الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[إنكار الوضع]:
(والقول بدلالة اللفظ لذاته ظاهره فاسد) يعنى: ذهب بعضهم إلى أن دلالة الألفاظ على معانيها لا تحتاج إلى الوضع، بل بين اللفظ والمعنى مناسبة طبيعية تقتضى دلالة كل لفظ على معناه لذاته. فذهب المصنف وجميع المحققين إلى أن هذا القول فاسد ما دام محمولا على ما يفهم منه ظاهرا؛ لأن دلالة اللفظ على المعنى لو كانت لذاته، كدلالته على اللافظ لوجب أن لا تختلف اللغات باختلاف الأمم، وأن يفهم كل أحد معنى كل لفظ لعدم انفكاك المدلول عن الدليل،
===
فهم معناه لما بينهما من المناسبة الذاتية ولا يحتاج فى دلالته على معناه للوضع للاستغناء عنه بالمناسبة الذاتية التى بينهما. قال المصنف: وهذا القول ظاهره فاسد وسيأتى تأويله
(قوله: بدلالة اللفظ) أى: على معناه (وقوله: لذاته) أى: لا لوضعه له إذ لا وضع
(قوله: ذهب بعضهم) أى: وهو عباد بن سليمان الصيمرى من المعتزلة
(قوله: لا تحتاج للوضع) أى: التعيين
(قوله: طبيعية) أى: ذاتية
(قوله: على ما يفهم منه) أى: وهو عدم الاحتياج للوضع؛ لأن دلالة اللفظ لذاته
(قوله: كدلالته على اللافظ) أى: على وجوده وحياته، فإن هذه الدلالة لذات اللفظ؛ لأنها عقلية لا تنفكّ أصلا
(قوله: لوجب أن لا تختلف اللغات) أى: فى معنى اللفظ الواحد؛ لأن ما بالذات لا يختلف، لكن اللازم باطل فبطل الملزوم، وبيان بطلان اللازم: أن لفظ" سو" معناه بالتركية ماء وبالفارسية جانب آب وبالعربية قبيح، فلو كان بين هذا اللفظ وبين معنى من هذه المعانى مناسبة ذاتية تغنى عن وضعه لما اختلفت اللغات فى معناه، بل كانت تتفق على المعنى الموجود فيه المناسبة.
(قوله: وأن يفهم كل أحد) عطف على قوله: أن لا تختلف أى: ولوجب أن يفهم كل أحد معنى كل لفظ أى .. بحيث إنه متى سمع إنسان أىّ لفظ كان فهم معناه ولا يتعسر عليه ولا يحتاج لسؤال الترك مثلا عن معنى كلامهم، لكن اللازم باطل فبطل الملزوم (وقوله: لعدم .. إلخ) بيان للملازمة التى احتوت عليها الشرطية
(قوله: لعدم انفكاك المدلول عن الدليل) أى: لأن الدليل ما يلزم من العلم به العلم بشىء آخر الذى هو
ولامتنع أن يجعل اللفظ بواسطة القرينة بحيث يدل على المعنى المجازى دون الحقيقى؛ لأن ما بالذات لا يزول بالغير.
ولامتنع نقله من معنى إلى معنى آخر بحيث لا يفهم منه عند الإطلاق إلا المعنى الثانى.
(وقد تأوله) أى: القول بدلالة اللفظ لذاته (السكاكى) أى: صرفه عن ظاهره،
…
===
المدلول
(قوله: ولامتنع أن يجعل اللفظ .. إلخ) يعنى أن لفظ المجاز مع القرينة يمتنع فهم المعنى الحقيقى منه، فإن أسدا مع يرمى لا يفهم منه المعنى الحقيقى أصلا فلو كان اللفظ دالّا بذاته فلا يكون أسد دالّا إلا على المعنى الحقيقى
(قوله: ولامتنع نقله .. إلخ) أى:
لأنه يدل على معناه بذاته وطبيعته بالذات لا يزول
(قوله: بحيث لا يفهم .. إلخ) كما فى الأعلام المنقولة وغيرها من المنقولات الشرعية والعرفية كزيد والصلاة والدابّة، فلو كانت دلالة اللفظ على المعنى لذاته لامتنع نقل لفظ زيد من المصدرية للعلمية، ونقل لفظ صلاة من الدعاء إلى الأفعال والأقوال المخصوصة، ونقل لفظ دابّة من كل ما دبّ على وجه الأرض لذوات الأربع، لكن اللازم باطل فكذا الملزوم، والحاصل: أن دلالة اللفظ على معناه لو كانت لذاته للزم عليه أمور أربعة كلها باطلة، واعلم أن اللازم الأول: نظر فيه للغة، والثانى: نظر للأشخاص وإن كان لازما لما قبله، والثالث: نظر فيه للقرائن، والرابع: نظر فيه للحقائق المنقولة، وإذا علمت أن اللوازم أربعة تعلم أنه كان الأولى للشارح إعادة اللازم فى قوله: وأن يفهم كل أحد .. إلخ كما فعل فى بقية المعطوفات؛ لأن ترك إعادته يشعر بأن قوله وأن يفهم .. إلخ من تتمّة ما قبله تفسير له كما قيل- اه سم.
(قوله: أى صرفه عن ظاهره) أى: حمله على خلاف الظاهر منه؛ وذلك لأنه قال معنى قوله: يدل لذاته أن فيه وصفا ذاتيّا يناسب أن يوضع بسببه لمعنى دون آخر، لا أن المناسبة بسببها يدل اللفظ على المعنى بدون الوضع كما هو ظاهر، واعلم أن هذا التأويل خلاف المصحح نقله عن عباد والمصحح فى النقل عنه هو ظاهر من كلامه.