الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كقوله:
أسكر بالأمس إن عزمت على
…
الشّرب غدا إن ذا من العجب
[المذهب الكلامى]:
ومنه) أى ومن المعنوى (المذهب الكلامى
…
===
يمنعه من غير الصدق (قوله (1): أسكر بالأمس إن عزمت على الشرب) هذا مبالغة فى شغفه بالشرب فادعى أن شغفه بالشرب وصل لحالة هى أنه يسكر بالأمس عند عزمه على الشرب غدا، ولا شك أن سكره بالأمس عند عزمه على الشرب غدا محال إن أريد بالسكر ما يترتب على الشرب وهو المقصود هنا، ولكن لما أتى بالكلام على سبيل الهزل أى: لمجرد تحسين المجالس والتضاحك على سبيل الخلاعة أى: عدم مبالاته بقبيح ينهى عنه كان ذلك الغلو مقبولا؛ لأن ما يوجب التضاحك من المحال لا يعد صاحبه موصوفا بنقيصة الكذب عرفا، وإنما لم يقبل الغلو الخارج عن المسوغ؛ لأنه كذب محض، والكذب بلا مسوغ نقيصة عند جميع العقلاء، إن قلت: هذا الكلام نفس الهزل فكيف يقال: أخرج مخرج الهزل؟ قلت: الهزل أعم مما يكون من هذا الباب، وخروج الخاص مخرج العام بمعنى مجيئه موصوفا بما فى العام لوجوده فيه صحيح
(قوله: إن ذا) أى: سكره بالأمس إذا عزم على الشرب غدا من العجب، أكد كونه من العجب مع أنه لا شبهة فى كونه عجبا، لأنه حكم على الأمر المحقق المشار له بقوله: ذا والحكم عليه ولو بكونه من العجب مما ينكر لإنكار وجود ذلك الأمر- قاله فى الأطول.
[المذهب الكلامى]:
(قوله: وهو إيراد حجة للمطلوب) اللام بمعنى على متعلقة بحجة (وقوله: على طريقة أهل الكلام) متعلق بإيراد، واعلم أن إيراد الحجة للمطلوب متعلق بأداء أصل المعنى وكونها على طريقة أهل الكلام من المحسنات المعنوية؛ لأن المحاورة لا تتوقف على كونها على طريقتهم وإن كان مرجعه لذلك- قاله عبد الحكيم.
(1) أورده بلا عزو محمد بن على الجرجانى فى الإشارات ص 279، شرح المرشدى 2/ 101.
وهو إيراد حجة للمطلوب على طريقة أهل الكلام) وهو أن تكون بعد تسليم المقدمات مستلزمه للمطلوب (نحو لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا)(1) واللازم وهو فساد السموات والأرض باطل؛ لأن المراد به خروجهما عن النظام الذى هما عليه فكذا الملزوم وهو تعدد الآلهة وهذه الملازمة من المشهورات الصادقة التى يكتفى بها
…
===
وحاصله أن المحسن هو كون الدليل على طريق أهل الكلام بأن يؤتى به على صورة قياس استثنائى أو اقترانى يكون بعد تسليم مقدماته مستلزما للمطلوب، وأما إيراد حجة ودليل للمطلوب لا على طريقة أهل الكلام فليس محسنا، لكن الذى ذكره العلامة اليعقوبى أن المراد بكون الحجة على طريقة أهل الكلام صحة أخذ المقدمات من المأتى به على صورة الدليل الاقترانى أو الاستثنائى لا وجود تلك الصورة بالفعل، بل صحة وجودها من قوة الكلام فى الجملة كافية كما يؤخذ من الأمثلة انتهى
(قوله: وهو) أى: كونها على طريقة أهل الكلام (وقوله: أن تكون) بالتاء المثناة فوق أى: الحجة بعد تسليم مقدماتها، وفى بعض النسخ أن يكون بالياء التحتية والتذكير باعتبار كون الحجة بمعنى الدليل والبرهان
(قوله: مستلزمه للمطلوب) أى: استلزاما عقليّا أو عاديّا والاستلزام العقلى غير مشترط هنا
(قوله: بعد تسليم المقدمات) أى: الموجودة بالفعل على صورة القياس أو المأخوذة من الكلام المأتى به
(قوله: لَوْ كانَ فِيهِما آلِهَةٌ إِلَّا اللَّهُ لَفَسَدَتا) أى: لو كان فى السماء والأرض آلهة غير الله لفسدتا وهذا إشارة لقياس استثنائى ذكر شرطيته وحذف منه الاستثنائية والمطلوب لظهورهما أى: لكن وجود الفساد باطل بالمشاهدة فبطل الملزوم وهو تعدد الإله، وقد أشار الشارح لذلك بقوله واللازم أى: لوجود آلهة غير الله باطل فكذا الملزوم
(قوله: لأن المراد به) أى: بفسادهما (وقوله: خروجهما عن النظام) أى: وهذا النظام محقق مشاهد (وقوله: فكذا الملزوم) أى: باطل.
(قوله: وهذه الملازمة) أى: ملازمة الفساد لتعدد الآلهة من الأمور المشهورة الصادقة بحسب العرف فقد تقرر فى عرف الناس أن المملكة إذا كان فيها ملكان لم تستمر، بل تفسد.
(1) الأنبياء: 22.
فى الخطابيات دون القطعيات المعتبرة فى البرهانيات (وقوله (1) حلفت فلم أترك لنفسك ريبة) أى شكا (وليس وراء الله للمرء مطلب) فكيف يحلف به كاذبا (لئن كنت)
…
===
وقد استمر هذا النظام العجيب طويلا ولم يحصل فيه فساد، فدل ذلك على عدم التعدد
(قوله: فى الخطابيات) أى: فى الأمور الخطابية المفيدة للظن وبالجملة فالملازمة فى الشرط عادية والدليل إقناعى لحصوله بالمقدمات المشهورة
(قوله: دون القطعيات المعتبرة فى البرهانيات) أى: الأدلة المفيدة لليقين؛ لأن تعدد الآلهة ليس قطعى الاستلزام للفساد لجواز عدم الفساد مع تعدد الآلهة بأن يتفقوا، والحاصل أن الدليل إقناعى لا برهانى وهذا بناء على ما قاله الشارح من أن المراد بالفساد اللازم لتعدد الآلهة الخروج عن هذا النظام المشاهد، وأما لو أريد به عدم السكون أى: عدم الوجود من أصله كانت الملازمة قطعية وكان الدليل برهانيّا؛ وذلك لأنه لو تعدد الإله لجاز اختلافهما ولو توافقا بالفعل، وجواز الاختلاف يلزمه جواز التمانع، وجواز التمانع يلزمه عجز الإله، وعجز الإله يلزمه عدم وجود السماء والأرض، لكن عدم وجودهما باطل بالمشاهدة، فما استلزمه من تعدد الإله باطل
(قوله: وقوله) أى: قول النابغة الذبيانى من قصيدة يعتذر فيها إلى النعمان بن المنذر ملك العرب بسبب تغيظ النعمان عليه بمدحه آل جفنة وهم قوم أصلهم من اليمن فارتحلوا منها ونزلوا بالشام وكان بينهم وبين النعمان عداوة
(قوله: حلفت) أى: حلفت لك بالله ما أبغضتك ولا احتقرتك ولا عرضت عند مدحى آل جفنة بذمك (وقوله: فلم أترك لنفسك ريبة) أى:
فلم أبق عندك بسبب ذلك اليمين شكّا فى أنى لست لك بمبغض ولا عدو، والريبة فى الأصل: الأمر الذى يريب الإنسان أى: يقلقه أريد بها هنا الشك كما قلنا، وقال فى الأطول: المعنى حلفت أنى باق على محبتى وإخلاصى لك الذى كنت عليه، فلم أترك بسبب هذا اليمين نفسك تتهمنى بأنى غيرت إخلاصى لك وأبدلتك بغيرك
(قوله: وليس وراء الله للمرء مطلب) أى: أنه لا ينبغى للمحلوف له بالله العظيم أن يطلب ما يتحقق
(1) للنابغة الذبيانى يعتذر إلى النعمان فى ديوانه ص 72.
اللام لتوطئة القسم (قد بلّغت عنّى خيانة، لمبلغك) اللام جواب القسم (الواشى أغشّ) من غش إذا خان (وأكذب ولكنّنى كنت امرءا لى جانب، من الأرض فيه) أى فى ذلك الجانب (مستراد) أى موضع طلب الرزق من راد الكلأ (ومذهب) أى موضع ذهاب للحاجات (ملوك) أى فى ذلك الجانب ملوك (وإخوان ....
===
به الصدق سوى اليمين بالله، إذ ليس وراء الله أعظم منه يطلب الصدق بالحلف به؛ لأنه أعظم من كل شىء فلا يكون الحالف به كاذبا فاليمين به كاف عن كل يمين
(قوله: اللام لتوطئة القسم) بمعنى أنها دالة على القسم المحذوف كما تدل التوطئة على الموطأ له
(قوله: خيانة) أى: غشا وعداوة وبغضا أو أنى رجحت عليك آل جفنة
(قوله: اللام جواب القسم) أى: دالة على أن المذكور بعدها جواب القسم لا جزاء الشرط، إذ هو محذوف دل عليه جواب القسم أى: والله لمبلغك تلك الخيانة أغش أى: من كل غاش وأكذب من كل كاذب، فالمفضل عليه محذوف
(قوله: ولكننى إلخ) هذا شروع فى بيان السبب لمدحه آل جفنة ليكون ذلك ذريعة لنفى اللوم عنه أى: ما كنت امرأ قصدت بمدحى آل جفنة التعريض بنقصك ولكننى كنت امرأ إلخ، فهو استدراك على محذوف
(قوله: لى جانب من الأرض) أى: لى جهة مخصوصة من الأرض لا يشاركنى فيها غيرى من الشعراء، وأراد بذلك الجانب من الأرض الشام
(قوله: أى موضع طلب الرزق) هذا بيان للمستراد فى الأصل، ولكن المراد منه هنا مجرد طلب الرزق كما أن المراد بالمذهب هنا المذهب لقضاء الحاجات ذا لمعنى فى ذلك الجانب يذهب لطلب الحاجات والأرزاق لكون ذلك الجانب مظنة الغنى والوجدان
(قوله: من راد الكلأ) بالقصر أى: طلبه والكلأ الحشيش
(قوله: أى فى ذلك الجانب ملوك) أشار الشارح بهذا إلى أن الملوك مبتدأ حذف خبره، لأن من المعلوم أن الرزق ليس من ذات المكان بل من ساكنيه، وهذه الجملة مستأنفة جواب لسؤال مقدر، فكأنه قيل من فى ذلك الجانب الذى تطلب الرزق منه فقال فيه ملوك هذا، ويحتمل أن يكون ملوك بدلا من جانب بتقدير المضاف أى: مكان ملوك أو أنه بدل من مستراد ويكون باقيا على حقيقته، وعلى كل من الاحتمالات الثلاثة فقد فهم المقصود وهو أن طلب الرزق من هؤلاء الملوك
(قوله: وإخوان)
إذا ما مدحتهم، أحكّم فى أموالهم) أتصرف فيها كيف شئت (وأقرّب) عندهم وأصير رفيع المرتبة (كفعلك) أى كما تفعله أنت (فى قوم أراك اصطفيتهم، وأحسنت إليهم (فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا) أى لا تعاتبنى على مدح آل جفنة المحسنين إلى والمنعمين على كما لا تعاتب قوما
…
===
هذا إشارة إلى مدح هؤلاء الملوك بالتواضع أى: فى ذلك المكان ملوك لاتصافهم برفعة الملك وإخوان بالتواضع أى: أنهم مع اتصافهم برفعة الملك يصيرون الناس إخوانا لهم ويعاملونهم معاملة الإخوان بسبب تواضعهم، فاندفع بذلك التقرير ما يقال: إن وصفهم بالأخوة ينافى وصفهم بالملوك للعلم بأن المادح ليس بملك مثلهم فكونهم ملوكا لا يناسب كونهم اخوانا للمادح
(قوله: إذا ما مدحتهم) ما زائدة، وقوله أحكم: بضم الهمزة وتشديد الكاف أى: أجعل حاكما فى أموالهم ومتصرفا فيها بما شئت أخذا وتركا، وقوله وأقرب أى: بالتوقير والتعظيم والإعطاء
(قوله: كفعلك أى: كما تفعله أنت فى قوم أراك اصطفيتهم) أى: اخترتهم لإحسانك، (وقوله: فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا) أى: فلم تعدهم مذنبين فى مدحهم إياك، وأورد العلامة يس على ما ذكر من الاستدلال ما حاصله أن قوله اصطفيتهم فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا: يقتضى أنه قدم الإحسان لمادحيه، وقوله إذا ما مدحتهم أحكم فى أموالهم: يقتضى تقدم المدح على الإحسان ولا يلزم من تسليم كون المدح المترتب على الإحسان أنه لا ذنب فيه تسليم أن المدح ابتداء لأجل التوصل للإحسان لا ذنب فيه، إذ يصح أن يعاتب على الابتداء بالمدح ولا يعاتب على كونه مكافأة وحينئذ فلم يتم الاستدلال فلو قال الشاعر ملوك حكمونى فى أموالهم فمدحتهم كفعلك فى قوم إلخ لكان أحسن، وأجيب بأن المراد بقوله كفعلك فى قوم إلخ أنك اصطفيتهم بسبب مدحهم إياك، وأحسنت إليهم بسبب المدح فمدحهم له صدر أولا قبل إحسانه لهم، وقوله فلم ترهم فى مدحهم لك أذنبوا أى: فلم تعدهم مذنبين فى مدحهم لك، إذ لو كان مدحهم لك ذنبا لما كافأت عليه بالإحسان إليهم، وحينئذ فمدح القوم للمخاطب سابق على إحسانه كما أن مدح الشاعر لهؤلاء الملوك سابق على إحسانهم، وقد سلم المخاطب أن مدح القوم للمخاطب
أحسنت إليهم فمدحوك فكما أن مدح أولئك لا يعد ذنبا كذلك مدحى لمن أحسن إلى وهذه الحجة على طريق التمثيل
…
===
الذى ترتب عليه إحسانه لهم ليس ذنبا فيلزم أن يكون مدح الشاعر لهؤلاء الملوك الذى ترتب عليه إحسانهم له غير ذنب، وحينئذ فتم الاستدلال واندفع الإشكال، والحاصل أن الشاعر يقول للنعمان لا تعاتبنى على مدحى آل جفنة المحسنين إلى كما لا تعاتب قوما مدحوك فأحسنت إليهم، لأن سبب نفى العتاب وهو كون المدح لأجل الإحسان موجود فى كما وجد فيمن لم تعاتبهم
(قوله: أحسنت إليهم فمدحوك) لو قال مدحوك فأحسنت إليهم كان أولى لما قلناه، وأورد العلامة يس بحثا آخر، وحاصله أنه لا يوجد أحد يرى مادحه لأجل إحسانه مذنبا ولا يعاتبه على ذلك وكون الإنسان لا يعاتب من مدحه لطلب إحسانه لا يستلزم أن لا يعاتب من مدح غيره لطلب إحسان ذلك الغير، وحينئذ فلم يتم الاستدلال فكان ينبغى للشاعر أن يقول: فلم يرهم غيرك مذنبين بمدحهم لك أى: فلأى شىء ترانى مذنبا بمدحى لغيرك، وأجيب بأن المراد بقوله فلم يرهم فى مدحهم لك أذنبوا لم يرهم أحد مذنبين فى مدحك وأنت من جملة من لم يرهم مذنبين فعبر عن ذلك العموم بالخطاب والمراد العموم، كما يقال لا ترى فلانا إلا مصليا أى: لا يراه أحد إلا مصليا أنت وغيرك وإذا كان الناس لا يرون أن مادح المخاطب لأجل إحسانه مذنبا لزم أنهم لا يرون الشاعر مذنبا لمدحه آل جفنة لإحسانهم، لأن سبب نفى العتاب موجود فى كل، وحينئذ فلا وجه لكون المخاطب يرى الشاعر مذنبا لمدحه لهم
(قوله: وهذه الحجة) الظاهر أن هذا اعتراض على المصنف حيث مثل بهذه الأبيات للمذهب الكلامى مع أن المذهب الكلامى هو إيراد حجة للمطلوب على طريقة أهل الكلام بأن يذكر قياس اقترانى أو استثنائى مستلزم للمطلوب إذا سلمت مقدماته فالمذهب الكلامى من أنواع القياس والمذكور هنا من قبيل التمثيل الأصولى وهو إلحاق معلوم بمعلوم فى حكمه لمساواته له فى علة الحكم وهو قسيم للقياس عند علماء الميزان فكما يقال: إن البر ربوى لكونه مقتاتا فكذلك الأرز ربوى لكونه مقتاتا يقال هنا كذلك، كما أن مدح المخاطب لا عتاب فيه لكونه للإحسان كذلك مدح