الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَيَسْكُتُ قَائِمًا قَدْرَ ثَلَاثِ آيَاتٍ قِصَارٍ، وَيُكْرَهُ الْوَصْلُ إجْمَاعًا:
[فَائِدَةٌ] التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْأَذَانِ
حَدَثَ فِي رَبِيعٍ الْآخَرِ سَنَةَ سَبْعِمِائَةٍ وَإِحْدَى وَثَمَانِينَ فِي عِشَاءِ لَيْلَةِ الِاثْنَيْنِ، ثُمَّ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، ثُمَّ بَعْدَ عَشْرِ سِنِينَ حَدَثَ فِي الْكُلِّ إلَّا الْمَغْرِبَ، ثُمَّ فِيهَا مَرَّتَيْنِ، وَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ.
(وَ) يُسَنُّ أَنْ (يُؤَذِّنَ وَيُقِيمَ لِفَائِتَةٍ) رَافِعًا صَوْتَهُ لَوْ بِجَمَاعَةٍ أَوْ صَحْرَاءَ لَا بِبَيْتِهِ مُنْفَرِدًا (وَكَذَا) يُسَنَّانِ (لِأَوْلَى الْفَوَائِتِ) لَا لِفَاسِدَةٍ
ــ
[رد المحتار]
أَمَّا لَوْ ثَوَّبَ فِي الْمَغْرِبِ بِلَا فَاصِلٍ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا مَانِعَ مِنْهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي النَّهْرِ فَتَدَبَّرْ.
(قَوْلُهُ: فَيَسْكُتُ قَائِمًا) هَذَا عِنْدَهُ، وَعِنْدَهُمَا يَفْصِلُ بِجَلْسَةٍ كَجَلْسَةِ الْخَطِيبِ، وَالْخِلَافُ فِي الْأَفْضَلِيَّةِ، فَلَوْ جَلَسَ لَا يُكْرَهُ عِنْدَهُ، وَيُسْتَحَبُّ التَّحَوُّلُ لِلْإِقَامَةِ إلَى غَيْرِ مَوْضِعِ الْأَذَانِ، وَهُوَ مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ
[فَائِدَةٌ التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْأَذَانِ]
(قَوْلُهُ: سَنَةَ 781) كَذَا فِي النَّهْرِ عَنْ حُسْنِ الْمُحَاضَرَةِ لِلسُّيُوطِيِّ، ثُمَّ نُقِلَ عَنْ الْقَوْلِ الْبَدِيعِ لِلسَّخَاوِيِّ أَنَّهُ فِي سَنَةِ 791 وَأَنَّ ابْتِدَاءَهُ كَانَ فِي أَيَّامِ السُّلْطَانِ النَّاصِرِ صَلَاحِ الدِّينِ بِأَمْرِهِ.
(قَوْلُهُ: ثُمَّ فِيهَا مَرَّتَيْنِ) أَيْ فِي الْمَغْرِبِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْخَزَائِنِ، لَكِنْ لَمْ يَنْقُلْهُ فِي النَّهْرِ، وَلَمْ أَرَهُ فِي غَيْرِهِ، وَكَأَنَّ ذَلِكَ كَانَ مَوْجُودًا فِي زَمَنِ الشَّارِحِ، أَوْ الْمُرَادُ بِهِ مَا يُفْعَلُ عَقِبَ أَذَانِ الْمَغْرِبِ ثُمَّ بَعْدَهُ بَيْنَ الْعِشَاءَيْنِ لَيْلَةَ الْجُمُعَةِ وَالِاثْنَيْنِ، وَهُوَ الْمُسَمَّى فِي دِمَشْقَ تَذْكِيرًا كَاَلَّذِي يُفْعَلُ قَبْلَ أَذَانِ الظُّهْرِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَهُ أَيْضًا.
(قَوْلُهُ: وَهُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ) قَالَ فِي النَّهْرِ عَنْ الْقَوْلِ الْبَدِيعِ: وَالصَّوَابُ مِنْ الْأَقْوَالِ أَنَّهَا بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ. وَحَكَى بَعْضُ الْمَالِكِيَّةِ الْخِلَافَ أَيْضًا فِي تَسْبِيحِ الْمُؤَذِّنِينَ فِي الثُّلُثِ الْأَخِيرِ مِنْ اللَّيْلِ وَأَنَّ بَعْضَهُمْ مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ، وَفِيهِ نَظَرٌ اهـ مُلَخَّصًا. مَطْلَبٌ فِي أَذَانِ الْجَوْقِ
[فَائِدَةٌ أُخْرَى] ذَكَرَ السُّيُوطِيّ أَنَّ أَوَّلَ مَنْ أَحْدَثَ أَذَانَ اثْنَيْنِ مَعًا بَنُو أُمَيَّةَ. اهـ. قَالَ الرَّمْلِيُّ فِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ: وَلَمْ أَرَ نَصًّا صَرِيحًا فِي جَمَاعَةِ الْأَذَانِ الْمُسَمَّى فِي دِيَارِنَا بِأَذَانِ الْجَوْقِ هَلْ هُوَ بِدْعَةٌ حَسَنَةٌ أَوْ سَيِّئَةٌ؟ وَذَكَرَهُ الشَّافِعِيَّةُ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ: وَاخْتَلَفُوا فِي اسْتِحْبَابِهِ وَكَرَاهَتِهِ. وَأَمَّا الْأَذَانُ الْأَوَّلُ فَقَدْ صَرَّحَ فِي النِّهَايَةِ بِأَنَّهُ الْمُتَوَارَثُ حَيْثُ قَالَ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَإِذَا أَذَّنَ الْمُؤَذِّنُونَ الْأَذَانَ الْأَوَّلَ تَرَكَ النَّاسُ الْبَيْعَ، ذَكَرَ الْمُؤَذِّنِينَ بِلَفْظِ الْجَمْعِ إخْرَاجًا لِلْكَلَامِ مَخْرَجَ الْعَادَةِ، فَإِنَّ الْمُتَوَارَثَ فِيهِ اجْتِمَاعُهُمْ لِتَبْلُغَ أَصْوَاتُهُمْ إلَى أَطْرَافِ الْمِصْرِ الْجَامِعِ اهـ.
فَفِيهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ غَيْرُ مَكْرُوهٍ؛ لِأَنَّ الْمُتَوَارَثَ لَا يَكُونُ مَكْرُوهًا، وَكَذَلِكَ نَقُولُ فِي الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ فَيَكُونُ بِدْعَةً حَسَنَةً إذْ مَا رَآهُ الْمُؤْمِنُونَ حَسَنًا فَهُوَ حَسَنٌ اهـ مُلَخَّصًا.
أَقُولُ: وَقَدْ ذَكَرَ سَيِّدِي عَبْدُ الْغَنِيِّ الْمَسْأَلَةَ أَخْذًا مِنْ كَلَامِ النِّهَايَةِ الْمَذْكُورِ، ثُمَّ قَالَ: وَلَا خُصُوصِيَّةَ لِلْجُمُعَةِ إذْ الْفُرُوضُ الْخَمْسَةُ تَحْتَاجُ لِلْإِعْلَامِ
(قَوْلُهُ: لَوْ بِجَمَاعَةٍ إلَخْ) أَيْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ بِقَرِينَةِ مَا يَذْكُرُهُ قَرِيبًا مِنْ أَنَّهُ لَا يُؤَذَّنُ فِيهِ لِلْفَائِتَةِ، ثُمَّ هَذَا قَيْدٌ لِقَوْلِهِ رَافِعًا صَوْتَهُ، وَقَدْ ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا وَقَالَ وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِ أَئِمَّتِنَا. وَاسْتُدِلَّ لِرَفْعِ الْمُنْفَرِدِ فِي الصَّحْرَاءِ بِحَدِيثِ الصَّحِيحِ «إذَا كُنْت فِي غَنَمِك أَوْ فِي بَادِيَتِك فَأَذَّنْت لِلصَّلَاةِ فَارْفَعْ صَوْتَك بِالنِّدَاءِ فَإِنَّهُ لَا يَسْمَعُ مَدَى صَوْتِ الْمُؤَذِّنِ إنْسٌ وَلَا جِنٌّ وَلَا مَدَرٌ إلَّا شَهِدَ لَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ» اهـ وَأَقَرَّهُ فِي النَّهْرِ.
أَقُولُ: يُخَالِفُهُ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ يَعْنِي يَلْزَمُ الْجَهْرُ بِالْأَذَانِ لِإِعْلَامِ النَّاسِ، فَلَوْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ خَافَتَ؛ لِأَنَّهُ الْأَصْلُ فِي الشَّرْعِ كَمَا فِي كَشْفِ الْمَنَارِ. اهـ. عَلَى أَنَّ مَا اسْتَدَلَّ بِهِ يُفِيدُ رَفْعَ الصَّوْتِ لِلْمُنْفَرِدِ فِي بَيْتِهِ أَيْضًا لِتَكْثِيرِ الشُّهُودِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ الْمُرَادُ الْمُبَالَغَةُ فِي رَفْعِ الصَّوْتِ، وَالْمُؤَذِّنُ فِي بَيْتِهِ يَرْفَعُ دُونَ ذَلِكَ فَوْقَ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ، وَعَلَيْهِ يُحْمَلُ مَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ فَلْيُتَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: لَا لِفَاسِدَةٍ) أَيْ إذَا أُعِيدَتْ فِي الْوَقْتِ، وَإِلَّا كَانَتْ فَائِتَةً ط.
(وَيُخَيَّرُ فِيهِ لِلْبَاقِي) لَوْ فِي مَجْلِسٍ وَفِعْلُهُ أَوْلَى، وَيُقِيمُ لِلْكُلِّ (وَلَا يُسَنُّ) ذَلِكَ (فِيمَا تُصَلِّيهِ النِّسَاءُ أَدَاءً وَقَضَاءً) وَلَوْ جَمَاعَةً كَجَمَاعَةِ صِبْيَانٍ وَعَبِيدٍ، وَلَا يُسَنَّانِ أَيْضًا لِظُهْرِ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي مِصْرٍ (وَلَا فِيمَا يَقْضِي مِنْ الْفَوَائِتِ فِي مَسْجِدٍ) فِيمَا لِأَنَّ فِيهِ تَشْوِيشًا وَتَغْلِيطًا (وَيُكْرَهُ قَضَاؤُهَا فِيهِ) لِأَنَّ التَّأْخِيرَ مَعْصِيَةٌ فَلَا يُظْهِرُهَا بَزَّازِيَّةٌ. .
(وَيَجُوزُ) بِلَا كَرَاهَةٍ (أَذَانُ صَبِيٍّ مُرَاهِقٍ وَعَبْدٍ)
ــ
[رد المحتار]
وَفِي الْمُجْتَبَى: قَوْمٌ ذَكَرُوا فَسَادَ صَلَاةٍ صَلَّوْهَا فِي الْمَسْجِدِ فِي الْوَقْتِ قَضَوْهَا بِجَمَاعَةٍ فِيهِ وَلَا يُعِيدُونَ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ، وَإِنْ قَضَوْهَا بَعْدَ الْوَقْتِ قَضَوْهَا فِي غَيْرِ ذَلِكَ الْمَسْجِدِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ. اهـ. لَكِنْ سَيَأْتِي أَنَّ الْإِقَامَةَ تُعَادُ لَوْ طَالَ الْفَصْلُ.
(قَوْلُهُ: فِيهِ) أَيْ فِي الْأَذَانِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ فِي مَجْلِسٍ) أَمَّا لَوْ فِي مَجَالِسَ، فَإِنْ صَلَّى فِي مَجْلِسٍ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدَةٍ فَكَذَلِكَ وَإِلَّا أَذَّنَ وَأَقَامَ لَهَا.
(قَوْلُهُ: وَفِعْلُهُ أَوْلَى) لِأَنَّهُ اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَاتُ فِي قَضَائِهِ صلى الله عليه وسلم مَا فَاتَهُ يَوْمَ الْخَنْدَقِ، فَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ أَمَرَ بِلَالًا فَأَذَّنَ وَأَقَامَ لِلْكُلِّ، وَفِي بَعْضِهَا أَنَّهُ اقْتَصَرَ عَلَى الْإِقَامَةِ فِيمَا بَعْدَ الْأُولَى، فَالْأَخْذُ بِالزِّيَادَةِ أَوْلَى خُصُوصًا فِي بَابِ الْعِبَادَاتِ، وَتَمَامُهُ فِي الْإِمْدَادِ.
(قَوْلُهُ: وَيُقِيمُ لِلْكُلِّ) أَيْ لَا يُخَيَّرُ فِي الْإِقَامَةِ لِلْبَاقِي، بَلْ يُكْرَهُ تَرْكُهَا كَمَا فِي نُورِ الْإِيضَاحِ.
[تَتِمَّةٌ] يَأْتِي فِي صَلَاتَيْ الْجَمْعِ بِعَرَفَةَ بِأَذَانٍ وَاحِدٍ وَإِقَامَتَيْنِ وَبِمُزْدَلِفَةٍ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ وَاخْتَارَ الطَّحَاوِيُّ أَنَّهُ كَعَرَفَةَ وَرَجَّحَهُ ابْنُ الْهُمَامِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِهِ إنْ شَاءَ اللَّهُ. وَبَقِيَ لَوْ جَمَعَ بَيْنَ فَائِتَةٍ وَمُؤَدَّاةٍ لَمْ أَرَهُ، وَيَظْهَرُ لِي أَنَّهُ يَأْتِي بِأَذَانَيْنِ وَإِقَامَتَيْنِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْجَمْعِ بِمُزْدَلِفَةَ لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَلَا يُسَنُّ ذَلِكَ) أَيْ الْأَذَانُ وَالْإِقَامَةُ، وَأَفْرَدَ الضَّمِيرَ عَلَى تَأْوِيلِ الْمَذْكُورِ ح، وَأَرَادَ بِنَفْيِ السُّنِّيَّةِ الْكَرَاهَةَ فِي الْمَوَاضِعِ الثَّلَاثِ الْمَذْكُورَةِ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْإِمْدَادِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جَمَاعَةً) أَخَذَهُ مِنْ قَوْلِ الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ عَائِشَةَ أَمَّتْهُنَّ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ حِينَ كَانَتْ جَمَاعَتُهُنَّ مَشْرُوعَةً وَهَذَا يَقْتَضِي أَنَّ الْمُنْفَرِدَةَ أَيْضًا كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ تَرْكَهُمَا لَمَّا كَانَ هُوَ السُّنَّةَ حَالَ شَرْعِيَّةِ الْجَمَاعَةِ كَانَ حَالَ الِانْفِرَادِ أَوْلَى اهـ قُلْت: وَهُوَ ظَاهِرٌ فِي السِّرَاجِ أَيْضًا، وَكَانَ الْأَوْلَى لِلشَّارِحِ أَنْ يَقُولَ وَلَوْ مُنْفَرِدَةً؛ لِأَنَّ جَمَاعَتَهُنَّ الْآنَ غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ فَتَفَطَّنْ.
(قَوْلُهُ: كَجَمَاعَةِ صِبْيَانٍ وَعَبِيدٍ) لِأَنَّهَا غَيْرُ مَشْرُوعَةٍ، فَلَا يُشْرَعَانِ فِيهَا كَتَكْبِيرِ التَّشْرِيقِ عَقِبَهَا بَحْرٌ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ.
(قَوْلُهُ: فِي مِصْرَ) شَمِلَ الْمَعْذُورَ وَغَيْرَهُ زَيْلَعِيٌّ، وَفِي الْقُرَى لَا يُكْرَهُ بِكُلِّ حَالٍ ظَهِيرِيَّةٌ: أَيْ لَا قَبْلَ أَدَاءِ الْجُمُعَةِ فِي غَيْرِهَا وَلَا بَعْدَهُ، لِقَوْلِهِ وَقِيلَ بَعْدَ أَدَاءِ الْجُمُعَةِ لَا يُكْرَهُ فِي الْمِصْرِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ فِيهِ تَشْوِيشًا إلَخْ) إنَّمَا يَظْهَرُ أَنْ لَوْ كَانَ الْأَذَانُ لِجَمَاعَةٍ، أَمَّا إذَا كَانَ مُنْفَرِدًا وَيُؤَذِّنُ بِقَدْرِ مَا يُسْمِعُ نَفْسَهُ فَلَا ط. وَفِي الْإِمْدَادِ أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّفْوِيتُ لِأَمْرٍ عَامٍّ فَالْأَذَانُ فِي الْمَسْجِدِ لَا يُكْرَهُ لِانْتِفَاءِ الْعِلَّةِ كَفِعْلِهِ صلى الله عليه وسلم لَيْلَةَ التَّعْرِيسِ اهـ لَكِنَّ لَيْلَةَ التَّعْرِيسِ كَانَتْ فِي الصَّحْرَاءِ لَا فِي الْمَسْجِدِ.
(قَوْلُهُ: لِأَنَّ التَّأْخِيرَ مَعْصِيَةٌ) إنَّمَا يَظْهَرُ أَيْضًا فِي الْجَمَاعَةِ لَا الْمُنْفَرِدِ ط أَيْ لِأَنَّ الْمُنْفَرِدَ يُخَافِتُ فِي أَذَانِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ. عَلَى أَنَّهُ إذَا كَانَ التَّفْوِيتُ لِأَمْرٍ عَامٍّ لَا يُكْرَهُ ذَلِكَ لِلْجَمَاعَةِ أَيْضًا؛ لِأَنَّ هَذَا التَّأْخِيرَ غَيْرُ مَعْصِيَةٍ.
هَذَا وَيَظْهَرُ مِنْ التَّعْلِيلِ أَنَّ الْمَكْرُوهَ قَضَاؤُهَا مَعَ الِاطِّلَاعِ عَلَيْهَا وَلَوْ فِي غَيْرِ الْمَسْجِدِ كَمَا أَفَادَهُ فِي الْمِنَحِ فِي بَابِ قَضَاءِ الْفَوَائِتِ
(قَوْلُهُ: بِلَا كَرَاهَةٍ) أَيْ تَحْرِيمِيَّةٍ لِأَنَّ التَّنْزِيهِيَّةَ ثَابِتَةٌ لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ أَنَّ غَيْرَهُمْ أَوْلَى مِنْهُمْ. اهـ. ح.
أَقُولُ: وَقَدَّمْنَا أَوَّلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ الْكَلَامَ فِي أَنَّ خِلَافَ الْأَوْلَى مَكْرُوهٌ أَوَّلًا فَرَاجِعْهُ.
(قَوْلُهُ: صَبِيٍّ مُرَاهِقٍ) الْمُرَادُ بِهِ الْعَاقِلُ وَإِنْ لَمْ يُرَاهِقْ كَمَا هُوَ ظَاهِرُ الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَقِيلَ يُكْرَهُ لَكِنَّهُ خِلَافُ ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ كَمَا فِي الْإِمْدَادِ وَغَيْرِهِ، وَعَلَى هَذَا يَصِحُّ تَقْرِيرُهُ فِي وَظِيفَةِ الْأَذَانِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: وَعَبْدٍ وَأَعْمَى إلَخْ) إنَّمَا لَمْ يُكْرَهْ أَذَانُهُمْ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُمْ مَقْبُولٌ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ فَيَكُونُ مُلْزِمًا فَيَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ، بِخِلَافِ الْفَاسِقِ. اهـ. زَيْلَعِيٌّ. قُلْت: يَرِدُ عَلَيْهِ الصَّبِيُّ،
وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِإِذْنٍ كَأَجِيرٍ خَاصٍّ (وَأَعْمَى وَوَلَدِ زِنًى وَأَعْرَابِيٍّ) وَإِنَّمَا يُسْتَحَقُّ صَوَابُ الْمُؤَذِّنِينَ إذَا كَانَ عَالِمًا بِالسُّنَّةِ وَالْأَوْقَاتِ وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَسِبٍ بَحْرٌ.
(وَيُكْرَهُ أَذَانُ جُنُبٍ وَإِقَامَتُهُ وَإِقَامَةُ مُحْدِثٍ لَا أَذَانُهُ) عَلَى الْمَذْهَبِ
(وَ) أَذَانُ (امْرَأَةٍ) وَخُنْثَى (وَفَاسِقٍ) وَلَوْ عَالِمًا، لَكِنَّهُ أَوْلَى بِإِمَامَةٍ وَأَذَانٍ مِنْ جَاهِلٍ تَقِيٍّ (وَسَكْرَانٍ) وَلَوْ بِمُبَاحٍ
ــ
[رد المحتار]
فَإِنَّ قَوْلَهُ غَيْرُ مَقْبُولٍ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ فِي الْأَصَحِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَبْلَ الْبَابِ، وَمُقْتَضَاهُ أَنْ لَا يَحْصُلَ بِهِ الْإِعْلَامُ كَالْفَاسِقِ تَأَمَّلْ وَيَأْتِي تَمَامُ الْكَلَامِ فِي ذَلِكَ.
(قَوْلُهُ: وَلَا يَحِلُّ إلَّا بِإِذْنٍ) ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا فَقَالَ: وَيَنْبَغِي أَنَّ الْعَبْدَ إنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ لَا يَحْتَاجُ إلَى إذْنِ سَيِّدِهِ، وَإِنْ أَرَادَ أَنْ يَكُونَ مُؤَذِّنًا لِلْجَمَاعَةِ لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِذْنِ سَيِّدِهِ؛ لِأَنَّ فِيهِ إضْرَارًا بِخِدْمَتِهِ؛ لِأَنَّهُ يَحْتَاجُ إلَى مُرَاعَاةِ الْأَوْقَاتِ، وَلَمْ أَرَهُ فِي كَلَامِهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: كَأَجِيرٍ خَاصٍّ) هُوَ بَحْثٌ لِصَاحِبِ النَّهْرِ، حَيْثُ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ الْأَجِيرُ الْخَاصُّ كَذَلِكَ لَا يَحِلُّ أَذَانُهُ إلَّا بِإِذْنِ مُسْتَأْجِرِهِ اهـ.
قُلْت: بَلْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَدِّيَ النَّوَافِلَ اتِّفَاقًا. وَاخْتَلَفُوا فِي السُّنَنِ كَمَا سَنَذْكُرُهُ فِي الْإِجَارَاتِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى، وَهَذَا مُؤَيِّدٌ لِبَحْثِ الْبَحْرِ أَيْضًا، فَإِنَّ الْعَبْدَ مَمْلُوكُ الْمَنَافِعِ وَالرَّقَبَةِ أَيْضًا بِخِلَافِ الْأَجِيرِ.
(قَوْلُهُ: وَأَعْمَى) لَا يَرِدُ عَلَيْهِ أَذَانُ ابْنِ أُمِّ مَكْتُومٍ الْأَعْمَى، فَإِنَّهُ مَنْ كَانَ مَعَهُ مَنْ يَحْفَظُ عَلَيْهِ أَوْقَاتَ الصَّلَاةِ، وَمَتَى كَانَ ذَلِكَ يَكُونُ تَأْذِينُهُ وَتَأْذِينُ الْبَصِيرِ سَوَاءً، ذَكَرَهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ مِعْرَاجٌ، وَهَذَا بِنَاءً عَلَى ثُبُوتِ الْكَرَاهَةِ فِيهِ، وَقَدْ مَرَّ الْكَلَامُ فِيهِ وَإِلَّا فَلَا وُرُودَ.
(قَوْلُهُ: عَالِمًا بِالسُّنَّةِ وَالْأَوْقَاتِ) أَيْ سُنَّةِ الْأَذَانِ وَأَوْقَاتِهِ الْمَطْلُوبَةِ عَلَى مَا مَرَّ بَيَانُهُ. مَطْلَبٌ فِي الْمُؤَذِّنِ إذَا كَانَ غَيْرَ مُحْتَسِبٍ فِي أَذَانِهِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ غَيْرَ مُحْتَسِبٍ) رَدٌّ عَلَى مَا فِي الْفَتْحِ حَيْثُ قَالَ: لَوْ لَمْ يَكُنْ عَالِمًا بِأَوْقَاتِ الصَّلَاةِ لَمْ يَسْتَحِقَّ ثَوَابَ الْمُؤَذِّنِينَ كَمَا فِي الْخَانِيَّةِ، فَفِي أَخْذِ الْأُجْرَةِ أَوْلَى، وَرَدَّهُ فِي النَّهْرِ تَبَعًا لِلْبَحْرِ بِأَنَّ فِي أَذَانِ الْجَاهِلِ جَهَالَةً مُوقِعَةً فِي الْغَرَرِ، بِخِلَافِ غَيْرِ الْمُحْتَسِبِ عَلَى أَنَّ عَدَمَ حِلِّ أَخْذِ الْأُجْرَةِ عَلَى الْأَذَانِ وَالْإِمَامَةِ رَأْيُ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَالْمُتَأَخِّرُونَ يُجَوِّزُونَ ذَلِكَ عَلَى مَا سَيَأْتِي فِي الْإِجَارَاتِ. اهـ. .
أَقُولُ: لَا يَلْزَمُ مِنْ حِلِّ الْأُجْرَةِ الْمُعَلَّلِ بِالضَّرُورَةِ حُصُولُ الثَّوَابِ وَلَا سِيَّمَا إذَا كَانَ لَوْلَا الْأُجْرَةُ لَا يُؤَذِّنُ فَإِنَّهُ لَا يَكُونُ عَمَلَهُ لِلدُّنْيَا وَهُوَ رِيَاءٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَحْتَسِبْ عَمَلَهُ لِوَجْهِ اللَّهِ تَعَالَى، فَهُوَ كَمُهَاجِرِ أُمِّ قَيْسٍ، وَإِذَا كَانَ الْجَاهِلُ الْمُحْتَسِبُ لَا يَنَالُ ذَلِكَ الْأَجْرَ فَهَذَا بِالْأَوْلَى. كَيْفَ وَقَدْ وَرَدَ فِي عِدَّةِ أَحَادِيثَ التَّقْيِيدُ بِالْمُحْتَسِبِ: مِنْهَا مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ فِي الْكَبِيرِ كَمَا فِي الْفَتْحِ «ثَلَاثَةٌ عَلَى كُثْبَانِ الْمِسْكِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ، لَا يُهَوِّلُهُمْ الْفَزَعُ الْأَكْبَرُ، وَلَا يَفْزَعُونَ حِينَ يَفْزَعُ النَّاسُ: رَجُلٌ عَلِمَ الْقُرْآنَ فَقَامَ بِهِ يَطْلُبُ وَجْهَ اللَّهِ وَمَا عِنْدَهُ. وَرَجُلٌ يُنَادِي فِي كُلِّ يَوْمٍ وَلَيْلَةٍ خَمْسَ صَلَوَاتٍ يَطْلُبُ وَجْهَ اللَّهِ وَمَا عِنْدَهُ. وَمَمْلُوكٌ لَمْ يَمْنَعْهُ رِقُّ الدُّنْيَا عَنْ طَاعَةِ رَبِّهِ» نَعَمْ قَدْ يُقَالُ: إنْ كَانَ قَصْدُهُ وَجْهَ اللَّهِ تَعَالَى لَكِنَّهُ بِمُرَاعَاتِهِ لِلْأَوْقَاتِ وَالِاشْتِغَالِ بِهِ يَقِلُّ اكْتِسَابُهُ عَمَّا يَكْفِيهِ لِنَفْسِهِ وَعِيَالِهِ، فَيَأْخُذُ الْأُجْرَةَ لِئَلَّا يَمْنَعَهُ الِاكْتِسَابُ عَنْ إقَامَةِ هَذِهِ الْوَظِيفَةِ الشَّرِيفَةِ، وَلَوْلَا ذَلِكَ لَمْ يَأْخُذْ أَجْرًا فَلَهُ الثَّوَابُ الْمَذْكُورُ، بَلْ يَكُونُ جَمَعَ بَيْنَ عِبَادَتَيْنِ: وَهُمَا الْأَذَانُ، وَالسَّعْيُ عَلَى الْعِيَالِ، وَإِنَّمَا الْأَعْمَالُ بِالنِّيَّاتِ
(قَوْلُهُ: وَيُكْرَهُ أَذَانُ جُنُبٍ) لِأَنَّهُ يَصِيرُ دَاعِيًا إلَى مَا لَا يُجِيبُ إلَيْهِ، وَإِقَامَتُهُ أَوْلَى بِالْكَرَاهَةِ. وَصَرَّحَ فِي الْخَانِيَّةِ بِأَنَّهُ تَجِبُ الطَّهَارَةُ فِيهِ عَنْ أَغْلَظِ الْحَدَثَيْنِ. وَظَاهِرٌ أَنَّ الْكَرَاهَةَ تَحْرِيمِيَّةٌ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْمَذْهَبِ) رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ وَإِقَامَةُ مُحْدِثٍ لَا أَذَانُهُ. وَأَمَّا الْجُنُبُ فَيُكْرَهَانِ مِنْهُ رِوَايَةً وَاحِدَةً كَمَا فِي الْبَحْرِ
(قَوْلُهُ: بِإِمَامَةٍ وَأَذَانٍ) الْأَوَّلُ مَنْصُوصٌ عَلَيْهِ وَالثَّانِي أَلْحَقَهُ بِهِ فِي النَّهْرِ بَحْثًا.
(قَوْلُهُ: مِنْ جَاهِلٍ تَقِيٍّ) أَيْ حَيْثُ لَمْ يُوجَدْ عَالِمٌ تَقِيٌّ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمُبَاحٍ)
كَمَعْتُوهٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ (وَقَاعِدٍ إلَّا إذَا أَذَّنَ لِنَفْسِهِ) وَرَاكِبٍ إلَّا لِمُسَافِرٍ.
(وَيُعَادُ أَذَانُ جُنُبٍ) نَدْبًا، وَقِيلَ وُجُوبًا (لَا إقَامَتُهُ) لِمَشْرُوعِيَّةِ تَكْرَارِهِ فِي الْجُمُعَةِ دُونَ تَكْرَارِهَا (وَكَذَا) يُعَادُ (أَذَانُ امْرَأَةٍ وَمَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ وَسَكْرَانِ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ) لَا إقَامَتُهُمْ لِمَا مَرَّ، وَيَجِبُ اسْتِقْبَالُهُمَا لِمَوْتِ مُؤَذِّنٍ وَغُشْيِهِ وَخَرَسِهِ وَحَصَرِهِ، وَلَا مُلَقِّنَ وَذَهَابِهِ لِلْوُضُوءِ لِسَبْقِ حَدَثٍ خُلَاصَةٌ، لَكِنْ عَبَّرَ فِي السِّرَاجِ بِيُنْدَبُ وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ بِعَدَمِ صِحَّةِ أَذَانِ مَجْنُونٍ وَمَعْتُوهٍ وَصَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ. قُلْت: وَكَافِرٍ وَفَاسِقٍ لِعَدَمِ قَبُولِ قَوْلِهِ فِي الدِّيَانَاتِ.
ــ
[رد المحتار]
كَشُرْبِهِ الْخَمْرَ لِإِسَاغَةِ لُقْمَةٍ، وَأَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ السُّكْرِ الْفِسْقُ فَلَا تَكْرَارَ.
(قَوْلُهُ: كَمَعْتُوهٍ) وَمِثْلُهُ الْمَجْنُونُ ح
(قَوْلُهُ: وَيُعَادُ أَذَانُ جُنُبٍ إلَخْ) زَادَ الْقُهُسْتَانِيُّ: وَالْفَاجِرِ وَالرَّاكِبِ وَالْقَاعِدِ وَالْمَاشِي، وَالْمُنْحَرِفِ عَنْ الْقِبْلَةِ. وَعَلَّلَ الْوُجُوبَ فِي الْكُلِّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مُعْتَدٍّ بِهِ وَالنَّدْبُ بِأَنَّهُ مُعْتَدٌّ بِهِ إلَّا أَنَّهُ نَاقِصٌ، قَالَ وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي التُّمُرْتَاشِيِّ.
(قَوْلُهُ: لِمَا مَرَّ) أَيْ مِنْ قَوْلِهِ لِمَشْرُوعِيَّةِ تَكْرَارِهِ.
(قَوْلُهُ: لِمَوْتِ مُؤَذِّنٍ) لَمْ يَقُلْ وَمُقِيمٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ هُوَ الْمُقِيمُ شَرْعًا كَمَا يَأْتِي فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَغُشْيِهِ) بِضَمِّ الْغَيْنِ وَسُكُونِ الشِّينِ الْمُعْجَمَتَيْنِ: تَعَطُّلُ الْقُوَى الْمُحَرِّكَةِ وَالْحَاسَّةِ لِضَعْفِ الْقَلْبِ مِنْ الْجُوعِ وَغَيْرِهِ كَمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْوُضُوءِ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ ح.
(قَوْلُهُ: وَحَصْرِهِ) مَصْدَرٌ مِنْ بَابِ فَرِحَ: الْعِيُّ فِي الْمَنْطِقِ ح عَنْ الْقَامُوسِ.
(قَوْلُهُ: وَلَا مُلَقِّنَ) الْوَاوُ لِلْحَالِ ح.
(قَوْلُهُ: وَذَهَابِهِ لِلْوُضُوءِ) لَكِنَّ الْأَوْلَى أَنْ يُتَمِّمَهُمَا ثُمَّ يَتَوَضَّأَ؛ لِأَنَّ ابْتِدَاءَهُمَا مَعَ الْحَدَثِ جَائِزٌ، فَالْبِنَاءُ أَوْلَى، بَدَائِعُ.
(قَوْلُهُ: خُلَاصَةٌ) وَنَحْوُهُ فِي الْخَانِيَّةِ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: فَإِنْ حُمِلَ الْوُجُوبُ عَلَى ظَاهِرِهِ اُحْتِيجَ إلَى الْفَرْقِ بَيْنَ نَفْسِ الْأَذَانِ فَإِنَّهُ سُنَّةٌ وَبَيْنَ اسْتِقْبَالِهِ بَعْدَ الشُّرُوعِ فِيهِ.
وَقَدْ يُقَالُ فِيهِ: إذَا شَرَعَ فِيهِ ثُمَّ قَطَعَ تَبَادَرَ إلَى ظَنِّ السَّامِعِينَ أَنَّ قَطْعَهُ لِلْخَطَأِ فَيَنْتَظِرُونَ الْأَذَانَ الْحَقَّ، وَقَدْ تَفُوتُ بِذَلِكَ الصَّلَاةُ إلَّا أَنَّ هَذَا يَقْتَضِي وُجُوبَ الْإِعَادَةِ فِيمَنْ مَرَّ أَنَّهُ يُعَادُ أَذَانُهُمْ إلَّا الْجُنُبَ أَيْ لِعَدَمِ الِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِمْ، وَلَوْ قَالَ قَائِلٌ فِيهِمْ إنْ عَلِمَ النَّاسُ حَالَهُمْ وَجَبَتْ وَلَا اُسْتُحِبَّتْ لِيَقَعَ فِعْلُ الْأَذَانِ مُعْتَبَرًا وَعَلَى وَجْهِ السُّنَّةِ لَمْ يَبْعُدْ، وَعَكْسُهُ فِي الْخَمْسَةِ الْمَذْكُورَةِ فِي الْخُلَاصَةِ. اهـ.
أَقُولُ: يَظْهَرُ لِي أَنَّ الْمُرَادَ بِالْوُجُوبِ اللُّزُومُ فِي تَحْصِيلِ سُنَّةِ الْأَذَانِ، وَأَنَّ الْمُرَادَ أَنَّهُ إذَا عَرَضَ لِلْمُؤَذِّنِ مَا يَمْنَعُهُ عَنْ الْإِتْمَامِ وَأَرَادَ آخَرُ أَنْ يُؤَذِّنَ يَلْزَمُهُ اسْتِقْبَالُ الْأَذَانِ مِنْ أَوَّلِهِ إنْ أَرَادَ إقَامَةَ سُنَّةِ الْأَذَانِ، فَلَوْ بَنَى عَلَى مَا مَضَى مِنْ أَذَانِ الْأَوَّلِ لَمْ يَصِحَّ فَلِذَا قَالَ فِي الْخَانِيَّةِ: لَوْ عَجَزَ عَنْ الْإِتْمَامِ اسْتَقْبَلَ غَيْرَهُ. اهـ. أَيْ لِئَلَّا يَكُونَ آتِيًا بِبَعْضِ الْأَذَانِ.
(قَوْلُهُ: وَجَزَمَ الْمُصَنِّفُ إلَخْ) أَيْ حَيْثُ قَالَ مَرَّ قَيْدُنَا بِالْمُرَاهِقِ؛ لِأَنَّ أَذَانَ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ اهـ فَافْهَمْ، وَهَذَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا فَتَرَجَّحَ عِنْدَ الْمُصَنِّفِ فَجَزَمَ بِهِ، وَيُؤَيِّدُهُ مَا فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ أَنَّهُ يَجِبُ إعَادَةُ أَذَانِ السَّكْرَانِ وَالْمَجْنُونِ وَالصَّبِيِّ غَيْرِ الْعَاقِلِ لِعَدَمِ حُصُولِ الْمَقْصُودِ لِعَدَمِ الِاعْتِمَادِ عَلَى قَوْلِهِمْ. اهـ.
(قَوْلُهُ: قُلْت وَكَافِرٍ وَفَاسِقٍ) ذِكْرُ الْفَاسِقِ هُنَا غَيْرُ مُنَاسِبٍ؛ لِأَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ جَعَلَ الْعَقْلَ وَالْإِسْلَامَ شَرْطَ صِحَّةٍ، وَالْعَدَالَةَ وَالذُّكُورَةَ وَالطَّهَارَةَ شَرْطَ كَمَالٍ. وَقَالَ: فَأَذَانُ الْفَاسِقِ وَالْمَرْأَةِ وَالْجُنُبِ صَحِيحٌ، ثُمَّ قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يَصِحَّ أَذَانُ الْفَاسِقِ بِالنِّسْبَةِ إلَى قَبُولِ خَبَرِهِ وَالِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ أَيْ لِأَنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ فَلَمْ يُوجَدْ الْإِعْلَامُ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ.
وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ يَصِحُّ أَذَانُ الْفَاسِقِ وَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ بِهِ الْإِعْلَامُ: أَيْ الِاعْتِمَادُ عَلَى قَبُولِ قَوْلِهِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَغَيْرِ الْعَاقِلِ فَلَا يَصِحُّ أَصْلًا، فَتَسْوِيَةُ الشَّارِحِ بَيْنَ الْكَافِرِ وَالْفَاسِقِ غَيْرُ مُنَاسِبَةٍ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّهُ ذَكَرَ فِي الْحَاوِي الْقُدْسِيِّ مِنْ سُنَنِ الْمُؤَذِّنِ: كَوْنُهُ رَجُلًا عَاقِلًا، صَالِحًا، عَالِمًا بِالسُّنَنِ وَالْأَوْقَاتِ، مُوَاظِبًا عَلَيْهِ، مُحْتَسِبًا، ثِقَةً مُتَطَهِّرًا مُسْتَقْبِلًا، وَذَكَرَ نَحْوَهُ فِي الْإِمْدَادِ؛ وَمُقْتَضَاهُ أَنَّ الْعَقْلَ غَيْرُ شَرْطٍ لِصِحَّةِ الْأَذَانِ
(وَكُرِهَ تَرْكُهُمَا) مَعًا (لِمُسَافِرٍ) وَلَوْ مُنْفَرِدًا (وَكَذَا تَرْكُهَا) لَا تَرْكُهُ
ــ
[رد المحتار]
فَيَصِحُّ أَذَانُ غَيْرِ الْعَاقِلِ كَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالسَّكْرَانِ، كَمَا يَصِحُّ أَذَانُ الْفَاسِقِ وَالْمَرْأَةِ وَالْجُنُبِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي الْبَدَائِعِ مِنْ أَنَّهُ يُكْرَهُ أَذَانُ الْمَجْنُونِ وَالسَّكْرَانِ وَأَنَّ الْأَحَبَّ إعَادَتُهُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، وَأَنَّهُ يُكْرَهُ أَذَانُ الْمَرْأَةِ وَالصَّبِيِّ الْعَاقِلِ، وَيُجْزِي حَتَّى لَا يُعَادَ لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ وَهُوَ الْإِعْلَامُ. وَرُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ أَنَّهُ تُسْتَحَبُّ إعَادَةُ أَذَانِ الْمَرْأَةِ اهـ وَعَلَى هَذِهِ الرِّوَايَةِ مَشَى الزَّيْلَعِيُّ. وَذَكَرَ فِي الْبَدَائِعِ أَيْضًا أَنَّ أَذَانَ الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ لَا يُجْزِي وَيُعَادُ؛ لِأَنَّ مَا يَصْدُرُ لَا عَنْ عَقْلٍ لَا يُعْتَدُّ بِهِ كَصَوْتِ الطُّيُورِ اهـ. فَحَصَلَتْ الْمُنَافَاةُ بَيْنَ مَا جَزَمَ بِهِ الْمُصَنِّفُ تَبَعًا لِلْبَحْرِ، وَكَذَا مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ شَرْحِ الْمُنْيَةِ مِنْ عَدَمِ صِحَّةِ أَذَانِ غَيْرِ الْعَاقِلِ كَالْمَجْنُونِ وَالْمَعْتُوهِ وَالسَّكْرَانِ، وَبَيْنَ مَا فِي الْحَاوِي وَالْبَدَائِعِ مِنْ صِحَّةِ أَذَانِ الْكُلِّ سِوَى صَبِيٍّ لَا يَعْقِلُ.
وَاَلَّذِي يَظْهَرُ لِي فِي التَّوْفِيقِ: هُوَ أَنَّ الْمَقْصُودَ الْأَصْلِيَّ مِنْ الْأَذَانِ فِي الشَّرْعِ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ أَوْقَاتِ الصَّلَاةِ ثُمَّ صَارَ مِنْ شِعَارِ الْإِسْلَامِ فِي كُلِّ بَلْدَةٍ أَوْ نَاحِيَةٍ مِنْ الْبِلَادِ الْوَاسِعَةِ عَلَى مَا مَرَّ، فَمِنْ حَيْثُ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَقَبُولِ قَوْلِهِ لَا بُدَّ مِنْ الْإِسْلَامِ وَالْعَقْلِ وَالْبُلُوغِ وَالْعَدَالَةِ، وَقَدَّمْنَا قَبْلَ هَذَا الْبَابِ عَنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ مَا نَصُّهُ: الْمُؤَذِّنُ يَكْفِي إخْبَارُهُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ إذَا كَانَ بَالِغًا عَاقِلًا عَالِمًا بِالْأَوْقَاتِ مُسْلِمًا ذَكَرًا وَيُعْتَمَدُ عَلَى قَوْلِهِ. اهـ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ ذَكَرًا غَيْرُ قَيْدٍ لِقَبُولِ خَبَرِ الْمَرْأَةِ، فَحِينَئِذٍ يُقَالُ إذَا اتَّصَفَ الْمُؤَذِّنُ بِهَذِهِ الصِّفَاتِ يَصِحُّ أَذَانُهُ وَإِلَّا فَلَا يَصِحُّ مِنْ حَيْثُ الِاعْتِمَادُ عَلَيْهِ فِي دُخُولِ الْوَقْتِ وَقَدَّمْنَا أَيْضًا قَبْلَ هَذَا الْبَابِ أَنَّهُ فِي الْفَاسِقِ وَالْمَسْتُورِ يُحَكِّمُ رَأْيَهُ فِي صِدْقِهِ وَكَذِبِهِ وَيَعْمَلُ بِهِ، بِخِلَافِ الْكَافِرِ وَالصَّبِيِّ وَالْمَعْتُوهِ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ أَصْلًا. وَأَمَّا مِنْ حَيْثُ إقَامَةُ الشِّعَارِ النَّافِيَةِ لِلْإِثْمِ عَنْ أَهْلِ الْبَلْدَةِ فَيَصِحُّ أَذَانُ الْكُلِّ سِوَى الصَّبِيِّ الَّذِي لَا يَعْقِلُ؛ لِأَنَّ مَنْ سَمِعَهُ لَا يَعْلَمُ أَنَّهُ مُؤَذِّنٌ بَلْ يَظُنُّهُ يَلْعَبُ، بِخِلَافِ الصَّبِيِّ الْعَاقِلِ؛ لِأَنَّهُ قَرِيبٌ مِنْ الرِّجَالِ، وَلِذَا عَبَّرَ عَنْهُ الشَّارِحُ بِالْمُرَاهِقِ وَكَذَا الْمَرْأَةُ فَإِنَّ بَعْضَ الرِّجَالِ قَدْ يُشْبِهُ صَوْتُهُ صَوْتَ الْمُرَاهِقِ وَالْمَرْأَةِ، فَإِذَا أَذَّنَ الْمُرَاهِقُ أَوْ الْمَرْأَةُ وَسَمِعَهُ السَّامِعُ يَعْتَدُّ بِهِ، وَكَذَا الْمَجْنُونُ أَوْ الْمَعْتُوهُ أَوْ السَّكْرَانُ فَإِنَّهُ رَجُلٌ مِنْ الرِّجَالِ، فَإِذَا أَذَّنَ عَلَى الْكَيْفِيَّةِ الْمَشْرُوعَةِ قَامَتْ بِهِ الشَّعِيرَةُ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَمِعَهُ غَيْرُ الْعَالِمِ بِحَالِهِ يَعُدُّهُ مُؤَذِّنًا، وَكَذَا الْكَافِرُ، فَبِاعْتِبَارِ هَذِهِ الْحَيْثِيَّةِ صَارَتْ الشُّرُوطُ الْمَذْكُورَةُ كُلُّهَا شُرُوطَ كَمَالٍ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ الْكَامِلَ هُوَ الَّذِي تُقَامُ بِأَذَانِهِ الشَّعِيرَةُ وَيَحْصُلُ بِهِ الْإِعْلَامُ، فَيُعَادُ أَذَانُ الْكُلِّ نَدْبًا عَلَى الْأَصَحِّ كَمَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْقُهُسْتَانِيِّ. ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّ الْإِعَادَةَ إنَّمَا هِيَ فِي الْمُؤَذِّنِ الرَّاتِبِ، أَمَّا لَوْ حَضَرَ جَمَاعَةٌ عَالِمُونَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ وَأَذَّنَ لَهُمْ فَاسِقٌ أَوْ صَبِيٌّ يَعْقِلُ لَا يُكْرَهُ وَلَا يُعَادُ أَصْلًا لِحُصُولِ الْمَقْصُودِ تَأَمَّلْ.
[تَنْبِيهٌ] يُؤْخَذُ مِمَّا قَدَّمْنَاهُ مِنْ أَنَّهُ لَا يَحْصُلُ الْإِعْلَامُ مِنْ غَيْرِ الْعَدْلِ وَلَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ الِاعْتِمَادُ عَلَى الْمُبَلِّغِ الْفَاسِقِ خَلْفَ الْإِمَامِ كَمَا نَبَّهَ عَلَيْهِ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ، فَتَنَبَّهْ لِهَذِهِ الدَّقِيقَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
(قَوْلُهُ: لِمُسَافِرٍ) أَيْ سَفَرًا لُغَوِيًّا أَوْ شَرْعِيًّا كَمَا فِي أَبِي السُّعُودِ ط.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ مُنْفَرِدًا) لِأَنَّهُ إنْ أَذَّنَ وَأَقَامَ صَلَّى خَلْفَهُ مِنْ جُنُودِ اللَّهِ مَا لَا يَرَى طَرَفَاهُ، رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ. وَبِهَذَا وَنَحْوِهِ عُرِفَ أَنَّ الْمَقْصُودَ مِنْ الْأَذَانِ لَمْ يَنْحَصِرْ فِي الْإِعْلَامِ، بَلْ كُلٌّ مِنْهُ وَمِنْ الْإِعْلَانِ بِهَذَا الذِّكْرِ نَشْرًا لِذِكْرِ اللَّهِ وَدِينِهِ فِي أَرْضِهِ، وَتَذْكِيرِ الْعِبَادِ مِنْ الْجِنِّ وَالْإِنْسِ الَّذِينَ لَا يُرَى شَخْصُهُمْ فِي الْفَلَوَاتِ فَتْحٌ وَفِي تَعْبِيرِ الشَّارِحِ بِالْمُنْفَرِدِ إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ لَا يُعْطَى لَهُ حُكْمُ الْإِمَامِ مِنْ كُلِّ وَجْهٍ؛ وَلِذَا قَالَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْفَتَاوَى وَالْعَتَّابِيَّةِ: وَلَوْ أَذَّنَ وَأَقَامَ فِي الصَّحْرَاءِ وَهُوَ مُنْفَرِدٌ فَحُكْمُهُ حُكْمُ الْمُنْفَرِدِ فِي أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّسْمِيعِ وَالتَّحْمِيدِ، وَكَذَا فِي الْجَهْرِ وَالْمُخَافَتَةِ. اهـ.
(قَوْلُهُ: لَا تَرْكُهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ نَفْيُ الْكَرَاهَةِ الْمُوجِبَةِ لِلْإِسَاءَةِ، وَإِلَّا فَقَدْ صَرَّحَ فِي الْكَنْزِ بَعْدَ ذَلِكَ بِنَدْبِهِ لِلْمُسَافِرِ وَلِلْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: لِيَكُونَ الْأَدَاءُ عَلَى هَيْئَةِ الْجَمَاعَةِ اهـ وَلِمَا عَلِمْت
لِحُضُورِ الرُّفْقَةِ (بِخِلَافِ مُصَلٍّ) وَلَوْ بِجَمَاعَةٍ (وَفِي بَيْتِهِ بِمِصْرٍ) أَوْ قَرْيَةٍ لَهَا مَسْجِدٌ؛ فَلَا يُكْرَهُ تَرْكُهُمَا إذْ أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِيهِ (أَوْ) مُصَلٍّ (فِي مَسْجِدٍ بَعْدَ صَلَاةِ جَمَاعَةٍ فِيهِ) بَلْ يُكْرَهُ فِعْلُهُمَا وَتَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ إلَّا فِي مَسْجِدٍ عَلَى طَرِيقٍ فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ جَوْهَرَةٌ.
(أَقَامَ غَيْرُ مَنْ أَذَّنَ بِغَيْبَتِهِ) أَيْ الْمُؤَذِّنِ (لَا يُكْرَهُ مُطْلَقًا) وَإِنْ بِحُضُورِهِ كُرِهَ إنْ لَحِقَهُ وَحْشَةٌ،
ــ
[رد المحتار]
مِنْ أَنَّهُ لَيْسَ الْمَقْصُودُ مِنْهُ الْإِعْلَامَ فَقَطْ.
(قَوْلُهُ: لِحُضُورِ الرُّفْقَةِ) أَيْ إنْ كَانَ ثَمَّ جَمَاعَةٌ وَإِلَّا فَالْأَمْرُ أَظْهَرُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِجَمَاعَةٍ) وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ: لَوْ اكْتَفَوْا بِأَذَانِ النَّاسِ أَجْزَأَهُمْ وَقَدْ أَسَاءُوا فَفُرِّقَ بَيْنَ الْوَاحِدِ وَالْجَمَاعَةِ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ بَحْرٌ.
(قَوْلُهُ: فِي بَيْتِهِ) أَيْ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِالْبَلَدِ مِنْ الدَّارِ وَالْكَرْمِ وَغَيْرِهِمَا قُهُسْتَانِيٌّ. وَفِي التَّفَارِيقِ: وَإِنْ كَانَ فِي كَرْمٍ أَوْ ضَيْعَةٍ يَكْتَفِي بِأَذَانِ الْقَرْيَةِ أَوْ الْبَلْدَةِ إنْ كَانَ قَرِيبًا وَإِلَّا فَلَا. وَحَدُّ الْقُرْبِ أَنْ يَبْلُغَ الْأَذَانُ إلَيْهِ مِنْهَا اهـ إسْمَاعِيلُ. وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُشْتَرَطُ سَمَاعُهُ بِالْفِعْلِ، تَأَمَّلْ. .
(قَوْلُهُ: لَهَا مَسْجِدٌ) أَيْ فِيهِ أَذَانٌ وَإِقَامَةٌ، وَإِلَّا فَحُكْمُهُ كَالْمُسَافِرِ صَدْرُ الشَّرِيعَةِ.
(قَوْلُهُ: إذْ أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِيهِ) لِأَنَّ أَذَانَ الْمَحَلَّةِ وَإِقَامَتَهَا كَأَذَانِهِ وَإِقَامَتِهِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَذِّنَ نَائِبُ أَهْلِ الْمِصْرِ كُلِّهِمْ كَمَا يُشِيرُ إلَيْهِ ابْنُ مَسْعُودٍ حِينَ صَلَّى بِعَلْقَمَةَ وَالْأَسْوَدِ بِغَيْرِ أَذَانٍ وَلَا إقَامَةٍ، حَيْثُ قَالَ: أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِينَا، وَمِمَّنْ رَوَاهُ سِبْطُ ابْنُ الْجَوْزِيِّ فَتْحٌ: أَيْ فَيَكُونُ قَدْ صَلَّى بِهِمَا حُكْمًا، بِخِلَافِ الْمُسَافِرِ فَإِنَّهُ صَلَّى بِدُونِهِمَا حَقِيقَةً وَحُكْمًا؛ لِأَنَّ الْمَكَانَ الَّذِي هُوَ فِيهِ لَمْ يُؤَذَّنْ فِيهِ أَصْلًا لِتِلْكَ الصَّلَاةِ كَافِي. وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَكْفِيهِ أَذَانُ الْحَيِّ وَإِقَامَتُهُ وَإِنْ كَانَتْ صَلَاتُهُ فِيهِ آخِرَ الْوَقْتِ تَأَمَّلْ، وَقَدْ عَلِمْت تَصْرِيحَ الْكَنْزِ بِنَدْبِهِ لِلْمُسَافِرِ وَلِلْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ، فَالْمَقْصُودُ مِنْ كِفَايَةِ أَذَانِ الْحَيِّ نَفْيُ الْكَرَاهَةِ الْمُؤْثَمَةِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يُؤَذِّنُوا فِي الْحَيِّ يُكْرَهُ تَرْكُهُمَا لِلْمُصَلِّي فِي بَيْتِهِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي الْمُجْتَبَى، وَأَنَّهُ لَوْ أَذَّنَ بَعْضُ الْمُسَافِرِينَ سَقَطَ عَنْ الْبَاقِينَ كَمَا لَا يَخْفَى.
(قَوْلُهُ: وَتَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ) لِمَا رَوَى عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ أَبِي بَكْرٍ عَنْ أَبِيهِ «أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ بَيْتِهِ لِيُصْلِحَ بَيْنَ الْأَنْصَارِ فَرَجَعَ وَقَدْ صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ بِجَمَاعَةٍ، فَدَخَلَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي مَنْزِلِ بَعْضِ أَهْلِهِ فَجَمَعَ أَهْلَهُ فَصَلَّى بِهِمْ جَمَاعَةً» وَلَوْ لَمْ يُكْرَهْ تَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ لَصَلَّى فِيهِ. وَرُوِيَ عَنْ أَنَسٍ " أَنَّ أَصْحَابَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم كَانُوا إذَا فَاتَتْهُمْ الْجَمَاعَةُ فِي الْمَسْجِدِ صَلَّوْا فِي الْمَسْجِدِ فُرَادَى " وَلِأَنَّ التَّكْرَارَ يُؤَدِّي إلَى تَقْلِيلِ الْجَمَاعَةِ؛ لِأَنَّ النَّاسَ إذَا عَلِمُوا أَنَّهُمْ تَفُوتُهُمْ الْجَمَاعَةُ يَتَعَجَّلُونَ فَتَكْثُرُ وَإِلَّا تَأَخَّرُوا. اهـ. بَدَائِعُ. وَحِينَئِذٍ فَلَوْ دَخَلَ جَمَاعَةٌ الْمَسْجِدَ بَعْدَ مَا صَلَّى أَهْلُهُ فِيهِ فَإِنَّهُمْ يُصَلُّونَ وُحْدَانًا، وَهُوَ ظَاهِرُ الرِّوَايَةِ ظَهِيرِيَّةٌ. وَفِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَوْ كَانَتْ الْجَمَاعَةُ أَكْثَرَ مِنْ ثَلَاثَةٍ يُكْرَهُ التَّكْرَارُ وَإِلَّا فَلَا. وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْهَيْئَةِ الْأُولَى لَا تُكْرَهُ وَإِلَّا تُكْرَهُ وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَبِالْعُدُولِ عَنْ الْمِحْرَابِ تَخْتَلِفُ الْهَيْئَةُ كَذَا فِي الْبَزَّازِيَّةِ. اهـ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ الْوَلْوَالِجيَّةِ: وَبِهِ نَأْخُذُ وَسَيَأْتِي فِي بَابِ الْإِمَامَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى لِهَذِهِ الْمَسْأَلَةِ زِيَادَةُ كَلَامٍ.
(قَوْلُهُ: إلَّا فِي مَسْجِدٍ عَلَى طَرِيقٍ) هُوَ مَا لَيْسَ لَهُ إمَامٌ وَمُؤَذِّنٌ رَاتِبٌ فَلَا يُكْرَهُ التَّكْرَارُ فِيهِ بِأَذَانٍ وَإِقَامَةٍ، بَلْ هُوَ الْأَفْضَلُ خَانِيَةٌ. (قَوْلُهُ: فَلَا بَأْسَ بِذَلِكَ) الْأَوْلَى حَذْفُهُ لِمَا عَلِمْت أَنَّهُ الْأَفْضَلُ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: جَوْهَرَةٌ) لَمْ أَرَهُ فِيهَا وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ فِي السِّرَاجِ
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ لَحِقَهُ وَحْشَةٌ أَوْ لَا. (قَوْلُهُ: كُرِهَ إنْ لَحِقَهُ وَحْشَةٌ) أَيْ بِأَنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ، وَهَذَا اخْتِيَارُ خُوَاهَرْ زَادَهْ، وَمَشَى عَلَيْهِ فِي الدُّرَرِ وَالْخَانِيَّةِ لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ: إنْ لَمْ يَرْضَ بِهِ يُكْرَهُ، وَجَوَابُ الرِّوَايَةِ أَنَّهُ لَا بَأْسَ بِهِ مُطْلَقًا. اهـ. قُلْت: وَبِهِ صَرَّحَ الْإِمَامُ الطَّحَاوِيُّ فِي مَجْمَعِ الْآثَارِ مَعْزِيًّا إلَى أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ: وَيَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ قَوْلِ الْمَجْمَعِ: وَلَا نَكْرَهُهَا مِنْ غَيْرِهِ، فَمَا فِي شَرْحِهِ لِابْنِ مَلَكٍ مِنْ أَنَّهُ لَوْ حَضَرَ وَلَمْ يَرْضَ يُكْرَهُ اتِّفَاقًا فِيهِ نَظَرٌ. اهـ. وَكَذَا يَدُلُّ عَلَيْهِ إطْلَاقُ الْكَافِي مُعَلِّلًا بِأَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ ذَكَرٌ، فَلَا بَأْسَ بِأَنْ يَأْتِيَ بِكُلِّ وَاحِدٍ رَجُلٌ آخَرُ، وَلَكِنَّ
كَمَا كُرِهَ مَشْيُهُ فِي إقَامَتِهِ.
(وَيُجِيبُ) وُجُوبًا، وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ نَدْبًا، وَالْوَاجِبُ الْإِجَابَةُ بِالْقَدَمِ (مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ) وَلَوْ جُنُبًا لَا حَائِضًا وَنُفَسَاءَ وَسَامِعَ خُطْبَةٍ وَفِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ وَجِمَاعٍ، وَمُسْتَرَاحٍ وَأَكْلٍ وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ وَتَعَلُّمِهِ،
ــ
[رد المحتار]
الْأَفْضَلَ أَنْ يَكُونَ الْمُؤَذِّنُ هُوَ الْمُقِيمُ اهـ أَيْ لِحَدِيثِ «مَنْ أَذَّنَ فَهُوَ يُقِيمُ» وَتَمَامُهُ فِي حَاشِيَةِ نُوحٍ.
(قَوْلُهُ: كَمَا كُرِهَ إلَخْ) ذَكَرَهُ فِي رَوْضَةِ النَّاطِفِيِّ.
وَاخْتَلَفُوا عِنْدَ إتْمَامِهَا: أَيْ عِنْدَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، فَقِيلَ يُتِمُّهَا مَاشِيًا، وَقِيلَ فِي مَكَانِهِ إمَامًا كَانَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ غَيْرَهُ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. وَقَصَرَ فِي السِّرَاجِ الْخِلَافَ عَلَى مَا إذَا كَانَ إمَامًا، فَلَوْ غَيْرَهُ يُتِمُّهَا فِي مَوْضِعِ الْبُدَاءَةِ بِلَا خِلَافٍ نَهْرٌ
(قَوْلُهُ: وَقَالَ الْحَلْوَانِيُّ نَدْبًا إلَخْ) أَيْ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: إنَّ الْإِجَابَةَ بِاللِّسَانِ مَنْدُوبَةٌ وَالْوَاجِبَةُ هِيَ الْإِجَابَةُ بِالْقَدَمِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَقَوْلُهُ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِالْقَدَمِ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَلْزَمُ عَلَيْهِ وُجُوبُ الْأَدَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفِي الْمَسْجِدِ إذْ لَا مَعْنَى لِإِيجَابِ الذَّهَابِ دُونَ الصَّلَاةِ وَمَا فِي شَهَادَاتِ الْمُجْتَبَى: سَمِعَ الْأَذَانَ وَانْتَظَرَ الْإِقَامَةَ فِي بَيْتِهِ لَا تُقْبَلُ شَهَادَتُهُ مُخَرَّجٌ عَلَى قَوْلِهِ كَمَا لَا يَخْفَى. وَقَدْ سَأَلْت شَيْخَنَا الْأَخَ عَنْ هَذَا فَلَمْ يُبْدِ جَوَابًا اهـ. مَطْلَبٌ فِي كَرَاهَةِ تَكْرَارِ الْجَمَاعَةِ فِي الْمَسْجِدِ
أَقُولُ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ: مَا قَالَهُ الْإِمَامُ الْحَلْوَانِيُّ مَبْنِيٌّ عَلَى مَا كَانَ فِي زَمَنِ السَّلَفِ مِنْ صَلَاةِ الْجَمَاعَةِ مَرَّةً وَاحِدَةً وَعَدَمِ تَكْرَارِهَا كَمَا هُوَ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم وَزَمَنِ الْخُلَفَاءِ بَعْدَهُ، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ تَكْرَارَهَا مَكْرُوهٌ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ إلَّا فِي رِوَايَةٍ عَنْ الْإِمَامِ وَرِوَايَةٍ عَنْ أَبِي يُوسُفَ كَمَا قَدَّمْنَاهُ قَرِيبًا، وَسَيَأْتِي أَنَّ الرَّاجِحَ عِنْدَ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وُجُوبُ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّهُ يَأْثَمُ بِتَفْوِيتِهَا اتِّفَاقًا. وَحِينَئِذٍ يَجِبُ السَّعْيُ بِالْقَدَمِ لَا لِأَجْلِ الْأَدَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ أَوْ فِي الْمَسْجِدِ، بَلْ لِأَجْلِ إقَامَةِ الْجَمَاعَةِ وَإِلَّا لَزِمَ فَوْتُهَا أَصْلًا أَوْ تَكْرَارُهَا فِي مَسْجِدٍ إنْ وَجَدَ جَمَاعَةً أُخْرَى وَكُلٌّ مِنْهُمَا مَكْرُوهٌ فَلِذَا قَالَ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِالْقَدَمِ.
لَا يُقَالُ: يُمْكِنُهُ أَنْ يَجْمَعَ بِأَهْلِهِ فِي بَيْتِهِ: فَلَا يَلْزَمُ شَيْءٌ مِنْ الْمَحْذُورِينَ؛ لِأَنَّا نَقُولُ: إنَّ مَذْهَبَ الْإِمَامِ الْحَلْوَانِيِّ أَنَّهُ بِذَلِكَ لَا يَنَالُ ثَوَابَ الْجَمَاعَةِ وَأَنَّهُ يَكُونُ بِدْعَةً وَمَكْرُوهًا بِلَا عُذْرٍ، نَعَمْ قَدْ عَلِمْت أَنَّ الصَّحِيحَ أَنَّهُ لَا يُكْرَهُ تَكْرَارُ الْجَمَاعَةِ إذَا لَمْ تَكُنْ عَلَى الْهَيْئَةِ الْأُولَى وَسَيَأْتِي فِي الْإِمَامَةِ أَنَّ الْأَصَحَّ أَنَّهُ لَوْ جَمَعَ بِأَهْلِهِ لَا يُكْرَهُ وَيَنَالُ فَضِيلَةَ الْجَمَاعَةِ لَكِنَّ جَمَاعَةَ الْمَسْجِدِ أَفْضَلُ، فَاغْتَنِمْ هَذَا التَّحْرِيرَ الْفَرِيدَ، وَيَأْتِي لَهُ قَرِيبًا بَعْضُ مَزِيدٍ.
(قَوْلُهُ: مَنْ سَمِعَ الْأَذَانَ) يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَسْمَعْ لِصَمَمٍ أَوْ لِبُعْدٍ أَنَّهُ لَا يُجِيبُ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ الْآتِي إذَا سَمِعْتُمْ الْأَذَانَ حَيْثُ عُلِّقَ عَلَى السَّمَاعِ، وَقَدْ صَرَّحَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ بِأَنَّهُ الظَّاهِرُ، وَبِأَنَّهُ يُجِيبُ فِي جَمِيعِهِ إذَا لَمْ يَسْمَعْ إلَّا بَعْضَهُ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ جُنُبًا) لِأَنَّ إجَابَةَ الْمُؤَذِّنِ لَيْسَتْ بِأَذَانٍ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ.
(قَوْلُهُ: لَا حَائِضًا وَنُفَسَاءَ) لِأَنَّهُمَا لَيْسَا مِنْ أَهْلِ الْإِجَابَةِ بِالْفِعْلِ فَكَذَا بِالْقَوْلِ إمْدَادٌ: أَيْ بِخِلَافِ الْجُنُبِ فَإِنَّهُ مُخَاطَبٌ بِالصَّلَاةِ؛ وَلِأَنَّ حَدَثَهُ أَخَفُّ مِنْ الْحَيْضِ وَالنِّفَاسِ لِإِمْكَانِ إزَالَتِهِ سَرِيعًا.
(قَوْلُهُ: وَسَامِعَ خُطْبَةٍ) أَيِّ خُطْبَةٍ كَانَتْ ط، وَهَذَا وَمَا بَعْدَهُ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ حَائِضًا.
(قَوْلُهُ: وَفِي صَلَاةِ جِنَازَةٍ) سَقَطَ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ لَفْظُ صَلَاةٍ مُوَافِقًا لِمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُجْتَبَى، وَعِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: وَصَلَاةٍ وَلَوْ جِنَازَةً.
(قَوْلُهُ: وَمُسْتَرَاحٍ) أَيْ بَيْتِ الْخَلَاءِ.
(قَوْلُهُ: وَتَعْلِيمِ عِلْمٍ) أَيْ شَرْعِيٍّ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلِذَا عَبَّرَ فِي الْجَوْهَرَةِ بِقِرَاءَةِ الْفِقْهِ.
(قَوْلُهُ: بِخِلَافِ قُرْآنٍ) لِأَنَّهُ لَا يَفُوتُ، جَوْهَرَةٌ، وَلَعَلَّهُ لِأَنَّ تَكْرَارَ الْقِرَاءَةِ إنَّمَا هُوَ لِلْأَجْرِ فَلَا يَفُوتُ بِالْإِجَابَةِ، بِخِلَافِ التَّعَلُّمِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ يَقْرَأُ تَعْلِيمًا أَوْ تَعَلُّمًا لَا يَقْطَعُ سَائِحَانِيٌّ.
بِخِلَافِ قُرْآنٍ (بِأَنْ يَقُولَ) بِلِسَانِهِ (كَمَقَالَتِهِ) إنْ سَمِعَ الْمَسْنُونَ مِنْهُ، وَهُوَ مَا كَانَ عَرَبِيًّا لَا لَحْنَ فِيهِ، وَلَوْ تَكَرَّرَ أَجَابَ الْأَوَّلَ (إلَّا فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ) فَيُحَوْقِلُ (وَفِي الصَّلَاةِ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) فَيَقُولُ: صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ. وَيُنْدَبُ الْقِيَامُ عِنْدَ سَمَاعِ الْأَذَانِ بَزَّازِيَّةٌ، وَلَمْ يَذْكُرْ
ــ
[رد المحتار]
[تَنْبِيهٌ] هَلْ يُجِيبُ بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ هَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ أَمْ لَا؟ يَنْبَغِي أَنَّهُ إنْ لَمْ يَطُلْ الْفَصْلُ فَنَعَمْ، وَإِنْ طَالَ فَلَا، أَخْذًا مِمَّا يَأْتِي، لَكِنْ صَرَّحَ فِي الْفَيْضِ أَنَّهُ لَوْ سُلِّمَ عَلَى الْمُؤَذِّنِ أَوْ الْمُصَلِّي أَوْ الْقَارِئِ أَوْ الْخَطِيبِ، فَعَنْ أَبِي حَنِيفَةَ لَا يَلْزَمُهُ الرَّدُّ بَعْدَ الْفَرَاغِ، بَلْ يَرُدُّ فِي نَفْسِهِ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: يَرُدُّ بَعْدَهُ: وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا يَرُدُّ مُطْلَقًا، هُوَ الصَّحِيحُ، وَأَجْمَعُوا أَنَّ الْمُتَغَوِّطَ لَا يَلْزَمُهُ مُطْلَقًا اهـ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: كَمَقَالَتِهِ) أَيْ مِثْلِهَا فِي الْقَوْلِ لَا فِي الصِّفَةِ مِنْ رَفْعِ صَوْتٍ وَنَحْوِهِ.
(قَوْلُهُ: إنْ سَمِعَ الْمَسْنُونَ مِنْهُ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ مَسْنُونًا جَمِيعُهُ، فَمِنْ لِبَيَانِ الْجِنْسِ لَا لِلتَّبْعِيضِ، فَلَوْ كَانَ بَعْضُ كَلِمَاتِهِ غَيْرَ عَرَبِيٍّ أَوْ مَلْحُونًا لَا تَجِبُ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ فِي الْبَاقِي؛ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ لَيْسَ أَذَانًا مَسْنُونًا، كَمَا لَوْ كَانَ كُلُّهُ كَذَلِكَ، أَوْ كَانَ قَبْلَ الْوَقْتِ، أَوْ مِنْ جُنُبٍ أَوْ امْرَأَةٍ. وَيَحْتَمِلُ أَنَّ الْمُرَادَ مَا كَانَ مَسْنُونًا مِنْ أَفْرَادِ كَلِمَاتِهِ، فَيُجِيبُ الْمَسْنُونَ مِنْهَا دُونَ غَيْرِهِ، وَهُوَ بَعِيدٌ تَأَمَّلْ؛ لِأَنَّهُ يَسْتَلْزِمُ اسْتِمَاعَهُ وَالْإِصْغَاءَ إلَيْهِ وَقَدْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُمْ صَرَّحُوا بِأَنَّهُ لَا يَحِلُّ سَمَاعُ الْمُؤَذِّنِ إذَا لَحَنَ كَالْقَارِئِ، وَقَدَّمْنَا أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْفَارِسِيَّةِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ أَذَانٌ فِي الْأَصَحِّ بَقِيَ هَلْ يُجِيبُ أَذَانَ غَيْرِ الصَّلَاةِ كَالْأَذَانِ لِلْمَوْلُودِ؟ لَمْ أَرَهُ لِأَئِمَّتِنَا، وَالظَّاهِرُ نَعَمْ؛ وَلِذَا يَلْتَفِتُ فِي حَيْعَلَتِهِ كَمَا مَرَّ، وَهُوَ ظَاهِرُ الْحَدِيثِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ: إنَّ أَلْ فِيهِ لِلْعَهْدِ، وَهَلْ يُجِيبُ التَّرْجِيعَ إذَا سَمِعَهُ مِنْ شَافِعِيٍّ بِنَاءً عَلَى اعْتِقَادِهِ أَنَّهُ سُنَّةٌ؟ مَحَلُّ تَرَدُّدٍ كَمَا تَرَدَّدَ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ فِيمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ مِنْ حَنَفِيٍّ يُثَنِّيهَا، وَاسْتَوْجَبَهُ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ لَا يُجِيبُ فِي الزِّيَادَةِ كَمَا لَوْ زَادَ فِي الْأَذَانِ تَكْبِيرًا، لَكِنَّ قِيَاسَهُ عَلَى الزِّيَادَةِ فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ لَا قَائِلَ بِهَا، بِخِلَافِ مَا نَحْنُ فِيهِ فَإِنَّهُ مُجْتَهَدٌ فِيهِ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ تَكَرَّرَ) أَيْ بِأَنْ أَذَّنَ وَاحِدٌ بَعْدَ وَاحِدٍ، أَمَّا لَوْ سَمِعَهُمْ فِي آنٍ وَاحِدٍ مِنْ جِهَاتٍ فَسَيَأْتِي.
(قَوْلُهُ: أَجَابَ الْأَوَّلَ) سَوَاءٌ كَانَ مُؤَذِّنَ مَسْجِدِهِ أَوْ غَيْرَهُ بَحْرٌ عَنْ الْفَتْحِ بَحْثًا. وَيُفِيدُهُ مَا فِي الْبَحْرِ أَيْضًا عَنْ التَّفَارِيقِ: إذَا كَانَ فِي الْمَسْجِدِ أَكْثَرُ مِنْ مُؤَذِّنٍ أَذَّنُوا وَاحِدًا بَعْدَ وَاحِدٍ، فَالْحُرْمَةُ لِلْأَوَّلِ اهـ لَكِنَّهُ يَحْتَمِلُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى أَنَّ الْإِجَابَةَ بِالْقَدَمِ، أَوْ عَلَى أَنَّ تَكْرَارَهُ فِي مَسْجِدٍ وَاحِدٍ يُوجِبُ أَنْ يَكُونَ الثَّانِي غَيْرَ مَسْنُونٍ، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ مِنْ مَحَلَّاتٍ مُخْتَلِفَةٍ تَأَمَّلْ. وَيَظْهَرُ لِي إجَابَةُ الْكُلِّ بِالْقَوْلِ لِتَعَدُّدِ السَّبَبِ وَهُوَ السَّمَاعُ كَمَا اعْتَمَدَهُ بَعْضُ الشَّافِعِيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَيُحَوْقِلُ) أَيْ يَقُولُ " لَا حَوْلَ وَلَا قُوَّةَ إلَّا بِاَللَّهِ " وَزَادَ فِي عُمْدَةِ الْمُفْتِي " مَا شَاءَ اللَّهُ كَانَ " وَخَيَّرَ بَيْنَهُمَا فِي الْكَافِي. وَفَصَّلَ فِي الْمُحِيطِ بِأَنْ يَأْتِيَ بِالْحَوْقَلَةِ مَكَانَ الصَّلَاةِ، وَبِالْمَشِيئَةِ مَكَانَ الْفَلَاحِ إسْمَاعِيلُ وَالْمُخْتَارُ الْأَوَّلُ نُوحٌ أَفَنْدِي. ثُمَّ إنَّ الْإِتْيَانَ بِالْحَوْقَلَةِ وَإِنْ خَالَفَ ظَاهِرَ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» لَكِنَّهُ وَرَدَ فِيهِ حَدِيثٌ مُفَسِّرٌ لِذَلِكَ رَوَاهُ مُسْلِمٌ، وَاخْتَارَ فِي الْفَتْحِ الْجَمْعَ بَيْنَهُمَا عَمَلًا بِالْأَحَادِيثِ، قَالَ: فَإِنَّهُ وَرَدَ فِي بَعْضِهَا صَرِيحًا «إذَا قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ قَالَ حَيَّ عَلَى الصَّلَاةِ إلَخْ» وَقَوْلُهُمْ إنَّهُ يُشْبِهُ الِاسْتِهْزَاءَ لَا يَتِمُّ، إذْ لَا مَانِعَ مِنْ اعْتِبَارِهِ مُجِيبًا بِهِمَا دَاعِيًا نَفْسَهُ مُخَاطِبًا لَهَا، وَقَدْ رَأَيْنَا مِنْ مَشَايِخِ السُّلُوكِ مَنْ كَانَ يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا فَيَدْعُو نَفْسَهُ ثُمَّ يَتَبَرَّأُ مِنْ الْحَوْلِ وَالْقُوَّةِ لِيَعْمَلَ بِالْحَدِيثَيْنِ، وَقَدْ أَطَالَ فِي ذَلِكَ وَأَقَرَّهُ فِي الْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهِمَا. قُلْت: وَهُوَ مَذْهَبُ سُلْطَانِ الْعَارِفِينَ سَيِّدِي مُحْيِي الدِّينِ نَصَّ عَلَيْهِ فِي الْفُتُوحَاتِ الْمَكِّيَّةِ.
(قَوْلُهُ: فَيَقُولُ صَدَقْتَ وَبَرِرْتَ) بِكَسْرِ الرَّاءِ الْأُولَى وَحُكِيَ فَتْحُهَا: أَيْ صِرْت ذَا بِرٍّ: أَيْ خَيْرٍ كَثِيرٍ، قِيلَ يَقُولُ لِلْمُنَاسَبَةِ، وَلِوُرُودِ خَبَرٍ فِيهِ. وَرُدَّ بِأَنَّهُ غَيْرُ مَعْرُوفٍ وَأُجِيبَ بِأَنَّ مَنْ حَفِظَ حُجَّةً عَلَى مَنْ لَمْ يَحْفَظْ. وَنَقَلَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ عَنْ شَرْحِ الطَّحَاوِيِّ زِيَادَةٌ " وَبِالْحَقِّ نَطَقْتَ ".
(قَوْلُهُ: بَزَّازِيَّةٌ) كَذَا نَقَلَهُ فِي النَّهْرِ وَلَمْ أَرَهُ فِيهَا، فَلْتُرَاجَعْ نُسْخَةٌ أُخْرَى، نَعَمْ رَأَيْت فِيهَا سَمِعَ وَهُوَ يَمْشِي، فَالْأَفْضَلُ أَنْ يَقِفَ لِلْإِجَابَةِ لِيَكُونَ فِي مَكَان وَاحِدٍ. اهـ.
(قَوْلُهُ: وَلَمْ يَذْكُرْ إلَخْ) هُوَ لِصَاحِبِ النَّهْرِ.
هَلْ يَسْتَمِرُّ إلَى فَرَاغِهِ أَوْ يَجْلِسُ، وَلَوْ لَمْ يُجِبْهُ حَتَّى فَرَغَ لَمْ أَرَهُ. وَيَنْبَغِي تَدَارُكُهُ إنْ قَصُرَ الْفَصْلُ، وَيَدْعُو عِنْدَ فَرَاغِهِ بِالْوَسِيلَةِ لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم (وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ حِينَ سَمِعَهُ لَيْسَ عَلَيْهِ الْإِجَابَةُ، وَلَوْ كَانَ خَارِجَهُ أَجَابَ) بِالْمَشْيِ إلَيْهِ (بِالْقَدَمِ، وَلَوْ أَجَابَ بِاللِّسَانِ لَا بِهِ لَا يَكُونُ مُجِيبًا) وَهَذَا (بِنَاءً عَلَى أَنَّ الْإِجَابَةَ الْمَطْلُوبَةَ بِقَدَمِهِ لَا بِلِسَانِهِ) كَمَا هُوَ قَوْلُ الْحَلْوَانِيِّ، وَعَلَيْهِ (فَيَقْطَعُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ لَوْ) كَانَ يَقْرَأُ (بِمَنْزِلِهِ، وَيُجِيبُ) لَوْ أَذَانَ مَسْجِدِهِ كَمَا يَأْتِي (وَلَوْ بِمَسْجِدٍ لَا)
ــ
[رد المحتار]
قُلْت: وَيَحْتَمِلُ أَنْ يُرَادَ بِالْقِيَامِ الْإِجَابَةُ بِالْقَدَمِ. وَقَدْ أَخْرَجَ السُّيُوطِيّ عَنْ أَبِي نُعَيْمٍ فِي الْحِلْيَةِ بِسَنَدٍ فِيهِ مَقَالٌ «إذَا سَمِعْتُمْ النِّدَاءَ فَقُومُوا فَإِنَّهَا عَزْمَةٌ مِنْ اللَّهِ» " قَالَ شَارِحُهُ الْمُنَاوِيِّ: أَيْ اسْعَوْا إلَى الصَّلَاةِ، أَوْ الْمُرَادُ بِالنِّدَاءِ الْإِقَامَةُ. وَالْعَزْمَةُ بِالْفَتْحِ: الْأَمْرُ.
(قَوْلُهُ: لَمْ أَرَهُ إلَخْ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ، وَصَرَّحَ بِهِ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ، حَيْثُ قَالَ: فَلَوْ سَكَتَ حَتَّى فَرَغَ كُلُّ الْأَذَانِ ثُمَّ أَجَابَ قَبْلَ فَاصِلٍ طَوِيلٍ كَفَى فِي أَصْلِ سُنَّةِ الْإِجَابَةِ كَمَا هُوَ ظَاهِرٌ. اهـ.
وَاسْتُفِيدَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْمُجِيبَ لَا يَسْبِقُ الْمُؤَذِّنَ بَلْ يُعَقِّبُ كُلَّ جُمْلَةٍ مِنْهُ بِجُمْلَةٍ مِنْهُ. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَفِي حَدِيثِ عُمَرَ بْنِ أَبِي أُمَامَةَ التَّنْصِيصُ عَلَى ذَلِكَ. اهـ.
قُلْت: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا تَكْفِي الْمُقَارَنَةُ؛ لِأَنَّ الْجَوَابَ يَعْقُبُ الْكَلَامَ بِخِلَافِ مُتَابَعَةِ الْمُقْتَدِي لِلْإِمَامِ إلَخْ.
(قَوْلُهُ: وَيَدْعُو إلَخْ) أَيْ بَعْدَ أَنْ يُصَلِّيَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لِمَا رَوَاهُ مُسْلِمٌ وَغَيْرُهُ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ، فَإِنَّهُ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ صَلَاةً صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ بِهَا عَشْرًا ثُمَّ سَلُوا لِي الْوَسِيلَةَ فَإِنَّهَا مَنْزِلَةٌ فِي الْجَنَّةِ لَا تَنْبَغِي إلَّا لِعَبْدٍ مُؤْمِنٍ مِنْ عِبَادِ اللَّهِ، وَأَرْجُو أَنْ أَكُونَ أَنَا هُوَ، فَمَنْ سَأَلَ اللَّهَ لِي الْوَسِيلَةَ حَلَّتْ لَهُ الشَّفَاعَةُ» " وَرَوَى الْبُخَارِيُّ وَغَيْرُهُ «مَنْ قَالَ حِينَ يَسْمَعُ النِّدَاءَ: اللَّهُمَّ رَبِّ هَذِهِ الدَّعْوَةِ التَّامَّةِ وَالصَّلَاةِ الْقَائِمَةِ آتِ مُحَمَّدًا الْوَسِيلَةَ وَالْفَضِيلَةَ، وَابْعَثْهُ مَقَامًا مَحْمُودًا الَّذِي وَعَدْته حَلَّتْ لَهُ شَفَاعَتِي يَوْمَ الْقِيَامَةِ» وَزَادَ الْبَيْهَقِيُّ فِي آخِرِهِ «إنَّك لَا تُخْلِفُ الْمِيعَادَ» وَتَمَامُهُ فِي الْإِمْدَادِ وَالْفَتْحِ. قَالَ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْمِنْهَاجِ: وَزِيَادَةُ وَالدَّرَجَةَ الرَّفِيعَةَ وَخَتْمُهُ بِيَا أَرْحَمَ الرَّاحِمِينَ لَا أَصْلَ لَهُمَا. اهـ.
[تَتِمَّةٌ] يُسْتَحَبُّ أَنْ يُقَالَ عِنْدَ سَمَاعِ الْأُولَى مِنْ الشَّهَادَةِ: صَلَّى اللَّهُ عَلَيْك يَا رَسُولَ اللَّهِ، وَعِنْدَ الثَّانِيَةِ مِنْهَا: قَرَّتْ عَيْنِي بِك يَا رَسُولَ اللَّهِ، ثُمَّ يَقُولُ: اللَّهُمَّ مَتِّعْنِي بِالسَّمْعِ وَالْبَصَرِ بَعْدَ وَضْعِ ظُفْرَيْ الْإِبْهَامَيْنِ عَلَى الْعَيْنَيْنِ فَإِنَّهُ عليه السلام يَكُونُ قَائِدًا لَهُ إلَى الْجَنَّةِ، كَذَا فِي كَنْزِ الْعِبَادِ. اهـ. قُهُسْتَانِيٌّ، وَنَحْوُهُ فِي الْفَتَاوَى الصُّوفِيَّةِ. وَفِي كِتَابِ الْفِرْدَوْسِ «مَنْ قَبَّلَ ظُفْرَيْ إبْهَامِهِ عِنْدَ سَمَاعِ أَشْهَدُ أَنَّ مُحَمَّدًا رَسُولُ اللَّهِ فِي الْأَذَانِ أَنَا قَائِدُهُ وَمُدْخِلُهُ فِي صُفُوفِ الْجَنَّةِ» وَتَمَامُهُ فِي حَوَاشِي الْبَحْرِ لِلرَّمْلِيِّ عَنْ الْمَقَاصِدِ الْحَسَنَةِ لِلسَّخَاوِيِّ، وَذَكَرَ ذَلِكَ الْجِرَاحِيُّ وَأَطَالَ، ثُمَّ قَالَ: وَلَمْ يَصِحَّ فِي الْمَرْفُوعِ مِنْ كُلِّ هَذَا شَيْءٌ. وَنَقَلَ بَعْضُهُمْ أَنَّ الْقُهُسْتَانِيَّ كَتَبَ عَلَى هَامِشِ نُسْخَتِهِ أَنَّ هَذَا مُخْتَصٌّ بِالْأَذَانِ، وَأَمَّا فِي الْإِقَامَةِ فَلَمْ يُوجَدْ بَعْدَ الِاسْتِقْصَاءِ التَّامِّ وَالتَّتَبُّعِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ) هُوَ مُقَابِلُ قَوْلِهِ بِأَنْ يَقُولَ كَمَقَالَتِهِ ط.
(قَوْلُهُ: أَجَابَ بِالْمَشْيِ إلَيْهِ) أَيْ لِئَلَّا تَفُوتَهُ الْجَمَاعَةُ فَيَأْثَمُ كَمَا قَرَّرْنَاهُ آنِفًا فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا) رَاجِعٌ إلَى قَوْلِهِ وَلَوْ كَانَ فِي الْمَسْجِدِ إلَخْ ح.
(قَوْلُهُ: الْمَطْلُوبَةَ) أَيْ طَلَبَ إيجَابٍ كَمَا قَدَّمَهُ.
(قَوْلُهُ: لَا بِلِسَانِهِ) أَيْ لِأَنَّ الْإِجَابَةَ بِهِ مَنْدُوبَةٌ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ كَمَا مَرَّ.
(قَوْلُهُ: فَيَقْطَعُ قِرَاءَةَ الْقُرْآنِ) الظَّاهِرُ أَنَّ الْمُرَادَ الْمُسَارَعَةُ لِلْإِجَابَةِ وَعَدَمُ الْقُعُودِ لِأَجْلِ الْقِرَاءَةِ لِإِخْلَالِ الْقُعُودِ بِالسَّعْيِ الْوَاجِبِ. وَإِلَّا فَلَا مَانِعَ مِنْ الْقِرَاءَةِ مَاشِيًا، إلَّا أَنْ يُرَادَ يَقْطَعُهَا نَدْبًا لِلْإِجَابَةِ بِاللِّسَانِ أَيْضًا، لَكِنْ لَا يُنَاسِبُهُ التَّفْرِيعُ وَلَا قَوْلُهُ وَلَوْ بِمَسْجِدٍ لَا. لِمَا عَلِمْت مِنْ أَنَّ الْحَلْوَانِيَّ قَائِلٌ بِنَسَبِهَا بِاللِّسَانِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَيُجِيبُ) أَيْ بِالْقَدَمِ.
(قَوْلُهُ: لَوْ أَذَانَ مَسْجِدِهِ كَمَا يَأْتِي) أَيْ عَنْ التَّتَارْخَانِيَّة، هَذَا سَاقِطٌ مِنْ بَعْضِ النُّسَخِ.
(قَوْلُهُ: وَلَوْ بِمَسْجِدٍ لَا)
لِأَنَّهُ أَجَابَ بِالْحُضُورِ، وَهَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ، وَأَمَّا عِنْدَنَا فَيَقْطَعُ وَيُجِيبُ بِلِسَانِهِ مُطْلَقًا، وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهَا بِاللِّسَانِ لِظَاهِرِ الْأَمْرِ فِي حَدِيثِ «إذَا سَمِعْتُمْ الْمُؤَذِّنَ فَقُولُوا مِثْلَ مَا يَقُولُ» كَمَا بَسَطَ فِي الْبَحْرِ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ، وَقَوَّاهُ فِي النَّهْرِ نَاقِلًا عَنْ الْمُحِيطِ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ لَا يَرُدُّ السَّلَامَ وَلَا يُسَلِّمُ وَلَا يَقْرَأُ بَلْ يَقْطَعُهَا وَيُجِيبُ، وَلَا يَشْتَغِلُ بِغَيْرِ الْإِجَابَةِ. قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُجِيبَ بِلِسَانِهِ اتِّفَاقًا فِي الْأَذَانِ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ، وَأَنْ يُجِيبَ بِقَدَمِهِ اتِّفَاقًا فِي الْأَذَانِ الْأَوَّلِ يَوْمَ الْجُمُعَةِ لِوُجُوبِ السَّعْيِ بِالنَّصِّ. وَفِي التَّتَارْخَانِيَّة إنَّمَا يُجِيبُ أَذَانَ مَسْجِدِهِ. وَسَأَلَ ظَهِيرُ الدِّينِ عَمَّنْ سَمِعَهُ فِي آنٍ مِنْ جِهَاتٍ مَاذَا يَجِبُ عَلَيْهِ؟
ــ
[رد المحتار]
أَيْ لَا يَجِبُ قَطْعُهَا بِالْمَعْنَى الَّذِي ذَكَرْنَاهُ آنِفًا، فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمَهُ مِنْ أَنَّ إجَابَةَ اللِّسَانِ مَنْدُوبَةٌ عِنْدَ الْحَلْوَانِيِّ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَهَذَا مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ) تَكْرَارٌ مَحْضٌ مَعَ قَوْلِهِ وَعَلَيْهِ فَيَقْطَعُ إلَخْ ط.
(قَوْلُهُ: وَالظَّاهِرُ وُجُوبُهَا بِاللِّسَانِ إلَخْ) كَذَا قَالَهُ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ مُعَلِّلًا بِأَنَّهُ لَمْ تَظْهَرْ قَرِينَةٌ تَصْرِفُ الْأَمْرَ عَنْ الْوُجُوبِ. وَنَازَعَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ بِمَا فِي آخِرِ الْحَدِيثِ، مِنْ قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام " ثُمَّ صَلُّوا عَلَيَّ فَإِنَّ مَنْ صَلَّى عَلَيَّ إلَخْ " لِأَنَّ مِثْلَهُ مِنْ التَّرْغِيبَاتِ فِي الثَّوَابِ يُسْتَعْمَلُ فِي الْمُسْتَحَبِّ غَالِبًا. اهـ.
أَقُولُ: فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ مَا ذُكِرَ إنَّمَا هُوَ لِلصَّلَاةِ وَسُؤَالُ الْوَسِيلَةِ لِإِجَابَةِ الْمُدَّعِي وُجُوبَهَا وَالْقِرَانُ فِي النَّظْمِ لَا يُوجِدُ الْقِرَانَ فِي الْحُكْمِ كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ، نَعَمْ أَخْرَجَ الْإِمَامُ أَبُو جَعْفَرٍ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ شَرْحُ الْآثَارِ بِسَنَدِهِ إلَى «عَبْدِ اللَّهِ رضي الله عنه قَالَ كُنَّا مَعَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فِي بَعْضِ أَسْفَارِهِ فَسَمِعَ مُنَادِيًا وَهُوَ يَقُولُ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم عَلَى الْفِطْرَةِ، فَقَالَ أَشْهَدُ أَنْ لَا إلَهَ إلَّا اللَّهُ، فَقَالَ صلى الله عليه وسلم خَرَجَ مِنْ النَّارِ» " فَابْتَدَرْنَاهُ فَإِذَا صَاحِبُ مَاشِيَةٍ أَدْرَكَتْهُ الصَّلَاةُ فَنَادَى بِهَا. قَالَ أَبُو جَعْفَرٍ: فَهَذَا رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ غَيْرُ مَا قَالَ الْمُنَادِي، فَدَلَّ أَنَّ الْأَمْرَ لِلِاسْتِحْبَابِ وَالنَّدْبَ كَأَمْرِهِ بِالدُّعَاءِ فِي أَدْبَارِ الصَّلَوَاتِ وَنَحْوِهِ اهـ فَهَذِهِ قَرِينَةٌ صَارِفَةٌ لِلْأَمْرِ عَنْ الْوُجُوبِ، وَبِهِ تَأَيَّدَ مَا صَرَّحَ بِهِ جَمَاعَةٌ مِنْ أَصْحَابِنَا، مِنْ عَدَمِ وُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِاللِّسَانِ وَأَنَّهَا مُسْتَحَبَّةٌ. وَهَذَا ظَاهِرٌ فِي تَرْجِيحِ قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ، وَعَلَيْهِ مَشَى فِي الْخَانِيَّةِ وَالْفَيْضِ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم «إذَا سَمِعْت النِّدَاءَ فَأَجِبْ دَاعِيَ اللَّهِ» وَفِي رِوَايَةٍ " فَأَجِبْ، وَعَلَيْك السَّكِينَةُ " وَيَكْفِي فِي تَرْجِيحِهِ الْأَدِلَّةُ عَلَى وُجُوبِ الْجَمَاعَةِ، فَإِنَّك عَلِمْت أَنَّ قَوْلَ الْحَلْوَانِيِّ مَبْنِيٌّ عَلَى أَنَّ الْإِجَابَةَ لِقَصْدِ الْجَمَاعَةِ. وَاَلَّذِي يَنْبَغِي تَحْرِيرُهُ فِي هَذَا الْمَحَلِّ أَنَّ الْإِجَابَةَ بِاللِّسَانِ مُسْتَحَبَّةٌ وَأَنَّ الْإِجَابَةَ بِالْقَدَمِ وَاجِبَةٌ إنْ لَزِمَ مِنْ تَرْكِهَا تَفْوِيتُ الْجَمَاعَةِ، وَإِلَّا بِأَنْ أَمْكَنَهُ إقَامَتُهَا بِجَمَاعَةٍ ثَانِيَةٍ فِي الْمَسْجِدِ أَوَّلَ بَيْتِهِ لَا تَجِبُ، بَلْ تُسْتَحَبُّ مُرَاعَاةً لِأَوَّلِ الْوَقْتِ وَالْجَمَاعَةِ الْكَثِيرَةِ فِي الْمَسْجِدِ بِلَا تَكْرَارٍ، هَذَا مَا ظَهَرَ لِي.
(قَوْلُهُ: بِأَنَّهُ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوَّاهُ، وَلَوْ قَالَ وَفَرَّعَ عَلَيْهِ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ عَلَى الْأَوَّلِ إلَخْ لَكَانَ أَوْلَى ط.
أَقُولُ: نَعَمْ قَوَّاهُ فِي النَّهْرِ بِمَا أَوْرَدَهُ عَلَى قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ مِنْ الْإِشْكَالِ بِلُزُومِ الْأَدَاءِ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَفِي الْمَسْجِدِ، وَقَدْ عَلِمْت انْدِفَاعَهُ.
(قَوْلُهُ: عَلَى الْأَوَّلِ) أَيْ الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْإِجَابَةِ بِاللِّسَانِ.
(قَوْلُهُ: لَا يَرُدُّ السَّلَامَ) لَمْ أَرَهُ فِي النَّهْرِ، وَإِنَّمَا رَأَيْته فِي الْبَحْرِ. وَقَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: وَفِي التُّحْفَةِ: وَيَنْبَغِي لِلسَّامِعِ أَنْ لَا يَتَكَلَّمَ وَلَا يَشْتَغِلَ بِشَيْءٍ فِي حَالَةِ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ وَلَا يَرُدَّ السَّلَامَ أَيْضًا؛ لِأَنَّ الْكُلَّ يُخِلُّ بِالنَّظْمِ. اهـ.
أَقُولُ: يَظْهَرُ مِنْ هَذَا أَنَّ قَوْلَهُ لَا يَرُدُّ السَّلَامَ لَيْسَ لِلْوُجُوبِ، أَنَّهُ يَتَفَرَّعُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ وَإِلَّا لَزِمَ وُجُوبُ ذَلِكَ فِي الْإِقَامَةِ مَعَ أَنَّ أَصْلَ إجَابَةِ الْإِقَامَةِ مُسْتَحَبَّةٌ كَمَا يَأْتِي فَضْلًا عَنْ وُجُوبِ مَا ذُكِرَ فِيهَا؛ لِأَنَّهُ لَا يُنَافِي الْإِجَابَةَ، فَإِنَّهُ يُمْكِنُ أَنْ يُجِيبَ ثُمَّ يَرُدَّ السَّلَامَ، أَوْ يُسَلِّمَ مَثَلًا عِنْدَ سَكَتَاتِ الْمُؤَذِّنِ، لَكِنَّهُ لَا يَنْبَغِي؛ لِأَنَّهُ يُخِلُّ بِالنَّظْمِ؛ لِأَنَّ الْمَشْرُوعَ
قَالَ: إجَابَةُ أَذَانِ مَسْجِدِهِ بِالْفِعْلِ.
(وَيُجِيبُ الْإِقَامَةَ) نَدْبًا إجْمَاعًا (كَالْأَذَانِ) وَيَقُولُ عِنْدَ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ: أَقَامَهَا اللَّهُ وَأَدَامَهَا (وَقِيلَ لَا) يُجِيبُهَا، وَبِهِ جَزَمَ الشُّمُنِّيُّ.
[فُرُوعٌ] صَلَّى السُّنَّةَ بَعْدَ الْإِقَامَةِ أَوْ حَضَرَ الْإِمَامُ بَعْدَهَا لَا يُعِيدُهَا بَزَّازِيَّةٌ. وَيَنْبَغِي إنْ طَالَ الْفَصْلُ أَوْ وَجَدَ مَا يُعَدُّ قَاطِعًا كَأَكْلٍ أَنْ تُعَادَ.
دَخَلَ الْمَسْجِدَ وَالْمُؤَذِّنُ يُقِيمُ قَعَدَ إلَى قِيَامِ الْإِمَامِ فِي مُصَلَّاهُ.
رَئِيسُ الْمَحَلَّةِ لَا يَنْتَظِرُ مَا لَمْ يَكُنْ شِرِّيرًا وَالْوَقْتُ مُتَّسِعٌ.
يُكْرَهُ لَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي مَسْجِدَيْنِ
وِلَايَةُ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ لِبَانِي الْمَسْجِدِ مُطْلَقًا وَكَذَا الْإِمَامَةُ لَوْ عَدْلًا.
ــ
[رد المحتار]
إجَابَةٌ لَا حَشْوَ فِيهَا، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا لَمْ يَجِبْ رَدُّ السَّلَامِ وَإِنْ قُلْنَا إنَّهُ لَا يَنَالُ الْإِجَابَةَ أَوْ قُلْنَا بِعَدَمِ وُجُوبِهَا؛ لِأَنَّ السَّلَامَ عَلَيْهِ فِي هَذِهِ الْحَالَةِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ كَالسَّلَامِ عَلَى الْقَارِئِ وَالْمُؤَذِّنِ، فَلِذَا لَمْ يَجِبْ رَدُّهُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ.
(قَوْلُهُ: قَالَ) أَيْ فِي النَّهْرِ.
(قَوْلُهُ: إنَّمَا يُجِيبُ أَذَانَ مَسْجِدِهِ) أَيْ بِالْقَدَمِ، وَهُوَ مُتَفَرِّعٌ عَلَى قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ كَمَا أَشَارَ إلَيْهِ الشَّارِحُ سَابِقًا بِقَوْلِهِ كَمَا يَأْتِي ط.
(قَوْلُهُ: قَالَ إجَابَةُ أَذَانِ مَسْجِدِهِ بِالْفِعْلِ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَهَذَا لَيْسَ مِمَّا نَحْنُ فِيهِ؛ إذْ مَقْصُودُ السَّائِلِ: أَيُّ مُؤَذِّنٍ يُجِيبُ بِاللِّسَانِ اسْتِحْبَابًا أَوْ وُجُوبًا، وَاَلَّذِي يَنْبَغِي إجَابَةُ الْأَوَّلِ سَوَاءٌ كَانَ مُؤَذِّنَ مَسْجِدِهِ أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ سَمِعَهُمْ مَعًا أَجَابَ مُعْتَبِرًا كَوْنَ إجَابَتِهِ لِمُؤَذِّنِ مَسْجِدِهِ، وَلَوْ لَمْ يَعْتَبِرْ ذَلِكَ جَازَ، وَإِنَّمَا فِيهِ مُخَالَفَةُ الْأَوْلَى اهـ مُلَخَّصًا.
أَقُولُ: وَالظَّاهِرُ أَنَّ عُدُولَ الْإِمَامِ ظَهِيرِ الدِّينِ إلَى مَا قَالَ مِنْ بَابِ أُسْلُوبِ الْحَكِيمِ مَيْلًا مِنْهُ إلَى مَذْهَبِ الْحَلْوَانِيِّ، ثُمَّ رَأَيْت الرَّحْمَتِيَّ أَجَابَ بِذَلِكَ
(قَوْلُهُ: إجْمَاعًا) قَيْدٌ لِقَوْلِهِ نَدْبًا: أَيْ إنَّ الْقَائِلِينَ بِإِجَابَتِهَا أَجْمَعُوا عَلَى النَّدْبِ وَلَمْ يَقُلْ أَحَدٌ مِنْهُمْ بِالْوُجُوبِ كَمَا قِيلَ فِي الْأَذَانِ، فَلَا يُنَافِي قَوْلَهُ وَقِيلَ لَا فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ: وَيَقُولُ إلَخْ) أَيْ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد بِزِيَادَةِ «مَا دَامَتْ السَّمَاوَاتُ وَالْأَرْضُ، وَجَعَلَنِي مِنْ صَالِحِي أَهْلِهَا» .
(قَوْلُهُ: وَبِهِ جَزَمَ الشُّمُنِّيُّ) حَيْثُ قَالَ: وَمَنْ سَمِعَ الْإِقَامَةَ لَا يُجِيبُ، وَلَا بَأْسَ أَنْ يَشْتَغِلَ بِالدُّعَاءِ. اهـ. وَيُمْكِنُ حَمْلُهُ عَلَى نَفْيِ الْوُجُوبِ بِدَلِيلِ قَوْلِ الْخُلَاصَةِ. لَيْسَ عَلَيْهِ جَوَابُ الْإِقَامَةِ أَوْ الْمُرَادُ إذَا سَمِعَ قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ لَا يُجِيبُ بِلَفْظِهَا، أَفَادَهُ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ
(قَوْلُهُ: وَيَنْبَغِي إلَخْ) الْبَحْثُ لِصَاحِبِ النَّهْرِ.
أَقُولُ: قَالَ فِي آخِرِ شَرْحِ الْمُنْيَةِ: أَقَامَ الْمُؤَذِّنُ وَلَمْ يُصَلِّ الْإِمَامُ رَكْعَتَيْ الْفَجْرِ يُصَلِّيهِمَا وَلَا تُعَادُ الْإِقَامَةُ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَهَا غَيْرُ مَشْرُوعٍ إذَا لَمْ يَقْطَعْهَا قَاطِعٌ مِنْ كَلَامٍ كَثِيرٍ أَوْ عَمَلٍ كَثِيرٍ مِمَّا يَقْطَعُ الْمَجْلِسَ فِي سَجْدَةِ التِّلَاوَةِ اهـ
(قَوْلُهُ: قَعَدَ) وَيُكْرَهُ لَهُ الِانْتِظَارُ قَائِمًا، وَلَكِنْ يَقْعُدُ ثُمَّ يَقُومُ إذَا بَلَغَ الْمُؤَذِّنُ حَيَّ عَلَى الْفَلَاحِ انْتَهَى هِنْدِيَّةٌ عَنْ الْمُضْمَرَاتِ.
(قَوْلُهُ: فِي مَسْجِدَيْنِ) لِأَنَّهُ إذَا صَلَّى فِي الْمَسْجِدِ الْأَوَّلِ يَكُونُ مُتَنَفِّلًا بِالْأَذَانِ فِي الْمَسْجِدِ الثَّانِي وَالتَّنَفُّلُ بِالْأَذَانِ غَيْرُ مَشْرُوعٍ؛ وَلِأَنَّ الْأَذَانَ لِلْمَكْتُوبَةِ وَهُوَ فِي الْمَسْجِدِ الثَّانِي يُصَلِّي النَّافِلَةَ، فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَدْعُوَ النَّاسَ إلَى الْمَكْتُوبَةِ وَهُوَ لَا يُسَاعِدُهُمْ فِيهَا. اهـ. بَدَائِعُ
(قَوْلُهُ: مُطْلَقًا) أَيْ عَدْلًا أَوْ لَا. وَفِي الْأَشْبَاهِ: وَلَدُ الْبَانِي وَعَشِيرَتُهُ أَوْلَى مِنْ غَيْرِهِمْ اهـ وَسَيَجِيءُ فِي الْوَقْفِ أَنَّ الْقَوْمَ إذَا عَيَّنُوا مُؤَذِّنًا وَإِمَامًا وَكَانَ أَصْلَحَ مِمَّا نَصَّبَهُ الْبَانِي فَهُوَ أَوْلَى، وَذَكَرَهُ فِي الْفَتْحِ عَنْ النَّوَازِلِ وَأَقَرَّهُ. اهـ. مَدَنِيٌّ.