الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
(أنه لم يكن ظالما فى قتلهم) وإلا لما كان للدنيا سرور بخلود.
[الإدماج]:
(ومنه) أى ومن المعنوى (الإدماج) يقال أدمج الشىء فى ثوبه إذا لفّه فيه (وهو أن يضمن كلام سيق لمعنى) مدحا كان أو غيره (معنى آخر) هو منصوب مفعول ثان ليضمن
…
===
يفيد الحصر عندهم لأنه لقب وهو لا مفهوم له، كقولهم على زيد حج، واعتبره الدقاق والصير فى من الأصوليين، وقد يقال هذا ظاهر بالنظر للمجرور فقط أى الأعمار، أما إذا نظر لمجموع الجار والمجرور فهو قيد، وأئمة الأصول يعتبرون مفهومه. اه يس.
(قوله: أنه لم يكن ظالما فى قتلهم) أى: لأن الظالم لا سرور للدنيا ببقائه، بل سرورها بهلاكه، ومعلوم أن كونه غير ظالم مدح فهم من التهنئة لاستلزامها إياه، فالمدح الأول لازم للمعنى الذى جعل أصلا وهو النهاية فى الشجاعة، والمدح الثانى لازم للمعنى الذى جعل مستتبعا بالفتح وهو كونه سببا لصلاح الدنيا.
[الإدماج]:
(قوله: يقال) أى: لغة أدمج الشىء فى ثوبه إذا لفّه فيه أى: أدخله فيه فهو فى اللغة الإدخال مطلقا
(قوله: وهو) أى اصطلاحا
(قوله: أن يضمن كلام) أى: أن يجعل المتكلم الكلام الذى سيق لمعنى متضمنا لمعنى آخر، فالمعنى الآخر ملفوف فى الكلام، فقوله: يضمن على صيغة المبنى للمفعول والنائب عن الفاعل هو كلام (وقوله: سيق لمعنى) نعت لكلام (وقوله: معنى آخر) مفعول ثان ليضمن منصوب به بعد أن رفع به المفعول الأول بالنيابة
(قوله: معنى آخر) أراد به الجنس أعم من أن يكون واحدا كما فى البيت المذكور فى المتن، أو أكثر كما فى قول ابن نباتة:
ولا بدّ لى من جهلة فى وصاله
…
فمن لى بخلّ أودع الحلم عنده (1)
يريد أن وصاله لا يتيسر له إلا بترك الوقار ومداراة رقبائه وملازمة عتبته والرضا بالطرد والشتم وغيرهما من أفعال الجهلاء، والخلّ بالكسر الخليل، فقد أدمج فى
(1) الإيضاح ص 327.
وقد أسند إلى المفعول الأول (فهو) لشموله المدح وغيره (أعم من الاستتباع) لاختصاصه بالمدح
…
===
الغزل وهو الكلام الواقع من المحب فى شأن المحبوب الفخر بكونه حليما، حيث كنى عن ذلك بالاستفهام عن وجود خليل صالح يودعه حلمه، وضمن الفخر بالحلم شكوى الزمان لتغير الإخوان حيث أخرج الاستفهام مخرج الإنكار تنبيها على أنه لم يبق فى الإخوان من يصلح لهذا الشأن أى: إيداع الحلم عنده، وقد نبه بقوله أودع الحلم عنده على أنه لم يعزم على مفارقة الحلم على سبيل الدوام، بل فى بعض الحالات أعنى حالة وصال المحبوب للوقوف على الجهل، وذلك لأنه لما كان شأنه أن يفعل أفعال الجهال وكان مريدا لوصاله، عزم على أنه إن وجد من يصلح لأن يودعه حلمه أودعه إياه، فإن الودائع ترد آخر الأمر، واعلم أن المعنى الآخر وهو المضمن المدموج يجب أن لا يكون مصرحا به، ولا يكون فى الكلام إشعار بأنه مسوق لأجله، وإلا لم يكن ذلك من الإدماج، فما قيل فى قوله:
أبى دهرنا إسعافنا فى نفوسنا
…
وأسعفنا فيمن نحبّ ونكرم (1)
فقلت له نعماك فيهم أتمّها
…
ودع أمرنا إن المهمّ المقدّم
إن هذا الكلام مسوق للتهنئة بالوزارة لبعض الوزراء، وأن الدهر أسعفه بتلك الوزراة، وأن الشاعر يحبها، وضمن ذلك التشكى من الدهر فى عدم إسعافه هو فى نفسه، فكانت الشكاية فيه إدماجا، فهو سهو لأنه صرح أولا بالشكاية حيث قال: أبى دهرنا إسعافنا فى نفوسنا فكيف تكون مدمجة بل لو قيل إن هذا الكلام مسوق للشكاية والتهنئة مدمجة كان أقرب، ولا ينافى هذا كون المقصود بالذات هو التهنئة، لأن القصد الذاتى لا ينافى إفادة ذلك المقصود بطريق الإدماج بأن يؤتى به بعد التصريح بغيره، وقول الشاعر:
أتمها أى أتم ما ابتدأته من النعمى أى الإنعام، وأترك أمرنا فإن أمرهم مهم والمهم مقدم.
(قوله: وقد أسند) أى يضمن
(قوله: لاختصاصه بالمدح) هذا بالنظر لظاهر تعريف الاستتباع، أما لو قيل إن ذكر المدح فى التعريف بطريق التمثيل لا للتخصيص،
(1) الإيضاح ص 328.