الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(والمرسل) وهو ما كانت العلاقة غير المشابهة (كاليد) الموضوعة للجارحة المخصوصة إذا استعملت (فى النعمة) لكونها بمنزلة العلّة الفاعلية للنعمة؛ لأن النعمة منها تصدر، وتصل إلى المقصود بها (و) كاليد فى (القدرة)
…
===
[الكلام فى المجاز المرسل]:
(قوله: كاليد فى النعمة) أى: كلفظ اليد إذا استعمل فى النعمة مثل: كثرت أيادى فلان عندى، وجلت يده لدى، ورأيت أياديه عمّت الوجود، فإطلاق اليد على النعمة فيما ذكر مجاز مرسل من إطلاق اسم السبب على مسببه؛ لأن اليد سبب فى صدور النعمة ووصولها إلى الشخص المقصود بها
(قوله: لكونها) أى: اليد بمعنى الجارحة لا بمعنى اللفظ ففيه استخدام.
(قوله: بمنزلة العلّة الفاعلية) أى: لكون الإعطاء صدر منها وإنما لم تكن علّة فاعلية حقيقة؛ لأن العلة الفاعلية فى الحقيقة الشخص المعطى واليد آلة للإعطاء- كذا قرر بعض الأشياخ، وفى ابن يعقوب: أن العلاقة فى إطلاق اليد على النعمة كون اليد كالعلّة الفاعلية للنعمة من جهة أن العلة الفاعلية يترتب عليها وجود المفعول كما يترتب وصول النعمة إلى المقصود بها على حركة اليد، ويترتب وجودها بوصف كونها نعمة على حركة اليد والوصول للغير بالفعل، ولا شكّ فى تحقق الملابسة بين العلّة الفاعلية ومفعولها المقتضية للانتقال، وكذا ما هو مثلها فى الترتب، فإن المترتب على الشىء ينتقل الذهن منه إليه، وإنما قلنا هو كالعلة الفاعلية ولم نقل نفس العلّة؛ لأن المرتب عليه وصف آخر غير اليد وهو حركتها لا نفسها، والمترتب أيضا وصول النعمة واتصافها بكونها نعمة لا نفس وجودها، فالعلاقة هنا ترجع إلى السببية الفاعلية
(قوله: وكاليد فى القدرة) أى: وكاليد إذا استعملت فى القدرة كما فى قولك: للأمير يد أى: قدرة، فإن استعمالها فيها مجاز مرسل؛ وذلك لأن آثار القدرة تظهر باليد غالبا مثل الضرب والبطش والقطع والأخذ والدفع والمنع، فينتقل من اليد إلى الآثار الظاهرة بها ومن الآثار إلى القدرة التى هى أصلها، فهى مجاز عن الآثار من إطلاق اسم السبب على المسبب والآثار يصح إطلاقها مجازا على القدرة من إطلاق اسم المسبب على السبب، ولا مانع
لأن أكثر ما يظهر سلطان القدرة يكون فى اليد وبها تكون الأفعال الدالّة على القدرة من البطش، والضرب، والقطع، والأخذ، وغير ذلك.
(والراوية) التى هى فى الأصل اسم للبعير الذى يحمل المزادة إذا استعملت (فى المزادة) أى: المزود الذى يجعل فيه الزاد- أى: الطعام المتخذ للسفر، والعلاقة:
كون البعير
…
===
من بناء مجاز على مجاز آخر تقديرا فالعلاقة فى إطلاق اليد على القدرة كون اليد كالعلّة الصورية للقدرة وآثارها، إذ لا تظهر القدرة وآثارها إلا باليد كما لا يظهر المصور إلا بصورته، فرجعت العلاقة هنا إلى معنى السببية
(قوله: لأن أكثر ما يظهر سلطان القدرة) ما مصدرية أى: لأن أكثر ظهور سلطان القدرة أى: سلاطتها وتأثيرها (وقوله: فى اليد) أى: باليد
(قوله: وبها) أى: باليد تكون الأفعال الدالّة على القدرة أى: غالبا بدليل قوله السابق: أكثر وهذا عطف تفسير لما قبله، وحاصله: أن الأفعال الدالة على القدرة لما كانت لا تظهر إلا باليد صارت القدرة وآثارها كلّ منهما لا يظهر إلا باليد، وإن كان ظهور أحدهما مباشرة والآخر بواسطة، وحيث كان كلّ منهما لا يظهر إلا باليد صارت اليد كالعلّة الصورية لهما، وهذا كله بناء على أن المراد بالقدرة الصفة التى تؤثر فى الشىء عند تعلقها به، وأما إذا أريد بها أثرها كما قال الكمال بن أبى شريف فالعلاقة حينئذ المسببية فى الجملة، إذ قد أطلق اسم السبب وهو اليد وأريد المسبب وهو الآثار الصادرة عنها
(قوله: وغير ذلك) كالدفع والمنع.
(قوله: اسم للبعير الذى يحمل المزادة) الذى فى الصحاح: الراوية البعير والبغل والحمار الذى يستقى عليه والعامّة تسمى المزادة راوية وذلك جائز على الاستعارة- اه.، فقول الشارح: اسم للبعير: لا مفهوم له
(قوله: المزادة) بفتح الميم، والجمع مزايد، والمراد بها كما فى شرح السيد على المفتاح: ظرف الماء الذى يستقى به على الدابة التى تسمى راوية، وقال أبو عبيدة: المزادة سقاء من ثلاثة جلود تجمع أطرافها طلبا لتحملها كثرة الماء فهى سقاء الماء خاصة، وأما المزود [بكسر الميم] فهو الظرف الذى يجعل فيه الزاد أى: الطعام المتخذ للسفر وجمعه مزاود، والراوية الذى هو اسم للدابة الحاملة