الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
حاملا لها، وبمنزلة العلّة المادّية، ولما أشار بالمثال إلى بعض أنواع العلاقة أخذ فى التصريح بالبعض الآخر من أنواع العلاقات فقال:
[علاقة الجزئية والكلية]:
(ومنه) أى: من المرسل (تسمية الشىء باسم جزئه) فى هذه العبارة نوع من التسامح؛
…
===
للماء إنما يستعمل عرفا فى المزادة لا فى المزود- كما فى سم وابن يعقوب، فإذا علمت مغايرة المزادة للمزود تعلم أن تفسير الشارح المزادة بالمزود غير صحيح
(قوله: حاملا لها) أى:
مجاورا لها عند الحمل فسميت المزادة راوية للمجاورة والمتجاوران ينتقل من أحدهما للآخر.
(قوله: وبمنزلة العلّة المادّية) عطف على قوله: حاملا لها أى: والعلاقة كون البعير حاملا لها وكونه بمنزلة العلة المادية لها وهذا إشارة إلى علاقة أخرى وهى مطلق السببية كما قبلها بأن يجعل البعير بمنزلة العلة المادية للمزادة؛ لأنه لا وجود لها بوصف كونها مزادة فى العادة إلا بحمل البعير لها فصار توقفها بهذا الوصف على البعير كتوقف الصورة على المادّة فى أن لا وجود لأحدهما إلا مع صاحبه، والتوقف فى الجملة يصحح الانتقال والفهم، وإنما قال: بمنزلة العلة .. إلخ؛ لأن العلة المادية ما يكون الشىء معه بالقوة كالخشب للسرير فإن الصورة السريرية موجودة مع الخشب بالقوة والبعير وإن كان محصلا للمزادة من حيث وصفها فهى من حيث هذا الوصف معه بالقوة، لكن المزادة لم تجعل منه بحيث يكون جزءا لها
(قوله: بالمثال) أل جنسية
(قوله: إلى بعض أنواع العلاقة) قيل: إنها تعتبر وصف المنقول عنه كما فى الأمثلة وهو التحقيق، وقيل: تعتبر وصف المنقول إليه، وقيل: إنها تعتبر وصفا لهما معا
(قوله: أخذ فى التصريح بالبعض الآخر) أى:
وإن صرح فى ذلك الآتى بما يشمل بعض ما ذكر أولا، فإن حاصل العلاقة فى اليد إذا استعمل فى النعمة والقدرة السببية فى الجملة، وهذا داخل فى قوله الآتى أو باسم سببه، إلا أن يقال: إن السببية الآتية غير المتقدمة؛ لأن المتقدمة سببية تنزيلية بخلاف الآتية فإنها حقيقية.
(قوله: فى هذه العبارة نوع من التسامح) أى: لأن ظاهرها أن المجاز نفس تسمية الشىء باسم جزئه مع أن المجاز هو اللفظ الذى كان للجزء وأطلق على الكل
والمعنى: أن فى هذه التسمية مجازا مرسلا؛ وهو اللفظ الموضوع لجزء الشىء عند إطلاقه على نفس ذلك الشىء.
(كالعين) وهى: الجارحة المخصوصة (فى الربيئة) وهى: الشخص الرقيب، والعين جزء منه ويجب أن يكون الجزء
…
===
للملابسة، لكن لما كان السبب فى كون ذلك اللفظ مجازا تسمية الكل به مع كونه اسما لجزئه تجوز فى جعل التسمية من المجاز
(قوله: والمعنى) أى: المراد من هذه العبارة
(قوله: أن فى هذه التسمية مجازا) فى بمعنى مع، أى: أن مع هذه التسمية مجازا أى: أن هذه التسمية يصاحبها المجاز المرسل، فالمجاز المرسل مصاحب لتلك التسمية، لا أنه واقع فيها كما هو ظاهر الشارح، ولا أنه نفس التسمية كما هو ظاهر المصنف، ويمكن أن يوجه كلام المصنف أيضا بحذف المضاف أى: ومن وجوه المجاز المرسل وطرقه تسمية .. إلخ
(قوله: وهو اللفظ .. إلخ) أى: والمجاز المرسل المصاحب لتلك التسمية هو اللفظ الموضوع لجزء الشىء عند إطلاقه على نفس ذلك الشىء.
واعلم أنه لا يصح إطلاق اسم كل جزء على الكل، وإنما يطلق اسم الجزء الذى له مزيد اختصاص بالكل بحيث يتوقف تحقق الكل بوصفه الخاصّ عليه: كالرقبة والرأس، فإن الإنسان لا يوجد بدونهما بخلاف اليد فإنه لا يجوز إطلاقها على الإنسان، وأما إطلاق العين على الربيئة فليس من حيث إنه إنسان، بل من حيث إنه رقيب، ومن المعلوم أن الربيئة إنما تحقق كونه شخصا رقيبا بالعين، إذ لولاها لانتفت عنه الرقيبية، وإلى هذا أشار الشارح بقوله: ويجب .. إلخ
(قوله: وهى الجارحة المخصوصة) أى:
بحسب أصل وضعها
(قوله: فى الربيئة) أى: فإنها تستعمل مجازا مرسلا فى الربيئة مأخوذ من ربأ إذا أشرف
(قوله: وهى الشخص الرقيب) أى: المسمى بالجاسوس الذى يطلع على عورات العدو
(قوله: والعين جزء منه) أى: فقد أطلق اسم جزئه عليه لعلاقة الجزئية
(قوله: مما يكون) أى: من الأجزاء التى يكون لها مزيد، اختصاص بالمعنى الذى يقصد من الكل كالاطّلاع فى هذا المثال حالة كونه متجاوزا غيره من الأجزاء.
الذى يطلق على الكل مما يكون له من بين الأجزاء مزيد اختصاص بالمعنى الذى قصد بالكل مثلا: لا يجوز إطلاق اليد أو الأصبع على الربيئة (وعكسه) أى: ومنه عكس المذكور- يعنى: تسمية الشىء باسم كله (كالأصابع) المستعملة (فى الأنامل) التى هى أجزاء من الأصابع فى قوله تعالى: يَجْعَلُونَ أَصابِعَهُمْ فِي آذانِهِمْ (1).
===
(قوله: الذى يطلق على الكل .. إلخ) وأما إطلاق اسم الكل على الجزء فلا يشترط أن يكون الجزء فيه بهذه المثابة.
(قوله: يجعلون أصابعهم) أى: أناملهم والقرينة: استحالة دخول الأصابع بتمامها فى الآذان عادة وفيه مزيد مبالغة كأنه جعل جميع الأصابع فى الآذان لئلا يسمع شيئا من الصواعق، ويجوز أن يكون التجوز فى الإسناد وأن يكون على حذف مضاف أى: أنملة أصابعهم، وذكر بعضهم: إن هذا من باب نسبة الفعل الذى فى نفس الأمر للجزء إلى الكل ولا يسمى هذا مجازا كقولك: ضربت زيدا ومسحت بالمنديل فلا يكون مجازا ولو لم تضرب كله ولا مسحت بكله وفيه تعسّف؛ لأن نسبة مطلق الجعل للأصابع كثيرا ما يراد به الكل فلولا الآذان لجرى على الأصل، وأما نحو الضرب فلا يخلو من تصوره على الكل فجعل من باب الحقيقة وإلا لم يخل كلام عن مجاز غالبا وهو مذهب مردود تكلم المصنف على استعمال اسم الكل فى الجزء وسكت عن تنبيه: اسم الكلى إذا استعمل فى الجزئى هل يكون مجازا أيضا أم لا؟ فذهب الكمال بن الهمام ومن وافقه إلى أنه حقيقة مطلقا، وعلّله: بأن اللام- فى قولهم فى تعريف الحقيقة: الكلمة المستعملة فيما وضعت له- لام التعليل، ولا شك أن اسم الكلى إنما وضع لأجل استعماله فى الجزئى، وعلّله غيره: بأن المجاز هو الكلمة المستعملة فى غير ما وضعت له أولا، والجزئى ليس غير الكلى، كما أنه ليس عينه، وذهب بعضهم إلى التفصيل وحاصله: أن استعمال اسم الكلى فى الجزئى إن كان من حيث اشتماله على الكلى فهو حقيقة وإن كان استعماله فيه لا بالنظر لما ذكر، بل من حيث ذاته كان مجازا
(1) البقرة: 19.