المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها - حاشية ابن عابدين = رد المحتار ط الحلبي - جـ ١

[ابن عابدين]

فهرس الكتاب

- ‌[مُقَدِّمَة]

- ‌كِتَابُ الطَّهَارَةِ

- ‌أَرْكَانُ الْوُضُوءِ

- ‌[سُنَنُ الْوُضُوء]

- ‌فَرْضُ الْغُسْلِ)

- ‌[فُرُوعٌ فِي الطَّهَارَة]

- ‌[سُنَنُ الْغُسْلِ]

- ‌بَابُ الْمِيَاهِ

- ‌[الْمَاءِ الْمُسْتَعْمَلِ]

- ‌[فَرْعٌ مُحْدِثٍ انْغَمَسَ فِي بِئْرٍ لِدَلْوٍ وَلَا نَجَسَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَنْوِ وَلَمْ يَتَدَلَّكْ]

- ‌[فَرْعٌ] مَا يَخْرُجُ مِنْ دَارِ الْحَرْبِ كَسِنْجَابٍ إنْ عَلِمَ دَبْغَهُ بِطَاهِرٍ

- ‌[فُرُوعٌ التَّدَاوِي بِالْمُحَرَّمِ]

- ‌فَصْلٌ فِي الْبِئْرِ

- ‌[فَرْعٌ] وَجَدَ فِي ثَوْبِهِ مَنِيًّا أَوْ بَوْلًا أَوْ دَمًا

- ‌[فَرْعٌ الْبُعْدُ الْمَانِعُ مِنْ وُصُولِ نَجَاسَةِ الْبَالُوعَةِ إلَى الْبِئْرِ]

- ‌بَابُ التَّيَمُّمِ

- ‌[أَرْكَان التَّيَمُّم وَشُرُوطه]

- ‌[سُنَنُ التَّيَمُّمِ]

- ‌[فُرُوعٌ] صَلَّى الْمَحْبُوسُ بِالتَّيَمُّمِ

- ‌بَابُ الْمَسْحِ عَلَى الْخُفَّيْنِ

- ‌[شُرُوط الْمَسْح عَلَى الْخُفَّيْنِ]

- ‌[مَطْلَبٌ نَوَاقِضُ الْمَسْحِ]

- ‌بَابُ الْحَيْضِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي أَحْكَامِ الْمَعْذُورِ]

- ‌بَابُ الْأَنْجَاسِ

- ‌فَصْلُ الِاسْتِنْجَاءِ

- ‌[فُرُوعٌ فِي الِاسْتِبْرَاء]

- ‌كِتَابُ الصَّلَاةِ

- ‌بَابُ الْأَذَانِ

- ‌[فَائِدَةٌ] التَّسْلِيمُ بَعْدَ الْأَذَانِ

- ‌بَابُ شُرُوطِ الصَّلَاةِ

- ‌[مَطْلَبٌ فِي سَتْرِ الْعَوْرَةِ]

- ‌[فُرُوعٌ فِي النِّيَّةِ]

- ‌بَابُ صِفَةِ الصَّلَاةِ

- ‌[فَرَائِض الصَّلَاة]

- ‌[مَطْلَبٌ قَدْ يُطْلَقُ الْفَرْضُ عَلَى مَا يُقَابِلُ الرُّكْنَ وَعَلَى مَا لَيْسَ بِرُكْنٍ وَلَا شَرْطٍ]

- ‌[وَاجِبَات الصَّلَاة]

- ‌[آدَابُ الصَّلَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ] لَوْ لَمْ يَعْلَمْ مَا فِي الصَّلَاةِ مِنْ فَرَائِضَ وَسُنَنٍ

- ‌[فَصْلٌ فِي بَيَان تَأْلِيف الصَّلَاة إلَى انتهائها]

- ‌[فُرُوعٌ] كَبَّرَ غَيْرَ عَالِمٍ بِتَكْبِيرِ إمَامِهِ

- ‌[فُرُوعٌ] قَرَأَ بِالْفَارِسِيَّةِ أَوْ التَّوْرَاةِ أَوْ الْإِنْجِيلِ

- ‌[فَصْلٌ فِي الْقِرَاءَة]

- ‌فُرُوعٌ] يَجِبُ الِاسْتِمَاعُ لِلْقِرَاءَةِ مُطْلَقًا

- ‌بَابُ الْإِمَامَةِ

- ‌[فُرُوعٌ اقْتِدَاءُ مُتَنَفِّلٍ بِمُتَنَفِّلٍ وَمَنْ يَرَى الْوِتْرَ وَاجِبًا بِمَنْ يَرَاهُ سُنَّةً]

- ‌بَابُ الِاسْتِخْلَافِ

- ‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا

- ‌[فُرُوعٌ سَمِعَ المصلي اسْمَ اللَّهِ تَعَالَى فَقَالَ جل جلاله أَوْ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم فَصَلَّى عَلَيْهِ]

- ‌[فُرُوعٌ مَشَى المصلي مُسْتَقْبِلَ الْقِبْلَةِ هَلْ تَفْسُدُ صَلَاته]

- ‌[فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِتَكْلِيمِ الْمُصَلِّي وَإِجَابَتِهِ بِرَأْسِهِ

- ‌فَرْعٌ]لَا بَأْسَ بِاِتِّخَاذِ الْمِسْبَحَةِ لِغَيْرِ رِيَاءٍ

- ‌[فُرُوعٌ اشْتِمَالُ الصَّلَاة عَلَى الصَّمَّاءِ وَالِاعْتِجَارُ وَالتَّلَثُّمُ وَالتَّنَخُّمُ وَكُلُّ عَمَلٍ قَلِيلٍ بِلَا عُذْرٍ]

- ‌[فُرُوعٌ]أَفْضَلُ الْمَسَاجِدِ

الفصل: ‌باب ما يفسد الصلاة وما يكره فيها

وَلَوْ أَخَّرَهَا لِآخِرِ صَلَاتِهِ قَضَاهَا فَقَطْ.

(وَلَوْ أَمَّ وَاحِدًا) فَقَطْ (فَأَحْدَثَ الْإِمَامُ) أَيْ وَخَرَجَ مِنْ الْمَسْجِدِ وَإِلَّا فَهُوَ عَلَى إمَامَتِهِ كَمَا مَرَّ (تَعَيَّنَ الْمَأْمُومُ لِلْإِمَامَةِ لَوْ صَلَحَ لَهَا) أَيْ لِإِمَامَةِ الْإِمَامِ (بِلَا نِيَّةٍ) لِعَدَمِ الْمُزَاحِمِ (وَإِلَّا) يَصْلُحْ كَصَبِيٍّ (فَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي) اتِّفَاقًا (دُونَ الْإِمَامِ عَلَى الْأَصَحِّ) لِبَقَاءِ الْإِمَامِ إمَامًا وَالْمُؤْتَمِّ بِلَا إمَامٍ (هَذَا إذَا لَمْ يَسْتَخْلِفْهُ، فَإِنْ اسْتَخْلَفَهُ فَصَلَاةُ الْإِمَامِ وَالْمُسْتَخْلِفِ) كِلَيْهِمَا (بَاطِلَةٌ) اتِّفَاقًا

(وَلَوْ أَمَّ) رَجُلٌ (رَجُلًا فَأَحْدَثَا وَخَرَجَا مِنْ الْمَسْجِدِ تَمَّتْ صَلَاةُ الْإِمَامِ وَبَنَى عَلَى صَلَاتِهِ وَفَسَدَتْ صَلَاةُ الْمُقْتَدِي) لِمَا مَرَّ (أَخَذَهُ رُعَافٌ يَمْكُثُ إلَى انْقِطَاعِهِ ثُمَّ يَتَوَضَّأُ وَيَبْنِي) لِمَا مَرَّ

‌بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا

عَقَّبَ الْعَارِضَ الِاضْطِرَارِيَّ بِالِاخْتِيَارِيِّ (يُفْسِدُهَا التَّكَلُّمُ) هُوَ النُّطْقُ بِحَرْفَيْنِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ: كع وَقِ أَمْرًا

ــ

[رد المحتار]

بِسُجُودِ السَّهْوِ (قَوْلُهُ وَلَوْ أَخَّرَهَا) هُوَ مَفْهُومُ قَوْلِهِ عَقِبَ التَّذَكُّرِ كَمَا فِي النَّهْرِ ح (قَوْلُهُ قَضَاهَا فَقَطْ) يَعْنِي مِنْ غَيْرِ إعَادَةِ رُكُوعٍ وَلَا سُجُودٍ، لَا افْتِرَاضًا، وَلَا وُجُوبًا، وَلَا نَدْبًا، بَلْ إنْ سَجَدَهَا فِي أَثْنَاءِ الْقَعْدَةِ الْأَخِيرَةِ أَوْ بَعْدَهَا أَعَادَهَا افْتِرَاضًا لِمَا قَدَّمْنَاهُ ح وَعَلَيْهِ سُجُودُ السَّهْوِ لِتَرْكِ التَّرْتِيبِ فِيمَا شُرِعَ مُكَرَّرًا ط

(قَوْلُهُ كَمَا مَرَّ) أَيْ قُبَيْلَ قَوْلِهِ: وَاسْتِئْنَافُهُ أَفْضَلُ (قَوْلُهُ تَعَيَّنَ الْمَأْمُومُ لِلْإِمَامَةِ) حَتَّى لَوْ أَفْسَدَ صَلَاتَهُ لَمْ تَفْسُدْ صَلَاةُ هَذَا الثَّانِي، وَلَوْ أَفْسَدَهَا الثَّانِي تَفْسُدُ صَلَاةُ الْأَوَّلِ لِتَحَوُّلِ الْإِمَامَةِ إلَيْهِ، فَإِنْ جَاءَ ثَالِثٌ وَاقْتَدَى بِهَذَا الثَّانِي ثُمَّ أَحْدَثَ الثَّانِي صَارَ الثَّالِثُ إمَامًا لِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَحْدَثَ الثَّالِثُ قَبْلَ رُجُوعِهِمَا أَوْ رُجُوعِ أَحَدِهِمَا فَسَدَتْ صَلَاةُ الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّهُمَا صَارَا مُقْتَدِيَيْنِ بِهِ، فَإِذَا خَرَجَ إمَامُهُمَا مِنْ الْمَسْجِدِ تَحَقَّقَ تَبَايُنُ الْمَكَانِ، فَيَفْسُدُ الِاقْتِدَاءُ لِفَوَاتِ شَرْطِهِ وَهُوَ اتِّحَادُ الْبُقْعَةِ؛ وَلَوْ رَجَعَ أَحَدُهُمَا فَدَخَلَ الْمَسْجِدَ ثُمَّ خَرَجَ الثَّالِثُ جَازَتْ صَلَاتُهُمْ لِأَنَّ الرَّاجِعَ صَارَ إمَامًا لَهُمْ لِتَعَيُّنِهِ وَلَوْ رَجَعَا فَإِنْ قَدَّمَ أَحَدُهُمَا الْآخَرَ قَبْلَ خُرُوجِ الثَّالِثِ مِنْ الْمَسْجِدِ صَارَ هُوَ الْإِمَامَ وَإِلَّا فَسَدَتْ صَلَاتُهُمَا لِأَنَّ أَحَدَهُمَا لَمْ يَصِرْ إمَامًا لِلتَّعَارُضِ بِلَا مُرَجِّحٍ، فَبَقِيَ الثَّالِثُ إمَامًا، فَإِذَا خَرَجَ فَاتَ شَرْطُ الِاقْتِدَاءِ وَهُوَ اتِّحَادُ الْبُقْعَةِ فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُمَا بَدَائِعُ (قَوْلُهُ بِلَا نِيَّةٍ) مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ تَعَيَّنَ (قَوْلُهُ عَلَى الْأَصَحِّ) وَقِيلَ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْإِمَامِ فَقَطْ، وَقِيلَ صَلَاتُهُمَا ح (قَوْلُهُ لِبَقَاءِ الْإِمَامِ إمَامًا إلَخْ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: لِأَنَّ تَعَيُّنَ الْوَاحِدِ لِلْإِمَامَةِ إنَّمَا كَانَ لِلْحَاجَةِ إلَى إصْلَاحِ الصَّلَاةِ، وَفِي جَعْلِهِ إمَامًا هَاهُنَا إفْسَادُهَا، فَبَقِيَ الْمُقْتَدِي لَا إمَامَ لَهُ فِي الْمَسْجِدِ فَفَسَدَتْ صَلَاتُهُ (قَوْلُهُ فَإِنْ اسْتَخْلَفَهُ) أَيْ قَبْلَ الْقُعُودِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ، وَإِلَّا كَانَ خَارِجًا بِصُنْعِهِ ط

(قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) هُوَ قَوْلٌ لِبَقَاءِ الْإِمَامِ إلَخْ ح (قَوْلُهُ لِمَا مَرَّ) أَيْ عِنْدَ قَوْلِهِ أَوْ مَكَثَ قَدْرَ أَدَاءِ رُكْنٍ بَعْدَ سَبْقِ الْحَدَثِ مِنْ قَوْلِهِ إلَّا لِعُذْرٍ كَنَوْمٍ وَرُعَافٍ ح

[بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ وَمَا يُكْرَهُ فِيهَا]

بَابُ مَا يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، وَمَا وَيُكْرَهُ فِيهَا

الْفَسَادُ وَالْبُطْلَانُ فِي الْعِبَادَاتِ سَوَاءٌ لِأَنَّ الْمُرَادَ بِهِمَا خُرُوجُ الْعِبَادَةِ عَنْ كَوْنِهَا عِبَادَةً بِسَبَبِ فَوَاتِ بَعْضِ الْفَرَائِضِ، وَعَبَّرُوا عَمَّا يُفَوِّتُ الْوَصْفَ مَعَ بَقَاءِ الْفَرَائِضِ مِنْ الشُّرُوطِ وَالْأَرْكَانِ بِالْكَرَاهَةِ، بِخِلَافِ الْمُعَامَلَاتِ عَلَى مَا عُرِفَ فِي الْأُصُولِ شَرْحُ الْمُنْيَةِ (قَوْلُهُ عَقَّبَ الْعَارِضَ إلَخْ) أَيْ إنَّ الْمُفْسِدَاتِ عَوَارِضُ عَلَى الصِّحَّةِ، لَكِنْ مِنْهَا اضْطِرَارِيٌّ كَسَبْقِ الْحَدَثِ الْمَذْكُورِ فِي الْبَابِ السَّابِقِ، وَمِنْهَا اخْتِيَارِيٌّ كَالتَّكَلُّمِ وَنَحْوِهِ مِمَّا يَأْتِي هُنَا، فَلِذَا عُقِّبَ أَحَدُهُمَا بِالْآخِرِ، وَلَمْ يُبَيِّنْ وَجْهَ تَقْدِيمِ الْأَوَّلِ عَلَى الثَّانِي؛ وَبَيَّنَهُ فِي النَّهْرِ بِأَنَّ الِاضْطِرَارَ أَعْرَفُ فِي الْعَارِضِيَّةِ أَيْ إنَّهُ الْأَصْلُ فِي الْعُرُوضِ أَفَادَهُ ح (قَوْلُهُ يُفْسِدُهَا التَّكَلُّمُ) أَيْ يُفْسِدُ الصَّلَاةَ، وَمِثْلُهَا سُجُودُ السَّهْوِ وَالتِّلَاوَةِ وَالشُّكْرِ عَلَى الْقَوْلِ ط عَنْ الْحَمَوِيِّ (قَوْلُهُ هُوَ النُّطْقُ بِحَرْفَيْنِ إلَخْ) أَيْ أَدْنَى مَا يَقَعُ اسْمُ الْكَلَامِ عَلَيْهِ الْمُرَكَّبُ مِنْ حَرْفَيْنِ كَمَا

ص: 613

وَلَوْ اسْتَعْطَفَ كَلْبًا أَوْ هِرَّةً أَوْ سَاقَ حِمَارًا لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ صَوْتٌ لَا هِجَاءَ لَهُ (عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ قَبْلَ قُعُودِهِ قَدْرَ التَّشَهُّدِ سِيَّانِ) وَسَوَاءٌ كَانَ نَاسِيًا أَوْ نَائِمًا أَوْ جَاهِلًا أَوْ مُخْطِئًا أَوْ مُكْرَهًا

ــ

[رد المحتار]

فِي الْقُهُسْتَانِيِّ عَنْ الْجَلَّابِي. وَقَالَ فِي الْبَحْرِ وَفِي الْمُحِيطِ: وَالنَّفْخُ الْمَسْمُوعُ الْمُهَجَّى مُفْسِدٌ عِنْدَهُمَا، خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ. لَهُمَا أَنَّ الْكَلَامَ اسْمٌ لِحُرُوفٍ مَنْظُومَةٍ مَسْمُوعَةٍ مِنْ مَخْرَجِ الْكَلَامِ لِأَنَّ الْإِفْهَامَ بِهَذَا يَقَعُ، وَأَدْنَى مَا يَقَعُ بِهِ انْتِظَامُ الْحُرُوفِ حَرْفَانِ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَالَ إنَّ أَدْنَاهُ حَرْفَانِ أَوْ حَرْفٌ مُفْهِمٌ كَ عِ أَمْرًا، وَكَذَا قِ، فَإِنَّ فَسَادَ الصَّلَاةِ بِهِمَا ظَاهِرٌ اهـ.

أَقُولُ: وَقَدْ يُقَالُ: إنَّ نَحْوَ عِ، وَقِ أَمْرٌ مُنْتَظِمٌ مِنْ حُرُوفٍ تَقْدِيرًا غَيْرَ أَنَّهَا حُذِفَتْ لِأَسْبَابٍ صِنَاعِيَّةٍ، فَهُوَ دَاخِلٌ فِي تَعْرِيفِ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ بَلْ هُوَ كَلَامٌ نَحْوِيٌّ، وَلَعَلَّ الشَّارِحَ جَزَمَ بِهِ لِذَلِكَ؛ وَلَمْ يُنَبِّهْ عَلَى أَنَّهُ بَحْثٌ لِصَاحِبِ الْبَحْرِ فَتَدَبَّرْ. وَقَدْ ظَهَرَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْحَرْفَ الْوَاحِدَ الْمُهْمَلَ لَا يُسَمَّى كَلَامًا، فَلَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِ الْهِنْدِيَّةِ وَالزَّيْلَعِيِّ أَنَّ الْكَلَامَ مُفْسِدٌ قَلِيلًا كَانَ أَوْ كَثِيرًا، كَمَا لَا يَخْفَى فَافْهَمْ (قَوْلُهُ وَلَوْ اسْتَعْطَفَ كَلْبًا إلَخْ) أَيْ بِمَا لَيْسَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ، وَيُشِيرُ إلَيْهِ تَعْلِيلُ الشَّارِحِ بِقَوْلِهِ لِأَنَّهُ صَوْتٌ لَا هِجَاءَ لَهُ. اهـ. ح، لَكِنْ فِي الْجَوْهَرَةِ أَنَّ الْكَلَامَ الْمُفْسِدَ مَا يُعْرَفُ فِي مُتَفَاهَمِ النَّاسِ، سَوَاءٌ حَصَلَتْ بِهِ حُرُوفٌ أَمْ لَا، حَتَّى لَوْ قَالَ مَا يُسَاقُ بِهِ الْحِمَارُ فَسَدَتْ. اهـ. وَذَكَرَ الزَّيْلَعِيُّ فِيهِ خِلَافًا حَيْثُ قَالَ عِنْدَ قَوْلِ الْكَنْزِ وَالتَّنَحْنُحِ بِلَا عُذْرٍ. وَلَوْ نَفَخَ فِي الصَّلَاةِ، فَإِنْ كَانَ مَسْمُوعًا تَبْطُلُ وَإِلَّا فَلَا، وَالْمَسْمُوعُ مَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ عِنْدَ بَعْضِهِمْ نَحْوَ أُفٍّ وَتَفٍّ، وَغَيْرُ الْمَسْمُوعِ بِخِلَافِهِ، وَإِلَيْهِ مَالَ الْحَلْوَانِيُّ: وَبَعْضُهُمْ لَا يَشْتَرِطُ لِلنَّفْخِ الْمَسْمُوعِ أَنْ يَكُونَ لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ، وَإِلَيْهِ ذَهَبَ خُوَاهَرْ زَادَهُ. وَعَلَى هَذَا إذَا نَفَّرَ طَيْرًا أَوْ غَيْرَهُ أَوْ دَعَاهُ بِمَا هُوَ مَسْمُوعٌ اهـ لَكِنْ مَا مَرَّ مِنْ تَعْرِيفِ الْكَلَامِ عِنْدَهُمَا يُؤَيِّدُ أَنَّ الْمَسْمُوعَ مَا لَهُ حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ، وَبِهِ جَزَمَ فِي الْبَدَائِعِ وَالْفَيْضِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ وَالْخُلَاصَةِ، نَعَمْ اسْتَشْكَلَ الشُّرُنْبُلَالِيُّ عَدَمَ الْفَسَادِ بِمَا يُسَاقُ بِهِ الْحِمَارُ بِأَنَّهُ يَصْدُقُ عَلَيْهِ تَعْرِيفُ الْعَمَلِ الْكَثِيرِ الْآتِي (قَوْلُهُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ إلَخْ) يُفِيدُ أَنَّ بَيْنَهُمَا فَرْقًا بَعْدَ الْقُعُودِ مَعَ أَنَّهُمَا سِيَّانِ أَيْضًا فِي أَنَّهُمَا لَا يُفْسِدَانِ الصَّلَاةَ؛ وَلَوْ أَسْقَطَ قَوْلَهُ سِيَّانِ فَيَكُونُ عَمْدُهُ وَسَهْوُهُ بَدَلًا مِنْ التَّكَلُّمِ لَسَلِمَ مِنْ هَذَا ح (قَوْلُهُ أَوْ نَاسِيًا) أَيْ بِأَنْ قَصَدَ كَلَامَ النَّاسِ نَاسِيًا أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ نَهْرٌ. مَطْلَبٌ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ

وَاخْتُلِفَ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ السَّهْوِ وَالنِّسْيَانِ، فَفِي شَرْحِ التَّحْرِيرِ لِابْنِ أَمِيرِ حَاجٍّ: ذَهَبَ الْفُقَهَاءُ وَالْأُصُولِيُّونَ وَأَهْلُ اللُّغَةِ إلَى عَدَمِ الْفَرْقِ. وَفَرَّقَ الْحُكَمَاءُ بِأَنَّ السَّهْوَ زَوَالُ الصُّورَةِ عَنْ الْمُدْرِكَةِ مَعَ بَقَائِهَا فِي الْحَافِظَةِ، وَالنِّسْيَانُ زَوَالُهَا عَنْهُمَا مَعًا، فَيَحْتَاجُ فِي حُصُولِهَا إلَى سَبَبٍ جَدِيدٍ. وَقِيلَ النِّسْيَانُ عَدَمُ ذِكْرِ مَا كَانَ مَذْكُورًا. وَالسَّهْوُ غَفْلَةٌ عَمَّا كَانَ مَذْكُورًا أَوْ مَا لَمْ يَكُنْ، فَالنِّسْيَانُ أَخَصُّ مِنْهُ مُطْلَقًا. اهـ. (قَوْلُهُ أَوْ نَائِمًا) هَذِهِ إحْدَى الْمَسَائِلِ الَّتِي جَعَلُوا فِيهَا النَّائِمَ فِي حُكْمِ الْيَقْظَانِ، وَهِيَ خَمْسٌ وَعِشْرُونَ ذَكَرَهَا الشَّارِحُ فِي شَرْحِهِ عَلَى الْمُلْتَقَى نَظْمًا (قَوْلُهُ أَوْ جَاهِلًا) بِأَنْ لَمْ يَعْلَمْ أَنَّ التَّكَلُّمَ مُفْسِدٌ ح (قَوْلُهُ أَوْ مُخْطِئًا) بِأَنْ أَرَادَ قِرَاءَةً أَوْ ذِكْرًا فَجَرَى عَلَى لِسَانِهِ كَلَامُ النَّاسِ وَيَأْتِي بَيَانُهُ فِي مَسْأَلَةِ زَلَّةِ الْقَارِئِ (قَوْلُهُ أَوْ مُكْرَهًا) أَيْ بِأَنْ أَكْرَهَهُ أَحَدٌ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَقُلْ أَوْ مُضْطَرًّا كَمَا لَوْ غَلَبَهُ سُعَالٌ أَوْ عُطَاسٌ أَوْ جُشَاءٌ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُفْسِدٍ لِتَعَذُّرِ الِاحْتِرَازِ عَنْهُ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ: وَدَخَلَ فِي التَّكَلُّمِ الْمَذْكُورِ قِرَاءَةُ التَّوْرَاةِ وَالْإِنْجِيلِ وَالزَّبُورِ فَإِنَّهُ يُفْسِدُ كَمَا فِي الْمُجْتَبَى، وَقَالَ فِي الْأَصْلِ لَمْ يُجْزِهِ. وَعَنْ الثَّانِي: إنْ أَشْبَهَ التَّسْبِيحَ جَازَ اهـ. قَالَ فِي النَّهْرِ

ص: 614

هُوَ الْمُخْتَارُ، وَحَدِيثُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ» مَحْمُولٌ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ وَحَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ «إنَّ صَلَاتَنَا هَذِهِ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ» (إلَّا السَّلَامَ سَاهِيًا) لِلتَّحْلِيلِ: أَيْ لِلْخُرُوجِ مِنْ الصَّلَاةِ (قَبْلَ إتْمَامِهَا عَلَى ظَنِّ إكْمَالِهَا) فَلَا يُفْسِدُ (بِخِلَافِ السَّلَامِ عَلَى إنْسَانٍ) لِلتَّحِيَّةِ، أَوْ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَرْوِيحَةٌ مَثَلًا، أَوْ سَلَّمَ قَائِمًا فِي غَيْرِ جِنَازَةٍ (فَإِنَّهُ يُفْسِدُهَا) مُطْلَقًا، وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ (وَلَوْ سَاهِيًا) فَسَلَامُ التَّحِيَّةِ مُفْسِدٌ مُطْلَقًا، وَسَلَامُ التَّحْلِيلِ إنْ عَمْدًا

(وَرَدُّ السَّلَامِ) وَلَوْ سَهْوًا (بِلِسَانِهِ)

ــ

[رد المحتار]

وَأَقُولُ: يَجِبُ حَمْلُ مَا فِي الْمُجْتَبَى عَلَى الْمُبْدَلِ مِنْهَا إنْ لَمْ يَكُنْ ذِكْرًا أَوْ تَنْزِيهًا، وَقَدْ سَبَقَ أَنَّ غَيْرَ الْمُبْدَلِ يَحْرُمُ عَلَى الْجُنُبِ قِرَاءَتُهُ اهـ (قَوْلُهُ هُوَ الْمُخْتَارُ) رَاجِعٌ إلَى التَّعْمِيمِ الْمَذْكُورِ، لَكِنْ لَا بِالنِّسْبَةِ إلَى جَمِيعِ أَفْرَادِهِ بَلْ إلَى قَوْلِهِ أَوْ نَائِمًا، فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا عِنْدَنَا، قَالَ فِي النَّهْرِ: وَبِالْفَسَادِ بِهِ قَالَ كَثِيرٌ مِنْ الْمَشَايِخِ، وَهُوَ الْمُخْتَارُ خِلَافًا لِمَا اخْتَارَهُ فَخْرُ الْإِسْلَامِ. اهـ. وَأَمَّا بَقِيَّةُ الْمَسَائِلِ فَلَمْ أَرَ مَنْ ذَكَرَ فِيهَا خِلَافًا عِنْدَنَا، بَلْ فِيهَا خِلَافُ غَيْرِنَا (قَوْلُهُ «رُفِعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ» ) قَالَ فِي الْفَتْحِ: وَلَمْ يُوجَدْ بِهَذَا اللَّفْظِ فِي شَيْءٍ مِنْ كُتُبِ الْحَدِيثِ، بَلْ الْمَوْجُودُ فِيهَا " «إنَّ اللَّه وَضَعَ عَنْ أُمَّتِي الْخَطَأَ وَالنِّسْيَانَ وَمَا اُسْتُكْرِهُوا عَلَيْهِ» رَوَاهُ ابْنُ مَاجَهْ وَابْنُ حِبَّانَ وَالْحَاكِمُ، وَقَالَ صَحِيحٌ عَلَى شَرْطِهِمَا ح.

(قَوْلُهُ عَلَى رَفْعِ الْإِثْمِ) وَهُوَ الْحُكْمُ الْأُخْرَوِيُّ، فَلَا يُرَادُ الدُّنْيَوِيُّ وَهُوَ الْفَسَادُ لِئَلَّا يَلْزَمَ تَعْمِيمُ الْمُقْتَضَى ح عَنْ الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَحَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ) اسْمُهُ الْخِرْبَاقُ، وَكَانَ فِي يَدَيْهِ أَوْ إحْدَاهُمَا طُولٌ، وَلَفْظُهُ «أَقَصُرَتْ الصَّلَاةُ أَمْ نَسِيتَ؟ قَالَ: لَمْ أَنْسَ وَلَمْ تَقْصُرْ، قَالَ: بَلْ نَسِيت يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَأَقْبَلَ عَلَى الْقَوْمِ، فَقَالَ: أَصَدَقَ ذُو الْيَدَيْنِ؟ فَأَوْمَئُوا أَيْ نَعَمْ» زَيْلَعِيٌّ ط (قَوْلُهُ مَنْسُوخٌ بِحَدِيثِ مُسْلِمٍ إلَخْ) هُوَ مَا أَخْرَجَهُ مُسْلِمٌ مِنْ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ السُّلَمِيُّ قَالَ «بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم إذْ عَطَسَ رَجُلٌ مِنْ الْقَوْمِ، فَقُلْت لَهُ: يَرْحَمُك اللَّهُ فَرَمَانِي الْقَوْمُ بِأَبْصَارِهِمْ، فَقُلْت: وَاثُكْلَ أُمَّاهُ، مَا شَأْنُكُمْ تَنْظُرُونَ إلَيَّ؟ فَجَعَلُوا يَضْرِبُونَ بِأَيْدِيهِمْ عَلَى أَفْخَاذِهِمْ، فَلَمَّا رَأَيْتُهُمْ يُصَمِّتُونِي سَكَتُّ، فَلَمَّا صَلَّى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم دَعَانِي، فَبِأَبِي هُوَ وَأُمِّي مَا رَأَيْت مُعَلِّمًا قَبْلَهُ وَلَا بَعْدَهُ أَحْسَنَ تَعْلِيمًا مِنْهُ، فَوَاَللَّهِ مَا كَهَرَنِي وَلَا ضَرَبَنِي وَلَا شَتَمَنِي، قَالَ: إنَّ هَذِهِ الصَّلَاةَ لَا يَصْلُحُ فِيهَا شَيْءٌ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ، إنَّمَا هُوَ التَّسْبِيحُ وَالتَّكْبِيرُ وَقِرَاءَةُ الْقُرْآنِ» " كَذَا فِي الْفَتْحِ وَشَرْحِ الْمُنْيَةِ، وَمُنِعَ النَّسْخُ بِأَنَّ حَدِيثَ ذِي الْيَدَيْنِ رَوَاهُ أَبُو هُرَيْرَةَ وَهُوَ مُتَأَخِّرُ الْإِسْلَامِ. وَأُجِيبَ بِجَوَازِ أَنْ يَرْوِيَهُ عَنْ غَيْرِهِ وَلَمْ يَكُنْ حَاضِرًا، وَتَمَامُهُ فِي الزَّيْلَعِيِّ.

قَالَ فِي الْبَحْرِ وَهُوَ غَيْرُ صَحِيحٍ، لِمَا فِي صَحِيحِ مُسْلِمٍ عَنْهُ " بَيْنَا أَنَا أُصَلِّي مَعَ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " وَسَاقَ الْوَاقِعَةَ، وَهُوَ صَرِيحٌ فِي حُضُورِهِ، وَلَمْ أَرَ عَنْهُ جَوَابًا شَافِيًا. اهـ. أَقُولُ: أَظُنُّ أَنَّ صَاحِبَ الْبَحْرِ اشْتَبَهَ عَلَيْهِ حَدِيثُ ذِي الْيَدَيْنِ مَعَ حَدِيثِ مُعَاوِيَةَ بْنِ الْحَكَمِ الَّذِي نَقَلْنَاهُ عَنْ صَحِيحِ مُسْلِمٍ فَلْيُرَاجَعْ (قَوْلُهُ سَاهِيًا) يُغْنِي عَنْهُ قَوْلُهُ عَلَى ظَنِّ إكْمَالِهَا (قَوْلُهُ أَوْ عَلَى ظَنِّ) مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ عَلَى إنْسَانٍ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ إنَّهَا تَرْوِيحَةٌ مَثَلًا) أَيْ بِأَنْ كَانَ يُصَلِّي الْعِشَاءَ فَظَنَّ أَنَّهَا التَّرَاوِيحُ؛ وَمِثْلُهُ مَا لَوْ صَلَّى رَكْعَتَيْنِ مِنْ الظُّهْرِ فَسَلَّمَ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ مُسَافِرٌ أَوْ أَنَّهَا جُمُعَةٌ أَوْ فَجْرٌ (قَوْلُهُ أَوْ سَلَّمَ قَائِمًا) أَيْ عَلَى ظَنِّ أَنَّهُ أَتَمَّ الصَّلَاةَ بَحْرٌ (قَوْلُهُ فَإِنَّهُ يُفْسِدُهَا) أَيْ فِي الصُّوَرِ الثَّلَاثِ؛ أَمَّا السَّلَامُ عَلَى إنْسَانٍ فَظَاهِرٌ؛ وَأَمَّا السَّلَامُ عَلَى ظَنِّ أَنَّهَا تَرْوِيحَةٌ فَلِأَنَّهُ قَصَدَ الْقَطْعَ عَلَى رَكْعَتَيْنِ، بِخِلَافِ مَا إذَا ظَنَّ إكْمَالَهَا فَإِنَّهُ قَصَدَ الْقَطْعَ عَلَى أَرْبَعٍ بِاعْتِبَارِ ظَنِّهِ. وَأَمَّا السَّلَامُ قَائِمًا فَلِأَنَّهُ إنَّمَا اُغْتُفِرَ سَهْوُهُ فِي الْقُعُودِ لِأَنَّ الْقُعُودَ مَظِنَّتُهُ بِخِلَافِ الْقِيَامِ، وَلِذَلِكَ اُغْتُفِرَ سَهْوُهُ قَائِمًا فِي صَلَاةِ الْجِنَازَةِ لِأَنَّ الْقِيَامَ فِيهَا مَظِنَّةُ السَّلَامِ. اهـ. ح (قَوْلُهُ مُطْلَقًا) فَسَّرَهُ قَوْلُهُ وَإِنْ لَمْ يَقُلْ عَلَيْكُمْ وَقَوْلُهُ وَلَوْ سَاهِيًا ح.

(قَوْلُهُ فَسَلَامُ التَّحِيَّةِ إلَخْ) هَذَا مَا حَرَّرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا ثُمَّ رَآهُ مُصَرَّحًا بِهِ فِي الْبَدَائِعِ، وَوَفَّقَ بِهِ بَيْنَ مَا فِي الْكَنْزِ وَغَيْرِهِ مِنْ إطْلَاقِ الْفَسَادِ بِالسَّلَامِ وَبَيْنَ مَا فِي الْمَجْمَعِ وَغَيْرِهِ

ص: 615

لَا بِيَدِهِ بَلْ يُكْرَهُ عَلَى الْمُعْتَمَدِ.

نَعَمْ لَوْ صَافَحَ بِنِيَّةِ السَّلَامِ قَالُوا تَفْسُدُ، كَأَنَّهُ لِأَنَّهُ عَمَلٌ كَثِيرٌ: وَفِي النَّهْرِ عَنْ صَدْرِ الدِّينِ الْغَزِّيِّ:

سَلَامُك مَكْرُوهٌ عَلَى مَنْ سَتَسْمَعُ

وَمَنْ بَعْدَ مَا أُبْدِي يُسَنُّ وَيُشْرَعُ

مُصَلٍّ وَتَالٍ ذَاكِرٍ وَمُحَدِّثٍ

خَطِيبٍ وَمَنْ يُصْغِي إلَيْهِمْ وَيَسْمَعُ

مُكَرِّرِ فِقْهٍ جَالِسٍ لِقَضَائِهِ

وَمَنْ بَحَثُوا فِي الْفِقْهِ دَعْهُمْ لِيَنْفَعُوا

مُؤَذِّنٍ أَيْضًا أَوْ مُقِيمٍ مُدَرِّسٍ

كَذَا الْأَجْنَبِيَّاتُ الْفَتِيَّاتُ امْنَعْ

وَلُعَّابُ شِطْرَنْجٍ وَشِبْهٌ بِخُلُقِهِمْ

وَمَنْ هُوَ مَعَ أَهْلٍ لَهُ يَتَمَتَّعُ

وَدَعْ كَافِرًا أَيْضًا وَمَكْشُوفَ عَوْرَةٍ

وَمَنْ هُوَ فِي حَالِ التَّغَوُّطِ أَشْنَعُ

وَدَعْ آكِلًا إلَّا إذَا كُنْت جَائِعًا

وَتَعْلَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَيْسَ يَمْنَعُ

ــ

[رد المحتار]

مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْعَمْدِ، بِحَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى الْأَوَّلِ وَالثَّانِي عَلَى الثَّانِي، وَدَخَلَ فِي قَوْلِهِ إنْ عَمْدًا مَا لَوْ ظَنَّ أَنَّهَا تَرْوِيحَةٌ مَثَلًا فَسَلَّمَ لِأَنَّهُ تَعَمَّدَ السَّلَامَ كَمَا مَرَّ خِلَافًا لِمَنْ وَهِمَ

(قَوْلُهُ لَا بِيَدِهِ) أَيْ لَا يُفْسِدُهَا رَدُّ السَّلَامِ بِيَدِهِ، خِلَافًا لِمَنْ عَزَا إلَى أَبِي حَنِيفَةَ أَنَّهُ مُفْسِدٌ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ نَقْلُهُ مِنْ أَحَدٍ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ، وَإِنَّمَا يَذْكُرُونَ عَدَمَ الْفَسَادِ بِلَا حِكَايَةِ خِلَافٍ، بَلْ صَرِيحُ كَلَامِ الطَّحَاوِيِّ أَنَّهُ قَوْلُ أَئِمَّتِنَا الثَّلَاثَةِ، وَكَأَنَّ هَذَا الْقَائِلَ فَهِمَ مِنْ قَوْلِهِمْ وَلَا يَرُدُّ بِالْإِشَارَةِ أَنَّهُ مُفْسِدٌ كَذَا فِي الْحِلْيَةِ لِابْنِ أَمِيرِ الْحَاجِّ الْحَلَبِيِّ، وَاسْتَدْرَكَ فِي الْبَحْرِ عَلَى قَوْلِهِ فَإِنَّهُ لَمْ يُعْرَفْ إلَخْ بِأَنَّهُ نَقَلَهُ صَاحِبُ الْمَجْمَعِ وَهُوَ مِنْ أَهْلِ الْمَذْهَبِ الْمُتَأَخِّرِينَ، وَمَعَ هَذَا فَالْحَقُّ أَنَّ الْفَسَادَ لَيْسَ بِثَابِتٍ فِي الْمَذْهَبِ؛ وَإِنَّمَا اسْتَنْبَطَهُ بَعْضُ الْمَشَايِخِ مِمَّا فِي الظَّهِيرِيَّةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّهُ لَوْ صَافَحَ بِنِيَّةِ التَّسْلِيمِ فَسَدَتْ فَقَالَ: فَعَلَى هَذَا تَفْسُدُ أَيْضًا إذَا رَدَّ بِالْإِشَارَةِ، وَيَدُلُّ لِعَدَمِ الْفَسَادِ أَنَّهُ عليه الصلاة والسلام فَعَلَهُ كَمَا رَوَاهُ أَبُو دَاوُد وَصَحَّحَهُ فِي التِّرْمِذِيِّ.

وَصَرَّحَ فِي الْمُنْيَةِ بِأَنَّهُ مَكْرُوهٌ: أَيْ تَنْزِيهًا، وَفَعَلَهُ عليه الصلاة والسلام لِتَعْلِيمِ الْجَوَازِ فَلَا يُوصَفُ فِعْلُهُ بِالْكَرَاهَةِ كَمَا حَقَّقَهُ فِي الْحِلْيَةِ. اهـ. (قَوْلُهُ قَالُوا تَفْسُدُ) فِيهِ إيمَاءٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي الْبَحْرِ بَحْثًا مِنْ أَنَّ الظَّاهِرَ اسْتِوَاءُ حُكْمِ الرَّدِّ بِالْمُصَافَحَةِ وَبِالْيَدِ وَهُوَ عَدَمُ الْفَسَادِ لِلْأَحَادِيثِ الْوَارِدَةِ فِي ذَلِكَ، وَقَوْلُهُ كَأَنَّهُ إلَخْ فِيهِ إيمَاءٌ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي النَّهْرِ مِنْ أَنَّ هَذَا التَّعْلِيلَ أَوْلَى مِنْ تَعْلِيلِ الزَّيْلَعِيِّ وَغَيْرِهِ بِأَنَّهُ كَلَامٌ مَعْنًى لِأَنَّ الرَّدَّ بِالْيَدِ كَلَامٌ مَعْنًى أَيْضًا فَتَدَبَّرْ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ، كَذَا رَأَيْته بِخَطِّ الشَّارِحِ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ. مَطْلَبُ الْمَوَاضِعِ الَّتِي يُكْرَهُ فِيهَا السَّلَامُ

(قَوْلُهُ سَلَامُك مَكْرُوهٌ) ظَاهِرُهُ التَّحْرِيمُ ط وَسَيَجِيءُ التَّصْرِيحُ بِالْإِثْمِ فِي بَعْضِهَا (قَوْلُهُ وَمِنْ بَعْدَ مَا أُبْدِي إلَخْ) فِعْلٌ مُضَارِعٌ رُبَاعِيٌّ: أَيْ أُظْهِرُ؛ وَالْمَعْنَى وَغَيْرُ الَّذِي أَذْكُرُهُ هُنَا يُسَنُّ، وَلَا يُنَاقِضُهُ قَوْلُهُ وَالزِّيَادَةُ تَنْفَعُ لِأَنَّهُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ النَّهْرِ كَمَا سَتَعْرِفُهُ فَافْهَمْ (قَوْلُهُ ذَاكِرٍ) فَسَّرَهُ بَعْضُهُمْ بِالْوَاعِظِ لِأَنَّهُ يَذْكُرُ اللَّهَ تَعَالَى وَيُذَكِّرُ النَّاسَ بِهِ؛ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ أَعَمُّ، فَيُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى مُشْتَغِلٍ بِذِكْرِ اللَّهِ تَعَالَى بِأَيِّ وَجْهٍ كَانَ رَحْمَتِي (قَوْلُهُ خَطِيبٍ) يَعُمُّ جَمِيعَ الْخُطَبِ ط (قَوْلُهُ وَمَنْ يُصْغِي إلَيْهِمْ) أَيْ إلَى مَنْ ذُكِرَ وَلَوْ إلَى الْمُصَلِّي إذَا جَهَرَ، وَهُوَ دَاخِلٌ فِي التَّالِي ط (قَوْلُهُ مُكَرِّرِ فِقْهٍ) أَيْ لِيَحْفَظَهُ أَوْ يَفْهَمَهُ (قَوْلُهُ جَالِسٍ لِقَضَائِهِ) قَاسَ بَعْضُ مَشَايِخِنَا الْوُلَاةَ وَالْأُمَرَاءَ عَلَى الْقَاضِي. قَالَ شَمْسُ الْأَئِمَّةِ السَّرَخْسِيُّ: الصَّحِيحُ الْفَرْقُ، فَالرَّعِيَّةُ يُسَلِّمُونَ عَلَى الْأُمَرَاءِ وَالْوُلَاةِ، وَالْخُصُومُ لَا يُسَلِّمُونَ عَلَى الْقُضَاةِ؛ وَالْفَرْقُ أَنَّ السَّلَامَ تَحِيَّةُ الزَّائِرِينَ وَالْخُصُومُ مَا تَقَدَّمُوا إلَى الْقَاضِي زَائِرِينَ بِخِلَافِ الرَّعِيَّةِ، فَعَلَى هَذَا لَوْ جَلَسَ الْقَاضِي لِلزِّيَارَةِ فَالْخُصُومُ يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، وَلَوْ جَلَسَ الْأَمِيرُ لِفَصْلِ الْخُصُومَةِ لَا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ، كَذَا فِي الثَّامِنِ مِنْ كَرَاهِيَةٍ التَّتَارْخَانِيَّة، وَمُقْتَضَى هَذَا أَنَّ الْخُصُومَ إذَا دَخَلُوا عَلَى الْمُفْتِي لَا يُسَلِّمُونَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ.

(قَوْلُهُ وَمَنْ بَحَثُوا فِي الْفِقْهِ) عِبَارَةُ النَّهْرِ فِي الْعِلْمِ، وَفِي الضِّيَاءِ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ، فَيَعُمُّ كُلَّ عِلْمٍ شَرْعِيٍّ (قَوْلُهُ أَيْضًا) بِوَصْلِ الْهَمْزَةِ لِلضَّرُورَةِ ط (قَوْلُهُ مُدَرِّسٍ) أَيْ شَيْخِ دَرْسِ الْعِلْمِ الشَّرْعِيِّ بِقَرِينَةِ مَا ذَكَرْنَاهُ آنِفًا (قَوْلُهُ الْفَتِيَّاتُ) جَمْعُ فَتِيَّةٌ: الْمَرْأَةُ الشَّابَّةُ،

ص: 616

وَقَدْ زِدْتُ عَلَيْهِ: الْمُتَفَقِّهَ عَلَى أُسْتَاذِهِ كَمَا فِي الْقُنْيَةِ، وَالْمُغَنِّيَ، وَمُطَيِّرَ الْحَمَامِ، وَأَلْحَقَتْهُ فَقُلْت:

كَذَلِكَ أُسْتَاذٌ مُغَنٍّ مُطَيِّرٌ

فَهَذَا خِتَامٌ وَالزِّيَادَةُ تَنْفَعُ

ــ

[رد المحتار]

وَمَفْهُومُهُ جَوَازُهُ عَلَى الْعَجُوزِ، بَلْ صَرَّحُوا بِجَوَازِ مُصَافَحَتِهَا عِنْدَ أَمْنِ الشَّهْوَةِ (قَوْلُهُ وَلُعَّابُ) بِضَمِّ اللَّامِ وَتَشْدِيدِ الْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ جَمْعُ لَاعِبٍ (قَوْلُهُ وَشِبْهٌ) بِكَسْرِ الشِّينِ: أَيْ مُشَابِهٌ لِخُلُقِهِمْ بِالضَّمِّ، وَالْمُرَادُ مَنْ يُشَابِهُهُمْ فِي فِسْقِهِمْ مِنْ سَائِرِ أَرْبَابِ الْمَعَاصِي؛ كَمَنْ يَلْعَبُ بِالْقِمَارِ، أَوْ يَشْرَبُ الْخَمْرَ، أَوْ يَغْتَابُ النَّاسَ، أَوْ يُطَيِّرُ الْحَمَامَ أَوْ يُغَنِّي فَقَدْ نَبَّهَ بِلَعِبِ الشِّطْرَنْجِ الْمُخْتَلَفِ فِيهِ عَلَى أَنَّ مَا فَوْقَهُ مِثْلُهُ بِالْأَوْلَى وَسَيَأْتِي فِي الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ أَنَّهُ يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْفَاسِقِ لَوْ مُعْلِنًا وَإِلَّا لَا اهـ وَفِي فُصُولِ الْعَلَامِيِّ: وَلَا يُسَلِّمُ عَلَى الشَّيْخِ الْمُمَازِحِ وَالْكَذَّابِ وَاللَّاغِي، وَلَا عَلَى مَنْ يَسُبُّهُ النَّاسُ أَوْ يَنْظُرُ وُجُوهَ الْأَجْنَبِيَّاتِ، وَلَا عَلَى الْفَاسِقِ الْمُعْلِنِ، وَلَا عَلَى مَنْ يُغْنِي أَوْ يُطَيِّرُ الْحَمَامَ مَا لَمْ تُعْرَفْ تَوْبَتُهُمْ.

وَيُسَلِّمُ عَلَى قَوْمٍ فِي مَعْصِيَةٍ وَعَلَى مَنْ يَلْعَبُ بِالشِّطْرَنْجِ نَاوِيًا أَنْ يُشْغِلَهُمْ عَمَّا هُمْ فِيهِ عِنْدَ أَبِي حَنِيفَةَ. وَكُرِهَ عِنْدَهُمَا تَحْقِيرًا لَهُمْ. اهـ. وَظَاهِرُ قَوْلِهِ مَا لَمْ تُعْرَفْ تَوْبَتُهُمْ أَنَّ الْمُرَادَ كَرَاهَةُ السَّلَامِ عَلَيْهِمْ فِي غَيْرِ حَالَةِ مُبَاشَرَةِ الْمَعْصِيَةِ، أَمَّا فِي حَالَةِ مُبَاشَرَتِهَا فَفِيهِ الْخِلَافُ الْمَذْكُورُ (قَوْلُهُ يَتَمَتَّعُ) الظَّاهِرُ مِنْهُ مَا يَعُمُّ مُقَدَّمَاتِ الْجِمَاعِ ط (قَوْلُهُ وَدَعْ كَافِرًا) أَيْ إلَّا إذَا كَانَ لَك حَاجَةٌ إلَيْهِ فَلَا يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَيْهِ كَمَا سَيَأْتِي فِي بَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ (قَوْلُهُ وَمَكْشُوفَ عَوْرَةٍ) ظَاهِرُهُ وَلَوْ الْكَشْفُ لِضَرُورَةٍ ط (قَوْلُهُ حَالَ التَّغَوُّطِ) مُرَادُهُ مَا يَعُمُّ الْبَوْلَ ط (قَوْلُهُ إلَّا إذَا كُنْت إلَخْ) اُنْظُرْ مَا وَجْهُ ذَلِكَ؟ مَعَ أَنَّ الْكَرَاهَةَ إنَّمَا هِيَ فِي حَالَةِ وَضْعِ اللُّقْمَةِ فِي الْفَمِ، كَمَا يَظْهَرُ مِمَّا فِي حَظْرِ الْمُجْتَبَى: يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْعَاجِزِ عَنْ الْجَوَابِ حَقِيقَةً كَالْمَشْغُولِ بِالْأَكْلِ أَوْ الِاسْتِفْرَاغِ، أَوْ شَرْعًا كَالْمَشْغُولِ بِالصَّلَاةِ وَقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَلَوْ سَلَّمَ لَا يَسْتَحِقُّ الْجَوَابَ اهـ.

(قَوْلُهُ وَقَدْ زِدْتُ عَلَيْهِ الْمُتَفَقِّهَ عَلَى أُسْتَاذِهِ) كَمَا فِي الْقُنْيَةِ وَالْمُغْنِيَ وَمُطَيِّرَ الْحَمَامِ، وَأَلْحَقَتْهُ فَقُلْت كَذَلِكَ أُسْتَاذٌ إلَخْ، هَكَذَا يُوجَدُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَهُوَ مِنْ تَتِمَّةِ عِبَارَةِ صَاحِبِ النَّهْرِ، وَالْبَيْتُ الْمَذْكُورُ مِنْ نَظْمِهِ (قَوْلُهُ كَذَلِكَ أُسْتَاذٌ) فِيهِ أَنَّ الصَّحَابَةَ رضي الله عنهم كَانُوا يُسَلِّمُونَ عَلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم ح عَنْ شَيْخِهِ. وَالْجَوَابُ أَنَّ الْمُرَادَ السَّلَامُ عَلَيْهِ فِي حَالَةِ اشْتِغَالِهِ بِالتَّعْلِيمِ كَمَا يَأْتِي، وَبِهِ يُعْلَمُ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي النَّظْمِ السَّابِقِ فِي قَوْلِهِ مُدَرِّسٌ، وَكَذَا الْمُغَنِّي وَمُطَيِّرُ الْحَمَامِ دَاخِلَانِ فِي قَوْلِهِ وَشِبْهٌ بِخُلُقِهِمْ كَمَا نَبَّهْنَا عَلَيْهِ، وَلَكِنَّ الْغَرَضَ ذِكْرُ مَا وَقَعَ التَّصْرِيحُ بِهِ فِي كَلَامِهِ، وَإِلَّا فَفِي النَّظْمِ السَّابِقِ أَشْيَاءُ مُتَدَاخِلَةٌ يُغْنِي ذِكْرُ بَعْضِهَا عَنْ بَعْضٍ، وَعَنْ هَذَا زَادَ شَيْخُ مَشَايِخِنَا الشِّهَابُ أَحْمَدُ الْمَنِينِيُّ كَمَا نَقَلَهُ عَنْهُ الرَّحْمَتِيُّ أَشْيَاءَ أُخَرَ نَظَمَهَا بِقَوْلِهِ:

وَزِدْ عَدَّ زِنْدِيقٍ وَشَيْخٍ مُمَازِحٍ

وَلَاغٍ وَكَذَّابٍ لِكَذِبٍ يُشَيِّعُ

وَمَنْ يَنْظُرُ النِّسْوَانَ فِي السُّوقِ عَامِدًا

وَمَنْ دَأْبُهُ سَبُّ الْأَنَامِ وَيُرْدَعُ

وَمَنْ جَلَسُوا فِي مَسْجِدٍ لِصَلَاتِهِمْ

وَتَسْبِيحِهِمْ هَذَا عَنْ الْبَعْضِ يُسْمَعُ

وَلَا تَنْسَ مَنْ لَبَّى هُنَالِكَ صَرَّحُوا

فَكُنْ عَارِفًا يَا صَاحِ تَحْظَى وَتُرْفَعُ

ص: 617

وَصَرَّحَ فِي الضِّيَاءِ بِوُجُوبِ الرَّدِّ فِي بَعْضِهَا وَبِعَدَمِهِ فِي قَوْلِهِ سَلَّامٍ عَلَيْكُمْ بِجَزْمِ الْمِيمِ

(وَالتَّنَحْنُحُ) بِحَرْفَيْنِ (بِلَا عُذْرٍ)

ــ

[رد المحتار]

(قَوْلُهُ وَصَرَّحَ فِي الضِّيَاءِ إلَخْ) أَيْ نَقْلًا عَنْ رَوْضَةِ الزَّنْدَوَسْتِيِّ، وَذَكَرَ ح عِبَارَتَهُ. وَحَاصِلُهَا: أَنَّهُ يَأْثَمُ بِالسَّلَامِ عَلَى الْمَشْغُولِينَ بِالْخُطْبَةِ أَوْ الصَّلَاةِ أَوْ قِرَاءَةِ الْقُرْآنِ أَوْ مُذَاكَرَةِ الْعِلْمِ أَوْ الْآذَانِ أَوْ الْإِقَامَةِ، وَأَنَّهُ لَا يَجِبُ الرَّدُّ فِي الْأَوَّلَيْنِ لِأَنَّهُ يُبْطِلُ الصَّلَاةَ وَالْخُطْبَةَ كَالصَّلَاةِ، وَيَرُدُّونَ فِي الْبَاقِي لِإِمْكَانِ الْجَمْعِ بَيْنَ فَضِيلَتَيْ الرَّدِّ، وَمَا هُمْ فِيهِ مِنْ غَيْرِ أَنْ يُؤَدِّيَ إلَى قَطْعِ شَيْءٍ تَجِبُ إعَادَتُهُ. قَالَ ح: وَيُعْلَمُ مِنْ التَّعْلِيلِ الْحُكْمُ فِي بَقِيَّةِ الْمَسَائِلِ الْمَذْكُورَةِ فِي النَّظْمِ. اهـ. قُلْت: لَكِنَّ فِي الْبَحْرِ عَنْ الزَّيْلَعِيِّ مَا يُخَالِفُهُ فَإِنَّهُ قَالَ: يُكْرَهُ السَّلَامُ عَلَى الْمُصَلِّي وَالْقَارِئِ، وَالْجَالِسِ لِلْقَضَاءِ أَوْ الْبَحْثِ فِي الْفِقْهِ أَوْ التَّخَلِّي وَلَوْ سَلَّمَ عَلَيْهِمْ لَا يَجِبُ عَلَيْهِمْ الرَّدُّ لِأَنَّهُ فِي غَيْرِ مَحَلِّهِ. اهـ. وَمُفَادُهُ أَنَّ كُلَّ مَحَلِّ لَا يُشْرَعُ فِيهِ السَّلَامُ لَا يَجِبُ رَدُّهُ. مَطْلَبٌ الْمَوَاضِعُ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا رَدُّ السَّلَامِ

وَفِي شَرْحِ الشِّرْعَةِ: صَرَّحَ الْفُقَهَاءُ بِعَدَمِ وُجُوبِ الرَّدِّ فِي بَعْضِ الْمَوَاضِعِ: الْقَاضِي إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ الْخَصْمَانِ، وَالْأُسْتَاذُ الْفَقِيهُ إذَا سَلَّمَ عَلَيْهِ تِلْمِيذُهُ أَوْ غَيْرُهُ أَوَانَ الدَّرْسِ، وَسَلَامُ السَّائِلِ، وَالْمُشْتَغِلِ بِقِرَاءَةِ الْقُرْآنِ، وَالدُّعَاءِ حَالَ شُغْلِهِ، وَالْجَالِسِينَ فِي الْمَسْجِدِ لِتَسْبِيحٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ ذِكْرٍ حَالَ التَّذْكِيرِ. اهـ. وَفِي الْبَزَّازِيَّةِ: لَا يَجِبُ الرَّدُّ عَلَى الْإِمَامِ وَالْمُؤَذِّنِ وَالْخَطِيبِ عِنْدَ الثَّانِي، وَهُوَ الصَّحِيحُ اهـ وَيَنْبَغِي وُجُوبُ الرَّدِّ عَلَى الْفَاسِقِ لِأَنَّ كَرَاهَةَ السَّلَامِ عَلَيْهِ لِلزَّجْرِ فَلَا تُنَافِي الْوُجُوبَ عَلَيْهِ تَأَمَّلْ. هَذَا، وَقَدْ نَظَمَ الْجَلَالُ الْأَسْيُوطِيُّ الْمَوَاضِعَ الَّتِي لَا يَجِبُ فِيهَا رَدُّ السَّلَامِ وَنَقَلَهَا عَنْهُ الشَّارِحُ فِي هَامِشِ الْخَزَائِنِ فَقَالَ:

رَدُّ السَّلَامِ وَاجِبٌ إلَّا عَلَى

مَنْ فِي الصَّلَاةِ أَوْ بِأَكْلٍ شُغِلَا

أَوْ شُرْبٍ أَوْ قِرَاءَةٍ أَوْ أَدْعِيَهْ

أَوْ ذِكْرٍ أَوْ فِي خُطْبَةٍ أَوْ تَلْبِيَهْ

أَوْ فِي قَضَاءِ حَاجَةِ الْإِنْسَانِ

أَوْ فِي إقَامَةٍ أَوْ الْآذَانِ

أَوْ سَلَّمَ الطِّفْلُ أَوْ السَّكْرَانُ

أَوْ شَابَّةٌ يُخْشَى بِهَا افْتِتَانٌ

أَوْ فَاسِقٌ أَوْ نَاعِسٌ أَوْ نَائِمٌ

أَوْ حَالَةَ الْجِمَاعِ أَوْ تَحَاكُمٍ

أَوْ كَانَ فِي الْحَمَّامِ أَوْ مَجْنُونًا

فَوَاحِدٌ مِنْ بَعْدِهَا عِشْرُونَا.

(قَوْله بِجَزْمِ الْمِيمِ) كَأَنَّهُ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ فَعَلَى هَذَا لَوْ رَفَعَ الْمِيمَ بِلَا تَنْوِينٍ وَلَا تَعْرِيفٍ كَانَ كَجَزْمِ الْمِيمِ لِمُخَالَفَتِهِ السُّنَّةَ أَيْضًا. اهـ. ح. قُلْت: وَقَدْ سُمِعَ مِنْ الْعَرَبِ سَلَامُ عَلَيْكُمْ بِلَا تَنْوِينٍ، وَخَرَّجَهُ فِي مُغْنِي اللَّبِيبِ عَلَى حَذْفِ أَلْ أَوْ تَقْدِيرِ مُضَافٍ: أَيْ سَلَامُ اللَّهِ لَكِنْ قَالَ فِي الظَّهِيرِيَّةِ: وَلَفْظُ السَّلَامِ: السَّلَامُ عَلَيْكُمْ، أَوْ سَلَامٌ عَلَيْكُمْ بِالتَّنْوِينِ، وَبِدُونِ هَذَيْنِ كَمَا يَقُولُ الْجُهَّالُ لَا يَكُونُ سَلَامًا اهـ وَذَكَرَ فِي التَّتَارْخَانِيَّة عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِ أَبِي يُوسُفَ أَنَّ سَلَامُ اللَّهِ عَلَيْكُمْ دُعَاءٌ لَا تَحِيَّةَ وَسَنَذْكُرُ بَقِيَّةَ أَبْحَاثِ السَّلَامِ فِي كِتَابِ الْحَظْرِ وَالْإِبَاحَةِ

(قَوْلُهُ وَالتَّنَحْنُحُ) هُوَ أَنْ يَقُولَ أَحْ بِالْفَتْحِ وَالضَّمِّ بَحْرٌ (قَوْلُهُ بِحَرْفَيْنِ) يُعْلَمُ حُكْمُ الزَّائِدِ عَلَيْهِمَا بِالْأَوْلَى، لَكِنْ يُوهِمُ أَنَّ الزَّائِدَ لَوْ كَانَ بِعُذْرٍ يُفْسِدُ، وَيُخَالِفُهُ ظَاهِرُ مَا فِي النِّهَايَةِ عَنْ الْمُحِيطِ، مِنْ أَنَّهُ إنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفُوعًا إلَيْهِ بَلْ لِإِصْلَاحِ الْحَلْقِ لِيَتَمَكَّنَ مِنْ الْقِرَاءَةِ إنْ ظَهَرَ لَهُ حُرُوفٌ

ص: 618

أَمَّا بِهِ بِأَنْ نَشَأَ مِنْ طَبْعِهِ فَلَا (أَوْ) بِلَا (غَرَضٍ صَحِيحٍ) فَلَوْ لِتَحْسِينِ صَوْتِهِ أَوْ لِيَهْتَدِيَ إمَامُهُ أَوْ لِلْإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ فَلَا فَسَادَ عَلَى الصَّحِيحِ

(وَالدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا) خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ (وَالْأَنِينُ) هُوَ قَوْلُهُ " أُهْ " بِالْقَصْرِ (وَالتَّأَوُّهُ) هُوَ قَوْلُهُ آه بِالْمَدِّ (وَالتَّأْفِيفُ) أُفٍّ أَوْ تَفٍّ (وَالْبُكَاءُ بِصَوْتٍ) يَحْصُلُ بِهِ حُرُوفٌ (لِوَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ) قَيْدٌ لِلْأَرْبَعَةِ إلَّا لِمَرِيضٍ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ عَنْ أَنِينٍ وَتَأَوُّهٍ لِأَنَّهُ حِينَئِذٍ كَعُطَاسٍ وَسُعَالٍ وَجُشَاءٍ وَتَثَاوُبٍ وَإِنْ حَصَلَ حُرُوفٌ لِلضَّرُورَةِ (لَا لِذِكْرِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ) فَلَوْ أَعْجَبَتْهُ قِرَاءَةُ الْإِمَامِ فَجَعَلَ يَبْكِي وَيَقُولُ بَلَى أَوْ نَعَمْ

ــ

[رد المحتار]

نَحْوَ قَوْلِ أَحْ أَحْ وَتَكَلَّفَ لِذَلِكَ كَانَ الْفَقِيهُ إسْمَاعِيلُ الزَّاهِدُ يَقُولُ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ عِنْدَهُمَا لِأَنَّهَا حُرُوفٌ مُهَجَّاةٌ اهـ أَيْ وَالصَّحِيحُ خِلَافُهُ كَمَا يَأْتِي.

(قَوْلُهُ بِأَنْ نَشَأَ مِنْ طَبْعِهِ) أَيْ بِأَنْ كَانَ مَدْفُوعًا إلَيْهِ (قَوْلُهُ عَلَى الصَّحِيحِ) لِأَنَّهُ يَفْعَلُهُ لِإِصْلَاحِ الْقِرَاءَةِ فَيَكُونُ مِنْ الْقِرَاءَةِ مَعْنًى كَالْمَشْيِ لِلْبِنَاءِ، فَإِنَّهُ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الصَّلَاةِ لَكِنَّهُ لِإِصْلَاحِهَا فَصَارَ مِنْهَا مَعْنًى شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَنْ الْكِفَايَةِ، لَكِنَّهُ لَا يَشْمَلُ مَا لَوْ كَانَ لِإِعْلَامِ أَنَّهُ فِي الصَّلَاةِ أَوْ لِيَهْتَدِيَ إمَامُهُ إلَى الصَّوَابِ. وَالْقِيَاسُ الْفَسَادُ فِي الْكُلِّ إلَّا فِي الْمَدْفُوعِ إلَيْهِ كَمَا هُوَ قَوْلُ أَبِي حَنِيفَةَ وَمُحَمَّدٍ لِأَنَّهُ كَلَامٌ، وَالْكَلَامُ مُفْسِدٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ كَمَا مَرَّ وَكَأَنَّهُمْ عَدَلُوا بِذَلِكَ عَنْ الْقِيَاسِ وَصَحَّحُوا عَدَمَ الْفَسَادِ بِهِ إذَا كَانَ لِغَرَضٍ صَحِيحٍ لِوُجُودِ نَصٍّ، وَلَعَلَّهُ مَا فِي الْحِلْيَةِ عَنْ سُنَنِ ابْنِ مَاجَهْ عَنْ «عَلِيٍّ رضي الله عنه قَالَ كَانَ لِي مِنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم مَدْخَلَانِ: مَدْخَلٌ بِاللَّيْلِ وَمَدْخَلٌ بِالنَّهَارِ، فَكُنْت إذَا أَتَيْتُهُ وَهُوَ يُصَلِّي تَنَحْنَحَ لِي» وَفِي رِوَايَةٍ «سَبَّحَ» وَحَمَلَهُمَا فِي الْحِلْيَةِ عَلَى اخْتِلَافِ الْحَالَاتِ، وَاَللَّهُ تَعَالَى أَعْلَمُ

(قَوْلُهُ وَالدُّعَاءُ بِمَا يُشْبِهُ كَلَامَنَا) هُوَ مَا لَيْسَ فِي الْقُرْآنِ وَلَا فِي السُّنَّةِ وَلَا يَسْتَحِيلُ طَلَبُهُ مِنْ الْعِبَادِ، فَإِنْ وَرَدَ فِيهِمَا أَوْ اسْتَحَالَ طَلَبُهُ لَمْ يَفْسُدْ كَمَا فِي الْبَحْرِ عَنْ التَّجْنِيسِ؛ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهِ فِي سُنَنِ الصَّلَاةِ فَرَاجِعْهُ (قَوْلُهُ خِلَافًا لِلشَّافِعِيِّ) أَشَارَ إلَى أَنَّ فَائِدَةَ ذِكْرِ الدُّعَاءِ الْمَذْكُورِ مَعَ أَنَّهُ دَاخِلٌ فِي الْكَلَامِ هِيَ التَّنْبِيهُ عَلَى مَا فِيهِ مِنْ الْخِلَافِ (قَوْلُهُ وَالتَّأَوُّهُ إلَخْ) قَالَ شَرْحُ الْمُنْيَةِ: بِأَنْ قَالَ أَوَّهَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ وَتَشْدِيدِ الْوَاوِ مَفْتُوحَةً، وَبِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَإِسْكَانِ الْوَاوِ، أَوْ قَالَ آهْ بِمَدِّ الْهَمْزَةِ. اهـ. وَذَكَرَ فِي الْحِلْيَةِ فِيهِ ثَلَاثَ عَشْرَةَ لُغَةً سَاقَهَا فِي الْبَحْرِ (قَوْلُهُ وَالتَّأْفِيفُ إلَخْ) قَالَ فِي الْحِلْيَةِ أُفٍّ اسْمُ فِعْلٍ لِأَتَضَجَّرَ، وَفِيهِ لُغَاتٌ انْتَهَتْ إلَى أَرْبَعِينَ مِنْهَا ضَمُّ الْهَمْزَةِ مَعَ تَثْلِيثِ الْفَاءِ مُخَفَّفَةً وَمُشَدَّدَةً مُنَوَّنَةً وَغَيْرَ مُنَوَّنَةٍ، وَقَدْ تَأْتِي مَصْدَرًا يُرَادُ بِهِ الدُّعَاءُ بِتَاءٍ فِي آخِرِهِ وَبِغَيْرِ تَاءٍ فَتُنْصَبُ بِفِعْلٍ وَاجِبِ الْإِضْمَارِ، وَقَدْ تُرْدَفُ حِينَئِذٍ بِتَفٍّ عَلَى الْإِتْبَاعِ لَهُ، وَمِنْهُ قَوْلُ الْقَائِلِ:

أُفًّا وَتَفًّا لِمَنْ مَوَدَّتُهُ

إنْ غِبْت عَنْهُ سُوَيْعَةً زَالَتْ

إنْ مَالَتْ الرِّيحُ هَكَذَا وَكَذَا

مَالَتْ مَعَ الرِّيحِ أَيْنَمَا مَالَتْ

اهـ.

وَظَاهِرُهُ أَنَّ تَفَّ لَيْسَ مِنْ أَسْمَاءِ التَّأْفِيفِ تَأَمَّلْ (قَوْلُهُ وَالْبُكَا) بِالْقَصْرِ: خُرُوجُ الدَّمْعِ، وَبِالْمَدِّ: صَوْتٌ مَعَهُ كَمَا فِي الصِّحَاحِ؛ فَقَوْلُهُ بِصَوْتٍ لِلتَّقْيِيدِ عَلَى الْأَوَّلِ، وَلِلتَّوْضِيحِ عَلَى الثَّانِي إسْمَاعِيلُ (قَوْلُهُ يَحْصُلُ بِهِ حُرُوفٌ) كَذَا فِي الْفَتْحِ وَالنِّهَايَةِ وَالسِّرَاجِ. قَالَ فِي النَّهْرِ: أَمَّا خُرُوجُ الدَّمْعِ بِلَا صَوْتٍ أَوْ صَوْتٍ لَا حَرْفَ مَعَهُ فَغَيْرُ مُفْسِدٍ (قَوْلُهُ إلَّا لِمَرِيضٍ إلَخْ) قَالَ فِي الْمِعْرَاجِ: ثُمَّ إنْ كَانَ الْأَنِينُ مَعَ وَجَعٍ مِمَّا يُمْكِنُ الِامْتِنَاعُ عَنْهُ، فَعَنْ أَبِي يُوسُفَ يَقْطَعُ الصَّلَاةَ، وَإِنْ كَانَ مِمَّا لَا يُمْكِنُ لَا يَقْطَعُ. وَعَنْ مُحَمَّدٍ: إنْ كَانَ الْمَرَضُ خَفِيفًا يَقْطَعُ وَإِلَّا فَلَا لِأَنَّهُ لَا يُمْكِنُهُ الْقُعُودُ إلَّا بِالْأَنِينِ، كَذَا ذَكَرَهُ الْمَحْبُوبِيُّ. اهـ. (قَوْلُهُ وَإِنْ حَصَلَ حُرُوفٌ) أَيْ لِهَذِهِ الْمَذْكُورَاتِ كُلِّهَا كَمَا فِي الْمِعْرَاجِ، لَكِنْ يَنْبَغِي تَقْيِيدُهُ بِمَا إذَا لَمْ يَتَكَلَّفْ إخْرَاجَ حُرُوفٍ زَائِدَةٍ عَلَى مَا تَقْتَضِيه طَبِيعَةُ الْعَاطِسِ وَنَحْوِهِ، كَمَا لَوْ قَالَ فِي تَثَاؤُبِهِ هَاه هَاه مُكَرِّرًا لَهَا فَإِنَّهُ مَنْهِيٌّ عَنْهُ بِالْحَدِيثِ تَأَمَّلْ، وَأَفَادَ أَنَّهُ لَوْ لَمْ يَحْصُلْ حُرُوفٌ لَا تَفْسُدُ مُطْلَقًا، كَمَا لَوْ سَعَلَ وَظَهْرَ مِنْهُ صَوْتٌ مِنْ نَفَسٍ يَخْرُجُ مِنْ الْأَنْفِ بِلَا حُرُوفٍ.

(قَوْلُهُ لَا لِذِكْرِ جَنَّةٍ أَوْ نَارٍ) لِأَنَّ الْأَنِينَ، وَنَحْوَهُ إذَا كَانَ

ص: 619

أَوْ آرِيُّ لَا تَفْسُدُ سِرَاجِيَّةٌ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْخُشُوعِ

(وَ) يُفْسِدُهَا (تَشْمِيتُ عَاطِسٍ) لِغَيْرِهِ (بِيَرْحَمُكَ اللَّهُ وَلَوْ مِنْ الْعَاطِسِ لِنَفْسِهِ لَا) وَبِعَكْسِهِ التَّأْمِينُ بَعْدَ التَّشْمِيتِ

(وَجَوَابُ خَبَرِ) سُوءٍ

ــ

[رد المحتار]

يَذْكُرُهُمَا صَارَ كَأَنَّهُ قَالَ: اللَّهُمَّ إنِّي أَسْأَلُك الْجَنَّةَ وَأَعُوذُ بِك مِنْ النَّارِ، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ لَا تَفْسُدُ صَلَاتُهُ وَإِنْ كَانَ مِنْ وَجَعٍ أَوْ مُصِيبَةٍ صَارَ كَأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا مُصَابٌ فَعَزُّونِي، وَلَوْ صَرَّحَ بِهِ تَفْسُدُ، كَذَا فِي الْكَافِي دُرَرٌ (قَوْلُهُ أَوْ آرِيْ) هِيَ لَفْظَةٌ فَارِسِيَّة بِمَعْنَى نَعَمْ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْفَتَاوَى الْهِنْدِيَّةِ، وَهُوَ بِفَتْحِ الْهَمْزَةِ مَمْدُودَةٌ وَكَسْرِ الرَّاءِ وَسُكُونِ الْيَاءِ ح (قَوْلُهُ لِدَلَالَتِهِ عَلَى الْخُشُوعِ) أَفَادَ أَنَّهُ لَوْ كَانَ اسْتِلْذَاذًا بِحُسْنِ النَّغْمَةِ يَكُونُ مُفْسِدًا ط

(قَوْلُهُ وَتَشْمِيتُ) بِالسِّينِ وَالشَّيْنِ الْمُعْجَمَةِ، وَالثَّانِي أَفْصَحُ دُرَرٌ (قَوْلُهُ لِغَيْرِهِ) تَبِعَ فِيهِ صَاحِبَ النَّهْرِ، وَالْأَصْوَبُ إسْقَاطُهُ لِأَنَّ تَشْمِيتَ مَصْدَرٌ مُضَافٌ لِمَفْعُولِهِ وَالْفَاعِلُ مَحْذُوفٌ وَهُوَ الْمُصَلِّي، وَلَكِنْ زَادَهُ لِيُقَابِلَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ الْعَاطِسُ لِنَفْسِهِ، وَتَأْوِيلُهُ أَنَّ قَوْلَهُ لِغَيْرِهِ بَدَلٌ مِنْ عَاطِسٍ لِأَنَّ الْإِضَافَةَ فِيهِ عَلَى مَعْنَى اللَّامِ: أَيْ تَشْمِيتُهُ لِعَاطِسٍ، فَصَارَ الْمَعْنَى تَشْمِيتُ الْمُصَلِّي لِغَيْرِهِ فَافْهَمْ.

(قَوْلُهُ بِيَرْحَمُكَ اللَّهُ) قَيَّدَ بِهِ لِأَنَّ السَّامِعَ لَوْ قَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ، فَإِنْ عَنَى الْجَوَابَ اخْتَلَفَ الْمَشَايِخُ، أَوْ التَّعْلِيمَ فَسَدَتْ، أَوْ لَمْ يُرِدْ وَاحِدٌ مِنْهُمَا لَا تَفْسُدُ اتِّفَاقًا نَهْرٌ. وَصَحَّحَ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ عَدَمَ الْفَسَادِ مُطْلَقًا لِأَنَّهُ لَمْ يُتَعَارَفْ جَوَابًا. قَالَ: بِخِلَافِ الْجَوَابِ السَّارِّ بِهَا أَيْ بِالْحَمْدِ لَهُ لِلتَّعَارُفِ (قَوْلُهُ وَلَوْ مِنْ الْعَاطِسِ لِنَفْسِهِ لَا) أَيْ لَوْ قَالَ لِنَفْسِهِ يَرْحَمُك اللَّهُ يَا نَفْسِي لَا تَفْسُدُ لِأَنَّهُ لَمَّا لَمْ يَكُنْ خِطَابًا لِغَيْرِهِ لَمْ يُعْتَبَرْ مِنْ كَلَامِ النَّاسِ كَمَا إذَا قَالَ يَرْحَمُنِي اللَّهُ بَحْرٌ (قَوْلُهُ وَبِعَكْسِهِ التَّأْمِينُ إلَخْ) صُورَتُهُ مَا فِي الظَّهِيرِيَّةِ: رَجُلَانِ يُصَلِّيَانِ فَعَطَسَ أَحَدُهُمَا فَقَالَ رَجُلٌ خَارِجُ الصَّلَاةِ يَرْحَمُك اللَّهُ فَقَالَا جَمِيعًا آمِينَ تَفْسُدُ صَلَاةُ الْعَاطِسِ دُونَ الْآخَرِ لِأَنَّهُ لَمْ يَدْعُ لَهُ اهـ أَيْ لَمْ يُجِبْهُ. وَيُشْكِلُ عَلَيْهِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ: إذَا أَمَّنَ الْمُصَلِّي لِدُعَاءِ رَجُلٍ لَيْسَ فِي الصَّلَاةِ تَفْسُدُ صَلَاتُهُ اهـ وَهُوَ يُفِيدُ فَسَادَ صَلَاةِ الْمُؤَمِّنِ الَّذِي لَيْسَ بِعَاطِسٍ وَلَيْسَ بِبَعِيدٍ كَمَا لَا يُخْفِي بَحْرٌ.

وَأَجَابَ فِي النَّهْرِ بِأَنَّا لَا نُسَلِّمُ أَنَّ الثَّانِيَ تَأْمِينٌ لِدُعَائِهِ لِانْقِطَاعِهِ بِالْأَوَّلِ وَإِلَى هَذَا يُشِيرُ التَّعْلِيلُ اهـ وَحَاصِلُهُ: أَنَّهُ لَمَّا كَانَ الدُّعَاءُ لِلْعَاطِسِ تَعَيَّنَ تَأْمِينُهُ جَوَابًا لِلدَّاعِي فَلَمْ يَكُنْ تَأْمِينُ الْمُصَلِّي الْآخَرِ جَوَابًا، بِخِلَافِ مَا إذَا كَانَ الْمُؤَمِّنُ وَاحِدًا فَإِنَّهُ يَتَعَيَّنُ تَأْمِينُهُ جَوَابًا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الذَّخِيرَةِ. وَأَجَابَ الْعَلَّامَةُ الْمَقْدِسِيَّ بِحَمْلِ مَا فِي الذَّخِيرَةِ عَلَى مَا إذَا دَعَا لَهُ لِيَكُونَ جَوَابًا، أَمَّا إذَا دَعَا لِغَيْرِهِ فَلَا يَظْهَرُ كَوْنُهُ جَوَابًا فَلَا تَفْسُدُ اهـ لَكِنْ يُنَافِيه مَا يَذْكُرُهُ الشَّارِحُ لَوْ دَعَا لِأَحَدٍ أَوْ عَلَيْهِ فَقَالَ أَيْ الْمُصَلِّي آمِينَ تَفْسُدُ، وَكَذَا مَا فِي الْبَحْرِ عَنْ الْمُبْتَغَى: لَوْ سَمِعَ الْمُصَلِّي مِنْ مُصَلٍّ آخَرَ وَلَا الضَّالِّينَ فَقَالَ آمِينَ لَا تَفْسُدُ، وَقِيلَ تَفْسُدُ وَعَلَيْهِ الْمُتَأَخِّرُونَ اهـ فَهَذَا يُؤَيِّدُ مَا أَجَابَ بِهِ فِي النَّهْرِ لِأَنَّ الْمُؤَمِّنَ وَاحِدٌ فَتَعَيَّنَ تَأْمِينُهُ جَوَابًا وَإِنْ لَمْ يَكُنْ الدُّعَاءُ لَهُ فَلِذَا لَمْ يُعَرِّجْ الشَّارِحُ عَلَى مَا فِي الْبَحْرِ فَافْهَمْ

(قَوْلُهُ وَجَوَابٌ خَبَرِ سُوءٍ) السُّوءُ بِضَمِّ السِّين صِفَةُ خَبَرٍ وَهُوَ مِنْ سَاءَ يَسُوءُ سُوءًا نَقِيضُ سُرَّ، وَالِاسْتِرْجَاعُ قَوْلُ - {إِنَّا لِلَّهِ وَإِنَّا إِلَيْهِ رَاجِعُونَ} [البقرة: 156]- ثُمَّ الْفَسَادُ بِذَلِكَ قَوْلُهُمَا خِلَافًا لِأَبِي يُوسُفَ كَمَا صَحَّحَهُ فِي الْهِدَايَةِ وَالْكَافِي، لِأَنَّ الْأَصْلَ عِنْدَهُ أَنَّ مَا كَانَ ثَنَاءً أَوْ قُرْآنًا لَا يَتَغَيَّرُ بِالنِّيَّةِ. وَعِنْدَهُمَا يَتَغَيَّرُ كَمَا فِي النِّهَايَةِ، وَقِيلَ إنَّهُ بِالِاتِّفَاقِ، وَنَسَبُهُ فِي غَايَةِ الْبَيَانِ إلَى عَامَّةِ الْمَشَايِخِ. وَفِي الْخَانِيَّةِ أَنَّهُ الظَّاهِرُ، لَكِنْ ذَكَرَ فِي الْبَحْرِ أَنَّهُ لَوْ أَخْبَرَ بِخَبَرٍ يَسُرُّهُ فَقَالَ الْحَمْدُ لِلَّهِ فَهُوَ عَلَى الْخِلَافِ ثُمَّ قَالَ: وَلَعَلَّ الْفَرْقَ عَلَى قَوْلِهِ أَنَّ الِاسْتِرْجَاعَ لِإِظْهَارِ الْمُصِيبَةِ وَمَا شُرِعَتْ الصَّلَاةُ لِأَجْلِهِ وَالتَّحْمِيدُ لِإِظْهَارِ الشُّكْرِ وَالصَّلَاةُ شُرِعَتْ لِأَجْلِهِ. اهـ. قُلْت: وَهُوَ مَأْخُوذٌ مِنْ الْحِلْيَةِ، وَفِيهِ نَظَرٌ، إذْ لَوْ صَحَّ هَذَا الْفَرْقُ عَلَى قَوْلِ أَبِي يُوسُفَ لَانْتَقَضَ الْأَصْلُ الْمَذْكُورُ، فَالْأَوْلَى مَا فِي الْهِدَايَةِ وَغَيْرِهَا مِنْ أَنَّ الْفَرْعَ الْأَوَّلَ عَلَى الْخِلَافِ أَيْضًا، وَلِذَا مَشَى عَلَيْهِ فِي شَرْحِ الْمُنْيَةِ

ص: 620