الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفن الثالث [علم البديع]
[تعريفه]
(وهو علم يعرف به وجوه تحسين الكلام) أى: يتصور معانيها، ويعلم أعدادها وتفاصيلها بقدر الطاقة، والمراد بالوجوه ما مر فى قوله: ويتبعها وجوه أخر تورث الكلام حسنا وقبولا، وقوله (بعد رعاية المطابقة) لمقتضى الحال (و) رعاية (وضوح الدلالة) أى: الخلو عن التعقيد المعنوى
…
===
الفن الثالث [علم البديع]
(قوله: وهو علم) المراد به هنا الملكة؛ لأنها هى التى تكون آلة فى معرفة الوجوه المحسنة، أى فى تصورها وفى التصديق بضبط أعدادها وتفاصيلها.
(قوله: يعرف به وجوه تحسين الكلام) أى يعرف به الأمور التى يصير بها الكلام حسنا.
(قوله: أى يتصور إلخ) تفسير لقوله: يعرف، أشار به إلى أن المراد بالمعرفة هنا تصور معانى تلك الوجوه والتصديق بأعدادها وتفاصيلها، فالمراد بالمعرفة هنا مطلق الإدراك الشامل للتصور والتصديق، فيعرف بذلك العلم أن الأمور المحسّنة عدتها كذا وأن الوجه الفلانى يتصور بكذا، وليس المراد بالمعرفة هنا الإدراكات الجزئية المتعلقة بالفروع المستخرجة من القواعد كما سبق فى المعانى والبيان؛ لأنه لا قواعد لهذا العلم حتى يستخرج منها فروع، وما قالوه من أن لكل علم مسائل فإنما هو فى العلوم الحكمية، وأما الشرعية والأدبية فلا يتأتى ذلك فى جميعها، فإن اللغة ليست إلا ذكر الألفاظ، وكذلك علم التفسير والحديث، فعلمت من هذا أن المراد بالعلم- فى قول المصنف- علم الملكة وليس المراد به القواعد ولا التصديق بالقواعد، انظر عبد الحكيم.
(قوله: بقدر الطاقة) أشار بهذا إلى أن الوجوه البديعية غير منحصرة فى عدد معين لا يمكن زيادتها عليه
(قوله: والمراد بالوجوه ما مر إلخ) أشار بهذا إلى أن الإضافة فى قوله: وجوه تحسين، للعهد، وحينئذ فصح التعريف واندفع أن يقال: إن الوجوه المحسّنة للكلام مجهولة والتعريف بالمجهول لا يفيد، فأشار الشارح بقوله: والمراد .. إلخ إلى أنه لا جهل فى التعريف؛
إشارة إلى أن هذه الوجوه إنما تعد محسنة للكلام بعد رعاية الأمرين. والظرف- أعنى قوله: بعد رعاية-
…
===
لأن الإضافة هنا للعهد، فكأنه يقول: علم يعرف به الأوجه المشار إليها فيما تقدم، وهى الوجوه التى تحسن الكلام وتورثه قبولا بعد رعاية البلاغة مع الفصاحة، وعلى هذا فقوله بعد رعاية المطابقة ووضوح الدلالة تأكيد وبيان لما تقدم، فقول الشارح (إشارة إلى أن هذه الوجوه إلخ) المراد زيادة إشارة وتنبيه على أن هذه الوجوه إلخ، وإلا فجعل الوجوه إشارة لما سبق فيه تنبيه على ما ذكره، وإشارة أيضا إليه تأمل.
(قوله: بعد رعاية المطابقة) أى: مطابقة الكلام لمقتضى الحال، فأل فى المطابقة إما للعهد أو عوض عن المضاف إليه (وقوله: بعد رعاية المطابقة) أى: المعلومة بعلم المعانى، ولو قال بعد رعاية البلاغة كان أخصر. (وقوله: ورعاية وضوح الدلالة) أى: وبعد رعاية وضوح الدلالة المعلومة بعلم البيان.
(وقوله: أى الخلو عن التعقيد المعنوى) تفسير لوضوح الدلالة، وأما الخلو عن التعقيد اللفظى فهو داخل فى قوله بعد رعاية المطابقة لأن المطابقة لا تعتبر إلا بعد الفصاحة وهى تتوقف على الخلو عن التعقيد اللفظى، وحاصل كلامه أن تلك الأوجه إنما تعد محسنة للكلام إذا أتى بها بعد رعاية الأمرين:
الأمر الأول: مطابقة الكلام لمقتضى الحال، وهذا يتضمن الخلو عن ضعف التأليف المبين فى النحو، والخلو عن الغرابة المبين فى اللغة، والخلو عن مخالفة القياس المبين فى الصرف، والخلو عن التنافر المدرك بالذوق، وذلك لأن المطابقة لا عبرة بها إلا بعد الفصاحة، والفصاحة تتوقف على الخلو عن هذه الأمور المبين بعضها فى تلك العلوم والمدرك بعضها بالذوق.
والأمر الثانى: وضوح الدلالة المبين فى علم البيان، ولما كان المبين فى الفن الثانى هو ما يزول به التعقيد المعنوى، فسر الشارح وضوح الدلالة بالخلو عن التعقيد المعنوى، ولم يفسره بالخلو عن التعقيد المعنوى واللفظى، وأدخلناه فيما توقفت عليه المطابقة من أمر الفصاحة لعدم بيانه فى الفن الثانى
(قوله: إنما تعد محسنة إلخ) أى وإلا كانت كتعليق