌أَرْكَانُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَنُ الْوُضُوء]

- ‌فَرْضُ الْغُسْلِ)

- ‌[فُرُوعٌ فِي الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْلِ]

- ‌بَابُ الْمِيَاهِ

- ‌[الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[فَرْعٌ مُحْدِثٍ انْغَمَسَ فِي بِئْرٍ لِدَلْوٍ وَلَا نَجَسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْوِ وَلَمْ يَتَدَلَّكْ]

- ‌[فَرْعٌ] مَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَسِنْجَابٍ إنْ عَلِمَ دَبْغَهُ بِطَاهِرٍ

- ‌[فُرُوعٌ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْبِئْرِ

- ‌[فَرْعٌ] وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ مَنِيًّا أَوْ بَوْلًا أَوْ دَمًا

- ‌[فَرْعٌ الْبُعْدُ الْمَانِعُ مِنْ وُصُولِ نَجَاسَةِ الْبَالُوعَةِ إلَى الْبِئْرِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم وَشُرُوطه]

- ‌[سُنَنُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فُرُوعٌ] صَلَّى الْمَحْبُوسُ بِالتَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ نَوَاقِضُ الْمَسْحِ]

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمَعْذُورِ]

- ‌بَابُ الْأَنْجَاسِ

- ‌فَصْلُ الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الِاسْتِبْرَاء]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ الْأَذَانِ

- ‌[فَائِدَةٌ] التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْأَذَانِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّيَّةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[مَطْلَبٌ قَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الرُّكْنَ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ]

- ‌[وَاجِبَات الصَّلَاة]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان تَأْلِيف الصَّلَاة إلَى انتهائها]

- ‌[فُرُوعٌ] كَبَّرَ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَكْبِيرِ إمَامِهِ

- ‌[فُرُوعٌ] قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَة]

- ‌فُرُوعٌ] يَجِبُ الِاسْتِمَاعُ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا

- ‌بَابُ الْإِمَامَةِ

- ‌[فُرُوعٌ اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَمَنْ يَرَى الْوِتْرَ وَاجِبًا بِمَنْ يَرَاهُ سُنَّةً]

- ‌بَابُ الِاسْتِخْلَافِ

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا

- ‌[فُرُوعٌ سَمِعَ المصلي اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جل جلاله أَوْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فُرُوعٌ مَشَى المصلي مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاته]

- ‌[فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِتَكْلِيمِ الْمُصَلِّي وَإِجَابَتِهِ بِرَأْسِهِ

- ‌فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ الْمِسْبَحَةِ لِغَيْرِ رِيَاءٍ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتِمَالُ الصَّلَاة عَلَى الصَّمَّاءِ وَالِاعْتِجَارُ وَالتَّلَثُّمُ وَالتَّنَخُّمُ وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[فُرُوعٌ]أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ

الفصل: ‌[فروع في الاستبراء]

(وَأَنْ يَبُولَ قَائِمًا أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُجَرَّدًا مِنْ ثَوْبِهِ بِلَا عُذْرٍ أَوْ) يَبُولَ (فِي مَوْضِعٍ يَتَوَضَّأُ) هُوَ (أَوْ يَغْتَسِلُ فِيهِ) لِحَدِيثِ «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ» .

[فُرُوعٌ]

يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ بِمَشْيٍ

ــ

[رد المحتار]

تَنْبِيهٌ]

عِبَارَةُ الْغَزْنَوِيَّةِ وَلَا يَتَكَلَّمْ فِيهِ أَيْ: فِي الْخَلَاءِ. وَفِي الضِّيَاءِ عَنْ بُسْتَانِ أَبِي اللَّيْثِ: يُكْرَهُ الْكَلَامُ فِي الْخَلَاءِ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَخْتَصُّ بِحَالِ قَضَاءِ الْحَاجَةِ. وَذَكَرَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ الْمُعْتَمَدُ عِنْدَهُمْ، وَزَادَ فِي الْإِمْدَادِ وَلَا يَتَنَحْنَحُ أَيْ: إلَّا بِعُذْرٍ، كَمَا إذَا خَافَ دُخُولَ أَحَدٍ عَلَيْهِ. اهـ. وَمِثْلُهُ بِالْأَوْلَى مَا لَوْ خَشِيَ وُقُوعَ مَحْذُورٍ بِغَيْرِهِ؟ وَلَوْ تَوَضَّأَ فِي الْخَلَاءِ لِعُذْرٍ هَلْ يَأْتِي بِالْبَسْمَلَةِ وَنَحْوِهَا مِنْ أَدْعِيَتِهِ مُرَاعَاةً لِسُنَّةِ الْوُضُوءِ أَوْ يَتْرُكُهَا مُرَاعَاةً لِلْمَحَلِّ؟ وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الثَّانِي لِتَصْرِيحِهِمْ بِتَقْدِيمِ النَّهْيِ عَلَى الْأَمْرِ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: وَأَنْ يَبُولَ قَائِمًا) لِمَا وَرَدَ مِنْ النَّهْيِ عَنْهُ «وَلِقَوْلِ عَائِشَةَ رضي الله عنها مَنْ حَدَّثَكُمْ أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم كَانَ يَبُولُ قَائِمًا فَلَا تُصَدِّقُوهُ، مَا كَانَ يَبُولُ إلَّا قَاعِدًا» رَوَاهُ أَحْمَدُ وَالتِّرْمِذِيُّ وَالنَّسَائِيُّ وَإِسْنَادُهُ جَيِّدٌ. قَالَ النَّوَوِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: وَقَدْ رُوِيَ فِي النَّهْيِ أَحَادِيثُ لَا تَثْبُتُ وَلَكِنَّ حَدِيثَ عَائِشَةَ ثَابِتٌ فَلِذَا قَالَ الْعُلَمَاءُ يُكْرَهُ إلَّا لِعُذْرٍ، وَهِيَ كَرَاهَةُ تَنْزِيهٍ لَا تَحْرِيمٍ. وَأَمَّا «بَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم فِي السُّبَاطَةِ الَّتِي بِقُرْبِ الدُّورِ» فَقَدْ ذَكَرَ عِيَاضٌ أَنَّهُ لَعَلَّهُ طَالَ عَلَيْهِ مَجْلِسٌ حَتَّى حَفَزَهُ الْبَوْلُ فَلَمْ يُمْكِنْهُ التَّبَاعُدُ اهـ. أَوْ لِمَا رُوِيَ «أَنَّهُ صلى الله عليه وسلم بَالَ قَائِمًا لِجُرْحٍ بِمَأْبِضِهِ» بِهَمْزَةٍ سَاكِنَةٍ بَعْدَ الْمِيمِ وَبَاءٍ مُوَحَّدَةٍ: وَهُوَ بَاطِنُ الرُّكْبَةِ، أَوْ لِوَجَعٍ كَانَ بِصُلْبِهِ وَالْعَرَبُ كَانَتْ تَسْتَشْفِي بِهِ، أَوْ لِكَوْنِهِ لَمْ يَجِدْ مَكَانًا لِلْقُعُودِ، أَوْ فَعَلَهُ بَيَانًا لِلْجَوَازِ وَتَمَامُهُ فِي الضِّيَاءِ. (قَوْلُهُ: أَوْ مُضْطَجِعًا أَوْ مُجَرَّدًا) لِأَنَّهُمَا مِنْ عَمَلِ الْيَهُودِ وَالنَّصَارَى غَزْنَوِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: بِلَا عُذْرٍ) يَرْجِعُ إلَى جَمِيعِ مَا قَبْلَهُ ط. (قَوْلُهُ: يَتَوَضَّأُ هُوَ) قَدَّرَ هُوَ لِيُوَافِقَ الْحَدِيثَ وَيَثْبُتَ حُكْمُ غَيْرِهِ بِطَرِيقِ الدَّلَالَةِ أَفَادَهُ ح. (قَوْلُهُ: لِحَدِيثِ إلَخْ) لَفْظُهُ كَمَا فِي الْبُرْهَانِ عَنْ أَبِي دَاوُد «لَا يَبُولَنَّ أَحَدُكُمْ فِي مُسْتَحَمِّهِ ثُمَّ يَغْتَسِلُ أَوْ يَتَوَضَّأُ فِيهِ، فَإِنَّ عَامَّةَ الْوَسْوَاسِ مِنْهُ» وَالْمَعْنَى مَوْضِعُهُ الَّذِي يَغْتَسِلُ فِيهِ بِالْحَمِيمِ، وَهُوَ فِي الْأَصْلِ الْمَاءُ الْحَارُّ، ثُمَّ قِيلَ لِلِاغْتِسَالِ بِأَيِّ مَكَانِ اسْتِحْمَامٍ؛ وَإِنَّمَا نُهِيَ عَنْ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ مَسْلَكٌ يَذْهَبُ فِيهِ الْبَوْلُ أَوْ كَانَ الْمَكَانُ صُلْبًا فَيُوهَمُ الْمُغْتَسِلُ أَنَّهُ أَصَابَهُ مِنْهُ شَيْءٌ فَيَحْصُلُ بِهِ الْوَسْوَاسُ كَمَا فِي نِهَايَةِ ابْنِ الْأَثِيرِ. اهـ. مَدَنِيٌّ.

[فُرُوعٌ فِي الِاسْتِبْرَاء]

مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الِاسْتِبْرَاءِ وَالِاسْتِنْقَاءِ وَالِاسْتِنْجَاءِ (قَوْلُهُ: يَجِبُ الِاسْتِبْرَاءُ إلَخْ) هُوَ طَلَبُ الْبَرَاءَةِ مِنْ الْخَارِجِ بِشَيْءٍ مِمَّا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ حَتَّى يَسْتَيْقِنَ بِزَوَالِ الْأَثَرِ. وَأَمَّا الِاسْتِنْقَاءُ هُوَ طَلَبُ النَّقَاوَةِ: وَهُوَ أَنْ يُدَلِّكَ الْمَقْعَدَةَ بِالْأَحْجَارِ أَوْ بِالْأَصَابِعِ حَالَةَ الِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ. وَأَمَّا الِاسْتِنْجَاءُ: فَهُوَ اسْتِعْمَالُ الْأَحْجَارِ أَوْ الْمَاءِ، هَذَا هُوَ الْأَصَحُّ فِي تَفْسِيرِ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ كَمَا فِي الْغَزْنَوِيَّةِ. وَفِيهَا أَنَّ الْمَرْأَةَ كَالرَّجُلِ إلَّا فِي الِاسْتِبْرَاءِ فَإِنَّهُ لَا اسْتِبْرَاءَ عَلَيْهَا، بَلْ كَمَا فَرَغَتْ تَصْبِرُ سَاعَةً لَطِيفَةً ثُمَّ تَسْتَنْجِي، وَمِثْلُهُ فِي الْإِمْدَادِ. وَعَبَّرَ بِالْوُجُوبِ تَبَعًا لِلدُّرَرِ وَغَيْرِهَا، وَبَعْضُهُمْ عَبَّرَ بِأَنَّهُ فَرْضٌ وَبَعْضُهُمْ بِلَفْظِ يَنْبَغِي وَعَلَيْهِ فَهُوَ مَنْدُوبٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، وَمَحَلُّهُ إذَا أَمِنَ خُرُوجَ شَيْءٍ بَعْدَهُ فَيُنْدَبُ ذَلِكَ مُبَالَغَةً فِي الِاسْتِبْرَاءِ أَوْ الْمُرَادُ الِاسْتِبْرَاءُ بِخُصُوصِ هَذِهِ الْأَشْيَاءِ مِنْ نَحْوِ الْمَشْيِ وَالتَّنَحْنُحِ، أَمَّا نَفْسُ الِاسْتِبْرَاءِ حَتَّى يَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ بِزَوَالِ الرَّشْحِ فَهُوَ فَرْضٌ وَهُوَ الْمُرَادُ بِالْوُجُوبِ، وَلِذَا قَالَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ: يَلْزَمُ الرَّجُلَ الِاسْتِبْرَاءُ حَتَّى يَزُولَ أَثَرُ الْبَوْلِ وَيَطْمَئِنَّ قَلْبُهُ. وَقَالَ: عَبَّرْت بِاللُّزُومِ لِكَوْنِهِ أَقْوَى مِنْ الْوَاجِبِ؛ لِأَنَّ هَذَا يُفَوِّتُ الْجَوَازَ لِفَوْتِهِ فَلَا يَصِحُّ لَهُ الشُّرُوعُ فِي الْوُضُوءِ حَتَّى يَطْمَئِنَّ بِزَوَالِ

ص: 344

أَوْ تَنَحْنُحٍ أَوْ نَوْمٍ عَلَى شِقِّهِ الْأَيْسَرِ، وَيَخْتَلِفُ بِطِبَاعِ النَّاسِ.

وَمَعَ طَهَارَةِ الْمَغْسُولِ تَطْهُرُ الْيَدُ؛ وَيُشْتَرَطُ إزَالَةُ الرَّائِحَةِ عَنْهَا وَعَنْ الْمَخْرَجِ إلَّا إذَا عَجَزَ، وَالنَّاسُ عَنْهُ غَافِلُونَ، اسْتَنْجَى الْمُتَوَضِّئُ، إنْ عَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ بِأَنْ أَرْخَى انْتَقَضَ وَإِلَّا لَا.

نَامَ أَوْ مَشَى عَلَى نَجَاسَةٍ، إنْ ظَهَرَ عَيْنُهَا تَنَجَّسَ وَإِلَّا لَا. وَلَوْ وَقَعَتْ فِي نَهْرٍ فَأَصَابَ ثَوْبَهُ، إنْ ظَهَرَ أَثَرُهَا تَنَجَّسَ وَإِلَّا لَا.

ــ

[رد المحتار]

الرَّشْحِ. اهـ. (قَوْلُهُ: أَوْ تَنَحْنُحٍ) لِأَنَّ الْعُرُوقَ مُمْتَدَّةٌ مِنْ الْحَلْقِ إلَى الذَّكَرِ وَبِالتَّنَحْنُحِ تَتَحَرَّكُ وَتَقْذِفُ مَا فِي مَجْرَى الْبَوْلِ. اهـ. ضِيَاءٌ. (قَوْلُهُ: وَيَخْتَلِفُ إلَخْ) هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ فَمَنْ وَقَعَ فِي قَلْبِهِ أَنَّهُ صَارَ طَاهِرًا جَازَ لَهُ أَنْ يَسْتَنْجِيَ؛ لِأَنَّ كُلَّ أَحَدٍ أَعْلَمُ بِحَالِهِ ضِيَاءٌ.

قُلْت: وَمَنْ كَانَ بَطِيءَ الِاسْتِبْرَاءِ فَلْيَفْتِلْ نَحْوَ وَرَقَةٍ مِثْلَ الشَّعِيرَةِ وَيَحْتَشِي بِهَا فِي الْإِحْلِيلِ فَإِنَّهَا تَتَشَرَّبُ مَا بَقِيَ مِنْ أَثَرِ الرُّطُوبَةِ الَّتِي يَخَافُ خُرُوجُهَا، وَيَنْبَغِي أَنْ يُغَيِّبَهَا فِي الْمَحَلِّ لِئَلَّا تَذْهَبَ الرُّطُوبَةُ إلَى طَرَفِهَا الْخَارِجِ، وَلِلْخُرُوجِ مِنْ خِلَافِ الشَّافِعِيِّ. وَقَدْ جُرِّبَ ذَلِكَ فَوُجِدَ أَنْفَعَ مِنْ رَبْطِ الْمَحَلِّ لَكِنَّ الرَّبْطَ أَوْلَى إذَا كَانَ صَائِمًا لِئَلَّا يَفْسُدَ صَوْمُهُ عَلَى قَوْلِ الْإِمَامِ الشَّافِعِيِّ. (قَوْلُهُ: وَمَعَ طَهَارَةِ الْمَغْسُولِ تَطْهُرُ الْيَدُ) هَذَا مُخْتَارُ الْفَقِيهِ أَبِي جَعْفَرٍ، وَقِيلَ: يَجِبُ غَسْلُهَا؛ لِأَنَّهَا تَتَنَجَّسُ بِالِاسْتِنْجَاءِ، وَقِيلَ: يُسَنُّ وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ كَمَا مَرَّ فِي سُنَنِ الْوُضُوءِ نُوحٌ. وَنُقِلَ فِي الْقُنْيَةِ أَنَّهُ لَوْ اسْتَنْجَى بِالْمَاءِ وَبِيَدِهِ خَيْطٌ مَشْدُودٌ لَا يَطْهُرُ بِطَهَارَةِ الْيَدِ مَا لَمْ يُمِرَّ الْيَدَ بِالْخَيْطِ إمْرَارًا بَلِيغًا. (قَوْلُهُ: وَيُشْتَرَطُ إلَخْ) قَالَ فِي السِّرَاجِ: وَهَلْ يُشْتَرَطُ فِيهِ ذَهَابُ الرَّائِحَةِ؟ قَالَ بَعْضُهُمْ: نَعَمْ، فَعَلَى هَذَا لَا يُقَدَّرُ بِالْمَرَّاتِ بَلْ يُسْتَعْمَلُ الْمَاءُ حَتَّى تَذْهَبَ الْعَيْنُ وَالرَّائِحَةُ. وَقَالَ بَعْضُهُمْ: لَا يُشْتَرَطُ بَلْ يُسْتَعْمَلُ حَتَّى يَغْلِبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ قَدْ طَهُرَ وَقَدَّرُوهُ بِالثَّلَاثِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْقَوْلَيْنِ أَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ يَلْزَمُهُ شَمُّ يَدِهِ حَتَّى يَعْلَمَ زَوَالَ الرَّائِحَةِ وَعَلَى الثَّانِي لَا يَلْزَمُهُ بَلْ يَكْفِي غَلَبَةُ الظَّنِّ تَأَمَّلْ. (قَوْلُهُ: بِأَنْ أَرْخَى إلَخْ) لَعَلَّ وَجْهَهُ أَنَّهُ يَخْرُجُ بِإِرْخَائِهِ نَفْسَهُ الشَّرْجُ الدَّاخِلُ وَهُوَ لَا يَخْلُو عَنْ رُطُوبَةِ النَّجَاسَةِ ثُمَّ رَأَيْتُهُ مَنْقُولًا عَنْ خَطِّ الْبَزَّازِيِّ فِي هَامِشِ نُسْخَتَيْ الْبَزَّازِيَّةِ مَعَ التَّصْرِيحِ بِأَنَّ الْمُرَادَ بِوَجْهِ السُّنَّةِ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ مِنْ الْإِرْخَاءِ، وَبِهِ انْدَفَعَ مَا فَهِمَهُ فِي الْحِلْيَةِ مِنْ بِنَاءِ الْقَوْلِ بِالنَّقْضِ، عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِوَجْهِ السُّنَّةِ هُوَ إدْخَالُ الْإِصْبَعِ فِي الدُّبُرِ، فَرُدَّ ذَلِكَ بِأَنَّهُ قَدْ نَصَّ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ أَعْيَانِ الْمَشَايِخِ الْكِبَارِ عَلَى أَنَّهُ لَا يُدْخِلُ الْإِصْبَعَ فِي الِاسْتِنْجَاءِ. [تَتِمَّةٌ]

إذَا أَرَادَ أَنْ يَدْخُلَ الْخَلَاءَ يَنْبَغِي أَنْ يَقُومَ قَبْلَ أَنْ يَغْلِبَهُ الْخَارِجُ وَلَا يَصْحَبَهُ شَيْءٌ عَلَيْهِ اسْمٌ مُعَظَّمٌ وَلَا حَاسِرَ الرَّأْسِ وَلَا مَعَ الْقَلَنْسُوَةِ بِلَا شَيْءٍ عَلَيْهَا، فَإِذَا وَصَلَ إلَى الْبَابِ يَبْدَأُ بِالتَّسْمِيَةِ قَبْلَ الدُّعَاءِ هُوَ الصَّحِيحُ فَيَقُولُ: بِسْمِ اللَّهِ «اللَّهُمَّ إنِّي أَعُوذُ بِك مِنْ الْخُبْثِ وَالْخَبَائِثِ» ، ثُمَّ يَدْخُلُ بِالْيُسْرَى وَلَا يَكْشِفُ قَبْلَ أَنْ يَدْنُوَ إلَى الْقُعُودِ، ثُمَّ يُوَسِّعُ بَيْنَ رِجْلَيْهِ وَيَمِيلُ عَلَى رِجْلِهِ الْيُسْرَى، وَلَا يُفَكِّرُ فِي أَمْرِ الْآخِرَةِ كَالْفِقْهِ وَالْعِلْمِ، فَقَدْ قِيلَ: إنَّهُ يَمْنَعُ مِنْهُ شَيْءٌ أَعْظَمُ مِنْهُ وَلَا يَرُدُّ سَلَامًا وَلَا يُجِيبُ مُؤَذِّنًا، فَإِنْ عَطَسَ حَمِدَ اللَّهَ تَعَالَى بِقَلْبِهِ، وَلَا يَنْظُرُ إلَى عَوْرَتِهِ وَلَا إلَى مَا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَلَا يَبْزُقُ فِي الْبَوْلِ، وَلَا يُطِيلُ الْقُعُودَ فَإِنَّهُ يُوَلِّدُ الْبَاسُورَ، وَلَا يَمْتَخِطُ، وَلَا يَتَنَحْنَحُ، وَلَا يُكْثِرُ الِالْتِفَاتَ وَلَا يَعْبَثُ بِبَدَنِهِ، وَلَا يَرْفَعُ بَصَرَهُ إلَى السَّمَاءِ وَيُنَكِّسُ رَأْسَهُ حَيَاءً مِمَّا اُبْتُلِيَ بِهِ وَيَدْفِنُ الْخَارِجَ، وَيَجْتَهِدُ فِي الِاسْتِفْرَاغِ مِنْهُ، فَإِذَا فَرَغَ يَعْصِرُ ذَكَرَهُ مِنْ أَسْفَلِهِ إلَى الْحَشَفَةِ، ثُمَّ يَمْسَحُ بِثَلَاثَةِ أَحْجَارٍ ثُمَّ يَسْتُرُ عَوْرَتَهُ قَبْلَ أَنْ يَسْتَوِيَ قَائِمًا ثُمَّ يَخْرُجُ بِرِجْلِهِ الْيُمْنَى وَيَقُولُ:«غُفْرَانَك، الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنِّي مَا يُؤْذِينِي، وَأَمْسَكَ عَلَيَّ مَا يَنْفَعُنِي» ثُمَّ يَسْتَبْرِئُ فَإِذَا اسْتَيْقَنَ بِانْقِطَاعِ أَثَرِ الْبَوْلِ يَقْعُدُ لِلِاسْتِنْجَاءِ بِالْمَاءِ مَوْضِعًا آخَرَ، وَيَبْدَأُ بِغَسْلِ يَدَيْهِ ثَلَاثًا.

وَيَقُولُ قَبْلَ كَشْفِ الْعَوْرَةِ: «بِسْمِ اللَّهِ الْعَظِيمِ وَبِحَمْدِهِ، وَالْحَمْدُ لِلَّهِ عَلَى دِينِ الْإِسْلَامِ. اللَّهُمَّ اجْعَلْنِي مِنْ التَّوَّابِينَ، وَاجْعَلْنِي مِنْ الْمُتَطَهِّرِينَ الَّذِينَ لَا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَلَا هُمْ يَحْزَنُونَ» ، ثُمَّ يُفِيضُ الْمَاءَ بِالْيُمْنَى عَلَى فَرْجِهِ، وَيُعْلِي الْإِنَاءَ، وَيَغْسِلُ فَرْجَهُ بِالْيُسْرَى، وَيَبْدَأُ بِالْقُبُلِ ثُمَّ الدُّبُرِ، وَيُرْخِي مَقْعَدَتَهُ ثَلَاثًا، وَيُدَلِّكُ كُلَّ مَرَّةٍ، وَيُبَالِغُ فِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ صَائِمًا فَيُنَشِّفُ بِخِرْقَةٍ قَبْلَ أَنْ يَجْمَعَهُ

ص: 345

لُفَّ طَاهِرٌ فِي نَجِسٍ مُبْتَلٍّ بِمَاءٍ

ــ

[رد المحتار]

كَيْ لَا يَصِلَ الْمَاءُ إلَى جَوْفِهِ فَيُفْطِرَ، ثُمَّ يُدَلِّكُ يَدَهُ عَلَى حَائِطٍ أَوْ أَرْضٍ طَاهِرَةٍ ثُمَّ يَغْسِلُهَا ثَلَاثًا، ثُمَّ يَقُومُ وَيُنَشِّفُ فَرْجَهُ بِخِرْقَةٍ نَظِيفَةٍ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ مَعَهُ يَمْسَحُ بِيَدِهِ مِرَارًا حَتَّى لَا تَبْقَى إلَّا بَلَّةٌ يَسِيرَةٌ، وَيَلْبَسُ سَرَاوِيلَهُ وَيَرُشُّ فِيهِ الْمَاءَ أَوْ يَحْشُو بِقُطْنَةٍ إنْ كَانَ يُرِيبُهُ الشَّيْطَانُ وَيَقُولُ:«الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي جَعَلَ الْمَاءَ طَهُورًا وَالْإِسْلَامَ نُورًا، وَقَائِدًا وَدَلِيلًا إلَى اللَّهِ وَإِلَى جَنَّاتِ النَّعِيمِ اللَّهُمَّ حَصِّنْ فَرْجِي، وَطَهِّرْ قَلْبِي، وَمَحِّصْ ذُنُوبِي»

اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْغَزْنَوِيَّةِ وَالضِّيَاءِ

(قَوْلُهُ: نَامَ) أَيْ: فَعَرِقَ، وَقَوْلُهُ: أَوْ مَشَى: أَيْ: وَقَدَمُهُ مُبْتَلَّةٌ. (قَوْلُهُ: عَلَى نَجَاسَةٍ) أَيْ: يَابِسَةٍ لِمَا فِي مَتْنِ الْمُلْتَقَى لَوْ وَضَعَ ثَوْبًا رَطْبًا عَلَى مَا طِينَ بِطِينٍ نَجِسٍ جَافٍّ لَا يَنْجُسُ، قَالَ الشَّارِحُ: لِأَنَّ بِالْجَفَافِ تَنْجَذِبُ رُطُوبَةُ الثَّوْبِ مِنْ غَيْرِ عَكْسٍ بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الطِّينُ رَطْبًا. اهـ. (قَوْلُهُ: إنْ ظَهَرَ عَيْنُهَا) الْمُرَادُ بِالْعَيْنِ مَا يَشْمَلُ الْأَثَرَ؛ لِأَنَّهُ دَلِيلٌ عَلَى وُجُودِهَا لَوْ عَبَّرَ بِهِ كَمَا فِي نُورِ الْإِيضَاحِ لَكَانَ أَوْلَى. (قَوْلُهُ: تَنَجَّسَ) أَيْ: فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْقَدْرُ الْمَانِعُ كَمَا مَرَّ فِي مَحَلِّهِ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ وَقَعَتْ) أَيْ: النَّجَاسَةُ فِي نَهْرٍ: أَيْ: مَاءٍ جَارٍ، بِأَنْ بَالَ فِيهِ حِمَارٌ فَأَصَابَ الرَّشَاشُ ثَوْبَ إنْسَانٍ اُعْتُبِرَ الْأَثَرُ، بِخِلَافِ مَا إذَا بَالَ فِي مَاءٍ رَاكِدٍ فَإِنَّهُ إذَا أَصَابَهُ مِنْ الرَّشَاشِ أَكْثَرُ مِنْ الدِّرْهَمِ مَنَعَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، لَكِنْ ذَكَرَ فِيهَا أَنَّهُ لَوْ أُلْقِيَتْ عَذِرَةٌ فِي الْمَاءِ فَأَصَابَهُ مِنْهُ اُعْتُبِرَ الْأَثَرُ، فَأَطْلَقَ وَلَمْ يُفَصِّلْ بَيْنَ الْجَارِي وَغَيْرِهِ.

وَلَعَلَّ إطْلَاقَهُ مَحْمُولٌ عَلَى مَا ذَكَرَهُ فِي التَّفْصِيلِ، وَيُؤَيِّدُهُ أَنَّهُ الْمُتَبَادِرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْهِدَايَةِ فِي مُخْتَارَاتِ النَّوَازِلِ اللَّهُمَّ إلَّا أَنْ يُفَرَّقَ بَيْنَ الْبَوْلِ وَالْعَذِرَةِ بِأَنَّهُ إذَا أَصَابَ الْبَوْلُ الْمَاءَ الرَّاكِدَ يَتَرَجَّحُ الظَّنُّ بِأَنَّ الرَّشَاشَ مِنْ الْبَوْلِ لِصَدْمِهِ الْمَاءَ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ جَارِيًا فَإِنَّ كُلًّا مِنْهُمَا يَصْدِمُ الْآخَرَ، فَيُحْتَمَلُ أَنَّهُ مِنْ الْمَاءِ فَلِذَا اُعْتُبِرَ الْأَثَرُ. وَأَمَّا فِي الْعَذِرَةِ فَالرَّشَاشُ الْمُتَطَايِرُ إنَّمَا هُوَ مِنْ الْمَاءِ قَطْعًا سَوَاءٌ كَانَ رَاكِدًا أَوْ جَارِيًا، وَلَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مِنْ الْمَاءِ الَّذِي أَصَابَ الْعَذِرَةَ أَوْ مِنْ غَيْرِهِ تَطَايَرَ بِقُوَّةِ وَقْعِهَا فَيُعْتَبَرُ فِيهِ الْأَثَرُ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ الطَّهَارَةُ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي - وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ -.

هَذَا، وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْمُنْيَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ ابْنِ الْفَضْلِ التَّنْجِيسَ فِي الْجَارِي وَغَيْرِهِ، وَأَنَّ اخْتِيَارَ أَبِي اللَّيْثِ عَدَمُهُ. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: أَيْ: فِي الْجَارِي وَغَيْرِهِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّ الْيَقِينَ لَا يَزُولُ بِالشَّكِّ؛ وَلِأَنَّ الْغَالِبَ أَنَّ الرَّشَاشَ الْمُتَصَاعِدَ إنَّمَا هُوَ مِنْ أَجْزَاءِ الْمَاءِ لَا مِنْ أَجْزَاءِ الشَّيْءِ الصَّادِمِ، فَيُحْكَمُ بِالْغَالِبِ مَا لَمْ يَظْهَرْ خِلَافُهُ اهـ فَتَأَمَّلْ، فَإِنَّ كَوْنَ ذَلِكَ هُوَ الْغَالِبُ مَحَلُّ نَظَرٍ.

بَقِيَ شَيْءٌ، وَهُوَ أَنَّهُ هَلْ الْمُرَادُ بِالرَّاكِدِ الْقَلِيلُ أَوْ الْكَثِيرُ؟ لَمْ أَرَهُ صَرِيحًا. وَقَالَ ح: الظَّاهِرُ الْأَوَّلُ، وَإِلَّا لَمَا كَانَ مَعْنًى لِتَفْصِيلِ قَاضِي خَانْ. وَيُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ لِلْأَصَحِّ أَنَّ الْمَاءَ الْقَلِيلَ لَا يَتَنَجَّسُ فِي آنِ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ حَتَّى لَوْ أُخِذَ مَاءٌ مِنْ الْجَانِبِ الْآخَرِ عَقِبَ الْوُقُوعِ بِلَا فَاصِلٍ يَكُونُ طَاهِرًا؛ لِأَنَّهُمْ لَمْ يَحْكُمُوا بِسَرَيَانِ النَّجَاسَةِ إلَى الرَّشَاشِ لِعَدَمِ زَمَانٍ تَسْرِي فِيهِ مَعَ قُرْبِهِ مِنْ النَّجَاسَةِ، فَعَدَمُ نَجَاسَةِ الطَّرَفِ الْمُقَابِلِ لِطَرَفِ وُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِي آنِ الْوُقُوعِ أَوْلَى تَأَمَّلْ تَظْفَرْ. اهـ.

قُلْت: وَعَلَى مَا ذَكَرْنَاهُ مِنْ الْفَرْقِ يَظْهَرُ لِتَفْصِيلِ الْخَانِيَّةِ مَعْنًى، فَلَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ بِالرَّاكِدِ الْقَلِيلُ فَتَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: لُفَّ طَاهِرٌ إلَخْ) اعْلَمْ أَنَّهُ إذَا لُفَّ طَاهِرٌ جَافٌّ فِي نَجِسٍ مُبْتَلٍّ وَاكْتَسَبَ الطَّاهِرُ مِنْهُ اخْتَلَفَ فِيهِ الْمَشَايِخُ،

ص: 346

إنْ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ قَطَرَ تَنَجَّسَ وَإِلَّا لَا.

وَلَوْ لُفَّ فِي مُبْتَلٍّ بِنَحْوِ بَوْلٍ، إنْ ظَهَرَ نَدَاوَتُهُ أَوْ أَثَرُهُ تَنَجَّسَ وَإِلَّا لَا.

فَأْرَةٌ وُجِدَتْ فِي خَمْرٍ فَرُمِيَتْ فَتَخَلَّلَ، إنْ مُتَفَسِّخَةً تَنَجَّسَ وَإِلَّا لَا وَقَعَ خَمْرٌ فِي خَلٍّ، إنْ قَطْرَةً لَمْ يَحِلَّ إلَّا بَعْدَ سَاعَةٍ، وَإِنْ كُوزًا حَلَّ فِي الْحَالِ إنْ لَمْ يَظْهَرْ أَثَرُهُ.

ــ

[رد المحتار]

فَقِيلَ: يَتَنَجَّسُ الطَّاهِرُ. وَاخْتَارَ الْحَلْوَانِيُّ أَنَّهُ لَا يَتَنَجَّسُ إنْ كَانَ الطَّاهِرُ بِحَيْثُ لَا يَسِيلُ مِنْهُ شَيْءٌ وَلَا يَتَقَاطَرُ لَوْ عُصِرَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي عَامَّةِ كُتُبِ الْمَذْهَبِ مُتُونًا وَشُرُوحًا، وَفَتَاوَى فِي بَعْضِهَا بِلَا ذِكْرِ خِلَافٍ، وَفِي بَعْضِهَا بِلَفْظِ الْأَصَحِّ، وَقَيَّدَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِمَا إذَا كَانَ النَّجِسُ مَبْلُولًا بِالْمَاءِ لَا بِنَحْوِ الْبَوْلِ، وَبِمَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ فِي الثَّوْبِ الطَّاهِرِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ، وَقَيَّدَهُ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَنْبُعْ مِنْ الطَّاهِرِ شَيْءٌ عِنْدَ عَصْرِهِ لِيَكُونَ مَا اكْتَسَبَهُ مُجَرَّدَ نَدْوَةٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَحْصُلُ بِلَيِّ الثَّوْبِ وَعَصْرِهِ نَبْعُ رُءُوسٍ صِغَارٍ لَيْسَ لَهَا قُوَّةُ السَّيَلَانِ ثُمَّ تَرْجِعُ إذَا حُلَّ الثَّوْبُ، وَيَبْعُدُ فِي مِثْلِهِ الْحُكْمُ بِالطَّهَارَةِ مَعَ وُجُودِ الْمُخَالَطَةِ حَقِيقَةً. قَالَ فِي الْبُرْهَانِ بَعْدَ نَقْلِهِ مَا فِي الْفَتْحِ: وَلَا يَخْفَى مِنْهُ أَنَّهُ لَا يُتَيَقَّنُ بِأَنَّهُ مُجَرَّدُ نَدْوَةٍ إلَّا إذَا كَانَ النَّجِسُ الرَّطْبَ هُوَ الَّذِي لَا يَتَقَاطَرُ بِعَصْرِهِ إذْ يُمْكِنُ أَنْ يُصِيبَ الثَّوْبَ الْجَافَّ قَدْرٌ كَثِيرٌ مِنْ النَّجَاسَةِ وَلَا يَنْبُعُ مِنْهُ شَيْءٌ بِعَصْرِهِ كَمَا هُوَ مُشَاهَدٌ عِنْدَ الْبِدَايَةِ بِغَسْلِهِ. فَيَتَعَيَّنُ أَنْ يُفْتَى بِخِلَافِ مَا صَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ اهـ وَأَقَرَّهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ. وَوَجْهُهُ ظَاهِرٌ.

وَالْحَاصِلُ أَنَّهُ عَلَى مَا صَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ: الْعِبْرَةُ لِلطَّاهِرِ الْمُكْتَسَبِ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ انْعَصَرَ قَطَرَ تَنَجَّسَ وَإِلَّا لَا، سَوَاءٌ كَانَ النَّجِسُ الْمُبْتَلُّ يَقْطُرُ بِالْعَصْرِ أَوْ لَا. وَعَلَى مَا فِي الْبُرْهَانِ الْعِبْرَةُ لِلنَّجِسِ الْمُبْتَلِّ إنْ كَانَ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ قَطَرَ تَنَجَّسَ الطَّاهِرُ سَوَاءٌ كَانَ الطَّاهِرُ بِهَذِهِ الْحَالَةِ أَوْ لَا، وَإِنْ كَانَ بِحَيْثُ لَمْ يَقْطُرْ لَمْ يَتَنَجَّسْ الطَّاهِرُ وَهَذَا هُوَ الْمَفْهُومُ مِنْ كَلَامِ الزَّيْلَعِيِّ فِي مَسَائِلَ شَتَّى آخِرَ الْكِتَابِ، مَعَ أَنَّ الْمُتَبَادَرَ مِنْ عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ هُنَاكَ كَالْكَنْزِ وَغَيْرِهِ خِلَافُهُ، بَلْ كَلَامُ الْخُلَاصَةِ وَالْخَانِيَّةِ وَالْبَزَّازِيَّةِ وَغَيْرِهَا صَرِيحٌ بِخِلَافِهِ وَسَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ هُنَاكَ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى -. (قَوْلُهُ: إنْ بِحَيْثُ لَوْ عُصِرَ إلَخْ) الْمُتَبَادِرُ مِنْهُ عَوْدُ الضَّمَائِرِ الثَّلَاثِ إلَى الطَّاهِرِ، فَيُوَافِقُ مَا صَحَّحَهُ الْحَلْوَانِيُّ، وَيُحْتَمَلُ عَوْدُ الضَّمِيرِ فِي عُصِرَ وَقَطَرَ إلَى النَّجِسِ، وَالضَّمِيرِ فِي تَنَجَّسَ إلَى الطَّاهِرِ فَيُوَافِقُ مَا فِي الْبُرْهَانِ وَالشُّرُنْبُلاليُّ ةِ وَالزَّيْلَعِيِّ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَلَوْ لُفَّ إلَخْ) مُحْتَرَزُ قَوْلِهِ مُبْتَلٍّ بِمَاءٍ، وَهَذَا مَأْخُوذٌ مِنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَقَالَ: لِأَنَّ النَّدَاوَةَ حِينَئِذٍ عَيْنُ النَّجَاسَةِ وَإِنْ لَمْ يَقْطُرْ بِالْعَصْرِ.

أَقُولُ: أَنْتَ خَبِيرٌ بِأَنَّ الْمَاءَ الْمُجَاوِرَ لِلنَّجَاسَةِ حُكْمُهُ حُكْمُهَا مِنْ تَغْلِيظٍ أَوْ تَخْفِيفٍ، فَلَا يَظْهَرُ الْفَرْقُ بَيْنَ الْمُبْتَلِّ بِبَوْلٍ أَوْ بِمَاءٍ أَصَابَهُ بَوْلٌ تَأَمَّلْ

(قَوْلُهُ: إنْ مُتَفَسِّخَةً تَنَجَّسَ) لِأَنَّهُ يَنْفَصِلُ مِنْهَا أَجْزَاءٌ بِسَبَبِ الِانْتِفَاخِ، وَانْقِلَابُ الْخَمْرِ خَلًّا لَا يُوجِبُ انْقِلَابَ الْأَجْزَاءِ النَّجِسَةِ طَاهِرَةً اهـ ح. قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: وَكَذَا الْكَلْبُ إذَا وَقَعَ فِي عَصِيرٍ ثُمَّ تَخَمَّرَ ثُمَّ تَخَلَّلَ لَا يَحِلُّ أَكْلُهُ؛ لِأَنَّ لُعَابَ الْكَلْبِ أَقَامَ فِيهِ وَأَنَّهُ لَا يَصِيرُ خَلًّا. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا لَا) أَيْ: لَا يَتَنَجَّسُ الْخَلُّ لِعَدَمِ بَقَاءِ شَيْءٍ بَعْدَ التَّخَلُّلِ، وَالْفَأْرَةُ وَإِنْ كَانَتْ نَجِسَةً قَبْلَ التَّخَلُّلِ مِثْلُ الْخَمْرِ، لَكِنَّ النَّجِسَ لَا يُؤَثِّرُ فِي مِثْلِهِ.

فَإِذَا أُلْقِيَتْ ثُمَّ تَخَلَّلَ الْخَمْرُ طَهُرَ بِانْقِلَابِ الْعَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا وَقَعَتْ فِي بِئْرٍ فَإِنَّهَا تُنَجِّسُهُ لِمُلَاقَاتِهَا الْمَاءَ الطَّاهِرَ فَتُؤَثِّرُ فِيهِ وَيَجِبُ النَّزْحُ وَإِنْ لَمْ تَتَفَسَّخْ. وَلَا يَرُدُّ مَا إذَا تَفَسَّخَتْ فِي الْخَمْرِ، لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ ذَلِكَ الْأَثَرَ بَعْدَ التَّخَلُّلِ لَا يَنْقَلِبُ خَلًّا فَيُؤَثِّرُ فِي طَهَارَةِ الْخَلِّ فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: وَقَعَ خَمْرٌ فِي خَلٍّ إلَخْ) وَجْهُهُ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ فِي الْكُوزِ لَمَّا زَالَتْ الرَّائِحَةُ عُرِفَ التَّغَيُّرُ

ص: 347

فَأْرَةٌ وُجِدَتْ فِي قُمْقُمَةٍ وَلَمْ يُدْرَ هَلْ مَاتَتْ فِيهَا أَوْ فِي جَرَّةٍ أَوْ فِي بِئْرٍ يُحْمَلُ عَلَى الْقُمْقُمَةِ. ثَلَاثُ قِرَبٍ مِنْ سَمْنٍ وَعَسَلٍ وَدِبْسٍ أُخِذَ مِنْ كُلٍّ حِصَّةٌ وَخُلِطَ فَوُجِدَ فِيهِ فَأْرَةٌ نَضَعُهَا فِي الشَّمْسِ، فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا الدُّهْنُ فَسَمْنٌ، وَإِلَّا فَإِنْ بَقِيَ بِحَالِ الْجَمَدِ فَالْعَسَلُ أَوْ مُتَلَطِّخًا فَالدِّبْسُ. يُعْمَلُ بِخَبَرِ الْحُرْمَةِ فِي الذَّبِيحَةِ، وَبِخَبَرِ الْحِلِّ فِي مَاءٍ وَطَعَامٍ. يُتَحَرَّى فِي ثِيَابٍ أَقَلُّهَا طَاهِرٌ وَفِي أَوَانٍ أَكْثَرُهَا طَاهِرٌ لَا أَقَلُّهَا، بَلْ يُحْكَمُ بِالْأَغْلَبِ إلَّا لِضَرُورَةِ شُرْبٍ. يَحْرُمُ أَكْلُ لَحْمٍ أَنْتَنَ لَا نَحْوُ سَمْنٍ وَلَبَنٍ.

ــ

[رد المحتار]

وَعُرِفَ أَنَّهُ صَارَ خَلًّا. وَأَمَّا فِي الْقَطْرَةِ فَإِنَّهَا لَا رَائِحَةَ لَهَا فَلَا يُعْرَفُ التَّغَيُّرُ. وَيُحْتَمَلُ أَنَّهَا بَاقِيَةٌ فِي الْحَالِ فَلَا يُحْكَمُ بِحِلِّهِ. قَالَ الْقَاضِي الْإِمَامُ يُحَكِّمُ ظَنَّهُ إنْ كَانَ غَالِبُ ظَنِّهِ أَنَّهُ صَارَ خَلًّا طَهُرَ وَإِلَّا فَلَا اهـ

(قَوْلُهُ: فَأْرَةٌ وُجِدَتْ إلَخْ) صُورَتُهُ مَلَأَ جَرَّةً مِنْ بِئْرٍ ثُمَّ مَلَأَ قُمْقُمَةً مِنْ تِلْكَ الْجَرَّةِ ثُمَّ وُجِدَتْ فِي الْقُمْقُمَةِ فَأْرَةٌ، وَفِي نِهَايَةِ الْحَدِيثِ الْقُمْقُمَةُ مَا يُسَخَّنُ فِيهِ الْمَاءُ مِنْ نُحَاسٍ وَغَيْرِهِ وَيَكُونُ ضَيِّقَ الرَّأْسِ. اهـ. (قَوْلُهُ: يُحْمَلُ عَلَى الْقُمْقُمَةِ) هَذَا مِنْ بَابِ الْحَوَادِثِ تُضَافُ إلَى أَقْرَبِ الْأَوْقَاتِ. اهـ. ح. وَفِي الْفَتْحِ: أَخَذَ مِنْ حُبٍّ ثُمَّ مِنْ حُبٍّ آخَرَ مَاءً وَجَعَلَ فِي إنَاءٍ ثُمَّ وَجَدَ فِي الْإِنَاءِ فَأْرَةً، فَإِنْ غَابَ سَاعَةً فَالنَّجَاسَةُ لِلْإِنَاءِ، وَإِلَّا فَإِنْ تَحَرَّى وَوَقَعَ تَحَرِّيهِ عَلَى أَحَدِ الْحُبَّيْنِ عَمِلَ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَقَعْ عَلَى شَيْءٍ فَلِلْحُبِّ الْأَخِيرِ، وَهَذَا إذَا كَانَا لِوَاحِدٍ، فَلَوْ لِاثْنَيْنِ كُلٌّ مِنْهُمَا يَقُولُ مَا كَانَتْ فِي حُبِّي فَكِلَاهُمَا طَاهِرٌ.

(قَوْلُهُ: فَإِنْ خَرَجَ مِنْهَا الدُّهْنُ) أَيْ: مِنْ جَوْفِهَا، أَوْ الْمُرَادُ مِمَّا يُلَاقِي جِلْدَهَا. (قَوْلُهُ: فَقِرْبَتُهُ) أَيْ: هِيَ النَّجِسَةُ، وَكَذَا يُقَدَّرُ فِيمَا بَعْدَهُ. (قَوْلُهُ: وَإِلَّا) أَيْ: وَإِنْ لَمْ يَخْرُجْ مِنْهَا الدُّهْنُ، فَإِنْ بَقِيَ مَا عَلَيْهَا بِحَالِ الْجَمَدِ بِفَتْحِ الْجِيمِ وَالْمِيمِ أَيْ: جَامِدًا فَهُوَ دَلِيلُ أَنَّهُ عَسَلٌ؛ لِأَنَّ الْعَسَلَ إذَا أَصَابَتْهُ الشَّمْسُ تَلَاحَمَتْ أَجْزَاؤُهُ وَتَمَاسَكَ بَعْضُهَا بِبَعْضٍ، بِخِلَافِ الدِّبْسِ فَإِنَّهُ يَنْقَطِعُ بَعْضُهُ عَنْ بَعْضٍ بِحَرَارَةِ الشَّمْسِ أَفَادَهُ ح. بَقِيَ مَا إذَا لَمْ يَظْهَرْ الْحَالُ بِذَلِكَ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُفَصَّلَ فِيهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ آنِفًا عَنْ الْفَتْحِ. .

(قَوْلُهُ: يُعْمَلُ بِخَبَرِ الْحُرْمَةِ إلَخْ) أَيْ: إذَا أَخْبَرَهُ عَدْلٌ بِأَنَّ هَذَا اللَّحْمَ ذَبِيحَةُ مَجُوسِيٍّ أَوْ مَيْتَةٌ وَعَدْلٌ آخَرُ أَنَّهُ ذَبِيحَةُ مُسْلِمٍ لَا يَحِلُّ؛ لِأَنَّهُ لَمَّا تَهَاتَرَ الْخَبَرَانِ بَقِيَ عَلَى الْحُرْمَةِ الْأَصْلِيَّةِ لَا يَحِلُّ إلَّا بِالذَّكَاةِ، وَلَوْ أَخْبَرَا عَنْ مَاءٍ وَتَهَاتَرَا بَقِيَ عَلَى الطَّهَارَةِ الْأَصْلِيَّةِ. اهـ. إمْدَادٌ. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بَعْدَ التَّهَاتُرِ فِي الصُّورَتَيْنِ لَا يُعْتَبَرُ التَّحَرِّي، وَسَنَذْكُرُ مَا يُخَالِفُهُ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ قَبْلَ فَصْلِ اللُّبْسِ عَنْ شُرَّاحِ الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهِمْ، فَرَاجِعْهُ هُنَاكَ. (قَوْلُهُ: أَقَلُّهَا طَاهِرٌ) كَمَا لَوْ اخْتَلَطَ ثَوْبٌ طَاهِرٌ مَعَ ثَوْبَيْنِ نَجِسَيْنِ وَكَذَا بِالْعَكْسِ بِالْأَوْلَى. (قَوْلُهُ: لَا أَقَلُّهَا) مِثْلُهُ التَّسَاوِي فَإِنَّهُ لَا يُتَحَرَّى فِيهِ أَيْضًا كَمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ، وَذَكَرَ هُنَاكَ أَنَّ اخْتِلَاطَ الذَّبِيحَةِ الذَّكِيَّةِ وَالْمَيْتَةِ كَحُكْمِ الْأَوَانِي.

ثُمَّ الْفَرْقُ بَيْنَ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي كَمَا فِي الْإِمْدَادِ أَنَّ الثَّوْبَ لَا خَلَفَ لَهُ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ، بِخِلَافِ الْمَاءِ فِي الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ فَإِنَّهُ يَخْلُفُهُ التَّيَمُّمُ. وَأَمَّا فِي حَقِّ الشُّرْبِ فَيُتَحَرَّى مُطْلَقًا؛ لِأَنَّهُ لَا خَلَفَ لَهُ، وَلِهَذَا قَالَ إلَّا لِضَرُورَةِ شُرْبٍ.

ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ مَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ هُنَا فِي مَسْأَلَتَيْ الثِّيَابِ وَالْأَوَانِي مُوَافِقٌ لِمَا فِي نُورِ الْإِيضَاحِ وَمَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ، وَيُخَالِفُهُ مَا فِي الذَّخِيرَةِ وَغَيْرِهَا مِمَّا حَاصِلُهُ أَنَّهُ إنْ غَلَبَ الطَّاهِرُ فِي الْأَوَانِي أَوْ الثِّيَابِ أَوْ الذَّبَائِحِ تَحَرَّى فِي حَالَتَيْ الِاخْتِيَارِ وَالِاضْطِرَارِ اعْتِبَارًا لِلْغَالِبِ، وَإِلَّا فَفِي الِاخْتِيَارِ لَا يَتَحَرَّى فِي الْكُلِّ، وَفِي الِاضْطِرَارِ يَتَحَرَّى فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْأَوَانِي لِغَيْرِ الْوُضُوءِ وَالْغُسْلِ وَسَيَأْتِي بَسْطُهُ فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - وَهَذَا بِخِلَافِ مَا إذَا طَلَّقَ مِنْ نِسَائِهِ امْرَأَةً أَوْ أَعْتَقَ مِنْ إمَائِهِ أَمَةً فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَحَرَّى لِوَطْءٍ وَلَا بَيْعٍ وَإِنْ كَانَتْ الْغِيبَةُ لِلْحَلَالِ، وَتَمَامُهُ فِي الْوَلْوَالِجيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ كِتَابِ التَّحَرِّي فَرَاجِعْهُ. (قَوْلُهُ: يَحْرُمُ أَكْلُ لَحْمٍ أَنْتَنَ) عَزَاهُ فِي التَّتَارْخَانِيَّة إلَى مُشْكِلِ الْآثَارِ لِلطَّحَاوِيِّ.

ص: 348

شَعِيرٌ فِي بَعْرٍ أَوْ رَوْثٍ صُلْبٌ يُؤْكَلُ بَعْدَ غَسْلِهِ، وَفِي خِثْيٍ لَا. مَرَارَةُ كُلِّ حَيَوَانٍ كَبَوْلِهِ وَجِرَّتُهُ كَزِبْلِهِ. حُكْمُ الْعَصِيرِ حُكْمُ الْمَاءِ. رُطُوبَةُ الْفَرْجِ طَاهِرَةٌ خِلَافًا لَهُمَا الْعِبْرَةُ لِلطَّاهِرِ مِنْ تُرَابٍ أَوْ مَاءٍ اخْتَلَطَا بِهِ يُفْتَى.

ــ

[رد المحتار]

قَالَ ح: أَيْ: لِأَنَّهُ يَضُرُّ لَا لِأَنَّهُ نَجِسٌ. وَأَمَّا نَحْوُ اللَّبَنِ الْمُنْتِنِ فَلَا يَضُرُّ ذَكَرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِ كَرَاهِيَةِ الْوَهْبَانِيَّةِ. اهـ.

قُلْت: وَنَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ صَلَاةِ الْجَلَّابِي أَنَّهُ إذَا اشْتَدَّ تَغَيُّرُهُ تَنَجَّسَ، ثُمَّ نَقَلَ التَّوْفِيقَ بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا إذَا لَمْ يَشْتَدَّ، وَمِثْلُهُ فِي الْقُنْيَةِ، لَكِنْ فِي الْحَمَوِيِّ عَنْ النِّهَايَةِ أَنَّ الِاسْتِحَالَةَ إلَى فَسَادٍ لَا تُوجِبُ النَّجَاسَةَ لَا مَحَالَةَ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة: دُودُ لَحْمٍ وَقَعَ فِي مَرَقَةٍ لَا يُنَجِّسُ وَلَا تُؤْكَلُ الْمَرَقَةُ إنْ تَفَسَّخَ الدُّودُ فِيهَا اهـ أَيْ: لِأَنَّهُ مَيْتَةٌ وَإِنْ كَانَ طَاهِرًا. قُلْت: وَبِهِ يُعْلَمُ حُكْمُ الدُّودِ فِي الْفَوَاكِهِ وَالثِّمَارِ. (قَوْلُهُ: شَعِيرٌ إلَخْ) فِي التَّتَارْخَانِيَّة: إذَا وُجِدَ الشَّعِيرُ فِي بَعْرِ الْإِبِلِ وَالْغَنَمِ يُغْسَلُ وَيُجَفَّفُ ثَلَاثًا وَيُؤْكَلُ وَفِي أَخْثَاءِ الْبَقَرِ لَا يُؤْكَلُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: لِأَنَّهُ لَا صَلَابَةَ فِيهِ. .

ثُمَّ نَقَلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْكُبْرَى أَنَّ الصَّحِيحَ التَّفْصِيلُ بِالِانْتِفَاخِ وَعَدَمِهِ، وَيَسْتَوِي فِيهِ الْبَعْرُ وَالْخِثْيُ اهـ أَيْ: إنْ انْتَفَخَ لَا يُؤْكَلُ فِيهِمَا وَإِلَّا أُكِلَ فِيهِمَا، وَبَحَثَ نَحْوَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَبِمَا ذَكَرْنَا عُلِمَ أَنَّ قَوْلَهُ صُلْبٌ مَرْفُوعٌ صِفَةٌ ثَانِيَةٌ لِ " شَعِيرٌ " فَافْهَمْ. (قَوْلُهُ: مَرَارَةُ كُلِّ حَيَوَانٍ كَبَوْلِهِ) أَيْ: فَإِنْ كَانَ بَوْلُهُ نَجِسًا مُغَلَّظًا أَوْ مُخَفَّفًا فَهِيَ كَذَلِكَ خِلَافًا وَوِفَاقًا. وَمِنْ فُرُوعِهِ مَا ذَكَرُوا: لَوْ أَدْخَلَ فِي إصْبَعِهِ مَرَارَةَ مَأْكُولِ اللَّحْمِ يُكْرَهُ عِنْدَهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُبِيحُ التَّدَاوِي بِبَوْلِهِ، لَا عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ؛ لِأَنَّهُ يُبِيحُهُ. وَفِي الذَّخِيرَةِ وَالْخَانِيَّةِ أَنَّ الْفَقِيهَ أَبَا اللَّيْثِ أَخَذَ بِالثَّانِي لِلْحَاجَةِ.

وَفِي الْخُلَاصَةِ وَعَلَيْهِ الْفَتْوَى. قُلْت: وَقِيَاسُ قَوْلِ مُحَمَّدٍ لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا لِطَهَارَةِ بَوْلِهِ عِنْدَهُ. اهـ. حِلْيَةٌ. (قَوْلُهُ: وَجِرَّتُهُ كَزِبْلِهِ) أَيْ: كَسِرْقِينِهِ، وَهِيَ بِكَسْرِ الْجِيمِ. وَقَدْ تُفْتَحُ: مَا يَجُرُّهُ أَيْ: يُخْرِجُهُ الْبَعِيرُ مِنْ جَوْفِهِ إلَى فَمِهِ فَيَأْكُلُهُ ثَانِيًا كَمَا فِي الْمُغْرِبِ وَالْقَامُوسِ، وَعَلَّلَهُ فِي التَّجْنِيسِ بِأَنَّهُ وَارَاهُ جَوْفُهُ، أَلَا تَرَى إلَى مَا يُوَارِي جَوْفَ الْإِنْسَانِ بِأَنْ كَانَ مَاءً ثُمَّ قَاءَهُ فَحُكْمُهُ حُكْمُ بَوْلِهِ اهـ وَهُوَ يَقْتَضِي أَنَّهُ كَذَلِكَ وَإِنْ قَاءَ مِنْ سَاعَتِهِ؛ لَكِنْ قَالَ بَعْدَهُ فِي الصَّبِيِّ: ارْتَضَعَ ثُمَّ قَاءَ فَأَصَابَ ثِيَابَ الْأُمِّ، إنْ زَادَ عَلَى الدِّرْهَمِ مَنَعَ.

وَرَوَى الْحَسَنُ عَنْ أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ لَا يَمْنَعُ مَا لَمْ يَفْحُشْ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَتَغَيَّرْ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ فَكَأَنَّ نَجَاسَتَهُ دُونَ نَجَاسَةِ الْبَوْلِ؛ لِأَنَّهَا مُتَغَيِّرَةٌ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ كَذَا فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ. وَظَاهِرُهُ الْمَيْلُ إلَى إعْطَاءِ الْجَرَّةِ حُكْمَ هَذَا الْقَيْءِ أَخْذًا مِنْ التَّعْلِيلِ. (قَوْلُهُ: حُكْمُ الْعَصِيرِ حُكْمُ الْمَاءِ) أَيْ: فِي أَنَّهُ تُزَالُ بِهِ النَّجَاسَةُ الْحَقِيقِيَّةُ وَأَنَّهُ إذَا كَانَ عَشْرًا فِي عَشْرٍ لَا يَنْجُسُ بِوُقُوعِ النَّجَاسَةِ فِيهِ كَمَا فِي الْمَاءِ اهـ ح، فِي أَنَّهُ لَوْ عُصِرَ الْعِنَبُ وَهُوَ يَسِيلُ فَأَدْمَى رِجْلَهُ وَلَمْ يَظْهَرْ أَثَرُ الدَّمِ لَا يَنْجُسُ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَأَبِي يُوسُفَ كَمَا فِي الْمُنْيَةِ عَنْ الْمُحِيطِ.

(قَوْلُهُ: رُطُوبَةُ الْفَرْجِ طَاهِرَةٌ) وَلِذَا نُقِلَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة أَنَّ رُطُوبَةَ الْوَلَدِ عِنْدَ الْوِلَادَةِ طَاهِرَةٌ، وَكَذَا السَّخْلَةُ إذَا خَرَجَتْ مِنْ أُمِّهَا، وَكَذَا الْبَيْضَةُ فَلَا يَتَنَجَّسُ بِهَا الثَّوْبُ وَلَا الْمَاءُ إذَا وَقَعَتْ فِيهِ، لَكِنْ يُكْرَهُ التَّوَضُّؤُ بِهِ لِلِاخْتِلَافِ، وَكَذَا الْإِنْفَحَةُ هُوَ الْمُخْتَارُ. وَعِنْدَهُمَا يَتَنَجَّسُ، وَهُوَ الِاحْتِيَاطُ. اهـ. قُلْت: وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ مَعَهُ دَمٌ وَلَمْ يُخَالِطْ رُطُوبَةَ الْفَرْجِ مَذْيٌ أَوْ مَنِيٌّ مِنْ الرَّجُلِ أَوْ الْمَرْأَةِ. (قَوْلُهُ: الْعِبْرَةُ لِلطَّاهِرِ إلَخْ) هَذَا مَا عَلَيْهِ الْأَكْثَرُ فَتْحٌ، وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدٍ وَالْفَتْوَى عَلَيْهِ بَزَّازِيَّةٌ؛ وَقِيلَ: الْعِبْرَةُ لِلْمَاءِ إنْ كَانَ نَجِسًا فَالطِّينُ نَجِسٌ وَإِلَّا فَطَاهِرٌ؛ وَقِيلَ: الْعِبْرَةُ لِلتُّرَابِ، وَقِيلَ: لِلْغَالِبِ، وَقِيلَ: أَيُّهُمَا كَانَ نَجِسًا فَالطِّينُ نَجِسٌ؛ وَاخْتَارَهُ أَبُو اللَّيْثِ وَصَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَغَيْرِهَا وَقَوَّاهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ وَحَكَمَ بِفَسَادِ بَقِيَّةِ الْأَقْوَالِ تَأَمَّلْ.

وَصَحَّحَهُ فِي الْمُحِيطِ أَيْضًا وَعَلَّلَهُ بِأَنَّ النَّجَاسَةَ لَا تَزُولُ عَنْ أَحَدِهِمَا بِالِاخْتِلَاطِ، بِخِلَافِ السِّرْقِينِ إذَا جُعِلَ

ص: 349

مَشَى فِي حَمَّامٍ وَنَحْوِهِ لَا يَنْجُسُ مَا لَمْ يَعْلَمْ أَنَّهُ غُسَالَةُ نَجِسٍ.

لَا يَنْبَغِي أَخْذُ الْمَاءِ مِنْ الْأُنْبُوبَةِ؛ لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْمَاءَ رَاكِدًا.

التَّبْكِيرُ إلَى الْحَمَّامِ لَيْسَ مِنْ الْمُرُوءَةِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ مَقْلُوبِ الْكِنَايَةِ.

ثِيَابُ الْفَسَقَةِ وَأَهْلِ الذِّمَّةِ طَاهِرَةٌ.

دِيبَاجُ أَهْلِ فَارِسَ نَجِسٌ، لِجَعْلِهِمْ فِي الْبَوْلِ لِبَرِيقِهِ.

رَأَى فِي ثَوْبِ غَيْرِهِ نَجَسًا مَانِعًا، إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَهُ أَزَالَهَا وَجَبَ وَإِلَّا لَا، فَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى هَذَا.

حَمْلُ السَّجَّادَةِ فِي زَمَانِنَا أَوْلَى احْتِيَاطًا، لِمَا وَرَدَ «أَوَّلُ مَا يُسْأَلُ عَنْهُ فِي الْقَبْرِ الطَّهَارَةُ وَفِي الْمَوْقِفِ الصَّلَاةُ» .

ــ

[رد المحتار]

فِي الطِّينِ لِلتَّطْيِينِ لَا يُنَجِّسُ؛ لِأَنَّ فِيهِ ضَرُورَةً إلَى إسْقَاطِ نَجَاسَتِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَتَهَيَّأُ إلَّا بِهِ حِلْيَةٌ. (قَوْلُهُ: مَشَى فِي حَمَّامٍ وَنَحْوِهِ) أَيْ: كَمَا لَوْ مَشَى عَلَى أَلْوَاحٍ مُشْرَعَةٍ بَعْدَ مَشْيِ مَنْ بِرِجْلِهِ قَذَرٌ لَا يُحْكَمُ بِنَجَاسَةِ رِجْلِهِ مَا لَمْ يُعْلَمْ أَنَّهُ وَضَعَ رِجْلَهُ عَلَى مَوْضِعِهِ لِلضَّرُورَةِ فَتْحٌ. وَفِيهِ عَنْ التَّنْجِيسِ: مَشَى فِي طِينٍ أَوْ أَصَابَهُ وَلَمْ يَغْسِلْهُ وَصَلَّى تَجْزِيهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ أَثَرُ النَّجَاسَةِ؛ لِأَنَّهُ الْمَانِعُ إلَّا أَنْ يَحْتَاطَ، وَأَمَّا فِي الْحُكْمِ فَلَا يَجِبُ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ يُصَيِّرُ الْمَاءَ رَاكِدًا) أَيْ: لِأَنَّهُ بِأَخْذِهِ لَهُ مِنْ الْأُنْبُوبَةِ يَمْنَعُ نُزُولَهُ إلَى الْحَوْضِ فَيَصِيرُ رَاكِدًا وَرُبَّمَا كَانَ عَلَى يَدِهِ نَجَاسَةٌ أَوْ عَلَى يَدِ غَيْرِهِ فَأَدْخَلَهَا فِي الْحَوْضِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ فَيَتَنَجَّسُ فَيَنْبَغِي إذَا أَرَادَ الْأَخْذَ أَنْ يَأْخُذَ مِنْ الْحَوْضِ؛ لِأَنَّ الْمَاءَ إذَا كَانَ نَازِلًا وَالْعُرْفُ مُتَدَارَكٌ فَهُوَ فِي حُكْمِ الْجَارِي. (قَوْلُهُ: التَّبْكِيرُ إلَى الْحَمَّامِ) أَيْ: الدُّخُولُ إلَيْهِ أَوَّلَ الْغَدَاةِ بِلَا ضَرُورَةٍ. (قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ إظْهَارَ مَقْلُوبِ الْكِنَايَةِ) أَرَادَ بِهِ النَّيْكَ أَيْ: الْجِمَاعَ، وَلَمْ يَقُلْ مَقْلُوبَ الْكَيْنِ مَعَ أَنَّهُ قَلْبٌ حَقِيقِيٌّ لِزِيَادَةِ التَّبَاعُدِ عَنْ التَّصْرِيحِ بِهِ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُطْلَبُ كِتْمَانُهُ، وَلِذَا كَانَ مِنْ أَسْمَائِهِ السِّرُّ كَمَا فِي الْقَامُوسِ. وَعِبَارَةُ الْفَيْضِ إذْ فِيهِ إبْدَاءُ مَا يَجِبُ إخْفَاؤُهُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُحَبُّ بِالْحَاءِ، وَلِذَا قَالَ الْعَلَّامَةُ الرَّمْلِيُّ: وَأَمَّا مَا نَهَى عَنْهُ صلى الله عليه وسلم فَهُوَ السِّبَاعُ أَيْ: عَلَى وَزْنِ كِتَابٍ: وَهُوَ الْمُفَاخَرَةُ بِالْجِمَاعِ وَإِفْشَاءُ الرَّجُلِ مَا يَجْرِي بَيْنَهُ وَبَيْنَ زَوْجَتِهِ فَذَاكَ لَيْسَ مِنْ هَذَا الْقَبِيلِ بَلْ النَّهْيُ يَقْتَضِي التَّحْرِيمَ. اهـ.

(قَوْلُهُ: ثِيَابُ الْفَسَقَةِ إلَخْ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَقَالَ بَعْضُ الْمَشَايِخِ: تُكْرَهُ الصَّلَاةُ فِي ثِيَابِ الْفَسَقَةِ؛ لِأَنَّهُمْ لَا يَتَّقُونَ الْخُمُورَ. قَالَ الْمُصَنِّفُ " يَعْنِي صَاحِبَ الْهِدَايَةِ ": الْأَصَحُّ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُكْرَهْ مِنْ ثِيَابِ أَهْلِ الذِّمَّةِ إلَّا السَّرَاوِيلُ مَعَ اسْتِحْلَالِهِمْ الْخَمْرَ، فَهَذَا أَوْلَى. اهـ. (قَوْلُهُ: لِجَعْلِهِمْ فِيهِ الْبَوْلَ) إنْ كَانَ كَذَلِكَ لَا شَكَّ أَنَّهُ نَجِسٌ تَتَارْخَانِيَّةٌ. (قَوْلُهُ: إنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ) عِبَارَةُ الْخَانِيَّةِ إنْ كَانَ فِي قَلْبِهِ. مَطْلَبٌ فِي الْأَمْرِ بِالْمَعْرُوفِ (قَوْلُهُ: فَالْأَمْرُ بِالْمَعْرُوفِ عَلَى هَذَا) كَذَا فِي الْخَانِيَّةِ، وَفِي فُصُولِ الْعَلَّامِيِّ وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَتَّعِظُ وَلَا يَنْزَجِرُ بِالْقَوْلِ وَلَا بِالْفِعْلِ وَلَوْ بِإِعْلَامِ سُلْطَانٍ أَوْ زَوْجٍ أَوْ وَالِدٍ لَهُ قُدْرَةٌ عَلَى الْمَنْعِ لَا يَلْزَمُهُ وَلَا يَأْثَمُ بِتَرْكِهِ، لَكِنَّ الْأَمْرَ وَالنَّهْيَ أَفْضَلُ، وَإِنْ غَلَبَ عَلَى ظَنِّهِ أَنَّهُ يُضَرُّ بِهِ أَوْ يَقْتُلُهُ؛ لِأَنَّهُ يَكُونُ شَهِيدًا.

قَالَ تَعَالَى {أَقِمِ الصَّلاةَ وَأْمُرْ بِالْمَعْرُوفِ وَانْهَ عَنِ الْمُنْكَرِ وَاصْبِرْ عَلَى مَا أَصَابَكَ} [لقمان: 17] أَيْ: مِنْ ذُلٍّ أَوْ هَوَانٍ إذَا أَمَرْت {إِنَّ ذَلِكَ مِنْ عَزْمِ الأُمُورِ} [لقمان: 17] أَيْ: مِنْ حَقِّ الْأُمُورِ، وَيُقَالُ مِنْ وَاجِبِ الْأُمُورِ اهـ وَتَمَامُهُ فِيهِ. مَطْلَبٌ فِي أَوَّلِ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ (قَوْلُهُ: لِمَا وَرَدَ إلَخْ) أَيْ: فِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «اتَّقُوا الْبَوْلَ فَإِنَّهُ أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ فِي الْقَبْرِ» رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ بِإِسْنَادٍ حَسَنٍ وَفِي قَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «أَوَّلُ مَا يُحَاسَبُ بِهِ الْعَبْدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ مِنْ عَمَلِهِ صَلَاتُهُ»

ص: 350