الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[المزاوجة]:
(ومنه) أى: ومن المعنوى (المزواجة، وهو أن يزاوج) أى: توقع المزواجة على أن الفعل مسند إلى ضمير المصدر، أو إلى الظرف- أعنى قوله:(بين معنيين فى الشرط والجزاء) والمعنى: يجعل معنيان واقعان فى الشرط والجزاء مزدوجين فى أن يرتب على كلّ منهما معنى مرتب على الآخر
…
===
[المزاوجة]:
(قوله: وهى أن يزاوج بين معنيين) يصح كسر الواو من يزاوج على أنه مبنى للفاعل، وحينئذ فالفاعل ضمير يعود على المتكلم ويصح فتح الواو على أن الفعل مبنى للمفعول، وعليه فنائب الفاعل إما ضمير يعود على المصدر المفهوم من الفعل والمعنى هو أن يزاوج الزواج أى: أن يوقع المزواجة؛ لأن الفعل المبنى للمفعول إذا لم يكن له مفعول جعل المصدر نائب الفاعل، وأما الظرف على قول من قال: إن بين ظرف متصرف غير ملازم للنصب على الظرفية كما فى قوله تعالى: لقد تقطع بينكم برفع بين وإلا فقد شرط فى الظرف إذا وقع نائب فاعل تصرفه، وإما أن تكون بين زائدة ومعنيين نائب الفاعل ولا يجوز قراءته على صيغة الخطاب كما فى: عبد الحكيم، خلافا لما فى يس من إجازته.
(قوله: واقعان فى الشرط إلخ) أفاد بهذا أن قول المصنف فى الشرط والجزاء حال من معنيين أو صفة له وأن ما وقعت فيه المزاوجة محذوف، ثم لا يخفى أن المعنيين هما معنى الشرط والجزاء، فالشرط نهى الناهى ونهيه هو المعنى الأول والجزاء أصاخت إلى الواشى، والمعنى الثانى الإصاخة للواشى، وحينئذ فالظرفية فى قوله واقعان فى الشرط والجزاء من ظرفية المدلول فى الدال- كذا قرر شيخنا العدوى، وعبارة ابن يعقوب:
المراد بجعل المعنيين واقعين فى الشرط والجزاء أن يقع أحد ذينك المعنيين فى مكان الشرط بأن يؤتى به بعد أداته وأن يقع الآخر فى موضع الجزاء بأن ربط بالشرط وسيق جوابا له
(قوله: مزدوجين) أى: مستويين فى أن يرتب إلخ، وحاصله أن معنى ازدواج المعنيين الواقع أحدهما شرطا، والآخر جزاء أن يجمع بينهما فى بناء معنى من المعانى على كل
(كقوله: إذا ما نهى الناهى) ومنعنى عن حبها (فلجّ بى الهوى) لزمنى (أصاخت إلى الواشى) أى: استمعت إلى النمام الذى يشى حديثه ويزينه، وصدقته فيما افترى على (فلجّ بها الهجر) زاوج بين نهى الناهى، وإصاختها إلى الواشى الواقعين فى الشرط والجزاء فى أن رتب عليهما لجاج شىء، وقد يتوهم
…
===
منهما فإذا بنى معنى على كل منهما فقد ازدوجا أى: اجتمع ذلك الشرط وذلك الجزاء فى ذلك المعنى الذى بنى عليهما
(قوله: كقوله) أى: الشاعر وهو البحترى
(قوله: إذا ما نهى الناهى)(1) أى: إذا نهانى الناهى عن حبها وزجرنى الزاجر عن التوغل فى ودها
(قوله: لزمنى) أى: صار الهوى لازما لى ومن صفاتى وأصل اللجاج كثرة الكلام والخصومة والتزامها وإدامتها معبر به عن مطلق اللزوم الصادق بلزوم الهوى مجازا مرسلا من التعبير باسم المقيد عن المطلق
(قوله: فلج) عطف على نهى وجواب الشرط أصاخت، وقوله فلج: بها عطف عليه
(قوله: أصاخت إلى الواشى) قيل: الصواب رواية ودراية: أصاخ إلى الواشى فلجّ به الهجر بالتذكير؛ لأن قبله
كأنّ الثّريّا علّقت بجبينه
…
وفى نحره الشّعرى وفى خدّه البدر
وفى شرح البيتين أن فى قوله: فلج بى الهوى، وكذا فى قوله فلج بها الهجر قلبا؛ لأن اللجاج من العاشق فى العشق لا من العشق فى العاشق ومن المعشوق فى الهجر لا من الهجر فى المعشوق- ا. هـ فنرى.
فالمعنى فلججت فى الهوى ولجت فى الهجر
(قوله: الذى يشى حديثه) مضارع وشى يشى من الوشى وهو التزيين، فقوله ويزينه أى: بأن يأتى به على وجه يقبل عطف تفسير والمراد باستماعها لحديث الواشى قبولها له من إطلاق اسم السبب على المسبب
(قوله: فلج بها الهجر) أى: لزمها ذلك وصار من صفاتها
(قوله: لجاج شىء) أى: لزوم شىء وإن كان اللازم للشرط هو الهوى، واللازم للجواب هو الهجر ولا يخفى
(1) البيت للبحترى، فى ديوانه ص 844، والتبيان للطيبى 2/ 400 ويروى (أصاخ) بدل (أصاخت).
من ظاهر العبارة أن المزاوجة هى أن يجمع بين معنيين فى الشرط ومعنيين فى الجزاء كما جمع فى الشرط بين نهى الناهى ولجاج الهوى، وفى الجزاء بين إصاختها إلى الواشى ولجاج الهجر؛ وهو فاسد إذ لا قائل بالمزواجة فى مثل قولنا: إذ جاءنى زيد فسلم على أجلسته، وأنعمت عليه؛ وما ذكرنا هو المأخوذ من كلام السلف.
===
ما فى ترتب لجاج الهوى على النهى من المبالغة فى الحب لاقتضائه إن ذكرها ولو على وجه العيب يزيد حبها ويثيره كما قال: (1)
أجد الملامة فى هواك لذيذة
…
حبّا لذكرك فليلمنى الّلوّم
وما فى ترتب لزوم الهجران على وشى الواشى من المبالغة فى ضعف حبها، وأنه على شفا إذ يزيله مطلق الوشى فكيف يكون الأمر لو سمعت أو رأت عيبا كما قال:
ولا خير فى ودّ ضعيف تزيله
…
هواتف وهم كلّما عرضت جفا
والمبالغتان مما يستحسن فى كل من المحب والمحبوب، فمن شأن العاشق أن يوصف بمثل ما ذكر ومن شأن المعشوق أن يوصف بالعكس تحقيقا لمعنى العشق، وإلا كان مكافأة ومجازاة فى الود فلا يكون من العشق فى شىء.
(قوله: من ظاهر العبارة) أى: لأن ظاهرها أن قوله فى الشرط والجزاء ظرف ليزاوج
(قوله: إذ لا قائل إلخ) أى: لأنه لا بد فيها أن يكون المرتب على المعنيين الواقعين فى الشرط والجزاء واحدا وهنا المرتب على المجىء غير المرتب على الإجلاس
(قوله: إذا جاءنى إلخ) أى: فقد جمع هنا بين معنيين فى الشرط وهما مجىء زيد وسلامه عليه ومعنيين فى الجزاء وهما إجلاسه وإنعامه عليه ومن جملة أمثلتها قول الشاعر:
إذا احتربت يوما ففاضت دماؤها
…
تذكّرت القربى ففاضت دموعها (2)
احتربت بمعنى تحاربت والضمير فى تحاربت وفى دماؤها وفى دموعها للفرسان فى البيت السابق، والمعنى: إذا تحاربت هذه الفرسان وتقاتلوا فاضت دماؤها التى سكبوها فى القتال، ثم إذا تذكرت ما بينهم من القرابة الجامعة لهم فاضت دموعها على
(1) لأبى الشيص فى الإشارات 314، والإيضاح ص 357.
(2)
الإيضاح ص 310.