الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[أبواب علم البيان]:
(ثم اللفظ المراد به لازم ما وضع له) سواء كان اللازم داخلا كما فى التضمن، أو خارجا كما فى الالتزام
…
===
صلاحية اللزوم بمعنى أنه يمكن اللزوم بالالتفات إلى الأجزاء على حدة، فكل لفظ دل على معنى مركب بالمطابقة فهو صالح لأن يدل على جزء ذلك المعنى بالتضمن ولا بد، وليس المراد باللزوم المذكور عدم الانفكاك حتى يرد الإشكال.
(قوله: ثم اللفظ .. إلخ) كلمة ثم للانتقال من كلام إلى كلام آخر فإن ما سبق كان فى تعريف العلم وما يتعلق به، وهذا فى بيان ما يبحث عنه فيه
(قوله: المراد به لازم ما وضع له) أى: لازم المعنى الذى وضع ذلك اللفظ له. فما واقعة على المعنى وضمير وضع المستتر فيه للفظ وليس عائدا على ما، وحينئذ فالجملة صفة أو صلة جرت على غير من هى له فكان الواجب إبراز الضمير على مذهب البصريين والضمير المجرور باللازم راجع لما، وفى كلامه إشارة إلى أنه لا بد فى المجاز والكناية من قرينة لتعيين المراد والفرق بينهما باعتبار كون القرينة مانعة من إرادة المعنى الموضوع له فى المجاز دون الكناية، وفيه إشارة أيضا إلى أن دلالة التضمن فى هذا الفن ودلالة الالتزام يتعين أن تكون كل منهما مقصودة من اللفظ، أما فى المجاز فيتعين أن يراد باللفظ نفس الجزء أو اللازم فقط بأن توجد القرينة الصارفة عن إرادة المعنى المطابقى وأما فى الكناية فيتعين أن يراد باللفظ نفس اللازم أو الجزء، لكن مع صحة إرادة المعنى المطابقى لكون القرينة لا تمنع من إرادته، وأما إذا أطلق لفظ الكل أو الملزوم على معنى كل منهما واتفق أنه فهم من الأول جزؤه ومن الثانى لازمه فليس من المجاز ولا من الكناية المبنيين على التضمن والالتزام هنا، ولا يكون ذلك من التضمن والالتزام المراد فى هذا الفن وإنما يكون كذلك عند المناطقة كما صرح بذلك العلامة اليعقوبى
(قوله: المراد به لازم ما وضع له) أى: إرادة جارية على قانون اللغة، وإلا فما كل لازم يراد باللفظ، إذ لا يصلح إطلاق لفظ الأب على الابن والعكس- كذا فى يس.
(قوله: سواء كان .. إلخ) أشار بذلك إلى أن مراد المصنف باللازم هنا ما يلزم من وجود المعنى الموضوع له وجوده فيشمل الجزء؛ لأنه لازم للكل وغير الجزء وهو اللازم
(إن قامت قرينة على عدم إرادته) أى: إرادة ما وضع له (فمجاز،
…
===
الخارج عن المعنى.
(قوله: إن قامت قرينة) أى: دلت
(قوله: على عدم إرادته) أى: من ذلك اللفظ
(قوله: فمجاز) أى: فيسمى ذلك اللفظ مجازا مرسلا وغير مرسل، وذلك كقولك: رأيت أسدا بيده سيف أو يتكلم؛ فإن قولك يتكلم أو بيده سيف قرينة دالة على أن الأسد لم يرد به ما وضع له وإنما أريد به لازمه المشهور وهو الشجاع، واعترض على المصنف بأن ظاهره أن المجاز مراد به لازم ما وضع له دائما؛ وذلك لأنه قسم اللفظ المراد به لازم ما وضع له إلى مجاز وكناية ومعلوم أن القسم أخص من المقسم فيفيد أن المجاز بجميع أنواعه من أفراد اللفظ المراد به لازم معناه الموضوع له والأمر ليس كذلك؛ لأن المجاز قد يكون اسم الجزء ويراد به الكل وقد يكون غير ذلك، وبالجملة فكون الواجب فى المجاز أن يذكر اسم الملزوم ويراد اللازم لا يصح، إلا فى قليل من أقسامه وهو المجاز المرسل الذى علاقته الملزومية ولا يظهر فى غيره من الأقسام، وقد يجاب بأن المصنف إنما أفاد أن اللفظ المراد منه لازم ما وضع له قد يكون مجازا وقد يكون كناية، وهذا ليس نصّا فى أن كل مجاز يكون المراد منه لازم ما وضع له لجواز أن يكون اللفظ مجازا انتقل فيه من اللازم إلى الملزوم مثلا ولا ضرر فى كون قسم الشىء أعم منه عموما وجهيا كما اختاره العلامة الشارح، أو يقال: إن المجاز لا بد فى جميع أقسامه من العلاقة المصححة للانتقال ومرجع العلاقة اللزوم وإن كان اللزوم قد يذكر فى بعض الأوقات علاقة، وإنما كان مرجع العلاقة اللزوم؛ لأن مرجع المجازات لدلالة التضمن والالتزام وكل منهما انتقال من الملزوم إلى اللازم- ألا ترى أن مجازى الاستعارة التحقيقية والمكنية يردان إلى اللازم وإن كان بتكلف، فإن الأسد أريد الرجل الشجاع والمنية فى قول القائل: أنشبت المنية أظفارها بفلان أريد بها الأسد ادعاء وليس الرجل الشجاع لازما للأسد الحقيقى ولا الأسد الادعائى لازما لمدلول المنية، وإنما يردان إلى اللازم باعتبار مطلق الجراءة فى الأول ومطلق اغتيال النفوس فى الثانى، ولا شك أن هذا تكلف مخرج للكلام عما تحقق فيه وتقرر من أن كلا من اللفظين له معنيان متعارف وغير متعارف كما يأتى- فتأمل.
وإلا فكناية) فعند المصنف الانتقال فى المجاز والكناية كليهما من الملزوم إلى اللازم إذ لا دلالة للازم من حيث إنه لازم على الملزوم إلا أن إرادة الموضوع له جائزة فى الكناية دون المجاز
…
===
(قوله: وإلا) أى: وإن لم تقم قرينة على عدم إرادة ما وضع له مع إرادة اللازم، وذلك بأن وجدت القرينة الدالة على إرادة اللازم، إلا أنها لم تمنع من إرادة الملزوم وهو المعنى الموضوع له، وليس المراد عدم وجود القرينة أصلا وإن كان كلام المصنف صادقا بذلك؛ لأن الكناية لا بد فيها من قرينة
(قوله: فكناية) أى: فذلك اللفظ المراد به اللازم مع صحة إرادة الملزوم الذى وضع له اللفظ يسمى كناية مأخوذ من كنى عنه بكذا إذا لم يصرح باسمه؛ لأنه لم يصرح باسم اللازم مع إرادته وذلك كقولك: زيد طويل النجاد مريدا به طويل القامة فإنه كناية، إذ لا قرينة تمنع من إرادة طول النجاد مع طول القامة.
(قوله: فعند المصنف .. إلخ) أى: وأما عند السكاكى فالانتقال فى الكناية من اللازم إلى الملزوم، والمصنف رأى أن اللازم من حيث إنه لازم يجوز أن يكون أعم فلا ينتقل منه إلى الملزوم، إذ لا إشعار للأعم بالأخص، والجواب عن السكاكى أن اللازم إنما ينتقل عنه لا من حيث إنه لازم بل من حيث إنه ملزوم، وإنما سماه لازما من حيث إنه تابع مستند للغير وإلا فهو ملزوم من جهة المعنى، وبهذا تعلم أن الخلف بينهما لفظى
(قوله: الانتقال فى المجاز والكناية
…
إلخ) أى: والفرق بينهما عنده وجود القرينة الصارفة من إرادة الملزوم فى المجاز وعدم وجودها فى الكناية
(قوله: إذ لا دلالة .. إلخ) علّة لمحذوف أى: لا من اللازم إلى الملزوم كما يقول السكاكى، إذ لا دلالة .. إلخ ووجه نفى دلالة اللازم على الملزوم ما تقدم من أن اللازم يجوز أن يكون أعم من الملزوم، والعام لا إشعار له بأخص معين فكيف ينتقل منه إليه؟
(قوله: من حيث إنه لازم) حيثية تقييد أى:
وأما دلالة اللازم على الملزوم فيما إذا كان مساويا فهو من حيث إنه لازم؛ لأنه مع التساوى يكون لازما وملزوما
(قوله: إلا أن إرادة الموضوع له جائزة فى الكناية) فإن قلت: أى فرق بين الكناية وبين اللفظ الذى أريد به معناه الأصلى مع لازمه تضمنا أو
(وقدم) المجاز (عليها) أى: على الكناية (لأن معناه) أى: المجاز (كجزء معناها) أى: الكناية؛ لأن معنى المجاز هو اللازم فقط، ومعنى الكناية يجوز أن يكون هو اللازم والملزوم جميعا، والجزء مقدم على الكل طبعا؛
…
===
التزاما فإنه حقيقة قطعا، والكناية عند المصنف ليست حقيقة ولا مجازا مع أن كلا منهما على هذا قد أريد به اللازم والملزوم معا؟ قلت: إن المقصود الأصلى فى الحقيقة هو الملزوم واللازم مقصود بالتبعية، والمقصود الأصلى فى الكناية هو اللازم والملزوم مقصود تبعا لقول الشارح: إلا أن إرادة الموضوع له .. إلخ أى: بالتبع لا بالذات، وقرينة الكناية وإن لم تناف الملزوم لكنها ترجح اللازم عليه- كذا أجاب العلامة القاسمى، إذا علمت هذا، فقول الشارح: إلا أن إرادة الموضوع له .. إلخ أى: بالتبع لا بالذات، ومثال الحقيقة التى أريد منها اللازم، والملزوم قولك: فلان وجهه كالبدر مثلا فمدلوله المطابقى شبه وجه فلان بالبدر فى الاستدارة والاستنارة وهو مراد مع إرادة لازمه وهو أنه نهاية فى الحسن وليس هذا من الكناية فى شىء ولصحة أن يراد فى التشبيه المعنى المطابقى وهو اتصاف المشبه بوجه الشبه على وجه الكمال أو لازمه فقط صح وجود الخفاء والوضوح فيه مع أنه ليس من الكناية ولا من المجاز، بل من المطابقة اتفاقا، وهذا مما يقدح فى حصر المصنف سابقا وجود الخفاء والوضوح فى دلالتى التضمن والالتزام اللتين هما العقليتان وأصل للمجاز والكناية دون المطابقة- فتأمل- اه يعقوبى.
(قوله: وقدم المجاز عليها) أى: فى الوضع أعنى فى البحث والتبويب، وهذا جواب عما يقال: إن إيراد المعنى الواحد بطرق مختلفة الوضوح الذى هو مرجع هذا الفن إنما يتأتى بالدلالة العقلية وهى منحصرة هنا فى المجاز والكناية فيكون المقصود من الفن منحصرا فيهما، وحينئذ فهما مستويان فى المقصودية من الفن فلأى شىء قدم المجاز عليها فى الوضع وهلا عكس الأمر.
(قوله: يجوز أن يكون هو اللازم والملزوم جميعا) أى: وإن كان القصد الأصلى منها إلى اللازم كما مر
(قوله: مقدم على الكل طبعا) لتوقف الكل على الجزء فى الوجود بمعنى أنه لا يوجد الكل إلا مع وجود طبيعة الجزء لتركبه من حقيقة الجزء
فيقدم بحث المجاز على بحث الكناية وضعا، وإنما قال: كجزء معناها لظهور أنه ليس جزء معناها حقيقة؛ فإن معنى الكناية ليس هو مجموع اللازم والملزوم، بل هو اللازم مع جواز إرادة الملزوم.
(ثم منه) أى: من المجاز (ما ينبنى على التشبيه) وهو الاستعارة التى كان أصلها التشبيه
…
===
وطبيعته لا لكون الجزء علّة تامّة للكلّ، إذ لو كان كذلك لكان كلّما وجد الجزء وجد الكلّ وهو باطل لجواز أن يوجد الجزء ولا يوجد الكلّ لصحة كونه أعمّ منه ولما توقف الكلّ على الجزء من الجهة المذكورة حكم العقل بأن الجزء من شأنه أن يتقدم فى نفس الأمر على الكلّ، وذلك هو معنى التقدم الطبيعى أى: المنسوب للطبيعة والحقيقة لتركّب الكلّ من طبيعة الجزء وحقيقته
(قوله: فيقدم إلخ) أى: فالمناسب أن يقدم بحث المجاز على بحث الكناية وضعا لأجل محاكاة وموافقة الوضع للطبع
(قوله: وإنما قال كجزء معناها) أى: ولم يقل: لأن معناه جزء معناها جزما
(قوله: فإن معنى الكناية) أى:
معناها الذى لا بد من إرادته منها فلا منافاة بين ما هنا وبين قوله سابقا ومعنى الكناية يجوز إلخ
(قوله: ليس هو مجموع اللازم والملزوم) أى: على وجه الجزم
(قوله: بل هو اللازم مع جواز إلخ) أى: فالمجزوم به فيها إنما هو إرادة اللازم، وأما الملزوم فيجوز أن يراد وألّا يراد لا أنه قطعا، وإنّما لم يعتبر وقوع هذا الجائز فى بعض الأحيان حتى يكون معنى المجاز جزء حقيقة من معناها؛ لأن الكناية من حيث هى كناية لا تقتضى إرادتهما فلم يعتبر ما يعرض من وقوع ذلك الجائز.
(قوله: ثم منه ما ينبنى على التشبيه) أى: ومنه ما لا ينبنى عليه، وهو المجاز المرسل
(قوله: وهو الاستعارة) وجه بنائها على التشبيه أن استعارة اللفظ إنما تكون بعد المبالغة فى التشبيه، وإدخال المشبه فى جنس المشبه به ادعاء، فإذا قلنا:" رأيت أسدا فى الحمام"، فأولا شبهنا الرجل الشجاع بالحيوان المفترس، وبالغنا فى التشبيه حتّى ادّعينا أنه فرد من أفراده، ثم استعرنا له اسمه، فالتشبيه سابق على الاستعارة فهو أصل لها، ثم إنه فى حالة استعارة اللفظ يتناسى التشبيه، ومراد الشارح بالاستعارة التى كان أصلها التشبيه:
(فتعين التعرض له) أى للتشبيه- أيضا- قبل التعرض للمجاز الذى أحد أقسامه الاستعارة المبنية على التشبيه، ولما كان فى التشبيه مباحث كثيرة، وفوائد جمّة لم يجعل مقدمة لبحث الاستعارة، بل جعل مقصدا برأسه (فانحصر) المقصود من علم البيان
…
===
التصريحية التحقيقية والمكنى عنها على مذهب الجمهور، بل وكذلك التخييلية على مذهب السكاكى؛ لأن كلّا منهما مبنىّ على التشبيه، والتشبيه أصل له
(قوله: فتعين التعرض له) هذا يقتضى أن التعرض للتشبيه لا لذاته، بل لبناء الاستعارة عليه، فينافى ما سيأتى من جعله مقصدا لذاته؛ لاشتماله على مباحث كثيرة وفوائد جمّة؛ لأنه يقتضى أن التعرض له لذاته، وقد تمنع المنافاة ويجعل التعرض له لذاته من حيث اشتماله على ما ذكر، ولغيره من حيث توقفه عليه
(قوله: أيضا) أى: مثل التعرض للمجاز والكناية، وقد اشتمل كلامه على أمرين بيان ذكر التشبيه من أصله فى الفن، وبيان كونه مقدما فى الذكر على المجاز، وكل منهما مفهوم من قول المتن، ثم منه ما ينبنى على التشبيه؛ فإن المبنى يستلزم مبنيّا عليه وكونه متقدما كما هو ظاهر.
(قوله: أقسامه) أى: المجاز
(قوله: ولما كان إلخ) هذا جواب عما يقال قضية كون التشبيه ينبنى عليه أحد أقسام المجاز ألّا يكون من مقاصد الفن بل من وسائله فكيف عد بابا من الفن ولم يجعل مقدمة للمجاز
(قوله: لم يجعل مقدمة لبحث الاستعارة بل جعل إلخ) أى: فجعله بابا تشبيها له بالمقصد من حيث كثرة الأبحاث، وإن كان هو مقدمة فى المعنى، ويمكن أن يقال: إنه باب مستقل لذاته؛ لأن الاختلاف فى وضوح الدلالة وخفائها موجود فيه كما تقدم، فهو من هذا الفن قصدا وإن توقف عليه بعض أبوابه؛ لأن توقف بعض الأبواب على بعض لا يوجب كون المتوقف عليه مقدمة للفن:
(قوله: فانحصر المقصود إلخ) المراد بالمقصود ما يشمل المقصود بالذات كالمجاز والكناية وما يشمل المقصود بالتبع كالتشبيه قال العلامة عبد الحكيم: لما كان ضمير" ينحصر" راجعا لعلم البيان- المحمول على الفن من الكتاب، وكان مشتملا على أمور سوى