الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
إنْ وَجَدَ مَكَانًا يَابِسًا وَإِلَّا يُومِئُ قَائِمًا ثُمَّ يُعِيدُ كَالصَّوْمِ (بِهِ يُفْتَى وَإِلَيْهِ صَحَّ رُجُوعُهُ) أَيْ الْإِمَامِ كَمَا فِي الْفَيْضِ، وَفِيهِ أَيْضًا (مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ وَالرِّجْلَيْنِ إذَا كَانَ بِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ يُصَلِّي بِغَيْرِ طَهَارَةٍ) وَلَا يَتَيَمَّمُ (وَلَا يُعِيدُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَبِهَذَا ظَهَرَ أَنَّ تَعَمُّدَ الصَّلَاةِ بِلَا طُهْرٍ غَيْرُ مُكَفِّرٍ فَلْيُحْفَظْ وَقَدْ مَرَّ وَسَيَجِيءُ فِي صَلَاةِ الْمَرِيضِ. .
[فُرُوعٌ] صَلَّى الْمَحْبُوسُ بِالتَّيَمُّمِ
، إنْ فِي الْمِصْرِ أَعَادَ وَإِلَّا لَا. هَلْ يَتَيَمَّمُ لِسَجْدَةٍ؟ إنْ فِي السَّفَرِ نَعَمْ وَإِلَّا لَا. .
الْمَاءُ الْمُسَبَّلُ فِي الْفَلَاةِ لَا يَمْنَعُ التَّيَمُّمَ مَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا، فَيَعْلَمُ أَنَّهُ لِلْوُضُوءِ أَيْضًا وَيَشْرَبُ مَا لِلْوُضُوءِ. الْجُنُبُ أَوْلَى بِمُبَاحٍ مِنْ حَائِضٍ أَوْ مُحْدِثٍ وَمَيِّتٍ،
ــ
[رد المحتار]
قَالَ ط: وَلَا يَقْرَأُ كَمَا فِي أَبِي السُّعُودِ، سَوَاءٌ كَانَ حَدَثُهُ أَصْغَرَ أَوْ أَكْبَرَ. اهـ. قُلْت: وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ لَا يَنْوِي أَيْضًا؛ لِأَنَّهُ تَشَبُّهٌ لَا صَلَاةٌ حَقِيقِيَّةٌ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ إنْ وَجَدَ مَكَانًا يَابِسًا) أَيْ لِأَمْنِهِ مِنْ التَّلَوُّثِ، لَكِنْ فِي الْحِلْيَةِ: الصَّحِيحُ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ أَنَّهُ يُومِئُ كَيْفَمَا كَانَ؛ لِأَنَّهُ لَوْ سَجَدَ صَارَ مُسْتَعْمِلًا لِلنَّجَاسَةِ (قَوْلُهُ كَالصَّوْمِ) أَيْ فِي مِثْلِ الْحَائِضِ إذَا طَهُرَتْ فِي رَمَضَانَ، فَإِنَّهَا تُمْسِكُ تَشَبُّهًا بِالصَّائِمِ لِحُرْمَةِ الشَّهْرِ ثُمَّ تَقْضِي، وَكَذَا الْمُسَافِرُ إذَا أَفْطَرَ فَأَقَامَ (قَوْلُهُ مَقْطُوعُ الْيَدَيْنِ) أَيْ مِنْ فَوْقِ الْمِرْفَقَيْنِ وَالْكَعْبَيْنِ وَإِلَّا مَسَحَ مَحَلَّ الْقَطْعِ كَمَا تَقَدَّمَ، لَكِنْ سَيَأْتِي فِي آخِرِ صَلَاةِ الْمَرِيضِ بَعْدَ حِكَايَةِ الْمُصَنِّفِ مَا ذَكَرَهُ هُنَا، وَقِيلَ لَا صَلَاةَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ يَلْزَمُهُ غَسْلُ مَوْضِعِ الْقَطْعِ (قَوْلُهُ إذَا كَانَ بِوَجْهِهِ جِرَاحَةٌ) وَإِلَّا مَسَحَهُ عَلَى التُّرَابِ إنْ لَمْ يُمْكِنْهُ غَسْلُهُ (قَوْلُهُ وَلَا يُعِيدُ عَلَى الْأَصَحِّ) لِيُنْظَرْ الْفَرْقُ بَيْنَهُ وَبَيْنَ فَاقِدِ الطَّهُورَيْنِ لِمَرَضٍ، فَإِنَّهُ يُؤَخِّرُ أَوْ يَتَشَبَّهُ عَلَى الْخِلَافِ الْمَذْكُورِ آنِفًا كَمَا عَلِمْت مَعَ اشْتِرَاكِهِمَا فِي إمْكَانِ الْقَضَاءِ بَعْدَ الْبُرْءِ وَكَوْنِ عُذْرِهِمَا سَمَاوِيًّا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَبِهَذَا ظَهَرَ إلَخْ) رَدٌّ لِمَا فِي الْخُلَاصَةِ وَغَيْرِهَا عَنْ أَبِي عَلِيٍّ السُّغْدِيِّ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَلَّى فِي الثَّوْبِ النَّجِسِ أَوْ إلَى غَيْرِ الْقِبْلَةِ لَا يَكْفُرُ؛ لِأَنَّهَا جَائِزَةٌ حَالَةَ الْعُذْرِ. أَمَّا الصَّلَاةُ بِلَا وُضُوءٍ فَلَا يُؤْتَى بِهَا بِحَالٍ فَيَكْفُرُ. قَالَ الصَّدْرُ الشَّهِيدُ: وَبِهِ نَأْخُذُ. اهـ.
وَوَجْهُ الرَّدِّ أَنَّهَا جَائِزَةٌ فِي مَسْأَلَةِ الْمَقْطُوعِ الْمَذْكُورَةِ، فَحَيْثُ كَانَتْ عِلَّةُ عَدَمِ الْإِكْفَارِ الْجَوَازَ حَالَةَ الْعُذْرِ لَزِمَ الْقَوْلُ بِهِ فِي الصَّلَاةِ بِلَا وُضُوءٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَقَدْ مَرَّ) أَيْ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الطَّهَارَةِ، وَقَدَّمْنَا هُنَاكَ عَنْ الْحِلْيَةِ الْبَحْثَ فِي هَذِهِ الْعِلَّةِ وَأَنَّ عِلَّةَ الْإِكْفَارِ إنَّمَا هِيَ الِاسْتِخْفَافُ.
[فُرُوعٌ صَلَّى الْمَحْبُوسُ بِالتَّيَمُّمِ]
(قَوْلُهُ أَعَادَ) ؛ لِأَنَّهُ مَانِعٌ مِنْ قِبَلِ الْعِبَادِ (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) عَلَّلُوهُ بِأَنَّ الْغَالِبَ فِي السَّفَرِ عَدَمُ الْمَاءِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ: وَهَذَا يُشِيرُ إلَى أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِحَضْرَتِهِ أَوْ بِقُرْبٍ مِنْهُ مَاءٌ تَجِبُ الْإِعَادَةُ لِتَمَحُّضِ كَوْنِ الْمَنْعِ مِنْ الْعَبْدِ (قَوْلُهُ إنْ فِي السَّفَرِ نَعَمْ) لِمَا عَلِمْت (قَوْلُهُ وَإِلَّا لَا) لِعَدَمِ الضَّرُورَةِ قُهُسْتَانِيٌّ عَنْ شَرْحِ الْأَصْلِ، وَلَعَلَّ وَجْهَهُ: أَنَّهُ إذَا فَقَدَ الْمَاءَ وَقْتَ التِّلَاوَةِ يَجِدُهُ بَعْدَهَا؛ لِأَنَّ الْحَضَرَ مَظِنَّةُ الْمَاءِ فَلَا ضَرُورَةَ، بِخِلَافِ السَّفَرِ فَإِنَّ الْغَالِبَ فِيهِ فَقْدُ الْمَاءِ، وَبِتَأْخِيرِهَا إلَى وُجُودِهِ عُرْضَةُ نِسْيَانِهَا تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ الْمُسَبَّلُ) أَيْ الْمَوْضُوعُ فِي الْحِبَابِ لِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ (قَوْلُهُ لَا يَمْنَعُ التَّيَمُّمَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يُوضَعْ لِلْوُضُوءِ بَلْ لِلشُّرْبِ، فَلَا يَجُوزُ الْوُضُوءُ بِهِ وَإِنْ صَحَّ (قَوْلُهُ مَا لَمْ يَكُنْ كَثِيرًا) قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: الْأَوْلَى الِاعْتِبَارُ بِالْعُرْفِ لَا بِالْكَثْرَةِ، إلَّا إذَا اشْتَبَهَ (قَوْلُهُ أَيْضًا) أَيْ كَالشُّرْبِ (قَوْلُهُ وَيَشْرَبُ مَا لِلْوُضُوءِ) مُقَابِلُ الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ يُفْهَمُ مِنْهَا أَنَّ الْمُسَبَّلَ لِلشُّرْبِ لَا يَتَوَضَّأُ بِهِ، فَذَكَرَ أَنَّ مَا سُبِّلَ لِلْوُضُوءِ يَجُوزُ الشُّرْبُ مِنْهُ، وَكَانَ الْفَرْقُ أَنَّ الشُّرْبَ أَهَمُّ؛ لِأَنَّهُ لِإِحْيَاءِ النُّفُوسِ بِخِلَافِ الْوُضُوءِ؛ لِأَنَّ لَهُ بَدَلًا فَيَأْذَنُ صَاحِبُهُ بِالشُّرْبِ مِنْهُ عَادَةً؛ لِأَنَّهُ أَنْفَعُ. هَذَا، وَقَدْ صَرَّحَ فِي الذَّخِيرَةِ بِالْمَسْأَلَتَيْنِ كَمَا هُنَا، ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ ابْنُ الْفَضْلِ بِالْعَكْسِ فِيهِمَا. قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَالْأَوَّلُ أَصَحُّ.
1 -
(قَوْلُهُ الْجُنُبُ أَوْلَى بِمُبَاحٍ إلَخْ) هَذَا بِالْإِجْمَاعِ تَتَارْخَانِيَّةٌ: أَيْ وَيَتَيَمَّمُ الْمَيِّتُ لِيُصَلَّى عَلَيْهِ، وَكَذَا الْمَرْأَةُ وَالْمُحْدِثُ وَيَقْتَدِيَانِ بِهِ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ مِنْ الْحَدَثِ وَالْمَرْأَةُ لَا تَصْلُحُ
وَلَوْ لِأَحَدِهِمْ فَهُوَ أَوْلَى وَلَوْ مُشْتَرَكًا يَنْبَغِي صَرْفُهُ لِلْمَيِّتِ. جَازَ تَيَمُّمُ جَمَاعَةٍ مِنْ مَحَلٍّ وَاحِدٍ.
حِيلَةُ جَوَازِ تَيَمُّمِ مَنْ مَعَهُ مَاءُ زَمْزَمَ وَلَا يَخَافُ الْعَطَشَ أَنْ يَخْلِطَهُ بِمَا يَغْلِبُهُ أَوْ يَهَبُهُ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ.
(وَنَاقِضُهُ نَاقِضُ الْأَصْلِ) وَلَوْ غُسْلًا،
ــ
[رد المحتار]
إمَامًا، لَكِنْ فِي السِّرَاجِ أَنَّ الْمَيِّتَ أَوْلَى؛ لِأَنَّ غَسْلَهُ يُرَادُ لِلتَّنْظِيفِ وَهُوَ لَا يَحْصُلُ بِالتُّرَابِ. اهـ تَأَمَّلْ. ثُمَّ رَأَيْت بِخَطِّ الشَّارِحِ عَنْ الظَّهِيرِيَّةِ أَنَّ الْأَوَّلَ أَصَحُّ وَأَنَّهُ جَزَمَ بِهِ صَاحِبُ الْخُلَاصَةِ وَغَيْرُهُ. اهـ. وَفِي السِّرَاجِ أَيْضًا لَوْ كَانَ يَكْفِي لِلْمُحْدِثِ فَقَطْ كَانَ أَوْلَى بِهِ؛ لِأَنَّهُ يَرْفَعُ حَدَثَهُ (قَوْلُهُ فَهُوَ أَوْلَى) ؛ لِأَنَّهُ أَحَقُّ بِمِلْكِهِ سِرَاجٌ (قَوْلُهُ يَنْبَغِي صَرْفُهُ لِلْمَيِّتِ) أَيْ يَنْبَغِي لِكُلٍّ مِنْهُمْ أَنْ يَصْرِفَ نَصِيبَهُ لِلْمَيِّتِ حَيْثُ كَانَ كُلُّ وَاحِدٍ لَا يَكْفِيهِ نَصِيبُهُ، وَلَا يُمْكِنُ الْجُنُبَ وَلَا غَيْرَهُ أَنْ يَسْتَقِلَّ بِالْكُلِّ؛ لِأَنَّهُ مَشْغُولٌ بِحِصَّةِ الْمَيِّتِ، وَكَوْنُ الْجَنَابَةِ أَغْلَظَ لَا يُبِيحُ اسْتِعْمَالَ حِصَّةِ الْمَيِّتِ فَلَمْ يَكُنْ الْجُنُبُ أَوْلَى، بِخِلَافِ مَا لَوْ كَانَ الْمَاءُ مُبَاحًا فَإِنَّهُ حَيْثُ أَمْكَنَ بِهِ رَفْعُ الْجَنَابَةِ كَانَ أَوْلَى فَافْهَمْ.
[تَتِمَّةٌ] قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: وَالْأَبُ أَوْلَى مِنْ ابْنِهِ لِجَوَازِ تَمَلُّكِهِ مَالَ ابْنِهِ. اهـ (قَوْلُهُ جَازَ) ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَصِرْ مُسْتَعْمَلًا، إنَّمَا الْمُسْتَعْمَلُ مَا يَنْفَصِلُ عَنْ الْعُضْوِ بَعْدَ الْمَسْحِ قِيَاسًا عَلَى الْمَاءِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ. وَنَحْوُهُ مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ النَّهْرِ، وَهُوَ الْمَذْكُورُ فِي الْحِلْيَةِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَخَافُ الْعَطَشَ) إذْ لَوْ خَافَهُ لَا يَحْتَاجُ إلَى حِيلَةٍ لِاشْتِغَالِهِ بِحَاجَتِهِ الْأَصْلِيَّةِ. وَالظَّاهِرُ أَنَّ عَطَشَ غَيْرِهِ مِنْ أَهْلِ الْقَافِلَةِ كَعَطَشِهِ وَإِنْ كَانَ لَا يَسْقِيهِمْ مِنْهُ، إذْ لَوْ اُضْطُرَّ أَحَدُهُمْ إلَيْهِ وَجَبَ دَفْعُهُ لَهُ فِيمَا يَظْهَرُ، وَلِذَا جَازَ لَهُ قِتَالُهُ كَمَا مَرَّ (قَوْلُهُ بِمَا يَغْلِبُهُ) أَيْ بِشَيْءٍ يُخْرِجُهُ عَنْ كَوْنِهِ مَاءً مُطْلَقًا كَمَاءِ وَرْدٍ أَوْ سُكَّرٍ مَثَلًا (قَوْلُهُ أَوْ يَهَبَهُ) أَيْ مِمَّنْ يَثِقُ بِأَنَّهُ يَرُدُّهُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ) كَذَا ذَكَرَهُ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ، لِقَوْلِ قَاضِي خَانْ: إنَّ قَوْلَهُمْ الْحِيلَةُ أَنْ يَهَبَهُ مِنْ غَيْرِهِ وَيُسَلِّمَهُ لَيْسَ بِصَحِيحٍ عِنْدِي؛ لِأَنَّهُ إذَا تَمَكَّنَ مِنْ الرُّجُوعِ كَيْفَ يَجُوزُ لَهُ التَّيَمُّمُ؟ قَالَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ: وَهُوَ الْفِقْهُ بِعَيْنِهِ، وَالْحِيلَةُ الصَّحِيحَةُ أَنْ يَخْلِطَهُ إلَخْ.
قُلْت: لَكِنْ يَدْفَعُ هَذَا قَوْلُهُ: عَلَى وَجْهٍ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، أَيْ بِأَنْ تَكُونَ الْهِبَةُ بِشَرْطِ الْعِوَضِ. وَأَيْضًا فَقَدْ أَجَابَ فِي الْفَتْحِ بِأَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ مَكْرُوهٌ وَهُوَ مَطْلُوبُ الْعَدَمِ شَرْعًا، فَيَجُوزُ أَنْ يُعْتَبَرَ الْمَاءُ مَعْدُومًا فِي حَقِّهِ لِذَلِكَ وَإِنْ قَدَرَ عَلَيْهِ. قَالَ فِي الْحِلْيَةِ، وَهُوَ الْحَسَنُ.
أَقُولُ: عَلَى أَنَّ الرُّجُوعَ فِي الْهِبَةِ يَتَوَقَّفُ عَلَى الرِّضَا أَوْ الْقَضَاءِ. لَكِنْ قَدْ يُقَالُ: إنَّهُ مَا وَهَبَهُ إلَّا لِيَسْتَرِدَّهُ وَالْمَوْهُوبُ مِنْهُ لَا يَمْنَعُهُ إذَا طَلَبَهُ الْوَاهِبُ وَذَلِكَ يَمْنَعُ التَّيَمُّمَ. وَالْجَوَابُ: أَنَّهُ يَسْتَرِدُّهُ بِهِبَةٍ أَوْ شِرَاءٍ لَا بِالرُّجُوعِ فَلَا يَلْزَمُ الْمَكْرُوهَ، وَالْمَوْهُوبَ مِنْهُ إذَا عَلِمَ بِالْحِيلَةِ يَمْتَنِعُ مِنْ دَفْعِهِ لِلْوُضُوءِ، تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَنَاقِضُهُ نَاقِضُ الْأَصْلِ إلَخْ) أَيْ مَا جَعَلَ التَّيَمُّمَ بَدَلًا عَنْهُ مِنْ وُضُوءٍ أَوْ غُسْلٍ. وَاعْلَمْ أَنَّ كُلَّ مَا نَقَضَ الْغُسْلَ مِثْلُ الْمَنِيِّ نَقَضَ الْوُضُوءَ وَيَزِيدُ الْوُضُوءُ بِأَنَّهُ يَنْتَقِضُ بِمِثْلِ الْبَوْلِ، فَالتَّعْبِيرُ بِ نَاقِضُ الْوُضُوءِ كَمَا فِي الْكَنْزِ يَشْمَلُ نَاقِضَ الْغُسْلِ، فَيُسَاوِي التَّعْبِيرَ بِنَاقِضِ الْأَصْلِ كَمَا فِي الْبَحْرِ.
وَاعْتَرَضَهُ الْمُصَنِّفُ فِي مِنَحِهِ بِمَا حَاصِلُهُ أَنَّهُ وَإِنْ نَقَضَ تَيَمُّمَ الْوُضُوءِ كُلُّ مَا نَقَضَ الْغُسْلَ، لَكِنْ لَا يَنْقُضُ تَيَمُّمَ الْغُسْلِ كُلُّ مَا نَقَضَ الْوُضُوءَ؛ لِأَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ عَنْ جَنَابَةٍ ثُمَّ بَالَ مَثَلًا فَهَذَا نَاقِضٌ لِلْوُضُوءِ لَا يَنْتَقِضُ بِهِ تَيَمُّمُ الْغُسْلِ بَلْ تَنْتَقِضُ طَهَارَةُ الْوُضُوءِ الَّتِي فِي ضِمْنِهِ، فَتَثْبُتُ لَهُ أَحْكَامُ الْحَدَثِ لَا أَحْكَامُ الْجَنَابَةِ فَقَدْ وُجِدَ نَاقِضُ الْوُضُوءِ وَلَمْ يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُ الْجَنَابَةِ، فَظَهَرَ أَنَّ التَّعْبِيرَ بِنَاقِضِ الْأَصْلِ أَوْلَى مِنْ نَاقِضِ الْوُضُوءِ لِشُمُولِهِ التَّيَمُّمَ عَنْ الْحَدَثَيْنِ فَأَيْنَ الْمُسَاوَاةُ؟ ،. اهـ لَكِنْ فِي عِبَارَةِ الْمُصَنِّفِ فِي الْمِنَحِ حَذْفُ الْمُضَافِ مِنْ بَعْضِ الْمَوَاضِعِ فَذَكَرْنَاهُ لِيَزُولَ الِاشْتِبَاهُ فَافْهَمْ.
فَلَوْ تَيَمَّمَ لِلْجَنَابَةِ ثُمَّ أَحْدَثَ صَارَ مُحْدِثًا لَا جُنُبًا، فَيَتَوَضَّأُ وَيَنْزِعُ خُفَّيْهِ ثُمَّ بَعْدَهُ يَمْسَحُ عَلَيْهِ مَا لَمْ يَمُرَّ بِالْمَاءِ، فَمَعَ فِي عِبَارَةِ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ بِمَعْنَى بَعْدُ كَمَا فِي {إِنَّ مَعَ الْعُسْرِ يُسْرًا} [الشرح: 6] فَافْهَمْ. (وَقُدْرَةُ مَاءٍ) وَلَوْ إبَاحَةً فِي صَلَاةٍ (كَافٍ لِطُهْرِهِ) وَلَوْ مَرَّةً مَرَّةً (فَضَلَ عَنْ حَاجَتِهِ)
ــ
[رد المحتار]
قَوْلُهُ فَلَوْ تَيَمَّمَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ صَحِيحٌ دَلَّ عَلَيْهِ كَلَامُ الْمَتْنِ؛ لِأَنَّ مَنْطُوقَ عِبَارَةِ الْمَتْنِ أَنَّهُ لَوْ تَيَمَّمَ عَنْ حَدَثٍ انْتَقَضَ بِنَاقِضِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْوُضُوءُ وَذَلِكَ كُلُّ مَا نَقَضَ الْوُضُوءَ وَالْغُسْلَ كَمَا مَرَّ، وَلَوْ تَيَمَّمَ عَنْ جَنَابَةٍ انْتَقَضَ بِنَاقِضِ أَصْلِهِ وَهُوَ الْغُسْلُ، وَمَفْهُومُهُ أَنَّهُ لَا يَنْتَقِضُ بِغَيْرِ نَاقِضِ أَصْلِهِ، فَفَرَّعَ عَلَى هَذَا الْمَفْهُومِ كَمَا هُوَ عَادَتُهُ فِي مَوَاضِعَ لَا تُحْصَى أَنَّهُ إذَا تَيَمَّمَ الْجُنُبُ ثُمَّ أَحْدَثَ لَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ عَنْ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّ الْحَدَثَ لَا يَنْقُضُ أَصْلَهُ وَهُوَ الْغُسْلُ، فَلَا يَصِيرُ جُنُبًا وَإِنَّمَا يَصِيرُ مُحْدِثًا بِهَذَا الْحَدَثِ الْعَارِضِ فَافْهَمْ.
(قَوْلُهُ فَيَتَوَضَّأُ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى التَّفْرِيعِ: أَيْ وَإِذَا صَارَ مُحْدِثًا فَيَتَوَضَّأُ حَيْثُ وَجَدَ مَا يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ فَقَطْ وَلَوْ مَرَّةً مَرَّةً، وَلَكِنْ لَوْ كَانَ لَبِسَ الْخُفَّ بَعْدَ ذَلِكَ التَّيَمُّمِ وَقَبْلَ الْحَدَثِ يَنْزِعُهُ وَيَغْسِلُ؛ لِأَنَّ طَهَارَتَهُ بِالتَّيَمُّمِ نَاقِصَةٌ مَعْنًى، وَلَا يَمْسَحُ إلَّا إذَا لَبِسَهُ عَلَى طَهَارَةٍ تَامَّةٍ وَهِيَ طَهَارَةُ الْوُضُوءِ لَا طَهَارَةُ التَّيَمُّمِ عَلَى مَا سَيَأْتِي؛ نَعَمْ بَعْدَمَا تَوَضَّأَ أَوْ غَسَلَ رِجْلَيْهِ يَمْسَحُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ عَلَى وُضُوءٍ كَامِلٍ، وَالْمَسْحُ لِلْحَدَثِ لَا لِلْجَنَابَةِ إلَّا إذَا مَرَّ بِالْمَاءِ الْكَافِي لِلْغُسْلِ فَحِينَئِذٍ لَا يَمْسَحُ بَلْ يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ مِنْ أَصْلِهِ وَيَعُودُ جُنُبًا عَلَى حَالِهِ الْأَوَّلِ؛ فَلَوْ جَاوَزَ الْمَاءَ وَلَمْ يَغْتَسِلْ يَتَيَمَّمُ لِلْجَنَابَةِ.
ثُمَّ إذَا أَحْدَثَ وَوَجَدَ مَا يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ فَقَطْ تَوَضَّأَ وَنَزَعَ الْخُفَّ وَغَسَلَ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا يَمْنَعُهَا الْخُفُّ كَمَا سَيَأْتِي، ثُمَّ بَعْدَهُ يَمْسَحُ مَا لَمْ يَمُرَّ بِالْمَاءِ وَهَكَذَا (قَوْلُهُ فَمَعَ إلَخْ) تَفْرِيعٌ عَلَى قَوْلِهِ فَيَتَوَضَّأُ، حَيْثُ أَفَادَ أَنَّهُ وَجَدَ مَاءً يَكْفِيهِ لِلْوُضُوءِ فَقَطْ إنَّمَا يَتَوَضَّأُ بِهِ إذَا أَحْدَثَ بَعْدَ تَيَمُّمِهِ عَنْ الْجَنَابَةِ، أَمَّا لَوْ وَجَدَهُ وَقْتَ التَّيَمُّمِ قَبْلَ الْحَدَثِ لَا يَلْزَمُهُ عِنْدَنَا الْوُضُوءُ بِهِ عَنْ الْحَدَثِ الَّذِي مَعَ الْجَنَابَةِ؛ لِأَنَّهُ عَبَثٌ، إذْ لَا بُدَّ لَهُ مِنْ التَّيَمُّمِ؛ وَعَلَى هَذَا فَقَوْلُ صَدْرِ الشَّرِيعَةِ: إذَا كَانَ لِلْجُنُبِ مَاءٌ يَكْفِي لِلْوُضُوءِ لَا الْغُسْلِ يَجِبُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ لَا الْوُضُوءُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ.
أَمَّا إذَا كَانَ مَعَ الْجَنَابَةِ حَدَثٌ يُوجِبُ الْوُضُوءَ يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ، فَالتَّيَمُّمُ لِلْجَنَابَةِ بِالِاتِّفَاقِ اهـ مُشْكِلٌ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ لَا تَنْفَكُّ عَنْ حَدَثٍ يُوجِبُ الْوُضُوءَ وَقَدْ قَالَ أَوَّلًا يَجِبُ عَلَيْهِ التَّيَمُّمُ لَا الْوُضُوءُ؛ فَقَوْلُهُ ثَانِيًا يَجِبُ عَلَيْهِ الْوُضُوءُ. تَنَاقُضٌ وَجَوَابُهُ كَمَا قَالَ الْقُهُسْتَانِيُّ إنَّ مَعَ فِي قَوْلِهِ مَعَ الْجَنَابَةِ بِمَعْنَى بَعْدُ.
وَلَمَّا كَانَ فِي هَذَا التَّفْرِيعِ وَالْجَوَابِ دِقَّةٌ وَخَفَاءٌ وَدَفْعٌ لِاعْتِرَاضَاتِ الْمُحَشِّينَ عَلَى صَدْرِ الشَّرِيعَةِ أَمَرَ بِالتَّفَهُّمِ، وَلِلَّهِ دَرُّ هَذَا الشَّارِحِ عَلَى هَذِهِ الرُّمُوزِ الَّتِي هِيَ مَفَاتِيحُ الْكُنُوزِ (قَوْلُهُ وَلَوْ إبَاحَةً) مَفْعُولٌ مُطْلَقٌ: أَيْ وَلَوْ أَبَاحَهُ مَالِكُهُ لَهُ إبَاحَةً كَانَ قَادِرًا أَوْ تَمْيِيزٌ أَوْ حَالٌ: أَيْ وَلَوْ وُجِدَتْ الْقُدْرَةُ مِنْ جِهَةِ الْإِبَاحَةِ أَوْ فِي حَالِ الْإِبَاحَةِ وَأَطْلَقَهُ فَشَمَلَ مَا لَوْ كَانُوا جَمَاعَةً وَالْمَاءُ الْمُبَاحُ يَكْفِي أَحَدَهُمْ فَقَطْ، فَيَنْتَقِضُ تَيَمُّمُ الْكُلِّ لِتَحَقُّقِ الْإِبَاحَةِ فِي حَقِّ كُلٍّ مِنْهُمْ، بِخِلَافِ مَا لَوْ وُهِبَ لَهُمْ فَقَبَضُوهُ؛ لِأَنَّهُ لَا يُصِيبُ كُلًّا مِنْهُمْ مَا يَكْفِيهِ.
وَتَمَامُهُ فِي الْفَتْحِ (قَوْلُهُ فِي صَلَاةٍ) مِنْ مَدْخُولِ الْمُبَالَغَةِ: أَيْ وَلَوْ كَانَتْ الْقُدْرَةُ أَوْ الْإِبَاحَةُ فِي صَلَاةٍ يَنْتَقِضُ التَّيَمُّمُ وَتَبْطُلُ الصَّلَاةُ الَّتِي هُوَ فِيهَا، إلَّا إذَا كَانَ الْمَاءُ سُؤْرَ حِمَارٍ فَإِنَّهُ يَمْضِي فِيهَا ثُمَّ يُعِيدُهَا بِسُؤْرِ الْحِمَارِ، لِمَا مَرَّ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُ الْجَمْعُ بَيْنَهُمَا فِي فِعْلٍ وَاحِدٍ، فَمَا فِي الْمُنْيَةِ مِنْ أَنَّهَا تَفْسُدُ غَيْرُ صَحِيحٍ كَمَا ذَكَرَهُ الشَّارِحَانِ.
وَلَوْ صَلَّى بِالتَّيَمُّمِ ثُمَّ وَجَدَ الْمَاءَ فِي الْوَقْتِ لَا يُعِيدُ مُنْيَةٌ: أَيْ إلَّا إذَا كَانَ الْعُذْرُ الْمُبِيحُ مِنْ قِبَلِ الْعِبَادِ فَيُعِيدُ وَلَوْ بَعْدَ الْوَقْتِ كَمَا مَرَّ، فَتَنَبَّهْ حِلْيَةٌ (قَوْلُهُ كَافٍ لِطُهْرِهِ) أَيْ لِلْوُضُوءِ لَوْ مُحْدِثًا، وَلِلِاغْتِسَالِ وَلَوْ جُنُبًا. وَاحْتَرَزَ بِهِ عَمَّا إذَا كَانَ يَكْفِي لِبَعْضِ أَعْضَائِهِ أَوْ يَكْفِي لِلْوُضُوءِ وَهُوَ جُنُبٌ، فَلَا يَلْزَمُهُ اسْتِعْمَالُهُ عِنْدَنَا ابْتِدَاءً كَمَا مَرَّ، فَلَا يَنْقُضُ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مَرَّةً مَرَّةً) فَلَوْ غَسَلَ بِهِ كُلَّ عُضْوٍ مَرَّتَيْنِ أَوْ ثَلَاثًا فَنَقَصَ عَنْ إحْدَى رِجْلَيْهِ انْتَقَضَ تَيَمُّمُهُ
كَعَطَشٍ وَعَجْنٍ وَغَسْلِ نَجَسٍ مَانِعٍ وَلُمْعَةِ جَنَابَةٍ؛ لِأَنَّ الْمَشْغُولَ بِالْحَاجَةِ وَغَيْرَ الْكَافِي كَالْمَعْدُومِ.
(لَا) تَنْقُضُهُ (رِدَّةٌ وَكَذَا) يَنْقُضُهُ (كُلُّ مَا يَمْنَعُ وُجُودَهُ التَّيَمُّمُ إذَا وُجِدَ بَعْدَهُ) ؛ لِأَنَّ مَا جَازَ بِعُذْرٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ، فَلَوْ تَيَمَّمَ لِمَرَضٍ بَطَلَ بِبُرْئِهِ أَوْ لِبَرْدٍ بَطَلَ بِزَوَالِهِ
وَالْحَاصِلُ أَنَّ كُلَّ مَا يَمْنَعُ وُجُودَهُ التَّيَمُّمُ نَقَضَ وُجُودَهُ التَّيَمُّمُ (وَمَا لَا) يَمْنَعُ وُجُودَهُ التَّيَمُّمُ فِي الِابْتِدَاءِ (فَلَا)
ــ
[رد المحتار]
هُوَ الْمُخْتَارُ؛ لِأَنَّهُ لَوْ اقْتَصَرَ عَلَى الْمَرَّةِ كَفَاهُ بَحْرٌ عَنْ الْخُلَاصَةِ (قَوْلُهُ وَغَسْلِ نَجِسٍ مَانِعٍ) فَلَوْ لَمْ يَكْفِهِ يَلْزَمُهُ أَيْضًا تَقْلِيلُ النَّجَاسَةِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ تَعْلِيلِهِمْ فِي كَثِيرٍ مِنْ الشُّرُوحِ، لَكِنْ فِي الْخُلَاصَةِ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ بَحْرٌ: أَيْ إلَّا إذَا أَمْكَنَ أَنْ يَبْقَى أَقَلُّ مِنْ قَدْرِ الدِّرْهَمِ كَمَا بَحَثْنَاهُ فِيمَا مَرَّ فَيَلْزَمُهُ وَلَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُهُ (قَوْلُهُ وَلُمْعَةِ جَنَابَةٍ) أَيْ لَوْ اغْتَسَلَ وَبَقِيَتْ عَلَى بَدَنِهِ لُمْعَةٌ لَمْ يُصِبْهَا الْمَاءُ فَتَيَمَّمَ لَهَا ثُمَّ أَحْدَثَ فَتَيَمَّمَ لَهُ ثُمَّ وَجَدَ مَا يَكْفِيهَا فَقَطْ فَإِنَّهُ يَغْسِلُهَا بِهِ، وَلَا يَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لِلْحَدَثِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنَّ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ عَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ: الْأَوَّلُ: أَنْ يَكْفِيَهُمَا مَعًا فَيَغْسِلُهَا وَيَتَوَضَّأُ وَيَبْطُلُ تَيَمُّمُهُ لَهُمَا. الثَّانِي: أَنْ لَا يَكْفِيَ وَاحِدًا مِنْهُمَا. فَيَبْقَى تَيَمُّمُهُ لَهُمَا وَيَغْسِلُ بِهِ بَعْضَ اللُّمْعَةِ لِتَقْلِيلِ الْجَنَابَةِ. الثَّالِثُ: أَنْ يَكْفِيَ اللُّمْعَةُ فَقَطْ وَقَدَّمْنَاهُ. الرَّابِعُ: عَكْسُهُ، فَيَتَوَضَّأُ بِهِ وَيَبْقَى تَيَمُّمُهُ لَهَا عَلَى حَالِهِ. الْخَامِسُ: أَنْ يَكْفِيَ أَحَدَهُمَا بِمُفْرَدِهِ غَيْرَ مُعَيَّنٍ فَيَغْسِلُ بِهِ اللَّمْعَةَ، وَلَا يَنْتَقِضُ تَيَمُّمُ الْحَدَثِ عِنْدَ أَبِي يُوسُفَ. وَعِنْدَ مُحَمَّدٍ يَنْتَقِضُ وَيَظْهَرُ أَنَّ الْأَوَّلَ أَوْجَهُ، وَهَذَا إذَا وَجَدَ الْمَاءَ بَعْدَمَا تَيَمَّمَ لِلْحَدَثِ، فَلَوْ قَبْلَهُ فَعَلَى خَمْسَةِ أَوْجُهٍ أَيْضًا فَفِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ: يَغْسِلُهَا وَيَتَوَضَّأُ لِلْحَدَثِ. وَفِي الثَّانِي: يَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ وَيَغْسِلُ بِهِ بَعْضَ اللُّمْعَةِ إنْ شَاءَ. وَفِي الثَّالِثِ: يَغْسِلُهَا وَيَتَيَمَّمُ لِلْحَدَثِ. وَفِي الرَّابِعِ: يَتَوَضَّأُ وَيَبْقَى تَيَمُّمُهُ لَهَا. وَفِي الْخَامِسِ: كَالثَّالِثِ؛ لِأَنَّ الْجَنَابَةَ أَغْلَظُ، لَكِنْ فِي رِوَايَةٍ يَلْزَمُهُ غَسْلُهَا قَبْلَ التَّيَمُّمِ لِلْحَدَثِ لِيَصِيرَ عَادِمًا لِلْمَاءِ. وَفِي رِوَايَةٍ يُخَيَّرُ. اهـ مُلَخَّصًا مِنْ الْحِلْيَةِ، وَعَلَى الرِّوَايَةِ الْأُولَى اقْتَصَرَ فِي الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الْمَشْغُولَ إلَخْ) ارْتَكَبَ فِي التَّعْلِيلِ النَّشْرَ الْمُشَوَّشَ ط (قَوْلُهُ كَالْمَعْدُومِ) وَلِذَا جَازَ لَهُ التَّيَمُّمُ ابْتِدَاءً. وَقَدْ اعْتَرَضَ بِهَذَا فِي الْبَحْرِ تَبَعًا لِلْحِلْيَةِ عَلَى قَوْلِهِمْ لَوْ كَانَ بِثَوْبِهِ نَجَاسَةٌ فَتَيَمَّمَ أَوَّلًا ثُمَّ غَسَلَهَا يُعِيدُ التَّيَمُّمَ إجْمَاعًا.؛ لِأَنَّهُ تَيَمَّمَ وَهُوَ قَادِرٌ عَلَى الْوُضُوءِ. فَقَالَ: فِيهِ نَظَرٌ، بَلْ الظَّاهِرُ جَوَازُ التَّيَمُّمِ مُطْلَقًا؛ لِأَنَّ الْمُسْتَحِقَّ الصَّرْفُ إلَى جِهَةِ مَعْدُومٍ حُكْمًا كَمَسْأَلَةِ اللُّمْعَةِ: أَيْ عَلَى رِوَايَةِ التَّخْيِيرِ. قُلْت: لَكِنْ فَرَّقَ فِي السِّرَاجِ بَيْنَهُمَا بِأَنَّهُ هُنَا قَادِرٌ عَلَى مَاءٍ لَوْ تَوَضَّأَ بِهِ جَازَ، بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ اللُّمْعَةِ؛ لِأَنَّهُ عَادَ جُنُبًا بِرُؤْيَةِ الْمَاءِ. اهـ. وَهُوَ فَرْقٌ حَسَنٌ دَقِيقٌ فَتَدَبَّرْهُ.
(قَوْلُهُ لَا تَنْقُضُهُ رِدَّةٌ) أَيْ فَيُصَلِّي بِهِ إذَا أَسْلَمَ؛ لِأَنَّ الْحَاصِلَ بِالتَّيَمُّمِ صِفَةُ الطَّهَارَةِ وَالْكُفْرُ لَا يُنَافِيهَا كَالْوُضُوءِ، وَالرِّدَّةُ تُبْطِلُ ثَوَابَ الْعَمَلِ لَا زَوَالُ الْحَدَثِ شَرْحُ النُّقَايَةِ (قَوْلُهُ بَطَلَ بِبُرْئِهِ إلَخْ) أَيْ لِقُدْرَتِهِ عَلَى اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الْمَاءُ مَوْجُودًا بَحْرٌ، وَكَذَا لَوْ تَيَمَّمَ لِعَدَمِ الْمَاءِ ثُمَّ مَرِضَ كَمَا قَدَّمَهُ عَنْ جَامِعِ الْفُصُولَيْنِ. وَقَدَّمْنَا الْكَلَامَ عَلَيْهِ مَعَ مَا فِي الْمَقَامِ مِنْ الْإِشْكَالِ (قَوْلُهُ وَالْحَاصِلُ) أَرَادَ بِهِ التَّنْبِيهَ عَلَى أَنَّ ذَلِكَ قَاعِدَةٌ كُلِّيَّةٌ تُغْنِي عَنْ ذِكْرِ قُدْرَةِ الْمَاءِ الْكَافِي فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَمَا لَا يَمْنَعُ إلَخْ) وَذَلِكَ كَوُجُودِ الْمَاءِ عِنْدَ الْمَرِيضِ الْعَاجِزِ عَنْ اسْتِعْمَالِهِ.
(قَوْلُهُ فِي الِابْتِدَاءِ) مُتَعَلِّقٌ بِوُجُودِهِ أَوْ بِالتَّيَمُّمِ (قَوْلُهُ بَعْدَ ذَلِكَ) مُتَعَلِّقٌ بِوُجُودِهِ وَاسْمُ الْإِشَارَةِ عَائِدٌ عَلَى التَّيَمُّمِ، وَالتَّيَمُّمَ: بِالنَّصْبِ مَفْعُولُ يَنْقُضُ. وَعِبَارَةُ الشَّارِحِ فِي الْخَزَائِنِ: فَلَا يَنْقُضُ وُجُودُهُ بَعْدَهُ ذَلِكَ التَّيَمُّمَ وَهِيَ أَظْهَرُ (قَوْلُهُ وَلَوْ قَالَ) يَعْنِي بَعْدَ قَوْلِهِ وَنَاقِضُهُ نَاقِضُ الْأَصْلِ (قَوْلُهُ فَلَوْ تَيَمَّمَ إلَخْ) ذَكَرَهُ الْقُهُسْتَانِيُّ حَثًّا بِقَوْلِهِ يَنْبَغِي أَنْ يَنْتَقِضَ تَيَمُّمُهُ؛ لِأَنَّهُ قَدَرَ عَلَى الْمَاءِ حُكْمًا. وَيُؤَيِّدُهُ مَا قَالَ الزَّاهِدِيُّ إنَّ عَدَمَ الْمَاءِ شَرْطُ الِابْتِدَاءِ
يَنْقُضُ وُجُودَهُ بَعْدَ ذَلِكَ التَّيَمُّمُ؛ وَلَوْ قَالَ وَكَذَا زَوَالُ مَا أَبَاحَهُ: أَيْ التَّيَمُّمُ لَكَانَ أَظْهَرَ وَأَخْصَرَ، وَعَلَيْهِ فَلَوْ تَيَمَّمَ لِبُعْدِ مِيلٍ فَسَارَ فَانْتَقَصَ انْتَقَضَ فَلْيُحْفَظْ.
(وَمُرُورُ نَاعِسٍ) مُتَيَمِّمٍ عَنْ حَدَثٍ أَوْ نَائِمٍ غَيْرِ مُتَمَكِّنٍ مُتَيَمِّمٍ عَنْ جَنَابَةٍ (عَلَى مَاءٍ) كَافٍ (كَمُسْتَيْقِظٍ) فَيَنْتَقِضُ، وَأَبْقَيَا تَيَمُّمَهُ وَهُوَ الرِّوَايَةُ الْمُصَحَّحَةُ عَنْهُ الْمُخْتَارَةُ لِلْفَتْوَى؛ كَمَا لَوْ تَيَمَّمَ وَبِقُرْبِهِ مَاءٌ لَا يَعْلَمُ بِهِ كَمَا فِي الْبَحْرِ وَغَيْرِهِ، وَأَقَرَّهُ الْمُصَنِّفُ (تَيَمَّمَ لَوْ) كَانَ (أَكْثَرُهُ) أَيْ أَكْثَرُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ عَدَدًا وَفِي الْغُسْلِ مِسَاحَةً (مَجْرُوحًا) أَوْ بِهِ جُدَرِيٌّ اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ (وَبِعَكْسِهِ يَغْسِلُ) الصَّحِيحَ وَيَمْسَحُ الْجَرِيحَ (وَ) كَذَا (إنْ اسْتَوَيَا غَسَلَ الصَّحِيحَ)
ــ
[رد المحتار]
فَكَانَ شَرْطَ الْبَقَاءِ. اهـ وَلِظُهُورِهِ جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ فَانْتَقَصَ) أَيْ الْبُعْدُ عَنْ مِيلٍ بِسَبَبِ السَّيْرِ وَهُوَ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَقَوْلُهُ انْتَقَضَ: أَيْ التَّيَمُّمُ وَهُوَ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ فَفِيهِ جِنَاسٌ
(قَوْلُهُ وَمُرُورُ نَاعِسٍ إلَخْ) مُبْتَدَأٌ خَبَرُهُ قَوْلُهُ كَمُسْتَيْقِظٍ مِنَحٌ، وَالنَّاعِسُ هُوَ الَّذِي يَعِي أَكْثَرَ مَا يُقَالُ عِنْدَهُ وَلَمْ تَزُلْ قُوَّتُهُ الْمَاسِكَةُ ط.
وَاعْلَمْ أَنَّ مُرُورَ النَّاعِسِ عَلَى الْمَاءِ يَنْقُضُ تَيَمُّمَهُ سَوَاءٌ كَانَ عَنْ حَدَثٍ أَوْ جَنَابَةٍ مُتَمَكِّنًا أَوْ لَا. وَمُرُورُ النَّائِمِ مِثْلُهُ، لَكِنْ لَوْ كَانَ غَيْرَ مُتَمَكِّنٍ مَقْعَدَتَهُ وَكَانَ تَيَمُّمُهُ عَنْ حَدَثٍ يَكُونُ النَّاقِضُ النَّوْمَ لَا الْمُرُورَ كَمَا يُعْلَمُ مِنْ الْبَحْرِ، وَبِهِ يُعْلَمُ مَا فِي كَلَامِ الشَّارِحِ، فَكَانَ الصَّوَابُ أَنْ يَقُولَ وَمُرُورُ نَاعِسٍ مُطْلَقًا أَوْ نَائِمٍ مُتَيَمِّمٍ عَنْ جَنَابَةٍ أَوْ عَنْ حَدَثٍ وَكَانَ مُتَمَكِّنًا فَافْهَمْ (قَوْلُهُ فَيَنْتَقِضُ) نَتِيجَةُ التَّشْبِيهِ بِالْمُسْتَيْقِظِ (قَوْلُهُ وَأَبْقَيَا تَيَمُّمَهُ) أَيْ أَبْقَى الصَّاحِبَانِ تَيَمُّمَهُ لِعَجْزِهِ عَنْ اسْتِعْمَالِ الْمَاءِ (قَوْلُهُ وَهُوَ) أَيْ قَوْلُ الصَّاحِبَيْنِ الرِّوَايَةُ الْمُصَحَّحَةُ عَنْهُ. أَيْ عَنْ الْإِمَامِ، وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِالرِّوَايَةِ. وَرَأَيْت بِخَطِّ الشَّارِحِ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ أَنَّهُ صَحَّحَهَا فِي التَّجْنِيسِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ وَنُكَتِ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ تَبَعًا لِلْكَمَالِ وَاخْتَارَهَا فِي الْبُرْهَانِ وَالْبَحْرِ وَالنَّهْرِ وَغَيْرِهَا. اهـ وَجَزَمَ بِهَا فِي الْمُنْيَةِ. وَقَالَ فِي الْحِلْيَةِ: كَذَا فِي غَيْرِ كِتَابٍ مِنْ الْكُتُبِ الْمَذْهَبِيَّةِ الْمُعْتَبَرَةِ، وَهُوَ الْمُتَّجَهُ. قَالَ شَيْخُنَا ابْنُ الْهُمَامِ: وَإِذَا كَانَ أَبُو حَنِيفَةَ يَقُولُ فِي الْمُسْتَيْقِظِ حَقِيقَةً عَلَى شَاطِئِ نَهْرٍ لَا يَعْلَمُ بِهِ يَجُوزُ تَيَمُّمُهُ فَكَيْفَ يَقُولُ فِي النَّائِمِ حَقِيقَةً بِانْتِقَاضِ تَيَمُّمِهِ. اهـ. وَنَقَلَ فِي الشُّرُنْبُلَالِيَّةِ عَنْ الْبُرْهَانِ مُوَافَقَةَ ابْنِ الْهُمَامِ، ثُمَّ أَجَابَ عَنْهُ فَرَاجِعْهَا، وَمَشَى فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا عَلَى مَا فِي الْمَتْنِ (قَوْلُهُ الْمُخْتَارَةُ لِلْفَتْوَى) عِبَارَةُ الْبَحْرِ فِي الْفَتَاوَى (قَوْلُهُ أَيْ أَكْثَرُ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ إلَخْ) الْأَوْلَى أَنْ يَقُولَ أَيْ أَكْثَرُ أَعْضَائِهِ فِي الْوُضُوءِ إلَخْ؛ لِأَنَّ الضَّمِيرَ فِي أَكْثَرِهِ عَائِدٌ عَلَى الرَّجُلِ الْمُتَيَمِّمِ مَعَ تَقْدِيرِ مُضَافٍ وَهُوَ الْأَعْضَاءُ الصَّادِقَةُ عَلَى أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ وَغَيْرِهَا تَأَمَّلْ.
هَذَا، وَقَدْ اخْتَلَفُوا فِي حَدِّ الْكَثْرَةِ؛ فَمِنْهُمْ مَنْ اعْتَبَرَهَا فِي نَفْسِ الْعُضْوِ، حَتَّى لَوْ كَانَ أَكْثَرُ كُلِّ عُضْوٍ مِنْ الْأَعْضَاءِ الْوَاجِبِ غَسْلُهَا جَرِيحًا تَيَمَّمَ وَإِنْ كَانَ صَحِيحًا يَغْسِلُ. وَقِيلَ فِي عَدَدِ الْأَعْضَاءِ حَتَّى لَوْ كَانَ رَأْسُهُ وَوَجْهُهُ وَيَدَاهُ مَجْرُوحَةً دُونَ رِجْلَيْهِ مَثَلًا تَيَمَّمَ، وَفِي الْعَكْسِ لَا. اهـ دُرَرُ الْبِحَارِ. قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَفِي الْحَقَائِقِ الْمُخْتَارُ الثَّانِي، وَلَا يَخْفَى أَنَّ الْخِلَافَ فِي الْوُضُوءِ؛ أَمَّا فِي الْغُسْلِ فَالظَّاهِرُ اعْتِبَارُ أَكْثَرِ الْبَدَنِ مِسَاحَةً. اهـ. وَمَا اسْتَظْهَرَهُ أَقَرَّهُ عَلَيْهِ أَخُوهُ فِي النَّهْرِ وَنَقَلَهُ نُوحٌ أَفَنْدِي عَنْ الْعَلَّامَةِ قَاسِمٍ فَلِذَا جَزَمَ بِهِ الشَّارِحُ (قَوْلُهُ جُدَرِيٌّ) بِضَمِّ الْجِيمِ وَفَتْحِهَا مَعَ فَتْحِ الدَّالِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ اعْتِبَارًا لِلْأَكْثَرِ) عِلَّةٌ لِقَوْلِهِ تَيَمَّمَ ط (قَوْلُهُ وَبِعَكْسِهِ) وَهُوَ مَا لَوْ كَانَ أَكْثَرُ الْأَعْضَاءِ صَحِيحًا يَغْسِلُ إلَخْ، لَكِنْ إذَا كَانَ يُمْكِنُهُ غَسْلُ الصَّحِيحِ بِدُونِ إصَابَةِ الْجَرِيحِ وَإِلَّا تَيَمَّمَ حِلْيَةٌ، فَلَوْ كَانَتْ الْجِرَاحَةُ بِظَهْرِهِ مَثَلًا وَإِذَا صَبَّ الْمَاءَ سَالَ عَلَيْهَا يَكُونُ مَا فَوْقَهَا فِي حُكْمِهَا فَيُضَمُّ إلَيْهَا كَمَا بَحَثَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي الْإِمْدَادِ وَقَالَ لَمْ أَرَهُ، وَمَا ذَكَرْنَاهُ صَرِيحٌ فِيهِ (قَوْلُهُ وَيَمْسَحُ الْجَرِيحَ) أَيْ إنْ لَمْ يَضُرَّهُ وَإِلَّا عَصَبَهَا بِخِرْقَةٍ وَمَسَحَ فَوْقَهَا خَانِيَّةٌ وَغَيْرُهَا وَمُفَادٌ كَمَا قَالَ ط أَنَّهُ يَلْزَمُهُ شَدُّ الْخِرْقَةِ إنْ لَمْ تَكُنْ مَوْضُوعَةً (قَوْلُهُ وَكَذَا إلَخْ) فَصَّلَهُ بِكَذَا، إشَارَةٌ إلَى أَنَّهُ هُوَ الَّذِي فِيهِ
مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ، وَلَا رِوَايَةَ فِي الْغَسْلِ (وَمَسَحَ الْبَاقِي) مِنْهَا (وَهُوَ) الْأَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ (أَحْوَطُ) فَكَانَ أَوْلَى وَصَحَّحَ فِي الْفَيْضِ وَغَيْرِهِ التَّيَمُّمَ، كَمَا يَتَيَمَّمُ لَوْ الْجُرْحُ بِيَدَيْهِ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُوَضِّئُهُ خِلَافًا لَهُمَا.
(وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا) أَيْ تَيَمُّمٍ وَغُسْلٍ كَمَا لَا يَجْمَعُ بَيْنَ حَيْضٍ وَحَبَلٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ أَوْ نِفَاسٍ، وَلَا بَيْنَ نِفَاسٍ وَاسْتِحَاضَةٍ أَوْ حَيْضٍ، وَلَا زَكَاةٍ وَعُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ
ــ
[رد المحتار]
الِاخْتِلَافُ الْآتِي (قَوْلُهُ وَلَا رِوَايَةَ فِي الْغَسْلِ) أَيْ لَا رِوَايَةَ فِي صُورَةِ الْمُسَاوَاةِ عَنْ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ، وَإِنَّمَا فِيهَا اخْتِلَافُ الْمَشَايِخِ؛ فَقِيلَ تَيَمَّمَ كَمَا لَوْ كَانَ الْأَكْثَرُ جَرِيحًا؛ لِأَنَّ غَسْلَ الْبَعْضِ طَهَارَةٌ نَاقِصَةٌ وَالتَّيَمُّمَ طَهَارَةٌ كَامِلَةٌ، وَقِيلَ يَغْسِلُ الصَّحِيحَ وَيَمْسَحُ الْجَرِيحَ كَعَكْسِ الْأُولَى؛ لِأَنَّ الْغَسْلَ طَهَارَةٌ حَقِيقِيَّةٌ بِخِلَافِ التَّيَمُّمِ. وَاخْتَلَفَ التَّرْجِيحُ وَالتَّصْحِيحُ كَمَا فِي الْحِلْيَةِ، وَرَجَّحَ فِي الْبَحْرِ تَصْحِيحَ الثَّانِي بِأَنَّهُ أَحْوَطُ وَتَبِعَهُ فِي الْمَتْنِ.
ثُمَّ اعْلَمْ أَنِّي لَمْ أَرَ مَنْ خَصَّ نَفْيَ الرِّوَايَةِ فِي صُورَةِ الْمُسَاوَاةِ بِالْغَسْلِ كَمَا فَعَلَ الشَّارِحُ. ثُمَّ رَأَيْت فِي السِّرَاجِ مَا نَصُّهُ: وَفِي الْعُيُونِ عَنْ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ عَلَى الْيَدَيْنِ قُرُوحٌ لَا يَقْدِرُ عَلَى غَسْلِهَا وَبِوَجْهِهِ مِثْلُ ذَلِكَ تَيَمَّمَ، وَإِنْ كَانَ فِي يَدَيْهِ خَاصَّةً غَسَلَ وَلَا تَيَمَّمَ، وَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ يَتَيَمَّمُ مَعَ جِرَاحَةِ النِّصْفِ انْتَهَى كَلَامُ السِّرَاجِ، فَقَدْ وَجَدْت الرِّوَايَةَ عَنْ مُحَمَّدٍ فِي الْوُضُوءِ، فَقَوْلُهُمْ لَا رِوَايَةَ: أَيْ فِي الْغَسْلِ كَمَا قَالَ الشَّارِحُ، لَكِنْ يُرَدُّ عَلَى الشَّارِحِ أَنَّهُ جَعَلَ حُكْمَ الْمُسَاوَاةِ فِي الْوُضُوءِ الْغَسْلَ وَالْمَسْحَ. وَاَلَّذِي فِي الْعُيُونِ التَّيَمُّمُ فَتَدَبَّرْ (قَوْلُهُ مِنْهَا) أَيْ مِنْ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ بِنَاءً عَلَى مَا قَالَهُ، وَعَلِمْت مَا فِيهِ (قَوْلُهُ هُوَ الْأَصَحُّ) صَحَّحَهُ فِي الْخَانِيَّةِ وَالْمُحِيطِ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهِ) كَالْخُلَاصَةِ وَالْفَتْحِ وَالزَّيْلَعِيِّ وَالِاخْتِيَارِ وَالْمَوَاهِبِ (قَوْلُهُ لَوْ الْجُرْحُ بِيَدَيْهِ) أَيْ وَلَا يُمْكِنُهُ إدْخَالُ وَجْهِهِ وَرِجْلَيْهِ فِي الْمَاءِ، فَلَوْ أَمْكَنَهُ فَعَلَ بِلَا تَيَمُّمٍ كَمَا لَا يَخْفَى، فَلَا يُنَافِي مَا قَدَّمْنَاهُ عَنْ الْعُيُونِ (قَوْلُهُ وَإِنْ وَجَدَ مَنْ يُوَضِّئُهُ) أَيْ بِنَاءً عَلَى مَا مَرَّ مِنْ أَنَّهُ لَا يُعَدُّ قَادِرًا بِقُدْرَةِ غَيْرِهِ عِنْدَ الْإِمَامِ، لَكِنْ عَبَّرَ عَنْ هَذَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْمُبْتَغَى بِقِيلَ جَازِمًا بِالتَّفْصِيلِ، وَهُوَ الْمُوَافِقُ لِمَا مَرَّ فِي الْمَرِيضِ الْعَاجِزِ، مِنْ أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ مَنْ يُعِينُهُ لَا يَتَيَمَّمُ فِي ظَاهِرِ الرِّوَايَةِ، فَتَنَبَّهْ لِذَلِكَ.
[تَتِمَّةٌ] لَوْ بِأَكْثَرِ أَعْضَاءِ الْوُضُوءِ جِرَاحَةٌ يَضُرُّهَا الْمَاءُ وَبِأَكْثَرِ مَوَاضِعِ التَّيَمُّمِ جِرَاحَةٌ يَضُرُّهَا التَّيَمُّمُ لَا يُصَلِّي. وَقَالَ أَبُو يُوسُفَ: يَغْسِلُ مَا قَدَرَ عَلَيْهِ وَيُصَلِّي وَيُعِيدُ زَيْلَعِيٌّ.
(قَوْلُهُ وَلَا يَجْمَعُ بَيْنَهُمَا) لِمَا فِيهِ مِنْ الْجَمْعِ بَيْنَ الْبَدَلِ وَالْمُبْدَلِ، بِخِلَافِ الْجَمْعِ بَيْنَ التَّيَمُّمِ وَسُؤْرِ الْحِمَارِ؛ لِأَنَّ الْفَرْضَ يَتَأَدَّى بِأَحَدِهِمَا لَا بِهِمَا فَجَمَعْنَا بَيْنَهُمَا لِلشَّكِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَغَسَلَ) بِفَتْحِ الْغَيْنِ لِيَعُمَّ الطَّهَارَتَيْنِ ح (قَوْلُهُ كَمَا لَا يَجْمَعُ) عَدَمُ الْجَمْعِ فِي جَمِيعِ مَا يَأْتِي بِمَعْنَى الْمُعَاقَبَةِ مِنْ الطَّرَفَيْنِ أَيْ كُلَّمَا وُجِدَ وَاحِدٌ امْتَنَعَ وُجُودُ آخَرَ، وَلَيْسَ الْمُرَادُ عَدَمَ الْجَمْعِ وَلَوْ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْحَصِرُ فِي عَدَدٍ كَالْحَيْضِ مَعَ الصَّلَاةِ أَوْ الصَّوْمِ أَوْ الْحَجِّ، وَكَذَا الْعِبَادَاتُ بِأَسْرِهَا مَعَ الْكُفْرِ وَنَحْوِ ذَلِكَ (قَوْلُهُ بَيْنَ حَيْضٍ وَحَبَلٍ أَوْ اسْتِحَاضَةٍ أَوْ نِفَاسٍ) أَيْ لَا يَجْمَعُ بَيْنَ الْحَيْضِ وَبَيْنَ وَاحِدٍ مِنْ الثَّلَاثَةِ الْمَعْطُوفَاتِ عَلَيْهِ، بَلْ كُلَّمَا وُجِدَ الْحَيْضُ لَا يُوجَدُ وَاحِدٌ مِنْهَا، وَكُلَّمَا وُجِدَ وَاحِدٌ مِنْهَا لَا يُوجَدُ الْحَيْضُ، وَكَذَا يُقَالُ فِيمَا بَعْدَهُ، وَقَوْلُهُ وَلَا بَيْنَ نِفَاسٍ وَاسْتِحَاضَةٍ أَوْ حَيْضٍ، قِيلَ كَذَا فِي أَصْلِ نُسْخَةِ الشَّارِحِ. وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ: أَوْ حَبَلٍ بَدَلَ قَوْلِهِ أَوْ حَيْضٍ وَعَلَيْهِ فَلَا تَكْرَارَ، لَكِنْ فِيهِ كَمَا قَالَ ط: إنَّ النِّفَاسَ قَدْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْحَبَلِ فِي التَّوْأَمِ الثَّانِي، لِمَا ذَكَرُوهُ مِنْ أَنَّ النِّفَاسَ مِنْ الْأَوَّلِ.
وَالْحَاصِلُ أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ سِتَّةٌ: ثَلَاثَةٌ فِيهَا الْحَيْضُ مَعَ غَيْرِهِ، وَاثْنَانِ نِفَاسٌ مَعَ غَيْرِهِ، وَالسَّادِسُ حَبَلٌ مَعَ اسْتِحَاضَةٍ. قَالَ ح: وَتَرَكَهُ الشَّارِحُ؛ لِأَنَّ الْجَمْعَ فِيهِ صَحِيحٌ (قَوْلُهُ وَلَا زَكَاةٍ وَعُشْرٍ أَوْ خَرَاجٍ) ؛ لِأَنَّ كُلَّ مَا كَانَ الْوَاجِبُ فِيهِ الزَّكَاةَ لَا يَجِبُ فِيهِ عُشْرٌ وَلَا خَرَاجٌ، وَهُوَ ظَاهِرٌ وَكَذَا عَكْسُهُ، كَمَا لَوْ أَدَّى عُشْرَ الْخَارِجِ مِنْ الْأَرْضِ الْعُشْرِيَّةِ أَوْ أَدَّى خَرَاجَ الْأَرْضِ الْخَرَاجِيَّةِ مِنْ الْخَارِجِ مِنْهَا وَنَوَى فِيمَا بَقِيَ التِّجَارَةَ وَحَالَ عَلَيْهِ الْحَوْلُ فَلَا زَكَاةَ فِيهِ.
أَوْ فِطْرَةٍ، وَلَا عُشْرٍ مَعَ خَرَاجٍ، وَلَا فِدْيَةٍ وَصَوْمٍ أَوْ قِصَاصٍ، وَلَا ضَمَانٍ وَقَطْعٍ أَوْ أَجْرٍ، وَلَا جَلْدٍ مَعَ رَجْمٍ أَوْ نَفْيٍ، وَلَا مَهْرٍ وَمُتْعَةٍ وَحَدٍّ أَوْ ضَمَانِ إفْضَائِهَا أَوْ مَوْتِهَا مِنْ جَمَاعَةٍ، وَلَا مَهْرِ مِثْلٍ وَتَسْمِيَةٍ، وَلَا وَصِيَّةٍ وَمِيرَاثٍ وَغَيْرِهَا مِمَّا سَيَجِيءُ فِي مَحَلِّهِ - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى.
ــ
[رد المحتار]
وَكَذَا لَوْ شَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً أَوْ عُشْرِيَّةً نَاوِيًا التِّجَارَةَ بِهَا وَحَالَ الْحَوْلُ لِمَا سَيَذْكُرُهُ الشَّارِحُ فِي كِتَابِ الزَّكَاةِ، مِنْ أَنَّهُ لَا تَصِحُّ نِيَّةُ التِّجَارَةِ فِيمَا خَرَجَ مِنْ أَرْضِهِ الْعُشْرِيَّةُ أَوْ الْخَرَاجِيَّةِ لِئَلَّا يَجْتَمِعَ الْحَقَّانِ، وَكَذَا لَوْ شَرَى أَرْضًا خَرَاجِيَّةً نَاوِيًا التِّجَارَةَ أَوْ عُشْرِيَّةً وَزَرَعَهَا لَا تَكُونُ لِلتِّجَارَةِ لِقِيَامِ الْمَانِعِ. اهـ (قَوْلُهُ أَوْ فِطْرَةٍ) فَعَبِيدُ الْخِدْمَةِ فِيهَا الْفِطْرَةُ وَلَا زَكَاةَ وَعَبِيدُ التِّجَارَةِ إذَا حَالَ عَلَيْهَا الْحَوْلُ فِيهَا الزَّكَاةُ وَلَا فِطْرَةَ ح (قَوْلُهُ وَلَا عُشْرٍ مَعَ خَرَاجٍ) أَيْ إنْ كَانَتْ الْأَرْضُ عُشْرِيَّةً فَفِيهَا عُشْرُ الْخَارِجِ، وَإِنْ خَرَاجِيَّةً فَالْخَرَاجُ.
وَاعْلَمْ أَنَّ الِاحْتِمَالَاتِ فِي هَذِهِ الْأَرْبَعَةِ سِتَّةٌ أَيْضًا: ثَلَاثَةٌ فِي اجْتِمَاعِ الزَّكَاةِ مَعَ غَيْرِهَا، وَوَاحِدٌ فِي الْعُشْرِ مَعَ الْخَرَاجِ، وَاثْنَانِ فِي الْفِطْرَةِ مَعَ الْعُشْرِ أَوْ مَعَ الْخَرَاجِ تَرَكَهُمَا لِعَدَمِ تَصَوُّرِهِمَا أَفَادَهُ ح.
(قَوْلُهُ وَلَا فِدْيَةٍ وَصَوْمٍ) فَمَنْ وَجَبَ عَلَيْهِ الصَّوْمُ لَا تَلْزَمُهُ فِدْيَةٌ، وَمَنْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْفِدْيَةُ لَا يَجِبُ عَلَيْهِ الصَّوْمُ مَا دَامَ عَاجِزًا، أَمَّا إذَا قَدَرَ فَإِنَّهُ يَصُومُ، لَكِنْ لَا يَبْقَى مَا أَدَّاهُ فِدْيَةً؛ لِأَنَّ شَرْطَهَا الْعَجْزُ الدَّائِمُ فَلَا جَمْعَ أَفَادَهُ ط (قَوْلُهُ أَوْ قِصَاصٍ) أَيْ وَلَا بَيْنَ فِدْيَةٍ أَيْ كَفَّارَةٍ وَقِصَاصٍ، فَأَرَادَ بِالْفِدْيَةِ مَا يَشْمَلُ الْكَفَّارَةَ، وَالْأَوْلَى التَّعْبِيرُ بِهَا كَمَا فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ، وَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْقِصَاصَ فِي الْعَمْدِ وَالْكَفَّارَةَ فِي غَيْرِهِ، فَمَتَى وَجَبَ أَحَدُهُمَا لَمْ يَجِبْ الْآخَرُ (قَوْلُهُ وَلَا ضَمَانٍ وَقَطْعٍ) فَإِنَّ السَّارِقَ إذَا قُطِعَ أَوَّلًا لَا يَضْمَنُ الْعَيْنَ الْهَالِكَةَ أَوْ الْمُسْتَهْلَكَةَ، وَإِذَا ضَمِنَ الْقِيمَةَ أَوَّلًا لَمْ يُقْطَعْ بَعْدَهُ لِمِلْكِهِ مُسْتَنِدًا إلَى وَقْتِ الْأَخْذِ، نَعَمْ يَجْتَمِعُ مَعَ الْقَطْعِ ضَمَانُ النُّقْصَانِ فِيمَا إذَا شَقَّ الثَّوْبَ قَبْلَ إخْرَاجِهِ لَكِنَّهُ ضَمَانُ إتْلَافٍ لَا ضَمَانُ مَسْرُوقٍ فَلَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ بِمَا وَجَبَ بِهِ الْقَطْعُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ أَوْ أَجْرٍ) أَيْ وَلَا ضَمَانٍ وَأَجْرٍ؛ كَمَا لَوْ اسْتَأْجَرَ دَابَّةً لِيَرْكَبَهَا فَفَعَلَ وَجَبَ الْأَجْرُ وَلَا ضَمَانَ وَإِنْ عَطِبَتْ، وَلَوْ أَرْكَبَهَا غَيْرَهُ فَعَطِبَتْ ضَمِنَهَا وَلَا أَجْرَ عَلَيْهِ. وَأَمَّا إذَا اسْتَأْجَرَهَا لِحَمْلِ مِقْدَارٍ فَحَمَلَ أَكْثَرَ مِنْهُ وَلَا تُطِيقُ ذَلِكَ فَعَطِبَتْ فَعَلَيْهِ الْأَجْرُ لِأَجْلِ الْحِمْلِ وَالضَّمَانُ لِأَجْلِ الزِّيَادَةِ فَلَمْ يَجِبْ الضَّمَانُ بِمَا وَجَبَ بِهِ الْأَجْرُ بَلْ بِغَيْرِهِ (قَوْلُهُ وَلَا جَلْدٍ مَعَ رَجْمٍ) ؛ لِأَنَّ الْجَلْدَ لِلْبِكْرِ وَالرَّجْمَ لِلْمُحْصَنِ (قَوْلُهُ أَوْ نَفْيٍ) الْمُرَادُ بِهِ تَغْرِيبُ عَامٍ كَمَا فَسَّرَهُ الشَّافِعِيُّ. وَأَمَّا إذَا كَانَ بِمَعْنَى الْحَبْسِ فَيُجْمَعُ مَعَ الْجَلْدِ أَفَادَهُ ح، وَالْمُرَادُ أَنَّ الْبِكْرَ إذَا جُلِدَ لَا يُنْفَى مَا لَمْ يَرَهُ الْإِمَامُ فَلَهُ فِعْلُهُ سِيَاسَةً، وَلَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا نُفِيَ لَا يُجْلَدُ، فَفِي عَدِّهِ هُنَا نَظَرٌ تَأَمَّلْ.
(قَوْلُهُ وَلَا مَهْرٍ وَلَا مُتْعَةٍ) فَإِنَّ الْمُطَلَّقَةَ قَبْلَ الدُّخُولِ إنْ سُمِّيَ لَهَا مَهْرٌ فَلَهَا نِصْفُهُ وَإِلَّا فَالْمُتْعَةُ حِينَئِذٍ، وَهَذَا فِي الْمُتْعَةِ الْوَاجِبَةِ، أَمَّا الْمُسْتَحَبَّةُ فَتَجْتَمِعُ مَعَ الْمَهْرِ (قَوْلُهُ وَحَدٍّ) أَيْ وَلَا مَهْرٍ وَحَدٍّ، بَلْ إنْ كَانَ الْوَطْءُ زِنًا فَالْحَدُّ وَلَا مَهْرَ، وَإِلَّا فَالْمَهْرُ وَلَا حَدَّ ح (قَوْلُهُ أَوْ ضَمَانِ إفْضَائِهَا) أَيْ وَلَا مَهْرِ وَضَمَانِ إفْضَائِهَا فِيمَا إذَا وَطِئَ زَوْجَتَهُ فَأَفْضَاهَا لَا يَجِبُ ضَمَانُ الْإِفْضَاءِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ، وَمِثْلُهُ الْمَهْرُ مَعَ الْمَوْتِ مِنْ الْوَطْءِ ح، وَهَذَا لَوْ بَالِغَةً مُخْتَارَةً مُطِيقَةً لِوَطْئِهِ وَإِلَّا لَزِمَهُ دِيَتُهَا كَامِلَةً كَمَا حَرَّرَهُ الشُّرُنْبُلَالِيُّ فِي شَرْحِ الْوَهْبَانِيَّةِ، ثُمَّ هَذَا أَيْضًا فِي ذِكْرِهِ هُنَا نَظَرٌ، إذْ لَيْسَ الْمُرَادُ أَنَّهُ إذَا لَزِمَهُ الضَّمَانُ فِي الزَّوْجَةِ لَا يَلْزَمُهُ مَهْرُهَا فَعَدَمُ الِاجْتِمَاعِ مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ فَقَطْ وَسَيَأْتِي - إنْ شَاءَ اللَّهُ تَعَالَى - فِي الْجِنَايَاتِ قُبَيْلَ بَابِ الشَّهَادَةِ فِي الْقَتْلِ مَا لَوْ كَانَ ذَلِكَ بِأَجْنَبِيَّةٍ، وَأَنَّهُ بِإِفْضَائِهَا مُكْرَهَةً يَلْزَمُهُ الْحَدُّ وَأَرْشُ الْإِفْضَاءِ وَهُوَ ثُلُثُ الدِّيَةِ إنْ كَانَتْ تَسْتَمْسِكُ بَوْلَهَا وَإِلَّا فَكُلُّ الدِّيَةِ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ مِنْ جِمَاعِهِ) أَيْ جِمَاعِ الزَّوْجِ لَهَا (قَوْلُهُ وَلَا مَهْرِ مِثْلٍ وَتَسْمِيَةٍ) ؛ لِأَنَّهُ إذَا سَمَّى الْجَائِزَ مِنْ الْمَهْرِ وَجَبَ، وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ أَصْلًا أَوْ سَمَّى مَا لَا يَجُوزُ كَخِنْزِيرٍ وَخَمْرٍ وَجَبَ مَهْرُ الْمِثْلِ ط (قَوْلُهُ وَلَا وَصِيَّةٍ وَمِيرَاثٍ) فَمَنْ يَسْتَحِقُّ الْوَصِيَّةَ لَا يَسْتَحِقُّ الْمِيرَاثَ وَكَذَا بِالْعَكْسِ: أَيْ فِيمَا إذَا كَانَ مِمَّنْ يُرَدُّ عَلَيْهِ، أَمَّا إذَا أَوْصَى أَحَدُ الزَّوْجَيْنِ لِلْآخَرِ وَلَا وَارِثَ غَيْرُهُ اجْتَمَعَا حِينَئِذٍ، وَكَذَا يَجْتَمِعَانِ إذَا أَجَازَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ (قَوْلُهُ وَغَيْرِهَا مِمَّا سَيَجِيءُ) ذَكَرَ الْحَمَوِيُّ