المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كالشبع، والجوع، والفرح، والغمّ، والغضب، والخوف، وما شاكل ذلك. والمراد - حاشية الدسوقي على مختصر المعاني - جـ ٣

[محمد بن أحمد الدسوقي]

فهرس الكتاب

- ‌الفن الثانى علم البيان

- ‌تعريف علم البيان:

- ‌[أبواب علم البيان]:

- ‌ التشبيه

- ‌[وجه التشبيه]:

- ‌الوجه الداخل فى الطرفين والخارج عنهما:

- ‌[الوجه الواحد وغيره والحسى والعقلى]:

- ‌دقيقة فى الوجه المركب:

- ‌[أداة التشبيه]:

- ‌[الغرض من التشبيه]:

- ‌وعالم يعرف بالسجزى

- ‌أشهى إلى النفس من الخبز

- ‌[أقسام التشبيه باعتبار طرفيه]:

- ‌[إما تشبيه مركب بمفرد

- ‌[التشبيه الملفوف والمفروق]:

- ‌أقسام التشبيه باعتبار أداته:

- ‌أقسام التشبيه باعتبار الغرض:

- ‌خاتمة

- ‌مراتب التشبيه:

- ‌الحقيقة والمجاز

- ‌تعريف الحقيقة:

- ‌[بقية الكلام عن الحقيقة]:

- ‌[أمثلة على استعمال الكلمة على حقيقتها وعلى غير حقيقتها]:

- ‌[تعريف الوضع]:

- ‌كلامه عن الحروف ومعانيها

- ‌الفرق بين المعنى الإفرادى والمعنى التركيبى

- ‌[إنكار الوضع]:

- ‌[كلامه عن صفات الحروف]:

- ‌بداية الكلام عن المجاز

- ‌أنواع المجاز:

- ‌أقسام المجاز

- ‌[تقسيم المفرد إلى مرسل واستعارة]:

- ‌[الكلام فى المجاز المرسل]:

- ‌[علاقة الجزئية والكلية]:

- ‌[علاقة السببية]:

- ‌[اعتبار ما كان وما يكون]:

- ‌[الاستعارة]:

- ‌[الكلام فى الاستعارة]:

- ‌هل الاستعارة مجاز لغوى أم عقلى:

- ‌[مفارقة الاستعارة للكذب]:

- ‌[أنواع الاستعارة باعتبار الطرفين]:

- ‌[أنواع الاستعارة باعتبار الجامع]:

- ‌[أقسام الاستعارة باعتبار الطرفين والجامع]:

- ‌[أقسام الاستعارة باعتبار المستعار الأصلية والتبعية]:

- ‌[أقسام الاستعارة باعتبار الخارج]:

- ‌[المجاز المركب]:

- ‌فصل: فى بيان الاستعارة بالكناية والاستعارة التخييلية:

- ‌[اعتراضات على السكاكى]:

- ‌فصل عرف السكاكى إلخ:

- ‌[فصل]: فى شرائط حسن الاستعارة:

- ‌[فصل]: [قد يطلق المجار]

- ‌الكناية

- ‌تعريف الكناية:

- ‌أقسام الكناية:

- ‌الكناية العرضية:

- ‌[فصل]: الموازنة بين المجاز والحقيقة:

- ‌[فصل]: الموازنة بين المجاز والحقيقة:

الفصل: كالشبع، والجوع، والفرح، والغمّ، والغضب، والخوف، وما شاكل ذلك. والمراد

كالشبع، والجوع، والفرح، والغمّ، والغضب، والخوف، وما شاكل ذلك. والمراد هاهنا: اللذة والألم الحسيان، وإلا فاللذة والألم العقليان من العقليات الصرفة.

[وجه التشبيه]:

(ووجهه) أى: وجه التشبيه (ما يشتركان فيه) أى: المعنى الذى قصد اشتراك الطرفين فيه، وذلك أن زيدا والأسد يشتركان فى كثير من الذاتيات وغيرها: كالحيوانية، والجسمية، والوجود،

===

بالعقل إنما هى المعانى الكلية،

و(قوله: المستندة) للحواس يعنى الباطنية كما تقدم بيانه

(قوله: كالشبع إلخ) أى: كما أن الشبع وما بعده من الوجدانيات مدركة بسبب القوى الباطنية

(قوله: الحسيان) أى: لأنهما اللذان تدركهما النفس بالوجدان، ومحصل الفرق بين اللذة والألم الحسيين والعقليين أن الحسيين ما يكون المدرك فيهما- بالكسر- النفس بواسطة الحواس والمدرك مما يتعلق بالحواس، وأما العقليان فهما ما كانا غير مستندين لحاسة أصلا لكون المدرك فيهما العقل، والمدرك من العقليات، أعنى: المعانى الكلية

(قوله: وإلا فاللذة إلخ) أى: وإلا نقل المراد هنا باللذة والألم الحسيان، بل قلنا المراد هنا اللذة والألم مطلقا حسيين أو عقليين فلا يصح؛ لأن اللذة والألم العقليين كإدراك القوة العاقلة شرف العلم ونقصان الجهل من (العقليات الصرفة) أى: وليسا من الوجدانيات المدركة بالحواس الباطنة؛ لأن الحواس الباطنة إنما تدرك الجزئيات، والعقليات الصرفة التى ليست بواسطة شىء ليست جزئيات

(قوله: ووجهه) اعلم أن وجه الشبه لا بد وأن يكون فيه نوع خصوصية حتى يفيد التشبيه؛ ولذا لا يكون من الذاتيات ولا من الأعراض العامّة؛ لأن الكلام المفيد للتشبيه باعتبار ذلك لا يفيد ما لم يتعلق بها غرض، بأن يقصد المتكلم أن هذا الأمر مما ينبغى أن يشبه به فيكون فيه حينئذ مزيد اختصاص وارتباط من حيث ذلك الغرض فيكون الكلام بذلك مفيدا، وظاهر المصنف الإطلاق؛ ولذا قيد الشارح كلامه بقوله: أى: المعنى الذى قصد إلخ

(قوله: أى المعنى) أراد بالمعنى: ما قابل العين سواء كان تمام ماهيتهما أو جزءا من ماهيتهما أو خارجا

(قوله: الذى قصد اشتراك الطرفين فيه) أى: لا ما يقع فيه الاشتراك وإن لم يقصد، كما هو ظاهر المصنف

(قوله: وذلك)

ص: 77

وغير ذلك، مع أن شيئا منها ليس وجه الشبه. وذلك الاشتراك يكون (تحقيقيّا، أو تخييليّا، والمراد بالتخييلى) أن لا يوجد ذلك المعنى فى أحد الطرفين، أو فى كليهما إلا على سبيل التخييل، والتأويل (نحو ما فى قوله: وكأن النجوم بين دجاه) (1) جمع:

دجية؛ وهى الظلمة، والضمير لليل، وروى: دجاها، والضمير للنجوم (سنن

===

أى: وبيان ذلك التقييد بقولنا الذى قصد إلخ

(قوله: وغير ذلك) أى: كالحدوث

(قوله: مع أن شيئا منها ليس وجه الشبه) أى: إذا كان القصد تشبيه زيد بالأسد فى الشجاعة، أما إن قصد اشتراك الطرفين فى واحد منها كان ذلك الواحد هو وجه الشبه، هذا هو المراد، وليس المراد أنه لا يصلح أن يكون واحد منها وجه شبه أصلا قصد جعله وجه شبه أو قصد جعل غيره.

(قوله: يكون تحقيقيّا أو تخييليّا) أشار الشارح إلى أن تحقيقيّا أو تخييليّا منصوبان على الخبرية لكان المحذوفة مع اسمها وليس ذلك بعد" أن، ولو"، ويصح أن يكونا مصدرين مؤكدين أى: اشتراك تحقيق أو تخييل، أو حالين، أى: حالة كون الاشتراك تحقيقا إلخ أى: محققا أو مخيّلا لكن هذا ضعيف، لأن مجىء الحال مصدرا مقصور على السماع، فلا يقاس عليه على الصحيح

(قوله: إلا على سبيل التخييل) أى: فرض المخيلة وجعلها ما ليس بمحقّق محقّقا، وذلك بأن يثبته الوهم ويقرره بتأويل غير المحقّق محققا

(قوله: والتأويل) مرادف لما قبله

(قوله: نحو ما فى قوله) أى: مثل وجه الشبه الكائن فى قول القاضى التنوخى بتخفيف النون المضمومة وقبل البيت:

رب ليل قطعته بصدود

وفراق ما كان فيه وداع

موحش كالثقيل تقذى به العين

وتأبى حديثه الأسماع

(قوله: جمع دجية وهى الظلمة) أى: وزنا ومعنى، وجمعها مضافة لليل باعتبار قطعها الموجودة فى النواحى المتقاربة والمتباعدة، وإلا فهى واحدة لعدم تمايز أفرادها

(قوله: والضمير لليل) أى: فى قوله رب ليل

(قوله: والضمير للنجوم) أى والمعنى وكأن النجوم بين ظلمها والإضافة لأدنى ملابسة؛ لأن النجوم واقعة فى الظلم ويصح أن يكون الضمير على هذه الرواية لليالى المدلول عليها بقوله: رب ليل فإن رب فيه دالة على التكثير والتعدد وبقرينة

(1) البيت للقاضى التنوخى، والمصباح ص 110، ونهاية الإيجاز ص 190.

ص: 78

لاح بينهن ابتداع؛ فإن وجه الشبه فيه) أى: فى هذا التشبيه (هو الهيئة الحاصلة من حصول أشياء مشرقة بيض فى جوانب شىء مظلم أسود فهى) أى: تلك الهيئة (غير موجودة فى المشبه به) أعنى: السنن بين الابتداع (إلا على طريق التخييل؛ وذلك) أى: وجودها فى المشبه به على طريق التخييل (أنه) الضمير للشأن (لما كانت البدعة، وكل ما هو جهل

===

الحال؛ لأن العاشق لا يشتكى ألم ليلة واحدة (قوله لاح) أى: ظهر بينهن ابتداع أى:

بدعة وهى الأمر الذى ادعى أنه مأمور به شرعا وهو ليس كذلك، كما أن المراد بالسنة ما تقرر كونه مأمورا به شرعا مما يدل عليه قول الشارع، أو فعله أو ما يجرى مجرى ذلك من تقريره- صلى الله عليه وسلم فالمشبه النجوم بقيد كونها ظهرت بين أجزاء ظلمة الليل والمشبه به السنن المفيدة بكونها لاحت بين الابتداع فهو تشبيه مفرد بمفرد، ثم لا يخفى أن هذا من تشبيه المحسوس بالمعقول، وحينئذ فيقدر أن السنن محسوسة ويجعل كأنها أصل على طريق المبالغة، أو يجعل من عكس التشبيه والأصل، وكأن السنن بين الابتداع نحو بين دجاه.

(قوله: أى فى هذا التشبيه) أى: الواقع فى البيت

(قوله: مشرقة) أى: مضيئة (قوله فى جوانب شىء) أى: جهات شىء مظلم والمناسب لقوله بين دجاه أن يقول بين الظلمة- كذا فى الحفيد، وفى الأطول: فى جوانب شىء مظلم هى الظلمات وقصد بجعل الظلمة مظلمة أنها مظلمة بذاتها كما أن الضوء مضىء بذاته- اه، وكذا يقال فى أسود

(قوله: غير موجودة) أى: لأن السنن ليست أجراما حتى تكون مشرقة وكذلك البدعة ليست أجراما حتى تكون مظلمة

(قوله: أعنى السنن بين الابتداع) أتى بالعناية إشارة إلى أن فى البيت قلبا وسيصرح به

(قوله: إلا على طريق التخييل) الإضافة للبيان أى: تخيل الوهم كون الشىء حاصلا وهو ليس كذلك فى نفس الأمر؛ لأن البياض والإشراق كالظلمة من أوصاف الأجسام ولا توصف السنة والبدعة بها؛ لأنهما من المعانى

(قوله: وذلك) أى: وبيان ذلك أى:

وجود الهيئة الواقعة وجه شبه فى المشبه به على طريق التخييل

(قوله: وكل ما هو جهل) أى: وكل فعل ارتكابه جهل ليكون من جنس البدعة التى عطف عليها؛ لأن البدعة

ص: 79

يجعل صاحبها كمن يمشى فى الظلمة فلا يهتدى للطريق، ولا يأمن من أن ينال مكروها- شبهت البدعة بها) أى: بالظلمة (ولزم بطريق العكس) إذا أريد التشبيه (أن تشبه السنة، وكل ما هو علم بالنور) لأن السنة والعلم يقابل البدعة والجهل؛ كما أن النور يقابل الظلمة (وشاع ذلك) أى: كون السنة والعلم كالنور، والبدعة والجهل كالظلمة (حتى تخيل أن الثانى) أى: السنة وكل ما هو علم (مما له بياض وإشراق؛

===

ناشئة عن الجهل، لا أنها جهل بنفسها، وبهذا ظهر أن العطف من قبيل عطف العام على الخاص

(قوله: يجعل صاحبها) أى: المتصف بها

(قوله: ولا يأمن من أن ينال مكروها) أى: من الوقوع فى مهلكة

(قوله: شبهت البدعة) جواب لما. واقتصر المصنف على البدعة مع أن المناسب لما تقدم أن يقول شبهت البدعة وكل ما هو جهل؛ لأن البدعة هى المقصودة بالذات؛ لأن الكلام فيها

(قوله: ولزم) أى: من ذلك أعنى تشبيه البدعة بالظلمة

(قوله: بطريق العكس) أى: المقابلة والإضافة للبيان أى: بالطريق التى هى مراعاة المقابلة والمخالفة الضدية؛ لأن ما يترتب على الشىء من جهة أنه ضد لا يترتب على مقابله وإلا لانتفت الضدية

(قوله: أن تشبه السنة) أى: المقابلة للبدعة، (وقوله وكل ما هو علم) أى: المقابل لكل ما هو جهل، (وقوله بالنور) أى: لأنها تجعل صاحبها كمن يمشى فى النور فيهتدى للطريق ويأمن من المكروه، ولم يقل المصنف ذلك اكتفاء بالمقابلة- قاله يس

(قوله: وشاع ذلك) أى: التشبيه المذكور على ألسنة الناس وتداولوه فى الاستعمال حتى تخيل .. إلخ، (وقوله أى: كون السنة .. إلخ) بيان للتشبيه المذكور المشار إليه، وكان المناسب أن يقول أى: كون البدعة والجهل كالظلمة والسنة والعلم كالنور إلا أن يقال: ارتكب ما صنعه اهتماما بشرف العلم والسنة بالنسبة للبدعة والنور بالنسبة للظلمة

(قوله: حتى تخيل أن الثانى) أى: فى كلام المصنف وقدمه على تخيل الأول إشارة إلى أنه المقصود بالذات هاهنا

(قوله: مما له بياض وإشراق) أى: من الأجرام التى لها بياض وإشراق فهو من أفراد المشبه به ادعاء، لكن يبالغ فى ذلك الفرد الذى تخيل أنه مما له بياض حتى يجعل أشد فى البياض من غيره ليصح جعله مشبها به؛

ص: 80

نحو: أتيتكم بالحنيفية البيضاء، والأول على خلاف ذلك) أى: وتخيل أن البدعة وكل ما هو جهل مما له سواد وإظلام (كقولك: شاهدت سواد الكفر من جبين فلان. فصار) بسبب تخيل أن الثانى مما له بياض وإشراق، والأول مما له سواد وإظلام (تشبيه النجوم بين الدجى بالسنن بين الابتداع كتشبيهها) أى: النجوم (ببياض الشيب فى سواد الشباب) أى: أبيضه فى أسوده (أو بالأنوار)

===

لأن المشبه به لا بد أن يكون أقوى من المشبه فى وجه الشبه

(قوله: نحو أتيتكم .. إلخ)(1) هذا تنظير فيما يخيل أن الشىء له بياض، فالشريعة الحنيفية هى دين الإسلام وهو الأحكام الشرعية وقد وصفها- عليه الصلاة والسلام بالبياض لتخيل أنها من الأجرام التى لها بياض، والحنيفية صفة لمحذوف أى: بالملة أو الشريعة الحنيفية نسبة للحنيف:

وهو المائل عن كل دين سوى الدين الحق وعنى به إبراهيم- عليه الصلاة والسلام.

(قوله: والأول) أى: وحتى يخيل أن الأول فى كلام المصنف وهو البدعة، (وقوله: خلاف ذلك) أى: الثانى

(قوله: وإظلام) كان المتبادر أن يقول: وظلمة فكأنه راعى قول المصنف: وإشراق

(قوله: كقولك .. إلخ) هذا تنظير فيما يخيل أن الشىء مما له سواد

(قوله: من جبين فلان) الجبين: ما بين العين والأذن إلى جهة الرأس، ولكل إنسان جبينان يكتنفان الجبهة، ووصف الجبين بشهود سواد الكفر منه مع أن المراد شهوده من الرجل؛ لأن الجبين يظهر فيه علامة صلاح الشخص وفساده، والشاهد فى

(قوله: شاهدت سواد الكفر) فإن الكفر جحد ما علم مجىء النبى- صلى الله عليه وسلم به ضرورة وقد وصف ذلك بالإنكار بالسواد لتخيله أنه من الأجرام التى لها سواد.

(قوله: كتشبيهها .. إلخ) أى: صار ذلك التشبيه بواسطة الوجه التخييلى صحيحا كما أن تشبيهها صحيح بواسطة وجه محقق كما فى تشبيه النجوم بين الدجى ببياض الشيب .. إلخ

(قوله: أى النجوم) أى: بين الدجى

(قوله: ببياض الشيب) أى: بالشعر الأبيض الكائن فى وقت الشيب، (وقوله: فى سواد الشباب) أى: الكائن بين الشعر الأسود الكائن فى وقت

(1) أخرجه أحمد فى المسند بلفظ: "

ولكنى بعثت بالحنيفية السمحة .. " (5/ 266، 6/ 116، 233).

ص: 81

أى: الأزهار (مؤتلقة) - بالقاف- أى: لامعة (بين النبات الشديد الخضرة) حتى يضرب إلى السواد؛ فبهذا التأويل- أعنى: تخييل ما ليس بمتلون متلونا- ظهر اشتراك النجوم بين الدجى، والسنن بين الابتداع فى كون كل منهما شيئا ذا بياض بين شىء ذى سواد، ولا يخفى أن قوله: لاح بينهن ابتداع من باب القلب؛ أى: سنن لاحت بين الابتداع

===

الشباب الباقى على سواد ضرورة أن النجوم فى الدجى لم تشبه بنفس البياض فى السواد بل بالشعر الأبيض الكائن فى الأسود، فيقال النجوم فى الدجى كالشعر الأبيض فى الشعر الأسود حال ابتداء الشيب، ولذلك قال الشارح أى: أبيضه فى أسوده

(قوله: أى الأزهار) أشار به إلى أن الأنوار جمع نور- بفتح النون

(قوله: لامعة) لم يقل بيضاء؛ لأنه لا يلزم من لمعانها كونها بيضاء فقد يحصل اللمعان فى الأخضر مثلا

(قوله: بين النبات) أعنى أصول الأزهار، وقد اشترك تشبيه النجوم بين الدجى ببياض الشيب وتشبيهها بالأنوار ..

إلخ فى كون وجه الشبه محققا فى الطرفين، لكن وجه الشبه فى التشبيه .. إلخ: الهيئة الحاصلة من حصول أشياء بيض فى شىء أسود، والوجه فى الثانى: الهيئة الحاصلة من حصول أشياء لونها مخالف للون ما حصلت فيه؛ لأن الأنوار لا تتقيد بوصف البياض

(قوله: حتى يضرب) أى: يميل إلى السواد فيتراءى أنه أسود

(قوله: فبهذا التأويل .. إلخ) هذا نتيجة ما تقدم، (وقوله: بين الدجى) حال من النجوم، وكذا

(قوله: بين الابتداع) حال من السنن

(قوله: ولا يخفى .. إلخ) أى: لعلم ذلك من قول المصنف فصار تشبيه النجوم بين الدجى بالسنن بين الابتداع كتشبيهها .. إلخ، وإنما كان من باب القلب؛ لأنه جعل فى جانب المشبه" النجوم" التى هى نظير" السنن" فى جانب المشبه به" بين الدجى" فلتجعل" السنن" فى جانب المشبه به" بين الابتداع" ليتوافق الجانبان، والنكتة فى ذلك القلب الإشارة إلى كثرة السنن، وأن البدع فى زمانه قليلة بالنسبة إليها، حتى كأن البدعة هى التى تلمع وتظهر من بينها، ولأجل هذه النكتة أفرد البدعة وإن كان مقتضى مقابلتها للدجى أن يجمعها

(قوله: ولا يخفى أن قوله لاح بينهن ابتداع .. إلخ) الأولى أن يقول: ولا يخفى أن قوله سنن لاح بينهن ابتداع من باب القلب بزيادة سنن كما هو

ص: 82

(فعلم) من وجوب اشتراك الطرفين فى وجه التشبيه (فساد جعله) أى: وجه الشبه فى قول القائل: النحو فى الكلام كالملح فى الطعام كون القليل مصلحا، والكثير مفسدا) لأن المشبه- أعنى: النحو- لا يشترك فى هذا المعنى (لأن النحو لا يحتمل القلة والكثرة) إذ لا يخفى أن المراد به هنا رعاية قواعده، واستعمال أحكامه؛ مثل رفع الفاعل، ونصب المفعول وهذه إن وجدت فى الكلام بكمالها صار صالحا لفهم المراد، وإن لم توجد بقى فاسدا، ولم ينتفع به (بخلاف الملح) فإنه يحتمل القلة والكثرة؛

===

ظاهر.

(قوله: فعلم .. إلخ) هذا تفريع على قوله سابقا، ووجهه: ما يشتركان فيه تحقيقا أو تخييلا، أى: فلا بد من وجوده فى الطرفين تحقيقا أو تخييلا، فإذا لم يوجد فى الطرفين تحقيقا ولا تخييلا كان جعله وجه شبه فاسدا، فعلم بذلك فساد

إلخ

(قوله: وكون القليل مصلحا) أى: لما وجد فيه، وهو الكلام فى الأول والطعام فى الثانى.

(قوله: والكثير مفسدا) أى: لما وجد فيه وهو الكلام فى الأول والطعام فى الثانى

(قوله: لا يشترك فى هذا المعنى) أى: لا يشترك مع الملح فى هذا المعنى بل هذا المعنى أعنى الكونية المذكورة خاصة بالملح ولا وجود لها فى النحو- هذا كلامه وفيه: أن قلة الملح ليست مصلحة للطعام دائما، بل ربما كانت مفسدة فلا يتحقق صحة وجود الوجه المذكور حتى فى الطرف الآخر- اللهم إلا أن يراد بالقليل القدر المحتاج إليه، وبالكثير ما زاد على ذلك

(قوله: لا يحتمل القلة والكثرة) أى: لا يحتمل شيئا منهما أى: بالنسبة إلى كلام واحد بخلاف الملح فإنه يتحتملهما بالنسبة إلى طعام واحد

(قوله: أن المراد به) أى: بالنحو، (وقوله: رعاية قواعده) أى: قواعده المرعية

(قوله: واستعمال أحكامه) أى: وأحكامه المستعملة وهو عطف تفسير أى: أن المراد بالنحو ما ذكر لا الجزئيات المسماة بكونها نحو المحتملة للقلة والكثرة؛ لأنه لا غرض لنا فى كثرة جزئياته، وإنما الغرض منه ما يراعى فى الكلام وهو الذى اعتبر فى التشبيه، وهذا لا يحتمل القلة والكثرة

(قوله: وهذه) أى: المذكورات من رفع الفاعل ونصب المفعول

(قوله: وإن لم توجد) أى: كلا أو بعضا

(قوله: ولم ينتفع به) أى: فى فهم المراد منه، فإن قلت: قد

ص: 83