الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إما تشبيه مركب بمفرد
؛ ]
(وإما تشبيه مركب بمفرد؛ كقوله (1):
…
===
على الرماح الزبرجدية، والمفرد المقيد ما كان مقيدا بقيد كالراقم المقيد بكون رقمه على الماء والمرآة بقيد كونها فى كف الأشل، ففى المركب يكون المقصود بالذات الهيئة والأجزاء المنتزع منها تبع للتوصل بها إليها بخلاف المقيد، فإن أحد الأجزاء مقصود بالذات والباقى بالتبع، وحينئذ فالاحتياج للتأمل إنما هو بالنظر للتراكيب والموادّ المحتوية على التشبيه الواردة على الإنسان، وأن تمييز كون هذا المشبه الذى فيها أو المشبه به من قبيل المفرد المقيد، أو من قبيل المركب يحتاج لتأمل؛ لأن القيود معتبرة فى كل من الأمرين ولا حاكم فى تمييز أحدهما عن الآخر عند الالتباس سوى ذكاء الطبع وصفاء القريحة، والحاصل: أن التفرقة بينهما لا تكون باعتبار التركيب اللفظى لاستوائه فيهما غالبا وإنما تكون باعتبار قصد المتكلم الهيئة بالذات والأجزاء تبع أو باعتبار قصد جزء من الأجزاء والربط بغيره تبع، والحامل على أحد القصدين وجود الحسن فيه دون الآخر فإدراك وجود الحسن المقتضى لأحد الأمرين إنما المحكم فيه الذوق السليم وصفاء القريحة وهذه التفرقة بينهما باعتبار المتكلم، وأما السامع فيفرق بينهما باعتبار القرائن الدالّة على أن المتكلم قصد الهيئة، أو قصد جزءا مرتبطا بغيره، أو باعتبار أنه لو استعمل ذلك التشبيه لم يطابق ذوقه وطبعه إلا ذلك الوجه المقتضى للتقييد، أو عدمه المقتضى للتركيب، ومن المعلوم أن الأذواق لا تجرى على نسق واحد لعدم انضباطها، فلذا قيل:
إن التفرقة بين المركب والمقيد أحوج شىء إلى التأمل أى: احتياجها للتأمل أشد من احتياج غيرها إليه لدقتها، واحتياجها للتأمل بالنسبة للمتكلم والسامع، أما المتكلم فمن حيث التعبير عنها، وأما السامع فمن حيث إدراكها من كلام البلغاء، وإنما كان التعبير عنها صعبا، لأنها من الذوقيات والتعبير عن الذوقيات صعب وإدراكها من التعبير كذلك- فتأمل.
(قوله: كقوله) أى: قول أبى تمام من قصيدة من الكامل يمدح بها المعتصم أوّلها:
رقّت حواشى الزّهر فهى تمرمر
…
وغدا الثّرى فى حليه يتكسّر
(1) البيتان لأبى تمام من قصيدة يمدح فيها المعتصم، ديوانه 2/ 194، والإشارات ص 183.
يا صاحبىّ تقصّيا نظريكما) فى الأساس: تقصّيته: بلغت أقصاه أى:
اجتهدا فى النظر، وابلغا أقصى نظريكما (تريا وجوه الأرض كيف تصوّر) أى:
تتصوّر؛ حذفت التاء. يقال: صوّره الله صورة حسنة فتصوّر (تريا نهارا مشمسا) ذا شمس
…
===
نزلت مقدمة المصيف حميدة
…
ويد الشتاء جديدة لا تكفر
لولا الذى غرس الشتاء بكفّه
…
كان المصيف هشائما لا تثمر
كم ليلة آسى البلاد بنفسه
…
فيها ويوم وبله مثعنجر
مطر يذوب الصّخر منه وبعده
…
صحو يكاد من الغضارة يمطر
غيثان فالأنواء غيث ظاهر
…
لك وجهه والصّحو غيث مضمر
(قوله: تقصّيا) أمر من التقصّى: وهو بلوغ الأقصى والغاية وهو مبنىّ على حذف النون والألف فاعل، ونظريكما مفعوله أى: ابلغا أقصى نظريكما وغايته بالمبالغة فى تحديق النظر
(قوله: فى الأساس تقصّيته) أشار بهذا إلى أنه يتعدى بنفسه، وفى القاموس: تقصيت فى المسألة: بلغت الغاية فيها، فهو يفيد جواز تعديه بفى
(قوله: أى:
اجتهدا فى النظر) إشارة إلى أن التقصّى يدل على التكلّف
(قوله: تريا وجوه الأرض) أى: الأماكن البادية منها كالوجه، وفى الكلام حذف أى: فإذا تقصيتما فى نظريكما واجتهدتما فيه ونظرتما إلى ما قابلكما من الأرض تريا .. إلخ
(قوله: كيف تصور) مقول لقول محذوف أى: قائلين على وجه التعجب كيف تصور؟ ! أى: تبدو صورتها أو كيف تصير صورتها حسنة بأزهار الربيع؟ ! فهو من الصورة، أو كيف تتصور وتتشكل؟ ! فهو من التصور أو أنه بدل اشتمال من وجوه الأرض أى: كيفية صورتها بثبوت الإشراق لها كما يدل عليه ما بعده.
(قوله: أى تتصور) أى: تتمثل وتتشكل، وأشار الشارح إلى أن تصور بفتح التاء مضارع تصوّر المطاوع لصوّر (وقوله: حذفت التاء) أى: تاء المضارعة، أو ما بعدها على الخلاف فى ذلك
(قوله: فتصور) أى: فقبل التصور وبدت صورته فى الوجود
(قوله: تريا نهارا) بدل من تريا وجوه الأرض بدل مفصل من مجمل، أو عطف بيان،
لم يستره غيم (قد شابه) أى: خالطه (زهر الربا) خصّها؛ لأنها أنضر، وأشد خضرة، ولأنها المقصود بالنظر (فكأنما هو) أى: ذلك النهار المشمس الموصوف (مقمر) أى: ليل ذو قمر؛ لأن الأزهار باخضرارها قد نقصت من ضوء الشمس حتى صار يضرب إلى السواد، فالمشبه مركب، والمشبه به مفرد
…
===
وكأنه يقول: تريا كيفية تلك الوجوه وهو كونها ذات إشراق مخلوط باسوداد (وقوله:
نهارا مشمسا) أى: ضوء نهار؛ لأن النهار لا يرى من حيث إنه زمان
(قوله: لم يستره غيم) بيان لفائدة وصف النهار بكونه مشمسا
(قوله: أى خالطه) أى: خالط ذلك النهار أى: خالط ضوؤه
(قوله: زهر الربا) الزهر- بفتح الزاء، والهاء- وقد تسكن هاؤه، والربا: جمع ربوة- بضم أوله وفتحه- المكان المرتفع، وفى الكلام حذف مضاف أى:
لون زهر الربا، وأراد بالزهر النبات مطلقا وأطلق عليه زهرا مجازا؛ لأنه أحسن ما فيه، والدليل على أن المراد بالزهر النبات مطلقا قول الشارح: لأن الأزهار باخضرارها .. إلخ
(قوله: خصّها) أى: الربا بالذكر دون سائر البقاع (وقوله: لأنها) أى: الربوة أنضر أى:
من غيرها
(قوله: وأشد خضرة) عطف تفسير، وأراد أنها أنضر باعتبار ما فيها من الزرع، ويحتمل أن الضمير فى خصّها لزهر الربا وأنّث الضمير لاكتساب الزهر التأنيث من المضاف إليه (وقوله: لأنها) أى: زهر الربا أنضر وأشد خضرة أى: من زهر غيرها.
قال فى الأطول: يمكن أن يقال: خصّه؛ لأنه تخالطه الشمس فى أول طلوعها، وتشبيه أول النهار بالليل المقمر أظهر؛ لأن نور الشمس فيه أضعف
(قوله: ولأنها المقصود بالنظر) أى:
لأن الشخص بحسب الشأن يبدأ بالنظر للعالى، ثم بما دونه. وذكر بعضهم أن قوله: ولأنها المقصود بالنظر أى: فى قول الشاعر: تقصيّا نظريكما تريا وجوه الأرض .. إلخ
(قوله: أى ذلك النهار) أى: ضوء ذلك النهار المشمس (وقوله: الموصوف) أى: بأنه قد خالطه لون زهر الربا
(قوله: لأن الأزهار .. إلخ) علّة لقوله فكأنما هو مقمر
(قوله: قد نقصت) بتشديد القاف وتخفيفها، ومفعوله محذوف أى: شيئا من ضوء الشمس
(قوله: حتى صار) أى: الضوء يضرب إلى السواد أى: تميل إليه فصار بذلك النهار المشمس كالليل المقمر لاختلاط ضوئه بالسواد
(قوله: فالمشبه مركب) وهو النهار المشمس الذى