الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
العكس:
(ومنه) أى: ومن المعنوى (العكس) والتبديل (وهو أن يقدم جزء من الكلام على جزء) آخر (ثم يؤخر) ذلك المقدم على الجزء المؤخر أولا، والعبارة الصريحة ما ذكره بعضهم؛ وهو أن تقدم فى الكلام جزءا ثم تعكس فتقدم ما أخرت، وتؤخر ما قدمت، وظاهر عبارة المصنف
…
===
من قتل إشفاقا على قطيعة الرحم أى: إنهم مع كونهم أقارب تحاربوا وتقاتلوا، فزاوج بين الاحتراب وتذكر القربى الواقعين فى الشرط والجزاء فى ترتب فيضان شىء عليهما، وأن المترتب على الشرط فيضان الدماء والمترتب على الجزاء فيضان الدموع.
[العكس]:
(قوله: والتبديل) عطف تفسير وإنما كان العكس من المحسنات المعنوية؛ لأن فيه عكس المعنى وتبديله أولا، ثم يتبعه وقوع التبديل فى اللفظ بخلاف رد العجز على الصدر فإنه إيراد اللفظين أحدهما فى أول الكلام والثانى فى آخره كما فى قوله تعالى: وَتَخْشَى النَّاسَ وَاللَّهُ أَحَقُّ أَنْ تَخْشاهُ (1) فلذا كان من المحسنات اللفظية- كذا ذكر عبد الحكيم.
وحاصله أن الحسن فى العكس باعتبار أنه يجعل المعنى الواحد تارة مستحقا لتقديم لفظه، وتارة مستحقا لتأخيره، بخلاف رد العجز على الصدر فإن الحسن فيه باعتبار جعل اللفظ صدرا وعجزا من غير تصرف فى معناه بالتقديم والتأخير
(قوله: أن يقدم جزء من الكلام) أراد بالجزء الكلمة دون الحروف فيخرج القلب الآتى نحو:
مودّته تدوم لكلّ هول
…
وهل كلّ مودّته تدوم (2)
لأن فيه تقديم حروف ثم عكسها- ا. هـ أطول.
(قوله: والعبارة الصريحة ما ذكره بعضهم) أى: بخلاف عبارة المصنف، فإنها محتملة لغير المراد؛ لأن قوله: ثم يؤخر ذلك المقدم محتمل؛ لأن يكون المراد، ثم يؤخر ذلك المقدم على ذلك الجزء المؤخر، ويحتمل ثم يؤخر ذلك المقدم على غير الجزء المؤخر،
(1) الأحزاب: 37.
(2)
فى الإيضاح ص 344 وهو للقاضى الأرجاني.
صادق على نحو: عادات السادات أشرف العادات وليس من العكس.
(ويقع) العكس (على وجوه، منها:
…
===
ويحتمل أن المراد ثم يؤخر ذلك المقدم على الجزء الذى كان مؤخرا أو على غيره، فلذا قال الشارح: وظاهر عبارة المصنف صادق إلخ أى: ظاهرها بدون التأويل الذى قاله الشارح: وإلا فبالتأويل الذى قاله الشارح يخرج ذلك
(قوله: صادق على نحو إلخ) أى:
لأنه قد قدم جزء من الكلام وهو عادات على جزء آخر وهو السادات، ثم أخر ذلك المقدم؛ لأن ظاهره يؤخر ذلك المقدم سواء أخر على الجزء الذى كان مؤخرا أولا أو على غيره وصادق أيضا على قوله تعالى: وتخشى الناس والله أحق أن تخشاه لأنه قدم جزء من الكلام وهو تخشى على جزء آخر وهو الناس، ثم أخر الأول وهو تخشى وصادق على قول الشاعر:
سريع إلى ابن العمّ يلطم وجهه
…
وليس إلى داعى النّدى بسريع (1)
(قوله: وليس من العكس) بل هو من رد العجز إلى الصدر، والحاصل أنك إذا قدمت جزءا من الكلام على جزء آخر ثم عكست فقدمت ما أخرت وأخرت ما قدمت كان هذا عكسا وتبديلا، وهو يستلزم تكرار الجزأين الواقع فيهما العكس بالتقديم والتأخير، وإن قدمت جزءا من الكلام على جزء آخر ثم أخرت المقدم على غير المؤخر كان هذا من رد العجز إلى الصدر، وهو لا يقتضى تكرار الجزأين معا.
(قوله: ويقع العكس على وجوه) أى: يجىء من مجىء العام فى الخاص، أى: يتحقق فى تلك الوجوه.
(قوله: أن يقع بين أحد طرفى جملة وما أضيف إليه ذلك الطرف) وذلك بأن تعمد إلى المبتدأ مثلا وهو أحد طرفى الجملة الخبرية، إذا كان ذلك المبتدأ مضافا لشىء، فتجعله مضافا إليه وتجعل المضاف إليه أولا هو المضاف، على أن ذلك المضاف هو الطرف الآخر الذى هو الخبر، فيصدق أنه وقه العكس فى أحد طرفى الجملة باعتبار
(1) للمغيرة بن عبد الله المعروف بالأقيش الأسدي، فى لطائف التبيان 45، والمفتاح ص 94، ودلائل الإعجاز 150، والإشارات ص 34.
أن يقع بين أحد طرفى جملة، وما أضيف إليه ذلك الطرف؛ نحو: عادات السادات سادات العادات) فالعادات أحد طرفى الكلام، والسادات مضاف إليه ذلك الطرف، وقد وقع العكس بينهما بأن قدم أولا العادات على السادات، ثم السادات على العادات.
(ومنها) أى: من الوجوه (أن يقع بين متعلقى فعلين فى جملتين؛ نحو:
يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ (1)) فالحى والميت متعلقان ب يُخْرِجُ، وقد قدم أولا الْحَيَّ على الْمَيِّتِ، وثانيا: الْمَيِّتِ على الْحَيَّ (ومنها) أى: من الوجوه (أن يقع بين لفظين فى طرفى جملتين؛ نحو لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ (2)) قدم أولا هُنَّ على هُمْ، وثانيا هُمْ على هُنَّ؛ وهما لفظان
…
===
الآخر (فقوله: أن يقع بين إلخ) أى: أن يقع العكس متعلقا بهما، أى: بالطرف وما أضيف إليه لا أنه يقع بينهما، وقوله: أحد طرفى الجملة أى ويكون العكس هو الخبر فى تلك الجملة، كما فى المثال؛ ليكون إطلاق الجملة عليها باعتبار الأول؛ لأن العكس إنما وقع فى عادات السادات وهو مفرد، لكن لما عكس وحملنا عليه عكسه صار المجموع جملة.
(قوله: عادات السادات سادات العادات) يعنى أن الأمور المعتادة للسادات أى للأكابر والأعيان من الناس أفضل وأشرف من الأمور المعتادة لغيرهم من الناس.
(قوله: بين متعلقى فعلين) أى: أو ما فى معناهما نحو: يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَمُخْرِجُ الْمَيِّتِ مِنَ الْحَيِّ (3) وخروج الحى من الميت كخروج الدجاجة من البيضة، وخروج الميت من الحى كخروج البيضة من الدجاجة.
(قوله: فى طرفى جملتين) أى:
موجودين فى طرفى كل من جملتين
(قوله: لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَلا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ) هاتان جملتان فى كل منهما ضميران أحدهما ضمير الذكور والآخر ضمير الإناث، ففى الجملة الأولى وجد ما للإناث منهما فى الطرف الأول الذى هو المسند إليه، ووجد ما للذكور
(1) الروم: 19.
(2)
الممتحنة: 10.
(3)
الأنعام: 95.