المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أَنْ يَلْتَزِمَ جَمِيعَ مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ الْإِمَامُ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ١

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌أَرْكَانُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَنُ الْوُضُوء]

- ‌فَرْضُ الْغُسْلِ)

- ‌[فُرُوعٌ فِي الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْلِ]

- ‌بَابُ الْمِيَاهِ

- ‌[الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[فَرْعٌ مُحْدِثٍ انْغَمَسَ فِي بِئْرٍ لِدَلْوٍ وَلَا نَجَسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْوِ وَلَمْ يَتَدَلَّكْ]

- ‌[فَرْعٌ] مَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَسِنْجَابٍ إنْ عَلِمَ دَبْغَهُ بِطَاهِرٍ

- ‌[فُرُوعٌ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْبِئْرِ

- ‌[فَرْعٌ] وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ مَنِيًّا أَوْ بَوْلًا أَوْ دَمًا

- ‌[فَرْعٌ الْبُعْدُ الْمَانِعُ مِنْ وُصُولِ نَجَاسَةِ الْبَالُوعَةِ إلَى الْبِئْرِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم وَشُرُوطه]

- ‌[سُنَنُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فُرُوعٌ] صَلَّى الْمَحْبُوسُ بِالتَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ نَوَاقِضُ الْمَسْحِ]

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمَعْذُورِ]

- ‌بَابُ الْأَنْجَاسِ

- ‌فَصْلُ الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الِاسْتِبْرَاء]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ الْأَذَانِ

- ‌[فَائِدَةٌ] التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْأَذَانِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّيَّةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[مَطْلَبٌ قَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الرُّكْنَ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ]

- ‌[وَاجِبَات الصَّلَاة]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان تَأْلِيف الصَّلَاة إلَى انتهائها]

- ‌[فُرُوعٌ] كَبَّرَ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَكْبِيرِ إمَامِهِ

- ‌[فُرُوعٌ] قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَة]

- ‌فُرُوعٌ] يَجِبُ الِاسْتِمَاعُ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا

- ‌بَابُ الْإِمَامَةِ

- ‌[فُرُوعٌ اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَمَنْ يَرَى الْوِتْرَ وَاجِبًا بِمَنْ يَرَاهُ سُنَّةً]

- ‌بَابُ الِاسْتِخْلَافِ

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا

- ‌[فُرُوعٌ سَمِعَ المصلي اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جل جلاله أَوْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فُرُوعٌ مَشَى المصلي مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاته]

- ‌[فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِتَكْلِيمِ الْمُصَلِّي وَإِجَابَتِهِ بِرَأْسِهِ

- ‌فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ الْمِسْبَحَةِ لِغَيْرِ رِيَاءٍ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتِمَالُ الصَّلَاة عَلَى الصَّمَّاءِ وَالِاعْتِجَارُ وَالتَّلَثُّمُ وَالتَّنَخُّمُ وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[فُرُوعٌ]أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ

الفصل: أَنْ يَلْتَزِمَ جَمِيعَ مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ الْإِمَامُ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ

أَنْ يَلْتَزِمَ جَمِيعَ مَا يُوجِبُهُ ذَلِكَ الْإِمَامُ لِمَا قَدَّمْنَا أَنَّ الْحُكْمَ الْمُلَفَّقَ بَاطِلٌ بِالْإِجْمَاعِ.

‌بَابُ الْأَذَانِ

(هُوَ) لُغَةً الْإِعْلَامُ. وَشَرْعًا (إعْلَامٌ مَخْصُوصٌ) لَمْ يَقُلْ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لِيَعُمَّ الْفَائِتَةَ وَبَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ (عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ بِأَلْفَاظٍ كَذَلِكَ) أَيْ مَخْصُوصَةٍ (سَبَبُهُ ابْتِدَاءُ أَذَانِ جِبْرِيلَ) لَيْلَةَ الْإِسْرَاءِ وَإِقَامَتُهُ حِينَ إمَامَتِهِ عليه الصلاة والسلام، ثُمَّ رُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ أَذَانَ الْمَلَكِ النَّازِلِ مِنْ السَّمَاءِ فِي السَّنَةِ الْأُولَى مِنْ الْهِجْرَةِ. وَهَلْ هُوَ جِبْرِيلُ؟

ــ

[رد المحتار]

أَيْضًا أَنْ يَقْرَأَ الْفَاتِحَةَ فِي الصَّلَاةِ وَلَوْ مُقْتَدِيًا وَأَنْ يُعِيدَ الْوُضُوءَ مَنْ مَسَّ فَرْجَهُ أَوْ أَجْنَبِيَّةً وَغَيْرَ ذَلِكَ مِنْ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ الْمُتَعَلِّقَةِ بِذَلِكَ الْفِعْلِ. وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ.

[بَابُ الْأَذَانِ]

ِ لَمَّا كَانَ الْوَقْتُ سَبَبًا كَمَا مَرَّ قَدَّمَهُ. وَذَكَرَ الْأَذَانَ بَعْدَهُ؛ لِأَنَّهُ إعْلَامٌ بِدُخُولِهِ.

(قَوْلُهُ: هُوَ لُغَةً الْإِعْلَامُ) قَالَ فِي الْقَامُوسِ: آذَنَهُ الْأَمْرَ وَبِهِ: أَعْلَمَهُ، وَأَذَّنَ تَأْذِينًا: أَكْثَرَ الْإِعْلَامَ اهـ فَالْأَذَانُ اسْمُ مَصْدَرٍ؛ لِأَنَّ الْمَاضِيَ هُنَا أَذَّنَ الْمُضَاعَفُ وَمَصْدَرُهُ التَّأْذِينُ ح.

(قَوْلُهُ: وَشَرْعًا إعْلَامٌ مَخْصُوصٌ) أَيْ إعْلَامٌ بِالصَّلَاةِ. قَالَ فِي الدُّرَرِ: وَيُطْلَقُ عَلَى الْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ اهـ أَيْ الَّتِي يَحْصُلُ بِهَا الْإِعْلَامُ، مِنْ إطْلَاقِ اسْمِ الْمُسَبَّبِ عَلَى السَّبَبِ إسْمَاعِيلُ. وَإِنَّمَا لَمْ يُعَرِّفْهُ بِالْأَلْفَاظِ الْمَخْصُوصَةِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ الْأَذَانُ لِلصَّلَاةِ، وَلَوْ عَرَّفَ بِهَا لَدَخَلَ الْأَذَانُ لِلْمَوْلُودِ وَنَحْوِهِ عَلَى مَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ: لِيَعُمَّ الْفَائِتَةَ إلَخْ) أَيْ لِيَعُمَّ الْأَذَانُ أَذَانَ الْفَائِتَةِ وَالْأَذَانَ بَيْنَ يَدَيْ الْخَطِيبِ، وَلِيُعْلَمَ أَيْضًا الْأَذَانُ فِي آخِرِ ظُهْرِ الصَّيْفِ أَفَادَهُ ح أَيْ لِأَنَّ الْعِلْمَ بِالْوَقْتِ فِيهَا سَابِقٌ عَلَيْهِ. وَلِقَائِلٍ أَنْ يَقُولَ: لَوْ صَرَّحَ كَغَيْرِهِ بِالْوَقْتِ لَمْ يَرِدْ مَا ذُكِرَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ فِي مَشْرُوعِيَّةِ الْأَذَانِ الْإِعْلَامُ بِدُخُولِ الْوَقْتِ كَمَا يُعْلَمُ مِمَّا يَأْتِي، فَيَكُونُ التَّعْرِيفُ بِنَاءً عَلَى مَا هُوَ الْأَصْلُ فِيهِ وَإِلَّا لَزِمَ أَنَّهُ لَوْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ أَوْ بَيْنَ جَمَاعَةٍ مَخْصُوصِينَ أَرَادُوا الصَّلَاةَ عَالِمِينَ بِدُخُولِ الْوَقْتِ لَا يُسَمَّى أَذَانًا شَرْعًا لِعَدَمِ الْإِعْلَامِ أَصْلًا مَعَ أَنَّهُ مَشْرُوعٌ فَتَدَبَّرْ.

(قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ مَخْصُوصٍ) أَيْ مِنْ التَّرَسُّلِ وَالِاسْتِدَارَةِ وَالِالْتِفَافِ وَعَدَمِ التَّرْجِيحِ وَاللَّحْنِ وَنَحْوِ ذَلِكَ مِنْ أَحْكَامِهِ الْآتِيَةِ.

(قَوْلُهُ: بِأَلْفَاظٍ كَذَلِكَ) أَشَارَ إلَى أَنَّهُ لَا يَصِحُّ بِالْفَارِسِيَّةِ وَإِنْ عُلِمَ أَنَّهُ أَذَانٌ وَهُوَ الْأَظْهَرُ. وَالْأَصَحُّ كَمَا فِي السِّرَاجِ.

(قَوْلُهُ: أَذَانِ جِبْرِيلَ إلَخْ) فِي حَاشِيَةِ الشبراملسي عَلَى شَرْحِ الْمِنْهَاجِ لِلرَّمْلِيِّ عَنْ شَرْحِ الْبُخَارِيِّ لِابْنِ حَجَرٍ أَنَّهُ وَرَدَتْ أَحَادِيثُ تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَذَانَ شُرِعَ بِمَكَّةَ قَبْلَ الْهِجْرَةِ: مِنْهَا لِلطَّبَرَانِيِّ «أَنَّهُ لَمَّا أُسْرِيَ بِالنَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَوْحَى اللَّهُ إلَيْهِ الْأَذَانَ فَنَزَلَ بِهِ فَعَلَّمَهُ بِلَالًا» وَلِلدَّارَقُطْنِيِّ فِي الْإِفْرَادِ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ «أَنَّ جِبْرِيلَ أَمَرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم بِالْأَذَانِ حِينَ فُرِضَتْ الصَّلَاةُ» وَلِلْبَرَاءِ وَغَيْرِهِ مِنْ حَدِيثِ عَلِيٍّ قَالَ «لَمَّا أَرَادَ اللَّهُ أَنْ يُعَلِّمَ رَسُولَهُ الْأَذَانَ أَتَاهُ جِبْرِيلُ بِدَابَّةٍ يُقَالُ لَهَا الْبُرَاقُ فَرَكِبَهَا فَقَالَ: اللَّهُ أَكْبَرُ اللَّهُ أَكْبَرُ، وَفِي آخِرِهِ: ثُمَّ أَخَذَ الْمَلَكُ بِيَدِهِ فَأَمَّ أَهْلَ السَّمَاءِ» وَالْحَقُّ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْأَحَادِيثِ. اهـ.

وَذَكَرَ فِي فَتْحِ الْقَدِيرِ حَدِيثَ الْبَزَّارِ ثُمَّ قَالَ: وَهُوَ غَرِيبٌ وَمُعَارِضٌ لِلْخَبَرِ الصَّحِيحِ أَنَّ بَدْءَ الْأَذَانِ كَانَ بِالْمَدِينَةِ عَلَى مَا فِي مُسْلِمٍ «كَانَ الْمُسْلِمُونَ حِينَ قَدِمُوا الْمَدِينَةَ يَجْتَمِعُونَ وَيَتَحَيَّنُونَ الصَّلَاةَ وَلَيْسَ يُنَادِي لَهَا أَحَدٌ فَتَكَلَّمُوا فِي ذَلِكَ فَقَالَ بَعْضُهُمْ نَنْصِبُ رَايَةً» الْحَدِيثَ.

(قَوْلُهُ: ثُمَّ رُؤْيَا عَبْدِ اللَّهِ بْنِ زَيْدٍ إلَخْ) ذَكَرَ الْقِصَّةَ بِتَمَامِهَا ح عَنْ السِّرَاجِ وَسَاقَهَا فِي الْفَتْحِ بِأَسَانِيدِهَا. وَفِي هَذِهِ الْقِصَّةِ أَنَّ عُمَرَ رضي الله عنه رَأَى تِلْكَ اللَّيْلَةَ مِثْلَ مَا رَأَى عَبْدَ اللَّهِ بْنَ زَيْدٍ.

وَاسْتَشْكَلَ إثْبَاتَهُ بِالرُّؤْيَا بِأَنَّ رُؤْيَا غَيْرِ الْأَنْبِيَاءِ لَا يَنْبَنِي عَلَيْهَا حُكْمٌ شَرْعِيٌّ. وَأُجِيبَ بِاحْتِمَالِ مُقَارَنَةِ الْوَحْيِ

ص: 383

قِيلَ وَقِيلَ (وَ) سَبَبُهُ (بَقَاءُ دُخُولِ الْوَقْتِ وَهُوَ سُنَّةٌ) لِلرِّجَالِ فِي مَكَان عَالٍ (مُؤَكَّدَةٌ) هِيَ كَالْوَاجِبِ فِي لُحُوقِ الْإِثْمِ (لِلْفَرَائِضِ) الْخَمْسِ (فِي وَقْتِهَا وَلَوْ قَضَاءً) لِأَنَّهُ سُنَّةٌ لِلصَّلَاةِ حَتَّى يُبْرَدَ بِهِ

ــ

[رد المحتار]

لِذَلِكَ: قَالَ فِي حَاشِيَةِ الْمِنْهَاجِ عَنْ الْحَافِظِ ابْنِ حَجَرٍ: وَيُؤَيِّدُهُ مَا رَوَاهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ وَأَبُو دَاوُد فِي الْمَرَاسِيلِ «أَنَّ عُمَرَ لَمَّا رَأَى الْأَذَانَ جَاءَ لِيُخْبِرَ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَوَجَدَ الْوَحْيَ قَدْ وَرَدَ بِذَلِكَ، فَمَا رَاعَهُ إلَّا أَذَانُ بِلَالٍ، فَقَالَ لَهُ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم سَبَقَك بِذَلِكَ الْوَحْيُ» ) ثُمَّ قَالَ: وَعَلَى تَقْدِيرِ صِحَّةِ حَدِيثِ إنَّ جِبْرِيلَ أَرَادَ أَنْ يُعَلِّمَهُ الْأَذَانَ أَتَاهُ بِالْبُرَاقِ إلَخْ فَيُمْكِنُ أَنَّهُ عَلَّمَهُ لِيَأْتِيَ لَهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْطِنِ، وَلَا يَلْزَمُ مَشْرُوعِيَّتُهُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ. اهـ.

وَأَجَابَ ح بِأَنَّهُ ظَنَّ أَنَّهُ مِنْ خُصُوصِيَّاتِ تِلْكَ الصَّلَاةِ، وَهُوَ قَرِيبٌ مِنْ الْأَوَّلِ.

(قَوْلُهُ: وَسَبَبُهُ بَقَاءُ) تَمْيِيزٌ مُحَوَّلٌ عَنْ الْمُضَافِ إلَيْهِ: أَيْ سَبَبُ بَقَائِهِ وَاسْتِمْرَارِهِ ط أَيْ الَّذِي يَتَجَدَّدُ طَلَبُ الْأَذَانِ عِنْدَ تَجَدُّدِهِ.

(قَوْلُهُ: لِلرِّجَالِ) أَمَّا النِّسَاءُ فَيُكْرَهُ لَهُنَّ الْأَذَانُ وَكَذَا الْإِقَامَةُ، لِمَا رُوِيَ عَنْ أَنَسٍ وَابْنِ عُمَرَ مِنْ كَرَاهَتِهِمَا لَهُنَّ؛ وَلِأَنَّ مَبْنَى حَالِهِنَّ عَلَى السَّتْرِ، وَرَفْعُ صَوْتِهِنَّ حَرَامٌ إمْدَادٌ، ثُمَّ الظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَنُّ لِلصَّبِيِّ إذَا أَرَادَ الصَّلَاةَ كَمَا يُسَنُّ لِلْبَالِغِ وَإِنْ كَانَ فِي كَرَاهَةِ أَذَانِهِ لِغَيْرِهِ كَلَامٌ كَمَا سَيَأْتِي فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: فِي مَكَان عَالٍ) فِي الْقُنْيَةِ: وَيُسَنُّ الْأَذَانُ فِي مَوْضِعٍ عَالٍ وَالْإِقَامَةُ عَلَى الْأَرْضِ، وَفِي أَذَانِ الْمَغْرِبِ اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ يُسَنُّ الْمَكَانُ الْعَالِي فِي الْمَغْرِبِ أَيْضًا كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي السِّرَاجِ: وَيَنْبَغِي لِلْمُؤَذِّنِ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي مَوْضِعٍ يَكُونُ أَسْمَعَ لِلْجِيرَانِ، وَيَرْفَعَ صَوْتَهُ، وَلَا يُجْهِدُ نَفْسَهُ؛ لِأَنَّهُ يَتَضَرَّرُ. اهـ. بَحْرٌ.

قُلْت: وَالظَّاهِرُ أَنَّ هَذَا فِي مُؤَذِّنِ الْحَيِّ، أَمَّا مَنْ أَذَّنَ لِنَفْسِهِ أَوْ لِجَمَاعَةٍ حَاضِرِينَ فَالظَّاهِرُ أَنَّهُ لَا يُسَنُّ لَهُ الْمَكَانُ الْعَالِي لِعَدَمِ الْحَاجَةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: هِيَ كَالْوَاجِبِ) بَلْ أَطْلَقَ بَعْضُهُمْ اسْمَ الْوَاجِبِ عَلَيْهِ، لِقَوْلِ مُحَمَّدٍ: لَوْ اجْتَمَعَ أَهْلُ بَلْدَةٍ عَلَى تَرْكِهِ قَاتَلْتهمْ عَلَيْهِ، وَلَوْ تَرَكَهُ وَاحِدٌ ضَرَبْته وَحَبَسْته. وَعَامَّةُ الْمَشَايِخِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالْقِتَالُ عَلَيْهِ، لِمَا أَنَّهُ مِنْ أَعْلَامِ الدِّينِ وَفِي تَرْكِهِ اسْتِخْفَافٌ ظَاهِرٌ بِهِ. قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ وَغَيْرِهِ: وَالْقَوْلَانِ مُتَقَارِبَانِ؛ لِأَنَّ الْمُؤَكَّدَةَ فِي حُكْمِ الْوَاجِبِ فِي لُحُوقِ الْإِثْمِ بِالتَّرْكِ، يَعْنِي وَإِنْ كَانَ مَقُولًا بِالتَّشْكِيكِ نَهْرٌ. وَاسْتَدَلَّ فِي الْفَتْحِ عَلَى الْوُجُوبِ بِأَنَّ عَدَمَ التَّرْكِ مَرَّةً دَلِيلُ الْوُجُوبِ. قَالَ: وَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ عَلَى الْكِفَايَةِ وَإِلَّا لَمْ يَأْثَمْ أَهْلُ بَلَدِهِ بِالِاجْتِمَاعِ عَلَى تَرْكِهِ إذَا قَامَ بِهِ غَيْرُهُمْ: أَيْ مِنْ أَهْلِ بَلْدَةٍ أُخْرَى. وَاسْتَظْهَرَ فِي الْبَحْرِ كَوْنَهُ سُنَّةً عَلَى الْكِفَايَةِ بِالنِّسْبَةِ إلَى كُلِّ أَهْلِ بَلْدَةٍ، بِمَعْنَى أَنَّهُ إذَا فُعِلَ فِي بَلْدَةٍ سَقَطَتْ الْمُقَاتَلَةُ عَنْ أَهْلِهَا. قَالَ: وَلَوْ لَمْ يَكُنْ عَلَى الْكِفَايَةِ بِهَذَا الْمَعْنَى لَكَانَ سُنَّةً فِي حَقِّ كُلِّ أَحَدٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، إذْ أَذَانُ الْحَيِّ يَكْفِينَا كَمَا سَيَأْتِي. اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَلَمْ أَرَ حُكْمَ الْبَلْدَةِ الْوَاحِدَةِ إذَا اتَّسَعَتْ أَطْرَافُهَا كَمِصْرٍ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ أَهْلَ كُلِّ مَحَلَّةٍ سَمِعُوا الْأَذَانَ وَلَوْ مِنْ مَحَلَّةٍ أُخْرَى يَسْقُطُ عَنْهُمْ لَا إنْ لَمْ يَسْمَعُوا اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْفَرَائِضِ الْخَمْسِ إلَخْ) دَخَلَتْ الْجُمُعَةُ بَحْرٌ، وَشَمِلَ حَالَةَ السَّفَرِ وَالْحَضَرِ وَالِانْفِرَادِ وَالْجَمَاعَةِ. قَالَ فِي مَوَاهِبِ الرَّحْمَنِ وَنُورِ الْإِيضَاحِ وَلَوْ مُنْفَرِدًا أَدَاءً أَوْ قَضَاءً سَفَرًا أَوْ حَضَرًا. اهـ. لَكِنْ لَا يُكْرَهُ تَرْكُهُ لِمُصَلٍّ فِي بَيْتِهِ فِي الْمِصْرِ؛ لِأَنَّ أَذَانَ الْحَيِّ يَكْفِيهِ كَمَا سَيَأْتِي. وَفِي الْإِمْدَادِ أَنَّهُ يَأْتِي بِهِ نَدْبًا وَسَيَأْتِي تَمَامُهُ فَافْهَمْ، وَيُسْتَثْنَى ظُهْرُ يَوْمِ الْجُمُعَةِ فِي الْمِصْرِ لِمَعْذُورٍ وَمَا يَقْضِي مِنْ الْفَوَائِتِ فِي مَسْجِدٍ كَمَا سَيَذْكُرُهُ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ قَضَاءً) قَالَ فِي الدُّرَرِ لِأَنَّهُ وَقْتُ الْقَضَاءِ وَإِنْ فَاتَ وَقْتُ الْأَدَاءِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم «فَلْيُصَلِّهَا إذَا ذَكَرَهَا فَإِنَّ ذَلِكَ وَقْتُهَا» أَيْ وَقْتُ قَضَائِهَا. اهـ. وَهَذَا إذَا لَمْ يَقْضِهَا فِي الْمَسْجِدِ عَلَى مَا سَيَأْتِي.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ إلَخْ) تَعْلِيلٌ لِشُمُولِ الْقَضَاءِ، وَيَظْهَرُ مِنْهُ أَنَّ الْمُرَادَ مِنْ وَقْتِهَا وَقْتُ فِعْلِهَا وَبِهِ صَرَّحَ الْقُهُسْتَانِيُّ، لَكِنْ فِي التَّتَارْخَانِيَّة يَنْبَغِي أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أَوَّلِ الْوَقْتِ وَيُقِيمَ فِي وَسَطِهِ حَتَّى يَفْرُغَ الْمُتَوَضِّئُ مِنْ وُضُوئِهِ وَالْمُصَلِّي مِنْ صَلَاتِهِ وَالْمُعْتَصِرُ مِنْ قَضَاءِ حَاجَتِهِ اهـ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَرَادَ أَوَّلَ الْوَقْتِ الْمُسْتَحَبِّ لِمَا يَأْتِي قَرِيبًا.

(قَوْلُهُ: حَتَّى يُبْرَدَ بِهِ) بِالْبِنَاءِ لِلْمَجْهُولِ، وَأَشْمَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ الْمَارُّ فِي الْأَوْقَاتِ، وَحُكْمُ الْأَذَانِ كَالصَّلَاةِ تَعْجِيلًا وَتَأْخِيرًا.

ص: 384

لَا لِلْوَقْتِ (لَا) يُسَنُّ (لِغَيْرِهَا) كَعِيدٍ (فَيُعَادُ أَذَانٌ وَقَعَ) بَعْضُهُ (قَبْلَهُ) كَالْإِقَامَةِ خِلَافًا لِلثَّانِي فِي الْفَجْرِ (بِتَرْبِيعِ تَكْبِيرٍ فِي ابْتِدَائِهِ) وَعَنْ الثَّانِي اثْنَتَيْنِ وَبِفَتْحِ رَاءِ أَكْبَرَ وَالْعَوَامُّ يَضُمُّونَهَا رَوْضَةٌ، لَكِنَّ فِي الطُّلْبَةِ مَعْنَى قَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «الْأَذَانُ جَزْمٌ» أَيْ مَقْطُوعُ الْمَدِّ، فَلَا تَقُولُ آللَّهُ أَكْبَرُ؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْهَامٌ وَإِنَّهُ لَحْنٌ شَرْعِيٌّ، أَوْ مَقْطُوعُ حَرَكَةِ

ــ

[رد المحتار]

قَالَ نُوحٌ أَفَنْدِي: وَفِي الْمُجْتَبَى عَنْ الْمُجَرَّدِ قَالَ أَبُو حَنِيفَةَ يُؤَذِّنُ لِلْفَجْرِ بَعْدَ طُلُوعِهِ، وَفِي الظُّهْرِ فِي الشِّتَاءِ حِينَ تَزُولُ الشَّمْسُ، وَفِي الصَّيْفِ يُبْرِدُ، وَفِي الْعَصْرِ يُؤَخِّرُ مَا لَمْ يَخَفْ تَغَيُّرَ الشَّمْسِ، وَفِي الْعِشَاءِ يُؤَخِّرُ قَلِيلًا بَعْدَ ذَهَابِ الْبَيَاضِ. اهـ. قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ بَعْدَهُ: وَلَعَلَّ الْمُرَادَ بَيَانُ الِاسْتِحْبَابِ وَإِلَّا فَوَقْتُ الْجَوَازِ جَمِيعُ الْوَقْتِ اهـ.

وَحَاصِلُهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْمُوَالَاةُ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالصَّلَاةِ بَلْ هِيَ الْأَفْضَلُ، فَلَوْ أَذَّنَ أَوَّلَهُ وَصَلَّى آخِرَهُ أَتَى بِالسُّنَّةِ تَأَمَّلْ: مَطْلَبٌ فِي الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُنْدَبُ لَهَا الْأَذَانُ فِي غَيْرِ الصَّلَاةِ

(قَوْلُهُ: لَا يُسَنُّ لِغَيْرِهَا) أَيْ مِنْ الصَّلَوَاتِ وَإِلَّا فَيُنْدَبُ لِلْمَوْلُودِ. وَفِي حَاشِيَةِ الْبَحْرِ الرَّمْلِيِّ: رَأَيْت فِي كُتُبِ الشَّافِعِيَّةِ أَنَّهُ قَدْ يُسَنُّ الْأَذَانُ لِغَيْرِ الصَّلَاةِ، كَمَا فِي أَذَانِ الْمَوْلُودِ، وَالْمَهْمُومِ، وَالْمَصْرُوعِ، وَالْغَضْبَانِ، وَمَنْ سَاءَ خُلُقُهُ مِنْ إنْسَانٍ أَوْ بَهِيمَةٍ، وَعِنْدَ مُزْدَحَمِ الْجَيْشِ، وَعِنْدَ الْحَرِيقِ، قِيلَ وَعِنْدَ إنْزَالِ الْمَيِّتِ الْقَبْرَ قِيَاسًا عَلَى أَوَّلِ خُرُوجِهِ لِلدُّنْيَا، لَكِنْ رَدَّهُ ابْنُ حَجَرٍ فِي شَرْحِ الْعُبَابِ، وَعِنْدَ تَغَوُّلِ الْغِيلَانِ: أَيْ عِنْدَ تَمَرُّدِ الْجِنِّ لِخَبَرٍ صَحِيحٍ فِيهِ. أَقُولُ: وَلَا بُعْدَ فِيهِ عِنْدَنَا. اهـ. أَيْ لِأَنَّ مَا صَحَّ فِيهِ الْخَبَرُ بِلَا مُعَارِضٍ فَهُوَ مَذْهَبٌ لِلْمُجْتَهِدِ وَإِنْ لَمْ يُنَصَّ عَلَيْهِ، لِمَا قَدَّمْنَاهُ فِي الْخُطْبَةِ عَنْ الْحَافِظِ ابْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَالْعَارِفِ الشَّعْرَانِيِّ عَنْ كُلٍّ مِنْ الْأَئِمَّةِ الْأَرْبَعَةِ أَنَّهُ قَالَ: إذَا صَحَّ الْحَدِيثُ فَهُوَ مَذْهَبِي، عَلَى أَنَّهُ فِي فَضَائِلِ الْأَعْمَالِ يَجُوزُ الْعَمَلُ بِالْحَدِيثِ الضَّعِيفِ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ، هَذَا، وَزَادَ ابْنُ حَجَرٍ فِي التُّحْفَةِ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ خَلْفَ الْمُسَافِرِ. قَالَ الْمَدَنِيُّ: أَقُولُ وَزَادَ فِي شِرْعَةِ الْإِسْلَامِ لِمَنْ ضَلَّ الطَّرِيقَ فِي أَرْضٍ قَفْرٍ: أَيْ خَالِيَةٍ مِنْ النَّاسِ. وَقَالَ الْمُنْلَا عَلِيٌّ فِي شَرْحِ الْمِشْكَاةِ قَالُوا: يُسَنُّ لِلْمَهْمُومِ أَنْ يَأْمُرَ غَيْرَهُ أَنْ يُؤَذِّنَ فِي أَذَانِهِ فَإِنَّهُ يُزِيلُ الْهَمَّ، كَذَا عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه وَنَقَلَ الْأَحَادِيثَ الْوَارِدَةَ فِي ذَلِكَ فَرَاجِعْهُ. اهـ.

(قَوْلُهُ: كَعِيدٍ) أَيْ وَوِتْرٍ وَجِنَازَةٍ وَكُسُوفٍ وَاسْتِسْقَاءٍ وَتَرَاوِيحَ وَسُنَنٍ رَوَاتِبَ؛ لِأَنَّهَا اتِّبَاعٌ لِلْفَرَائِضِ وَالْوِتْرِ وَإِنْ كَانَ وَاجِبًا عِنْدَهُ لَكِنَّهُ يُؤَدَّى فِي وَقْتِ الْعِشَاءِ فَاكْتُفِيَ بِأَذَانِهِ لَا لِكَوْنِ الْأَذَانِ لَهُمَا عَلَى الصَّحِيحِ كَمَا ذَكَرَهُ الزَّيْلَعِيُّ. اهـ. بَحْرٌ فَافْهَمْ، لَكِنْ فِي التَّعْلِيلِ قُصُورٌ لِاقْتِضَائِهِ سُنِّيَّةَ الْأَذَانِ لِمَا لَيْسَ تَبَعًا لِلْفَرَائِضِ كَالْعِيدِ وَنَحْوِهِ، فَالْمُنَاسِبُ التَّعْلِيلُ بِعَدَمِ وُرُودِهِ فِي السُّنَّةِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ: وَقَعَ بَعْضُهُ) وَكَذَا كُلُّهُ بِالْأَوْلَى، وَلَوْ لَمْ يَذْكُرْ الْبَعْضَ لَتُوُهِّمَ خُرُوجُهُ فَقَصَدَ بِذِكْرِهِ التَّعْمِيمَ لَا التَّخْصِيصَ.

(قَوْلُهُ: كَالْإِقَامَةِ) أَيْ فِي أَنَّهَا تُعَادُ إذَا وَقَعَتْ قَبْلَ الْوَقْتِ، أَمَّا بَعْدَهُ فَلَا تُعَادُ مَا لَمْ يَبْطُلْ الْفَصْلُ أَوْ يُوجَدْ قَاطِعٌ كَأَكْلٍ عَلَى مَا سَيَذْكُرُهُ فِي الْفُرُوعِ.

(قَوْلُهُ: خِلَافًا لِلثَّانِي) هَذَا رَاجِعٌ إلَى الْأَذَانِ فَقَطْ، فَإِنَّ أَبَا يُوسُفَ يُجَوِّزُ الْأَذَانَ قَبْلَ الْفَجْرِ بَعْدَ نِصْفِ اللَّيْلِ ح.

(قَوْلُهُ: وَعَنْ الثَّانِي اثْنَتَيْنِ) أَيْ رُوِيَ عَنْ أَبِي يُوسُفَ أَنَّهُ يُكَبِّرُ فِي ابْتِدَائِهِ تَكْبِيرَتَيْنِ كَبَقِيَّةِ كَلِمَاتِهِ، فَيَكُونُ الْأَذَانُ عِنْدَهُ ثَلَاثَ عَشْرَةَ كَلِمَةً، وَهِيَ رِوَايَةٌ عَنْ مُحَمَّدٍ وَالْحَسَنِ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ الزَّاهِدِيِّ، وَنُقِلَ عَنْ مَالِكٍ أَيْضًا.

(قَوْلُهُ: وَبِفَتْحِ رَاءِ أَكْبَرَ إلَى قَوْلِهِ وَلَا تَرْجِيعَ) نُقِلَ أَنَّهُ مُلْحَقٌ بِخَطِّ الشَّارِحِ عَلَى

ص: 385

الْآخِرِ لِلْوَقْفِ، فَلَا يَقِفُ بِالرَّفْعِ؛ لِأَنَّهُ لَحْنٌ لُغَوِيٌّ فَتَاوَى الصَّيْرَفِيَّةِ مِنْ الْبَابِ السَّادِسِ وَالثَّلَاثِينَ

(وَلَا تَرْجِيعَ)

ــ

[رد المحتار]

هَامِشِ نُسْخَتِهِ الْأُولَى، وَفِي مَجْمُوعَةِ الْحَفِيدِ الْهَرَوِيِّ مَا نَصُّهُ: فَائِدَةٌ: فِي رَوْضَةِ الْعُلَمَاءِ قَالَ ابْنُ الْأَنْبَارِيِّ: عَوَامُّ النَّاسِ يَضُمُّونَ الرَّاءَ فِي أَكْبَرَ، وَكَانَ الْمُبَرِّدُ يَقُولُ الْأَذَانُ سُمِعَ مَوْقُوفًا فِي مَقَاطِيعِهِ، وَالْأَصْلُ فِي أَكْبَرَ تَسْكِينُ الرَّاءِ فَحُوِّلَتْ حَرَكَةُ أَلِفِ اسْمِ اللَّهِ إلَى الرَّاءِ كَمَا فِي {الم - اللَّهُ} [آل عمران: 1 - 2] وَفِي الْمُغْنِي: حَرَكَةُ الرَّاءِ فَتْحَةٌ وَإِنْ وُصِلَ بِنِيَّةِ الْوَقْفِ، ثُمَّ قِيلَ هِيَ حَرَكَةُ السَّاكِنَيْنِ وَلَمْ يُكْسَرْ حِفْظًا لِتَفْخِيمِ اللَّهِ، وَقِيلَ نُقِلَتْ حَرَكَةُ الْهَمْزَةِ وَكُلُّ هَذَا خُرُوجٌ عَنْ الظَّاهِرِ؛ وَالصَّوَابُ أَنَّ حَرَكَةَ الرَّاءِ ضَمَّةُ إعْرَابٍ، وَلَيْسَ لِهَمْزَةِ الْوَصْلِ ثُبُوتٌ فِي الدَّرْجِ فَتُنْقَلُ حَرَكَتُهَا، وَبِالْجُمْلَةِ الْفَرْقُ بَيْنَ الْأَذَانِ. وَبَيْنَ الم اللَّهُ ظَاهِرٌ فَإِنَّهُ لَيْسَ لِ - الم اللَّهُ - حَرَكَةُ إعْرَابٍ أَصْلًا، وَقَدْ كَانَتْ لِكَلِمَاتِ الْأَذَانِ إعْرَابًا إلَّا أَنَّهُ سُمِعَتْ مَوْقُوفَةً. اهـ. مَطْلَبٌ فِي الْكَلَامِ عَلَى حَدِيثِ «الْأَذَانُ جَزْمٌ»

وَفِي الْإِمْدَادِ: وَيَجْزِمُ الرَّاءَ أَيْ يُسَكِّنُهَا فِي التَّكْبِيرِ قَالَ الزَّيْلَعِيُّ: يَعْنِي عَلَى الْوَقْفِ، لَكِنْ فِي الْأَذَانِ حَقِيقَةً، وَفِي الْإِقَامَةِ يَنْوِي الْوَقْفَ اهـ أَيْ لِلْحَدْرِ، وَرُوِيَ ذَلِكَ عَنْ النَّخَعِيّ مَوْقُوفًا عَلَيْهِ، وَمَرْفُوعًا إلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم أَنَّهُ قَالَ «الْأَذَانُ جَزْمٌ، وَالْإِقَامَةُ جَزْمٌ، وَالتَّكْبِيرُ جَزْمٌ» ) . اهـ.

قُلْت: وَالْحَاصِلُ أَنَّ التَّكْبِيرَةَ الثَّانِيَةَ فِي الْأَذَانِ سَاكِنَةُ الرَّاءِ لِلْوَقْفِ وَرَفْعُهَا خَطَأٌ، وَأَمَّا التَّكْبِيرَةُ الْأُولَى مِنْ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ مِنْهُ وَجَمِيعِ تَكْبِيرَاتِ الْإِقَامَةِ، فَقِيلَ مُحَرَّكَةُ الرَّاءِ بِالْفَتْحَةِ عَلَى نِيَّةِ الْوَقْفِ، وَقِيلَ بِالضَّمَّةِ إعْرَابًا، وَقِيلَ سَاكِنَةٌ بِلَا حَرَكَةٍ عَلَى مَا هُوَ ظَاهِرُ كَلَامِ الْإِمْدَادِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالْبَدَائِعِ وَجَمَاعَةٍ مِنْ الشَّافِعِيَّةِ. وَاَلَّذِي يَظْهَرُ الْإِعْرَابُ لِمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحُ عَنْ الطَّلَبَةِ، وَلِمَا قَدَّمْنَاهُ، وَلِمَا فِي الْأَحَادِيثِ الْمُشْتَهَرَةِ لِلْجِرَاحِيِّ أَنَّهُ سُئِلَ السُّيُوطِيّ عَنْ هَذَا الْحَدِيثِ، فَقَالَ: هُوَ غَيْرُ ثَابِتٍ كَمَا قَالَ الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ، وَإِنَّمَا هُوَ مِنْ قَوْلِ إبْرَاهِيمَ النَّخَعِيّ، وَمَعْنَاهُ كَمَا قَالَ جَمَاعَةٌ مِنْهُمْ الرَّافِعِيُّ وَابْنُ الْأَثِيرِ أَنَّهُ لَا يُمَدُّ.

وَأَغْرَبَ الْمُحِبُّ الطَّبَرِيُّ فَقَالَ: مَعْنَاهُ لَا يُمَدُّ وَلَا يُعْرَبُ آخِرُهُ، وَهَذَا الثَّانِي مَرْدُودٌ بِوُجُوهٍ:

أَحَدُهَا: مُخَالَفَتُهُ لِتَفْسِيرِ الرَّاوِي عَنْ النَّخَعِيّ، وَالرُّجُوعُ إلَى تَفْسِيرِهِ أَوْلَى كَمَا تَقَرَّرَ فِي الْأُصُولِ.

ثَانِيهَا: مُخَالَفَتُهُ لِمَا فَسَّرَهُ أَهْلُ الْحَدِيثِ وَالْفِقْهِ.

ثَالِثُهَا: إطْلَاقُ الْجَزْمِ عَلَى حَذْفِ الْحَرَكَةِ الْإِعْرَابِيَّةِ، وَلَمْ يَكُنْ مَعْهُودًا فِي الصَّدْرِ الْأَوَّلِ، وَإِنَّمَا هُوَ اصْطِلَاحٌ حَادِثٌ فَلَا يَصِحُّ الْحَمْلُ عَلَيْهِ. اهـ. وَتَمَامُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ هُنَاكَ فَرَاجِعْهُ، عَلَى أَنَّ الْجَزْمَ فِي الِاصْطِلَاحِ الْحَادِثِ عِنْدَ النَّحْوِيِّينَ حَذْفُ حَرَكَةِ الْإِعْرَابِ لِلْجَازِمِ فَقَطْ لَا مُطْلَقًا. ثُمَّ رَأَيْت لِسَيِّدِي عَبْدِ الْغَنِيِّ رِسَالَةً فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ سَمَّاهَا تَصْدِيقَ مَنْ أَخْبَرْ بِفَتْحِ رَاءِ اللَّهُ أَكْبَرْ أَكْثَرَ فِيهَا النَّقْلَ.

وَحَاصِلُهَا أَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُسَكِّنَ الرَّاءَ مِنْ " اللَّهُ أَكْبَرُ " الْأَوَّلِ أَوْ يَصِلَهَا بِ " اللَّهُ أَكْبَرُ " الثَّانِيَةِ، فَإِنْ سَكَّنَهَا كَفَى وَإِنْ وَصَلَهَا نَوَى السُّكُونَ فَحَرَّكَ الرَّاءَ بِالْفَتْحَةِ، فَإِنْ ضَمَّهَا خَالَفَ السُّنَّةَ؛ لِأَنَّ طَلَبَ الْوَقْفِ عَلَى " أَكْبَرُ " الْأَوَّلِ صَيَّرَهُ كَالسَّاكِنِ أَصَالَةً فَحُرِّكَ بِالْفَتْحِ

(قَوْلُهُ: وَلَا تَرْجِيعَ) التَّرْجِيعُ أَنْ يَخْفِضَ صَوْتَهُ بِالشَّهَادَتَيْنِ ثُمَّ يَرْجِعَ فَيَرْفَعَهُ بِهِمَا لِاتِّفَاقِ الرِّوَايَاتِ عَلَى أَنَّ بِلَالًا لَمْ يَكُنْ يُرَجِّعُ، وَمَا قِيلَ إنَّهُ رَجَّعَ لَمْ يَصِحَّ؛ وَلِأَنَّهُ لَيْسَ فِي أَذَانِ الْمَلَكِ النَّازِلِ بِجَمِيعِ طُرُقِهِ، وَلِمَا فِي أَبِي دَاوُد عَنْ ابْنِ عُمَرَ قَالَ «إنَّمَا كَانَ الْأَذَانُ عَلَى عَهْدِ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَرَّتَيْنِ مَرَّتَيْنِ وَالْإِقَامَةُ مَرَّةً مَرَّةً» ) الْحَدِيثَ، وَرَوَاهُ ابْنُ خُزَيْمَةَ وَابْنُ حِبَّانَ. قَالَ ابْنُ الْجَوْزِيِّ وَإِسْنَادُهُ صَحِيحٌ، وَمَا رُوِيَ مِنْ التَّرْجِيعِ فِي أَذَانِ أَبِي مَحْذُورَةً يُعَارِضُهُ مَا رَوَاهُ الطَّبَرَانِيُّ عَنْهُ أَنَّهُ قَالَ «أَلْقَى عَلَيَّ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم الْأَذَانَ حَرْفًا حَرْفًا: اللَّهُ أَكْبَرُ

ص: 386

فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ مُلْتَقًى (وَلَا لَحْنَ فِيهِ) أَيْ تَغَنِّي بِغَيْرِ كَلِمَاتِهِ فَإِنَّهُ لَا يَحِلُّ فِعْلُهُ وَسَمَاعُهُ كَالتَّغَنِّي بِالْقُرْآنِ وَبِلَا تَغْيِيرٍ حَسَنٌ، وَقِيلَ لَا بَأْسَ بِهِ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ (وَيَتَرَسَّلُ فِيهِ) بِسَكْتَةٍ بَيْنَ كُلِّ كَلِمَتَيْنِ. وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ، وَتُنْدَبُ إعَادَتُهُ (وَيَلْتَفِتُ فِيهِ) وَكَذَا فِيهَا مُطْلَقًا، وَقِيلَ إنَّ الْمَحَلَّ مُتَّسِعًا (يَمِينًا وَيَسَارًا) فَقَطْ؛ لِئَلَّا يَسْتَدْبِرَ الْقِبْلَةَ (بِصَلَاةٍ وَفَلَاحٍ) وَلَوْ وَحْدَهُ أَوْ لِمَوْلُودٍ؛ لِأَنَّهُ سُنَّةُ الْأَذَانِ مُطْلَقًا (وَيَسْتَدِيرُ فِي الْمَنَارَةِ) لَوْ مُتَّسِعَةً وَيُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْهَا (وَيَقُولُ) نَدْبًا

ــ

[رد المحتار]

اللَّهُ أَكْبَرُ» إلَخْ " وَلَمْ يَذْكُرْ تَرْجِيعًا، وَبَقِيَ مَا قَدَّمْنَاهُ بِلَا مُعَارِضٍ، وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ وَغَيْرِهِ.

(قَوْلُهُ: فَإِنَّهُ مَكْرُوهٌ مُلْتَقًى) وَمِثْلُهُ فِي الْقُهُسْتَانِيِّ، خِلَافًا لِمَا فِي الْبَحْرِ مِنْ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِهِمْ أَنَّهُ مُبَاحٌ لَا سُنَّةٌ وَلَا مَكْرُوهٌ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَيَظْهَرُ أَنَّهُ خِلَافُ الْأَوْلَى. وَأَمَّا التَّرْجِيعُ بِمَعْنَى التَّغَنِّي فَلَا يَحِلُّ فِيهِ اهـ وَحِينَئِذٍ فَالْكَرَاهَةُ الْمَذْكُورَةُ تَنْزِيهِيَّةٌ.

(قَوْلُهُ: أَيْ تَغَنِّي) لَا يَجُوزُ أَنْ يَكُونَ مَبْنِيًّا عَلَى الْفَتْحِ؛ لِأَنَّ مَا بَعْدَ أَيْ التَّفْسِيرِيَّةِ عَطْفُ بَيَانٍ، وَعَطْفُ الْبَيَانِ لَا يَجُوزُ بِنَاؤُهُ عَلَى الْفَتْحِ تَرْكِيبًا مَعَ اسْمِ لَا، بَلْ يَجُوزُ فِيهِ الرَّفْعُ اتِّبَاعًا لِمَحَلِّ لَا مَعَ اسْمِهَا وَالنَّصْبُ اتِّبَاعًا لِمَحَلِّ اسْمِهَا، لَكِنْ يَمْنَعُ هُنَا مِنْ النَّصْبِ مَانِعٌ وَهُوَ عَدَمُ رَسْمِهِ بِالْأَلِفِ، فَتَعَيَّنَ الرَّفْعُ مَعَ مَا فِيهِ مِنْ إثْبَاتِ الْيَاءِ الَّذِي هُوَ مَرْجُوحٌ، فَإِنَّ الْمَنْقُوصَ الْمُجَرَّدَ عَنْ أَلْ يَتَرَجَّحُ حَذْفُ يَائِهِ فِي الرَّسْمِ كَالْوَقْفِ إذَا كَانَ مَرْفُوعًا أَوْ مَجْرُورًا، وَفِي الْمُحَلَّى بِهَا بِالْعَكْسِ. اهـ. ح.

قُلْت: وَيَمْنَعُ أَيْضًا مِنْ بِنَائِهِ عَلَى الْفَتْحِ وُجُودُ الْفَاصِلِ، وَهُوَ أَيْ، وَقَدْ عَلَّلُوا امْتِنَاعَ الْفَتْحِ فِي عَطْفِ النَّسَقِ فِي نَحْوِ: لَا رَجُلَ وَامْرَأَةً بِوُجُودِ الْفَاصِلِ وَهُوَ الْوَاوُ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: بِغَيْرِ كَلِمَاتِهِ) أَيْ بِزِيَادَةِ حَرَكَةٍ أَوْ حَرْفٍ أَوْ مَدٍّ أَوْ غَيْرِهَا فِي الْأَوَائِلِ وَالْأَوَاخِرِ قُهُسْتَانِيٌّ.

(قَوْلُهُ: وَبِلَا تَغْيِيرٍ حَسَنٌ) أَيْ وَالتَّغَنِّي بِلَا تَغْيِيرٍ حَسَنٌ، فَإِنَّ تَحْسِينَ الصَّوْتِ مَطْلُوبٌ، وَلَا تَلَازُمَ بَيْنَهُمَا بَحْرٌ وَفَتْحٌ.

(قَوْلُهُ: وَقِيلَ) أَيْ قَالَ الْحَلْوَانِيُّ: لَا بَأْسَ بِإِدْخَالِ الْمَدِّ فِي الْحَيْعَلَتَيْنِ؛ لِأَنَّهُمَا غَيْرُ ذِكْرٍ، وَتَعْبِيرُهُ بِلَا بَأْسَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ الْأَوْلَى عَدَمُهُ.

(قَوْلُهُ: وَيَتَرَسَّلُ) أَيْ يَتَمَهَّلُ.

(قَوْلُهُ: بِسَكْتَةٍ) أَيْ تَسَعُ الْإِجَابَةَ مَدَنِيٌّ عَنْ مُنْلَا عَلِيٌّ الْقَارِي، وَهَذِهِ السَّكْتَةُ بَعْدَ كُلِّ تَكْبِيرَتَيْنِ لَا بَيْنَهُمَا كَمَا أَفَادَهُ فِي الْإِمْدَادِ أَخْذًا مِنْ الْحَدِيثِ، وَبِهِ صَرَّحَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة.

(قَوْلُهُ: وَتُنْدَبُ إعَادَتُهُ) أَيْ لَوْ تَرَكَ التَّرَسُّلَ.

(قَوْلُهُ: وَيَلْتَفِتُ) أَيْ يُحَوِّلُ وَجْهَهُ لَا صَدْرَهُ قُهُسْتَانِيٌّ، وَلَا قَدَمَيْهِ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: وَكَذَا فِيهَا مُطْلَقًا) أَيْ فِي الْإِقَامَةِ سَوَاءٌ كَانَ الْمَحَلُّ مُتَّسِعًا أَوْ لَا.

(قَوْلُهُ: لِئَلَّا يَسْتَدْبِرَ) تَعْلِيلٌ لِقَوْلِهِ فَقَطْ: أَيْ انْتَهِ عَنْ الْقَوْلِ بِالِالْتِفَاتِ خَلْفًا لِئَلَّا يَسْتَدْبِرَ الْمُؤَذِّنُ أَوْ الْمُقِيمُ الْقِبْلَةَ ح.

(قَوْلُهُ: بِصَلَاةٍ وَفَلَاحٍ) لَفٌّ وَنَشْرٌ مُرَتَّبٌ، يَعْنِي يَلْتَفِتُ فِيهِمَا يَمِينًا بِالصَّلَاةِ وَيَسَارًا بِالْفَلَاحِ، وَهُوَ الْأَصَحُّ كَمَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْمُنْيَةِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَالتَّبْيِينِ. وَقَالَ مَشَايِخُ مَرْوَ: يَمْنَةً وَيَسْرَةً فِي كُلٍّ، كَذَا فِي الْقُهُسْتَانِيِّ ح. قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَالثَّانِي أَوْجَهُ. وَرَدَّهُ الرَّمْلِيُّ بِأَنَّهُ خِلَافُ الصَّحِيحِ الْمَنْقُولِ عَنْ السَّلَفِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ وَحْدَهُ إلَخْ) أَشَارَ بِهِ إلَى رَدِّ قَوْلِ الْحَلْوَانِيِّ: إنَّهُ لَا يَلْتَفِتُ لِعَدَمِ الْحَاجَةِ إلَيْهِ ح. وَفِي الْبَحْرِ عَنْ السِّرَاجِ أَنَّهُ مِنْ سُنَنِ الْأَذَانِ، فَلَا يُخِلُّ الْمُنْفَرِدُ بِشَيْءٍ مِنْهَا، حَتَّى قَالُوا فِي الَّذِي يُؤَذِّنُ لِلْمَوْلُودِ يَنْبَغِي أَنْ يُحَوِّلَ. (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) لِلْمُنْفَرِدِ وَغَيْرِهِ وَالْمَوْلُودِ وَغَيْرِهِ ط.

(قَوْلُهُ: وَيَسْتَدِيرُ فِي الْمَنَارَةِ) يَعْنِي إنْ لَمْ يَتِمَّ الْإِعْلَامُ بِتَحْوِيلِ وَجْهِهِ مَعَ ثَبَاتِ قَدَمَيْهِ، وَلَمْ تَكُنْ فِي زَمَنِهِ صلى الله عليه وسلم مِئْذَنَةٌ بَحْرٌ. مَطْلَبٌ فِي أَوَّلِ مَنْ بَنَى الْمَنَائِرَ لِلْأَذَانِ

قُلْت: وَفِي شَرْحِ الشَّيْخِ إسْمَاعِيلَ عَنْ الْأَوَائِلِ لِلسُّيُوطِيِّ: إنَّ أَوَّلَ مَنْ رَقَى مَنَارَةَ مِصْرَ لِلْأَذَانِ شُرَحْبِيلُ بْنُ عَامِرٍ الْمُرَادِيُّ وَبَنَى سَلِمَةُ الْمَنَائِرَ لِلْأَذَانِ بِأَمْرِ مُعَاوِيَةَ وَلَمْ تَكُنْ قَبْلَ ذَلِكَ. وَقَالَ ابْنُ سَعْدٍ بِالسَّنَدِ إلَى أُمِّ زَيْدِ بْنِ ثَابِتٍ كَانَ بَيْتِي أَطْوَلَ بَيْتٍ حَوْلَ الْمَسْجِدِ، فَكَانَ بِلَالٌ يُؤَذِّنُ فَوْقَهُ مِنْ أَوَّلِ مَا أَذَّنَ إلَى أَنْ بَنَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَسْجِدَهُ فَكَانَ يُؤَذِّنُ بَعْدُ عَلَى ظَهْرِ الْمَسْجِدِ وَقَدْ رُفِعَ لَهُ شَيْءٌ فَوْقَ ظَهْرِهِ.

(قَوْلُهُ: وَيُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ

ص: 387

(بَعْدَ فَلَاحِ أَذَانِ الْفَجْرِ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ مَرَّتَيْنِ) لِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ (وَيَجْعَلُ) نَدْبًا (أُصْبُعَيْهِ فِي) صِمَاخِ (أُذُنَيْهِ) فَأَذَانُهُ بِدُونِهِ حَسَنٌ، وَبِهِ أَحْسَنُ

(وَالْإِقَامَةُ كَالْأَذَانِ) فِيمَا مَرَّ (لَكِنْ هِيَ) أَيْ الْإِقَامَةُ وَكَذَا الْإِمَامَةُ (أَفْضَلُ مِنْهُ) فَتْحٌ (وَلَا يَضَعُ)

ــ

[رد المحتار]

كُوَّتِهَا الْيُمْنَى آتِيًا بِالصَّلَاةِ، ثُمَّ يَذْهَبُ وَيُخْرِجُ رَأْسَهُ مِنْ الْكُوَّةِ الْيُسْرَى آتِيًا بِالْفَلَاحِ دُرَرٌ وَغَيْرُهَا، وَهَذَا إذَا كَانَتْ بِكُوَّاتٍ، أَمَّا مَنَارَاتُ الرُّومِ وَنَحْوُهَا فَالْجَانِبُ كَالْكُوَّةِ إسْمَاعِيلُ.

(قَوْلُهُ: بَعْدَ فَلَاحٍ إلَخْ) فِيهِ رَدٌّ عَلَى مَنْ يَقُولُ إنَّ مَحَلَّهُ بَعْدَ الْأَذَانِ بِتَمَامِهِ، وَهُوَ اخْتِيَارُ الْفَضْلِيِّ بَحْرٌ عَنْ الْمُسْتَصْفَى.

(قَوْلُهُ: الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ) إنَّمَا كَانَ النَّوْمُ مُشَارِكًا لِلصَّلَاةِ فِي أَصْلِ الْخَيْرِيَّةِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ يَكُونُ عِبَادَةً، كَمَا إذَا كَانَ وَسِيلَةً إلَى تَحْصِيلِ طَاعَةٍ أَوْ تَرْكِ مَعْصِيَةٍ، أَوْ لِأَنَّ النَّوْمَ رَاحَةٌ فِي الدُّنْيَا وَالصَّلَاةَ رَاحَةٌ فِي الْآخِرَةِ، فَتَكُونُ أَفْضَلَ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: لِأَنَّهُ وَقْتُ نَوْمٍ) أَيْ فَخُصَّ بِزِيَادَةِ إعْلَامٍ دُونَ الْعِشَاءِ، فَإِنَّ النَّوْمَ قَبْلَهَا مَكْرُوهٌ وَنَادِرٌ ط.

(قَوْلُهُ: وَيَجْعَلُ أُصْبُعَيْهِ إلَخْ) لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم لِبِلَالٍ رضي الله عنه «اجْعَلْ أُصْبُعَيْك فِي أُذُنَيْك فَإِنَّهُ أَرْفَعُ لِصَوْتِك» وَإِنْ جَعَلَ يَدَيْهِ عَلَى أُذُنَيْهِ فَحَسَنٌ؛ لِأَنَّ أَبَا مَحْذُورَةَ رضي الله عنه ضَمَّ أَصَابِعَهُ الْأَرْبَعَةَ وَوَضَعَهَا عَلَى أُذُنَيْهِ وَكَذَا إحْدَى يَدَيْهِ عَلَى مَا رُوِيَ عَنْ الْإِمَامِ إمْدَادٌ وَقُهُسْتَانِيٌّ عَنْ التُّحْفَةِ.

(قَوْلُهُ: فَأَذَانُهُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ نَدْبًا. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَالْأَمْرُ أَيْ فِي الْحَدِيثِ الْمَذْكُورِ لِلنَّدْبِ بِقَرِينَةِ التَّعْلِيلِ، فَلِذَا لَوْ لَمْ يَفْعَلْ كَانَ حَسَنًا.

فَإِنْ قِيلَ: تَرَكَ السُّنَّةَ فَكَيْفَ يَكُونُ حَسَنًا؟ . قُلْنَا: إنَّ الْأَذَانَ مَعَهُ أَحْسَنُ، فَإِذَا تَرَكَهُ بَقِيَ الْأَذَانُ حَسَنًا كَذَا فِي الْكَافِي اهـ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ: فِيمَا مَرَّ) قَيَّدَ بِهِ لِئَلَّا يَرِدَ عَلَيْهِ أَنَّ تَرْكَ الْإِقَامَةِ يُكْرَهُ لِلْمُسَافِرِ دُونَ الْأَذَانِ، وَأَنَّ الْمَرْأَةَ تُقِيمُ وَلَا تُؤَذِّنُ، وَأَنَّ الْأَذَانَ آكَدُ فِي السُّنِّيَّةِ مِنْهَا كَمَا يَأْتِي، وَأَرَادَ بِمَا مَرَّ أَحْكَامَ الْأَذَانِ الْعَشَرَةَ الْمَذْكُورَةَ فِي الْمَتْنِ، وَهِيَ أَنَّهُ سُنَّةٌ لِلْفَرَائِضِ، وَأَنَّهُ يُعَادُ إنْ قُدِّمَ عَلَى الْوَقْتِ، وَأَنَّهُ يَبْدَأُ بِأَرْبَعِ تَكْبِيرَاتٍ، وَعَدَمُ التَّرْجِيعِ، وَعَدَمُ اللَّحْنِ وَالتَّرَسُّلُ وَالِالْتِفَاتُ وَالِاسْتِدَارَةُ وَزِيَادَةُ " الصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ " فِي أَذَانِ الْفَجْرِ، وَجَعْلُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، ثُمَّ اسْتَثْنَى مِنْ الْعَشَرَةِ ثَلَاثَةَ أَحْكَامٍ لَا تَكُونُ فِي الْإِقَامَةِ فَأَبْدَلَ التَّرَسُّلَ بِالْحَدْرِ وَالصَّلَاةُ خَيْرٌ مِنْ النَّوْمِ بِقَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ، وَذَكَرَ أَنَّهُ لَا يَضَعُ أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ، فَبَقِيَتْ الْأَحْكَامُ السَّبْعَةُ مُشْتَرَكَةً، وَيَرِدُ عَلَيْهِ الِاسْتِدَارَةُ فِي الْمَنَارَةِ فَإِنَّهَا لَا تَكُونُ فِي الْمَنَارَةِ، فَكَانَ عَلَيْهِ أَنْ يَتَعَرَّضَ لِذَلِكَ. اهـ. ح.

وَالْحَاصِلُ أَنَّ الْإِقَامَةَ تُخَالِفُ الْأَذَانَ فِي الْأَرْبَعَةِ مَا مَرَّ، وَتُخَالِفُهُ أَيْضًا فِي مَوَاضِعَ سَتَأْتِي مُفَرَّقَةً.

(قَوْلُهُ: لَكِنْ هِيَ أَفْضَلُ مِنْهُ) نَقَلَهُ فِي الْبَحْرِ عَنْ الْخُلَاصَةِ بِلَا ذِكْرِ خِلَافٍ. وَذَكَرَ فِي الْفَتْحِ أَيْضًا أَنَّهُ صَرَّحَ ظَهِيرُ الدِّينِ فِي الْحَوَاشِي نَقْلًا عَنْ الْمَبْسُوطِ بِأَنَّهَا آكَدُ مِنْ الْأَذَانِ: أَيْ لِأَنَّهُ يَسْقُطُ فِي مَوَاضِعَ دُونَ الْإِقَامَةِ كَمَا فِي حَقِّ الْمُسَافِرِ وَمَا بَعْدَ أُولَى الْفَوَائِتِ وَثَانِيَةِ الصَّلَاتَيْنِ بِعَرَفَةَ، وَقَوْلُهُ وَكَذَا الْإِمَامَةُ عَلَّلَهُ فِي الْفَتْحِ بِقَوْلِهِ لِمُوَاظَبَتِهِ صلى الله عليه وسلم عَلَيْهَا وَكَذَا الْخُلَفَاءُ الرَّاشِدُونَ، وَقَوْلُ عُمَرَ: لَوْلَا الْخِلَافَةُ لَأَذَّنْت، لَا يَسْتَلْزِمُ تَفْضِيلَهُ عَلَيْهَا بَلْ مُرَادُهُ لَأَذَّنْت مَعَ الْإِمَامَةِ لَا مَعَ تَرْكِهَا، فَيُفِيدُ أَنَّ الْأَفْضَلَ كَوْنُ الْإِمَامِ هُوَ الْمُؤَذِّنُ، وَهَذَا مَذْهَبُنَا وَعَلَيْهِ كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ. اهـ.

أَقُولُ: وَهُوَ قَوْلُ أَحَدِ قَوْلَيْنِ مُصَحَّحَيْنِ عِنْدَ الشَّافِعِيَّةِ وَالثَّانِي أَنَّ الْأَذَانَ أَفْضَلُ، وَبَقِيَ قَوْلٌ بِتَسَاوِيهِمَا، وَقَدْ حَكَى الثَّلَاثَةَ فِي السِّرَاجِ. ثُمَّ إنَّ مَا اُسْتُدِلَّ بِهِ عَلَى أَفْضَلِيَّةِ الْإِمَامَةِ عَلَى الْأَذَانِ يَدُلُّ عَلَى أَفْضَلِيَّتِهَا أَيْضًا عَلَى الْإِقَامَةِ؛ لِأَنَّ السُّنَّةَ أَنْ يُقِيمَ الْمُؤَذِّنُ فَافْهَمْ.

[تَنْبِيهٌ] مُقْتَضَى أَفْضَلِيَّةِ الْإِقَامَةِ عَلَى الْأَذَانِ كَوْنُهَا وَاجِبَةً عِنْدَ مَنْ يَقُولُ بِوُجُوبِهِ، وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، إلَّا أَنْ يُقَالَ إنَّ الْقَوْلَ بِوُجُوبِهِ لِمَا أَنَّهُ مِنْ الشَّعَائِرِ بِخِلَافِهَا، عَلَى أَنَّ السُّنَّةَ قَدْ تَفْضُلُ الْوَاجِبَ كَمَا مَرَّ أَوَّلَ كِتَابِ الطَّهَارَةِ

ص: 388

الْمُقِيمُ (أُصْبُعَيْهِ فِي أُذُنَيْهِ) لِأَنَّهَا أَخْفَضُ (وَيَحْدُرُ) بِضَمِّ الدَّالِ: أَيْ يُسْرِعُ فِيهَا، فَلَوْ تَرَسَّلَ لَمْ يُعِدْهَا فِي الْأَصَحِّ (وَيَزِيدُ: قَدْ قَامَتْ الصَّلَاةُ بَعْدَ فَلَاحِهَا مَرَّتَيْنِ) وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ هِيَ فُرَادَى.

(وَيَسْتَقْبِلُ) غَيْرُ الرَّاكِبِ (الْقِبْلَةَ بِهِمَا) وَيُكْرَهُ تَرْكُهُ تَنْزِيهًا، وَلَوْ قَدَّمَ فِيهِمَا مُؤَخَّرًا أَعَادَ مَا قَدَّمَ فَقَطْ (وَلَا يَتَكَلَّمُ فِيهِمَا) أَصْلًا وَلَوْ رَدَّ سَلَامٍ، فَإِنْ تَكَلَّمَ اسْتَأْنَفَهُ (وَيُثَوِّبُ) بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ فِي الْكُلِّ لِلْكُلِّ بِمَا تَعَارَفُوهُ (وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) بِقَدْرِ مَا يَحْضُرُ الْمُلَازِمُونَ مُرَاعِيًا لِوَقْتِ النَّدْبِ (إلَّا فِي الْمَغْرِبِ)

ــ

[رد المحتار]

فَتَأَمَّلْ، ثُمَّ رَأَيْت صَاحِبَ الْبَدَائِعِ عَدَّ مِنْ وَاجِبَاتِ الصَّلَاةِ الْأَذَانَ وَالْإِقَامَةَ.

(قَوْلُهُ: الْمُقِيمُ) أَيْ الَّذِي يُقِيمُ الصَّلَاةَ.

(قَوْلُهُ: لَمْ يُعِدْهَا فِي الْأَصَحِّ) بِخِلَافِ مَا لَوْ حَدَرَ فِي الْأَذَانِ حَيْثُ تُنْدَبُ إعَادَتُهُ كَمَا مَرَّ؛ لِأَنَّ تَكْرَارَ الْأَذَانِ مَشْرُوعٌ أَيْ كَمَا فِي يَوْمِ الْجُمُعَةِ، بِخِلَافِ الْإِقَامَةِ. وَعَلَيْهِ فَمَا فِي الْخَانِيَّةِ مِنْ أَنَّهُ يُعِيدُ الْإِقَامَةَ مَبْنِيٌّ عَلَى خِلَافِ الْأَصَحِّ وَتَمَامُهُ فِي النَّهْرِ.

(قَوْلُهُ: مَرَّتَيْنِ) رَاجِعٌ إلَى: قَدْ قَامَتْ، وَإِلَى الْفَلَاحِ ط.

(قَوْلُهُ: وَعِنْدَ الثَّلَاثَةِ هِيَ فُرَادَى) أَيْ الْإِقَامَةُ، وَالْأَوْلَى ذِكْرُهُ عِنْدَ قَوْلِهِ وَهِيَ كَالْأَذَانِ ح. وَدَلِيلُ الْأَئِمَّةِ الثَّلَاثَةِ مَا رَوَاهُ الْبُخَارِيُّ «أَمَرَ بِلَالٌ أَنْ يَشْفَعَ الْأَذَانَ وَيُوتِرَ الْإِقَامَةَ» " وَهُوَ مَحْمُولٌ عِنْدَنَا عَلَى إيتَارِ صَوْتِهَا بِأَنْ يَحْدُرَ فِيهَا تَوْفِيقًا بَيْنَهُ وَبَيْنَ النُّصُوصِ الْغَيْرِ مُحْتَمَلَةٍ. وَقَدْ قَالَ الطَّحَاوِيُّ: تَوَاتَرَتْ الْآثَارُ عَنْ بِلَالٍ أَنَّهُ كَانَ يُثَنِّي الْإِقَامَةَ حَتَّى مَاتَ، وَتَمَامُهُ فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ

(قَوْلُهُ: غَيْرُ الرَّاكِبِ) عِبَارَةُ الْإِمْدَادِ: إلَّا أَنْ يَكُونَ رَاكِبًا مُسَافِرًا لِضَرُورَةِ السَّيْرِ؛ لِأَنَّ بِلَالًا أَذَّنَ وَهُوَ رَاكِبٌ ثُمَّ نَزَلَ وَأَقَامَ عَلَى الْأَرْضِ. وَيُكْرَهُ الْأَذَانُ رَاكِبًا فِي الْحَضَرِ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ.

وَعَنْ أَبِي يُوسُفَ: لَا بَأْسَ بِهِ كَمَا فِي الْبَدَائِعِ. اهـ.

(قَوْلُهُ: بِهِمَا) أَيْ بِالْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ، لَكِنْ مَعَ الِالْتِفَاتِ بِصَلَاةٍ وَفَلَاحٍ كَمَا مَرَّ.

(قَوْلُهُ: تَنْزِيهًا) لِقَوْلِ الْمُحِيطِ: الْأَحْسَنُ أَنْ يَسْتَقْبِلَ بَحْرٌ وَنَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: أَعَادَ مَا قَدَّمَ فَقَطْ) كَمَا لَوْ قَدَّمَ الْفَلَاحَ عَلَى الصَّلَاةِ يُعِيدُهُ فَقَطْ أَيْ وَلَا يَسْتَأْنِفُ الْأَذَانَ مِنْ أَوَّلِهِ.

(قَوْلُهُ: وَلَوْ رَدَّ سَلَامٍ) أَوْ تَشْمِيتَ عَاطِسٍ أَوْ نَحْوَهُمَا لَا فِي نَفْسِهِ، وَلَا بَعْدَ الْفَرَاغِ عَلَى الصَّحِيحِ سِرَاجٌ وَغَيْرُهُ. قَالَ فِي النَّهْرِ: وَمِنْهُ التَّنَحْنُحُ إلَّا لِتَحْسِينِ صَوْتِهِ.

(قَوْلُهُ: اسْتَأْنَفَهُ) إلَّا إذَا كَانَ الْكَلَامُ يَسِيرًا خَانِيَةٌ.

(قَوْلُهُ: وَيُثَوِّبُ) التَّثْوِيبُ: الْعَوْدُ إلَى الْإِعْلَامِ بَعْدَ الْإِعْلَامِ دُرَرٌ، وَقَيَّدَ بِتَثْوِيبِ الْمُؤَذِّنِ لِمَا فِي الْقُنْيَةِ عَنْ الْمُلْتَقَطِ: لَا يَنْبَغِي لِأَحَدٍ أَنْ يَقُولَ لِمَنْ فَوْقَهُ فِي الْعِلْمِ وَالْجَاهِ حَانَ وَقْتُ الصَّلَاةِ سِوَى الْمُؤَذِّنِ؛ لِأَنَّهُ اسْتِفْضَالٌ لِنَفْسِهِ. اهـ. بَحْرٌ. قُلْت، وَهَذَا خَاصٌّ بِالتَّثْوِيبِ لِلْأَمِيرِ وَنَحْوِهِ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ: بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ) فَسَّرَهُ فِي رِوَايَةِ الْحَسَنِ بِأَنْ يَمْكُثَ بَعْدَ الْأَذَانِ قَدْرَ عِشْرِينَ آيَةً ثُمَّ يُثَوِّبُ ثُمَّ يَمْكُثُ كَذَلِكَ ثُمَّ يُقِيمُ بَحْرٌ.

(قَوْلُهُ: فِي الْكُلِّ) أَيْ كُلِّ الصَّلَوَاتِ لِظُهُورِ التَّوَانِي فِي الْأُمُورِ الدِّينِيَّةِ. قَالَ فِي الْعِنَايَةِ: أَحْدَثَ الْمُتَأَخِّرُونَ التَّثْوِيبَ بَيْنَ الْأَذَانِ وَالْإِقَامَةِ عَلَى حَسَبِ مَا تَعَارَفُوهُ فِي جَمِيعِ الصَّلَوَاتِ سِوَى الْمَغْرِبِ مَعَ إبْقَاءِ الْأَوَّلِ يَعْنِي الْأَصْلَ وَهُوَ تَثْوِيبُ الْفَجْرِ وَمَا رَآهُ الْمُسْلِمُونَ حَسَنًا فَهُوَ عِنْدَ اللَّهِ حَسَنٌ. اهـ.

(قَوْلُهُ: لِلْكُلِّ) أَيْ كُلِّ أَحَدٍ، وَخَصَّهُ أَبُو يُوسُفَ بِمَنْ يَشْتَغِلُ بِمَصَالِحِ الْعَامَّةِ كَالْقَاضِي وَالْمُفْتِي وَالْمُدَرِّسِ وَاخْتَارَهُ قَاضِي خَانْ وَغَيْرُهُ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: بِمَا تَعَارَفُوهُ) كَتَنَحْنُحٍ، أَوْ قَامَتْ قَامَتْ، أَوْ الصَّلَاةَ الصَّلَاةَ، وَلَوْ أَحْدَثُوا إعْلَامًا مُخَالِفًا لِذَلِكَ جَازَ نَهْرٌ عَنْ الْمُجْتَبَى.

(قَوْلُهُ: وَيَجْلِسُ بَيْنَهُمَا) لَوْ قَدَّمَهُ عَلَى التَّثْوِيبِ لَكَانَ أَوْلَى؛ لِئَلَّا يُوهِمَ أَنَّ الْجُلُوسَ بَعْدَهُ نَهْرٌ.

(قَوْلُهُ: إلَّا فِي الْمَغْرِبِ) قَالَ فِي الدُّرَرِ: هَذَا اسْتِثْنَاءٌ مِنْ يُثَوِّبُ وَيَجْلِسُ؛ لِأَنَّ التَّثْوِيبَ لِإِعْلَامِ الْجَمَاعَةِ وَهُمْ فِي الْمَغْرِبِ حَاضِرُونَ لِضِيقِ الْوَقْتِ. اهـ. وَاعْتَرَضَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّهُ مُنَافٍ لِقَوْلِ الْكُلِّ فِي الْكُلِّ. قَالَ الشَّيْخُ إسْمَاعِيلُ: وَلَيْسَ كَذَلِكَ، لِمَا مَرَّ عَنْ الْعِنَايَةِ مِنْ اسْتِثْنَاءِ الْمَغْرِبِ فِي التَّثْوِيبِ، وَبِهِ جَزَمَ فِي غُرَرِ الْأَذْكَارِ وَالنِّهَايَةِ وَالْبُرْجُنْدِيِّ وَابْنِ مَلَكٍ وَغَيْرِهِمَا. اهـ.

قُلْت: قَدْ يُقَالُ: مَا فِي الدُّرَرِ مَبْنِيٌّ عَلَى رِوَايَةِ الْحَسَنِ مِنْ أَنَّهُ يَمْكُثُ قَدْرَ عِشْرِينَ آيَةً ثُمَّ يُثَوِّبُ كَمَا قَدَّمْنَاهُ،

ص: 389