الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أو من نوعين نحو: أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ (1) فإنه قد اعتبر فى الإحياء معنى الحياة، والموت والحياة مما يتقابلان وقد دل على الأول بالاسم وعلى الثانى بالفعل.
[أنواع الطباق]:
(وهو) أى: الطباق (ضربان: طباق الإيجاب كما مر
…
===
(قوله: أو من نوعين) عطف على قوله من نوع، والقسمة العقلية تقتضى أن الجمع بين المتقابلين بنوعين من أنواع الكلمة ثلاثة أقسام: اسم مع فعل واسم مع حرف وفعل مع حرف، لكن الموجود من هذه الثلاثة واحد فقط وهو الأول، كذا فى المطول.
والمراد بقوله لكن الموجود أى فى الكلام البليغ، وإلا فقد وجدت بقية الأقسام فى غيره، فمثال الاسم مع الحرف: للصحيح كل ما مضر وعلى السقيم كل ما نافع، ومثال الحرف والفعل للصحيح ما يضر وعلى السقيم ما ينفع كذا فى الأطول، والشاهد فى الأول فى مضر مع اللام، وفى الثانى فى نافع مع على.
(قوله: نحو أَوَمَنْ كانَ مَيْتاً فَأَحْيَيْناهُ) أى ضالا فهديناه، فقد عبر عن الموت بالاسم وعن الإحياء المتعلق بالحياة بالفعل، ولا يخفى أن التقابل هنا اعتبارى؛ لأن تقابل الإحياء للموت باعتبار تعلقه بالحياة التى هى ضد أو ملكة للموت، وإلا فالإحياء نفسه لا يقابل الموت وإذا لم يجعل هذا المثال من أمثلة الملحق الآتية لأن المقابلة هنا باعتبار ما دل عليه اللفظ، فإن الحياة المقابلة للموت دل عليها لفظ أحييناه؛ لأن معنى أحييناه: أوجدنا فيه الحياة، بخلاف الآتى فى الملحق، فإن قوله فى المثال الأول رحماء لا يقابل قوله أشداء باعتبار ما دل عليه اللفظ؛ لأن الرحمة المدلولة للفظ لا تقابل الشدة بنفسها، بل باعتبار سبب ما دل عليه اللفظ لأن الرحمة سببها اللين وهو يقابل الشدة.
(قوله: والموت) أى المعتبر فى ميتا.
[الطباق من حيث الإيجاب والسلب]:
(قوله: وهو ضربان إلخ) هذا تنويع آخر للطباق باعتبار الإيجاب والسلب
(قوله: طباق الإيجاب) بأن يكون اللفظان المتقابلان معناهما موجبا
(قوله: كما مر) أى
(1) الأنعام: 122.
وطباق السلب) وهو أن يجمع بين فعلى مصدر واحد، أحدهما مثبت والآخر منفى، أو أحدهما أمر والآخر نهى، فالأول (نحو قوله تعالى: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ يَعْلَمُونَ ظاهِراً مِنَ الْحَياةِ الدُّنْيا.
===
فى الأمثلة كلها، ألا ترى إلى وَتَحْسَبُهُمْ أَيْقاظاً وَهُمْ رُقُودٌ (1) فإن اليقظة والرقاد ذكرا بطريق الإثبات، وكذا يقال فى باقى الأمثلة التى مرت
(قوله: وطباق السلب) هو داخل فى التعميم السابق فى التقابل
(قوله: بين فعلى مصدر واحد) ظاهره التقييد به وإخراج غير الفعلين وفعلى المصدرين
(قوله: فعلى مصدر إلخ) الفعلان كيعلمون ولا يعلمون ومصدرهما العلم، والتقابل بينهما تقابل الإيجاب والسلب
(قوله: أحدهما مثبت والآخر منفى) أى فيكون التقابل بين الإيجاب والسلب لا بين مدلولى الفعلين، وقد تبع الشارح فيما ذكره من التعريف المصنف فى الإيضاح وهو تعريف غير جامع؛ لأنه يخرج منه لست بعالم وأنا عالم، ونحو أحسبك إنسانا ولست بإنسان، ونحو أضرب زيدا وما ضرب عمرو، ولا تضرب زيدا وقد ضربت بكرا، والأولى أن يقول: وهو أن يجمع بين الثبوت والانتفاء. قاله فى الأطول.
(قوله: أو أحدهما أمر إلخ) أى أو يجمع بين فعلين أحدهما أمر والآخر نهى، فإن النهى يدل على طلب الكف عن الفعل والأمر يدل على طلب الفعل، والكف والفعل متضادان، فيكون التقابل باعتبار الفعل والترك لا باعتبار مصدر الفعلين لاستوائه، وإنما جعل هذا من تقابل السلب والإثبات لأن المطلوب فى أحدهما من جهة المعنى سلب وفى الآخر إثبات.
(قوله: فالأول) أى وهو أن يجمع بين فعلى مصدر واحد أثبت أحدهما وسلب الآخر
(قوله: نحو قوله تعالى) أى ونحو ضرب ولم يضرب
(قوله: وَلكِنَّ أَكْثَرَ النَّاسِ لا يَعْلَمُونَ) أى ما أعد لهم فى الآخرة من النعيم، ومن فى قوله من الحياة الدنيا إما بيانية أى يعلمون الظاهر الذى هو الحياة الدنيا ويعدلون عن الباطن الذى هو الحياة الآخرة، أو ابتدائية أى يعلمون شيئا ظاهرا ناشئا من الحياة الدنيا وهو التلذذ باللذات
(1) الكهف: 18.
(و) الثانى (نحو قوله تعالى: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ (1) ومن الطباق) ما سماه بعضهم تدبيجا؛ من دبج المطر الأرض؛ إذا زينها؛ وفسره بأن يذكر فى معنى من المدح، أو غيره ألوان لقصد الكناية، أو التورية،
…
===
المحرمة لا باطنا وهى كونها مزرعة للآخرة. والشاهد فى قوله: لا يَعْلَمُونَ. يَعْلَمُونَ ظاهِراً (2) فإن العلم الأول منفى والثانى مثبت، وبين النفى والإثبات تقابل فى الجملة أى باعتبار أصلهما لا باعتبار الحالة الراهنة؛ لأن المنفى علم ينفع فى الآخرة والمثبت علم لا ينفع فيها ولا تنافى بينهما.
(قوله: والثانى) وهو أن يكون أحدهما أمرا والآخر نهيا
(قوله: نحو قوله تعالى) أى ونحو اضرب زيدا ولا تضرب عمرا
(قوله: فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَاخْشَوْنِ) من المعلوم أن الخشية لا يؤمر بها وينهى عنها من جهة واحدة بل من جهتين كما فى الآية، فقد أمر بها باعتبار كونها لله ونهى باعتبار كونها للناس، فالتنافى بين الأمر والنهى إنما هو باعتبار أصلهما لا باعتبار مادة استعمالهما فتأمل.
(قوله: ومن الطباق ما سماه بعضهم تدبيجا) إنما جعله من أقسام الطباق ولم يجعله وجها مستقلا برأسه من أوجه المعنوى لدخوله فى تعريف الطباق، لما بين اللونين أو الألوان من التقابل
(قوله: من دبج المطر الأرض إذا زينها) أى بألوان النبات، فذكر الألوان فى الكلام تشبيه بما يحدث بالمطر من ألوان النبات، أو أنه مأخوذ من الدبج وهو النقش؛ لأن ذكر الألوان كالنقش على البساط
(قوله: وفسره) أى وفسر ذلك البعض التدبيج
(قوله: أو غيره) كالهجاء والرثاء والغزل
(قوله: لقصد الكناية أو التورية) أى:
بالكلام المشتمل على تلك الألوان، وأو مانعة خلو فتجوز الجمع كما فى مثال الحريرى الآتى، واحترز بقوله لقصد الكناية أو التورية عن ذكر الألوان لقصد الحقيقة، فلا تكون من المحسنات؛ لأن الحقيقة يقصد منها إفادة المعنى الأصلى، وعن ذكرها لقصد المجاز كأن يذكر ألوانا وينصب قرينة تمنع من إرادتها بحيث لم يتحقق الجمع بين الألوان إلا فى
(1) المائدة: 44.
(2)
الروم: 7، 6.
وأراد بالألوان ما فوق الواحد؛ بقرينة الأمثلة؛ فتدبيج الكناية (نحو قوله: تردى) من: ترديت الثوب: أخذته رداء (ثياب الموت حمرا فما أتى
…
لها) أى: لتلك الثياب (الليل إلا وهى من سندس خضر)
…
===
اللفظ دون المعنى، فلا يكون ذلك من المحسنات المعنوية، بل اللفظية- كذا ذكر العلامة عبد الحكيم. وذكر بعضهم أن ذكر الألوان باقية على حقيقتها لا يمنع التدبيج كما فى قوله:
ومنثور دمعى غدا أحمرا
…
على أسّ عارضك الأخضر
وكما فى قول الصلاح الصفدى:
ما أبصرت عيناك أحسن منظرا
…
فيما يرى من سائر الأشياء
كالشّامة الخضراء فوق الوجنة ال
…
حمراء تحت المقلة السّوداء
(قوله: وأراد) أى ذلك البعض (وقوله بقرينة الأمثلة) أى كالمثال الأول
(قوله: نحو قوله) أى قول الشاعر، وهو أبو تمام فى مرثية أبى نهشل محمد بن حميد التى رثاه بها حين استشهد وأولها:
لذا فليجلّ الخطب وليفدح الأمر
…
وليس لعين لم يفض ماؤها عذر
(قوله: تردّى ثياب الموت) أى جعلها رداء لنفسه والمراد أنه لبسها، وأراد بثياب الموت الثياب التى كان لابسا لها وقت الحرب وقتل وهو لابس لها، وعلى هذا فإضافة ثياب للموت لأدنى ملابسة، (وقوله: حمرا) حال من ثياب وهى حال مقدرة إذ لا حمرة حين اللبس لتأخر تلطخها بالدم عنه. ا. هـ سم. قال يس: وفيه نظر، والأظهر أن المراد بثياب الموت الثياب التى كفن بها، انتهى.
وفيه أنه يكفن فى الثياب التى مات فيها وهو كان لابسا لها قبل حصول الدم.
فتأمل.
(قوله: من سندس) هو رقيق الحرير
(قوله: خضر) مرفوع على أنه خبر بعد خبر لا مجرور صفة لسندس لأن القوا فى مضمومة الروى فإن قبله:
وقد كانت البيض القواضب فى الوغى
…
قواطع وهى الآن من بعده بتر
يعنى: ارتدى الثياب الملطخة بالدم فلم ينقض يوم قتله، ولم يدخل فى ليلته إلا وقد صارت الثياب من سندس خضر من ثياب الجنة، فقد جمع بين الحمرة والخضرة؛ وقصد بالأول الكناية عن القتل، وبالثانى: الكناية عن دخول الجنة، وتدبيج التورية على قول الحريرى، فمذ اغبر العيش الأخضر،
…
===
غزا غزوة والحمد نسج ردائه
…
فلم ينصرف إلا وأكفانه الأجر
تردى ثياب الموت إلخ وبعده:
كأنّ بنى نبهان حين وفاته
…
نجوم سماء خرّ من بينها البدر (1)
كذا قيل، ولا يخفى أن جعله خبرا بعد خبر لا يلائم قول الشارح فى شرح البيت:" ولم يدخل فى ليلته إلا وقد صارت الثياب من سندس خضر من ثياب الجنة" فإنه ظاهر فى جعل الخضر صفة لسندس وهو الموافق للعرف من أنه إذا ذكر أصل الثوب يجعل اللون صفة للأصل لا للثوب، فالوجه أن يجعل خضر فى البيت خبر مبتدأ محذوف أى هى خضر، والجملة صفة لسندس، هكذا فى الأطول.
(قوله: يعنى ارتدى الثياب الملطخة بالدم) أى لبسها
(قوله: وقصد بالأول) أى بالوصف الأول وهو حمرة الثياب يعنى مع بقية الشطر، الكناية عن القتل؛ لأن التردى بثياب الموت حالة كونها حمرا يلزم منه القتل.
(قوله: وبالثانى الكناية عن دخول الجنة) أى وقصد بالوصف الثانى وهو خضرة الثياب الكناية عن دخول الجنة، لما علم أن أهل الجنة يلبسون الحرير الأخضر، وصيرورة هذه الثياب الحمر تلك الثياب الخضرة عبارة عن انقلاب حال القتل إلى حال التنعم بالجنة.
(قوله: وتدبيج التورية) أى: والتدبيج المشتمل على التورية، وهى أن يكون للفظ معنيان قريب وبعيد ويراد به البعيد (قوله فمذ اغبر) أى فمن حين اغبر العيش الأخضر، والذى فى مقامات الحريرى ذكر هذا بعد قوله وازور المحبوب الأصفر هكذا: فمذ ازور المحبوب الأصفر واغبر العيش الأخضر، واخضرار العيش كناية عن طيبه ونعومته
(1) الأبيات لأبى تمام فى ديوانه ص 355.
وازور المحبوب الأصفر اسود يومى الأبيض، وابيض فودى الأسود حتى رثى لى العدو الأزرق فيا حبذا الموت الأحمر. فالمعنى القريب للمحبوب الأصفر: إنسان له صفرة، والبعيد: الذهب؛ وهو المراد هاهنا فيكون تورية، وجمع الألوان لقصد التورية لا يقتضى أن يكون فى كل لون تورية؛ كما توهمه بعضهم (ويلحق به) أى: بالطباق شيئان؛ أحدهما: الجمع بين معنيين
…
===
وكماله؛ لأن اخضرار العود والنبات يدل على طيبه ونعومته وكونه على أكمل حال، فيكنى به عن لازمه فى الجملة الذى هو الطيب والحسن والكمال، واغبرار العيش كناية عن ضيقه ونقصانه وكونه فى حال التلف؛ لأن اغبرار النبات والمكان يدل على الذبول والتغير والرثاثة فيكنى به عن هذا اللازم.
(قوله: وازور المحبوب الأصفر) أى تباعد وأعرض ومال عنى المحبوب الأصفر، وفى ذكر هذا اللون وقعت التورية؛ لأن المعنى القريب للمحبوب الأصفر هو الإنسان الموصوف بالصفرة المحبوبة، وازوراره بعده عن ساحة الاتصال، والمعنى البعيد الذهب الأصفر لأنه محبوب وهو المراد هنا فكان تورية.
(قوله: اسود يومى الأبيض) متعلق به المجرور بمذ، واسوداد اليوم كناية عن ضيق الحال وكثرة الهموم فيه؛ لأن اسوداد الزمان كالليل يناسبه الهموم، ووصفه بالبياض كناية عن سعة الحال والفرح والسرور لأن بياض النهار يناسب ذلك.
(قوله: وابيض فودى الأسود) عطف على اسود يومى، والفود شعر جانب الرأس مما يلى الأذن، وابيضاض فوده كناية عن ضعف بنيته ووهنه من كثرة الحزن والهم
(قوله: حتى رثى لى) أى: رق لى وأشفق على العدو الأزرق أى الخالص العداوة الشديدها، قيل إن وصف العدو الشديد العداوة بالزرقة لأنه فى الأصل كان أهل الروم أعداء للعرب والزرقة غالبة عليهم، ثم وصف كل عدو شديد العداوة بها على طريق الكناية وإن لم يكن أزرق.
(قوله: فيا حبذا الموت الأحمر) حمرة الموت كناية عن شدته أى الشديد يقال احمر البأس إذا اشتد، وقيل إنه أراد بالموت الأحمر القتل، ويا فى قوله فيا حبذا زائدة للتنبيه لا للنداء أى فحبذا الموت الأحمر أى وأحبب به إن جاء عاجلا
(قوله: لا يقتضى أن يكون إلخ) أى بل قد تجمع الألوان لقصد التورية بواحد منها كما هنا، والحاصل أن
يتعلق أحدهما بما يقابل الآخر نوع تعلق؛ مثل السببية واللزوم (نحو: أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ (1) فإن الرحمة وإن لم تكن مقابلة للشدة
…
===
الحريرى قد جمع بين ألوان من الاغبرار والاخضرار والاصفرار والاسوداد والابيضاض والزرقة والحمرة وكل تلك الألوان فى كلامه كناية إلا الاصفرار فإن فيه التورية، فقد علم من ذلك أن جمع الألوان لا يجب أن يكون على أنها كلها كنايات أو توريات بل يجوز أن تجمع على أن بعضها تورية وبعضها كناية، وقد توهم بعضهم وجوب ذلك وهو فاسد.
(قوله: يتعلق أحدهما بما يقابل الآخر) أى: والحال أنه ليس بين هذين المعنيين اللذين تعلق أحدهما بما يقابل الآخر تناف بل يجتمعان، كالرحمة والشدة فإن الرحمة تكون شديدة وبهذا يمتاز عن الطباق، وما قيل إنه إذا كان أحدهما لازما لمقابل الآخر يتحقق بينهما التنافى فى الجملة لأن منافى الملزوم مناف للازمه، وحينئذ فهو طباق لا ملحق به مدفوع؛ لأن اللازم قد يكون أعم وحينئذ فمنافى الملزوم لا يجب أن يكون منافيا للازم، والحاصل أن الشىء الأول من الشيئين الملحقين بالطباق هو أن يجمع بين معنيين ليس أحدهما مقابلا للآخر، لكن يتعلق أحدهما بمعنى يقابل المعنى الآخر، وتعلق أحد المعنيين بالمعنى المقابل للآخر إما لكونه بينه وبينه لزوم السببية، أو بينه وبينه لزوم آخر غير لزوم السببية، والتقابل هنا ليس بين المعنيين بل بين أحدهما وملزوم الآخر.
(قوله: فإن الرحمة وإن لم تكن إلخ) حاصله أنه قد جمع فى هذه الآية بين الرحمة والشدة، ومن المعلوم أن الرحمة لا تقابل الشدة، وإنما تقابل الرحمة الفظاظة، والشدة إنما يقابلها اللين، لكن الرحمة مسببة عن اللين المقابل للشدة، وذلك لأن اللين فى الإنسان كيفية قلبية تقتضى الانعطاف لمستحقه، وذلك لأن الانعطاف هو الرحمة فقد قوبل فى الآية بين معنيين هما الشدة والرحمة وأحدهما وهو الرحمة له تعلق بمقابل الشدة وهو اللين والتعلق بينهما تعلق السببية أى كون الرحمة مسببة عن اللين وأصل الشدة واللين فى المحسوسات فالشدة فيها الصلابة، واللين فيها ضدها وهى صفة تقتضى صحة الغمز إلى
(1) الفتح: 29.
لكنها مسببة عن اللين) الذى هو ضد الشدة.
(و) الثانى: الجمع بين معنيين غير متقابلين عبر عنهما بلفظين يتقابل معناهما الحقيقيان (نحو: قوله (1): لا تعجبى يا سلم من رجل) يعنى: نفسه (ضحك المشيب برأسه) أى: ظهر ظهورا تامّا
…
===
الباطن والنفوذ فيه والشدة بخلافها ولو قيل إن الشدة لها تعلق بمقابل الرحمة وهو الفظاظة وعدم الانعطاف لصح أيضا لأن عدم الانعطاف لازم للشدة التى هى كيفية قلبية توجب عدم الانعطاف لمستحقه
(قوله: لكنها مسببة عن اللين) أى ومنافى السبب لا يجب أن يكون منافيا للمسبب.
(قوله: غير متقابلين) أى: ولا يستلزم ما أريد بأحدهما ما يقابل الآخر وبهذا فارق ما قبله
(قوله: نحو قوله) أى: الشاعر وهو دعبل- بكسر الدال المهملة والباء الموحدة وبينهما عين مهملة ساكنة- بوزن زبرج، وضبطه بعضهم أيضا بفتح الباء ففى الباء وجهان، وهو شاعر خزاعى رافضى كما فى الأطول
(قوله: لا تعجبى إلخ) قبله:
يا سلم ما بالشّيب منقصة
…
لا سوقة يبقى ولا ملكا
لا تعجبى يا سلم
…
البيت
وبعده:
قصر الغواية عن هوى قمر
…
وجد السّبيل إليه مشتركا
قد كان يضحك فى شبيبته
…
والآن يحسد كلّ من ضحكا
يا ليت شعرى كيف حالكما
…
يا صاحبىّ إذا دمى سفكا
لا تأخذا بظلامتى أحدا
…
قلبى وطرفى فى دمى اشتركا
(قوله: يا سلم) ترخيم سلمى أو المراد يا سالمة من العيوب فيكون السلم بمعنى السلامة المستعمل فى السالمة
(قوله: يعنى نفسه) عبر عن نفسه برجل لأجل أن يتمكن من الوصف بالجملة (وقوله: المشيب) هو كالشيب عبارة عن بياض الشعر
(قوله: ظهر ظهورا تامّا)
(1) البيت لدعبل الخزاعى الرافضى، الإيضاح ص 340، وشرح المرشدى على عقود الجمان 2/ 70.