الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قسم فى الأول صفة الممدوحين إلى ضر الأعداء، ونفع الأولياء، ثم جمعها فى الثانى تحت كونها سجية.
[الجمع مع التفريق والتقسيم]:
(ومنه) أى: ومن المعنوى (الجمع مع التفريق والتقسيم) وتفسيره ظاهر مما سبق فلم يتعرض له (كقوله تعالى: يَوْمَ يَأْتِي* (1)) يعنى: يأتى الله- أى: أمره، أو يأتى اليوم- أى: هوله. والظرف منصوب بإضمار: اذكر، أو بقوله:(لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) أى: بما ينفع من جواب، أو شفاعة
…
===
وبدعة ابتداء
(قوله: قسم فى الأول) أى: فى البيت الأول
(قوله: الأولياء) أى: الأتباع والأنصار
(قوله: ثم جمعها فى الثانى) أى: ثم جمع تلك الصفة فى البيت الثانى، وقوله:
تحت كونها سجية الأوضح فى كونها سجية غير محدثة، حيث قال: سجية تلك منهم كما فى المطول.
[الجمع بين التفريق والتقسيم]:
(قوله: وتفسيره ظاهر مما سبق) أى: من تفسيرات هذه الأمور الثلاثة وحاصله أن يجمع بين متعدد فى حكم ثم يفرق أى: يوقع التباين بينها ثم يضاف لكل واحد ما يناسبه.
(قوله: أى أمره) هذا التأويل واجب لصحة المعنى لاستحالة الظاهر وهو إتيان المولى سبحانه وتعالى، والمراد يوم يأتى حامل أمره وهو الملك، أو المراد بأمره ما أمر به والمراد بإتيانه حصوله.
(قوله: أى هوله) هذا التأويل واجب لا لأجل صحة المعنى لاستقامة الظاهر فى نفسه بل للمحافظة على المقصود؛ لأن المقصود تفظيع اليوم والمناسب له مجىء الهول لا مجرد الزمان
(قوله: لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ) أى: لا تتكلم فيه نفس فحذف إحدى التاءين اختصارا.
(قوله: من جواب أو شفاعة) الاقتصار عليهما إما لعدم المنع من غيرهما على الإطلاق أو لأنه الأنسب بالسياق من قوله قبل هذه الآية فَما أَغْنَتْ عَنْهُمْ آلِهَتُهُمُ (2) الآية؛ ولأن عدم التكلم بما ينفع هو الموجب لزيادة شدة
(1) هود: 105.
(2)
هود: 101.
(إِلَّا بِإِذْنِهِ) أى: من أهل الموقف (شَقِيٌّ) مقضى له بالنار (وَسَعِيدٌ) مقضى له بالجنة (فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا فَفِي النَّارِ لَهُمْ فِيها زَفِيرٌ (1)) إخراج النفس بشدة (وَشَهِيقٌ) رده بشدة (خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ (2)) أى: سموات الآخرة وأرضها،
…
===
الهول، فإن المنع من الكلام بغير ذلك كمطالبة الخصم بالحق لا يوجب الشدة ا. هـ سم.
(قوله: إِلَّا بِإِذْنِهِ) أى: إلا بإذن الله تعالى؛ لقوله تعالى فى آيه أخرى لا يَتَكَلَّمُونَ (3) أى: بما ينفع من جواب أو شفاعة إِلَّا مَنْ أَذِنَ لَهُ الرَّحْمنُ (4) إن قلت: هذه الآية تفيد أنهم يتكلمون بإذنه تعالى، وهذا مناف لقوله تعالى فى آية أخرى يَوْمُ لا يَنْطِقُونَ. وَلا يُؤْذَنُ لَهُمْ فَيَعْتَذِرُونَ (5) قلت هذا فى موقف وذاك فى موقف آخر وإذا اختلف الزمانان فلا معارضة، أو أن المأذون فيه الجواب الحق المقبول، والممنوع عنه العذر الباطل الغير المقبول
(قوله: فَمِنْهُمْ) أى: الأنفس الكائنة يوم القيامة وهى أهل الموقف. ولذا قال الشارح أى من أهل الموقف
(قوله: شَقِيٌّ) أى محكوم له بالشقاوة أى: دخول النار وهذا شامل لشقى الإيمان وهو الكافر وشقى الأعمال وهو العاصى، (وقوله: وَسَعِيدٌ) شامل لسعيد الإيمان فقط وللسعيد على الإطلاق، بدليل ما قرره فى قوله إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ (6)
(قوله: إخراج النفس بشدة إلخ) هذا تفسير للزفير والشهيق بحسب الأصل، ثم يحتمل أن يكون هذا المعنى مرادا من الآية ويحتمل أن المراد لهم فيها غم وتعب، بسبب تذكرهم ما فاتهم الموجب لما هم فيه، فشبه حالهم الذى هم فيه من التعب والغم بحالة من استولت الحرارة على قلبه فصار يخرج النفس بشدة ويرده بشدة واستعار اللفظ الدال على المشبه به للمشبه.
(قوله: أى سموات الآخرة وأرضها) وهذه دائمة باقية لا انقضاء لها، ويدل على أن المراد سموات الآخرة وأرضها قوله تعالى يَوْمَ تُبَدَّلُ الْأَرْضُ غَيْرَ الْأَرْضِ وَالسَّماواتُ (7)
(1) هود: 106.
(2)
هود: 107.
(3)
النبأ: 38.
(4)
طه: 109.
(5)
المرسلات: 35، 36.
(6)
هود: 108.
(7)
إبراهيم: 48.
أو هذه العبارة كناية عن التأبيد، ونفى الانقطاع (إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ (1)) أى:
إلا وقت مشيئة الله تعالى (إِنَّ رَبَّكَ فَعَّالٌ لِما يُرِيدُ (2)) من تخليد البعض كالكفار، وإخراج البعض كالفساق (وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا فَفِي الْجَنَّةِ خالِدِينَ فِيها ما دامَتِ السَّماواتُ وَالْأَرْضُ إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ (3)) أى:
غير مقطوع، بل ممتد لا إلى نهاية.
===
(قوله: أو هذه العبارة كناية إلخ) أى: أن المراد سموات الدنيا وأرضها ولا ينافى التأبيد بها فناؤها قبل الدخول فضلا عن الخلود؛ لأن الكلام من باب الكناية وذلك لأن مدة دوام سموات الدنيا وأرضها من لوازمها الطول، والمراد طول لا نهاية له على ما جرى به استعمال اللغة فى مثل ذلك، فكأنه قيل خالدين فيها خلودا طويلا لا نهاية له، فهو مثل قول العرب لا أفعل كذا ما أقام ثبير وما لاح كوكب
(قوله: ونفى الانقطاع) عطف تفسير
(قوله: أى إلا وقت مشيئة الله تعالى) أى عدم الخلود، ثم يحتمل أن الشارح حمل ما على أنها مصدرية ظرفية فيكون الوقت داخلا فى معناها لأنها نائبة عنه، ويحتمل أنه حملها على مجرد المصدرية فيكون الكلام على حذف المضاف فالوقت مقدر فى الكلام
(قوله: من تخليد البعض) بيان لما
(قوله: كالكفار) الكاف فيه استقصائية وكذا يقال فى قوله كالفساق.
(قوله: وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا) أى بالإيمان وإن شقوا بسبب المعاصى، لا يقال فعلى هذا كيف يكون قوله فمنهم شقى وسعيد تقسيما صحيحا؟ مع أن من شرطه أن تكون صفة كل قسم منفية عن تقسيمه؛ لأن ذلك الشرط من حيث التقسيم للانفصال الحقيقى أو مانع الجمع، وهنا المراد أن أهل الموقف لا يخرجون عن القسمين وأن حالهم لا يخلو عن السعادة والشقاوة، وذلك لا يمنع اجتماع الأمرين فى شخص باعتبارين فتكون ما فى قوله وَأَمَّا الَّذِينَ سُعِدُوا لمنع الخلود فتجوز الجمع
(قوله: عطاء) مصدر مؤكد أى: أعطوا عطاء والجملة حالية.
(1) هود: 107.
(2)
هود: 107.
(3)
هود: 108.
ومعنى الاستثناء فى الأول: أن بعض الأشقياء لا يخلدون فى النار؛ كالعصاة من المؤمنين الذين شقوا بالعصيان، وفى الثانى: أن بعض السعداء لا يخلدون فى الجنة، بل يفارقونها ابتداء؛ يعنى: أيام عذابهم؛ كالفساق من المؤمنين الذين سعدوا بالإيمان. والتأبيد من مبدأ معين كما ينتقض باعتبار الانتهاء؛ فكذلك ينتقض باعتبار الابتداء،
…
===
(قوله: ومعنى الاستثناء إلخ) جواب عما يقال ما معنى الاستثناء فى قوله إِلَّا ما شاءَ رَبُّكَ مع أن أهل الجنة لا يخرجون منها أصلا وكذا أهل النار لا يخرجون منها والاستثناء يفيد خروجهم؛ لأن معنى الآية أن كل أهل النار خالدون فيها فى كل وقت إلا الوقت الذى شاء الله عدم الخلود فيه، وكذا يقال فى أهل الجنة، ولا شك أن هذا يفيد أن هناك وقتا لا يخلد أحد فيه فيكون أهل كل دار خارجين منها فى ذلك الوقت.
وحاصل الجواب أنه استثنى الفساق من المخلدين فى النار باعتبار الانتهاء، ومن المخلدين فى الجنة باعتبار الابتداء؛ لأنهم لم يدخلوها مع السابقين فالخلود فى حقهم ناقص باعتبار المبدأ، فظهر أن ماصدق الاستثناء فى الاستثناءين واحد.
(قوله: أن بعض الأشقياء لا يخلدون) كالعصاة من المؤمنين الذين شقوا بالعصيان، أى: وهذا كاف فى صحة الاستثناء لأن صرف الحكم عن الكل فى وقت ما يكفى فيه صرفه عن البعض، فصرف الخلود فى النار عن كل واحد من أهلها يكفى فيه صرفه عن البعض وهم فساق المؤمنين الذين لا يخلدون فيها
(قوله: والتأبيد إلخ) أى: والإقامة فى المكان أبدا. (وقوله: من مبدأ معين) أى: كالإذن لأهله فى الدخول فيه. وقوله: (كما ينتقض باعتبار الانتهاء) أى:
كما فى الاستثناء الأول وقوله (فكذلك باعتبار) أى: فكذلك ينتقض باعتبار الابتداء أى كما فى الاستثناء الثانى وذلك لعدم حصول التأبيد من ذلك الوقت المعين، ثم إن كلام الشارح هذا يقتضى أن الاستثناء الثانى من الخلود كالأول وأن المعنى: فأما الذين سعدوا ففى الجنة خالدين فيها فى جميع الأوقات إلا الوقت الذى شاء ربك عدم خلودهم فيه، لمنعه بعض الناس من دخولها حين الإذن لأهلها بالدخول، والحاصل أن الاستثناء فى الموضعين من الخلود باعتبار ما تضمنه من الأوقات؛ لأنه يتضمن أوقاتا لا
(وقد يطلق التقسيم على أمرين أحدهما أن يذكر أحوال الشىء مضافا إلى كل من تلك الأحوال ما يليق به؛ كقوله:
سأطلب حقى بالقنا ومشايخ
…
كأنهم من طول ما التثموا مرد) (1)
===
تنتهى لا من الموصول وهو الذين لأن الاستثناء منه يلزم عليه إيقاع ما على العاقل- تأمل.
(قوله: فقد جمع الأنفس بقوله إلخ) أى: فقد جمع الأنفس فى التكلم بقوله لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ لأن النكرة فى سياق النفى تعم.
(قوله: ثم فرق بينهم) أى: بأن أوقع التباين بينها بجعل بعضهما شقيا وبعضها سعيدا، بقوله فَمِنْهُمْ شَقِيٌّ وَسَعِيدٌ وقد يقال إن هذا ليس من باب الجمع والتفريق لأن المجموع فى الحكم الذى هو التكلم الأنفس، والتفريق متعلق بأهل الموقف؛ لأن ضمير فمنهم شقى وسعيد رجعه الشارح لأهل الموقف، وما كان يتم كون الآية من الجمع والتفريق إلا لو كان ضمير منهم راجعا للأنفس وأجاب الشارح فى المطول بأن الأنفس وأهل الموقف شىء واحد، لأن النفس فى لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ نكرة فى سياق النفى فتعم كل نفس فى ذلك اليوم، والنفوس فى ذلك اليوم هى نفوس أهل الموقف فاتحد المراد بالنفس بالمراد بأهل الموقف، وحينئذ فعود الضمير على أهل الموقف كعوده على الأنفس.
(قوله: أحدهما أن يذكر أحوال الشىء مضافا إلى كل ما يليق به) المراد بالإضافة مطلق النسبة ولو بالإسناد لا خصوص الإضافة النحوية، وهذا المعنى مغاير للتقسيم بالمعنى المتقدم؛ لأن ما تقدم أن يذكر متعدد أولا ثم يضاف لكل ما يناسبه على التعيين، بخلاف ما هنا فإنه يذكر المتعدد ويذكر مع كل واحد ما يناسبه
(قوله: كقوله) أى: قول أبى الطيب المتنبى
(قوله: سأطلب حقى بالقنا ومشايخ) القنا بالقاف والنون جمع قناة وهى الرمح، وفى بعض النسخ بالفتى بالفاء والتاء وهو المناسب لمشايخ، قال الواحدى: أراد بالفتى نفسه وبالمشايخ قومه وجماعته من الرجال الذين لهم لحى، والالتثام وضع اللثام على الفم والأنف فى الحرب وكان ذلك من عادة العرب، فقوله
(1) البيت لأبى الطيب المتنبى فى التبيان 1/ 257.
فقد جمع الأنفس بقوله: لا تَكَلَّمُ نَفْسٌ ثم فرق بينهم بأن بعضهم سعيد، ثم قسم بأن أضاف إلى الأشقياء ما لهم من عذاب النار، وإلى السعداء ما لهم من نعيم الجنة بقوله: فَأَمَّا الَّذِينَ شَقُوا إلى آخره.
(ثقال) لشدة وطأتهم على الأعداء (إذا لاقوا) أى: حاربوا (خفاف) أى:
مسرعين إلى الإجابة (إذا دعوا) إلى كفاية مهم، ودفاع ملم (كثير إذا شدوا) لقيام واحد مقام الجماعة (قليل إذا عدوا) ذكر أحوال المشايخ، وأضاف إلى كل حال ما يناسبها بأن أضاف إلى الثقل حال الملاقاة، وإلى الخفة حال الدعاء،
…
وهكذا إلى الآخر.
والثانى: استيفاء أقسام الشىء؛
…
===
(من طول ما التثموا) أى شدوا اللثام حالة الحرب وفى هذا إشارة إلى كثرة حربهم وفى ابن يعقوب أن طول اللثام عبارة عن لزومهم زى الكبراء أهل المروءة فى عرفهم.
(قوله: لشدة وطأتهم) أى: ثباتهم على اللقاء
(قوله: ودفاع ملم) أى: مدافعة الأمر العظيم النازل
(قوله: إذا شدوا) بفتح الشين أى: حملوا على العدو والثقل هنا عبارة عن شدة نكاية الملاقى لهم وعجزه عن تحمل أذاهم
(قوله: لقيام واحد مقام الجماعة) أى: فى النكاية
(قوله: قليل إذا عدوا) أى: لأن أهل النجدة مثلهم فى غاية القلة
(قوله: ذكر أحوال المشايخ) أى: من الثقل والخفة والكثرة والقلة
(قوله: وهكذا إلى الآخر) أى:
فأضاف إلى الكثرة حالة الشدة وأضاف إلى القلة حالة العد، ولا يخفى ما اشتمل عليه هذا التقسيم من الطباق بذكر القلة والكثرة والخفة والثقل، إذ بين كل اثنين منها تضاد.
(قوله استيفاء أقسام الشىء) أى: بحيث لا يبقى للمقسم قسم آخر غير ما ذكر، ومنه قول النجاة: الكلمة اسم وفعل وحرف
(قوله: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً)(1) قدم الإناث لأن سياق الآية على أنه تعالى يفعل ما يشاء لا ما يشاؤه الإنسان، فكان ذكر الإناث اللاتى هن من جملة ما لا يشاؤه الإنسان أهم ثم إنه لما حصل للذكر كسر جبره بالتعريف؛ لأن فى التعريف تنويها أى: تعظيما بالذكر، فكأنه قال: ويهب لمن يشاء
(1) الشورى: 49.
كقوله تعالى: يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ. أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً (1) فإن الانسان إما أن لا يكون له ولد، أو يكون له ولد؛ ذكر، أو أنثى، أو ذكر وأنثى. وقد استوفى فى الآية جميع الأقسام.
===
الفرسان الذين لا يخفون عليكم، ثم بعد ذلك أعطى كلا من الجنسين حقه من التقديم والتأخير فقدم الذكور وأخر الإناث إشارة إلى أن تقديم الإناث لم يكن لاستحقاقهن التقديم بل لمقتضى آخر وهو الإشارة إلى أن الله يفعل ما يشاء لا ما يشاؤه العبد.
(قوله: أَوْ يُزَوِّجُهُمْ) من المزاوجة وهى الجمع أى: أو يجمع لهم من الذكران والإناث
(قوله: وَيَجْعَلُ مَنْ يَشاءُ عَقِيماً) أى: لا يولد له أصلا إنه عليم بالحكمة فى ذلك قدير على ما يريد لا يتعاصى عليه شىء مما أراده
(قوله: فإن الإنسان إلخ) حاصله أن الآية قد تضمنت أن الإنسان الذى شأنه الولادة ينقسم إلى الذى لا يولد له أصلا، وإلى الذى يولد له جنس الذكور فقط، وإلى الذى يولد له جنس الإناث فقط، وإلى الذى يولد له جنس الذكور والإناث معا، فكأنه قيل الإنسان إما أن يكون له ولد أصلا وإما أن يكون له جنس الذكور فقط، وإما أن يكون له جنس الإناث فقط، وإما أن يكون له الجنسان معا. فهذا تقسيم مستوف لأقسام الإنسان باعتبار الولادة وعدمها واعلم أن السر فى الإتيان بأو المقتضية للمباينة فى قوله تعالى أَوْ يُزَوِّجُهُمْ ذُكْراناً وَإِناثاً دون الواو المقتضية للجمع- كما ذكر فيما قبل هذا القسم وبعده- هو أنه لما عبر بالضمير فى يزوجهم الراجع للطائفتين المذكورتين أو إحداهما ولم يقل ويهب لمن يشاء أتى بأو للإشارة للمباينة وأن هذا غير ما ذكر أولا، إذ المذكور أولا هو الذكور فقط والإناث فقط، بخلاف ما لو عبر بالواو فإنه يفيد أن الذى اختص بالذكور أو اختص بالإناث يجمع له بين الذكور والإناث، وليس بصحيح؛ لأن المراد كما مر ذكر كل قسم على حدته، وأما الأقسام الأخرى فلما قال فيها يهب لمن يشاء ويجعل من يشاء فعبر بالظاهر عن الموهوب له والمجعول له، فهم أنها أقسام مستقلة مختلفة فى نفس الأمر؛ لأن اللفظ الظاهر إذا كرر أفاد المغايرة بخلاف الضمير، ولما كانت مختلفة عطفت بالواو تنبيها على
(1) الشورى: 50، 49.